logo
السودان: أخر بؤرة للإرهاب في العالم

السودان: أخر بؤرة للإرهاب في العالم

سودارسمنذ 4 أيام

"الوطن ليس هو الأرض، بل هو الإنسان حين يُصدِّق أنه يستحق الحياة، ويبدأ في تحرير نفسه من الكذب الموروث."
-الطيب صالح
في الخرائط القديمة، كان السودان يلوح كظلٍ قلق على تخوم الصحراء، بلدٌ مكسورٌ على ركبتيه منذ أن هبطت عليه لعنة التاريخ والجغرافيا معاً. واليوم، يبدو أن الزمن يعيد دائرته: بلدٌ يبحث عن خلاص، لكن من خلال أدوات الخراب ذاتها. هنا، تقف "المقاومة الشعبية" كاسم حركي مموّه، لكنها ليست سوى التجسيد المتجدد للحركة الإسلامية، وقد أعادت توضيب خطابها الجهادي في عباءة الدفاع عن السيادة والهوية، وهي في جوهرها لا تزال تحلم بالتمكين، وتدير معركتها تحت ظلال البندقية والتكبير.
منذ أن دخلت الحركة الإسلامية إلى الخرطوم محمولة على دبابات الإنقاذ في 1989، كانت تعرف أن مشروعها لا يقوم على عقد اجتماعي، بل على مشروع غيبيّ مسلح. جمعت بين آليات الدولة البوليسية وفانتازيا الجهاد الكوني، وصدّرت مقاتليها من الجنوب إلى الشيشان، ومن دارفور إلى مالي. حتى بعد أن تم تفكيك دولتها اسميًا في 2019، لم تتبخر شبكاتها، بل أعادت ترتيب صفوفها، وصنعت لنفسها جبهة جديدة تحت مسمى "المقاومة الشعبية".
فلنقلها بصدق: السودان لا يحتاج إلى مقاومة ترتدي عباءة الدين، بل إلى مقاومة من نوع آخر: مقاومة الفساد، مقاومة الاستبداد، مقاومة العقل الكسول الذي يجعل من الله ذريعة للقتل، ومن الوطن منصة للاحتكار.
وهنا، لا بد من التوقف عند سؤال الضمير: ما الذي يدفع بعض الدول لدعم الإسلاميين في السودان، في تحدٍّ سافر لإرادة شعبٍ قدّم مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والجرحى للخلاص من هذه المنظومة الفاسدة؟ أهو الإيمان العميق بمشروع الدولة "الإخوانية العابرة للحدود"؟ أم هو مجرد استثمار في الفوضى السياسية والفراغ الاستراتيجي؟.
في القاهرة ، تتجلى مفارقة التاريخ: بلدٌ أطاح بجماعة الإخوان، لكنه يحتضن تياراً من الجيش مخترقًا بروح الإسلاميين. رجال كرتي وأسامة عبد الله وأحمد هارون لا يخططون من كهوف بعيدة، بل من دهاليز بيروقراطية ما زالت تحكم قبضتها على القرار العسكري في السودان. وها هي مصر، بنَفَسها الأمني المزدوج، تضغط على السعودية من بوابة "الشرعية المؤسسية"، فتنقل إلى الرياض صورة زائفة (منمّقة) عن جيش سوداني محافظ، بينما الحقيقة أن هذا الجيش ليس سوى امتياز طبقي وعرقي محمي بالسلاح والدعاية الإعلامية والذهب.
بالنسبة لدولتيّ قطر وتركيا، فدعمهما يأتي في إطار سعيهما لتعزيز نفوذهما في المنطقة. سَبَقَتْهما إلى هذا المسار الجزائر حين اختارت التعايش مع شبح إسلامي ماضوي بدلًا من مساعدة الشعب السوداني في صناعة عقد اجتماعي يعيد للمجتمع روحه. أمّا بعض الدول التي تدعم الإسلاميين، مثل إيران ، فالدافع ليس أمنًا ولا اقتصادًا، بل إيمان أيديولوجي بدور الإسلام السياسي في رسم الخرائط من المحيط إلى الخليج، ولو على حساب الشعوب.
المنطقة، على مفترق طرق. والزيارة المرتقبة للرئيس ترمب إلى الإمارات وقطر والسعودية قد تشكل منعطفًا جديدًا، لا سيما إذا وُضع السودان في أجندة المحادثات. في لحظة إقليمية ترتجف بين الانقلابات والتطبيع، قد تجد الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترمب أن الملف السوداني لم يعد يحتمل التأجيل، خاصة بعد أن أصبح بوابة محتملة للنفوذ الروسي، وامتدادًا سائبًا لمشروع الإخوان المسلمين العالمي.
لكن هل تقبل الولايات المتحدة بذلك؟ تلك التي قصفت الحوثيين في اليمن، ودعمت إسرائيل في سحق "المقاومة" بسوريا ولبنان وفلسطين، ترى السودان اليوم من نافذة مصالحها المتحركة، لا من باب المبادئ. فإن دخلت السودان في أجندتها، فلن يكون ذلك رغبة في سلامته، بل خشيًة من وجود قواعد روسية على امتداد الساحل الممتد أكثر من 850 كيلومترًا على البحر الأحمر.
في قلب القارة الأفريقية، يقف السودان عند مفترق طرق تاريخي، تتقاطع فيه أطماع الداخل والخارج، وتتشابك فيه خيوط الماضي والحاضر. فمنذ أن أطاحت الثورة الشعبية بنظام البشير، لم تهدأ العواصف، بل تبدلت الوجوه وتغيرت الشعارات، بينما بقيت البنية العميقة للسلطة على حالها.
ومع كل ذلك، يبقى في الأفق ما يستحق الانتباه: جيل الثورة. ذلك الجيل الذي لم يُخدع بأوهام الماضي، ولم ينجرّ إلى مساومات الحاضر. جيل يعرف أن الوطن لا يُدار بالمزايدة على الله، ولا بالمتاجرة بالدم. يخرج من بين ركام الخراب وهو يحلم بسودان جديد، ينسلّ من بين أصابع الموت، ويمضي نحو مجتمع دولي يرى فيه صديقًا لا ضحية. وطن لا يُستعمل كمنصة للإرهاب، ولا يُتخذ رهينة لشعارات أكلها الزمان.
ختاماً، ليست "المقاومة الشعبية" في السودان سوى اسم مستعار لظلٍ قديم يتقن التخفي وتغيير الأقنعة. فالحركة الإسلامية التي قهرت الشعب باسم الله، ها هي تعود من شقوق المرحلة، متنكرة بثياب "المقاومة الشعبية"، تحاول أن تكتسب شرعية جديدة من رماد وطن لم يعد يملك إلا ذاكرته الجريحة.
في هذا البلد المنهك، لا تنتهي الأساطير بل تعيد إنتاج نفسها. من الخرطوم إلى بورتسودان ، من عطبرة إلى الجيلي، تتسلل سردية "الجهاد الكوني" بخفة الذئب الجائع، تحمل خطابًا مألوفًا في نبرته، جديدًا في وسائله. لكنها تظل حبيسة الفكرة القديمة: احتكار الحقيقة، وإقصاء الآخر، وتسخير الوطن لصالح مشروع متعالٍ على الإنسان والتاريخ.
May 13, 2025

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

آلية تنظيم أعمال الجهات المختصة فيما يتعلق بمواقع الخردة.. مجلس الوزراء: إنشاء هيئة إشرافية للخدمات الصحية في وزارة الدفاع
آلية تنظيم أعمال الجهات المختصة فيما يتعلق بمواقع الخردة.. مجلس الوزراء: إنشاء هيئة إشرافية للخدمات الصحية في وزارة الدفاع

سعورس

timeمنذ 2 ساعات

  • سعورس

آلية تنظيم أعمال الجهات المختصة فيما يتعلق بمواقع الخردة.. مجلس الوزراء: إنشاء هيئة إشرافية للخدمات الصحية في وزارة الدفاع

في مستهل الجلسة، أعرب خادم الحرمين الشريفين- أيده الله- عن شكره وتقديره لفخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد جي ترمب على تلبية الدعوة بزيارة المملكة العربية السعودية، كما أشاد-حفظه الله- بما توصلت إليه مباحثات فخامته مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء؛ من نتائج ستسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تاريخي غير مسبوق في العديد من القطاعات الحيوية المهمة، وبما يعزز التكامل الاقتصادي للبلدين الصديقين. ونوّه مجلس الوزراء في هذا السياق، بما اشتملت عليه القمة السعودية الأمريكية ، التي عقدت في إطار أول زيارة خارجية لفخامته خلال رئاسته الحالية؛ من التوقيع على وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية بين حكومتي البلدين، وإعلان وتبادل اتفاقيات ومذكرات تعاون وتفاهم في مختلف المجالات، مجددًا التأكيد على عزم المملكة توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأربع القادمة بتخصيص ما يزيد على مبلغ 600 مليار دولار؛ منها صفقات واستثمارات متبادلة بأكثر من 300 مليار دولار أُعلن عنها في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي. وأوضح وزير الدولة عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى وزير الإعلام بالنيابة الدكتور عصام بن سعد بن سعيد، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء أشاد بما اشتملت عليه كلمة سمو ولي العهد خلال القمة الخليجية الأمريكية؛ من مضامين ورؤى شاملة جسدت نهج المملكة القائم على تكثيف التنسيق المشترك، والدفع بالعمل متعدد الأطراف مع الدول الشقيقة والصديقة نحو المزيد من الازدهار والتقدم، والتأكيد على دعم كل ما من شأنه إنهاء الأزمات الإقليمية والدولية، ووقف النزاعات بالطرق السلمية. رفع العقوبات عن سوريا يدعم التنمية وإعادة الإعمار ثمّن مجلس الوزراء، استجابة فخامة الرئيس الأمريكي للمساعي الحميدة التي بذلها سمو ولي العهد- حفظه الله- لرفع العقوبات المفروضة على الجمهورية العربية السورية، متطلعًا إلى أن يسهم ذلك في دعم التنمية وإعادة إعمار هذا البلد الشقيق. وجدّد المجلس، ما أعربت عنه المملكة خلال الدورة العادية الرابعة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة؛ بشأن رفضها القاطع أي محاولات للتهجير القسري، أو فرض حلول لا تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق، إلى جانب التأكيد على ضرورة استدامة وقف إطلاق النار في غزة. وعبر المجلس عن الإشادة بإنجازات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والعاملين فيه؛ بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيسه؛ مسهمًا بفضل الله- عز وجل- في تقديم المساعدات للملايين من الفئات المحتاجة في أكثر من (100) دولة. جوائز طلاب المملكة في "آيسف" يؤكد الاهتمام بالتعليم أكد وزير الإعلام، أن مجلس الوزراء استعرض في الشأن المحلي، ما حققته الإستراتيجية الوطنية للصناعة من مستهدفات بجذب ثلاثة رواد عالميين في صناعة السيارات لتأسيس مصانع في المملكة؛ لتكون- بمشيئة الله- رافدًا لجهود التنويع الاقتصادي ودعم القدرة التنافسية عالميًا. وقدّر المجلس حصول طلاب المملكة وطالباتها على جوائز رفيعة في المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف 2025)، مجسدين بهذا الإنجاز ما توليه الدولة من اهتمام بالغ بقطاع التعليم، وتعزيز إسهاماته في آفاق المعرفة والابتكار، وبناء أجيال متميزة علميًا ومهاريًا. واطّلع مجلس الوزراء على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها. قرارات: – الموافقة على مذكرة تفاهم في شأن إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجية بين حكومة المملكة العربية السعودية، وحكومة اليابان. – تفويض وزير النقل والخدمات اللوجستية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني- أو من ينيبه- بالتباحث مع الجانب الروسي في شأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال سلامة الطيران المدني بين الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة العربية السعودية، والوكالة الفيدرالية للنقل الجوي في روسيا الاتحادية، والتوقيع عليه. – الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية، ووزارة التقنيات الرقمية في جمهورية أوزباكستان للتعاون في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات. – الموافقة على اتفاق إطاري بين حكومة المملكة العربية السعودية، ومنظمة العمل الدولية بشأن برنامجي الموظفين المهنيين المبتدئين والانتداب. – تفويض وزير الصناعة والثروة المعدنية- أو من ينيبه- بالتباحث مع الجانب الكازاخي في شأن مشروع مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية، ووزارة الصناعة والبناء في جمهورية كازاخستان للتعاون في مجال الثروة المعدنية، والتوقيع عليه. – الموافقة على مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الصحية بين وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية، ووزارة الصحة في جمهورية سنغافورة. – تفويض وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس مجلس إدارة هيئة المساحة الجيولوجية السعودية- أو من ينيبه- بالتباحث مع الجانب الهندي في شأن مشروع مذكرة تفاهم للتعاون العلمي الجيولوجي بين هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في المملكة العربية السعودية، وهيئة المساحة الجيولوجية الهندية في جمهورية الهند ، والتوقيع عليه. – الموافقة على اتفاقية تعاون بين رئاسة أمن الدولة في المملكة العربية السعودية، وجهاز المخابرات والأمن القومي في جمهورية الصومال الفيدرالية في مجال مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. – تعيين الأستاذ/ سعد بن محمد السيف، والدكتور/ عبدالسلام بن محمد الشويعر، والأستاذ/ عبدالحميد بن عبدالعزيز الغليقة، والدكتور/ أحمد بن عبداللّه المغامس، والأستاذ/ سليمان بن عبدالعزيز الزبن، والدكتور/ عبداللّه بن عدنان السليمي، والدكتور/ سالم بن مبارك الضويلي، والأستاذ/ فهد بن إبراهيم الحسين، والأستاذ/ إبراهيم بن سالم الرويس، أعضاءً من ذوي الخبرة والكفاية والتخصص في مجلس إدارة الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين ومن في حكمهم. – اعتماد الحسابات الختامية للهيئة السعودية لتنظيم الكهرباء، وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، وهيئة تقويم التعليم والتدريب، وجامعة الملك عبدالعزيز لعامين ماليين سابقين. ترقيتان وتعيينان وافق مجلس الوزراء على ترقيتين وتعيينين بالمرتبتين (الخامسة عشرة) و(الرابعة عشرة)، وذلك على النحو التالي: ترقية يوسف بن ناصر بن إبراهيم الزيد إلى وظيفة (مستشار قانوني أول) بالمرتبة (الخامسة عشرة) بوكالة وزارة الداخلية للأحوال المدنية، ترقية ناصر بن حمود بن عبدالعزيز الذييب إلى وظيفة (مستشار أول تقنية هندسة حاسب آلي) بالمرتبة (الخامسة عشرة) بوزارة المالية، تعيين علي بن ناصر بن علي بشيه، على وظيفة (وكيل إمارة منطقة) بالمرتبة (الرابعة عشرة) بإمارة منطقة الباحة ، تعيين نايف بن كميخ بن حنيضل المريخي على وظيفة (وكيل إمارة منطقة) بالمرتبة (الرابعة عشرة) بإمارة منطقة تبوك. كما اطّلع مجلس الوزراء، على عدد من الموضوعات العامة المدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وصندوق التنمية العقارية، والمركز الوطني لسلامة النقل، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.

روبيو يتوقع أن تعرض روسيا خلال أيام شروطها لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا
روبيو يتوقع أن تعرض روسيا خلال أيام شروطها لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا

Independent عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • Independent عربية

روبيو يتوقع أن تعرض روسيا خلال أيام شروطها لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الثلاثاء أنه يتوقع أن تعرض روسيا "خلال أيام" شروطها لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا، معتبراً أن هذه الخطوة ستسمح لواشنطن بتقييم مدى جدية موسكو في سعيها للسلام. وقال روبيو خلال جلسة استماع أمام لجنة في مجلس الشيوخ إنه "في وقت ما، قريباً جداً، ربما خلال بضعة أيام، ربما هذا الأسبوع، سيقدم الجانب الروسي الشروط التي يريدها أن تتحقق" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وأضاف أن توقعه هذا مرده إلى المكالمة الهاتفية التي أجراها يوم الإثنين الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك أيضاً إلى المحادثة التي أجراها هو شخصياً خلال عطلة نهاية الأسبوع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف. وأوضح الوزير الأميركي أن الروس سيعرضون "شروطاً عامة فحسب تمكننا من التقدم نحو وقف لإطلاق النار، وهذا الوقف لإطلاق النار من شأنه أن يسمح لنا بعد ذلك بالدخول في مفاوضات مفصلة لإنهاء النزاع". وأضاف "نأمل أن يحدث هذا الأمر. نعتقد أن ورقة الشروط التي سيطرحها الروس ستخبرنا بالكثير عن نواياهم الحقيقية". وتابع "إذا كانت ورقة شروط واقعية ويمكن البناء عليها، فسيكون هذا شيء، أما إذا تضمنت مطالب نعلم أنها غير واقعية، فأعتقد أنه سيكون مؤشراً" على حقيقة النوايا السلمية لروسيا. وأكد وزير الخارجية الأميركي أن ترمب لم يقدم أي تنازلات للرئيس الروسي، وسط إحباط في واشنطن وكييف إزاء موقف روسي يبدو أشبه بالمماطلة. وكان ترمب قال في أعقاب مكالمته مع بوتين إن روسيا وأوكرانيا مستعدتان لبدء مفاوضات "فورية" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بينهما. لكن نظيره الروسي كان أكثر حذراً إذ قال إن موسكو ستقترح "مذكرة" بشأن اتفاق سلام مستقبلي محتمل. وقال ترمب إن اتصاله الذي استمر ساعتين مع بوتين، وهو الثالث حتى الآن هذا العام، حقق اختراقاً. وقال الرئيس الأميركي الثلاثاء إنه لا يشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن حشد عسكري روسي على طول حدود فنلندا. وذكر في البيت الأبيض عندما سُئل عن هذا الأمر "لا، أنا لست... قلقاً بشأن ذلك على الإطلاق". وأضاف "ستكونان آمنتين للغاية"، في إشارة إلى فنلندا والنرويج. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "رسالة قوية" للعالم اعتبر وزير كندي الثلاثاء أن مشاركة أوكرانيا في اجتماع وزراء مالية دول مجموعة السبع التي تستضيفها بلاده "يبعث برسالة قوية للعالم" مفادها أن الدول السبع تسعى لدعم كييف في تصديها للهجوم الروسي. وقال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان خلال مؤتمر صحافي افتتاحي للاجتماع في مدينة بانف بولاية ألبرتا إن مشاركة نظيره الأوكراني سيرغي مارشينكو تمثل "رسالة قوية للغاية من مجموعة السبع لدعم أوكرانيا". البابا يؤكد استعداده لاستضافة محادثات السلام قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الثلاثاء إن البابا لاوون الرابع عشر أكد لها استعداد الفاتيكان لاستضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا.وجاء التشاور بين ميلوني والبابا في أعقاب اتصال هاتفي جرى الإثنين بين ترمب وبوتين، وفق مكتبها. وعقب الاتصال أجرى ترمب محادثات مع قادة أوروبيين، بينهم ميلوني التي طُلب منها، وفق مكتبها، الحصول على تأكيد من البابا على استعداده لاستضافة محادثات سلام في الفاتيكان. وتحدثت ميلوني إلى البابا الثلاثاء وأشارت إلى أن الحبر الأعظم "مستعد لاستضافة مناقشات بين الطرفين في الفاتيكان". وشكرت ميلوني للبابا "التزامه الراسخ بالسلام". وأشار مكتب ميلوني إلى أنها تحدثت الثلاثاء أيضاً إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من قادة دول العالم من أجل إبقاء "التنسيق الوثيق" قائماً نحو إجراء محادثات سلام. ولم تحقق جهود بذلت أخيراً لإنهاء الحرب التي اندلعت مع بدء روسيا هجومها على أوكرانيا في العام 2022، أي اختراق وقد رفض بوتين مقترحات لوقف إطلاق النار تقدمت بها كييف. وخلال اجتماعه مع ممثلي الكنائس الكاثوليكية الشرقية الأسبوع الماضي، عرض البابا لاوون الرابع عشر وساطة الفاتيكان بين موسكو وكييف. واتهم زيلينسكي موسكو الثلاثاء بالعمل على "كسب الوقت" لمواصلة الحرب ضد كييف، غداة إعلان الرئيس الأميركي أن الطرفين سيجريان مفاوضات مباشرة عقب تواصله هاتفياً مع نظيريه الروسي والأوكراني.

آمال معقودة على انفراجات لم تعد مستحيلة
آمال معقودة على انفراجات لم تعد مستحيلة

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

آمال معقودة على انفراجات لم تعد مستحيلة

هذه الأجواء من المشاعر التي اتسمت بها الكلمات المتبادلة خلال القمة التاريخية في الرياض بين زائر المملكة العربية السعودية للمرة الأولى في رئاسته الثانية الرئيس دونالد ترمب، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، خصوصاً ما قالاه في شأن النهوض المتعدد المناحي، وفي شأن الصراع العربي - الإسرائيلي، وذروة مأساة هذا الصراع ما يحصل منذ سنتين في غزة... هذه الأجواء تحمل في طياتها الكثير من الآمال المعقودة على انفراجات لم تعد مستحيلة الحدوث في الأحوال العربية عموماً. وقد لا تكون الآمال معقودة بشكل حاسم على ما قيل في القمة العربية في بغداد، وما أمكن اتخاذه من قرارات ومبادرات، إحداها من أجل إعادة إعمار غزة وإعمار مناطق في لبنان، وكذلك ما جرى التوافق على تسجيله كموقف تجاه الموضوع الفلسطيني والصراع العربي - الإسرائيلي، إلا أن هذه الأجواء قد تُساعد في تعديل نوعي في الموقف الأميركي من الصراع المشار إليه، وبما يعني التفهم بأعلى درجاته إلى أن مصلحة الغرب في ضوء ما جرى وتم الاتفاق عليه في كل من السعودية وقطر ودولة الإمارات، من شأنه تشكيل مشهد في مسار العلاقات لم يكن محسوماً أمره بما فيه الكفاية. وهنا يستوقفنا الشعور الصادم في الأوساط السياسية والحزبية الحاكم منها والمعارض المدني والعسكري على حد سواء في إسرائيل، وعَكَسَتْه بكثير من الجرأة كتابات وتعليقات في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية عموماً، من بينها على سبيل المثال صحيفة «يديعوت أحرونوت» الجمعة 16 /5 /2025، خصوصاً عبارة «لقد تحولنا من مكسب للولايات المتحدة إلى عبء عليها، وأن ترمب اكتشف أن إسرائيل غير معنية بالمشاركة في مشروعه الاقتصادي - السياسي لدفع الشرق الأوسط نحو حقبة جديدة، وهكذا فإن إسرائيل ترفض في الواقع مساعدة نفسها...». وكذلك ما نُشر في صحيفة «هآرتس» الثلاثاء 13 /5/ 2025، التي جاء في أحد مقالات الرأي فيها «لن نهزم (حماس) لأن الجيش في وضْعه الحالي غير قادر على حسْم المعركة. في ظل فشلنا سنفقد علاقاتنا مع دول عديدة في العالم، وسيتواصل اتهامنا بارتكاب جرائم حرب، كما سنفقد قدراتنا الاقتصادية، وسيرتفع الانفجار الاجتماعي في إسرائيل إلى مستوى جديد، ولن يفصل بين الوضع الاجتماعي السيئ القائم والحرب الأهلية سوى شعرة...». وفي «هآرتس» أيضاً تحليل سياسي يخلص كاتبه إلى القول: «إن قادتنا غير عقلانيين، وهم منفصلون عن الواقع، ويستخدمون الجيش أداةً لخدمة مصالح ضيقة تخص السُّلطة على حساب أمن الدولة...». كما في «هآرتس» تعليق لاحق جاء فيه: «إنّ ترْك العدو وظهره إلى الحائط لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب. ومرة أُخرى على غرار ما حدث في فيتنام والعراق وأفغانستان ولبنان سيغرق الجيش الإسرائيلي في المستنقع، وينزف الخسائر، في حين تتكدس جثث الفلسطينيين وتتعاظم الرغبات في الانتقام من الناجين منهم...». هذا الكلام مثل اهتزاز كراسي أهل الحكم في إسرائيل، لم يكن حاصلاً قبل الانسجام النوعي فيما طرحه من أفكار ولي العهد السعودي على ضيف المملكة، ثم قطر والإمارات بعد ذلك، وما اتخذه من خطوات جعلت الرئيس الأميركي في رؤيته للوضع في الشرق الأوسط غيرها قبل الزيارة، ونكاد نأمل أن الزيارة ستجعل السنوات الترمبية الأربع أكثر تفهماً للصراع العربي - الإسرائيلي، كما أكثر طمأنينة للوضع الاجتماعي عموماً في الولايات المتحدة. ومن الجائز الافتراض أن أجواء القمة السعودية - الأميركية، وما نتج عنها من تفاهمات وتفهمات، أضافت من جانب القادة الذين شاركوا في القمة العربية في بغداد أو أوفدوا كل من يترأس وفد الدولة ما من شأنه تحفيز الإدارة الأميركية على اتخاذ ما هو مأمول منها اتخاذه في شأن الوضع المأساوي في غزة، وكيف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يصغي بما فيه الحسم إلى الأخذ بالتهدئة. كما لا تستوقفه مسيرات الاحتجاج الدولية التي يلفت الانتباه حدوثها في اليوم الذي كان الخطاب السياسي للقمة العربية في بغداد على درجة من المسؤولية؛ حيث أبقى بيانها الختامي وقراراتها تحت سقف المطالب الموضوعية، ومن دون حتى مطالبة الولايات المتحدة ودول أوروبا بوقف السلاح على أنواعه الفتّاكة للعرب، وهي مطالب دعت إليها بالصوت العالي المسيرات الاحتجاجية في باريس ولندن ولاهاي ومالمو (السويد) ونيويورك، وحدثت من باب المصادفة في ذكرى النكبة ويوم انعقاد القمة العربية. ومن مستجدات حرب نتنياهو على غزة أنه في اليوم نفسه أحرقت جولة قصف جوي خياماً تؤوي عائلات فلسطينية في غزة سبق أن جرى تدمير منازلها. ويبقى القول إن أجواء قمة بغداد كانت في معظم ما اتخذته من قرارات وخطوات من بينها مشروع «صندوق التعافي» لانتشال غزة ولبنان من أحوالهما المتردية، وعلى صعيد الدعوة إلى وضع حد لما يعصف ببعض دول الأمة من صراعات واحترابات أكثرها إيلاماً ما يحدث في السودان، كانت بمثابة رسالة مفادها أن أجواء القمة العربية كانت تحاكي أجواء القمة التاريخية في الرياض. وعند ذلك ينشط السعي الدولي - العربي لوضع الأمور العالقة على سكة الفهم والتفاهم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store