logo
بحجّة الضريبة على المازوت: تسعيرة مافيا المولدات أعلى بـ 100%

بحجّة الضريبة على المازوت: تسعيرة مافيا المولدات أعلى بـ 100%

صوت لبنانمنذ 2 أيام

فؤاد بزي - الاخبار
عندما فرض مجلس الوزراء ضريبة على المازوت، استغلّت مافيا المولّدات الأمر لرفع أسعار الاشتراكات، بما يشبه إعلاناً للسلطة والمستهلكين، بأنها متفلّتة من كل رقابة وأنها وحش لا يمكن كبحه.
فقد سارع أصحاب المولدات إلى زيادة سعر الكيلوواط ساعة بنسبة تُراوح بين 20% و30% للمشتركين بالعدادات بينما التسعيرة المقطوعة ازدادت بنسبة 20%. وبذلك أصبحت الأسعار التي يستوفيها أصحاب المولدات من المشتركين أعلى من التسعيرة التي تفرضها وزارة الطاقة بنسبة 100%.
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، اتخذ قرار مهرّب بفرض ضريبة إضافية على أسعار المحروقات التي انخفض سعرها العالمي، فيما تقرّر تثبيتها على سعر أعلى يوازي ما كانت عليه في شباط 2025.
اتخذ هذا القرار بحجّة تمويل «منحة اجتماعية» خاصة بالعسكريين في الخدمة والمتقاعدين، وأدّى إلى ارتفاع سعر صفيحة المازوت بنسبة 14.65% من مليون و215 ألف ليرة إلى مليون و393 ألفاً، وارتفاع سعر صفيحة البنزين بنسبة 8.6% من مليون و370 ألف ليرة إلى مليون و489 ألف ليرة.
نظرياً لا تعدو الزيادة على المازوت أكثر من 178 ألفاً، أي أقل من دولارين لكلّ صفيحة (20 ليتراً). لكن تأثيرات الزيادة على مادة المازوت أكثر حدّة من الزيادة على مادة البنزين.
إذ يستخدم المازوت لتشغيل آليات النقل والصناعة والزراعة في آن معاً، فضلاً عن توليد الكهرباء. ومع الزيادة الحكومية المفاجئة، والتي تزامنت مع نهاية شهر أيار الماضي، سحبت فواتير اشتراكات الكهرباء في عدد من المناطق، وتأخرت الفوترة في مناطق أخرى ريثما تتم إعادة طباعة الفواتير الجديدة وتعديل بدل الكيلوواط ساعة وفقاً للتسعيرة الجديدة لمادة المازوت.
في الأساس، لا تلتزم أكثرية المولدات في الأحياء بتسعيرة وزارة الطاقة الشهرية للكيلواط ساعة. ورغم تأكيد وزارة الطاقة أنّ تسعيرة أيار تبلغ 28 ألف ليرة لكلّ كيلواواط ساعة، إلا أنّ أصحاب المولدات كان لهم رأي آخر.
في رأيهم «تسعيرة الدولة ما بتوفي»، وقبل رفع سعر صفيحة المازوت لا يلتزمون بالتسعيرة الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة. ففي حين تبلغ هذه التسعيرة 31 سنتاً لكلّ كيلوواط ساعة، لا تقل التسعيرة الحقيقية في أحياء عدد من المناطق عن 50 سنتاً لكلّ كيلوواط ساعة، أي أكثر من التسعيرة الرسمية بنسبة 61%.
كما تمتد مخالفة أصحاب المولّدات لتشمل البدل الثابت في الفاتورة، والذي يصل إلى حدود 15 دولاراً شهرياً، بينما تسعّر وزارة الطاقة هذا الشطر بـ685 ألف ليرة، أي 7.6 دولارات، للاشتراك بـ10 أمبيرات.
وبعد رفع سعر صفيحة المازوت، زادت تسعيرة الكيلوواط بنسبة 100% مقارنةً بتسعيرة وزارة الطاقة. إذ استغلّ أصحاب المولّدات فوضى الأسعار التي خلقتها الحكومة لتحقيق المزيد من الأرباح. في الضاحية الجنوبية مثلاً، وفي منطقة المعمورة طلب صاحب مولّد من المشتركين دفع المبلغ المقطوع مؤقتاً من دون دفع بدل الاستهلاك، وتحجج بـ«إعادة تسعير الكيلوواط بناءً على رفع سعر المازوت».
وفي تحويطة الغدير رفع سعر الكيلوواط ساعة مباشرةً بعد الزيادة من 40 سنتاً إلى 55 سنتاً. وفي مناطق أخرى في بيروت والأطراف المحيطة بها، يعمد عدد من أصحاب المولّدات إلى «تزوير» فاتورة الاشتراك بعد رفع تسعيرة المازوت.
فيذكرون أنّ تسعيرة الكيلوواط ساعة هي 31 سنتاً، والبدل الثابت مساوٍ للبدل المفروض من وزارة الطاقة المياه، إلا أنّ مجموع الفاتورة لا يتوافق مع الأرقام. على سبيل المثال، يشير هيثم المقيم في منطقة الشويفات إلى أنّ مصروفه في شهر أيار الماضي بلغ 55 كيلوواط ساعة.
وفي المحصّلة بلغت تسعيرة الأمبيرات الخمسة 30 دولاراً، ووصلت إلى 180 دولاراً شهرياً في عدد من المناطق التي لم تصل العدّادات بعد إليها مثل عدد من أحياء العاصمة بيروت، والضاحية، ومنطقة بشامون.
وبحسب أرقام وزارة الطاقة والمياه، يجب أن يدفع المشترك نحو 24 دولاراً، لكنّه بات مجبوراً أن يدفع 43 دولاراً، ما يعني أنّ صاحب المولّد يسعّر الكيلوواط بـ55 سنتاً، والبدل الثابت 15 دولاراً.
وفي سياق مرتبط، وبعد رفع تسعيرة المازوت توسعت مخالفة أصحاب المولّدات من الذين لا يلتزمون بتركيب العدادات. وأضيفت على الفواتير الشهرية للمشتركين مبالغ عشوائية تراوحت من 15 دولاراً إلى 30 دولاراً.
في منطقة بشامون مثلاً، حيث العدادات مستبعدة، وتركيب الاشتراك مرتبط بتوقيع المشترك على تعهد بعدم رغبته بتركيب عداد كهرباء، «بلغت تسعيرة الأمبيرات الخمسة شهرياً 150 دولاراً شهرياً بعد أن كانت 120 دولاراً»، بحسب أحد المشتركين. وفي أحياء أخرى من المنطقة نفسها، «وصلت قيمة فاتورة الاشتراك إلى 165 دولاراً لشهر أيار. ولدى اعتراض المشتركين على تصرفات أصحاب المولدات، تأتي الإجابة بأنّ «التسعيرة تدرس، وفي الشهر المقبل، يحتمل أن ترتفع مجدداً».
3 دولارات إضافية لكلّ ساعة عمل«فجأة، قرّرت الدولة إضافة 400 دولار على الأكلالف التشغيلية للمصنع أسبوعياً، ما يعني زيادة قدرها 1600 دولار شهرياً، ولتغطية هذا المبلغ أنا مضطر إلى رفع سعر البضاعة». هكذا يقول حسين دياب صاحب أحد مصانع الجبنة في الضاحية الجنوبية.
فالزيادة الحكومية على تسعيرة المازوت «جاءت مفاجئة» بالنسبة إليه، ولم تراعِ التكاليف التشغيلية لمولدات الكهرباء الأساسية لتشغيل البرادات والآلات في المعمل. بحسب دياب «تصرف مولدات الكهرباء 4 آلاف ليتر من المازوت أسبوعياً»، ويعود هذا المصروف الكبير من المحروقات إلى اعتماد مصنعه على المولدات لتوليد الكهرباء، فالتيار الرسمي ينقطع 20 ساعة في الـ24.
ومع انقطاع الكهرباء، «يقع المعمل تحت ضغط الاعتماد على المولدات بقية ساعات اليوم لتشغيل البرادات بشكل أساسي بسبب حساسية مشتقات الحليب للحرارة، فأيّ تغيير فيها سيؤدي إلى فساد الطبخة».
وبسبب رفع الحكومة تسعيرة صفيحة المازوت، أضيف مبلغ 3 دولارات على شكل أكلاف تشغيلية على كلّ ساعة انقطاع في التيار الكهربائي، إذ تصرف المولدات 30 ليتراً من المازوت في كلّ ساعة تشغيل. وقبل رفع التسعيرة، كانت ساعة تشغيل المولدات تكلّف حوالى 20 دولاراً، أما الآن فوصلت التكلفة إلى 23 دولاراً لكلّ ساعة تشغيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزارة الزراعة في 100 يوم: إصلاح شامل يعيد القطاع إلى الواجهة الوطنية
وزارة الزراعة في 100 يوم: إصلاح شامل يعيد القطاع إلى الواجهة الوطنية

المركزية

timeمنذ 6 ساعات

  • المركزية

وزارة الزراعة في 100 يوم: إصلاح شامل يعيد القطاع إلى الواجهة الوطنية

أعلنت وزارة الزراعة في بيان، أنه في مئة يوم فقط، استطاعت الوزارة أن ترسم مسارا جديدا للقطاع الزراعي، عبر رؤية استراتيجية شاملة يقودها الوزير نزار هاني، ارتكزت على المنهجية العلمية، الشراكات المستدامة، واستعادة الثقة المحلية والدولية بالدور المحوري للزراعة في التنمية الوطنية. وأشارت الى أن رؤية الوزارة تبلورت ضمن ستة محاور استراتيجية وضعت الأساس لتحوّل فعلي في القطاع: 1. تأهيل الأراضي: تقديم الدعم الفني والتعويضات للمزارعين، ولا سيما في المناطق المتضررة من الحرب. 2. البحث، الإرشاد، وسلامة الغذاء تعزيز قدرات المختبرات الزراعية، وتطوير أنظمة الرقابة على جودة المنتجات الغذائية. 3.التصدير، الديبلوماسية الزراعية، والأمن الغذائي فتح أسواق جديدة، تفعيل التعاون الإقليمي والدولي، مراقبة الاستيراد، حماية الإنتاج المحلي، ومراجعة اتفاقيات التبادل لتحقيق توازن عادل بين الصادرات والواردات. 4. الزراعة المستدامة دعم الزراعة النباتية والحيوانية والبحرية، مع مراعاة التكيف مع تغيّر المناخ وتعزيز التنوع الحيوي. 5. حماية الموارد الطبيعية إصدار تشريعات جديدة لإدارة الغابات والمراعي والصيد البحري، ومكافحة التعديات البيئية. 6. البنية التحتية الزراعية والابتكار تطوير سلاسل القيمة وتحسين نوعية الحياة في الريف، عبر إدخال التكنولوجيا وتشجيع المبادرات المحلية. وأفاد البيان، بأن الوزارة شهدت تفعيل أكثر من 280 مليون دولار من التمويل الخارجي: • 80 مليون دولار على شكل منح مباشرة دعمت المشاريع التابعة للوزارة (كمصلحة الأبحاث، المشروع الأخضر، التعاونيات). • 200 مليون دولار ضمن قرض تنموي في إطار برنامج GATE للنهوض الزراعي، بما يشكل دليلاً واضحاً على ثقة المجتمع الدولي بالمسار الإصلاحي الجديد. وأعلنت الوزارة أنها نفّذت خلال الفترة الماضية: • 77 ندوة ميدانية استفاد منها أكثر من 2,750 مزارعاً. • 15 زيارة ميدانية للمناطق الزراعية. • إنتاج 12 حلقة توعوية عبر تلفزيون لبنان و12 فيلما إرشاديا رقميا. وشملت المبادرات النوعية: • توحيد المحتوى الإرشادي وتطويره. • إشراك الشباب اللبناني في حملات تطوّع لزراعة 50,000 شجرة زيتون في الجنوب. • إطلاق تطبيق إرشادي بالتعاون مع منصة "ازرع". كما أعلنت الوزارة أنه تمّت إعادة تفعيل مجلس إدارة مصلحة الأبحاث ولجنة تنفيذ المشروع الأخضر، إلى جانب تشكيل الهيئة الناظمة لزراعة القنب الهندي. كما أنشأت الوزارة لجاناً تخصصية لتنظيم قطاعات: • الأدوية والأسمدة الزراعية • قطاع النحل والعسل • صناعة النبيذ والعرق • المختبرات • زيت الزيتون • قطاع الدواجن • صناديق التعاضد الزراعي • الحليب ومشتقاته. وبحسب البيان، فقد عملت الوزارة على: • دعم الزراعة التعاقدية وربط الإنتاج بالتسويق. • تشكيل لجان مشتركة مع الدول المجاورة لدفع عجلة التصدير. • استثمار الأراضي الوقفية بشكل فعّال. • تفعيل الشراكات مع البلديات والمجتمع المدني. • دعوة شاملة للتسجيل في السجل الزراعي الوطني لتنظيم القطاع وضمان عدالة الدعم. كما اتخذت الوزارة خطوات حازمة لحماية البيئة والموارد: • إعلان حالة طوارئ في قطاع الغابات. • إطلاق حملة وطنية لحماية الكلاب الشاردة ومكافحة داء الكلب. • التنسيق مع الجهات الأمنية لحماية الثروة السمكية. • فرض غرامات تجاوزت 55 مليار ليرة على مخالفات حماية الإنتاج المحلي. واستقبلت الوزارة العديد من الوفود الدبلوماسية والمنظمات الدولية، وتم توقيع اتفاقيات دعم فني وتمويل مشاريع، إلى جانب جولات ميدانية مشتركة لتحديد أولويات تنموية واقعية. كما نظّمت الوزارة مؤتمراً وطنياً برعاية وحضور رئيس الجمهورية، بالشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وأطلقت خلاله الفيلم الترويجي للمؤتمر، وأعلنت ورشة لتحديث الهيكلية الوزارية وتعزيز التحوّل الرقمي والحوكمة. ونُظمت فعاليات الأيام الوطنية للزراعة والمنتجات الزراعية بمشاركة رسمية وشعبية واسعة، بهدف دعم السوق المحلي وتعزيز العلاقة بين المنتج والمستهلك، ضمن رؤية لتنمية ريفية شاملة. وأعلنت وزارة الزراعة أنه بدأت العمل على: • إعداد الخطة الوطنية للزراعة 2026 – 2035 • صياغة ورقة استثمار في القطاع الزراعي. وقالت في بيانها: "إنها وزارة تولد من جديد. تحوّل استراتيجي حقيقي يعيد الزراعة إلى قلب السياسات الوطنية، ويكرّس الزراعة كـ"نبض الأرض… والحياة".

ودائع الدولة تنتفخ!
ودائع الدولة تنتفخ!

التحري

timeمنذ 9 ساعات

  • التحري

ودائع الدولة تنتفخ!

كان لافتاً حجم وسرعة التغيّر في ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، إذ بلغت 628 تريليون ليرة (7 مليارات دولار) في منتصف أيار 2025، مقارنة مع 185 تريليون ليرة (2 مليار دولار) في كانون الأول 2023، أي بزيادة 5 مليارات دولار خلال سنة وخمسة أشهر. وهذا البند الذي يشمل حسابات أودعت وزارة المال المجموعة من حاصلات الضرائب والرسوم، بالإضافة إلى كل ما تجمعه مؤسسات القطاع العام الأخرى مثل المرفأ وصندوق الضمان ومؤسسات المياه وبلديات وسواها من المؤسسات التي لديها ذمّة مالية مستقلّة عن الخزينة. تطوّر هذه الحسابات بهذه السرعة، ونموّها بقيمة 5 مليارات دولار خلال مدة 17 شهراً يظهران بوضوح أن الدولة بكل فروعها، سواء المركز المتمثّل بالخزينة، وصولاً إلى المؤسّسات المستقلّة، تدّخر أكثر بكثير مما تنفق، وأنها بشكل عام صحّحت إيراداتها، ولكنها تعاني من التشتّت والضياع إذ ليس لديها بوصلة تنموية – استثمارية، بل تنتظر توجيهات غائبة من السلطة المركزية، باستئناف عملها الزبائني للإنفاق على «الدكاكين» التي تعمل للاستقطاب الجماهيري بعيداً من أي عمل تطويري يمكن أن يكون له جدوى اقتصادية أو اجتماعية. هذا التطوّر لم يحصل دفعة واحدة، بل جاء على مراحل زمنية كان أبرزها في كانون الثاني 2024 حين ازدادت قيمته بضربة واحدة من 185 تريليون ليرة في نهاية كانون الأول 2023 إلى 397.6 تريليون ليرة. وبحسب مصادر في مصرف لبنان، فإن تفسير هذا الأمر يعود إلى أمرين؛ إذ أدخل القطاع العام في هذه المدة كمية من الدولارات الفريش ما أدّى إلى «انتفاخ» في الرصيد المحسوب بالليرة اللبنانية، بالإضافة إلى تعديلات في سعر الصرف لعبت دوراً محاسبياً «تجميلياً» لأن الرصيد في هذه الحسابات يتنوّع بين دولارات يصنّفها مصرف لبنان «قديمة، أو تسمى «لولاراً» وليرات تصنّف «قديمة» أيضاً وليرات «فريش». والدولارات المصنّفة «لولاراً» يحتسبها مصرف لبنان في الميزانية بسعر صرف 89500 التزاماً بعملية توحيد سعر الصرف ويسعّرها كأنها دولارات فريش ولكنها في الواقع تصرف بقيمة 15 ألف ليرة. طبعاً يخالف قواعد المحاسبة والوقائع، إلا أنه يجري تبرير الأمر بأن هذه الدولارات المصنّفة لولارات لا محلّ لها في السوق أو ليست متوافرة أصلاً، إذ إن مصرف لبنان أوقف استعمالها في حساباته نهائياً وترك المصارف تتعامل مع زبائنها وفق الحاجة، أو وفق خيار تقليص الودائع، أي إنه يشطب للمصارف مقابل تسديد هذه الدولارات للزبائن، مقابلاً لها في توظيفات المصارف لديه. بالنسبة إلى ما يسمّى ليرات قديمة، فلا أحد لديه تصوّر واضح عما يعنيه ذلك، سوى أن المصارف ومصرف لبنان فرضا على السوق أن الليرات العالقة في الحسابات المصرفية قبل تشرين الأول 2019، تصنّف قديمة وقيمتها أدنى من قيمة الليرة الفريش! وأن المصارف تقترض من بعضها ليرات قديمة بسعر أدنى من قيمة الليرة الفريش بهوامش كانت 1% وبلغت في مراحل ما 12% وربما أكثر بكثير ربطاً بالفوائد المترتبة على عمليات الإقراض اليومي بين بعضها البعض (انتربنك). كذلك، في هذا الحساب مبالغ جمعتها الدولة بكل فروعها المركزية (وزارة المال) وغير المركزية (مؤسسات القطاع العام) دولارات فريش مصنّفة بسعر السوق البالغ 89500 ليرة مقابل الدولار الواحد. وهذه المبالغ بدأت تتجمّع في هذا الحساب بالتزامن مع التصحيحات التي أجريت على سعر الصرف والتي جرى تضمينها في الموازنة العامة وبالتزامن مع السماح بتحصيل الضرائب والرسوم بالدولار، سواء في مرفأ بيروت ومطار بيروت ومؤسسة كهرباء لبنان وسواها. وبمعزل عن كل هذا الهراء التصنيفي، فإن الحساب لدى مصرف لبنان يظهر تراكم مبلغ مالي إجمالي بالليرة قيمته 628.9 تريليون ليرة، وهو مبلغ يوازي بسعر السوق اليوم 7 مليارات دولار، وهو لا يفصّل للعموم رصيد هذه الحسابات تبعاً لتصنيفاته. وما ساعد في تجميع هذا المبلغ هو أن عمليات الخزينة تحقق فائضاً سنوياً. فبحسب النشرة الأسبوعية لبنك بيبلوس، حققت عمليات الخزينة (تحصيل وإنفاق) فائضاً في السنتين الماضيتين بقيمة 380 مليون دولار في 2023، وبقيمة 297 مليون دولار في 2024. وما ينطبق على عمليات الخزينة ينطبق أيضاً على عمليات المؤسسات العامة ذات الاستقلال المالي. قد يظهر أن الفوائض في الموازنة العامّة هي مؤشّر جيّد، وأن المالية العامّة في وضع سليم. لكن عند الغوص في أسبابها، يظهر أن الدولة بكل فروعها، قررت منذ سنتين التقشّف المتشدّد. يعود هذا الأمر إلى أمور عدّة، أوّلها ربط السياسة المالية بالسياسة النقدية التي تحاول الحفاظ على سعر صرف ثابت. إذ إن هذه العملية تحتاج إلى حجز أموال الدولة في مصرف لبنان، وتخفيف حجم كتلة الليرة في السوق، وذلك لإبقاء الطلب عليها مرتفعاً نسبةً إلى العرض، وبالتالي الحفاظ على سعر الصرف. أيضاً يشار إلى أن توقّف الحكومة عن سداد الدين يلعب دوراً أساسياً في تحقيق الفوائض، وهذا الأمر ليس مستداماً، إذ إن الدولة ستضطر لاحقاً إلى إدراج مستحقات مترتبة عليها للدائنين في الموازنة وتسديد الأموال المستحقة والمتراكمة لهم بمعزل عما سيتفق عليه معهم لجهة «الهيركات». على أي حال، إن التوقف عن الإنفاق لخدمة ثبات سعر الصرف أو فرض استقراره اصطناعياً، يعني أن السياسة النقدية تتحكّم في السياسة المالية، وأن هذه الأخيرة باتت محدودة القدرة على الإنفاق في أي مجال غير الاستهلاك الضروري، وأن إنفاقها الاستثماري يكاد يكون معدوم الوجود. التقشّف يعني انخفاض نوعيّة وعدد الخدمات العامّة، وهو مؤشر على الركود والبطالة والمزيد من الفقر بالإضافة إلى تكريس الرداءة نمطاً للحياة يظهر بشكل واضح للعيان.

من أجل ماذا كل هذا التقشّف؟ 7 مليارات دولار في حسابات الدولة
من أجل ماذا كل هذا التقشّف؟ 7 مليارات دولار في حسابات الدولة

المردة

timeمنذ 19 ساعات

  • المردة

من أجل ماذا كل هذا التقشّف؟ 7 مليارات دولار في حسابات الدولة

كان لافتاً حجم وسرعة التغيّر في ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان، إذ بلغت 628 تريليون ليرة (7 مليارات دولار) في منتصف أيار 2025، مقارنة مع 185 تريليون ليرة (2 مليار دولار) في كانون الأول 2023، أي بزيادة 5 مليارات دولار خلال سنة وخمسة أشهر. وهذا البند الذي يشمل حسابات أودعت وزارة المال المجموعة من حاصلات الضرائب والرسوم، بالإضافة إلى كل ما تجمعه مؤسسات القطاع العام الأخرى مثل المرفأ وصندوق الضمان ومؤسسات المياه وبلديات وسواها من المؤسسات التي لديها ذمّة مالية مستقلّة عن الخزينة. تطوّر هذه الحسابات بهذه السرعة، ونموّها بقيمة 5 مليارات دولار خلال مدة 17 شهراً يظهران بوضوح أن الدولة بكل فروعها، سواء المركز المتمثّل بالخزينة، وصولاً إلى المؤسّسات المستقلّة، تدّخر أكثر بكثير مما تنفق، وأنها بشكل عام صحّحت إيراداتها، ولكنها تعاني من التشتّت والضياع إذ ليس لديها بوصلة تنموية – استثمارية، بل تنتظر توجيهات غائبة من السلطة المركزية، باستئناف عملها الزبائني للإنفاق على «الدكاكين» التي تعمل للاستقطاب الجماهيري بعيداً من أي عمل تطويري يمكن أن يكون له جدوى اقتصادية أو اجتماعية. هذا التطوّر لم يحصل دفعة واحدة، بل جاء على مراحل زمنية كان أبرزها في كانون الثاني 2024 حين ازدادت قيمته بضربة واحدة من 185 تريليون ليرة في نهاية كانون الأول 2023 إلى 397.6 تريليون ليرة. وبحسب مصادر في مصرف لبنان، فإن تفسير هذا الأمر يعود إلى أمرين؛ إذ أدخل القطاع العام في هذه المدة كمية من الدولارات الفريش ما أدّى إلى «انتفاخ» في الرصيد المحسوب بالليرة اللبنانية، بالإضافة إلى تعديلات في سعر الصرف لعبت دوراً محاسبياً «تجميلياً» لأن الرصيد في هذه الحسابات يتنوّع بين دولارات يصنّفها مصرف لبنان «قديمة، أو تسمى «لولاراً» وليرات تصنّف «قديمة» أيضاً وليرات «فريش». والدولارات المصنّفة «لولاراً» يحتسبها مصرف لبنان في الميزانية بسعر صرف 89500 التزاماً بعملية توحيد سعر الصرف ويسعّرها كأنها دولارات فريش ولكنها في الواقع تصرف بقيمة 15 ألف ليرة. طبعاً يخالف قواعد المحاسبة والوقائع، إلا أنه يجري تبرير الأمر بأن هذه الدولارات المصنّفة لولارات لا محلّ لها في السوق أو ليست متوافرة أصلاً، إذ إن مصرف لبنان أوقف استعمالها في حساباته نهائياً وترك المصارف تتعامل مع زبائنها وفق الحاجة، أو وفق خيار تقليص الودائع، أي إنه يشطب للمصارف مقابل تسديد هذه الدولارات للزبائن، مقابلاً لها في توظيفات المصارف لديه. بالنسبة إلى ما يسمّى ليرات قديمة، فلا أحد لديه تصوّر واضح عما يعنيه ذلك، سوى أن المصارف ومصرف لبنان فرضا على السوق أن الليرات العالقة في الحسابات المصرفية قبل تشرين الأول 2019، تصنّف قديمة وقيمتها أدنى من قيمة الليرة الفريش! وأن المصارف تقترض من بعضها ليرات قديمة بسعر أدنى من قيمة الليرة الفريش بهوامش كانت 1% وبلغت في مراحل ما 12% وربما أكثر بكثير ربطاً بالفوائد المترتبة على عمليات الإقراض اليومي بين بعضها البعض (انتربنك). يصنّف مصرف لبنان المبالغ المتوافرة في حسابات الدولة بين دولار ولولار وليرة قديمة وليرة فريش كذلك، في هذا الحساب مبالغ جمعتها الدولة بكل فروعها المركزية (وزارة المال) وغير المركزية (مؤسسات القطاع العام) دولارات فريش مصنّفة بسعر السوق البالغ 89500 ليرة مقابل الدولار الواحد. وهذه المبالغ بدأت تتجمّع في هذا الحساب بالتزامن مع التصحيحات التي أجريت على سعر الصرف والتي جرى تضمينها في الموازنة العامة وبالتزامن مع السماح بتحصيل الضرائب والرسوم بالدولار، سواء في مرفأ بيروت ومطار بيروت ومؤسسة كهرباء لبنان وسواها. وبمعزل عن كل هذا الهراء التصنيفي، فإن الحساب لدى مصرف لبنان يظهر تراكم مبلغ مالي إجمالي بالليرة قيمته 628.9 تريليون ليرة، وهو مبلغ يوازي بسعر السوق اليوم 7 مليارات دولار، وهو لا يفصّل للعموم رصيد هذه الحسابات تبعاً لتصنيفاته. وما ساعد في تجميع هذا المبلغ هو أن عمليات الخزينة تحقق فائضاً سنوياً. فبحسب النشرة الأسبوعية لبنك بيبلوس، حققت عمليات الخزينة (تحصيل وإنفاق) فائضاً في السنتين الماضيتين بقيمة 380 مليون دولار في 2023، وبقيمة 297 مليون دولار في 2024. وما ينطبق على عمليات الخزينة ينطبق أيضاً على عمليات المؤسسات العامة ذات الاستقلال المالي. قد يظهر أن الفوائض في الموازنة العامّة هي مؤشّر جيّد، وأن المالية العامّة في وضع سليم. لكن عند الغوص في أسبابها، يظهر أن الدولة بكل فروعها، قررت منذ سنتين التقشّف المتشدّد. يعود هذا الأمر إلى أمور عدّة، أوّلها ربط السياسة المالية بالسياسة النقدية التي تحاول الحفاظ على سعر صرف ثابت. إذ إن هذه العملية تحتاج إلى حجز أموال الدولة في مصرف لبنان، وتخفيف حجم كتلة الليرة في السوق، وذلك لإبقاء الطلب عليها مرتفعاً نسبةً إلى العرض، وبالتالي الحفاظ على سعر الصرف. أيضاً يشار إلى أن توقّف الحكومة عن سداد الدين يلعب دوراً أساسياً في تحقيق الفوائض، وهذا الأمر ليس مستداماً، إذ إن الدولة ستضطر لاحقاً إلى إدراج مستحقات مترتبة عليها للدائنين في الموازنة وتسديد الأموال المستحقة والمتراكمة لهم بمعزل عما سيتفق عليه معهم لجهة «الهيركات». على أي حال، إن التوقف عن الإنفاق لخدمة ثبات سعر الصرف أو فرض استقراره اصطناعياً، يعني أن السياسة النقدية تتحكّم في السياسة المالية، وأن هذه الأخيرة باتت محدودة القدرة على الإنفاق في أي مجال غير الاستهلاك الضروري، وأن إنفاقها الاستثماري يكاد يكون معدوم الوجود. التقشّف يعني انخفاض نوعيّة وعدد الخدمات العامّة، وهو مؤشر على الركود والبطالة والمزيد من الفقر بالإضافة إلى تكريس الرداءة نمطاً للحياة يظهر بشكل واضح للعيان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store