logo
الانسجام المفقود .. الانسجام المطلوب

الانسجام المفقود .. الانسجام المطلوب

ألتبريس١٦-٠٤-٢٠٢٥

محمد كرم
كنت دون العشرين بقليل حينما وجهت شراع مركبي نحو الديار الفرنسية بنية متابعة الدراسة بإحدى جامعاتها. لم يكن التأقلم مع أجواء الحياة الجديدة بالأمر الهين خلال الشهور الأولى من مقامي هناك، و هذا شيء طبيعي مادام أن البون بين طبيعة التربة المصدرة و خصوصيات التربة المستقبلة شاسع جدا. رغم ذلك، لم أجد منذ الوهلة الأولى صعوبة تذكر في استيعاب ما كان يجري حولي بذلك البلد الجميل.
كان كل شيء واضحا، فقد وجدتني بين أحضان مجتمع لائكي لا تناقض فيه بين القوانين المكتوبة و الواقع المعاش، مجتمع الدين فيه شأن شخصي إلى درجة أن قرع أجراس الكنائس لم يعد له وجود تقريبا و إلى درجة أن مصطلحات من قبيل 'لقيط' و 'عذراء' و 'خيانة زوجية' و حتى 'زواج' فقدت قوتها الأصلية و لم تعد تثير أي نقاش مجتمعي أو أكاديمي. كل العلاقات الإنسانية هناك يحكمها التراضي بين الناس و كل النزاعات يحتكم فيها إلى قوانين الجمهورية و التي لا تنسجم بالضرورة لا مع تعاليم الإنجيل و لا مع إملاءات الفاتيكان.
و كنت فوق الثلاثين بقليل عندما تهيأت لي ظروف السفر إلى المملكة العربية السعودية لغرض شخصي. و مرة أخرى، لم أضطر إلى الاستنجاد بأي كان لفهم ما ينظم الحياة بتلك الصحراء المعطاء. كانت مرجعية البلاد واضحة المعالم و كانت القوانين الجاري بها العمل منسجمة تماما مع هذه المرجعية. لقد وجدتني ضيفا على مجتمع الدين فيه شأن عمومي، مجتمع محافظ لا يؤمن بالحداثة إلا في شقها التكنولوجي إلى درجة أنه أحدث شرطة خاصة مهمتها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ـ بمقاربة إسلامية طبعا ـ إضافة إلى التحقق من إغلاق التجار لدكاكينهم أثناء أداء الصلوات.
الحياة في فرنسا ممكنة، و الانسجام في فرنسا ممكن، بل هو أمر واقع فعلا. و لهذا السبب لا أعتقد بأن للفرنسي أدنى رغبة في التخلي عن أسلوب الحياة الذي ألفه. الحياة في السعودية ممكنة، و الانسجام في السعودية ممكن، بل هو أمر واقع فعلا و لا أظن بأن للسعودي أدنى ميل إلى التنازل عن أسلوب الحياة الذي ورثه… و طبعا كل من ولج التراب الفرنسي أو التراب السعودي من الأجانب ليس أمامه من خيار غير احترام مقومات المجتمع المحلي و قوانينه، و ويح لمن سولت له نفسه الدوس على النظام السائد.
لـــــــــــــــــــــــــــــــــــــكن ، ماذا عن مجتمع قانون أحوال أهله الشخصية ديني في مجمله في حين أن الكثير من مظاهر حياته ـ و خاصة بالفضاءات العامة ـ لا تقل علمانية عن مظاهر حياة الاسكندينافيين و الأمريكيين اللاتينيين ؟
ماذا عن مجتمع تعود الكثير من أفراده على قيام الليل و صوم جزء من شوال أيضا لكنه في نفس الوقت لا يجد أي حرج في توفير خدمات التدليك 'الصحي' في سياق يختلط فيه الدلاكون بالمدلكات و تختلي فيه الدلاكات بالمدلكين ؟
ماذا عن مجتمع لا تتوقف إحدى قنواته التلفزيونة عن تذكير الناس بضرورة الالتزام بأخلاق الإسلام الفاضلة في حين تواظب قناة وطنية أخرى على الترويج للقيم المستوردة مع الاكتفاء أحيانا بإشهار إعلان دخول وقت الصلاة على خلفية الرسوم المتحركة ؟
ماذا عن مجتمع يهرول العديد من أفراده إلى بيوت الله لكسب أجر صلاة الجماعة و يتقاطرون بدون انقطاع على الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة لكن لا أثر لعبادتهم على سلوكهم اليومي ؟
ماذا عن مجتمع يبيعك الخمر كما يبيعك الخبز أو زيت المائدة و في نفس الوقت لا يتردد في الزج بك في السجن لحيازته ؟
ماذا عن مجتمع يلح على ضرورة التمييز بين الحلال و الحرام لكنه لا يمانع في أن يسير اقتصاده وفق مبدأ 'الغاية تبرر الوسيلة' و خاصة في المجالين المالي و السياحي ؟
ماذا عن مجتمع ألغى مفهوم الردة و أصبح يحمل شعار 'لا إكراه في الدين' لكنه لن يرحمك إذا ضبطك متلبسا بإفطار رمضان ـ و لو ببيتك ـ أو قدر لك أن تولد مجهول الأب ؟
ماذا عن مجتمع اعتبر بلده ـ و لقرون طويلة ـ امتدادا طبيعيا للشرق (الشرق بمعناه الحضاري و ليس بالضرورة بمعناه الجغرافي) لكن مجموعة لا يستهان بها من مفكريه و مثقفيه يتبرأون اليوم من هذا الانتماء و كأن البديل جاهز و كله مزايا أو كأن البلاد جزيرة معزولة لا تؤثر و لا تتأثر ؟
و ماذا عن مجتمع تعترف بمرجعيته الموروثة كل موسوعات العالم لكن برلمانه يتسع للشيوعيين و الاشتراكيين و الإسلاميين و الليبراليين و العلمانيين و المحافظين و الإيكولوجيين و المعتدلين المهادنين و المتطرفين الاستئصاليين و اليساريين و اليمينيين و لأهل وسط اليمين و أهل وسط اليسار … و حتى لغير المصنفين و المتفرجين السلبيين ؟ (الولايات المتحدة الأمريكية بجلال قدرها لا يتناوب على الحكم فيها إلا حزبان سياسيان تكاد تكون مسألة الإجهاض نقطة الخلاف الوحيدة في مواقفهما.)
لم يكن كل هذا سوى غيضا من فيض.
إن الإنسان ـ و هذه حقيقة لا تحتاج إلى تأكيد ـ لا يحيى بالأكل وحده بل يحيى أيضا بغرائزه الأخرى و بعمل شريف و سكن لائق و أمن مستتب و عدالة قائمة و كرامة مضمونة … إضافة طبعا إلى هوية حضارية واضحة المعالم تضبط حركاته و سكناته وعلى إيقاعها يتحقق تفاعله مع مجتمعه و دولته بما يضمن انسيابا طبيعيا للحياة. و ليس المقصود هنا هو تحويل المجتمع إلى مدينة سعيدة و فاضلة بلا خطايا و بلا أخطاء بل المراد هو الحيلولة دون الوقوع في التناقضات الصارخة و بالتالي تمكين الجميع من ملامسة حد أدنى من الانسجام المجتمعي و الذي بدونه تتحول الحياة إلى عبث حقيقي.
لقد أثبت التاريخ بما لا يدع مجالا للشك بأن التصنيف الحضاري للأمم عملية أساسية في تحديد المرجعية التي على أساسها تسن القوانين و على ضوئها توضع مخططات التنمية و انطلاقا منها تتخذ القرارت مهما كان حجمها من إعلان الحرب على الجيران أو الغزاة إلى مجرد الترخيص بتمرير وصلة إشهارية عن نوع معين من الفوطات الصحية. أما المجتمع الذي لا يتوفر على مرجعية ثابتة و واضحة فهو بالتأكيد مجتمع يخبط خبط عشواء في بحر بلا قرار أو في صحراء بلا حدود.
و على الرغم من تشبعي بمقومات انتمائي فإني في ظل هذه الظرفية الرديئة و المليئة بالإكراهات لا أدفع لا في اتجاه النموذج الفرنسي بالتحديد و لا في اتجاه النموذج السعودي بالذات. المهم هو وضع حد للضبابية المستشرية و لحالة اللاتصنيف التي بدأت مع الاستعمار الفرنسي و تكرست بعد الاستقلال و التي لا تسمح بوضعنا لا في خانة الغربيين اللادينيين و لا في خانة الشرقيين المحافظين مع الاقتناع كل الاقتناع بأن معظم المشاكل الاجتماعية التي تعرفها المملكة ـ و خاصة الكبرى منها ـ تجد تفسيرها في هذا الوضع الشاذ و غير الصحي، بل لن أبالغ إذا قلت بأن غياب التصنيف هو مأساتنا الأولى، و من يعتقد بأن الجمع بين الحداثة على الطريقة الغربية و الأصالة على الطريقة الشرقية أمر ممكن فهو كمن يؤمن بإمكانية الجمع بين القبعة الإنجليزية و الجلباب المغربي أو بين البيتزا الإيطالية و الرفيسة الدكالية .
نحن اليوم إذن على مفترق طرق من الواجب تجاوزه إما بتأكيد هويتنا الحضارية الموروثة أو بالانخراط رسميا و دستوريا و دون مواربة في العالم اللائكي اللاديني على الأقل لرفع التناقضات التي تطبع حياتنا اليومية على أكثر من صعيد و لتبرير مجموعة لا يستهان بها من السلوكات المجتمعية و الأنشطة الاقتصادية التي لا تزداد إلا تجذرا. من مصلحة ناشئتنا إذن أن نحدد لها منذ نعومة أظافرها المعسكر الذي تنتمي إليه : هل هو معسكر 'بابا نويل' أم معسكر 'بابا عيشور' ؟ ليس هناك شيء إسمه 'المواطن الكوني'، و من لديه اقتناع بإمكانية صناعة هذا النوع من المواطنين فهو يضحك على ذقنه و على ذقون الناس. ثمة مغاربة كثر أفنوا زهرة شبابهم و شجرة كهولتهم بالديار الغربية لكنهم رفضوا أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة بها فعادوا و كلهم شوق ليقضوا ما تبقى من أيام حياتهم بجبال الريف المقفرة أو بصحراء مرزوكة القاحلة أو بين صخور الأطلس الصغير الصماء. و ثمة مفكرون و مثقفون عرب كثر انغمسوا انغماسا كليا في الحضارة الغربية لكنهم قرروا في نهاية المطاف إعادة اكتشاف لغتهم العربية و النبش في الكتب الثراتية الصفراء.
إن الوطن في حاجة إلى ثوابت واضحة و تصنيف حضاري يسمح بسن تشريعات متناغمة و يؤسس لسلوكات تنسجم مع المرجعية المنتقاة و يضع قواعد تعايش شفافة و لا يقبل أكثر من تأويل واحد و إلا ستظل مختلف أصناف الاحتجاج و مختلف تجليات الإحباط و الرداءة قائمة ابتداء من التهافت على التجنس بجنسيات غربية ـ لمن استطاع إلى ذلك سبيلا ـ و انتهاءا بالتبول على الجدران و إثارة الشغب بالملاعب ـ و هذا أضعف 'الإيمان'. التصنيف المجتمعي يظل هو الأساس. المقاربة إذن ليست تقنية أو اقتصادية بالدرجة الأولى، و الإصرار على تجاهل الطابع المعنوي و الحضاري لأزمتنا لن ينجم عنه إلا المزيد من التيه الحضاري.
و مجمل القول : التصنيف يريح و 'التجلويق' يتعب.
ختاما، تجدر الإشارة إلى أني لست من دعاة الرجوع بعقارب الساعة إلى الوراء. رسالتي الحضارية تنحصر في التنبيه إلى ضرورة التدخل لضبط عمل هذه العقارب كلما اتضح بأنها لا تشتغل بالانتظام المطلوب.
إضافتان لهما علاقة بما سبق :
'التجلويق' قد يكون لغويا أيضا. فقد أقدمت مدرسة رباطية تابعة لوكالة التعليم الفرنسي في شهر يناير الماضي على الرفع من عدد ساعات تعلم اللغة العربية (أقول اللغة العربية). و في الوقت الذي أكد فيه مجلس الدولة الفرنسي مشروعية الزيادة استشاط أولياء التلاميذ المغاربة غضبا و ملأوا الدنيا ضجيجا في محاولة منهم لحمل المؤسسة على التراجع عن قرارها و كأن الأمر يتعلق بلغة دخيلة أو مسرطنة أو منبوذة أو زائدة عن الحاجة. أصبت بصدمة قوية عندما اطلعت على مضمون هذا الخبر، إذ لم أكن أتوقع إطلاقا أن تصل علاقة بعض المغاربة بلغة جلادهم السابق إلى هذا الحد من العشق و التمجيد و أن تصل علاقتهم بلغة قرآنهم إلى هذا الحد من الإساءة و التحقير.
و في سياق آخر، ذكرت وسائل إعلامية مؤحرا بأن مؤسسة تعليمية دولية بالدارالبيضاء بصدد البحث عن ممرضة لإلحاقها بطاقم العمل لديها. الغريب في الموضوع أن الإعلان المنشور لهذه الغاية حدد ضمن شروط الترشح لهذه الوظيفة عدم ارتداء المرشحة للحجاب الشرعي (!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!) من منا كان يتوقع بأنه سيأتي يوم يحارب فيه رمز من رموز ديننا على أرضه و من قبل أجانب ؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رؤساء جمعيات حماية المال العام ماكانش عندهوم تا صندالة الميكا.. تصريحات التويزي داخل البرلمان تثير جدلاً واسعاً
رؤساء جمعيات حماية المال العام ماكانش عندهوم تا صندالة الميكا.. تصريحات التويزي داخل البرلمان تثير جدلاً واسعاً

زنقة 20

timeمنذ 39 دقائق

  • زنقة 20

رؤساء جمعيات حماية المال العام ماكانش عندهوم تا صندالة الميكا.. تصريحات التويزي داخل البرلمان تثير جدلاً واسعاً

زنقة 20 | خالد أربعي أثار تدخل لرئيس فريق الاصالة و المعاصرة بمجلس النواب أحمد التويزي، خلال الجلسة التشريعية الأخيرة للمصادقة على مشروع قانون المسطرة الجنائية، جدلا واسعا. التويزي، اتهم جمعيات حماية المال بـ'الفساد'، و اشاد بالعمل الذي يقوم به وزير العدل عبد اللطيف وهبي. و خاطب الوزير بالقول : 'عندما كافحت باش نسدو البزبوز ديال الفساد على واحد العدد ديال الجمعيات التي تتخذ من هذا العمل الجمعوي الخيري مطية للتخصص في الطبقة السياسية و المنتخبين و ضرب مصداقية الدمقراطية'. و أضاف التويزي : ' رؤساء هاد الجمعيات كلهم ينتمون الى احزاب شاركت في الانتخابات و سقطت و ماعندها مصداقية داخل الشعب المغربي وولات عندهوم سلطة بحال النيابة العامة'. و تسائل التويزي : 'هل يعقل أن نعطي لرئيس جمعية كيفما كان حالو هاد السلطة باش يجر و يقولو في المنتديات بأنهم جروا عدد من البرلمانيين و يفتخرون بذلك'. رئيس فريق البام زاد بالقول : ' المغرب دولة مؤسسات ولنا من المؤسسات مثل المجلس الاعلى للحسابات و مفتشية الداخلية والمفتشية العامة للمالية و هيئة محاربة الرشوة واش هادو كاملين ماكايديرو والو ، نخليوهوم و نجيبو واحد إما أمي فوق جمعية أو يستغل جمعية كبيرة ليستغني منها وكلهم معروفين ونقدر نقول الأسماء ، واحد من هادو لي كيقودو الجمعيات عرضو علي للتلفزيون أنا و ياه ، باش نبين كي كانوا وكيف تحولوا ، هادو لي كيتكلمو بزاف على الفساد'. و أضاف التويزي في تدخل له بنبرة غاضبة : ' ايلا لقيتو شي حد كيتكلم على الفساد كونوا على يقين أنه أفسد الفاسدين و ينتمون إلى أحزاب معينة و تعرفهوم ماعندو تا صندالة دالميكا و الان يتوفر عليه الآن من إمكانيات على ظهر ضرب البلد و الديمقراطية و المنتخبين و رؤساء الجماعات لي هوما أساس الديمقراطية في بلادنا'. تدخل التويزي، رد عليه محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال بالقول : 'ابتلينا بنوع من السياسيين الذين يتمنون ان يروا الناس يلبسون دوما ومدى الحياة صندالة ديال الميكا وان لا تتغير احوال احد المادية والإجتماعية ،مقابل ان يسكنوا هم في الفيلات الجميلة في الاحياء الراقية وان تكون لهم ضيعات فسيحة وان يركبوا سيارات فخمة ،فكل ذلك لا بأس لأنه هو المنطق السليم والطبيعي، هم يتمنون ان يبقى الناس في فقرهم وهشاشتهم وبؤسهم ليستغلوا اوضاعهم ويمارسوا عليهم السخرة ويظهرون شفقتهم عليهم ويمدون لهم الفتات من الاموال التي نهبوها ليسمعوا كلمة 'بارك الله فيك سيد الحاج '. و أضاف الغلوسي في منشور على صفحته الفايسبوكية : 'هم يتمنون أن يروا الجميع فقيرا وبئيسا وان يبقى حالهم هكذا دوما ليستشعروا هم لوحدهم دون ان يزاحمهم الفقراء جمال الحياة ،ولذلك تجدهم لايشعرون باي ذنب او اي حرج وهم يسيرون مدنهم لمدة 30 سنة واكثر دون ان تتوفر حتى على قنوات الصرف الصحي تتجول فيها الكلاب الضالة جنبا إلى جنب الفقراء في واضحة النهار ،لا بنيات تحتية ولاخدمات ومرافق عمومية ،لأن ذلك يشعرهم دوما بأنهم هم الأسياد وهم الأحق بان يكونوا أغنياء دون غيرهم ويجعلهم يحسون 'بتفوّقهم 'إنهم يسرقون رغيف الشعب ويمدونه بالفتات ويطلبونه أن يمدحهم ويشكرهم على كرمهم'. يذكر أن التويزي، كان قد برأته غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش المكلفة بجرائم الأموال، في ملف توبع فيه رفقة موظف ومقاول بتهمتي 'تبديد أموال عمومية والمشاركة في ذلك' للمداولة. وحركت النيابة العامة المختصة هذه القضية بناء على شكاية للجمعية المغربية لحماية المال العام- الفرع الجهوي مراكش الجنوب، التي وجهت إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش من أجل فتح تحقيق ضد مجهول بخصوص تبديد واختلاس أموال عمومية والفساد.

عامل إقليم الحسيمة يستعرض حصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(صورة)
عامل إقليم الحسيمة يستعرض حصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(صورة)

هبة بريس

timeمنذ ساعة واحدة

  • هبة بريس

عامل إقليم الحسيمة يستعرض حصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(صورة)

فكري ولد علي ترأس عامل إقليم الحسيمة، السيد حسن زيتوني، صباح وم الخميس 22 ماي 2025، لقاء بمقر العمالة، بمناسبة تخليد الذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وقد حضر هذا اللقاء عدد من المسؤولين المحليين، المدنيين والعسكريين، ومنتخبو الإقليم، وممثلو المصالح الخارجية والجمعيات وهيئات المجتمع المدني، إلى جانب وسائل الإعلام. وفي كلمته الإفتتاحية، أكد السيد العامل أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في 18 ماي 2005، تمثل ورشًا اجتماعيًا متجددًا يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، ويعتمد مقاربة تنموية شاملة تروم تقليص الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية، واعتبر أن الذكرى العشرين تشكل محطة للتقييم والاعتراف بالمنجزات، وفرصة لتجديد الالتزام الجماعي بمواصلة هذا الورش الوطني بنفس منسوب التعبئة والالتفاف حول الأهداف النبيلة للمبادرة. وأشار السيد حسن زيتوني إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومن خلال برامجها الأربعة، أحدثت تحولات إيجابية على مستوى إقليم الحسيمة، لاسيما في ما يتعلق بتحسين ظروف العيش، ومحاربة الفقر والهشاشة، والنهوض بالإدماج الاقتصادي، وتعزيز كفاءات وقدرات الشباب والنساء، وأضاف أن المقاربة المعتمدة، خاصة في مرحلتها الثالثة، ركزت على تثمين الرأسمال البشري، ودعم الفئات في وضعية هشاشة، وخلق فرص حقيقية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. واستعرض عامل الإقليم الحصيلة الرقمية للمشاريع المنجزة في الإقليم خلال عشرين سنة من العمل المتواصل، والتي بلغت ما مجموعه 1190 مشروعًا بكلفة إجمالية تقدر بـ 1.2 مليار درهم، وقد همّت هذه المشاريع مختلف المجالات، حيث تم إنجاز 1000 مشروع في المرحلة الأولى بكلفة 120 مليون درهم، فيما بلغت تكلفة المرحلة الثانية 617 مليون درهم همت 237 مشروعًا، في حين عرفت المرحلة الثالثة إنجاز 796 مشروعًا بقيمة 373 مليون درهم. وسلط السيد العامل الضوء على النتائج الميدانية لهذه الأوراش، حيث شملت البنيات التحتية والخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء ومسالك قروية، إضافة إلى بناء وتجهيز مراكز لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين والأطفال المتخلى عنهم، إلى جانب دعم التعاونيات والأنشطة المدرة للدخل، وخاصة المشاريع النسائية والشبابية. وقد ساهمت هذه المشاريع في تحسين المؤشرات الاجتماعية وتعزيز دينامية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالإقليم. وأكد السيد زيتوني أن تخليد هذه الذكرى ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل لحظة تقييم وتخطيط لما هو قادم، عبر تثمين المكتسبات والانخراط في مشاريع جديدة ذات وقع ملموس وجودة عالية، ودعا جميع المتدخلين إلى مضاعفة الجهود والعمل بروح جماعية من أجل مواصلة هذا الورش الملكي الطموح، وتحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة، وفقًا لتوجيهات صاحب الجلالة. وعلى هامش هذا الاحتفال، أشرف حسن زيتوني على افتتاح معرض للمنتجات المجالية بساحة محمد السادس، بمشاركة عشرات التعاونيات المحلية والمقاولات الصغرى والمؤسسات العمومية ذات الصلة، وهو المعرض الذي يأتي تنظيمه في إطار دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وإبراز غنى وتنوع المنتجات المحلية التي يعُدّ الإقليم خزّانًا لها، كما يهدف إلى خلق جسور للتسويق والتعاون بين الفاعلين المحليين وتعزيز إشعاع المنتوج المجالي على المستويين الجهوي والوطني

إلغاء الأضاحي: قرار ملكي في انتظار تأطير قانوني.
إلغاء الأضاحي: قرار ملكي في انتظار تأطير قانوني.

بلبريس

timeمنذ 4 ساعات

  • بلبريس

إلغاء الأضاحي: قرار ملكي في انتظار تأطير قانوني.

يُعد القرار الملكي القاضي بإلغاء ذبح أضاحي العيد، إجراءً استثنائيًا ذا أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية، وقد قوبل عمومًا بقبول واسع من طرف المواطنين الذين اعتادوا الامتثال لتوجيهات ملكهم – حفظه الله – باعتباره رمز الدولة ومرجعية الأمة، وتجسيدًا لعلاقة الثقة والولاء التي تميّز المجتمع المغربي بمؤسساته العليا. غير أن هذا القرار، رغم طابعه الرمزي القوي، يطرح إشكالًا قانونيًا على مستوى التنزيل والتفعيل، نظرًا لغياب إطار تشريعي يُحدّد معالمه بدقة، أو يُبيّن ما إذا كانت مخالفته تُعد جريمة تستوجب العقاب. ولا يمكن، في هذا السياق، إغفال المكانة الدستورية والروحية التي يتبوّؤها الملك – نصره الله – بصفته أميرَ المؤمنين، الضامن لحرية المعتقد وحامي الملة والدين، وهي الصفة التي تُضفي على قراراته ذات الطابع الديني وزنًا خاصًا، يجعل من الالتزام بها جزءًا من استمرارية البيعة الشرعية التي تربط العرش بالشعب. وتبرز، في هذا السياق أيضًا، مسألة الفراغ التشريعي بوصفها نقطة توتر في العلاقة بين التوجيهات العليا والممارسة الميدانية، لا سيما في ظل قاعدة قانونية أساسية مفادها: 'لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.' فبدون سند قانوني صريح، قد يظهر تفاوت في السلوك المجتمعي، حيث يعمد بعض الأفراد إلى ذبح الأضحية باعتبار عدم وجود مانع قانوني يمنعهم، بينما يمتنع آخرون التزامًا بالتوجيه الملكي، ما قد يُنتج حالة من الانقسام الرمزي في مناسبة دينية تقوم، بالأساس، على مظاهر الوحدة والتكافل. هنا تبرز مسؤولية الحكومة، التي تتجلّى في التفاعل مع القرارات الملكية السامية، من خلال توضيح القرار وتقديم الصيغة القانونية الملائمة لتنزيله، بما يُجنّب البلاد فوضى في التطبيق أو تباينًا في المواقف والسلوكيات. ذلك أن وحدة الممارسة الدينية لا تُصان بالتوجيه فقط، بل بتشريع واضح، يضمن المساواة في الالتزام ووضوح المسؤوليات. لذلك، فإن الحاجة إلى تأطير قانوني يُواكب القرارات ذات الطابع التوجيهي العام، تُعد مسألة مطروحة للنقاش العلمي، دون أن ينال ذلك من القرار ذاته، أو من رمزيته داخل البناء المؤسساتي. إن التأمل في هذا السياق لا ينبغي أن يُفهَم منه دعوة إلى التشكيك في القرارات العليا، بل مدخل لتحليل العلاقة بين المشروعية الرمزية والمشروعية القانونية، في أفقٍ تكاملٍ، يحفظ وحدة المجتمع المغربي، ويصون فعالية القرار العام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store