logo
صنداي تايمز: بوتين يشن حربا سرية على بريطانيا

صنداي تايمز: بوتين يشن حربا سرية على بريطانيا

الجزيرة٠٦-٠٤-٢٠٢٥

قالت صحيفة صنداي تايمز إنه تم العثور على أجهزة استشعار روسية يشتبه في أنها تتجسس على غواصات نووية بريطانية مخبأة في البحار المحيطة، وتستهدف أيضا قطاع الطاقة والإنترنت.
واعتبر هذا الاكتشاف تهديدا محتملا للأمن القومي البريطاني، وقد عثر على العديد من هذه الأجهزة بعد أن جرفتها الأمواج إلى الشاطئ، كما يعتقد أن البحرية الملكية عثرت على بعضها.
ومن المعتقد -كما تقول الصحيفة البريطانية- أن موسكو زرعت هذه الأجهزة لجمع معلومات استخباراتية عن غواصات فانغارد البريطانية الأربع التي تحمل صواريخ نووية، ويستند إليها ما يعرف بنظام الردع البحري المستمر للمملكة المتحدة.
وأوضحت صنداي تايمز -التي اختارت حجب بعض التفاصيل بما فيها مواقع أجهزة الاستشعار- أنها قامت بتحقيق استمر 3 أشهر، تحدثت فيه إلى أكثر من 12 وزير دفاع سابق، وإلى كبار ضباط القوات المسلحة وخبراء عسكريين، لكشف كيفية استخدام روسيا لقدراتها الحربية الفريدة تحت الماء لرسم خرائط البنية التحتية البريطانية الحيوية واختراقها، وربما تخريبها.
وقد سمح للصحيفة بوصول غير مسبوق إلى سفينة "بروتيوس" لمراقبة أعماق البحار التابعة للبحرية الملكية، لتشاهد كيف تقود جهود مواجهة التهديدات في المياه الإقليمية.
وانضمت صنداي تايمز -للمرة الأولى- إلى كبار ضباط البحرية الذين نقلوا إلى سفينة البحرية الملكية "بروتيوس" الراسية قبالة أقصى مدينة غرب أسكتلندا، حيث يجهّز طاقمها بخوذات مركبات تشغل عن بعد قبل الإنزال إلى قاع البحر، وحيث يوجد 12 فردا من أسراب الغوص وصيد الألغام التابعة للبحرية، وهم خبراء في البحث عن ذخائر "العدو" واستعادتها وتدميرها في قاع البحر.
مواجهة شرسة
وقد بدأت روسيا في تمهيد الطريق لصراع أوسع نطاقا مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) وانخرطت -حسب الصحيفة- في عمليات مراقبة وتخريب لشبكات الإنترنت تحت الماء وأنابيب الطاقة والكابلات العسكرية، قبل أن يرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دباباته إلى أوكرانيا بـ3 سنوات.
وكان تفجير خط أنابيب الغاز " نورد ستريم" عام 2022 أول حادث كبير، ويؤكد مطلعون على شؤون البحرية الملكية البريطانية أن "دقته العسكرية" تحمل جميع سمات عملية "المنطقة الرمادية" التي ينفذها الكرملين.
وخلال 15 شهرا الماضية، تضرر ما لا يقل عن 11 كابل إنترنت في بحر البلطيق ، وقد انصبت الشكوك -حسب صنداي تايمز- على أسطول روسيا الخفي من ناقلات النفط القديمة. وقد استجابت قوة الاستطلاع المشتركة، وهي مجموعة من دول شمال أوروبا ودول البلطيق بقيادة المملكة المتحدة، بتفعيل ما يسمى "نورديك واردن" وهو نظام رد فعل يستخدم الذكاء الاصطناعي لتتبع مواقع أسطول روسيا الخفي.
وأضاف مسؤول عسكري بريطاني رفيع قائلا "لا شك أن هناك حربا مستعرة في المحيط الأطلسي، إنها لعبة القط والفأر منذ نهاية الحرب الباردة ، وهي الآن تشتعل من جديد. إننا نشهد نشاطا روسيا هائلا".
وعندما عادت السفينة الروسية "يانتار" إلى القنال الإنجليزي في يناير/كانون الثاني، أذن وزير الدفاع جون هيلي لسفينتي "إتش إم إس سومرست" و"إتش إم إس تاين" بتتبعها من مسافة أقرب، بينما راقبت غواصة "إتش إم إس أستوت" التي تعمل بالطاقة النووية السفينة سرا من الأسفل قبل أن تطفو إلى جانبها، وقد لاقى هذا الموقف الأكثر عدوانية ترحيبا واسعا في البحرية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، عثر على "يانتار" في البحر الأيرلندي تتسكع بالقرب من كابلات تحمل بيانات لشركتي مايكروسوفت وغوغل، وهي مجهزة بغواصتين صغيرتين قادرتين على الوصول لأعماق تصل إلى 6 آلاف متر، تمكنها من تحديد مواقع البنية التحتية ورسم خرائطها، بالإضافة لقطع الكابلات باستخدام أذرع التلاعب أو التنصت عليها للحصول على معلومات.
حرب قاع البحر
وتمتلك روسيا قدرات أخرى -حسب الصحيفة- حيث كشفت 3 مصادر دفاعية رفيعة أن معلومات استخباراتية موثوقة قبل غزو أوكرانيا ، أفادت بأن يخوتا فاخرة مملوكة لأثرياء ربما استخدمت لإجراء عمليات استطلاع تحت الماء حول بريطانيا.
وروى وزير سابق كيف أجبرت سفينة الهجوم البرمائية "إتش إم إس ألبيون" عام 2018 على مغادرة الميناء قبل الأوان في قبرص، عندما اقترب منها يخت فاخر ضخم تابع لأحد الأثرياء، واشتبهت البحرية في وجوده لمراقبة "ألبيون" سرا "فتحركت بسرعة كبيرة".
وسلط هجوم "نورد ستريم" الضوء على هشاشة إمدادات الطاقة بالمملكة المتحدة، حيث يأتي ما يقرب من خمسها الآن من مزارع الرياح البحرية، وتنقل الكهرباء المولدة من هذه التوربينات إلى البر الرئيسي عبر كابلات بحرية، كما تنقل أنابيب النفط والغاز من النرويج، ويمكن قطعها بسهولة.
وقال مسؤول عسكري رفيع "إذا قطعت هذه الأنابيب، فستفقد تلك الطاقة، ومثلها كابلات الإنترنت الستون التي تربط بريطانيا ببقية العالم، إذ يسهل قطعها، وهي تستخدم بشكل خاص لنقل البيانات المصرفية عبر المحيط الأطلسي، وهي جزء لا يتجزأ من عمل الأسواق المالية الغربية.
غير أن ما يثير القلق أكثر هو قدرة روسيا على تحديد أو اختراق أو تدمير الكابلات العسكرية الحيوية لعملياتها حول العالم، وقال مصدر رفيع "هناك كابلات غير معلنة. الروس لديهم القدرة على قطع الكابلات العسكرية".
وفي السنوات الأخيرة، عثرت البحرية البريطانية على عدد من أجهزة الاستشعار في البحار المحيطة ببريطانيا، وتعتقد وزارة الدفاع أن موسكو زرعتها هناك لرصد تحركات غواصات فانغارد البريطانية الأربع التي تشكل معا الردع النووي البحري الدائم للمملكة المتحدة.
ولم يتضح نوع أجهزة الاستشعار التي عثر عليها بعد أن جرف الماء العديد منها إلى الشاطئ، ولكن تم تحديد المزيد منها باستخدام أسطول سفن كشف الألغام التابع للبحرية الملكية.
ويعتبر اكتشاف المملكة المتحدة أدلة على نشاط روسي آخر أمرا سريا للغاية، وقال مصدر بريطاني رفيع إن "الأمر يشبه سباق الفضاء" في عالم محاط بالسرية والخداع، ومن الصعب للغاية الحصول على وضوح مطلق، لكن هناك ما يكفي من الدخان للإشارة إلى أن هناك شيئا ما مشتعلا في مكان ما.
اللحاق بالركب
عام 2021، التزمت المراجعة المتكاملة، وهي وثيقة رئيسية تحدد أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للمملكة المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بشراء سفينة مراقبة لحماية البنية التحتية الحيوية تحت الماء في المملكة المتحدة، ولتمكين السلطات من فهم حجم التهديد بشكل أفضل.
وبعد عامين، اشترت وزارة الدفاع سفينة دعم بحرية نرويجية للمياه العميقة مقابل 70 مليون جنيه إسترليني، وقد عدلت اسمها إلى "بروتيوس" قبل أن تدخل الخدمة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويضم طاقم السفينة الدائم حوالي 30 بحارا مدنيا من الأسطول الملكي المساعد، وهو الذراع التجاري للبحرية، ولكن السفينة تدار في النهاية من قبل فرق بحرية متخصصة، والحياة على متنها مرهقة، ومن المتوقع أن تكون في البحر 330 يوما في السنة.
وقبل أسبوع من زيارة صنداي تايمز، وصل أفراد من فرق كشف الألغام واستغلال التهديدات التابعة للبحرية لأول مرة، وكان من بينهم سرب الأشعة السينية، وكانت الفرق تتدرب على إحدى أحدث معداتها، وهي مركبة ذاتية القيادة مزودة بكاميرا عالية الدقة على مقدمتها، وأنظمة سونار متطورة على جانبيها كأجنحتها.
وقال الكابتن سيمون بريسدي وهو أحد كبار الضباط المشاركين في الزيارة "دورنا هو دحر أي تهديدات للمملكة المتحدة، وإخراجها من المنطقة الرمادية، ونقوم بذلك من خلال فهم الجهات المتورطة وتقديم الأدلة اللازمة لتجنب أي سوء فهم، ومحاسبة من يهددون المملكة المتحدة على أفعالهم".
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع "نحن ملتزمون بتعزيز أمن البنية التحتية البحرية الحيوية. وإلى جانب حلفائنا في حلف الناتو وقوة المشاة المشتركة، نعزز استجابتنا لضمان عدم قدرة السفن والطائرات الروسية على العمل بسرية بالقرب من المملكة المتحدة أو بالقرب من أراضي الناتو، وتسخير تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، وتنسيق الدوريات مع حلفائنا".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا
ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، إنه لا مكان أفضل من الفاتيكان لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفي حين دعا الاتحاد الأوروبي واشنطن إلى فرض عقوبات على روسيا إن لم توافق على وقف إطلاق النار، اتهمت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا. وقال ترامب في تغريدة على منصته الإعلامية "تروث سوشال" إن "الفاتيكان، ممثلا بالبابا، صرّح بأنه سيكون مهتما جدا باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أنه أبلغ بذلك كلا من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب. وأشار إلى أنه أجرى اتصالا جيدا مع بوتين وسيرى كيف ستسير الأمور. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب يحاول إنهاء حرب دموية باهظة الثمن بين أوكرانيا وروسيا، لا يمكن لأي من الجانبين الفوز بها. وكان ترامب أعلن، أمس الاثنين، أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار"، بعد مكالمته مع بوتين الذي لم يوافق بعدُ على وقف الأعمال القتالية بلا شروط، كما تطالب به واشنطن وكييف. الموقف الأوروبي في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد يأمل في أن تتخذ الولايات المتحدة"إجراء قويا" في حال استمرّت روسيا في رفض وقف إطلاق النار بأوكرانيا. وتحدثت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي ببروكسل قائلة إن " الولايات المتحدة توعدت بحصول تبعات إذا لم تقبل روسيا وقفا غير مشروط لإطلاق النار، ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات". وقد تعهّدت واشنطن بـ"إجراء قوي" في حال استمرّت روسيا برفض وقف غير مشروط لإطلاق النار، حسب ما قالت كالاس، مذكّرة بأن أوكرانيا قبلت بهذه الهدنة، وأضافت هذا ما "نريد رؤيته من جانب كلّ الأطراف التي قالت إنها ستتحرّك بناء على مقتضى الحال". ومن جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، اليوم الثلاثاء، إن مشاركة الإدارة الأميركية في جهود تحقيق السلام بأوكرانيا "أمر إيجابي للغاية"، لكن يتعيّن استشارة الأوروبيين وأوكرانيا أيضا. وبدوره، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الرئيس الروسي بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا ، داعيا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو في مجال الطاقة. وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، إن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أكدت مرة أخرى أن روسيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات، مضيفا أن بوتين يتحدث فقط عن وقف إطلاق النار وفقا لشروطه، والتي تشمل تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنازلها عن الأراضي المحتلة، وغيرها من الأمور. وقال بيستوريوس "يبدو أن بوتين لا يزال يلعب على الوقت"، مضيفا أنه ليس من المتوقع التوصل إلى وقف إطلاق النار في ظل ظروف مقبولة للآخرين، مشيرا إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة بطائرات مسيرة تتحدث أيضا بلغة واضحة "لغة أكثر وضوحا من الكلام الفارغ الذي سمعناه حتى الآن". ونتيجة للتطورات الأخيرة، يعتقد بيستوريوس أنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يواصل توسيع دعمه العسكري لأوكرانيا وممارسة مزيد من الضغوط من خلال العقوبات، داعيا إلى توسيع التعاون مع صناعة الأسلحة الأوكرانية. وفيما يتعلّق بالعقوبات، قال بيستوريوس إن "الوسيلة الأكثر فعالية للعقوبات هي قطع تدفق الأموال بشكل أكبر"، مشيرا على وجه التحديد إلى "تدفق الأموال من مبيعات الطاقة"، مؤكدا ضرورة مواصلة العمل على ذلك.

خبراء روس يقيّمون نتائج مفاوضات أوكرانيا وروسيا بإسطنبول
خبراء روس يقيّمون نتائج مفاوضات أوكرانيا وروسيا بإسطنبول

الجزيرة

timeمنذ 6 أيام

  • الجزيرة

خبراء روس يقيّمون نتائج مفاوضات أوكرانيا وروسيا بإسطنبول

موسكو – انتهت المفاوضات المباشرة الأولى بين روسيا وأوكرانيا دون تحقيق أي اختراق واضح يمهد للتفاوض على وقف الحرب المستمرة منذ 3 سنوات بينهما، رغم الاتفاق بين الجانبين المتنازعين على بعض المواضيع التي يمكن "الاستثمار" فيها لاحقا لتكريس مسار الحل الدبلوماسي، كما يقول مراقبون روس. ولا تبدو هذه النتيجة خارجة عن الموقف الاستباقي لموسكو، حيث سبق أن أوضح رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي أن القتال لن يتوقف لأن سنوات الصراع الثلاث الماضية مع أوكرانيا ووقف إطلاق النار المتكرر ومبدأ "عندما يتحدث الدبلوماسيون تصمت البنادق" لا يعمل في حالة أوكرانيا، حسب تعبيره. واستعرض ميدينسكي في أعقاب المفاوضات الاتفاقيات التي تم التوصل إليها، حيث ستتبادل روسيا وأوكرانيا في الأيام المقبلة أسرى حرب وفق صيغة "ألف مقابل ألف"، وليس "الجميع مقابل الجميع" كما كانت تطمح أوكرانيا. وأضاف أن أوكرانيا طلبت إجراء محادثات مباشرة بين الرئيسين فلاديمير بوتين و فولوديمير زيلينسكي ، معتبرا أن "روسيا أخذت علما بهذا الطلب"، وقال إن كل جانب سيقدم عرضا تفصيليا لرؤيته بشأن "وقف إطلاق النار المستقبلي المحتمل"، موضحا أنه بمجرد تقديمها سيكون من المناسب مواصلة المفاوضات، وهو ما تم الاتفاق عليه أيضا. من جانبه، أكد رئيس الوفد الأوكراني وزير الدفاع رستم عمروف التوصل لهذه الاتفاقات، مشيرا إلى أن أولوية كييف هي وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، مضيفا "إننا نستعد أيضا لعقد اجتماع محتمل بين زعماء البلدين". حرب ومفاوضات متزامنة شكلت المفاوضات في إسطنبول، والتي جذبت انتباه العالم خلال الأيام القليلة الماضية، واحدة من الحالات التي يتفاوض فيها طرفان في الوقت نفسه الذي تتواصل بينهما الحرب، كما كان عليه الحال في حرب فيتنام و الحرب الكورية والحرب السوفياتية الفنلندية. ويرى مراقبون روس أن ذلك شكّل انتصارا تكتيكيا لموسكو خلافا لما أصرت عليه بشدة أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون، وبحسب محلل الشؤون العسكرية فلاديمير بوبوف، فإن وقف إطلاق النار من قبل روسيا أمر غير وارد في هذه المرحلة لأنه يضر بها. ويشرح بوبوف للجزيرة نت أن سبب ذلك كون "مستوى الثقة بالجانب الأوكراني منخفضا جدا، ومن الصعب للغاية على فريقنا التفاوضي الموافقة على الطلب الأوكراني لأن ذلك يمنح كييف فرصة استعادة الخطط اللوجستية المفقودة لتوريد الأسلحة والذخيرة وتدوير القوات والراحة والإمدادات الغربية، حيث سيسحبونها في أول فرصة إلى الجبهة لشن هجوم مضاد". وبخصوص عملية تبادل الأسرى، أوضح المتحدث أن روسيا حرمت أوكرانيا من تحقيق نصر ولو رمزي من خلال هذه الصفقة، لأن كييف قالت إنها مستعدة للتبادل وفق صيغة "الجميع مقابل الجميع". ويضيف بوبوف أن ذلك كان سيعني أن تعيد روسيا جميع السجناء الأوكرانيين، وربما يوجد بالفعل أكثر من 10 آلاف منهم، مقابل أن تعيد أوكرانيا الجنود الروس الأسرى وعددهم أقل بكثير، مما يعني أن هذا سيكون تبادلا غير متكافئ، فضلا عن أن كييف ستقوم على الفور بإرسال السجناء العائدين إلى خطوط المواجهة. وفق الشروط الروسية من جانبه، يؤكد الخبير الإستراتيجي دينيس بوبوفيتش أنه يجب إجراء محادثات دبلوماسية بشأن الهدنة، إذ "عاجلا أم آجلا، سوف تضطر روسيا والمجتمع الدولي وأوكرانيا للرضوخ لهذا الأمر"، حسب قوله. لكنه يوضح أنه قبل ذلك، لا تزال روسيا بحاجة لتحقيق أهدافها الأساسية، وهي دفع المنطقة "الرمادية" في مناطقها الحدودية إلى الوراء بما لا يقل عن 30 كيلومترا، إن لم يكن 100 كيلومتر. ويتابع في حديثه للجزيرة نت أن "إنشاء منطقة عازلة يعدا أمرا ضروريا، لأنه عاجلا أم آجلا ستظهر عصابات منفصلة في أوكرانيا وستحاول اختراق الأراضي الروسية، وبغض النظر عن الالتزامات التي قطعتها كييف بمراعاة وقف إطلاق النار، فإن الوحدات القومية لن تلتزم بها". وعلى هذا الأساس، يؤكد المتحدث أن الاقتراح الروسي بإجراء مفاوضات في الوقت الحالي جاء لـ"تهدئة" المجتمع الدولي، وإعطائه الفرصة لفهم حقيقة ما يحدث، وخاصة شعوب الدول التي يدعم قادتها فكرة هدنة لمدة 30 يوما. ووفقا لبوبوفيتش، فقد كانت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا بمثابة نجاح دبلوماسي كبير لموسكو، وخطوة مهمة إلى الأمام في حل النزاع، بالنظر إلى أن القيادة الأوكرانية -بدعم من الدول الغربية- أصرت حتى وقت قريب على استحالة أي حوار دون وقف إطلاق النار الأولي. "ورغم هذه التصريحات والتهديدات بفرض عقوبات، فإن الاجتماع عُقد على أية حال، وعلى وجه التحديد بناء على شروط موسكو"، حسب قوله، معتبرا أن التقدم اللاحق في المفاوضات لن ينجح من دون نفوذ الولايات المتحدة، وأن المفاوضات مع الوفد الأميركي -وليس مع الوفد الأوكراني- هي من سيكون لها الأهمية الحقيقية. وأعرب الخبير عن رأيه بأن "الجانب الأميركي يجب أن يتحمل جزءا من مسؤولية تنفيذ التزاماته"، مستشهدا في هذا السياق بامتناع روسيا -بناء على طلب الولايات المتحدة- عن ضرب البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، "ورغم ذلك، انتهكت كييف الاتفاق أكثر من 100 مرة خلال شهر واحد فقط"، حسب قوله.

قرار أوروبي بإنشاء محكمة لمقاضاة روسيا على غزوها لأوكرانيا
قرار أوروبي بإنشاء محكمة لمقاضاة روسيا على غزوها لأوكرانيا

الجزيرة

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

قرار أوروبي بإنشاء محكمة لمقاضاة روسيا على غزوها لأوكرانيا

وافق حلفاء كييف الأوروبيون الجمعة على إنشاء محكمة لملاحقة مسؤولين روس على "جريمة العدوان بحق أوكرانيا". ويجتمع وزراء الخارجية الأوروبيون في "لفيف" غربي أوكرانيا لإظهار دعم رمزي لكييف في اليوم الذي تحيي فيه روسيا ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية بعرض عسكري ضخم في موسكو. وتسارعت الجهود الأوروبية لإنشاء المحكمة على ما يبدو منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وسط مساعيه للتقارب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وطيّ صفحة الحرب، ما أثار مخاوف من احتمال إفلات موسكو من العدالة إلى الأبد. وقالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس "لا مجال للإفلات من العقاب. لا يمكن أن يمر عدوان روسيا بدون عقاب وبالتالي فإن إنشاء هذه المحكمة أمر بالغ الأهمية". وتسعى كييف لإحضار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه أمام العدالة. مذكرات اعتقال لكن هذه المحكمة لا تتمتع بالسلطة القضائية لمقاضاة روسيا على القرار الأهم وهو الغزو في المقام الأول. ومن غير المتوقع أن تتمكن المحكمة الجديدة من محاكمة بوتين أثناء وجوده في منصبه بسبب مبدأ في القانون الدولي يمنح الحصانة للرؤساء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية. وقال وزير الخارجية الأوكراني أندري سيبيغا إن "هذه المحكمة يتم إنشاؤها لإصدار الأحكام المناسبة مستقبلا". وأضاف أن كييف تريد "العقاب الحتمي للجميع" ومن بينهم "رئيس روسيا ورئيس حكومة روسيا ووزير خارجية روسيا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store