logo
أ. د. خليفة ابو سليم : الحوادث النووية - ديمونه نموذجاً

أ. د. خليفة ابو سليم : الحوادث النووية - ديمونه نموذجاً

أخبارنامنذ يوم واحد

أخبارنا :
نقطة البداية في هذه العجالة هي النظر في مستوى الحادث والمواد الداخلة في الحادث. فعلى صعيد التصنيف والمقياس: فيعتمد النظام الدولي للحوادث النووية والإشعاعية مقياسا مكونا من سبع درجات. فالحوادث النووية المتضمنة لتناثر وانتشار مادة نووية او اشعاعية الى خارج المنشأة تتدرج من الدرجة الرابعة الى الدرجة السابعة حسب الحدود الجغرافية والإشعاعية. فالحادث النووي من الدرجة الرابعة الى السابعة يتضمن تأثيرات تتعدى حدود المنشأة الى المناطق المجاورة.
هذا المستوى من الحوادث يتضمن تأثيرات مثل حروق اشعاعية، و احتمالات ضئيلة للوفاة في المناطق المجاورة للمنشأة. اما الدرجة الخامسة فتوجب اخلاء المناطق المجاورة حيث ان الحادث يتضمن تلوث محدود للمناطق المنكوبة وهناك احتمال لحدوث الوفيات في تلك المناطق.
بينما تعني الدرجة السادسة من الحوادث تلوثا واسعا يوجب الإخلاء واتخاذ اجراءات طوارئ مناسبة. اما الحوادث مثل حادث تشرنوبل (1986) وحادث فوكوشيما (2011) الحديثين فتصنف على الدرجة السابعة من المقياس. على انه يمكن اعتبار الحوادث من الدرجة الخامسة فأكثر من الحوادث العابرة للحدود، وتحتاج الى تظافر جهود دولية للتغلب على آثارها.
ينتج من الحادث النووي انطلاق بعض النظائر المشعة ذات الأثر السيء مثل نظير اليود-131 بعمر نصف ثمانية ايام (عمر قصير) والذي يطلق اشعاعات جاما ذات الأثر المباشر على الإنسان والبيئة من الأعراض البسيطة الى احتمال الوفاة .كذلك يمكن حدوث تأثيرات متأخرة مثل السرطانات وتأثيرات على البيئة المحيطة من مواد وحيوان ونبات.
لابد من الإشارة الى ان المقصود بعمر النصف هو الزمن اللازم لاختفاء نصف كمية المادة المشعة. ينتج ايضا من الحادث النووي انطلاق نظير السيزيوم- بعمر نصف حوالي ثلاثين سنة (طويل العمر) هذا النظير. يطلق اشعة جاما اضافة الى جسيمات بيتا التي ان لامست الجسم او دخلته بواسطة الإستنشاق او البلع او الجروح فإنها تحدث اثرا مدمرا في الخلايا والأعضاء المتأثرة. ايضا ينطلق من الحادث نظير السترونشيوم- 90 (عمر نصف حوالي 29 سنة) ونظير الإيتريوم-90 (عمر النصف حوالي 64 ساعة).
نظيرا السترونشيوم والإيتيريوم يعتبران من باعثات جسيمات بيتا ذات الأثر في سرطان العظام وسرطان الدم وتدميرالنخاع الشوكي. جميع هذه النظائر باعثات اشعاع نووي قد يكون له آثار مباشرة او آجلة إمَا على المستوى البيئي او المستوى الشخصي المباشر او الوراثي. اما الأثر البيئي (تلوث الماء والتربة) فيبقى لمئات السنين (حسب العمر الإشعاعي) ويكون له أثر في السلسلة الغذائية وخاصة للأطفال. لابد من الإشارة الى ان نظير البلوتونيوم-239 (عمر نصف حوالي 24000 سنة) ذي السمية العالية والأثر في سرطان الرئة، حاضر في كل منشأة نووية.
ان مفاعل ديمونا وكما هو معلوم للجميع قد بدأ في العام 1961 بمساعدة كبيرة جدا من فرنسا، ومن النرويج التي كانت قد زودت اسرائيل بعشرين طنا من الماء الثقيل عام 1959. وبذلك فإن المفاعل قد أُنشئ بهدف انتاج نظير البلوتونيوم-239 الشديد الخطورة والمستخدم في صناعة الأسلحة النووية. فمن المعتقد ان ديمونه تستطيع انتاج 9-10 كيلوغرام من البلوتونيوم-239 سنويا وذلك منذ منتصف ستينات القرن الماضي. هذه الكمية من البلوتونيوم-239 كافية لإنتاج 2-3 رؤوس حربية بالتقنيات الحديثة (اعتمادا على عدة عوامل).
بذلك فإن جميع النظائر المشعة المؤثرة في الإنسان والبيئة يمكن ان تنتشر من حادث يمكن ان يقع في المفاعل. لابد من الأخذ بعين الإعتبار الخطر الآخر المتمثل بوجود الماء الثقيل الذي يمكن ان يتحول منه نظير الديتيريوم الى التريتيوم المشع الباعث لجسيمات بيتا (عمر النصف حوالي 12.3 سنه). وبذلك، فإن الحادث النووي، من الدرجة الرابعة فأكثر حسب التقسيم السابق، والذي يمكن ان يحدث في هذا المفاعل قد ينطوي على نتائج عابرة للحدود، حيث تعتمد درجة الحادث على عدة عوامل منها نوع الأسلحة المستخدمة وقوتها، والظروف الجوية السائدة.
فلابد والحالة هذه ان تتأثر الدول المحيطة مثل الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان خلال ساعات الى ايام من وقت الهجوم، بينما دول مثل مصر والسعودية يمكن ان تتأثر خلال اسابيع، ولن تتوقف الآثار على تلك الدول. خلاصة القول فإن مهاجمة هذا المفاعل يمكن ان يعتبر عملا عدائيا موجها لتلك الدول، ويمكن ان يشكًل تهديدا اقليميا ودوليا، اذ قد يطلق سحابة اشعاعية عابرة مما يتطلب تدخلا دوليا عاجلا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحذيرات من التهافت على شراء أقراص البوتاسيوم
تحذيرات من التهافت على شراء أقراص البوتاسيوم

جفرا نيوز

timeمنذ 13 ساعات

  • جفرا نيوز

تحذيرات من التهافت على شراء أقراص البوتاسيوم

جفرا نيوز - مع تصاعد التوترات الإقليمية أثارت أنباء عن احتمالية تعرض منشات نووية في المنطقة للخطر موجة من القلق العام وسباقا محموما على الصيدليات والسلعة المطلوبة هي أقراص "يوديد البوتاسيوم (KI)". عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي، أوضح في تصريح أن التهافت غير المبرر على شراء أقراص يوديد البوتاسيوم (KI) من الصيدليات واستخدامها بشكل عشوائي، لا يوفر الحماية المطلوبة وقد يؤدي إلى آثار صحية سلبية. وأضاف بلعاوي أن ما يعرف بـ"حبوب الإشعاع" ليس حلا سحريا ضد التلوث الإشعاعي، بل هو دواء مخصص لهدف واحد فقط لحماية الغدة الدرقية من امتصاص نظير مشع واحد هو اليود-131، وذلك في حال تم إطلاقه فعليا في الهواء نتيجة حادث نووي محدد. واعتبر أن التهافت على يوديد البوتاسيوم يرتكز في جوهره على سوء فهم أساسي لخصائصه، فهو ليس ترياقا شاملا مضادا للإشعاع، بل وظيفته محددة للغاية ورغم أناقتها في بساطتها الكيميائية الحيوية، إلا أن قيودها عميقة، فهي إجراء وقائي لامع وفعال، لكنه ليس علاجا لكل داء. ونوه إلى أن يوديد البوتاسيوم لا يحمي أي عضو اخر في الجسم من الإشعاع، ولا يوفر أي دفاع ضد مئات العناصر المشعة الأخرى، مثل السيزيوم-137 والسترونتيوم-90، التي قد تكون موجودة في الغبار الذري الناتج عن انفجار نووي. ووفق بلعاوي، فإن توقيت تناوله حاسم للغاية لكي يكون فعالا، فقد أوضحت منظمة الصحة العالمية (WHO) والمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، أن الفترة الزمنية المثلى لتناول يوديد البوتاسيوم هي أقل من 24 ساعة قبل التعرض المتوقع، وفي موعد لا يتجاوز ساعتين إلى أربع ساعات بعد بدء التعرض، أما تناوله بعد أكثر من 24 ساعة من التعرض فيعتبر عديم الفائدة الوقائية. وشدد على ضرورة الاعتماد على التوجيهات الرسمية في هذا الموضوع، فهي من تحدد الية تناول هذا الدواء بناء على الرصد الإشعاعي، فقد يكون عديم الفائدة أو حتى ضارا بالصحة، لا سيما لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض في الغدة الدرقية أو الحساسية تجاه مكوناته. واعتبر بلعاوي أن إصدار توصية بتناول يوديد البوتاسيوم هو قرار معقد، لا يجب أن يطرح موضوعه أمام عموم الناس أو على وسائل التواصل الإجتماعي، حيث أن الخبراء لا يشجعون بشدة على نهج "تناوله على سبيل الاحتياط". وعن الاثار الجانبية للاستهلاك غير الضروري، بين أنها تبدأ من اضطراب الجهاز الهضمي والطفح الجلدي، وصولا إلى حالات أكثر خطورة مثل التهاب الغدد اللعابية، وعدم انتظام ضربات القلب، وفي حالات نادرة، تفاعلات حساسية شديدة، أما بالنسبة للأفراد الذين يعانون من أمراض الغدة الدرقية مسبقا، تكون المخاطر أكبر، مع احتمالية التسبب في فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصورها أو تفاقم حالتها. وأشار إلى أن الاندفاع نحو الصيدليات يتجاهل فرقا حاسما بين يوديد البوتاسيوم المتاح تجاريا، والتركيبات المحددة التي يتم تخزينها لحالات الطوارئ الصحية العامة، ففي حين توجد مكملات غذائية متاحة دون وصفة طبية، فإن الإمدادات التي تحتفظ بها الحكومات تكون عادة بجرعات 130 ملغ أو 65 ملغ، مع مبادئ توجيهية واضحة لمختلف الفئات العمرية لضمان أقصى قدر من الفعالية والسلامة. وأكد بلعاوي أن الخطوات الوقائية الحقيقية في حال حدوث طارئ إشعاعي لا تقتصر على الدواء، بل تشمل الإخلاء الفوري أو الاحتماء في أماكن مغلقة محكمة، والاستماع لتوجيهات الجهات الرسمية، وعدم الانجرار وراء الشائعات أو المعلومات المغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ونبه إلى أن تجارب عالمية سابقة مثل كارثتي تشيرنوبل وفوكوشيما، أظهرت أن الاستجابة المنظمة من السلطات الصحية هي العامل الحاسم في حماية السكان، وليس التهافت العشوائي على الأدوية. ولفت بلعاوي إلى أن الدرع الحقيقي ضد تهديد التداعيات النووية لا يوجد في زجاجة صيدلية، بل في التواصل الواضح القائم على العلم من السلطات الموثوقة، وفي جمهور مستعد للاستماع والتصرف بناء على تلك التوجيهات. وتابع أن أي أزمة تكون فيها المعلومات على نفس القدر من الأهمية مثل أي إجراء طبي مضاد، فإن التمييز بين الحقيقة العلمية والخرافات الشائعة هو أقوى حماية نملكها.

أ. د. خليفة ابو سليم : الحوادث النووية - ديمونه نموذجاً
أ. د. خليفة ابو سليم : الحوادث النووية - ديمونه نموذجاً

أخبارنا

timeمنذ يوم واحد

  • أخبارنا

أ. د. خليفة ابو سليم : الحوادث النووية - ديمونه نموذجاً

أخبارنا : نقطة البداية في هذه العجالة هي النظر في مستوى الحادث والمواد الداخلة في الحادث. فعلى صعيد التصنيف والمقياس: فيعتمد النظام الدولي للحوادث النووية والإشعاعية مقياسا مكونا من سبع درجات. فالحوادث النووية المتضمنة لتناثر وانتشار مادة نووية او اشعاعية الى خارج المنشأة تتدرج من الدرجة الرابعة الى الدرجة السابعة حسب الحدود الجغرافية والإشعاعية. فالحادث النووي من الدرجة الرابعة الى السابعة يتضمن تأثيرات تتعدى حدود المنشأة الى المناطق المجاورة. هذا المستوى من الحوادث يتضمن تأثيرات مثل حروق اشعاعية، و احتمالات ضئيلة للوفاة في المناطق المجاورة للمنشأة. اما الدرجة الخامسة فتوجب اخلاء المناطق المجاورة حيث ان الحادث يتضمن تلوث محدود للمناطق المنكوبة وهناك احتمال لحدوث الوفيات في تلك المناطق. بينما تعني الدرجة السادسة من الحوادث تلوثا واسعا يوجب الإخلاء واتخاذ اجراءات طوارئ مناسبة. اما الحوادث مثل حادث تشرنوبل (1986) وحادث فوكوشيما (2011) الحديثين فتصنف على الدرجة السابعة من المقياس. على انه يمكن اعتبار الحوادث من الدرجة الخامسة فأكثر من الحوادث العابرة للحدود، وتحتاج الى تظافر جهود دولية للتغلب على آثارها. ينتج من الحادث النووي انطلاق بعض النظائر المشعة ذات الأثر السيء مثل نظير اليود-131 بعمر نصف ثمانية ايام (عمر قصير) والذي يطلق اشعاعات جاما ذات الأثر المباشر على الإنسان والبيئة من الأعراض البسيطة الى احتمال الوفاة .كذلك يمكن حدوث تأثيرات متأخرة مثل السرطانات وتأثيرات على البيئة المحيطة من مواد وحيوان ونبات. لابد من الإشارة الى ان المقصود بعمر النصف هو الزمن اللازم لاختفاء نصف كمية المادة المشعة. ينتج ايضا من الحادث النووي انطلاق نظير السيزيوم- بعمر نصف حوالي ثلاثين سنة (طويل العمر) هذا النظير. يطلق اشعة جاما اضافة الى جسيمات بيتا التي ان لامست الجسم او دخلته بواسطة الإستنشاق او البلع او الجروح فإنها تحدث اثرا مدمرا في الخلايا والأعضاء المتأثرة. ايضا ينطلق من الحادث نظير السترونشيوم- 90 (عمر نصف حوالي 29 سنة) ونظير الإيتريوم-90 (عمر النصف حوالي 64 ساعة). نظيرا السترونشيوم والإيتيريوم يعتبران من باعثات جسيمات بيتا ذات الأثر في سرطان العظام وسرطان الدم وتدميرالنخاع الشوكي. جميع هذه النظائر باعثات اشعاع نووي قد يكون له آثار مباشرة او آجلة إمَا على المستوى البيئي او المستوى الشخصي المباشر او الوراثي. اما الأثر البيئي (تلوث الماء والتربة) فيبقى لمئات السنين (حسب العمر الإشعاعي) ويكون له أثر في السلسلة الغذائية وخاصة للأطفال. لابد من الإشارة الى ان نظير البلوتونيوم-239 (عمر نصف حوالي 24000 سنة) ذي السمية العالية والأثر في سرطان الرئة، حاضر في كل منشأة نووية. ان مفاعل ديمونا وكما هو معلوم للجميع قد بدأ في العام 1961 بمساعدة كبيرة جدا من فرنسا، ومن النرويج التي كانت قد زودت اسرائيل بعشرين طنا من الماء الثقيل عام 1959. وبذلك فإن المفاعل قد أُنشئ بهدف انتاج نظير البلوتونيوم-239 الشديد الخطورة والمستخدم في صناعة الأسلحة النووية. فمن المعتقد ان ديمونه تستطيع انتاج 9-10 كيلوغرام من البلوتونيوم-239 سنويا وذلك منذ منتصف ستينات القرن الماضي. هذه الكمية من البلوتونيوم-239 كافية لإنتاج 2-3 رؤوس حربية بالتقنيات الحديثة (اعتمادا على عدة عوامل). بذلك فإن جميع النظائر المشعة المؤثرة في الإنسان والبيئة يمكن ان تنتشر من حادث يمكن ان يقع في المفاعل. لابد من الأخذ بعين الإعتبار الخطر الآخر المتمثل بوجود الماء الثقيل الذي يمكن ان يتحول منه نظير الديتيريوم الى التريتيوم المشع الباعث لجسيمات بيتا (عمر النصف حوالي 12.3 سنه). وبذلك، فإن الحادث النووي، من الدرجة الرابعة فأكثر حسب التقسيم السابق، والذي يمكن ان يحدث في هذا المفاعل قد ينطوي على نتائج عابرة للحدود، حيث تعتمد درجة الحادث على عدة عوامل منها نوع الأسلحة المستخدمة وقوتها، والظروف الجوية السائدة. فلابد والحالة هذه ان تتأثر الدول المحيطة مثل الأردن وفلسطين وسوريا ولبنان خلال ساعات الى ايام من وقت الهجوم، بينما دول مثل مصر والسعودية يمكن ان تتأثر خلال اسابيع، ولن تتوقف الآثار على تلك الدول. خلاصة القول فإن مهاجمة هذا المفاعل يمكن ان يعتبر عملا عدائيا موجها لتلك الدول، ويمكن ان يشكًل تهديدا اقليميا ودوليا، اذ قد يطلق سحابة اشعاعية عابرة مما يتطلب تدخلا دوليا عاجلا.

أخصائي: تناول "يوديد البوتاسيوم" دون إشراف طبي يهدد بآثار خطيرة .. والفائدة لا تتجاوز 24 ساعة
أخصائي: تناول "يوديد البوتاسيوم" دون إشراف طبي يهدد بآثار خطيرة .. والفائدة لا تتجاوز 24 ساعة

عمان نت

timeمنذ يوم واحد

  • عمان نت

أخصائي: تناول "يوديد البوتاسيوم" دون إشراف طبي يهدد بآثار خطيرة .. والفائدة لا تتجاوز 24 ساعة

منذ إعلان رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، الدكتور خالد طوقان، عن استعداد الجهات المختصة لتوزيع أقراص "يوديد البوتاسيوم" في حال حدوث تسرب إشعاعي، شهد الشارع الأردني حالة من التفاعل الكبير، والتساؤلات عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول فاعلية هذه المادة، وآلية استخدامها، ومدى توفرها، وسط تباين في الآراء بين التحذير، والدعوة للتوعية، والتشكيك، بل وحتى السخرية. في وقت يشدد فيه الدكتور طوقان على أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة استجابة وطنية شاملة، تتضمن منظومة إنذار مبكر و30 محطة رصد موزعة في أنحاء المملكة، مؤكدا أن الخطة جاهزة للتنفيذ الفوري في حال تجاوز مستويات الإشعاع الحدود المسموح بها، مشددا على أهمية عدم إثارة الذعر والتزام المواطنين بالإرشادات الرسمية. أحد المواطنين نصر طعامنة دعا إلى عدم التهافت على شراء الأقراص من الصيدليات، موضحا أن "الجرعات المتوفرة محدودة ولا تكفي للوصول إلى الجرعة العلاجية الموصى بها"، مشيرا إلى أن "الاستخدام العشوائي قد يسبب مضاعفات في الغدة الدرقية، وأن الجهات الرسمية هي المخولة الوحيدة بتوفير الدواء بالكمية والتوقيت المناسبين". بينما يعبر سامر أبو تايه عن قلقه بقوله "هل ننتظر الموت ريثما تصلنا الأقراص؟ يجب أن توزع هذه المواد الوقائية مسبقا، خاصة في الجنوب الأقرب إلى مفاعل ديمونا، والذي يعاني من ضعف في البنية التحتية الصحية". أما خالد نوافلة، يعبر بسخرية بقوله "في الجنوب، يبدو أن الحل الوحيد هو أن ننقع يوديد البوتاسيوم بأنفسنا"، في إشارة إلى شعور المواطنين هناك بالتهميش وعدم كفاية الإجراءات الوقائية. وفي موقف داعم للموقف الرسمي، يعتبر أبو أمجد أن "الدكتور طوقان شخصية علمية ومرجعية في الطاقة النووية، ويجب احترام رأيه وعدم التقليل من شأنه"، مضيفا أن "السخرية من المختصين في مثل هذه الظروف أمر غير مقبول". وفي المقابل، يعبر فايز الشاقلدي عن عدم ثقته بالحلول المطروحة بقوله "حتى لو وقعت انفجارات نووية، لن أتناول هذه الأقراص، ما زلت أدفع ثمن لقاح كورونا حتى الآن". ما هو يوديد البوتاسيوم ولماذا يستخدم؟ من الناحية الطبية، يعد "يوديد البوتاسيوم" أحد الأدوية الوقائية المعتمدة عالميا لحماية الغدة الدرقية من امتصاص اليود المشع في حالات التسرب النووي، إذ يعمل على تشبع الغدة باليود المستقر ويمنع امتصاص الإشعاع، مما يقلل من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. يوضح الدكتور حمزة الفقرا، أخصائي الأمراض الباطنية، في حديثه لعمان نت أن يوديد البوتاسيوم هو مركب كيميائي يتكون من عنصرين أساسيين، البوتاسيوم واليوديد، ويشبه في تركيبه الملح، لكنه يختلف عن الملح المشع بكونه مركبا مستقرا وغير مشع. وعن آلية عمله داخل الجسم، يشرح الفقرا أن يوديد البوتاسيوم يمتص سريعا في الأمعاء خلال 15 إلى 30 دقيقة من تناوله، ويتركز عمله بشكل أساسي على الغدة الدرقية، حيث يمنع امتصاص اليود المشع عند التعرض للإشعاع النووي، وبالتالي يقي من تطور سرطانات الغدة الدرقية. المخاطر المحتملة والجرعات الزائدة يشير الدكتور الفقرا إلى أن الدواء يستخدم في حالات الطوارئ الإشعاعية، وليس بشكل وقائي عشوائي، ومن أهم دواعي الاستخدام، الحماية من التعرض المفاجئ لليود المشع، والتحضير العلاجي لبعض حالات اضطرابات الغدة الدرقية في المستشفيات، وعلاج نقص اليود المزمن في بعض الحالات الطبية. أما الجرعات الموصى بها، فهي محددة بوضوح بحسب الفئات العمرية، البالغون فوق 12 عاما 130 ملغ، الأطفال 65 ملغ، أما الرضع32 ملغ. ويحذر الفقرا من أن الجرعات المتوفرة في الأسواق المحلية لا تلبي هذه المعايير، حيث تحتوي الأقراص على 500 ميكروغرام فقط أي 0.5 ملغ، مما يعني أن الفرد يحتاج إلى 260 قرصا ليحصل على الجرعة المطلوبة، وهو أمر غير عملي وخطير، ولذلك فإن الجرعات المناسبة محفوظة فقط في مخزون الطوارئ داخل المستشفيات. الآثار الجانبية والمخاطر المحتملة يؤكد الدكتور الفقرا أن تناول الدواء بجرعة صحيحة وتحت إشراف طبي يعد آمنا، إلا أن له بعض الآثار الجانبية التي تظهر أحيانا، خاصة لدى الأطفال والحوامل، مثل غثيان وطعم معدني في الفم، طفح جلدي، تورم في الغدد اللعابية، ردود فعل تحسسية نادرة. أما في حال تناول جرعات زائدة، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات في وظيفة الغدة الدرقية أو حتى إلى مشاكل قلبية وجلطات، وبالتالي لا ينصح باستخدامه خارج نطاق التوجيه الرسمي، بحسب الفقرا. يشدد الدكتور الفقرا على أن توقيت تناول الدواء هو العامل الحاسم لفعاليته، إذ يوفر حماية لمدة 24 ساعة فقط بعد أخذه، ويفضل تناوله قبل أو بعد التعرض للإشعاع بساعتين إلى ثمان ساعات، أما تناوله مسبقا، قبل أيام أو أسابيع، فلا يحقق أي فائدة. ويؤكد الفقرا على أن استخدام "يوديد البوتاسيوم" لا يجب أن يتم إلا بناء على توجيه من الجهات الحكومية، والتي تمتلك أجهزة متطورة ومحطات رصد لقياس مستويات الإشعاع بدقة، وتصدر هذه الجهات التعليمات اللازمة حول توزيع واستخدام الدواء. الجهات الرسمية: لا مؤشرات إشعاعية تستدعي القلق من جهته يؤكد رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن المهندس زياد السعايدة، أن المنظومة الوطنية للرصد الإشعاعي البيئي تعمل بكفاءة واستمرارية على مدار الساعة، وتشمل شبكة متكاملة من المحطات الثابتة والمختبرات الميدانية المتنقلة، بإشراف فرق فنية متخصصة ومؤهلة، ووفق أعلى المعايير الفنية والممارسات الدولية. ويوضح السعايدة في تصريح صحفي مؤخرا أن نتائج الرصد الإشعاعي والتحليلات التي نُفذت منذ فجر الأمس في عدد من المواقع المستهدفة، باستخدام مختبرات متنقلة وأجهزة قياس متقدمة والمستمرة لغاية اللحظة، والتي تأتي ضمن سلسلة متواصلة من أعمال المراقبة والفحص الفني التي تنفذها الهيئة بشكل يومي، وضمن خطة احترازية شاملة، قد أظهرت أن المستويات الإشعاعية في المملكة تقع ضمن حدود الخلفية الإشعاعية الطبيعية، بما يبعث على الطمأنينة ولا يدعو إلى القلق، ودون تسجيل أي مؤشرات تستدعي اتخاذ إجراءات إضافية. وتعزز الهيئة قدراتها الفنية من خلال امتلاك محطات رصد إشعاعي متنقلة متقدمة تُعد جزءًا أساسياً من الخطة الوطنية للطوارئ الإشعاعية، وتُستخدم لتقييم فوري ودقيق في المواقع الحساسة. كما يعتبر الأردن من أوائل الدول العربية التي ربطت محطاتها الثابتة مع الشبكة العالمية للرصد التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال نظام (IRMIS)، الذي يتيح تبادل وتحليل البيانات لحظيًا أثناء الطوارئ، بما يعزز سرعة الاستجابة ودقة القرار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store