
مستند زيارة الأربعين
والنصُّ الذي يُمكنُ اعتمادُه في ذلك هو ما أوردَه الشيخُ أبو جعفرٍ الطوسي (رحمه الله) في التهذيب قال: "أخبرنا جماعةٌ من أصحابنا عن أبي محمَّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري قال: حدَّثنا محمَّد بن علي بن مَعْمر قال: حدَّثني أبو الحسن عليُّ بن محمد بن مسعدة والحسنُ بن عليٍّ بن فضال عن سعدان بن مسلم عن صفوان بن مهران الجمَّال قال:
قال لي مولاي الصادقُ (صلوات الله عليه) في زيارة الأربعين:
"تزورُ عند ارتفاعِ النهار وتقولُ: (السلامُ على وليِّ اللهِ وحبيبِه، السلامُ على خليلِ الله ونجيبِه، السلامُ على صفيِّ الله وابن صفيِّه، السلامُ على الحسينِ المظلومِ الشهيدِ، السلام على أسيرِ الكُربات وقتيلِ العبَرات .. وتُصلِّي ركعتين وتدعو بما أحببتَ وتنصرف"(1).
فهذه الرواية موثَّقة من طريق الحسن بن عليِّ بن فضَّال، فمحمَّد بنُ عليِّ بن مَعْمر هو أبو الحسين بن مَعْمر الكوفي ذكره الشيخُ الطوسي في الفهرست وأفاد أنَّ له كتباً منها كتاب قرب الإسناد (2) وذكره في الرجال تحت عنوان محمَّد بن عليِّ بن معمر الكوفي، قال: ويُكنى أبا الحسين صاحب الصبيحي، سمِع منه التلعكبري سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وله منه إجازة (3).
وعنونه ابنُ النديم البغدادي (4) في فقهاء الشيعة ومحدِّثِيهم وعلمائهم بلفظ (أبو الحسين بن معمّر الكوفي) قائلاً: وله من الكتب كتابُ قرب الإسناد (5) فالرجل إذن من المعاريف، ولم يرد فيه قدحٌ فهو ثقة.
وأمَّا سعدان بن مسلم فهو من المعاريف ومن أصحاب الأصول وهو من مشايخ صفوان بن يحيى البجليِّ الذي لا يروي ولا يُرسِلُ إلا عن ثقة، وقد وثَّقه عليُّ بن ابراهيم القميِّ في تفسيره ضِمن توثيقِه العام لرجال أسناده في التفسير، وأمَّا بقيةُ رجال السند فهم من الثقات الأجلاء، ولذلك فالرواية معتبرةٌ سنداً.
وهي من حيثُ الدلالة صريحةٌ في أنَّ ل يوم الأربعين زيارةً خاصَّة يُزارُ بها الإمام الحسينُ (ع) عند ارتفاع النهار، وذلك يقتضي تأكُّد الاستحباب، إذ أنَّ أصلَ الاستحباب ثابتٌ في مطلق أيام السنة فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ بالخصوص كيوم عرفة فإنَّ ذلك يكونُ ظاهراً ظهوراً بيِّناً في أنَّ لهذا اليوم خصوصيَّةً يتأكَّدُ بمقتضاها الاستحباب.
كما هو الشأنُ في مثل الصوم فإنَّه مستحبٌ في مطلق أيام السنَّة فإذا تمَّ النصُّ على يومٍ مخصوص فإنَّ ذلك يقتضي تأكُّد استحبابِه، وهكذا هو الشأنُ في الصلاة فإنَّها خيرُ موضوعٍ -كما أفاد أهلُ البيت (ع)- فيُستحبُّ الإتيان بها في كلِّ وقت، فإذا تمَّ النصُّ على وقتٍ مخصوصٍ فإنَّ ذلك يكونُ مقتضياً لاستظهار تأكُّد استحبابِ الصلاة فيه.
هذا ويُمكن تأييد تأكُّد الاستحباب لزيارة الحسين (ع) يوم الأربعين بما رواه الشيخُ أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في المصباح والتهذيب مرسَلاً عن أبي محمدٍ الحسنِ العسكري (ع) أنَّه قال:
"علاماتُ المؤمن خمس: صلاةُ الخمسين، وزيارةُ الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفيرُ الجبين، والجهرُ ببسم الله الرحمن الرحيم"(6).
-------------------
1- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج6 / ص113-114، مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص788-790.
2- الفهرست -الشيخ الطوسي- ص277.
3- الأبواب (رجال الطوسي) -الشيخ الطوسي- ص442.
4- أبو الفرج محمد بن إسحاق النديم الوراق توفي سنة 384ه.
5- فهرست ابن النديم -ابن النديم البغدادي- ص278.
6- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج6 / ص52، مصباح المتهجد -الشيخ الطوسي- ص788.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 6 ساعات
- ساحة التحرير
أنت ذكر في الميراث. فكن الرّجل في المواقف ! معمر حبار
أنت ذكر في الميراث. فكن الرّجل في المواقف ! معمر حبار* قال الله تعالى: 'يُوصِيكُمُ اُ۬للَّهُ فِےٓ أَوْلَٰدِكُمْۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ اِ۬لُانثَيَيْنِۖ فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوْقَ اَ۪ثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتْ وَٰحِدَةٞ فَلَهَا اَ۬لنِّصْفُۖ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَٰحِدٖ مِّنْهُمَا اَ۬لسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدٞۖ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُۥ وَلَدٞ وَوَرِثَهُۥٓ أَبَوَٰهُ فَلِأُمِّهِ اِ۬لثُّلُثُۖ فَإِن كَانَ لَهُۥٓ إِخْوَةٞ فَلِأُمِّهِ اِ۬لسُّدُسُۖ مِنۢ بَعْدِ وَصِيَّةٖ يُوصِے بِهَآ أَوْ دَيْنٍۖ اٰبَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمُۥٓ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاٗۖ فَرِيضَةٗ مِّنَ اَ۬للَّهِۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماٗۖ'، سورة النّساء،11. مقدّمة المتدبّر: لا يتطرّق صاحب الأسطر إلى موانع الميراث. لأنّه ليس من مقاصد المقال. ومن أراد الزّيادة فليرجع إلى كتب الفقه. ففيها الصّحيح، والدّقيق، والمثير، والجديد، والفاعل، والنّافع، والعادل. التّطرّق للرّجل من حيث أنّه ذكر. لا يفهم منه أبدا تجاهل دور المرأة من حيث كونها أنثى. فإنّ لها في الميراث ما للرّجل. وحسب كلّ حالة تعلو، وتنخفض. وتقلّ وتزيد. ذٙكٙر وليس رجل: تضمّ الآية الكريمة: الميراث، والمعنيين بالميراث، وطريقة توزيع الميراث. وخاطب الله تعالى المعنيين بالميراث من حيث الرّجال، بـ: ' لِلذَّكَرِ'. فأنت في الميراث: ذٙكٙر وليس رجل. وبغضّ النّظر عن الكميّة، والقرابة، والسّنّ. ويمكن تفصيل ذلك: الولد الذَّكَرِ وليس الرّجل: 'ٓأَوْلَٰدِكُمْۖ': لو كان الرجل في عقده الخامس، والسّادس، والثّامن، والتّاسع. فهو في الميراث ولد. أي ذكر وليس رجل. ولا شيخ، ولا عجوز. ولا يذكر بمنصبه، ومكانته ولو كان السّلطان. الأب الذَّكَرِ وليس الرجل: 'وَلِأَبَوَيْهِ': في هذه الحالة فهو 'أب'. أي ذكر وليس رجل. ولو كان أصغرهم جميعا. مقارنة بالشيوخ، والعجزة الذين يفوقونه سنّا. الأخ الذٙكٙر وليس الرّجل: 'إِخْوَةٞ': المعني -هنا- هو 'الأخ'. ودون النّظر إلى سنّه. ولو كان أصغرهم جميعا. ولو كان فارق العمر كبيرا. ولا في نسبة الأم. ولو كان ابن جارية. وابن عدوّة محتلّة، أو عدو محتلّ. وينظر إليه على أنّه 'الأخ' الذكر. ومهما كانت الحالات المذكورة. أو غير المذكورة. اٰبَآؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ: يقسّم الميراث على الأب لأنّه الذكر. ويقسّم على الابن لأنّه الذكر. وبغضّ النظر عن الحالات المختلفة. مَا تَرَكَۖ- مِمَّا تَرَكَ: هذا الميراث ليس لك. فهو 'مَا تَرَكَۖ'، و'مِمَّا تَرَكَ'. فإمّا تٔرك لك، أو ما تركته لغيرك. ويقسّم حسب عدد المعنيين، والحالات الخاصّة بالذين تشاركهم الميراث. أو حسب المعنيين، والحالات الخاصّة بالذين تركت لهم الميراث. المرء بين ما تٔرك له، وما تركه لغيره. فهو يأكل مجهود غيره. ويترك مجهوده لغيره. أيّها الذَّكَرِ: تعامل مع الميراث برجولة: حقيقة المرء في الميراث أنّه ذكر. وينال نصيبه على أنّه الذكر. ويترك ماله لغيره من الذكور، والإناث. لكن، المطلوب أن يكون الرّجل في احترام الصّغير، وتوقير الكبير، وإعطاء الضّعيف حقّه -خاصّة النّساء-، والرّفق بالمحتاج، والتّنازل -إن أمكن- عن القليل لمساعدة من ليس له نصيب رسمي من العائلة. وغضّ الطرف عن بعض الإساءات -غير القاسمة للظهر- من طرف بعض المعنيين بالميراث. لا قوامة في الميراث: بني الميراث على الذكر، والأنثى. وليس على القوامة. لأنّ الصّغير قد يأخذ أكثر من الكبير. والأنثى قد تأخذ أكثر من الذكر. والذكر في حالات لا يأخذ أيّ شيء. والأنثى في حالات قد تأخذ كلّ شيء. والله تعالى قال: ' اِ۬لرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَي اَ۬لنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اَ۬للَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَيٰ بَعْضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنَ اَمْوَٰلِهِمْۖ فَالصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٞ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اَ۬للَّهُۖ وَالتِے تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِے اِ۬لْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّۖ فَإِنَ اَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاًۖ اِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلِيّاٗ كَبِيراٗۖ'، سورة النّساء،34. فالقوامة بالنّفقة وليس بما يناله المرء من ميراث. لأنّ المعني في توزيع الميراث هو ذكر. ينال بقدر مكانته في الهرم الميراثي إذا صحّ تعبيري. لكن بعدما ينال نصيبه فهو مطالب أن ينفقه على من تحت جناحيه طبقا للقوامة التي منحت له. فالقوامة هي إنفاق، وإقبال. وهنا تكمن الرّجولة. ويعتمد توزيع الميراث على التزام كلّ معني مكانته حتّى ينال نصيبه. باعتباره الذّكر. وبغضّ النّظر عن كونه الكبير، أو الصّغير، أو المقرّب، أو المنبوذ، أو السّلطان، أو الخادم. من عجائب القوامة: من عجائب ما وقفت عنده وأذكره لأوّل مرّة، أنّ القوامة جاءت بعد الانتهاء من ذكر توزيع، وكيفية توزيع الميراث. وكأنّ القوامة تكون بعد الحصول على النّصيب. والتّصرف فيه بما يناصب القوامة، ويعزّزها. أمّا قبله فيكون المعني ذكرا. لا يحقّ له أن يمارس قوامته. وينال نصيبه كغيره من الذكور، والإناث. وبما هو محدّد له سلفا. الشرفة – الشلف – الجزائر الإثنين 16 صفر 1447هـ، الموافق لـ 11 أوت 2025


اذاعة طهران العربية
منذ 8 ساعات
- اذاعة طهران العربية
مشاركة واتساب مكتوبة من سامر حول فضيلة زيارة سيد الشهداء
إذاعة طهران- المنتدى الإذاعي: سامر من إيران. السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته كلامكم نور قَالَ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ): " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَوَائِدِ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) " ومأجورين


موقع كتابات
منذ 18 ساعات
- موقع كتابات
الزراعة عشقٌ لا يزول من قلوب أبناء الفلاحين
رغم ابتعادنا عن الحياة الريفية التي عاشها آباؤنا وأجدادنا، ورغم انقطاعنا عن معالم الزراعة بطرقها القديمة والبسيطة، إلا أنني أجد أن أبناء الريف ما زالوا يعشقون الزراعة، وما زالوا يبحثون عن أي أرض قريبة من مساكنهم ليقوموا بزراعتها. يقوم الكثير منهم بذلك إمّا بدافع الترفيه لعوائلهم في أوقات الاستراحة العائلية، أو بدافع إنتاج الخضروات والفواكه التي تساعدهم على توفير مصروفهم اليومي. واليوم، وأنا أتجول في مناطق جنوب الموصل، ألاحظ في كل زيارة أن العديد من الإخوة والأصدقاء قد زرعوا الأراضي المتاحة ضمن منازلهم بأشجار مثمرة ونخيل يحمل أنواعًا من التمور. وهذا الأمر كان يُعدّ شبه مستحيل في تلك المناطق قبل ثلاثة عقود من الزمن. أصبحت أرى في حدائقهم أنواعًا متعددة من الفواكه، وخضروات تكفي أحيانًا لسد احتياجات عوائلهم، مما يعزز مفهوم الاكتفاء الذاتي، بجهود جماعية من أفراد الأسرة الذين يتعاونون لزراعة المساحات المتوفرة لديهم. وهذا بحد ذاته يعد من قمة النجاح الذي نسعى إليه. نعم، أبناء الريف ما زالوا يعشقون الأرض، وقلوبهم ما زالت تَحنّ إلى ذلك الماضي الجميل الذي عاشه آباؤهم وأجدادهم. فرغم تغيّر الزمن، وتغيّر أنماط الحياة، وانتشار الطراز المعماري الحديث، وشبكات المياه، والشوارع المعبّدة، إلا أنني أجد الطبيب والمهندس والعسكري، وكل فئات المجتمع، يخصصون جزءًا من وقتهم لزراعة أنواع من الفواكه والخضروات في حدائق منازلهم. إنها متعة مزدوجة: أولًا، تتحول الأرض إلى مساحة خضراء دائمة طوال السنة. وثانيًا، يستفيدون من ثمار تلك المزرعة الصغيرة، وهو أمر جميل ومثمر. ومن هنا، أوجّه تحية شكر وتقدير لكل هؤلاء الأبطال الذين ما زالوا متمسكين بالزراعة، ويعتبرونها موردًا دائمًا، حتى وإن كان موردًا ثانويًا لعوائلهم. فالبيت الريفي الذي لا يحتوي على أرض خضراء، لا يختلف كثيرًا عن بيوت المدن. نعم، لقد استطاع هؤلاء الرجال أن يحققوا في منازلهم معادلة الماء والخضرة، ومنحهم الله وجهًا حسنًا وراحة نفسية في حياتهم الاجتماعية… تحية ومحبة وتقدير لهم، ووفقهم الله وهم يزرعون ويحصدون ويأكلون مما تزرع أيديهم.