
من البيع إلى البورصة.. هل تغير مصر أدوات التخارج من الشركات؟
وفي ظل تصاعد الضغوط من جانب الصندوق، بدأت الحكومة تغيير أدوات تنفيذ برنامج التخارج، مع الميل المتزايد إلى طرح حصص من الشركات الحكومية بالبورصة بدلاً من البيع المباشر لمستثمرين إستراتيجيين، وفقًا لمصادر حكومية مطلعة.
عدم وفاء الحكومة المصرية
كان صندوق النقد الدولي قد قرر دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج إقراض مصر ، البالغ قيمته 8 مليارات دولار، وتأجيلهما إلى الخريف المقبل، وذلك بسبب عدم وفاء الحكومة بتنفيذ برنامج تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية، وفقًا لما تم الاتفاق عليه سابقًا وأعلن عنه من قبل الحكومة نفسها.
وفي بيان واضح اللهجة، شدد الصندوق على أن تطبيق سياسة ملكية الدولة وبرنامج تخارج الاستثمارات الحكومية من القطاعات الاقتصادية، التي تعهدت الدولة بتقليص وجودها فيها، سيكون محوريًا لتعزيز دور القطاع الخاص، وتمكينه من الإسهام بفعالية في دفع عجلة النمو الاقتصادي في مصر.
إعلان متكرر
في مايو/أيار الماضي، كشفت وزارة المالية عن خطة الحكومة لطرح حصص في 11 شركة مملوكة للدولة خلال العام المالي 2025/2026، وذلك في إطار برنامج الطروحات الحكومية، وفقًا للتقرير المالي الصادر عن الوزارة.
وتسعى الحكومة من خلال هذه الخطوة إلى جمع ما بين 4 و5 مليارات دولار، بهدف تعزيز موارد الدولة ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي.
وتشمل قائمة الشركات 5 كيانات تابعة للقوات المسلحة، وهي:
الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية).
الشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية (صافي).
شركة سيلو فودز للصناعات الغذائية.
شركة "تشيل أوت" لتشغيل محطات الوقود.
الشركة الوطنية للطرق.
شركات القوات المسلحة تنمو بقوة
وشهدت عشرات الشركات التابعة للقوات المسلحة منذ 2014، ما أثار مخاوف لدى عدد من رجال الأعمال المحليين والمستثمرين الأجانب بشأن المنافسة وتكافؤ الفرص، وفق وكالة رويترز.
وثمة 60 شركة تابعة للقوات المسلحة تعمل في 19 صناعة، من إجمالي 24 مدرجة على جدول تصنيف الصناعات، حسب تقديرات البنك الدولي.
وفي فبراير/شباط 2023، أعلن مجلس الوزراء عن اتجاه الدولة لطرح أسهم بنحو 32 شركة، وذلك على مدار عام كامل حتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء أكان الطرح عاما من خلال البورصة، أو لمستثمر إستراتيجي، أو كليهما، وهو ما لم يحدث إلا بطرح عدد أقل بكثير.
سبب الخلاف
في أول تعليق رسمي عقب قرار صندوق النقد الدولي، كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أن "أسعار بيع الأصول لم تكن عادلة" وأرجع ذلك إلى "الظروف الجيوسياسية التي أثّرت سلبًا على مناخ الاستثمار".
وأوضح أن مصر حققت جميع المستهدفات المتفق عليها باستثناء بند الطروحات، ولم يتم تنفيذ الحجم المطلوب منها، مؤكدا أن تأجيل الطروحات جاء لحماية أصول الدولة وضمان بيعها بقيمتها العادلة، وليس لمجرد استيفاء الأهداف الشكلية.
طرح أم بيع؟
وتعتزم الحكومة، وفقا لمصادر رسمية، طرح حصص من بنك القاهرة وشركتي "وطنية" و"صافي" عبر البورصة، وذلك لتسريع خطوات البرنامج قبل موعد المراجعتين الخامسة والسادسة لصندوق النقد الدولي.
لكن هذا التحول يطرح تساؤلات منها: هل اختارت الحكومة البورصة لتوسيع قاعدة الملكية وجذب شريحة أوسع من المستثمرين الصغار والمحليين؟ أم أن صعوبة التوصل إلى اتفاقات مباشرة مع مستثمرين إستراتيجيين دفعت بها نحو المسار الأقل حساسية سياسيا؟
ويرتكز برنامج الطروحات الحكومية على آليات متنوعة للتخارج من الأصول، تشمل:
الطرح العام عبر البورصة.
البيع لمستثمر إستراتيجي.
الدمج بين الطريقتين.
لماذا الطرح بالبورصة؟
يرى شريف عثمان رئيس شركة "بويز إنفستمنت" للاستشارات الاستثمارية في واشنطن أنه إذا اتجهت الحكومة لطرح الشركات عبر البورصة بدلًا من البيع المباشر، فقد لا يعكس ذلك قناعة بسوق المال، بل ربما يكون خطوة تكتيكية لتهدئة الضغوط الدولية.
واستبعد المحلل المالي -في تصريح للجزيرة نت- أن يكون التوجه نحو طرح الشركات في البورصة ناتجًا عن قناعة بأفضلية هذا الخيار، مرجحًا أن يعود السبب إلى صعوبة إبرام صفقات مباشرة مع مستثمرين إستراتيجيين لاعتبارات تتعلق بالتسعير والسيادة والضغوط السياسية.
وقال إن الطرح يعزز الشفافية والمساءلة، ويعطي إشارات إيجابية لصندوق النقد والمجتمع الدولي بأن الحكومة منفتحة على الإصلاح الهيكلي وتحفيز الاستثمار المحلي ويشجع الاستثمار المحلي وصغار المستثمرين.
ماذا تحقق؟
تعهدت مصر مطلع العام الجاري بإسراع الخطى في إجراءات برنامج الطروحات الحكومية، بهدف جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، ورفع مشاركته في الاستثمارات العامة خلال الأعوام المقبلة.
ومنذ بدء عمل اللجنة المعنية ببرنامج الطروحات الحكومية وحتى الآن، نجحت الدولة في تنفيذ 21 صفقة ضمن 11 قطاعا اقتصاديًا مختلفا، بإجمالي قيمة بلغت نحو 6 مليارات دولار، بحسب ما تم الإعلان عنه رسميًا.
حماية الأصول
بشأن آليات تخارج الدولة من الشركات، عبّرت الدكتورة عالية المهدي العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عن تأييدها لطرح هذه الشركات في سوق المال بدلاً من بيعها مباشرة لمستثمرين إستراتيجيين.
وفي تعليق للجزيرة نت، قالت الدكتورة عالية إن "الطرح في البورصة يتيح توسيع قاعدة الملكية أمام المواطنين والمستثمرين الصغار، ويُجنّب الدولة وضع أصولها الإستراتيجية بالكامل تحت سيطرة مستثمرين أجانب" مشيرة إلى سوابق شهدت "شراء أجانب أصولا مصرية ثم إغلاقها لاحقًا".
وشددت الدكتورة عالية على أنه في حال اللجوء للبيع المباشر، ينبغي أن تتضمن العقود بنودًا واضحة تضمن استمرار نشاط الشركات وتطويرها وتوسيعها مع تشغيل عمالة محلية، بما يحفظ الأصول العامة ويحقق فائدة اقتصادية مستدامة.
وأكدت الخبيرة الاقتصادية أن أي عملية طرح يجب أن تُدار باعتبارها خطوة لصالح الاقتصاد الوطني على المدى الطويل، لا مجرد صفقة وسيلة سريعة للحصول على الدولار لسد عجز الموازنة أو خدمة الدين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 35 دقائق
- الجزيرة
قصص مجوّعي غزة.. محمد جميل حجي
يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الوضع في قطاع غزة يكشف أن النظام الإنساني العالمي يلفظ أنفاسه الأخيرة. وتعكس شهادات تلقتها الجزيرة من القطاع الفلسطيني هذا الأسبوع جانبا من هذا الوضع، حيث حالة من البؤس والحرمان والخذلان يعيشها السكان في ظل استمرار العدوان الذي لم يقتصر على القتل والتدمير وإنما امتد أيضا إلى التجويع. محمد جميل حجي مواطن غزي تعرض للإصابة جراء القصف الإسرائيلي وخضع لعمليات جراحية لاستخراج شظايا من بطنه، كما تعرض لإصابة في قدمه، ومع ذلك فهو يشكو من مرور 20 يوما لم يحصل فيها على ما يحتاجه الإنسان من طعام وشراب. مأساة حجي تكفي وحدها لشرح جزء كبير من الواقع في غزة في ظل تجبر الاحتلال وصمت العالم، فهو مصاب وزوجته مريضة وكذلك أحد أبنائه ولا يجدون الطعام ناهيك عن الغذاء.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
الحوثيون يتوعدون باستهداف سفن الشركات المتعاملة مع موانئ إسرائيل
قالت جماعة أنصار الله (الحوثيين) إنها قررت تصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل ، مؤكدة أنها بدأت ما أطلقت عليها المرحلة الرابعة من الحصار على العدو الإسرائيلي. وقال المتحدث العسكري باسم أنصار الله يحيى سريع إن المرحلة الرابعة التي أطلقتها الجماعة تشمل "استهداف جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ العدو، وفي أي مكان يمكن الوصول إليه". وقال سريع -في بيان متلفز- إن الشركات التي تتجاهل التحذيرات ستتعرض سفنها للهجوم بغض النظر عن وجهتها، وبغض النظر عن جنسيتها. وأضاف في هذا الصدد: "تحذر القوات المسلحة اليمنية كافة الشركات بوقف تعاملها مع موانئ العدو الإسرائيلي ابتداء من ساعة إعلان هذا البيان، ما لم (تستجب)، فسوف تتعرض سفنها وبغض النظر عن وجهتها للاستهداف في أي مكان يمكن الوصول إليه أو تطاله صواريخنا ومسيراتنا". ودعا سريع "كافة الدول إلى أن عليها -إذا أرادت تجنب هذا التصعيد- الضغط على العدو لوقف عدوانه ورفع الحصار عن قطاع غزة ، فلا يمكن لأي حر على هذه الأرض أن يقبل بما يجري". وأكد أن اليمن يجد نفسه أمام مسؤولية دينية وأخلاقية كبرى بسبب استمرار الإبادة في غزة. خيارات تصعيدية والخميس الماضي، قال زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي إنهم يدرسون خيارات تصعيدية إضافية دعما للفلسطينيين بغزة، وذلك مع استمرار عملياتهم البحرية ضد السفن التابعة لإسرائيل أو المتوجهة إليها. وقال الحوثي -في كلمة عن مستجدات العدوان على قطاع غزة- إن موقفهم الرسمي والشعبي وعلى كل المستويات لن يألو جهدا في نصرة الشعب الفلسطيني. وأشار إلى استمرار تطوير القدرات العسكرية لتكون أكثر فاعلية في "التنكيل بالعدو الإسرائيلي والضغط عليه". كذلك أكد استمرار "حظر الملاحة البحرية على العدو الإسرائيلي"، وقال إن ميناء أم الرشراش (إيلات) عاد إلى الإغلاق التام، وهو ما تسبب في خسائر كبيرة لإسرائيل، بحسب زعيم الحوثيين. وأشار الحوثي إلى أنهم نفذوا منذ بداية الإسناد لقطاع غزة 1679 عملية عسكرية ما بين صواريخ وطائرات مسيّرة وزوارق حربية. كما كشف عن أن اليمن تعرض لـ2843 غارة وقصفا بحريا سقط بسببها المئات من القتلى والجرحى، لكنها فشلت في منع الموقف اليمني من مساندة الشعب الفلسطيني بغزة. وتواصل جماعة الحوثيين مهاجمة السفن التابعة لإسرائيل وكذلك السفن المتوجهة إليها، وتشدد على استمرار العمليات حتى وقف إسرائيل حرب الإبادة في غزة. ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري ، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
مئات الحاخامات اليهود يطالبون إسرائيل بوقف التجويع وقتل المدنيين
وقّع مئات الحاخامات اليهود من مختلف أنحاء العالم، الذين يتبعون تيارات دينية متعددة، على رسالة تدعو إسرائيل إلى وقف استخدام التجويع كسلاح حرب. وحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أمس الأحد، فإنّ مئات من الحاخامات (رجال دين يهود) في مختلف أنحاء العالم وقعوا على رسالة، جاء فيها أنّ "الشعب اليهودي يواجه أزمة أخلاقية خطيرة". وأوضحوا في الرسالة: "لا يمكننا أن نغض الطرف عن القتل الجماعي للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، أو استخدام التجويع كسلاح حرب". ووصفت الرسالة ما اعتبرته "تقليص المساعدات الإنسانية إلى غزة"، ومنع الغذاء والماء والأدوية عن المدنيين، بأنه "يتعارض مع القيم اليهودية الأساسية". ورغم تأكيد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن إسرائيل تتسبب في تجويع الفلسطينيين في قطاع غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو زعمت تنفيذ إجراءات لتسهيل دخول المساعدات، منها فتح ممرات جديدة وإلقاء مساعدات من الجو وتحديد فترات وقف إطلاق نار مؤقتة. كما انتقدت الرسالة سياسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية ، ودعت إلى وقف عنف المستوطنين وملاحقة المعتدين من بينهم. واختُتمت الرسالة بالدعوة إلى حوار يضمن الأمن للإسرائيليين، والكرامة والأمل للفلسطينيين، ومستقبلًا سلميا للمنطقة. وتأتي الرسالة في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية نتيجة استفحال المجاعة بالقطاع وتحذيرات من خطر موت جماعي يهدد أكثر من 100 ألف طفل في القطاع. ويعيش قطاع غزة إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه وفي التاريخ المعاصر، حيث تتداخل حالة التجويع القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول الغذاء والدواء منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تفشت المجاعة في أنحاء القطاع، وظهرت أعراض سوء التغذية الحاد على الأطفال والمرضى. لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.