logo
خيبة سياسية وأمنية: لا تسليم للسلاح الفلسطيني!

خيبة سياسية وأمنية: لا تسليم للسلاح الفلسطيني!

IM Lebanonمنذ 11 ساعات

كتبت ندى أندراوس في 'المدن':
في لحظةٍ بدت وكأنها تُتوّج مسارًا طويلًا من التفاهمات السياسية والرهانات الأمنية، دخلت الدولة اللبنانية في السادس عشر من حزيران اختبارًا مفصليًا كان يفترض أن يشكّل نقطة تحوّل في مسار ضبط السلاح غير الشرعي داخل المخيمات الفلسطينية. يومٌ انتظرته السلطات اللبنانية كفاتحة لمرحلة جديدة، تعيد تثبيت هيبة الدولة على أراضيها، بدءًا من ملف السلاح الفلسطيني، الذي طالما اعتُبر أحد أبرز وجوه السيادة المنقوصة. غير أن المشهد سرعان ما انقلب رأسًا على عقب: لا تنفيذ، لا جدول زمني، ولا حتى تواصل مع الجهات اللبنانية، فيما تحوّلت الوعود التي أُطلقت من أعلى المستويات إلى سراب، وكشفت الوقائع الميدانية أن ما بنى عليه لبنان في هذا الملف لم يكن سوى أوهامٍ معلّقة على تفاهمات هشّة وخطاب سياسي فارغ من أي مضمون تنفيذي.
انقسامات فتأجيل فتعطيل؟
في الأساس، كانت الخطة تقضي بأن تنطلق المرحلة الأولى من نزع السلاح من ثلاثة مخيمات في بيروت، حيث الطابع الرمزي للسلاح يغلب على أي وظيفة عسكرية فعلية، ما يجعل التنفيذ أسهل تقنيًا وسياسيًا. غير أن الفصائل الفلسطينية، وبعد نقاشات مع الجانب اللبناني، دفعت باتجاه تعديل الخطة للبدء من مخيمات الجنوب، وتحديدًا الرشيدية، برج الشمالي، والبص في قضاء صور، جنوب نهر الليطاني. وقد رأت السلطات اللبنانية في هذا الاقتراح خطوة جيدة وإشارة واضحة لمزيد من الالتزام بالقرار الدولي 1701، على طريق جعل جنوب الليطاني خالياً من السلاح.
مصادر سياسية مطّلعة أوضحت لـ'المدن'، أن هذا التبديل الذي اعتبر أنه يحمل أبعادًا سيادية ورمزية، ورسالة موجهة إلى المجتمع الدولي، ما لبث أن تبيّن أن خلف هذه المناورة التقنية، كانت تكمن نوايا غير جدية من قبل الفصائل الفلسطينية، التي لم تُظهر في أي مرحلة استعدادًا حقيقيًا للشروع بالتنفيذ.
مع اقتراب الموعد المحدّد للتسليم، بدأت تظهر الانقسامات داخل الفصائل أكثر فأكثر، والتي تحولت الى إداة تعطيل للخطة. الخلافات لا تقتصر على الانقسام التقليدي بين الفصائل، بل توسعت إلى صراعات داخل البيت الواحد، لاسيما ضمن حركة فتح نفسها، بين مجموعات كـ'اللينو'، دحلان، والمقدح. إضافة الى تضارب الأجندات والولاءات الإقليمية.
أما الفصائل الإسلامية، وعلى رأسها حركة حماس، فقد التزمت الصمت حيال مخيمات صور ولاسيما مخيمي البص وبرج الشمالي، رغم امتلاكها سلاحًا فيها، إلا أنها تُبقي ثقلها العسكري الرئيسي في مخيم عين الحلوة، الذي يشكّل الملف الأصعب والأخطر. وقد جرى تأجيل بحث هذا المخيم إلى مرحلة لاحقة، في حال تم تنفيذ المرحلة الأولى، وانطلاقاً منها يتم تقييم مدى نجاح الخطة وسلاستها للبناء عليها في المراحل اللاحقة.
وعود عباس تتهاوى
الزيارة الأخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، وهي الأولى له منذ العام 2017، جاءت محمّلة بوعود كبرى. ففي قصر بعبدا، وفي بيان مشترك مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أعلن عباس أن 'زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية قد انتهى'.
غير أن ما أعقب تلك التصريحات، لم يُترجم بأي خطوات عملية. فلا لوائح سلاح سُلّمت، ولا جداول مواقع أُعدّت، ولا آلية مشتركة وُضعت، ولا حتى تنسيق حصل مع الجانب اللبناني عند حلول الموعد. وحسب معلومات موثوقة، فإن ممثلي الفصائل الذين كانوا أصحاب طرح بدء التسليم في 16 حزيران، والعودة للاجتماع إلى قادة الاجهزة الامنية اللبنانية لتنسيق الخطوات بعد عيد الاضحى، غابوا عن السمع مع اقتراب لحظة الحقيقة.
مصادر حكومية كشفت لـ'المدن' أن رئاستي الجمهورية والحكومة اعتبرتا ما حصل بمثابة طعنة مباشرة بالثقة السياسية، خصوصاً أن خطة التنفيذ كانت قد انطلقت باتصالات أمنية جدية ضمّت مخابرات الجيش والأمن العام، وحظيت بدعم من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.
في مواجهة هذا الانسداد، كُشف عن نية لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عقد اجتماع تقييمي مطلع الأسبوع، لتحديد الموقف اللازم من الإخلال الفلسطيني بالاتفاق.
بالتوازي، كشفت مصادر مطلعة أن الملف سيكون حاضراً في جلسة مجلس الوزراء، وسط توجه لرفع مستوى الخطاب الرسمي، والتشديد على أن بقاء أي سلاح خارج الشرعية، فلسطينيًا كان أم غير ذلك، لم يعد مقبولًا على الإطلاق.
وفي هذا السياق، جاء الاتصال الذي أجراه عزام الأحمد، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بالسفير رامز دمشقية، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، ليزيد الأمور تعقيدًا. إذ أصدر الأحمد بيانًا زعم فيه أن الجانبين اتفقا على تأجيل تنفيذ خطة نزع سلاح المخيمات بسبب التطورات الإقليمية، وهو ما نفاه دمشقية جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن ما صدر لا يعكس حقيقة الاتصال، وأن لبنان لا يزال متمسكا بكامل ما ورد في البيان المشترك بين الرئيسين عون وعباس، خصوصًا لجهة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.
مراجعة شاملة
هكذا، ما كان يُفترض أن يكون خطوة أولى نحو تعزيز السيادة اللبنانية، انقلب إلى اختبار للصدقية الفلسطينية وإلى خيبة سياسية وأمنية. فهل تسرّع محمود عباس في إطلاق وعود لا يملك أدوات تنفيذها؟ أم أن الفصائل الفلسطينية قررت التريث بانتظار اتضاح اتجاهات المشهد الإقليمي أو غرقت في خلافاتها؟ أم أن من يمسك بورقة السلاح الفلسطيني في لبنان قرر الاحتفاظ بها إلى موعد لم يقرره بعد، ولغايات لم يحن أوان الكشف عنها؟
الأكيد أن الدولة اللبنانية باتت أمام لحظة مراجعة جدية: إما تُعيد ضبط إيقاع علاقتها بالقيادة الفلسطينية على أسس جديدة، أو تواصل دفع ثمن المراوحة والتهرب والازدواجية في القرار الفلسطيني. فمهلة الصبر الرسمية تضيق، والثقة تُستنزف، والأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت بيروت قد فتحت باب التسوية أم دخلت في نفق مواجهة جديدة من نوع مختلف.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

استهداف جنود وقنص.. عمليات مشتركة للمقاومة الفلسطينية في جنوبي قطاع غزة
استهداف جنود وقنص.. عمليات مشتركة للمقاومة الفلسطينية في جنوبي قطاع غزة

الميادين

timeمنذ 27 دقائق

  • الميادين

استهداف جنود وقنص.. عمليات مشتركة للمقاومة الفلسطينية في جنوبي قطاع غزة

أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، يوم الاثنين، أنّ مجاهديها تمكنوا بالاشتراك مع سرايا القدس من استهداف قوة إسرائيلية راجلة. وفي التفاصيل، فإنّ القوة تحصنت داخل أحد المنازل، وجرى استهدافها بقذيفة مضادة للأفراد. وأوقع المقاومون "أفراد القوة بين قتيل وجريح"، كما تمكنوا "من قنص أحد الجنود الصهاينة في المكان ذاته ببندقية الغول القسامية بمنطقة السناطي شرق بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع". وأكد مجاهدو القسام، بعد عودتهم من خطوط القتال، استهداف ناقلة جند إسرائيلية ودبابة "ميركافا" بعبوة أرضية شديدة الانفجار وعبوة العمل الفدائي شرق مدينة جباليا شمال القطاع بتاريخ 10-06-2025م. 15 حزيران 15 حزيران كذلك استهدفت كتائب القسام، دبابة "ميركافا" بعبوة شديدة الانفجار في شارع السكّة شرق مدينة جباليا شمال القطاع بتاريخ 11-06-2025م، بحسب بيانٍ نشرته. من جانبها، أعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قصفها بوابل من قذائف الهاون النظامي "عيار 60" تجمعاً لجنود وآليات الاحتلال المتوغلين في محيط بلدية القرارة شمال مدينة خان يونس. كما تمكنت من تدمير آلية عسكرية صهيونية بتفجير عبوة برميلية شديدة الانفجار، كانت مزروعة مسبقاً في محيط مسجد الهدى في منطقة حي المنارة جنوب مدينة خانيونس. وفي بيانٍ آخر، قالت السرايا، إنّ قوّاتها الخاصة أوقعت عدداً من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح خلال اشتباك معهم من مسافة قريبة شرق حي الشجاعية بمدينة غزة مساء أمس الأحد. وأمس الأحد، أقرّ "جيش" الاحتلال الإسرائيلي بمقتل جندي من لواء "كفير" خلال معارك في جنوب قطاع غزة.

من بيروت إلى طهران: تصعيد صامت وتحوّل في معادلات الردع!
من بيروت إلى طهران: تصعيد صامت وتحوّل في معادلات الردع!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 3 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

من بيروت إلى طهران: تصعيد صامت وتحوّل في معادلات الردع!

ما تعرّضت له إيران مؤخراً من ضربات مفاجئة، استهدفت قادة رفيعي المستوى ومنشآت حيوية داخل العمق الإيراني، لم يمر دون صدى في بيروت. فقد حضرت المقارنة سريعاً، لا سيما في ضوء مشاهد الاغتيالات الصامتة والتفجيرات الدقيقة، التي أعادت إلى الأذهان ما شهده لبنان خلال ما عُرف بحرب الإسناد، حيث التشابه لافت في تكتيكات الاستهداف وتفكيك البنية التحتية العسكرية، ما يعكس انتقال المواجهة إلى مستويات غير تقليدية. اللافت اليوم أن القوى المحسوبة على طهران كحزب الله، حماس، وبعض الميليشيات العراقية، تبدو في حالة إنهاك، وتبقى في مرمى النيران الإسرائيلية وإن كانت لم تُعلن بعد انخراطها المباشر في هذه الجولة من التصعيد الإيراني – الإسرائيلي، وفقا لما قالته مصادر مراقبة عبر وكالة "أخبار اليوم" فإسرائيل، بحسب هذه المصادر، لا تأخذ على محمل الجد أي إعلان حياد صادر عن "أذرع طهران"، خصوصاً بعد تجربة "وحدة الساحات" التي برزت منذ 7 تشرين الأول 2023، حين تم ربط التصعيد بين جبهات غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن. وفي هذا السياق، تحذر مصادر قريبة من حزب الله من أن غياب أي رادع دولي فعلي قد يفتح الباب أمام إسرائيل لتنفيذ اجتياح بري للبنان، خاصة مع تصاعد ثقة القيادة الإسرائيلية بعد الضربات الأخيرة في طهران. وتقول هذه المصادر: إذا تكرر سيناريو الاجتياح، فإن المقاومة ستردّ كما في السابق، فرغم تفوّق إسرائيل التقني والعسكري، إلا أن قدرات المقاومة لا تزال قائمة، وليست بالضعف الذي يُسوّق له. من جانبها، تراهن إيران على قوتها الصاروخية كعامل ردع استراتيجي. فقد عملت طهران على تطوير ترسانة صاروخية تُعد من الأقوى إقليمياً وربما عالمياً، تعويضا ًعن ضعف سلاحها الجوي. وتضم هذه الترسانة صواريخ باليستية وكروز، قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، بعضها عابر للقارات. وبحسب رواية طهران، فإن دقّة هذه الصواريخ ومرونتها الهجومية تمثل عنصر التفوق الأساسي، ليس فقط لتدمير منشآت إسرائيلية، بل لتغيير قواعد اللعبة وفرض معادلات جديدة في المنطقة. شادي هيلانة - "أخبار اليوم" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

هل تتحوّل طهران إلى ضاحية جديدة وسط بنك أهداف مفتوح؟
هل تتحوّل طهران إلى ضاحية جديدة وسط بنك أهداف مفتوح؟

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 5 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

هل تتحوّل طهران إلى ضاحية جديدة وسط بنك أهداف مفتوح؟

يقف الشرق الأوسط اليوم عند حافة تحول استراتيجي كبير، يعيد من خلاله اللاعبون الإقليميون والدوليون رسم مشهد الصراع والتحالفات. التطورات المتسارعة بعد 12 حزيران تشير إلى أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة، لم تعد فيها الخطوط الحمر قائمة، ولم يعد الردع يُمارس وفق القواعد القديمة. إسرائيل، التي كانت تلتزم نسبيًا بضوابط الرد، أعلنت فعليًا نهاية زمن الخطوط الحمر، وبدأت بفرض مفهومها الخاص للردع، سواء في غزة، أو في لبنان، أو مؤخرًا في العمق الإيراني. فبعد استهدافات مركّزة لقيادات ومراكز "حزب الله" في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، انتقل الهجوم إلى الداخل الإيراني عبر ضربات دقيقة، صامتة، وفعّالة، دون إعلان مباشر، ودون حاجة لاتفاقات أو وساطات. وفق رأي الأستاذ في العلاقات الدولية جان طعمة، فإن ما تتعرض له طهران ليس مجرد تصعيد مؤقت، بل تغيير نوعي في قواعد المواجهة. فإيران التي طالما تمسكت باستراتيجية الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة – من حزب الله إلى حماس وميليشيات العراق – تجد نفسها اليوم في موقع المواجهة المباشرة. وهذه الأذرع، بحسب طعمة، إما استُنزفت أو فقدت فعاليتها، ما دفع بطهران إلى الواجهة، لتواجه وحدها عبء المعركة. المفارقة تكمن في أن إيران، رغم ترسانتها الصاروخية الهائلة، تبدو عاجزة عن خوض مواجهة نديّة مع إسرائيل، التي تمتلك قدرة فائقة على تنفيذ ضربات دقيقة تُربك الخصم دون انخراط واسع أو مباشر. وفي وقت ترتفع فيه حدة الضربات، تتراجع قدرة طهران على الردّ، وتدخل في حالة استنزاف شبيهة بما يعيشه الحزب، انتظار دائم للضربة التالية، وحرية شبه مطلقة للعدو في اختيار توقيت المعركة وميدانها. السؤال المطروح اليوم: هل تتحول طهران إلى "ضاحية جديدة" ضمن بنك الأهداف الإسرائيلي المفتوح؟ وهل تصمد البنية المركزية لمحور الممانعة بعد تفكك أطرافه؟ المشهد الممتد من بيروت إلى بغداد يوحي بأن زمن الدفاع عن الجبهات قد انتهى، وأن المعركة باتت معركة بقاء رمزي لأنظمة، لا مجرد صراع على الأرض أو النفوذ. أما ما بعد 12 حزيران، فقد يكون بداية لانهيار تدريجي في بنية التوازنات القديمة، وانطلاقة لشرق أوسط جديد يُكتب بالدم والنار شادي هيلانة - انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store