logo
من التنظيم إلى التمكين

من التنظيم إلى التمكين

كيف يُمكن نظام بيئة قطاع الرياضة السعودية( Saudi Sports Sector Ecosystem)أن يصبح صناعة عالمية مستدامة؟
في الوقت الذي تستعد فيه المملكة العربية السعودية لاستضافة فعاليات رياضية عالمية كبرى مثل كأس آسيا 2027 وربما الألعاب الأولمبية في المستقبل، فإن الرياضة الوطنية تقف أمام منعطف حاسم يتطلب رؤية تتجاوز حدود التنظيم والبنية التحتية إلى بناء صناعة حقيقية قائمة على الابتكار والتكامل المؤسسي.
فالرياضة لم تعد مجرد نشاط اجتماعي أو وسيلة للترفيه، بل أصبحت قطاعًا اقتصاديًا واعدًا قادرًا على خلق الوظائف، وجذب الاستثمارات، وتعزيز الصورة الذهنية للدول على المستوى الدولي. ومن هذا المنطلق، يبرز 'نظام بيئة قطاع الرياضة السعودي' SSSE كأداة استراتيجية ضرورية لتحويل الرياضة في المملكة إلى صناعة مستدامة ورافد اقتصادي فعال.
هذا النموذج البيئي لا يقوم فقط على تنظيم العلاقات بين الجهات المعنية، بل يؤسس لبنية مؤسسية وتشريعية ومعلوماتية تُسهم في توجيه النمو وتحقيق الأثر طويل المدى. ولإدراك أهمية هذا التحول، يمكن النظر إلى نموذج كتالونيا في إسبانيا، الذي نجح في توظيف الرياضة كأداة اقتصادية واجتماعية، حيث أظهر إقليم كتالونيا كيف يمكن للرياضة أن تصبح محركًا للنمو من خلال ربطها بقطاعات مثل السياحة، التعليم، والبحث العلمي.
فعلى سبيل المثال، تشير دراسات حديثة إلى أن تنظيم كأس أمريكا للإبحار 2024 في برشلونة سيُحقق أثرًا اقتصاديًا يفوق 1.03 مليار يورو، ويوفر أكثر من 12,800 فرصة عمل جديدة، ويستقطب نحو 1.8 مليون زائر، منهم مئات الآلاف من المتخصصين في سياحة الفعاليات.
كما أن القيمة الإعلامية العالمية للحدث تصل إلى ما يقارب 1.3 مليار يورو، وكل ذلك نتيجة لتخطيط ممنهج يستند إلى تشريعات متقدمة مثل قانون الرياضة الكتالوني، وأدوات رقابية مثل سجل المهنيين الرياضيين ROPEC، وشراكات مؤسسية مع مراكز بحثية مثل INEFC وBarça Innovation Hub.
وفي المقابل، ورغم التقدم الملحوظ في البنية التحتية وتنظيم الفعاليات الرياضية داخل المملكة، لا تزال هناك تحديات بنيوية وهيكلية تعيق التحول الكامل إلى صناعة رياضية متكاملة.
من أبرز هذه التحديات غياب نموذج بيئي موحد يربط بين الجهات الحكومية والأندية والبلديات والشركات الخاصة، بالإضافة إلى نقص التشريعات الحديثة التي تحكم القطاع وتحدد مسؤوليات الأطراف المختلفة، وعدم وجود سجل رسمي للكوادر والمهنيين الرياضيين، فضلًا عن غياب قواعد بيانات دقيقة ومحدثة حول حجم القطاع وخصائصه، ونقص حاد في برامج الدكتوراه والمراكز البحثية المتخصصة في المجال الرياضي، وهي كلها عناصر أساسية لأي صناعة تريد أن تنمو بشكل منظم ومستدام.
ومن هنا يأتي دور SSSE باعتباره منصة وطنية تهدف إلى إعادة هيكلة القطاع بطريقة علمية ومتكاملة، من خلال بناء قاعدة بيانات وطنية شاملة للكيانات الرياضية والممارسين والكوادر، وتأسيس سجل مهني موحد يُسهم في رفع كفاءة الموارد البشرية، بالإضافة إلى تطوير إطار تشريعي مرن يستلهم أفضل الممارسات الدولية مع مراعاة الخصوصية المحلية، وإطلاق مراكز تدريب وأبحاث بالشراكة مع مؤسسات أكاديمية دولية، وتصنيف الكيانات الرياضية حسب التخصص والمستوى، بما يتيح توجيه الدعم والاستثمار بطريقة أكثر دقة وفاعلية.
ولا يقتصر أثر SSSE على الجوانب التنظيمية فقط، بل يمتد ليشكل بيئة جاذبة للاستثمار الخاص والدولي في القطاع الرياضي، إذ أن وجود هيكل تنظيمي واضح وشفاف يعطي المستثمرين الثقة ويوفر لهم إطارًا قانونيًا محكمًا يقلل من المخاطر ويزيد من فرص النجاح، ما يفتح المجال أمام مشاريع متعددة تشمل شركات تحليل بيانات الأداء، أكاديميات تطوير اللاعبين، مراكز تأهيل طبي ورياضي، حلول رقمية ذكية، ومبادرات تسويقية لفعاليات كبرى.
كما أن تحويل القطاع إلى بيئة قابلة للقياس ومبنية على مؤشرات أداء ومعلومات موثوقة سيساهم في رفع مساهمة الرياضة في الناتج المحلي، وخلق آلاف الوظائف النوعية، وتصدير الكفاءات السعودية إلى الأسواق الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ترسيخ مكانة المملكة كمركز محوري في صناعة الرياضة وتنظيم البطولات العالمية.
في النهاية، فإن ما تحتاجه المملكة اليوم ليس فقط المزيد من البطولات أو المنشآت، بل منظومة مؤسسية شاملة تُنظّم هذا النمو وتضمن استمراريته وجدواه، وتُحول الرياضة إلى مورد اقتصادي حقيقي ومصدر فخر وطني. إن SSSE ليس رفاهية إدارية أو تنظيرية، بل ضرورة استراتيجية وشرط أساسي لبناء مستقبل رياضي مستدام ومربح.
وتجربة كتالونيا تُثبت أن العائد الاقتصادي والاجتماعي للرياضة لا يتحقق صدفة، بل من خلال تشريعات واضحة، مؤسسات فاعلة، وشراكات مدروسة. والسعودية اليوم، بما تملكه من رؤية طموحة وإمكانات بشرية وموقع جغرافي فريد، تملك كل المقومات لتكون النموذج الأنجح إقليميًا وربما عالميًا في صناعة الرياضة الحديثة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اخبار الهلال السعودي : عقب اهتمام الهلال بضمه.. 'ليفربول' يحدد سعر بيع نجمه النهائي
اخبار الهلال السعودي : عقب اهتمام الهلال بضمه.. 'ليفربول' يحدد سعر بيع نجمه النهائي

حضرموت نت

timeمنذ 12 دقائق

  • حضرموت نت

اخبار الهلال السعودي : عقب اهتمام الهلال بضمه.. 'ليفربول' يحدد سعر بيع نجمه النهائي

تستمر المتابعة بشأن صفقات فريق كرة القدم بنادي الهلال، خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية. وكانت تقارير قد ذكرت بأن الإيطالي سيموني إنزاجي المدير الفني لفريق الهلال، يرغب في التعاقد مع صفقة أجنبية وحيدة في الميركاتو الحالي، بالتحديد من أجل تدعيم مركز الهجوم. وأصبح السويدي ألكسندر إيزاك مهاجم فريق نيوكاسل يونايتد وأيضًا الأوروجواياني داروين نونيز مهاجم فريق ليفربول، أهداف أساسية لفريق الهلال من أجل التعاقد مع أحدهما خلال الميركاتو الحالي. وبحسب الصحفي لويس ستيل، فإن ليفربول حدد ما بين 65 إلى 72 مليون يورو، من أجل الموافقة على بيع نونيز حال تقديم الهلال عرضًا رسميًا. ويأتي طلب التعاقد مع نونيز برغبة شخصية من المدير الفني الإيطالي سيموني إنزاجي، الذي يشرف على جميع صفقات الزعيم استعدادًا للموسم الجديد محليًا وقاريًا.

اخبار ريال مدريد : ريال مدريد يدعم فكرة مونديال الأندية كل عامين
اخبار ريال مدريد : ريال مدريد يدعم فكرة مونديال الأندية كل عامين

حضرموت نت

timeمنذ 42 دقائق

  • حضرموت نت

اخبار ريال مدريد : ريال مدريد يدعم فكرة مونديال الأندية كل عامين

هاي كورة- كشف تقرير اعلامي ان ريال مدريد و معه مجموعة من الاندية الكبيرة الاخرى من اوروبا و امريكا الجنوبية يدعم فكرة خوض مونديال الاندية كل عامين بدلا من اربعة اعوام . الاندية استغلت مشاركتها في النسخة الاولى من المونديال في الولايات المتحدة الامريكية لمناقشة الفكرة مع الاتحاد الدولي للعبة – فيفا – دون ان تصل الامور الى تقديم طلب رسمي. الغرض من اجراء كاس العالم للأندية كل عامين هو رفع المكاسب المالية التي تحققها الاندية من البطولة بعدما رصد الفيفا حوالي مليار يورو وزعها على الاندية ال32 التي شاركت في النسخة الاولى . اقامة المونديال كل اربعة اعوام يجعل قيمة الجوائز المالية المخصصة للأندية ضئيلة بمعدل حوالي 25 مليون يورو كل عام بينما كل عامين يرفعه الى اكثر من 50 مليون يورو بالنسبة للبطل و وصيفه .

«ريكورد»: بورتو أولوية أوتافيو
«ريكورد»: بورتو أولوية أوتافيو

الرياضية

timeمنذ 2 ساعات

  • الرياضية

«ريكورد»: بورتو أولوية أوتافيو

يضع البرتغالي أوتافيو مونتيرو، لاعب وسط فريق النصر الأول لكرة القدم، الانضمام مجدَّدًا إلى نادي بورتو في بلاده على قمّة أولوياته حال عودته إلى الدوريات الأوروبية، وفقًا لما ذكرته صحيفة «ريكورد» الإثنين. وتحدثت الصحيفة الرياضية البرتغالية عن مراقبة إدارة بورتو آخر تطورات مستقبل اللاعب، صاحب الـ 30 عامًا، في انتظار ما ستسفر عنه مناقشاته مع النصر. واستبعد النادي السعودي أوتافيو من بعثة الفريق التي وصلت إلى النمسا الأحد لخوض معسكر إعدادي، تتخلّله مباريات تجريبية، قبل انطلاق الموسم الجديد. وبقِيَ البرتغالي في الرياض، للتدرّب بمفرده حفاظًا لياقته البدنية، فيما أكَّد وكيله برونو سوسا، في تصريحٍ لـ «الرياضية» نشرته الأحد، أن على النادي سداد المقابل المادي للموسم الباقي من عقد موكّله إذا رغَب في إنهاء العلاقة بينهما. ومن المفترض أن يتقاضى أوتافيو، الذي انضم إلى الفريق قادمًا من بورتو قبل موسمين، 15 مليون يورو عن الموسم الثالث والأخير. وصرّح سوسا: «إذا دفع النصر مستحقاته عن الفترة المتبقية من العقد، عندها فقط بإمكانهم فسخه، ومن ثَم نتحدث عن انتقال اللاعب إلى ناد جديد». ودفع النصر نحو 60 مليون يورو لشراء عقد أوتافيو، الذي تصاعد راتبه السنوي من 13 مليون يورو إلى 14 عن الموسم الثاني، وصولًا إلى 15 عن الثالث. وبقميص بورتو، لعِب متوسط الميدان النصراوي 283 مباراة، في سبعة مواسم ونصف الموسم، محرزًا 31 هدفًا وصانعًا 74 ومسهمًا في تتويج «تنانين البرتغال» بـ 9 ألقاب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store