
إلى أين يأخذك الطريق؟
يقول "رالف والدو إيرسون": هدف الحياة ليس أن تكون سعيدًا، بل أن تكون مفيدًا، أن تكون محترمًا، أن تكون متعاطفًا، أن تعيشها في إحداث بعض الفرق الذي يدل على أنك قد عشت، وعشت جيدًا..
خلق الله الإنسان لغاية.. امتلاك غاية لحياتنا، ووجود أهداف ذات مغزى لكل يوم، يُعطينا سببًا لمواصلة التقدم نحو الأمام.
تُعرَّف الغاية بأنها كل ما يمكن أن نعتبره مبدأً ساميًا عامًّا بعيد المدى، وفي الغاية تحدد النوعية، ويمكن الوصول لدرجات منها وليس كلها. ويُعرَّف الهدف بأنه إجراء ملموس قابل للقياس، يحدد كمية، متغيّر، ويمكن تحقيقه كاملًا .
فالغاية بحسب هذا التعريف هي الدافع والمحرك الأول لأي إنسان، أي إنها بمثابة المهمة الكبرى أو الرؤية التي من خلالها سيضع الإنسان أهدافه الخاصة، ويسعى إلى تحقيقها، والأهداف من ناحية أُخرى هي الخطوات التي تقطعها على مدى الطريق.
يمتاز المسلمون بقوة الغايات؛ فالذي وضع هذه الغايات هو الله -عز وجل- خالق هذا الإنسان، وبهذا تصبح الغاية هي المقصد النهائي للمسلم في حياته، فكل أهدافه وآماله ومشاعره تتجه نحو تحقيق هذه الغاية، وهي مرضاة الله سبحانه وتعالى.
عندما تتوافق أهدافك اليومية مع غاية واضحة المعالم، ستتمتع براحة البال والشعور الرائع بأنك على قيد الحياة. وبمجرد أن تعرف هدف حياتك، يمكنك أن ترتب جميع أنشطتك بحيث تدور في فلكه.. وينبغي أن يكون كل شيء تفعله معبرًا عن هدفك.
من الأسباب الرئيسية التي تفسر عدم حصول معظم الناس على ما يريدونه أنهم لم يحددوا ما يريدون، لم يحددوا رغباتهم بتفصيل واضح دقيق.. أن تدع الحياة تحدث فحسب، منتظرًا أن تقرر الصدفة أين ينتهي بك الحال، وإلى أين يأخذك الطريق، هذا ليس السبيل للشعور بالسعادة والثقة. في إمكاننا دائمًا اختيار الاتجاه الذي نسير فيه.. بلا غاية، نحن ضائعون ونسير بلا وجهة.
عملية الوصول من المكان الذي أنت فيه إلى المكان الذي تريد أن تذهب إليه شبيهة باستخدام تقنية نظام تحديد المواقع العالمي؛ فلكي يعمل النظام يحتاج أن يعرف مكانك الآن، والمكان الذي تود أن تذهب إليه.. وهذا ما يحدث في الحياة، كل ما عليك فعله هو أن تقرر إلى أين تود أن تذهب بجعل رؤيتك واضحة، ثم تحديد وجهتك.
توفر الغاية رؤية واسعة وشاملة لما يُراد تحقيقه، أو النتيجة المرجوة التي تهدف إليها.. غالبًا ما تكون طويلة المدى، ويمكن أن تشمل مجموعة من المجالات في الحياة الشخصية أو المهنية؛ بينما الأهداف محددة وقابلة للقياس، وتساعد على تتبع التقدم نحو الغايات. تقوم الأهداف بتقسيم الغاية إلى خطوات أصغر قابلة للتنفيذ، تسهل إدارتها وتقييمها.
كلنا نحتاج إلى الإحساس بالغاية، وكلنا نريد لحياتنا أن تكون ذات مغزى، ومن القواعد الثابتة أنّ حس الغاية ضروري للصحة النفسية.. لكل منا غايته التي تختلف عن غايات الآخرين، وتعتمد على آفاقنا ومواهبنا وقدراتنا واهتماماتنا.
امتلاك غاية في الحياة مهم جدًّا، لأن ذلك ما يعطي حياتنا مغزى، وحين نمتلك أهدافًا ونعمل على تحقيقها تصبح حياتنا أكثر ثراءً، ونشعر بالرضا عن أنفسنا.
إذا كنت تريد إحداث فرق، وعيش حياة ذات معنى، يجب أن تكتشف غايتك! تحتاج إلى البدء بالتفكير في هدفك.. إذا كنت تعرف غايتك وتركز على الذهاب إلى هناك بتصميم شديد، هذا يجعل الطريق أكثر وضوحًا (بمجرد أن تجد غايتك تتمكن من العثور على طريقك).. الخطوة الأولى الضرورية للحصول على الأشياء التي تُريدها في هذه الحياة هي تحديد ما تريد.
عندما تستعد لتدوين أهدافك المستقبلية، اسأل نفسك: "ما المهم لي بالفعل؟ ما الهدف من فعل ذلك؟ ما الذي أنا على استعداد للتخلي عنه لتحقيق ذلك؟". عملية التفكير هذه ستزيد من حالة الوضوح بالنسبة لك.. رسمك لأهدافك سيعطيك الدفعة والطاقة لتستيقظ في الصباح، حتى في تلك الأيام التي لا ترغب فيها بمغادرة سريرك!
"السر في التقدم هو البدء، والسر في البدء هو تقسيم مهامك المعقدة والمربكة إلى مهام أصغر يسهل التعامل معها، ومن ثم البدء بأولها".
الأهداف هي وسيلة لتحقيق غاية، وليست الغرض النهائي من حياتنا؛ فهي -ببساطة- وسيلة لتركيز بؤرة انتباهنا، ولتحريكنا في اتجاه معين. فتحقيق الأهداف في حدّ ذاته لن يجعلنا سعداء على المدى لطويل
قواعد رئيسية تساعدك في تنفيذ أهدافك:
المبدأ الرئيسي من مبادئ تحقيق الأهداف هو أن تمضي في سبيلك إلى أبعد نقطة يستطيع بصرك رؤيتها، وأنك عندما تصل إلى هذه النقطة ستكون قادرًا على رؤية ما وراءها.
الرغبة: الرغبة في الوصول إلى هدفٍ ما، أو تحقيق الحلم، تعتبر أول خطوات تحقيق الأهداف، وأكثرها أهمية.
دوِّن أهدافك: تساعد كتابة الأهداف على بلورة الأشياء التي تريد تحقيقها، كما تساعد على تثبيتها في العقل.
تحديد الهدف: قرارك لما تريد إنجازه، والسبب، بالإضافة لوضع أكبر قدر ممكن من التفاصيل، واحدة من أهم خطوات تحقيق الأهداف بدقة ووضوح.
وضع خطة: لا يكفي تحديد الهدف للوصول إليه، بل يجب وضع خطة لتحديد الطرق والإستراتيجيات التي تُوصل إليه، والتفكير في جميع التفاصيل المتعلقة به، أو العوائق التي ستتم مواجهتها.
تحفيز النفس: يجب على المرء تحفيز نفسه للوصول إلى أهدافه، وذلك من خلال تصوّر ذهني بتحقق هذا الهدف، وخلق صور ملهمة.
التنفيذ: بعد تحديد الأهداف ووضع الخطط والإستراتيجيات لها، يجب البدء بالعمل والتنفيذ لما تم التخطيط له.
وأخيرًا.. الأهداف هي وسيلة لتحقيق غاية، وليست الغرض النهائي من حياتنا؛ فهي -ببساطة- وسيلة لتركيز بؤرة انتباهنا، ولتحريكنا في اتجاه معين. فتحقيق الأهداف في حدّ ذاته لن يجعلنا سعداء على المدى لطويل.. إنّ ما تصبح عليه بعد أن تتخطى العوائق التي تقف في وجه تحقيق أهدافك هو ما يمكن أن يعطيك أعمق وأطول إحساس بالإنجاز.
سوف تكتشف بينما تضع أهدافك وتفتح عقلك أن العالم سيفتح أمامك أبواب كنوزه ومكافآته. "للأفعال صوت أعلى من الأقوال، وسوف تبهر نفسك والآخرين".. بمجرد أنّ يتضح لك ما تُريده، وتبقي ذهنك مُركزًا باستمرار على هدفك، ستكتشف كيفية تحقيق الهدف تدريجيًّا؛ فـ"أيّ شيء يمكن أن يتصوره العقل ويؤمن به، يمكن أن يتحقق".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 13 ساعات
- الجزيرة
قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلسفة والفكر الإسلامي
إذا ما تأملت في أنواع الشخصيات من حولك فستجد عجبا عجابا من تنوع خلق الله واختلاف النفوس البشرية، ولعلك تهتدي إلى معان غابت عنك من قبل حين تقرأ قوله تعالى ﴿وفي أنفسكم أفلا تبصرون﴾ (الذاريات: 21). وجاء في التفسير الميسر لهذه الآية "وفي خلق أنفسكم دلائل على قدرة الله تعالى، وعبر تدلكم على وحدانية خالقكم، وأنه لا إله لكم يستحق العبادة سواه، أغفلتم عنها، فلا تبصرون ذلك فتعتبرون به؟". ويقصد بذلك عجائب صنع الله في الخلق مادة وبنية ونفسا ومعنى، وقد قال السيوطي في تفسيره لهذه الآية في تفسير الجلالين "وفي أنفسكم آيات أيضا من مبدأ خلقكم إلى منتهاه، وما في تركيب خلقكم من العجائب، أفلا تبصرون ذلك فتستدلون به على صانعه وقدرته؟". وجاء في تفسير البغوي أن ابن عطاء قال عن ابن عباس شارحا مفسرا المعنى المراد منها "يريد اختلاف الألسنة والصور والألوان والطبائع"، وقس عليها مثيلاتها من الآيات التي تدعو إلى التفكر في النفس وخلق الله وإبداعه في تكوينها، وحكمته في اختلافها وتباينها. ولعلك تدرك الغاية من تكرار الأمر الإلهي بالتفكر في أنفسنا، وما يشمل ذلك من التفكر بها وبخفاياها وأسرارها. لا بد وأنت تنظر في نفسك وفي من حولك أن تجد إحدى الشخصيات التي توصف بالمضحية، وقد تكونها أنت، فكيف نظر الإسلام إلى التضحية؟ وكيف عرّفها الفلاسفة؟ نظرة الإسلام إلى التضحية وموقفه منها إذا ما ربطنا بين مفهومي التضحية والإيثار فإن الإسلام قد حض عليهما بوصفهما أساسين متينين لا بد من غرسهما في الفرد المسلم والتركيز عليهما، لأنهما من أهم أركان قيام عماد المجتمع الإسلامي والحفاظ على بنية الدولة الإسلامية. والمجتمع الإسلامي الأول مليء بصور التضحية والإيثار، ليس أولها ما فعله الأنصار مع إخوانهم من المهاجرين من التشاركية والبذل والإكرام باقتسام كل ما يملكون فيما بينهم، فكان ذلك المجتمع القدوة والنموذج الأول الذي ينبغي أن يحتذى في حياة المسلمين جماعات وأفرادا. على أن مفهوم التضحية لا يفرض على المرء المسلم ما لا يطيقه من أعباء نفسية أو مادية، بل بحسب قدراته وإمكانياته، وهذه الفكرة هي مربط الفرس في تحرير مفهوم التضحية في الإسلام، إذ دارت بشأنها نقاشات كثيرة، وربطها بعض المسلمين بجهاد النفس والتضحية بما يشق على النفس طمعا في الثواب الأعظم. وتعد التضحية بالنفس والمال في الإسلام من أعظم صور الطاعة والإذعان والتسليم لله تشوقا وتشوفا للشهادة في سبيل الله، وحبا وطاعة ورغبة في الفوز بالجنان ومجاورة الأنبياء والصديقين. ويشمل مفهوم التضحية الفرد والجماعة، ويختلف بحسب حاجة الموقف وقدرة الأفراد واستيعاب المجتمعات، فقد تكون التضحية بالوقت مثلا، على أن أهميتها التضحية تتباين بحسب الحاجة واختيار الوقت والنوع المناسب، فلا تعتمد على تقدير الفرد وحده حين تهدف إلى خدمة المجتمع بأكمله. فمن منا لم يسمع بتضحيات الصحابة في الركب الأول حين جاء أحدهم -وهو الغني المقتدر ماليا- بماله كله حين احتاج المسلمون إلى المال، وآخر اشترى للمسلمين بئرا ليرتووا منها حين عز الماء، وآخر جهز جيشا كاملا من ماله حبا وكرامة وتشوفا لما وعدهم الله به في كتابه العزيز كقوله تعالى في سورة (الرعد: 22) ﴿والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار﴾. وقوله تعالى في سورة الحديد ﴿إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور﴾، وغير ذلك كثير من قصص التضحية التي يسطر كل واحد منها حكاية اليقين في قلب المسلم الحق. ناهيك عما دعا إليه الإسلام من إيثار وسعي في حاجات المسلمين جميعا، وقد يندرج قوله صلى الله عليه وسلم "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" ضمن الإطار نفسه. فأن تعين أخاك المسلم يعني أن تبذل من نفسك ووقتك وربما من مالك وصحتك، وبين البذل والتضحية شعرة رقيقة، سواء في الفعل والتطبيق، أو في الحديث عن الفعل نفسه وذكره فيما بعد. مفهوم التضحية لدى الفلاسفة ذهب الكاتب الأميركي نابليون هيل إلى أن "الإنجاز العظيم وليد تضحية عظيمة، ولا يمكن له أن يكون وليد أنانية قبيحة"، أما الكاتب والروائي الفرنسي بلزاك فيقول "الحب والتضحية والألم من سمات النساء"، ويتفق معه الكاتب عباس محمود العقاد حين يقول "المرأة أقرب من الرجل إلى التضحية في وظائفها النوعية، لأنها تستمد تضحيتها من غرائز الأمومة، وتموت في سبيل الذرية، كما تموت بعض إناث الحيوان"، فهل ترانا نتفق معه؟ يشير مفهوم التضحية فلسفيا إلى الترك والتخلي عن شيء مهم لدى الإنسان من أجل شيء أهم، قد يكون مبدأ أو معتقدا أو إنسانا. وتعد التضحية فعلا يثبت التزام المرء وإخلاصه بالهدف الذي تخلى عن شيء مهم لأجله، ولا سيما أن فكرة الترك والتخلي تسبب آلاما كثيرة ومتنوعة قد تكون جسدية أو نفسية أو كليهما معا، فالتخلي قد يعني الخسارة وقد يعني الحرمان. وينظر إلى التضحية غالبا على أنها فعل نبيل شريف لا يقوى عليه أي إنسان، فتغليب شيء على شيء -وكلاهما عظيم لدى النفس- يحتاج إلى قوة نفسية عالية وانضباط ذاتي صارم، ولا يعد الفعل تضحية بدون هذه الصراعات النفسية التي تتراوح شدتها وفقا للشخص وهدفه النبيل الذي يضحي من أجله. يختلط مفهوم التضحية لدى عموم المفكرين بفكرة التكفير عن الذنوب والتطهير النفسي كما هو الحال لدى البوذيين، ويختلط المفهوم لدى بعض الفلاسفة والمفكرين ذوي الصبغة الإسلامية بمفهوم تربية النفس وتهذيبها وجهادها، انطلاقا من صعوبة التضحيات من جهة وشدة وقعها على النفس البشرية، إذ تقوم في كثير من الأحيان على مخالفة هوى النفس وراحتها وما يسرها. لكن لدى بعض المفكرين والمعنيين بأنواع الشخصيات وبرمجتها وجهة نظر مختلفة، إذ يذهب بعضهم إلى أن تفاوت الأمر بين الناس أمر طبيعي، فقد تلتقي التضحية بوصفها فكرة مع جهاد النفس أحيانا وقد تفترقان، فما يصعب عليك فعله قد يحلو لغيرك القيام به، وما يشق على نفسك قد يكون له وقع لطيف أو عذب لدى غيرك. وقد يلتبس معنى التضحية وشكلها بمعان أخرى، كأن تصبح واجبا! نعم، لا تستغرب. يقول الكاتب عبد الكريم بكار "بشيء من التضحية وشيء من التخلي عن حظوظ النفس يمكن للمرء أن يكون سندا لشخص واحد على الأقل". وفي الحقيقة، يضحي بعض الناس في سبيل إرضاء الآخرين من أولاد وأهل وأصدقاء بأوقاتهم وصحتهم وأموالهم، لكن هؤلاء الآخرين لا يرون ذلك تضحية بل واجبا أو سلوكا طبيعيا في سياقه. والأنكى من ذلك أن يروا أنه استحقاق لهم ينالونه، وعيون الشخصية المضحية تنظر ببأس ويأس وتردد في نفسها "لا حمدا ولا شكورا". ما بين الشهادة والتضحية اعتدنا عند سماع نشرات الأخبار أن يطرق لفظ "الضحية" و"الضحايا" أسماعنا، ولا سيما عند ذكر الحوادث ومجريات الحروب القائمة التي لا تنتهي. وتختلف وسائل الإعلام في توصيفاتها، فنسمع أحيانا لفظ "الشهداء" وأحيانا لفظ "القتلى"، كل بحسب توجهاته ومراميه، وما يعنينا هنا هو النظر في لفظ "الضحية"، إذ يعني المجني عليه والبريء الذي يموت ظلما، وما يبذل أو يضحى به في سبيل غاية ما، والجمع "ضحايا". أما الأُضحية والأُضحِيّة فهي ما يذبح من الأنعام أيام النحر تقربا لله عز وجل وإقامة للسنة، وجمعها "أضاح" و"أضحيات"، ولها بعدان مختلفان، أحدهما سماوي مرتبط بالعبودية لله وحده، والآخر أرضي مجتمعي متعلق بالإحسان إلى الناس. أما الفرق بين استعمال "القتيل" و"الضحية" في خبر ما فيعكس لنا مدى تعاطف الجهة الإخبارية مع هذا المجني عليه، فالقتيل قد يكون ضحية يستحق التعاطف معه، وقد يكون مجرما نال ما يستحقه، وقد يكون الموقف منه حياديا، أما حين يقال "الضحية" فهذا إعلان واضح وإخبار صريح بالتعاطف معه وعده في صفوف المظلومين. ولا يخفى على القارئ ما تحمله كلمة "الشهيد" إن استعملت في التعبير عن الضحايا، وما تكسبه للمعنى من جلال وهيبة وتقدير، فالشهادة في سبيل الله مفهوم خاص لدى المسلمين يعني أولئك الذين قتلوا في سبيل الله، وكذلك من قتل في سبيل الوطن أو الواجب، وأصل التسمية أنه يوم القيامة سيكون شاهدا على كل من ظلمه. وبالنظر إلى لفظ "الأضحية" -وهو من المصطلحات الإسلامية- نجد أنه مصطلح خاص يعني ذبح الأنعام وتوزيع لحومها تقربا إلى الله، وهو بعيد كل البعد عن معنى الضحية التي تقتل أو تذبح ظلما، بل على العكس تماما، إذ اكتسب هذا المصطلح معاني عميقة تدل على البذل المادي في سبيل إرضاء الله وإسعاد الناس والتوسيع عليهم. تقوم الشهادة في سبيل الله على مفهوم التضحية بالنفس، وهل لدى الإنسان أغلى من روحه ليقدمها في سبيل دينه ومعتقده؟ نعم.. ربما هناك ما هو أغلى، فالتضحية بحد ذاتها مفهوم واسع، وقد يتفاوت الناس في قدرتهم على البذل فيه، فالتضحية بالمال قد تكون أسهل من التضحية بالوقت لدى بعض الناس، وبعضهم يضحون بأنفسهم في سبيل المال، ومثل ذلك التضحية بالأهل والولد والأحباب، وهنا يكمن سر آخر من أسرار اختلاف البشر وتفاوتهم وتباينهم في سلم الأولويات، وإن كانوا ذوي عقيدة واحدة. ولا بد من التمييز بين الشهادة المقصودة بذاتها التي يبذل المرء فيها نفسه راضيا مطمئنا مؤملا بثواب الشهادة في سبيل الله وخلودا في جنات الفردوس وبين الشهادة التي يحصل عليها المرء قضاء مكتوبا في سجل قدرهن فمن الأحاديث النبوية التي جاءت باتفاق في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال عن رسول الله ﷺ "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله". ومناط التمييز بين حالتي الشهادة هنا هو القرار والعزم والإقدام، وهذا هو أساس التضحية، وبدونه لا تعد الشهادة بذلا وتضحية في سبيل الله، فالمجاهد الذي يدفع بنفسه إلى ميادين القتال وهو يعلم أنه قد يفقد حياته أو قد يتأذى، كان قد وعد نفسه قبل ذلك بما ينتظره في آخرته إيمانا وتصديقا لوعد الله تعالى للمجاهدين الذين يستشهدون في سبيله في سورة آل عمران ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون* يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين﴾. وتختلط الحكايات وتتشابك الخيوط عند اختلاف وجهات النظر تجاه بذل الشاب المجاهد وتضحيته بنفسه في سبيل الله، إذ ينظر آخرون ممن لا ينتمون للعقيدة نفسها ولا يحملون أفكارها -بل يحاربونها بجهل أو بعلم- إلى فعل هؤلاء الشباب على أنه انتحار. هؤلاء أنفسهم ممن لا يحملون الفكر الإسلامي يرون الأمر إرهابا وانتحارا، ولا يعنيهم ما يعنيه الانتحار للشباب المجاهدين، وكيف يهربون منه فزعا وإيمانا بأنه من الكبائر التي نهي عنها في عقيدتهم ﴿ولا تقتلوا أنفسكم﴾. لا بد لكل منا من وقفة خاصة يقفها مع نفسه ليسألها عن معنى التضحية وتجلياتها في حياته، وهل يقتضي الإخلاص في العمل التضحية بما تتوق إليه النفس؟ وهل نحن من الهلكى أم من المخلصين الذين جاء وصفهم في قول أبي حامد الغزالي "كلكم هلكى إلا العالمون، والعالمون هلكى إلا العاملون، والعاملون هلكى إلا المخلصون".


جريدة الوطن
منذ 3 أيام
- جريدة الوطن
«قطر الخيرية» تسعد مئات الآلاف بإفريقيا
بدعم كريم من المتبرعين من أهل الخير في قطر، وضمن جهودها المستمرة لدعم المحتاجين والأسر المتعففة، أدخلت قطر الخيرية الفرحة على قلوب مئات الآلاف من المسلمين في العيد بتنفيذ مشروع الأضاحي في نحو 40 دولة حول العالم، وذلك مواصلة لحملتها الموسمية لشهر ذي الحجة 1446هـ - 2025م تحت شعار «أعظم الأيام». السودان في السودان، وزَّعت الفرق الميدانية لقطر الخيرية لحوم الأضاحي على آلاف المستفيدين من الأسر المتعففة والمتضررة من الحرب، حيث غطت قطر الخيرية بتبرع كريم من أهل الخير في قطر كل أحياء بلدية القضارف، شرقي السودان، وعددها (160) وتم توزيع لحوم الأضاحي بمحليات القضارف، الفاو، والبطانة. وقال والي ولاية القضارف، الفريق محمد أحمد حسن، إنه يتقدم باسم كل مواطني ولاية القضارف بالشكر الجزيل لقطر الخيرية على ما قدمته من أضاحٍ للأسر الفقيرة والمساكين والأرامل والأيتام بالولاية، سائلاً الله أن يتقبل منهم ويجزي المانحين والمتبرعين عنهم خير الجزاء. وأضاف: «إن مواقف دولة قطر ظلت مُشرِّفة وأياديها البيضاء ظلت ممدودة لكل الشعب السوداني وجزاهم الله عنا كل خير». إلى ذلك أعرب عدد من المستفيدين من مشروع الأضاحي بالسودان عن تقديرهم لأهل الخير في قطر الذين تبرعوا لهم بالأضاحي هذا العام، وأشار المستفيد، إبراهيم إدريس عبد الله، من منطقة أركويت، إلى الأثر الطيب لتنفيذ مشروع لحوم الأَضاحي على الفقراء والمساكين والأرامل وأصحاب الدخل المحدود. وأضاف المستفيد، آدم محمد عثمان، من حي الوحدة بالقضارف، أنهم تسلَّموا أضاحيَ قطر الخيرية. غانا وفي غرب إفريقيا، شهدت غانا تنفيذ مشروع الأَضاحي الذي أدخل الفرحة على 17.640 أسرة بواقع 105.840 مستفيدا من أسر الأيتام والمكفولين والطلبة الجامعيين ودُور ذوي الهمم والمسنين ومراكز تحفيظ القرآن والمجتمعات المهمشة. ووزعت فرق قطر الخيرية 1.176 أضحية بواقع 168 بقرة في أقاليم الشمال، الوسط، أسانتي، وأكرا وضواحيها، وذلك وسط فرحة غامرة وتقدير كبير من المستفيدين الذين تحدثوا عن الأثر الطيِّب لتوزيع الأَضاحي، وشكروا المتبرعين من أهل الخير في قطر الذين أدخلوا عليهم الفرحة والسرور. وقال إسماعيل سعيد، الرئيس التنفيذي لبلدية كبا في المنطقة الوسطى بغانا، إن تنفيذ قطر الخيرية لمشروع الأضاحي ساعدهم كثيراً في إحداث أجواء من الفرحة بالمنطقة حيث غطى المشروع الأيتام والأرامل، وشهدت قرية السلام والمحبة، التي أنشأتها قطر الخيرية، توزيع الأَضاحي وسط أجواء رائعة أشاعت أجواءً من الفرحة خاصة وسط الأيتام وأسرهم. كوت ديفوار ومواصلة لدعمها للمحتاجين في العيد بالعديد من دول العالم، شهدت مدينة أبيدجان بـ كوت ديفوار، تنفيذ فريق قطر الخيرية لمشروع الأضاحي الذي أدخل فرحة عظيمة في «أعظم الأيام» على الأسر المتعففة هناك التي أعربت عن سعادتها بالتخفيف عن معاناتهم وتوفير الأضاحي لهم ولأطفالهم، بعد أن تعذَّر عليهم شراء الأَضحية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها. وقالت توري ماريام، رئيس جمعية الأرامل والنساء المحرومات في أدجامي، إنها وأخواتها الأرامل يتقدمْن بالشكر لقطر الخيرية وأهل الخير في قطر الذين وفروا لهم لحم الأضحية في يوم العيد، وأضافت أنهن لم يكن يتوقعن أبداً أن يحصلن على لحوم الأضاحي بعد وفاة أزواجهن الذين كانوا يوفرون لهن الأَضاحي، ولكن قطر الخيرية والمتبرعين الأكارم في قطر أدخلوا عليهن وعلى أطفالهن الفرحة بالأضحية وكأن أزواجهن ما زالوا موجودين.


جريدة الوطن
منذ 3 أيام
- جريدة الوطن
«الأوقاف» تفتتح مسجد سلطان المعاضيد
افتتحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ممثلة بإدارة المساجد مسجد سلطان بن علي العلي المعاضيد في مدينة الخور، والذي يقع على مساحة أرض واسعة تبلغ «5676» متراً مربعاً، ويلحق بالمسجد بيتا إمام. يأتي افتتاح المسجد الجديد الذي أوقفه علي بن سلطان بن علي العلي المعاضيد - جزاه الله خيراً-، ليكون منارة للعبادة، وبيتاً من بيوت الله العامرة بالصلاة والذكر والقرآن، في إطار خطة الوزارة الرامية إلى التوسع في أعداد المساجد وتطويرها في جميع مناطق الدولة، ولمواكبة النمو العمراني والزيادة السكانية، تماشياً مع الرؤية الوطنية للبلاد 2030. إن ما قام به الواقف الكريم من هذا العمل المبارك يُعد من أعظم القُربات، فهو صدقة جارية تفيض أجراً وثواباً لا ينقطع، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبّل هذا الوقف المبارك، وأن يجعله ذخراً له في ميزان حسناته. ويضم المسجد الجديد وهو مسجد جامع ورقمه (م. س 1432) قاعة رئيسية للصلاة تتسع لعدد 950 مصلياً، بالإضافة إلى قاعة للنساء تتسع لـ 100 مصلية. يشتمل المسجد على متوضأ متسع بالإضافة إلى عددٍ كبير من المواقف العامة للسيارات، خُصص عددٌ منها لخدمة ذوي الإعاقة مع تنظيم المداخل والمخارج، كما يعلو المسجد مئذنة مرتفعة. وتختص إدارة الشؤون الهندسية بالوزارة بتوفير احتياجات المناطق في الدولة من المساجد والمصليات، وتزويد المناطق بالمساجد المؤقتة والإشراف على حفظها، وإعداد الخطة السنوية لصيانة المساجد ومساكن الأئمة، بالتنسيق مع الجهات المختصة، والإشراف على إعداد وتنفيذ أعمال الإنشاء والصيانة للمساجد، والإشراف على مشاريع تشييد المساجد ومساكن الأئمة المملوكة للوقف من حيث التصاميم والمواصفات الفنية والهندسية والتنفيذ، وإعداد قاعدة بيانات عن المساجد والمصليات والعاملين فيها. ويتيح موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على شبكة الإنترنت خاصية البحث عن مواقع المساجد جغرافياً وفق نظام الملاحة العالمي من خلال خرائط دقيقة ومحددة تسهّل الوصول إلى مواقع المساجد بجميع المدن داخل الدولة.