logo
"ذا ناشونال إنترست": هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب تايوان مع الصين؟

"ذا ناشونال إنترست": هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب تايوان مع الصين؟

الميادينمنذ 5 ساعات

مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركية تنشر مقالاً يناقش تعقيدات الموقف الأميركي تجاه احتمال اندلاع حرب بين الصين وتايوان، ومدى قانونية واستراتيجية تدخّل الولايات المتحدة عسكرياً للدفاع عن تايوان. ويمكن تلخيص النقاش ضمن الآتي:
أخيراً، تأخذ تايوان شؤونها الدفاعية بجدّية متزايدة، ظهرت برفع ميزانيتها الدفاعية لشراء معدّات وقدرات عسكرية جديدة متضمّنَة الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادّة للسفن، وأضافت عاماً واحداً على مدّة التجنيد الإجباري. كما تنتقل تايوان من التركيز القديم على السلاح الثقيل وأساليب الحرب الكلاسيكية، إلى استراتيجيات دفاعية أكثر تنوّعاً وتعقيداً.
تبقى مراقبة ما إذا كانت الخطط الموضوعة ستنفّذ في الوقت الملائم، إذ يخشى المحلّلون العسكريون من أن تغزو الصين تايوان بحلول عام 2027، بينما تأمل وتتوقّع في حال اندلعت الحرب أن تدخلها الولايات المتحدة إلى جانبها. في وقت تشير فيه التقديرات العسكرية إلى أنّ القتال سيكون باهظ الثمن، ويؤدّي إلى خسائر فادحة قد تفضي بدورها إلى احتمال المواجهة النووية.
لكن، السؤال الأهمّ هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان أم لا، في وقت ينصح فيه الخبراء واشنطن في القيام بذلك، من ضمن حالة الطوارئ التي تتدرّب عليها القيادة العسكرية الأميركية "إندوباكوم" في الهند وباكستان، استجابة لمتطلّبات العلاقات الأميركية مع تايوان، التي تفرض مثل هذه التخطيط.
وكان الرئيس الأميركيّ السابق جو بايدن قد صرّح في عدّة مناسبات أنّ الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة إذا هاجمتها الصين. وبموجب المادّة الثانية من القسم الـ2 من الدستور الأميركي، رئيس البلاد يتمتّع بسلطة القائد الأعلى للقوّات المسلّحة لإصدار أمر باستخدام القوّة العسكرية ردّاً على أيّ هجوم إن أراد.
ومع ذلك، فإنّ هذه السلطة التنفيذية غير كافية لمنح الرئيس قيادة أحادية الجانب لإعلان تحالف دفاعي عن تايوان من دون مزيد من مشاركة الكونغرس كما هو مطلوب ليس فقط بموجب الدستور، ولكن أيضاً بموجب قانون صلاحيات الحرب.
أيضاً، ليست هناك معاهدة عسكرية للولايات المتحدة مع تايوان، ولا قانون العلاقات ولا أيّ قانون اتّحادي يلزمها الدفاع عنها. كما أنّ قانون العلاقات التايوانية فقط يذهب إلى حدّ إلزام الولايات المتّحدة "الحفاظ على قدرة مقاومة" أي استخدام للقوّة ضدها أو تعرّضها للإكراه الذي من شأنه أن يعرّض أمن شعب تايوان أو نظامه الاجتماعي أو الاقتصادي للخطر.
كما أنّ الكونغرس لم يصدر أبداً أيّ قرار أو قانون يدعو إلى الدفاع عن تايوان. كذلك تظهر استطلاعات الرأي مراراً وتكراراً أنّ الأغلبية الأميركية لا تدعم القتال من أجل تايوان، وتفضّل بدلاً من ذلك الوضع الراهن الغامض.
ومع ذلك، لا تزال واشنطن وبكين عالقتين في انجراف خطير نحو الحرب، التي يمكن للولايات المتحدة أن تنزلق نحوها، في عدّة سيناريوهات محتملة. مثل دوريات السفن الحربية والطائرات الأميركية المنتظمة في المياه القريبة من تايوان، التي قد تسبّب نشوب صراع كبير مع القوّات البحرية الصينية فجأة. وقد كتب الأدميرال جيمس ستافريديس القائد الأعلى السابق لحلف "الناتو" مع الروائي إليوت أكرمان رواية مثيرة، توقّعا فيها كيف يمكن لحادث بحري واحد في بحر الصين الجنوبي أن يتطوّر إلى تبادل إطلاق نار نووي بين القوّتين العظميين، وبالتّالي إلى حرب عالمية ثالثة. 22 أيار 14:13
22 أيار 11:48
وفي حال فرضت الصين حصاراً على تايوان، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها بسهولة في مواجهة معها، إذا أمر الرئيس البحرية الأميركية بمرافقة السفن التجارية العابرة بين خطوط البحرية العسكرية الصينية.
الوضع الذي تواجهه واشنطن في تايوان غير مسبوق. وعلى عكس جميع صراعاتها العسكرية السابقة منذ الحرب العالمية الثانية. وإذا اندلعت الحرب فالولايات المتحدة ستواجه قوّة نووية والقتال عن بلد ليس لها التزام دفاعي معه، بينما حين خاضت الولايات المتحدة حرباً في كوريا عام 1950، فعلت ذلك وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وخاضت حرب فيتنام بموجب قرار "خليج تونكين" الذي أصدره الكونغرس الأميركي آنذاك.
كما ولجت الولايات المتحدة إلى "حرب الخليج" في عام 1990 بموجب قانون أقرّه الكونغرس يفوّض الرئيس استخدام القوّة العسكرية. كما أنّ حملة القصف الجوي في البوسنة وكوسوفو جرت تحت مظلة قرارات الأمم المتحدة. وبعد 11 أيلول/سبتمبر 2001، سمح قانون الكونغرس بالتدخّل العسكري الأميركي في أفغانستان والحرب على الإرهاب، كذلك الحرب على العراق جرت بتجديد تفويض الرئيس من قبل المشرّعين الأميركيين باستخدام القوّة العسكرية ضدّه في العام 2002. لكن لم يكن من بين هذه الدول أيّ واحدة، تمتلك أسلحة نووية.
إن حدث وأطلقت الصين النار على سفن البحرية الأميركية، فإنّ الرئيس مخوّل بامتياز القائد العامّ للقوّات المسلّحة للردّ بِسرعة. ويجوز له أن يأمر باتّخاذ إجراءات عسكرية، بما في ذلك الضربات التصعيدية المحتملة، رهناً بمزيد من التشاور مع الكونغرس بموجب شروط قانون سلطات الحرب.
يعود التفاهم بين بكين وواشنطن حول وضع تايوان إلى عام 1972 وبيان شنغهاي. حيث أقرّ الجانبان بأنّ "الصينيين جميعهم على جانبي مضيق تايوان يؤكّدون وجود صين واحدة فقط، وأنّ تايوان جزء منها". وفي أعقاب البيان، اعترفت الولايات المتحدة دبلوماسياً بجمهورية الصين الشعبية، وأغلقت سفارتها في تايوان، ثمّ شرّع الكونغرس قانون العلاقات التايوانية، الذي وضع الإطار القانوني لعلاقة واشنطن الجديدة مع تايبيه.
لا شكّ في أنّ الولايات المتحدة في موقف حسّاس. وهدفها هو ردع الصين عن مهاجمة تايوان، بالإشارة إلى نوع من الاستعداد مهما كان غامضاً للدفاع عن تايوان خدمة لهذا الهدف، ولكن يجب أن يكون هناك سقف لهذا، لأنّ توريد الأسلحة الأميركية لدعم وضع تايوان المستقلّ شيء، وإلزام الولايات المتحدة مسبقاً بخوض حرب مع الصين إذا هاجمت تايوان مسألة أخرى، والسلطة الدستورية للرئيس هنا ليست بلا حدود.
كذلك، إنّ التعهّد بالدفاع عن تايبيه مسبقاً بناء على دور الرئيس في إدارة الشؤون الخارجية وكقائد أعلى للقوات المسلّحة هو سند قانوني ضعيف للغاية. كما أنّ الدستور ينصّ على أن يكون للشعب الأميركي أيضاً رأي في الأمر من خلال ممثّليه في الكونغرس.
وكان الرئيس بايدن قد تجاوز السقف، حين تعهّد مراراً بأنّ الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا تعرّضت لهجوم من قبل الصين، وهي تعهّدات تراجع عنها مستشاروه لاحقاً. لدى الولايات المتحدة معاهدات دفاعية مقرّة من الكونغرس، مع اليابان والفلبين، بينما سيكون تأمين الدعم التشريعي للقتال من أجل تايوان أمراً صعباً سياسياً.
هذه هي الحقيقة يحتاج الرئيس إلى دعم تشريعي يوافق على التعهّد بالدفاع عن جزيرة تايوان، ولا يمكن للرئيس أن يتجاوز الكونغرس، ويستخدم موقعه كقائد أعلى في حرب وجودية محتملة مع الصين وفرضها كأمر واقع، ممّا يجبر الكونغرس على دعمه، ولا يترك له خياراً سوى الاضطرار لدعم القوّات الأميركية المتورّطة بالفعل في اندلاع مفاجئ للقتال مع جيش التحرير الشعبي الصيني.
وإذا كان الرئيس يرغب في التعهّد بحماية تايوان من الصين المسلّحة نووياً، فيجب عليه السعي للحصول على موافقة السلطات التشريعية الأميركية ولا يمكنه التصرّف بمفرده.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"ذا ناشونال إنترست": هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب تايوان مع الصين؟
"ذا ناشونال إنترست": هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب تايوان مع الصين؟

الميادين

timeمنذ 5 ساعات

  • الميادين

"ذا ناشونال إنترست": هل تنجرف الولايات المتحدة نحو حرب تايوان مع الصين؟

مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأميركية تنشر مقالاً يناقش تعقيدات الموقف الأميركي تجاه احتمال اندلاع حرب بين الصين وتايوان، ومدى قانونية واستراتيجية تدخّل الولايات المتحدة عسكرياً للدفاع عن تايوان. ويمكن تلخيص النقاش ضمن الآتي: أخيراً، تأخذ تايوان شؤونها الدفاعية بجدّية متزايدة، ظهرت برفع ميزانيتها الدفاعية لشراء معدّات وقدرات عسكرية جديدة متضمّنَة الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادّة للسفن، وأضافت عاماً واحداً على مدّة التجنيد الإجباري. كما تنتقل تايوان من التركيز القديم على السلاح الثقيل وأساليب الحرب الكلاسيكية، إلى استراتيجيات دفاعية أكثر تنوّعاً وتعقيداً. تبقى مراقبة ما إذا كانت الخطط الموضوعة ستنفّذ في الوقت الملائم، إذ يخشى المحلّلون العسكريون من أن تغزو الصين تايوان بحلول عام 2027، بينما تأمل وتتوقّع في حال اندلعت الحرب أن تدخلها الولايات المتحدة إلى جانبها. في وقت تشير فيه التقديرات العسكرية إلى أنّ القتال سيكون باهظ الثمن، ويؤدّي إلى خسائر فادحة قد تفضي بدورها إلى احتمال المواجهة النووية. لكن، السؤال الأهمّ هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان أم لا، في وقت ينصح فيه الخبراء واشنطن في القيام بذلك، من ضمن حالة الطوارئ التي تتدرّب عليها القيادة العسكرية الأميركية "إندوباكوم" في الهند وباكستان، استجابة لمتطلّبات العلاقات الأميركية مع تايوان، التي تفرض مثل هذه التخطيط. وكان الرئيس الأميركيّ السابق جو بايدن قد صرّح في عدّة مناسبات أنّ الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة إذا هاجمتها الصين. وبموجب المادّة الثانية من القسم الـ2 من الدستور الأميركي، رئيس البلاد يتمتّع بسلطة القائد الأعلى للقوّات المسلّحة لإصدار أمر باستخدام القوّة العسكرية ردّاً على أيّ هجوم إن أراد. ومع ذلك، فإنّ هذه السلطة التنفيذية غير كافية لمنح الرئيس قيادة أحادية الجانب لإعلان تحالف دفاعي عن تايوان من دون مزيد من مشاركة الكونغرس كما هو مطلوب ليس فقط بموجب الدستور، ولكن أيضاً بموجب قانون صلاحيات الحرب. أيضاً، ليست هناك معاهدة عسكرية للولايات المتحدة مع تايوان، ولا قانون العلاقات ولا أيّ قانون اتّحادي يلزمها الدفاع عنها. كما أنّ قانون العلاقات التايوانية فقط يذهب إلى حدّ إلزام الولايات المتّحدة "الحفاظ على قدرة مقاومة" أي استخدام للقوّة ضدها أو تعرّضها للإكراه الذي من شأنه أن يعرّض أمن شعب تايوان أو نظامه الاجتماعي أو الاقتصادي للخطر. كما أنّ الكونغرس لم يصدر أبداً أيّ قرار أو قانون يدعو إلى الدفاع عن تايوان. كذلك تظهر استطلاعات الرأي مراراً وتكراراً أنّ الأغلبية الأميركية لا تدعم القتال من أجل تايوان، وتفضّل بدلاً من ذلك الوضع الراهن الغامض. ومع ذلك، لا تزال واشنطن وبكين عالقتين في انجراف خطير نحو الحرب، التي يمكن للولايات المتحدة أن تنزلق نحوها، في عدّة سيناريوهات محتملة. مثل دوريات السفن الحربية والطائرات الأميركية المنتظمة في المياه القريبة من تايوان، التي قد تسبّب نشوب صراع كبير مع القوّات البحرية الصينية فجأة. وقد كتب الأدميرال جيمس ستافريديس القائد الأعلى السابق لحلف "الناتو" مع الروائي إليوت أكرمان رواية مثيرة، توقّعا فيها كيف يمكن لحادث بحري واحد في بحر الصين الجنوبي أن يتطوّر إلى تبادل إطلاق نار نووي بين القوّتين العظميين، وبالتّالي إلى حرب عالمية ثالثة. 22 أيار 14:13 22 أيار 11:48 وفي حال فرضت الصين حصاراً على تايوان، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها بسهولة في مواجهة معها، إذا أمر الرئيس البحرية الأميركية بمرافقة السفن التجارية العابرة بين خطوط البحرية العسكرية الصينية. الوضع الذي تواجهه واشنطن في تايوان غير مسبوق. وعلى عكس جميع صراعاتها العسكرية السابقة منذ الحرب العالمية الثانية. وإذا اندلعت الحرب فالولايات المتحدة ستواجه قوّة نووية والقتال عن بلد ليس لها التزام دفاعي معه، بينما حين خاضت الولايات المتحدة حرباً في كوريا عام 1950، فعلت ذلك وفقاً لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وخاضت حرب فيتنام بموجب قرار "خليج تونكين" الذي أصدره الكونغرس الأميركي آنذاك. كما ولجت الولايات المتحدة إلى "حرب الخليج" في عام 1990 بموجب قانون أقرّه الكونغرس يفوّض الرئيس استخدام القوّة العسكرية. كما أنّ حملة القصف الجوي في البوسنة وكوسوفو جرت تحت مظلة قرارات الأمم المتحدة. وبعد 11 أيلول/سبتمبر 2001، سمح قانون الكونغرس بالتدخّل العسكري الأميركي في أفغانستان والحرب على الإرهاب، كذلك الحرب على العراق جرت بتجديد تفويض الرئيس من قبل المشرّعين الأميركيين باستخدام القوّة العسكرية ضدّه في العام 2002. لكن لم يكن من بين هذه الدول أيّ واحدة، تمتلك أسلحة نووية. إن حدث وأطلقت الصين النار على سفن البحرية الأميركية، فإنّ الرئيس مخوّل بامتياز القائد العامّ للقوّات المسلّحة للردّ بِسرعة. ويجوز له أن يأمر باتّخاذ إجراءات عسكرية، بما في ذلك الضربات التصعيدية المحتملة، رهناً بمزيد من التشاور مع الكونغرس بموجب شروط قانون سلطات الحرب. يعود التفاهم بين بكين وواشنطن حول وضع تايوان إلى عام 1972 وبيان شنغهاي. حيث أقرّ الجانبان بأنّ "الصينيين جميعهم على جانبي مضيق تايوان يؤكّدون وجود صين واحدة فقط، وأنّ تايوان جزء منها". وفي أعقاب البيان، اعترفت الولايات المتحدة دبلوماسياً بجمهورية الصين الشعبية، وأغلقت سفارتها في تايوان، ثمّ شرّع الكونغرس قانون العلاقات التايوانية، الذي وضع الإطار القانوني لعلاقة واشنطن الجديدة مع تايبيه. لا شكّ في أنّ الولايات المتحدة في موقف حسّاس. وهدفها هو ردع الصين عن مهاجمة تايوان، بالإشارة إلى نوع من الاستعداد مهما كان غامضاً للدفاع عن تايوان خدمة لهذا الهدف، ولكن يجب أن يكون هناك سقف لهذا، لأنّ توريد الأسلحة الأميركية لدعم وضع تايوان المستقلّ شيء، وإلزام الولايات المتحدة مسبقاً بخوض حرب مع الصين إذا هاجمت تايوان مسألة أخرى، والسلطة الدستورية للرئيس هنا ليست بلا حدود. كذلك، إنّ التعهّد بالدفاع عن تايبيه مسبقاً بناء على دور الرئيس في إدارة الشؤون الخارجية وكقائد أعلى للقوات المسلّحة هو سند قانوني ضعيف للغاية. كما أنّ الدستور ينصّ على أن يكون للشعب الأميركي أيضاً رأي في الأمر من خلال ممثّليه في الكونغرس. وكان الرئيس بايدن قد تجاوز السقف، حين تعهّد مراراً بأنّ الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا تعرّضت لهجوم من قبل الصين، وهي تعهّدات تراجع عنها مستشاروه لاحقاً. لدى الولايات المتحدة معاهدات دفاعية مقرّة من الكونغرس، مع اليابان والفلبين، بينما سيكون تأمين الدعم التشريعي للقتال من أجل تايوان أمراً صعباً سياسياً. هذه هي الحقيقة يحتاج الرئيس إلى دعم تشريعي يوافق على التعهّد بالدفاع عن جزيرة تايوان، ولا يمكن للرئيس أن يتجاوز الكونغرس، ويستخدم موقعه كقائد أعلى في حرب وجودية محتملة مع الصين وفرضها كأمر واقع، ممّا يجبر الكونغرس على دعمه، ولا يترك له خياراً سوى الاضطرار لدعم القوّات الأميركية المتورّطة بالفعل في اندلاع مفاجئ للقتال مع جيش التحرير الشعبي الصيني. وإذا كان الرئيس يرغب في التعهّد بحماية تايوان من الصين المسلّحة نووياً، فيجب عليه السعي للحصول على موافقة السلطات التشريعية الأميركية ولا يمكنه التصرّف بمفرده. نقله إلى العربية: حسين قطايا.

"Mintpress": قطيعة ترامب مع "إسرائيل".. تحول حقيقي أم مسرحية سياسية؟
"Mintpress": قطيعة ترامب مع "إسرائيل".. تحول حقيقي أم مسرحية سياسية؟

الميادين

timeمنذ 5 ساعات

  • الميادين

"Mintpress": قطيعة ترامب مع "إسرائيل".. تحول حقيقي أم مسرحية سياسية؟

موقع "Mintpress News" ينشر مقالاً تحليلياً يتناول التحول المحتمل في السياسة الخارجية الأميركية تجاه "إسرائيل" في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويرصد المقال هذا التحول من خلال سلسلة من المواقف والأحداث الميدانية والسياسية التي تشير إلى فتور أو فتق محتمل في العلاقة التقليدية الوثيقة بين واشنطن وتل أبيب، مقابل تقارب أميركي متزايد مع دول الخليج وإيران، مدفوعاً بمصالح اقتصادية واستراتيجية وجيوسياسية. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: عندما أُعيد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، ساد اعتقادٌ بأن هجوم "إسرائيل" على غزة سيشتد، وأنّ الإدارة الجديدة ستلعب دوراً أكثر فاعلية في تحييد خصوم تل أبيب الإقليميين. فالتقارب بين بنيامين نتنياهو والكثير من الإسرائيليين وترامب راسخ. وكما أشارت مجلة "فورين بوليسي" في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، فإنّ "إسرائيل هي دولة ترامب، ورئيس وزرائها هو الداعم الأول له". وقد لاقى فوز ترامب ترحيباً واسعاً في الداخل الإسرائيلي سواء على مستوى الشعب أم الدولة. وبعد أيام قليلة، توقع ليون بانيتا، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ووزير الدفاع السابق، أن يمنح الرئيس نتنياهو "تفويضاً مطلقاً" لإحداث فوضى في منطقة الشرق الأوسط، وصولاً إلى حرب شاملة مع إيران. ولكن بعد توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، لم يفعل الرئيس الكثير لتبديد هذه التوقعات، بل على العكس تماماً. وفي شباط/فبراير، وضع ترامب خططه لـ"غزة لاغو"، وهي عملية تهجير كاملة وإعادة توطين قسري لسكان غزة الفلسطينيين وإنشاء ما يُسمّى "ريفييرا الشرق الأوسط" مكانها. وفي آذار/مارس، استأنف ترامب الأعمال العدائية ضد جماعة أنصار الله في اليمن، بعد أن أعادت الجماعة فرض حصارها على البحر الأحمر رداً على انتهاكات "إسرائيل" الصارخة لاتفاق وقف إطلاق النار مع حماس. وتباهى المسؤولون الأميركيون بأن الجهود الجوية والبحرية ضد أنصار الله ستستمر "إلى أجلٍ غير مسمى". كما زعم ترامب أن "الضربات المتواصلة" التي تشنها واشنطن ستقضي على المقاومة. ولكن في أوائل أيار/مايو، أعلن ترامب انتهاء المهمة بعد موافقته على وقف إطلاق النار، الذي بموجبه تتوقف جماعة أنصار الله عن استهداف السفن الأميركية مقابل إطلاق العنان لحربها ضد "إسرائيل". وأفادت التقارير بأنّ تل أبيب لم تكن على دراية بالصفقة، وقد علمت بها عبر تقارير إخبارية. وردّ مايك هاكابي، السفير الأميركي لدى "إسرائيل"، على الانتقادات التي طالت هذه الصفقة، قائلاً إنّ الولايات المتحدة "ليست ملزمة بالحصول على إذن من إسرائيل" لإبرام الصفقات. وقد فاجأ هاكابي المراقبين بتصريحه، باعتباره إنجيلياً محافظاً للغاية وصهيونياً بارزاً تعهد عند ترشيحه بالإشارة إلى "إسرائيل" بمصطلحات توراتية مثل "الأرض الموعودة"، وأعلن مراراً أن اليهود يملكون "وثائق شرعية" تُفيد بامتلاكهم للأراضي الفلسطينية. ويبدو أنّ هذه بداية تحول دراماتيكي في الاتجاه الذي تنتهجه إدارة ترامب، المليئة بالمتشددين الموالين لـ"إسرائيل". ومنذ ذلك الحين، شرع ترامب في جولة شرق أوسطية، غابت "إسرائيل" عنها بشكل ملحوظ. و بدلاً من ذلك، زار دولاً في مجلس التعاون الخليجي. إلى جانب ذلك، تفاوض الرئيس على إطلاق سراح آخر رهينة أميركي حيّ محتجز لدى حماس، وعقد محادثات سلام مباشرة مع الحركة، وفي كلتا الحالتين من دون تدخل تل أبيب. وتتردد شائعات بأن حماس قد تنهي قتالها مقابل اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية، وهو العرض الذي يُقال إن ترامب منفتح عليه. ومنذ تولي ترامب منصبه، بدأت المفاوضات مع إيران بشأن اتفاق نووي جديد. وفي 15 أيار/ مايو، انتشرت أنباء على نطاق واسع تفيد بأن الجانبين على وشك التوصل إلى اتفاق. ومرّة جديدة، يبدو أن "إسرائيل" استُبعدت تماماً من هذه المحادثات، وأي اتفاق يُسفر عنها لن يأخذ في الاعتبار موقف تل أبيب العدواني تجاه إيران. وفي خطابٍ لافت ألقاه في الرياض في 13 أيار/ مايو، بدا ترامب وكأنه يتراجع عن عقود من السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لقد اعتبرت الإدارات الأميركية المتعاقبة تطبيع العلاقات بين جميع الدول العربية والإسلامية، وخاصة المملكة العربية السعودية، و"إسرائيل" هدفاً أساسياً إلى حد جعل استمرار الضمانات الدفاعية الأميركية للرياض مشروطاً باعترافها بتل أبيب. ومع ذلك، قلل ترامب صراحة من أهمية هذا الهدف، وأعرب عن أمله بأن يوقع السعوديون في نهاية المطاف على اتفاقيات "أبراهام"، إلا أنه يدرك أن الوضع الراهن يجعل الأمر غير قابل للتنفيذ، وأضاف: "ستفعلون ذلك في الوقت الذي ترونه مناسباً". ولم يذكر "إسرائيل" سوى مرة واحدة. وواصلت واشنطن توقيع سلسلة من الصفقات مع الرياض في مختلف القطاعات، بما في ذلك أكبر اتفاقية دفاعية على الإطلاق بين البلدين، بقيمة تُقدّر بنحو 142 مليار دولار أميركي. باختصار، تشير سلسلة من التطورات الجذرية إلى أن إدارة ترامب تنفصل عن السياسة الأميركية التي كانت راسخة في السابق والمتمثلة في الدعم المتواصل لـ"إسرائيل" وخدمة مصالحها في كل جانب تقريباً. ولكن هل هذا الانفصال الذي لم يكن من الممكن تصوره في السابق حقيقي، أم مجرد شكل من أشكال الاستعراض؟ إنّ ما يُزعم عن وجود خلافات في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية ليس بالأمر الجديد. فطوال فترة رئاسة باراك أوباما، أشارت تقارير إعلامية رئيسة متعددة إلى أن العلاقة كانت "متوترة"، ولا سيما بسبب الخلافات الشخصية الحادة بين الرئيس آنذاك ونتنياهو. وبالمثل، منذ بداية الإبادة الجماعية في غزة، أفادت وسائل إعلام رئيسة بصورة متقطعة أن جو بايدن كان غاضباً بشكل سري من سلوك نتنياهو. في المقابل، أصرّ متحدثون باسم البيت الأبيض وديمقراطيون بارزون، بمن فيهم ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، علناً على التزام الإدارة بضمان وقف إطلاق النار. وفي كلتا الحالتين، تواصل الدعم المالي والعسكري الأميركي، الذي يُعدّ أساسياً لاستمرار وجود "إسرائيل" والقضاء على الشعب الفلسطيني، من دون انقطاع، إن لم يكن قد ازداد. وفي أواخر نيسان/أبريل، أعلن سفير "إسرائيل" لدى واشنطن، مايكل هرتزوغ، الذي شغل المنصب من عام 2021 حتى عام 2025، بفخر أن "إدارة بايدن لم تطلب منا قط وقف إطلاق النار". وبالتالي، فإن الشكوك حول صدق وجوهر انفصال إدارة ترامب المفاجئ عن مسارها المؤيد لـ"إسرائيل" تقليدياً لها ما يبررها. وفي هذا الصدد، قال جورجيو كافييرو، الرئيس التنفيذي لشركة "Gulf State Analytics"، لموقع "مينت بريس نيوز" إنه قد يكون هناك تحول حقيقي جارٍ في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مدفوعاً إلى حد كبير بتصميم ترامب على مواجهة النفوذ العالمي المتزايد للصين، ولا سيّما في منطقة الشرق الأوسط. وهذه الأجندة هي التي تدفع واشنطن في الوقت الراهن إلى انتهاج "سياسة خارجية أكثر وداً للدول الغنية في شبه الجزيرة العربية، على حساب التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وإسرائيل". وكما قال كافييرو: "يسعى ترامب إلى جذب المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرهم إلى النفوذ الجيوسياسي والجيواقتصادي الأميركي، وإبعادهم عن الصين إلى حد ما. إلا أنه من المستبعد أن ينجح في إبطاء وتيرة العلاقات العربية - الصينية في مجالات الطاقة والاستثمار والتجارة والخدمات اللوجستية والذكاء الاصطناعي والرقمنة، وغيرها من المجالات. أمّا في ما يتعلّق بمسألة الدفاع والأمن، فستواصل الولايات المتحدة هيمنتها، وسيوضح ترامب أن هذه "خطوط حمر" لا يمكن تجاوزها في ما يتعلق بعلاقة الخليج مع الصين من وجهة نظر واشنطن". تُسهم صفقات ترامب التجارية والاستثمارية الضخمة مع دول الخليج بشكل كبير في أجندته الهادفة إلى "جعل أميركا عظيمة مجدداً" وترويجه لنفسه كصانع صفقات في الداخل والخارج. ويوضح كافييرو أنّ دول الخليج "مهيأة لصفقات مربحة" للشركات الأميركية، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقيات من شأنها أن تخلق فرص عمل وترسم "صورة جيدة" للإدارة في الداخل. 23 أيار 13:43 22 أيار 11:48 ويوافق فراس موداد، محلل المخاطر الجيوسياسية، على أن العوامل الاقتصادية أساسية في التحول الحالي لمسار ترامب، وأنها تعزل تل أبيب. وفي هذا السياق، قال: "يحتاج ترامب إلى بيع طائرات 'إف-35'. وتحتاج صناعة الدفاع الأميركية إلى الأموال. لذا، فإنّ بيع طائرات "إف-35' لتركيا وربما للسعودية وتوقيع اتفاقية جديدة مع إيران ووضع برنامج نووي مدني سعودي ستكون جميعها بمنزلة نقاط خلاف رئيسة مع إسرائيل". وأضاف: "في حال نجحت المفاوضات النووية، قد يسعى ترامب إلى فتح الأسواق الإيرانية أمام الشركات الأميركية، وإسرائيل لا تريد هذا أيضاً. وبالتالي، يُظهر ترامب لنتنياهو مدى حاجة إسرائيل للولايات المتحدة، لا العكس". أشار سيد محمد مرندي، وهو محلل سياسي إيراني وأستاذ في جامعة طهران، لموقع "مينت برس نيوز" إلى أنّ "الصدع" بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" موجود بالفعل، لكن "من الصعب تحديد مدى خطورته أو عمقه". وهو يعتقد أنّ هيكل القوة الأوسع في الولايات المتحدة يُدرك أن دعمه لما يُسميه "محرقة غزة" منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قد شوّه صورة الغرب على المستوى الدولي وقوته الناعمة، "وأدى ذلك تلقائياً إلى تعزيز القوة الناعمة للصين وإيران وروسيا بشكل كبير. فالجنوب العالمي اليوم يتطلع لا إلى الولايات المتحدة أو أتباعها الأوروبيين، من أجل القيادة والتوجيه والشراكة". ويتفق موداد مع هذا الرأي، مشيراً إلى أنه في آذار/مارس 2023، تصالحت المملكة العربية السعودية بشكل غير متوقع مع إيران "تحت رعاية صينية، ومن دون تشاور جدّي مع واشنطن". واليوم، بعد أن أصبحت الدول العربية والإسلامية تنظر إلى الصين وروسيا باعتبارهما شريكتين حيويتين على المستويين الاقتصادي والعسكري، فإن احتمال تحول "التحالف الصيني - الإسلامي" الذي تحدث عنه عالم السياسة صامويل هنتنغتون إلى حقيقة واقعة بات مرجحاً بشكل متزايد. وفي حديثه إلى موقع "مينت برس نيوز"، قال موداد: "إن الأميركيين سيفعلون كل ما يلزم لتجنب سقوط الدول الإسلامية الغنية بالموارد أو ذات القدرات العسكرية في فلك بكين، حتى لو كان ذلك على حساب "إسرائيل". من جهته، يرى مرندي إمكانية حدوث تحولات في العلاقات الأميركية مع المنطقة، مُشيراً إلى أنّ "المجال متاح للتقدم" - على الرغم من أن هذا التقدم لا يزال "محدود النطاق ومجرد احتمال في الوقت الراهن". ويعتقد أن الانقسام الحالي بين واشنطن وتل أبيب مرتبط إلى حد كبير بقيادة نتنياهو. وأردف مرندي قائلاً: "هناك احتمال أن يُضحى به من أجل الحفاظ على صورة إسرائيل الدولية وتحسينها، مع تحميله مسؤولية كل ما حدث منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وسيكون هذا الأمر أشبه بإلقاء اللوم على هتلر وحده في الحرب العالمية الثانية والمحرقة، بدلاً من النظام الذي قاده وكل من ساهم في إنشائه". إضافة إلى ذلك، يشكك مرندي في حدوث انقسام أوسع بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، قائلاً إن العلاقة "جوهرية للغاية، ولن تضعف أو تنتهي تماماً" بسبب الأحداث الجارية. ويشير إلى أنّ "اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لا يزال قوياً للغاية. ففي حين فقدت إسرائيل مصداقيتها في جميع أنحاء العالم وأصبحت موضع ازدراء دولي، بعد إدانة الناس في جميع أنحاء الغرب النظام الصهيوني، فإن اللوبي لا يزال يمارس نفوذاً هائلاً على السياسة الداخلية والخارجية لواشنطن". من جانبه، يدرك موداد تماماً مدى نفوذ اللوبي الإسرائيلي في واشنطن. ويتوقع أن تُقاوم المجموعات التابعة له، والكثير من المشرّعين الذين يمولونهم بسخاء، بقوة تحوّل ترامب. كما يقترح أن تردّ الإدارة على هذا الضغط بإجبار لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) على التسجيل كعميل أجنبي. وبالنظر إلى النفوذ السياسي الذي تتمتع به "أيباك"، ستكون هذه الخطوة غير مسبوقة. وقد وصف جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية الأميركي، "أيباك" بأنها "وكيل فعلي لحكومة أجنبية" يُحكم قبضته على الكونغرس". إذ تتمتع هذه المنظمة بمعدل نجاح مُقلق في المساعدة على انتخاب موالين متشددين لـ"إسرائيل" في الكونغرس ومجلس الشيوخ، وتعمل بقوة على إزاحة أي شخص في الكونغرس يُعبر عن تضامنه مع الفلسطينيين. وقد تكثّفت هذه الجهود منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر وتثق المنظمة في إفلاتها من العقاب إلى درجة أنها تعلن صراحة عن أنشطتها. فعلى سبيل المثال، تنشر "أيباك" تقريراً سنوياً يُسلّط الضوء على "سياساتها وإنجازاتها السياسية". ويفخر تقرير اللجنة لعام 2022، من بين أمور أخرى، بتأمين مبلغ 3.3 مليارات دولار "للمساعدة الأمنية لـ"إسرائيل"، من دون أي شروط إضافية"، وتمويل "مرشحين مؤيدين "لإسرائيل" بقيمة 17.5 مليون دولار - وهو أعلى مبلغ قدمته لجنة عمل سياسي أميركية. وقد فاز 98% من هؤلاء المرشحين في الانتخابات، بعد أن هزموا 13 منافساً مؤيداً للفلسطينيين في هذه العملية. لا يجهل ترامب النفوذ الهائل للوبي الإسرائيلي في الشؤون الداخلية والخارجية الأميركية. وبحسب مرندي، فقد نشر ترامب في 15 كانون الثاني/ يناير مقطع فيديو للبروفسور جيفري ساكس يُحمّل فيه بنيامين نتنياهو مسؤولية الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وهي حربٌ لطالما انتقدها ترامب. وقد تم تجاهل الدور الحاسم الذي لعبته "أيباك" وحلفاؤها في وضع الأساس لتلك الحرب. وقد تكون عمليات التنظيف الواسعة التي قامت بها المنظمة عبر الإنترنت، وجرى في خلالها محو الأدلة على تشجيعهم المبكر لغزو أميركي كامل النطاق للعراق بهدوء، سبب هذا التجاهل جزئياً. وفي كانون الأول/ ديسمبر 2001، وزعت منظمة "أيباك" تقريراً على المشرعين الأميركيين حول "التهديد الرئيس" الذي زعمت أن صدام حسين يشكله في الشرق الأوسط، على المصالح الأميركية في المنطقة وعلى "أمن إسرائيل"، متهمة إياه بإنتاج أسلحة الدمار الشامل وإيواء المنظمات الإرهابية. وكان كلا الادعائين خاطئ، وشكّلا حُجة واشنطن لتبرير غزوها. وفي وقت لاحق، حذفت لجنة "أيباك" التقرير من موقعها الإلكتروني. وفي عام 2015، صرّح متحدث باسم اللجنة لصحيفة "نيويورك تايمز" بأن "أيباك لم تتخذ أي موقف على الإطلاق بشأن حرب العراق". وفي وقت لاحق من ذلك العام، ذهب رئيس لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية روبرت كوهين إلى أبعد من ذلك، مدعياً أن 'أيباك' لم تتخذ أي موقف على الإطلاق قبل بدء حرب العراق في آذار/ مارس 2003، ولم نمارس الضغوط بشأن هذه القضية". واليوم، تدفع "إسرائيل" وشبكة الضغط التابعة لها نحو صراع كبير آخر في الشرق الأوسط، وهذه المرة مع إيران. ففي نيسان/ أبريل كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن تقارير مجهولة المصدر، أنّ تل أبيب وضعت خططاً مفصّلة لتنفيذ هجوم على الجمهورية الإسلامية، كان سيتطلب دعماً أميركياً، لكن ترامب رفضها. وقيل إنّ المسؤولين الإسرائيليين غاضبون من هذا التسريب، ووصفوه بأنه "أحد أخطر التسريبات التي حصلت في تاريخ إسرائيل". وفي الوقت الذي لا تزال فيه تل أبيب تخطط لشنّ "هجوم محدود" على إيران، أرسل تقرير صحيفة "نيويورك تايمز" رسالة واضحة إلى نتنياهو وحكومته مفادها أن إدارة ترامب لن تدعم أي إجراء من هذا القبيل تحت أي ظرف من الظروف. إن معارضة العداء لطهران تُعدّ بحد ذاتها تحولاً استثنائياً لترامب وحكومته، بالنظر إلى خطاباتهم ومواقفهم السابقة. فحتى قبل تولّيه منصبه، أُفيد بأنّ إدارته كانت تعد خططاً "لإفلاس إيران" من خلال سياسة "الضغط الأقصى". وكان وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي لطالما دعا إلى تشديد العقوبات المُدمرة بالفعل على طهران، في طليعة هذه الحملة. وقد حظي بدعمٍ قوي من مستشار الأمن القومي مايك والتز، وهو عضو مخضرم في البنتاغون وكان عضواً سابقاً في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ. وخلال فعالية نظّمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، تفاخر والتز بكيفية نجاح ترامب في تدمير عملة الجمهورية الإسلامية في السابق، وتطلع إلى فرض عقوبات أسوأ بعد تنصيب الرئيس. ومع ذلك، يشير التقدم الإيجابي في المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران اليوم إلى أن ترامب وفريقه لم يتخلّيا عن هذه الطموحات فحسب، بل إنهما عازمان أيضاً على تجنب الحرب. ويعتقد كافييرو أن هذا الهدف يمثل أحد الاعتبارات الجيوسياسية الرئيسة التي تُحرك مسار الرئيس الحالي في الشرق الأوسط. ويشير إلى أن صراعاً كهذا سيكون حتماً "فوضوياً ودموياً ومكلفاً"، وأن تصميم نتنياهو على "جر الولايات المتحدة إلى الحرب" يعني أن ترامب يرى "إسرائيل" الآن عبئاً حقيقياً. "يرى ترامب أن غرب آسيا منطقة تورطت فيها الولايات المتحدة تاريخياً، وهو يعتقد بأن واشنطن ينبغي ألّا تتورط فيها بشكل مفرط بعد اليوم، ولن يكون هناك المزيد من المستنقعات المكلفة والمهينة التي تعمل على تحويل الموارد والانتباه بعيداً عن أجزاء أخرى من العالم، حيث تحقق الصين مكاسب اقتصادية وجيوسياسية كبيرة. وتُعد الأنظمة الملكية الخليجية مصادر للاستقرار الإقليمي، فهي بمنزلة جسور دبلوماسية تسهل الحوار والمفاوضات، وتساعد في تقليص الصراعات المحلية والدولية، أو على الأقل التدخل الأميركي فيها". ومن المؤكد أن صراعاً مكلفاً ومهيناً بين الولايات المتحدة وإيران سيكون مستنقعاً، وفي حال تجرأت "إسرائيل" على ضرب طهران وحدها، فقد تعاني واشنطن من عواقب وخيمة. وفي أيلول/ سبتمبر 2024، كشف تقرير صادر عن المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي (جماعة الضغط القوية والسرية) عن تفاصيل تشير إلى أنّ العملية ستستغرق "5 دقائق أو أقل" حتى تصل الصواريخ الباليستية والصواريخ الفرط صوتية الإيرانية إلى معظم القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط وتدمرها. إنّ المخاوف بشأن حصول هذا الاحتمال، وعجز الدولة المتكرر عن مقاتلة أنصار الله في اليمن، تكمن بالتأكيد وراء المساعي الحثيثة التي يبذلها ترامب من أجل السلام مع إيران. وحتى لو كان تهميش الإدارة الحالية لتل أبيب لمصلحة دول الخليج مؤقتاً ومن أجل المصلحة الشخصية، نظراً للسياقات الجيوسياسية الحالية، فلم يسبق أن جرى تجاهل رغبات "إسرائيل" وإرادة قادتها بشكل صارخ ومنسّق أو مخالفتها بشكل قاطع في أروقة السلطة الأميركية. وإذا كانت هذه الفترة الصعبة تمثل مجرد عثرة عابرة في العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، فإن هذا الفصل يثبت على الأقل بشكل واضح أن واشنطن ليست مدينة لـ"إسرائيل" كما يظن قادتها وجماعات الضغط الدولية المؤيدة لها. ومع تزايد نفوذ الصين وعدم تقدّم العالم متعدد الأقطاب الذي جرى تكريسه حديثاً، قد يفكر القادة الأميركيون مرتين قبل أن يُظهروا هذا القدر من الخضوع لمطالب تل أبيب، وخططها للتوسع الإقليمي اللامتناهي، وحروبها الدائمة ضد جيرانها بذريعة "الأمن". نقلته إلى العربية: زينب منعم.

مسؤول أميركي كبير: مباحثات "بناءة" مع إيران وإحراز "تقدم"
مسؤول أميركي كبير: مباحثات "بناءة" مع إيران وإحراز "تقدم"

LBCI

timeمنذ 11 ساعات

  • LBCI

مسؤول أميركي كبير: مباحثات "بناءة" مع إيران وإحراز "تقدم"

تحدثت الولايات المتحدة عن مباحثات "بناءة" مع ايران أتاحت احراز "تقدم إضافي"، وذلك في ختام جولة خامسة من المحادثات حول البرنامج النووي الايراني في روما. وقال مسؤول اميركي كبير، إن "المباحثات لا تزال بناءة، لقد أحرزنا تقدما إضافيا، ولكن يبقى عمل ينبغي القيام به". وأضاف: "الجانين توافقا على ان يلتقيا مجددا في مستقبل وشيك".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store