
إفريقيا الجائعة.. حديقة واشنطن الخلفية
في 9 يوليو الجاري، استضاف ترامب خمسة رؤساء أفارقة في «غداء عمل» بالبيت الأبيض، ركّز على ما سمّاه «الفرص التجارية» التي قد تعود بالنفع على الطرفين. لكن حتى هذا اللقاء، الذي بدا احتفاليا في ظاهره، لم يخلُ من دلالات مثيرة للقلق. فمن حيث الشكل، لم يكن الغداء جزءا من استراتيجية شاملة لانفتاح أميركي جديد على إفريقيا، بل بدا كمبادرة انتقائية، أشبه بـ«تسوّق سياسي» يروم صفقات معدنية وتجارية، في محاولة واضحة لمنافسة الصين على كعكة القارة.
لقد أزال ترامب الستار عن النفاق المعتاد في الدبلوماسية الأميركية. فوزير خارجيته ماركو روبيو صرّح بوضوح أن واشنطن ستتخلى عن «نموذج المساعدات الخيرية»، وستتعامل فقط مع الدول التي تُظهر «القدرة على مساعدة نفسها». وبعبارة أخرى: لا حديث بعد الآن عن حقوق الإنسان أو الحكم الرشيد أو دعم الديمقراطية. المهم هو عدد الصفقات التجارية التي ينجزها السفراء، لا عدد المدارس أو مراكز الصحة التي تفتتحها المعونة الأميركية.
وبينما قد يرحّب بعض القادة الأفارقة بهذا النهج، ويجدون فيه راحة من الضغط الأخلاقي الأميركي، إلا أن الصورة الكبرى تفضح استخفافا هيكليا بالقارة. فاختيار الضيوف في غداء ترامب لم يكن نتيجة اعتبارات استراتيجية متوازنة، بل أقرب إلى المزاجية السياسية. فبعضهم، كان موجودًا في واشنطن أصلاً. وآخرون، لا تربطهم مصالح تُذكر بواشنطن، بل يواجهون تحديات داخلية تجعل من الدعوة دعما ضمنيا لشرعيات هشّة.
وفي هذا السياق، تبرز قضية ذلك البلد الإفريقي الصغير بوصفها نموذجا للفوضى في الرؤية الأميركية. لا توجد سفارة أميركية هناك، ولا مصالح اقتصادية تُذكر، لكن رئيسها تلقّى دعوة مميزة للبيت الأبيض، رغم أن شرعيته محل شك قانوني، بعد تأجيل الانتخابات. الرسالة الضمنية واضحة: واشنطن لا تُمانع في دعم زعماء شرعيتهم مهزوزة، ما داموا قادرين على على التعايش مع الصلف الأميركي وامتصاصه.
ولعل ما يُظهر حقيقة العلاقة الأميركية–الأفريقية أكثر من أي شيء، هو فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية قاسية على دول إفريقية لا تستورد ما يكفي من السلع الأميركية. ليسوتو، الدولة الصغيرة التي تعتمد على تصدير الألماس والملابس، تعرضت لعقوبة اقتصادية لمجرد أنها تعاني من عجز تجاري مع أميركا. أما جنوب إفريقيا، فقد تلقت تهديدات مباشرة من ترامب بسبب عضويتها في مجموعة «بريكس»، ورفعت واشنطن سيف الرسوم بنسبة 30 % على صادراتها، في رسالة تنذر بعقوبات أوسع قد تطال دولًا أخرى كإثيوبيا ومصر.
وإذا كانت واشنطن قد حاولت من قبل التقليل من مخاوفها بشأن نفوذ الصين وروسيا في إفريقيا، فإن الوقائع اللاحقة كشفت العكس. فالإدارة الأميركية أضحت تعترف بأن نشاط بكين وموسكو يُهدد مصالحها في القارة. الصين، التي ضخت مئات المليارات في مشاريع الطاقة والبنى التحتية، تُتهم من قبل واشنطن بمحاولة تقويض النظام الدولي وتعزيز مصالحها الضيقة. أما روسيا، فتُقدَّم كقوة زعزعة، تستخدم الشركات العسكرية الخاصة لنشر الفوضى وتعظيم مكاسبها في الفراغات الأمنية.
وتزداد خيبة واشنطن حين تنظر إلى مواقف القارة السياسية. فمعظم دول إفريقيا رفضت إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، ما يُفسَّر كصفعة دبلوماسية للغرب. وبينما تضخ الصين استثمارات تفوق 50 مليار دولار سنويا، وتُبرم مئات الصفقات مع عشرات الدول، لم تستثمر أميركا سوى 22 مليارا في 80 شركة خلال الفترة نفسها. بل إن الصين عقدت قمة ضخمة في 2006 مع 35 رئيسا إفريقيا، لا تزال واشنطن عاجزة عن مجاراتها في الزخم والحضور.
ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تحافظ على وجود عسكري مُنظّم في إفريقيا، رغم غياب الصراعات الساخنة المباشرة على نمط الشرق الأوسط. فقيادة «أفريكوم»، التي أُسست عام 2008، تُشرف على العمليات العسكرية الأميركية في 53 دولة، بما يعكس قناعة أميركية بأن القارة لا يجب أن تترك فارغة أمام الآخرين، حتى إن لم تكن أولوية سياسية أو اقتصادية.
وفي خضم هذا التدافع نحو القارة – من الشرق والغرب – يبرز سؤال يطعن في عمق الخطاب التنموي الدولي: هل ستستفيد إفريقيا من هذا التزاحم على مواردها؟ أم أنها تظل فريسة نَهَمٍ استعماريٍّ بثوبٍ جديد، تؤدي فيه الأنظمة الفاسدة دور الوسيط المُطيع؟ الإجابة المؤلمة أن الحديقة الخلفية قد لا تُزهر، ما دام من يُمسك بمقصِّ التقليم لا يريدها أن تنمو أصلا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
انسحاب واشنطن من مفاوضات غزة.. مناورة أم مقدمة للتصعيد؟
وسط تزايد الغموض عن مستقبل مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة ، أثار انسحاب الوفد الأميركي من المحادثات غير المباشرة جدلا واسعا في دلالاته الحقيقية، ففي حين اعتبره بعضهم خطوة تكتيكية للضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رأى آخرون أن فيه تحوّلا في الإستراتيجية الأميركية قد ينذر بتصعيد وشيك. الباحث الأميركي كينيث كاتزمان رأى أن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة فريقها التفاوضي من الدوحة لا يعكس بالضرورة انسحابا نهائيا، بل يندرج ضمن مناورات محسوبة للضغط على حماس كي تتجاوب مع الطرح الأميركي الإسرائيلي. ولفت إلى أن الثناء الذي سبق أن وجّهته واشنطن للحركة لم يكن سوى جزء من لعبة تكتيكية معتادة في سياسات الولايات المتحدة الخارجية. وأوضح كاتزمان، أن الانسحاب الأميركي قد يكون ناتجا عن "تعنت" حماس، حسب وصفه، معتبرا أن الحركة لم تُبدِ مرونة تُذكر منذ أشهر، لكنه أشار في المقابل إلى أن إدارة ترامب قد تدفع في المرحلة المقبلة نحو تخفيف القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة كأولوية عاجلة. وجاء التحول في الخطاب الأميركي بعد تصريحات مباشرة للرئيس ترامب من حديقة البيت الأبيض ، اتهم فيها حماس بعدم الرغبة في الاتفاق، مشيرا إلى أن الحركة "تدرك ما سيحدث بعد استعادة الرهائن"، في إشارة إلى فقدانها أوراق التفاوض. وقال إن "حماس تريد أن تموت"، وهو تصريح أثار استغراب أوساط فلسطينية اعتبرته تهديدا صريحا. وفي هذا السياق، اعتبر الباحث الفلسطيني سعيد زياد أن تصريحات ترامب تعكس نوايا مبيتة، تتجاوز الضغط السياسي إلى تهديد واضح بإعادة التصعيد العسكري. وذهب إلى أن واشنطن قد تمهد، من هذا الانسحاب، لسيناريوهات أكثر حدة تشمل عمليات اغتيال أو اجتياحات محدودة داخل غزة للضغط على حماس وتفتيت موقفها التفاوضي. وأشار زياد إلى أن مثل هذه الضغوط قد تُوظف في لحظة تفاوضية حرجة بهدف إضعاف حماس وتقديمها كطرف معرقل، مستشهدا بتجارب سابقة، منها اغتيال القيادي البارز إسماعيل هنية خلال مفاوضات مماثلة. وقال إن هناك خشية من "موجة ضغط غير مسبوقة" في الأيام المقبلة، لا تقتصر على الجانب الإعلامي أو الدبلوماسي، بل قد تتوسع إلى الجانب العملياتي. وأكد زياد أن أي تصعيد ميداني، الآن، سيكون له تكلفة عالية على الاحتلال، إذ بات واضحا أن المقاومة جهّزت نفسها جيدا لمرحلة ما بعد التفاوض. ولفت إلى أن عمليات القنص والتفجيرات التي تكبدت فيها قوات الاحتلال خسائر فادحة قد تتكرر بشكل أعنف إذا قررت إسرائيل خوض مغامرة جديدة داخل غزة. مواقف إدارة ترامب لم تتوقف عند التصريحات، إذ سبق ذلك إعلان مبعوثها إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إعادة الفريق الأميركي من الدوحة، معتبرا أن رد حماس على المقترح الأخير يدل على غياب النية للتوصل لاتفاق. لكن حماس وصفت هذه التصريحات بأنها "سلبية ومفاجئة"، مؤكدة أنها قدمت موقفا إيجابيا ومرنا بعد مشاورات موسعة مع الفصائل والدول الوسيطة. في المقابل، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، أن حكومته تدرس "خيارات بديلة" بالتنسيق مع الأميركيين لاستعادة الرهائن و"إنهاء حكم حماس"، حسب قوله. واعتبر أن المبعوث الأميركي على حق في اتهام حماس بعرقلة الاتفاق. لكن الموقف الإسرائيلي الرسمي لا يخفي أن هناك حسابات داخلية أيضا، إذ برزت تصريحات من وزراء اليمين المتطرف -مثل الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش – تطالب بوقف شامل للمساعدات الإنسانية واحتلال كامل لغزة، إلى جانب تدمير الحركة بالكامل وتشجيع الهجرة. هوامش للمناورة من جانبه، أشار الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين إلى أن هذه الأصوات المتطرفة لا تعكس بالضرورة الموقف الرسمي لبنيامين نتنياهو، بل تُستخدم لتوسيع هوامش المناورة، واعتبر أن سحب الوفد الإسرائيلي من قطر لا يعني نهاية المفاوضات، بل محاولة كسب الوقت وتأجيل الحسم السياسي. وأوضح جبارين أن نتنياهو، الذي لم يحقق "نصرا عسكريا" حاسما حتى الآن، لا يبدو مستعدا لحسم سياسي أيضا، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء يحاول التحرك ضمن فسحة زمنية محدودة للتهرب من الضغط الشعبي الداخلي والمساءلة السياسية. وفي خضم ذلك، تزداد حدة الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، مع اتساع رقعة المظاهرات داخل إسرائيل ، خصوصا من عائلات الأسرى الذين يطالبون بإعادتهم بأي ثمن. ولفت جبارين إلى أن هذه الضغوط تتكوّن من خمس طبقات متراكبة: أخلاقية، وإنسانية، وأمنية، وسياسية، وأخيرا طبقة تخشى على صورة إسرائيل مستقبلا. ورأى أن إدارة ترامب -ومن خلفها حكومة نتنياهو- تسعى بالتصعيد الكلامي إلى تحميل حماس مسؤولية انهيار المفاوضات أمام المجتمع الدولي ، لخلق مناخ سياسي يُبرّر جولة جديدة من الحرب، في ظل تصدّع الإجماع الداخلي الإسرائيلي. في غضون ذلك، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤولين إسرائيليين أن قرار استدعاء الوفد لا يعني بالضرورة أزمة في المفاوضات، بل يأتي لمزيد من المشاورات، وأن رد حماس الأخير كان "إيجابيا" وقد يساعد على تضييق الفجوات. من جانبها، أكدت حماس في بيان، أنها تعاملت بـ"مرونة ومسؤولية" مع المقترحات، وأن موقفها يفتح الباب لاتفاق شامل، معبرة عن استغرابها من "المواقف السلبية الأميركية"، خصوصا في ظل ترحيب الوسطاء، لا سيما قطر ومصر ، بصيغتها الأخيرة. وبينما لم تُعلّق القاهرة أو الدوحة رسميا على تصريحات ترامب أو انسحاب الوفد الأميركي، أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، أن قرار إسرائيل بإعادة وفدها من قطر لا يعني توقف المحادثات، مشيرة إلى أن الجولة الأخيرة لا تزال مفتوحة رغم ما يشوبها من تعقيدات.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
جدال وتوتر خلال اجتماع ترامب ورئيس المركزي الأميركي
تجادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول خلال زيارة نادرة للمركزي أمس الخميس، منتقدا تكلفة تجديد مبنيين تاريخيين بالمقر الرئيسي ومطالبا بخفض أسعار الفائدة. واختتم ترامب زيارته بالإشارة إلى أنه لا ينوي إقالة باول خلافا لما ذكر مرارا، وقال للصحفيين بعد الزيارة "القيام بذلك خطوة كبيرة ولا أعتقد أنها ضرورية". وقبل أيام، وصف ترامب باول بـ"الأحمق" لعدم استجابته لمطلب البيت الأبيض بخفض كبير في تكاليف الاقتراض. وفي منشور على منصة تروث سوشيال، كتب ترامب في وقت لاحق عن أعمال التجديد وتكلفتها 2.5 مليار دولار "نأمل أن يتم الانتهاء منها في أسرع وقت ممكن. التجاوزات في التكلفة كبيرة ولكن، من الناحية الإيجابية، فإن بلدنا في حالة جيدة للغاية ويمكنه تحمل أي شيء". وطغى التوتر بشكل واضح على حديث ترامب باول في موقع مشروع التجديد الضخم لمجلس الاحتياطي، ويمثل تصعيدا لضغوط البيت الأبيض على المركزي وجهود ترامب لحمل باول على "فعل الشيء الصحيح" بشأن أسعار الفائدة. وقد حدثت الزيارة قبل أقل من أسبوع من اجتماع صناع السياسة النقدية بالمركزي وعددهم 19 -على مدى يومين- لتحديد مسار أسعار الفائدة. ومن المتوقع على نطاق واسع الإبقاء على سعر الفائدة القياسي في نطاق 4.25-4.50%. ويطالب الرئيس الأميركي دوما رئيس الاحتياطي المركزي بخفض أسعار الفائدة بـ3 نقاط مئوية أو أكثر. وقال ترامب في ختام زيارته في وقت كان باول يقف بجواره، ووجهه بلا تعبيرات "أود أن يخفض أسعار الفائدة". وزاد اللقاء توترا عندما أخبر ترامب الصحفيين أن تكلفة المشروع تُقدر الآن بما يصل إلى 3.1 مليارات دولار، ورد باول وهو يهز رأسه "لست على علم بذلك" ليسلمه الرئيس ورقة تفحصها باول الذي قال "لقد أضفت للتو مبنى ثالثا" مشيرا إلى أن مبنى مارتن قد اكتمل قبل 5 سنوات. وعين ترامب باول في هذا المنصب خلال ولايته الرئاسية الأولى عام 2018، ثم أعاد تعيينه الرئيس السابق جو بايدن بعد 4 سنوات. وقال مجلس الاحتياطي إن المشروع -وهو أول تجديد كامل للمبنيين منذ بنائهما قبل نحو قرن مضى- واجه تحديات غير متوقعة بما في ذلك الحد من المواد السامة والتكاليف الأعلى من التقديرات للمواد والعمالة. ودعم المجلس ما قاله بوثائق منشورة على موقعه الإلكتروني. وبدأ مشروع أعمال تجديد مقر المركزي الأميركي منتصف عام 2022، ومن المقرر أن يكتمل بحلول عام 2027.


الجزيرة
منذ 15 ساعات
- الجزيرة
ترامب يأمر بإزالة خيام المشردين في أميركا
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، أمس الخميس، أمرا تنفيذيا يحث المدن والولايات على إزالة خيام المشردين ونقلهم إلى مراكز علاج، في خطوة اعتبرها المدافعون عن حقوق المشردين أنها ستؤدي إلى تفاقم المشكلة. ويوجه الأمر التنفيذي وزيرة العدل بام بوندي بإلغاء القرارات القانونية السابقة على مستوى الولايات والحكومة الاتحادية ومراسيم الموافقة التي تقيد الجهود المحلية لإزالة مخيمات المشردين. ولم يتضح بعد كيف يمكن لبوندي إلغاء مثل هذه القرارات من طرف واحد. وقال ترامب إنه يجب نقل المشردين الذين يعيشون في خيام إلى مرافق لعلاج مشاكل الصحة العقلية والإدمان. ولم يشر إلى خطط لتوسيع مراكز العلاج أو توفير مساكن لفترة طويلة. يأتي هذا الأمر عقب قرار أصدرته المحكمة العليا عام 2024 يسمح للمدن بحظر خيام المشردين. تحذيرات وفي إطار ردود الفعل على تلك الخطوة، حذر المركز الوطني لقانون التشرد من تفاقم مشكلة التشرد إذا جرى تطبيق هذا الأمر، إضافة إلى التخفيضات في ميزانية الإسكان والرعاية الصحية. وقال المركز "العلاج القسري غير أخلاقي وغير فعال وغير قانوني ستدفع هذه الإجراءات المزيد من الأشخاص إلى التشرد وستصرف الموارد بعيدا عمن يحتاجوها". من جهته ندد التحالف الوطني للمشردين بأمر ترامب، قائلا إنه سيقوض الحماية القانونية للمشردين والمصابين بأمراض عقلية. وقال التحالف إن إدارة ترامب لديها "سجل مقلق في تجاهل الحقوق المدنية والإجراءات القانونية الواجبة"، وحذرت من أن ذلك سيُفاقم أزمة التشرد. زيادة تاريخية ووفقا للمجلس الأميركي المشترك بين الوكالات المعني بالتشرد، بلغ عدد المشردين في الولايات المتحدة حوالي 771 ألفا و480 شخصا في ليلة واحدة عام 2024، بزيادة 18% عن العام الذي سبقه، ليصل إلى أعلى مستوى له في تاريخ البلاد. إعلان ووفقا لإحصاء وزارة الإسكان والتنمية الحضرية في ذلك الوقت، كان حوالي 36% من هؤلاء بلا مأوى، بمعنى أنهم كانوا يعيشون في الشوارع أو في المركبات أو في الخيام. ووفقا لبيانات الوزارة يعيش هؤلاء المشردون في ملاجئ الطوارئ أو أماكن الإيواء المؤقتة أو في الطرقات، ويقطن ربعهم في ولاية كاليفورنيا. كما تفيد تلك البيانات بأن نسبة المشرّدين من الأميركيين من ذوي البشرة السوداء أو الأفارقة بلغت 32%، في حين أن هذه الشريحة لا تشكّل سوى 12% من إجمالي سكان الولايات المتحدة. أسباب الزيادة وعزت الوزارة هذه الزيادة إلى أسباب عدة، من أبرزها عدم توفر مساكن منخفضة التكلفة، والتضخّم، وتدفّق مهاجرين على البلاد، وتوقف بعض المساعدات التي قُدّمت خلال جائحة "كوفيد-19″، والكوارث الطبيعية العديدة التي شهدتها الولايات المتحدة. وأفادت الوزارة بوجود ارتفاع ملحوظ في عدد العائلات المشردة، كما عزت تلك الزيادة إلى الكوارث الطبيعية التي تتزايد وتيرتها مع ظاهرة الاحتباس الحراري. ومن هذه الكوارث الحريق الذي اندلع في جزيرة ماوي بأرخبيل هاواي وشرّد 5200 شخصا، تم إحصاؤهم في ملاجئ الطوارئ في الليلة نفسها التي جرى فيها التعداد. كما شهدت الولايات المتحدة كوارث طبيعية أخرى، مثل الإعصارين هيلين وميلتون اللذين اجتاحا جنوب شرق البلاد في الأشهر الأخيرة، وتسبّبا بتهجير العديد من السكان.