
استشهاد 22 فلسطينيا في غزة ومقتل 3 جنود إسرائيليين بعملية للقسام
استشهد 22 فلسطينيا اليوم الثلاثاء في غارات إسرائيلية جديدة على مراكز توزيع المساعدات بغزة، في حين أعلنت القسام الإجهاز على 3 من جنود الاحتلال في اشتباكات مباشرة.
وأفادت مصادر في مستشفيي العودة وشهداء الأقصى باستشهاد 22 فلسطينيا وإصابة العشرات من منتظري المساعدات بنيران الاحتلال وسط قطاع غزة.
يأتي ذلك وسط أوضاع كارثية جراء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
واستهدف العدوان الإسرائيلي منازل وخياما تؤوي نازحين وتجمعات لمواطنين.
وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 187 ألف شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام مساء أمس الاثنين قتل 3 عسكريين إسرائيليين شرق مدينة جباليا شمال قطاع غزة.
وقالت القسام في منشور على تليغرام إن مجاهديها "أكدوا بعد عودتهم من خطوط القتال الإجهاز على 3 جنود صهاينة بالأسلحة الخفيفة من المسافة صفر شرق مدينة جباليا شمال القطاع".
وفي السياق نفسه، قالت كتائب القسام إنها قصفت أمس موقع السناطي المستحدث شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع بعدد من قذائف الهاون من العيار المتوسط.
ومنذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قُتل 871 ضابطا وجنديا إسرائيليا، بينهم 428 منذ بدء العملية البرية في الـ27 من الشهر ذاته، في حين أصيب إجمالا 6 آلاف ضابط وجندي منذ بداية الحرب، بينهم 2738 بالمعارك البرية في قطاع غزة، وفق بيانات الجيش الرسمية.
وتأتي هذه العمليات في سياق رد الفصائل الفلسطينية على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل على قطاع غزة بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
3 قتلى بقصف مسيّرة إسرائيلية سيارة جنوب لبنان
قتل 3 أشخاص اليوم الثلاثاء جراء قصف طائرة مسيرة إسرائيلية سيارة في جنوب لبنان ، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية. وقال مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع للوزارة، في بيان صحفي، إن الغارة الإسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة كفردجال قضاء النبطية. ووفق الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، فقد استهدفت المسيّرة السيارة بصاروخين، مما أدى إلى اشتعالها ومقتل من بداخلها، حيث هرعت إلى المكان عناصر الإطفاء والإسعاف. وأشارت الوكالة إلى أن الطائرات المسيرة الإسرائيلية تحلق في أجواء النبطية منذ صباح اليوم. ومنذ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ارتكبت إسرائيل نحو 3 آلاف خرق له، مما خلّف ما لا يقل عن 209 قتلى و504 جرحى، وفق إحصاء مستند لبيانات رسمية. وفي تحدٍ لاتفاق وقف إطلاق النار، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، في حين يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة. وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة يوم 23 سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
وول ستريت جورنال: إيران آخر من يكتشف أن روسيا تتخلى عن أصدقائها وقت الضيق
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن روسيا التي وعدت إيران بتقديم مساعدات عسكرية قبل الغارات الجوية الإسرائيلية والأميركية، لم تقدم لها سوى دعم خطابي، تجنبا للتصعيد وحفاظا على علاقاتها مع إسرائيل والرئيس الأميركي دونالد ترامب. وفي السياق نفسه، رأت صحيفة تايمز أن آمال إيران في أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صفها قد تصاب بالإحباط بسبب غموضه الإستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط، لأنه لن يخاطر بأوراق رهان روسيا على هواجس إيران. وقالت الصحيفة -في تقرير بقلم ريتشارد سبنسر- إن بوتين مثل ترامب لديه رؤية ضيقة لمصالح بلاده، وبالتالي لا يمنح الحق للدول الأخرى في معارضة آرائه بشأن مصالحها، وإن كان هذا لا يعني أن كلمات بوتين الداعمة جوفاء تماما، ولكنه يحرص على ألا يطاح بالنظام الإيراني. وذكرت وول ستريت جورنال -في تقرير لكاتبيها توماس غروف وبويان بانسيفسكي- أن بوتين التقى بداية العام بنظيره الإيراني مسعود بزشكيان في الكرملين لتوقيع شراكة إستراتيجية جديدة لتوطيد التحالف الناشئ بين البلدين، ولكن طهران لم تجد لهذه الشراكة نفعا بعد أكثر من أسبوع من الضربات الجوية العقابية الإسرائيلية والأميركية. واكتفى بوتين في لقائه كبير الدبلوماسيين الإيرانيين عباس عراقجي أمس الاثنين بتقديم تقييم جامد للضربات الأميركية، ووصفها بأنها غير مبررة، وقال إن روسيا تريد مساعدة الشعب الإيراني، لكنه لم يشر إلى أن ذلك سيشمل أي دعم عسكري، كما اقترح مناقشة مخرج من الصراع، وقال "هذا يمنحنا فرصة للتفكير معا في كيفية الخروج من هذا الوضع". ومع أن الضربات الإسرائيلية استهدفت البرنامج النووي الإيراني وصناعة الصواريخ وكبار الشخصيات العسكرية، وانضمت إليها الولايات المتحدة باستخدام أقوى قنابلها الخارقة للتحصينات، فإن إيران لم تتلق سوى دعم خطابي من أقوى داعميها، روسيا والصين، وفقا للكاتبين. وذكرت وول ستريت جورنال أن الشراكة بين موسكو وطهران ظلت شوكة في خاصرة المصالح الغربية في أوروبا والشرق الأوسط، وأشارت إلى تعاونهما في سوريا، وأوضحت أن إيران عززت المجهود الحربي الروسي بالذخيرة وقذائف المدفعية وآلاف الطائرات المسيرة بعد أن أخفقت موسكو في المراحل الأولى من غزوها لأوكرانيا. شراكة مخيبة للآمال ورجح محللون للصحيفة ألا ترد موسكو الجميل لطهران لأن الشراكة الإستراتيجية بين البلدين لم تتضمن اتفاقية دفاع مشترك، بل اكتفت بتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية وامتناع كل من الدولتين عن مساعدة أعداء الأخرى في الحروب. وقال الخبير في العلاقات الروسية الإيرانية والأستاذ في جامعة قطر نيكولاي كوزانوف إن "إيران يمكن أن تطلب دعما من روسيا، لكن موسكو لن تقبل ذلك أبدا"، لأن بوتين يريد تجنب التصعيد والحفاظ على علاقة مع إسرائيل وعلى علاقاته مع ترامب، وذلك ما لن يرضي أو يفاجئ إيران، التي خيبت روسيا أملها من قبل. وذكرت الصحيفة أن الحكومة الإيرانية أتمت صفقة مع موسكو بعد طوفان الأقصى عام 2023، لتزويدها بمقاتلات سوخوي 35 النفاثة وطائرات مروحية هجومية من طراز مي-28 وأنظمة الدفاع الجوي إس-400 وطائرات تدريب ياك-130، ولم تتلق حتى الآن سوى طائرات التدريب. روسيا ليست صديقا جيدا. وغالبا ما يدير بوتين ظهره لأصدقائه عندما يحتاجون إليه بواسطة فابريس بوتييه ونقل الكاتبان عن نيكول غرايفسكي، الباحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومؤلفة كتاب عن إيران وروسيا، قولها إن مشاكل الإنتاج والضغوط الدبلوماسية من قبل دول الخليج دفعت روسيا إلى حجب تقنيات أكثر حساسية وقوة. ونسبت الصحيفة لشخص مطلع على المحادثات أن عراقجي طلب من بوتين أنظمة دفاع جوي جديدة، والمساعدة في استعادة شبكة الطاقة النووية، ولكن بوتين قال، عندما سأله الصحفيون عن سبب عدم تزويد روسيا إيران بالأسلحة، إن اهتمام طهران بالمعدات الروسية قد تراجع، وإن إيران لم تقدم أي طلبات جديدة محددة، وأضاف "لا يوجد شيء للحديث عنه حقا". وخلصت الصحيفة الأميركية إلى أن إيران هي أحدث شريك روسي يتعرض لتجاهل موسكو في وقت الحاجة، وذكرت بتخلي موسكو عن أرمينيا التي تربطها بها معاهدة دفاع مشترك، وباكتفائها بمنح اللجوء لحليفها السوري المخلوع بشار الأسد ، وقال فابريس بوتييه كبير المستشارين السابقين لقيادة حلف شمال الأطلسي (ناتو) إن "روسيا ليست صديقا جيدا. وغالبا ما يدير بوتين ظهره لأصدقائه عندما يحتاجون إليه".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
المجنون يطارد ظله.. ثلاثون عاما من "القنبلة النووية بعد قليل"
هذا الهجوم يُمثِّل بالنسبة إلى نتنياهو الفصل الأخير من الرواية التي خلقها لنفسه، بوصفه رجلا أوقف المشروع النووي الإيراني. قبل ثلاثة وثلاثين عاما، وقف شاب إسرائيلي في بهو الكنيست يلوِّح بملف يقول إن داخله الدليل القاطع على أن طهران تلهث خلف القنبلة النووية، وأن أمامها ستة وثلاثين شهرا، أو أكثر قليلا، قبل أن تصل إليها. كان ذاك بنيامين نتنياهو ، عضو الكنيست حينها عن حزب الليكود، الذي عرفه الإسرائيليون والعالم في العام الماضي متحدثا باسم إسرائيل في الصحافة العالمية لدعم السردية الإسرائيلية ضد العراق. اليوم، وبعد أن وضع المطلوب جنائيا للمحكمة الدولية المنطقة، وربما العالم، على المحك في رهانه على فوزه في حرب ضد إيران، يبدو كمَن يريد أن يصل إلى المشهد الأخير في مسرحية كتبها بنفسه، مقاتل يوشك على إقفال الستار وهو يصرخ أمام الجمهور: لقد أنقذتُ العالم! أما بالنسبة للعالم، يبدو نتنياهو كرجل يطارد شبح النوويّ الإيراني كما يطارد المجنون ظلّه عند الظهيرة، لكن نتنياهو ليس مجنونا، بل رأس دولة نووية ونظام فصل عنصري يجرّ خلفه أعظم قوة اقتصادية وتقنية في العالم إلى حرب لا يعرف أحد كيف ستنتهي. بعد جيل كامل، وعشرات آلاف الضحايا الذين قتلهم نتنياهو وحكوماته المتعاقبة التي شارك في معظمها منذ عام 1996، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي في 15 يونيو/حزيران الجاري لقناة " فوكس نيوز" الأميركية إن الغارات الجوية التي شنَّتها إسرائيل على إيران كانت تهدف إلى منع "محرقة نووية". ادَّعى "بيبي" أن حكومته تمتلك معلومات استخباراتية حساسة تشير إلى أن إيران كانت على بُعد أشهر قليلة من تطوير قنبلة نووية بدائية، فيقول: "كان علينا أن نتحرك سريعا، ليس لحماية أنفسنا فقط، ولكن لحماية العالم". عمد نتنياهو لعقود إلى تصدير تصوراته الخاصة عن طموحات إيران النووية إلى العالم، عبر ادعاءاته بأنها تُشكِّل تهديدا وجوديا لإسرائيل، وذلك رغم عدم وجود حدود برية بين الدولتين، وهناك أكثر من 2000 كيلومتر تفصل بينهما. أما تصورات نتنياهو عن نفسه فلا تختلف كثيرا، فرئيس الوزراء المسؤول عن أكبر مذبحة في تاريخ فلسطين، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من محكمة العدل الدولية بتهمٍ تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يحاول تلميع صورته في حربه الأخيرة التي شنَّها على إيران باعتباره "منقذا للعالم". تقول الباحثة الإسرائيلية ليزار مارغاليت، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" أبريل/نيسان الفائت، إن نتنياهو يواجه معضلة نفسية بالغة التعقيد، فمنذ أن كان شابا في مقتبل حياته السياسية، رأى في نفسه بطلا شعبيا ورسولا لحماية الشعب اليهودي من الإبادة، مشيرةً إلى أن الهجوم على طهران يمثل بالنسبة إلى نتنياهو فصلا أخيرا في الرواية التي رسمها لنفسه بأنه الرجل الذي استطاع تدمير المشروع النووي الإيراني، وبدون ذلك لن يقتصر قلقه المستقبلي بعد الحرب على خسارة الحكم في إسرائيل فقط، وإنما سيمتد ذلك إلى حالة من فقدان المعنى.احترس.. إيران على وشك امتلاك قنبلة نووية بدأ بنيامين نتنياهو معركته مع البرنامج النووي الإيراني منذ التسعينيات، عندما كان عضوا صغيرا في الكنيست عام 1992، حيث ادّعى حينذاك أن إيران ستتمكن من إنتاج أول قنبلة نووية في مدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، وهي المزاعم ذاتها التي رددها في مقال للرأي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عام 1993، مدعيا أن الخطر الأكبر الذي يهدد وجود إسرائيل يتمثل في طهران التي ستمتلك القنبلة النووية بحلول عام 1999، وقد تكرر هذا التوقع كذلك في كتابه الصادر عام 1995 بعنوان "محاربة الإرهاب"، لكن يبقى المثير للغرابة أن التوقيت الذي حدده نتنياهو لحصول إيران على قنبلة نووية قد مضى منذ أكثر من 25 عاما، ومع ذلك ما زال يردد السردية ذاتها. لم تتوقف الحرب الخفية التي شنَّها رئيس الوزراء الإسرائيلي على مشروع إيران النووي عند هذا الحد، فقد وقف عام 1996 في مبنى الكابيتول بالعاصمة الأميركية واشنطن، داعيا الدول الأوروبية إلى توحيد جهودها من أجل منع العراق وإيران عن تطوير قدراتهما النووية. وبعد عشر سنوات من أول مرة حذّر فيها من النووي الإيراني، في عام 2002 ، ألقى نتنياهو كلمة أمام لجنة تابعة لمجلس النواب الأميركي (الكونغرس)، زعم خلالها أن العراق وإيران يتسابقان للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ليس هذا فقط، بل ادعى أن سقوط نظام صدام حسين في العراق سيجلب السلام لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، وقد يعمل على إسقاط النظام الإيراني بالتبعية، وقد لعبت هذه الادعاءات دورا محوريا في الغزو الأميركي للعراق، ذلك قبل أن يتبين للجميع أنها دولة خالية من الأسلحة النووية، وأن نتنياهو كان يكذب طوال الوقت. على مدار السنوات، تغير الإطار الزمني الخاص بتحذيرات بنيامين نتنياهو الخاصة بقرب امتلاك إيران لأسلحة الدمار الشامل، فبينما قدّر هذه المدة بنحو خمس سنوات بحدٍّ أقصى مطلع التسعينيات، عاد عام 2009 وقلص هذه المدة إلى قرابة العام أو العامين، بحسب ما كشفت عنه برقية أرسلها بنيامين نتنياهو إلى وزارة الخارجية الأميركية، وكشف عنها موقع "ويكيليكيس" (Wikileaks) ضمن الوثائق المسربة. وفي عام 2012، عرض بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صورته الكاريكاتورية الشهيرة لقنبلة رسم خطًّا أحمر عند حافتها، وبأداء درامي كان أشبه بدعوة حرب على إيران، ادعى نتنياهو أمام الحضور أنها على مشارف أن تصبح دولة عتبة نووية، ولا يفصلها عن امتلاك القنبلة النووية سوى بضعة أشهر أو قل أسابيع، ونقتبس من خطابه تلك الفقرة التي قال فيها: "بحلول الربيع المقبل، أو الصيف على أقصى تقدير، ستكون إيران قد انتهت من مراحل التخصيب المتوسط وانتقلت إلى المرحلة النهائية". وقبل أن يوقِّع الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما اتفاقا نوويا مع طهران في يوليو/تموز عام 2015، الذي صدَّق عليه مجلس الأمن بموجب قرار حمل رقم 2231، بذل نتنياهو جهودا حثيثة لمنع طهران من امتلاك أي قدرات نووية، حين وقف يخطب أمام (الكونغرس) الأميركي قائلا: "إذا كانت الحرب هي البديل الوحيد لاتفاق نووي مع طهران، فهي خيار أفضل بكثير من توقيع هذا الاتفاق". والأدهى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي كرر حينها ادعاءاته نفسها قبل حرب العراق، قائلا إن الحرب على إيران لن تجلب السلام للشرق الأوسط وحده، بل للعالم أجمع. واليوم، بعد عشر سنوات من هذا الخطاب، نستطيع أن نرى الشرق الأوسط المثقل كاهله بالحروب، وهو ليس نسخة ترغب بها شعوب المنطقة، لكن يبدو أن ذلك هو الوجه الجديد للشرق الأوسط الذي يرغب به نتنياهو. أما قدرات إيران الصاروخية التي تعتبرها ضمانتها الأهم للردع في المنطقة، فقد كانت محط اهتمام نتنياهو منذ عام 2015، إذ حث الولايات المتحدة على الاتحاد معه لتدمير قدرات إيران الصاروخية، وفي الخطاب ذاته ادَّعى أن صواريخ طهران لا تهدد إسرائيل فحسب، بل كل أنحاء الولايات المتحدة، وهو ادعاء مثير للسخرية نظرا لوجود آلاف الأميال التي تفصل بين البلدين، ناهيك بمساحة الولايات المتحدة الكبيرة، التي لم يصل إليها بعد مدى الصواريخ الباليستية الإيرانية بعيدة المدى، لكن يبدو أن نتنياهو أراد أن ينقل شعوره بـ"التهديد الوجودي" من إيران إلى الشعب الأميركي الذي وجَّه إليه خطابه، لتبدو معركة نتنياهو وكأنها حرب يخوضها بالنيابة عن الولايات المتحدة الأميركية والعالم بأكمله. استدعى ذلك الخطاب سخرية الصحفي الإيطالي فولفيو سكاليوني في مقال نشره موقع "إنسايد أوفر" بتاريخ 19 يونيو/حزيران، قائلا إن الادعاءات التي يرددها نتنياهو ويبرر بها حربه على إيران هي الأكاذيب نفسها التي تغنَّى بها منذ أكثر من عقد، عندما وقف يقسم أمام "الكونغرس" الأميركي أن إيران على بُعد ملليمتر واحد من صنع القنبلة النووية. وكما تبيّن عام 2015 أن مزاعم نتنياهو كانت مجرد افتراءات، تكشف التقارير الأخيرة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية كذب نتنياهو هذه المرة أيضا، مؤكدين أنه لم يرد ذكر أي قنابل نووية إيرانية في تقاريرهم، وهو ما أفادت به مديرة المخابرات الوطنية الأميركية تولسي غابارد في شهادتها أمام "الكونغرس" قبل أيام، عندما أكدت عدم وجود دلائل تشير إلى أن إيران تسعى لتصنيع سلاح نووي، ذلك قبل أن يستبعدها الرئيس دونالد ترامب من مناقشات الإدارة الأميركية حول الحرب، قائلا: "إنها مخطئة". منذ عام 2015 وضع نتنياهو صوب عينيه هدفا سياسيا واضحا: تخريب الاتفاق النووي الإيراني بمزاعم كاذبة ومضللة، على حد وصف الصحفي الأميركي بن نورتون، حيث ادعى رئيس الوزراء الإسرائيلي حينذاك أن إيران عملت على إخفاء ملفاتها النووية السرية لتضليل المجتمع الدولي، وفي 30 أبريل/نيسان 2018، وأمام شاشة عرض في تل أبيب، استعرض نتنياهو ما قال إنها معلومات استخباراتية عن برنامج سري للأسلحة النووية الإيرانية، وبالفعل في غضون شهور نجح نتنياهو في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وتوقيع عقوبات اقتصادية جديدة عليها. طوال هذه السنوات، ظلَّت طهران في خطاب بنيامين نتنياهو الدعائي على بُعد أسابيع من امتلاك قنبلة نووية، زاعما أن وجود شرق أوسط نووي يُعد "تهديدا وجوديا" لإسرائيل، وذلك رغم أنه معروف على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك قرابة 90 رأسا نوويا، ولديها ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع مئات القنابل المدمرة، ناهيك بأنها الكيان الاستيطاني الوحيد في منطقة الشرق الأوسط الذي لم يتوقف عن التوسع الجغرافي منذ نشأته. لكن بصرف النظر عن ذلك، يرى الصحفي البريطاني جوناثان فريدلاند، وفقا لمقال نشره في 13 يونيو/حزيران بصحيفة "الغارديان" البريطانية، أن توجه نتنياهو ناحية الحرب مع إيران يعود إلى أمله في خوض الانتخابات الإسرائيلية المقبلة، باعتباره الرجل الذي هزم عدو إسرائيل اللدود. وفريدلاند محق في ذلك، فقد أشارت استطلاعات رأي حديثة إلى أن أغلبية ساحقة من اليهود في إسرائيل يؤيدون الحرب على إيران، بنسبة تتجاوز 83%، وهو ما يعني أنه في حال نجاح رهان نتنياهو في إخضاع نظام الثورة الإسلامية، فسيكون قد نجح في تحقيق ما يصبو إليه غالبية الإسرائيليين، وهو ما يضمن ارتفاع حظوظه في الانتخابات المقبلة. سنوات من استهداف المشروع النووي الإيراني اتبعت إسرائيل العديد من الإستراتيجيات لإجبار إيران على التخلي عن برنامجها النووي، ففي ورقة بحثية نشرها " مركز الجزيرة للدراسات" عام 2021، أشار الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية محمود البازي إلى أن تل أبيب انخرطت على مدار عشرين عاما في حرب ظل خفية مع طهران، وقد شنَّت خلال ذلك عشرات العمليات العسكرية والسيبرانية واستخدمت جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) لتعطيل البرنامج النووي الإيراني. تركزت هذه الحرب في عدة جبهات، فكان منها دفع المجتمع الدولي لفرض العقوبات الاقتصادية القاسية على طهران، وتنفيذ عمليات اغتيال طالت قائمة طويلة من العلماء والمسؤولين الإيرانيين، كان آخرها اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده عام 2020. كما نفذت إسرائيل هجمات سيبرانية استهدفت أجهزة الطرد المركزي المسؤولة عن تخصيب اليورانيوم داخل المنشآت النووية الإيرانية، كان أشهرها "هجوم ستوكسينت" السيبراني عام 2010، الذي استخدم فيه فيروس أميركي – إسرائيلي الصنع يعرف باسم "ستوكسنت" (Stuxnet) لتدمير أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز النووية، وكانت المنشأة ذاتها قد تعرضت لهجوم سيبراني آخر شنته إسرائيل عام 2021، وتسبب بخلل في توزيع شبكة الكهرباء. لم يتوقف الأمر عند حد العمليات التخريبية، فقد أعقب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 اندلاع مواجهة ساخنة بين تل أبيب وطهران في مياه البحر الأحمر وشرق البحر المتوسط، استهدفت إسرائيل أثناء ذلك ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية عام 2020، وقد ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية حينذاك كيف كلفت إسرائيل طهران عشرات المليارات من خلال الهجمات التي شنتها على السفن الإيرانية. إبان ذلك، تغيرت إستراتيجية الردع في طهران، بعد أن حافظت لسنوات على الصبر الإستراتيجي ولجأت إلى الدبلوماسية وطاولة المفاوضات، وفي عام 2021، وصلت حرب السفن بين تل أبيب وطهران إلى ذروتها، وتبادل الطرفان الاتهامات حول الهجمات التي استهدفت السفن على الجانبين. لكن طبيعة هذا الصراع قد تغيرت مع الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، التي أخرجت الصراع الإسرائيلي الإيراني من حيز حروب الظل إلى الحروب التقليدية، وذلك عبر الهجمات المباشرة المتبادلة التي طالت ضرباتها العاصمة طهران من جهة وتل أبيب من جهة أخرى، وذلك في أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول عام 2024. كل هذه المعطيات تحيلنا إلى الوضع الراهن، وتدفعنا إلى التساؤل حول الأهداف المعلنة والخفية لبنيامين نتنياهو من هذه الحرب التي أشعل شرارتها يوم الثالث عشر من يونيو/حزيران، ليكتب بذلك حروف السطر الأخير من القصة التي بدأ فصلها الأول قبل 33 عاما. الفصل الأخير من القصة.. التدمير أم التغيير؟ في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران، شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية الواسعة على إيران، استهدفت خلالها أهدافا عسكرية ونووية، كان أهمها منشأة نطنز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم، كما أعلنت عن اغتيال عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين، من بينهم قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، ورئيس هيئة الأركان اللواء محمد باقري، وقائد مقر خاتم الأنبياء العسكري اللواء غلام علي رشيد، وأستاذ الهندسة النووية أحمد رضا ذو الفقاري، والعالم النووي فريدون عباسي. ورغم أن أهداف الهجوم المُعلنة تلخصت في تدمير المشروع النووي الإيراني، تناولت العديد من التحليلات السياسية هدفا آخر غير معلن للهجوم، تمثل في إسقاط النظام الحاكم في طهران، لتغرق البلاد في حالة من الفوضى، كان من بينها تقارير نُشرت في صحيفة "بوليتيكو" ومجلة "فورين بوليسي" الأميركية. استدلت هذه التحليلات على مدى قدرة إسرائيل على تدمير المشروع النووي الإيراني بضربة منفردة دون مساعدة الولايات المتحدة الأميركية، فالمعروف أن منشأة فوردو التي تُعد قلعة البرنامج النووي الإيراني ليست موقعا نوويا فوق الأرض كباقي المواقع، بل بُنيت في قلب جبال منطقة فوردو داخل موقع محصن، ولتدميرها تحتاج تل أبيب إلى نوع خاص من القنابل الثقيلة الخارقة للتحصينات، مثل " جي.بي.يو 43" التي تُعرف باسم "أم القنابل" (MOAB)، أو القنبلة الخارقة للدروع الضخمة (MOP)، وتزن 30 ألف رطل، وتُعد أقوى قنبلة غير نووية والذخيرة الوحيدة القادرة على تدمير المواقع الإيرانية الحصينة في عمق الجبال. وهو ما دفع الكاتب أندريا موراتوريه للقول في مقالٍ نشره موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي إن فكرة القضاء على البرنامج النووي دون مساعدة أميركية -التي تروج لها إسرائيل- تكاد تكون مضللة. لكن على الجانب الآخر، يروج نتنياهو لحربه باعتبارها ملحمة لإزالة "التهديد الوجودي" الذي تتعرض له إسرائيل، ففي حوار لهيئة البث العام الإسرائيلية يوم الخميس، سُئل بنيامين نتنياهو عن مسألة تغيير النظام الحاكم في إيران، وما إذا كانت أحد أهداف الحرب التي اندلعت قبل سبعة أيام، وأجاب رئيس الوزراء قائلا إن سقوط النظام الإيراني أو بقاءه ليس هدفا مباشرا، لكنه قد يصبح إحدى نتائج هذه الحرب. زعم نتنياهو في تصريحاته أن إسرائيل من خلال حربها ضد إيران تسعى لتغيير وجه الشرق الأوسط، بما يترتب على ذلك من وضع قواعد العالم الجديد بطريقة تتماشى مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة، متوعدا بإزالة التهديد النووي والقضاء على تهديد البرنامج الصاروخي الإيراني، الذي طالت صواريخه الباليستية قلب تل أبيب. كانت الصواريخ الإيرانية قد استهدفت على مدار الأيام الماضية العديد من المنشآت العسكرية والمدنية في إسرائيل، أهمها كان معهد وايزمان للعلوم في رحوبوت ومجمعات سكنية في بات يام، وطال الدمار بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية تل أبيب الكبرى ووسط إسرائيل، كما توقف العمل في مصفاة تكرير البترول في حيفا، وطالت الأضرار محطة الكهرباء المركزية في الخضيرة ومقر قيادة الجيش في تل أبيب. وفي 19 يونيو/حزيران، تسبب استهداف مستشفى سوروكا الواقعة بمدينة بئر السبع جنوبي إسرائيل في جولة تصعيد جديدة بين الطرفين، كما أشعل غضب المسؤولين الإسرائيليين، خاصة بعد انتشار معلومات حول المستشفى باعتبارها مركزا لعلاج الجنود المصابين خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة، مع تردد بعض الادعاءات التي تشي بوجود مركز قيادة سرية تحت البناء. توعد نتنياهو بجعل طهران تدفع ثمنا غاليا مقابل ذلك، كما هدد وزير الخارجية يسرائيل كاتس المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بأنه سيدفع ثمن أفعاله. في الوقت ذاته، تعرض بعض المسؤولين الإسرائيليين لموجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل وزير الرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار، الذي سخر منه المتابعون بعدما تباكى على قصف مستشفى سوروكا، هو الذي برر في وقت سابق قصف المستشفيات والمراكز الطبية في قطاع غزة. جاء رد طهران صادما للداخل الإسرائيلي، وتبددت معه نشوة الانتصار التي أعقبت الساعات الأولى من الهجوم، لا سيما مع الصمود الإيراني الذي تواصل لأكثر من سبعة أيام حتى الآن، وهو ما استدعى من رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يتخذ من تدمير قدرات إيران النووية والعسكرية هدفا مباشرا لهذه الحرب، أما إسقاط النظام فلا يُعد من أولوياته. يتضح ذلك من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي أشار إلى أن إسرائيل كثَّفت ضرباتها ضد الأهداف الإستراتيجية الإيرانية، وستعمل على توجيه ضربات للبنى التحتية للطاقة في طهران. في حين صرح رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير يوم الأربعاء قائلا: "نحن في خضم إزالة أكبر تهديد وجودي بالنسبة لنا"، مشيرا إلى أن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 علّمت إسرائيل درسا غاليا، يتعلق بعدم انتظار التهديدات حتى تتفاقم وتصبح خطرا محدقا، بل السعي نحو القضاء على التهديد في مهده. لكن رغم ثقة تصريحات المسؤولين، يرى عدد من الباحثين والخبراء الإسرائيليين أن تل أبيب تفتقر إلى وجود إستراتيجية خروج واضحة من هذه الحرب، فيقول عن ذلك الباحث والمحامي الإسرائيلي إيتاي ماك إن هذه الحرب مثلها مثل حرب غزة لا تتوفر لديها أهداف محددة وواقعية، مشيرا إلى أن استهداف العلماء النووين الإيرانيين ليس بإمكانه محو معرفة إيران النووية التي راكمتها على مدار العقود الفائتة، بل يتوقع ماك أن الحرب الحالية قد تمنح إيران دافعا إضافيا لتسريع عملية تصنيع سلاح نووي، وذلك حتى تتمكن من تحقيق الردع بما يتناسب مع الظروف والمعطيات الجديدة التي فرضتها عليها إسرائيل. كذلك أفاد الكاتب الإسرائيلي أمير تيبون في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعوّل على الرئيس الأميركي دونالد ترامب للدخول إلى هذه الحرب واستكمال ما بدأته تل أبيب. لكن المفارقة تكمن في أن الرئيس الأميركي كان يعول هو الآخر على الضربات الإسرائيلية للضغط على إيران لإجبارها على التفاوض دون أي شروط، ومن دون أن تضطر الولايات المتحدة للدخول طرفا في الصراع. ومن هنا يتضح أن عدم المشاركة الأميركية قد يضع نتنياهو في موقف أشد بؤسا، ليقع في مستنقع حرب طويلة بلا نهاية تلوح في الأفق، وفقا لإيتاي ماك. ترى الباحثة الإسرائيلية ليزار مارغاليت أن فتح جبهة إيران ما هو إلا محاولة يائسة متهورة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسعى من خلالها لاقتناص صورة انتصار قاطع يستطيع أن يقدمها للداخل الإسرائيلي لتفادي الأزمات التي تنتظره حين انتهاء الحرب من قضايا فساد وتهمٍ بخيانة الأمانة، وهو ما يجعله غير قادر على التراجع، لا سيما أن فشله في المعركة أمام طهران سيُمثِّل "وصمة عار" على جبينه، تلحقه طوال حياته وحتى بعد الممات، وهي الأسباب ذاتها التي تجعلنا -بحسب مارغاليت- غير قادرين على التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور في نهاية هذه الحرب.