logo
بين القومية والمقاومة

بين القومية والمقاومة

معا الاخبارية١٥-٠٤-٢٠٢٥

في تاريخ العالم العربي المعاصر، برزت ثلاث شخصيات سياسية وعسكرية تختلف في خلفياتها الأيديولوجية والانتماءات التنظيمية لكنها اجتمعت في الولاء للمقاومة والدفاع عن فلسطين، والوقوف ضد الهيمنة الغربية و شكلت مسارات حاسمة في مجرى قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. على الرغم من اختلاف الخلفيات الأيديولوجية والانتماءات العقائدية، فإن صدام حسين الرئيس العراقي الراحل ، جورج حبش مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحسن نصرالله الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني تعددت أوجه التشابه والاختلاف بينهم ولكنهم التقوا عند مفترق واحد: العداء للمشروع الصهيوني ودعم المقاومة، ورفض التبعية للغرب والإيمان الراسخ بالقضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الصهيوني، كلٌ بطريقته.
لكن كيف يمكن قراءة هذه الشخصيات في سياق تاريخي ومنطقي وعقائدي وسياسي يسلط الضوء على نقاط التشابه والاختلاف؟
اختلف الثلاثة عقائديا و فكريا جورج حبش المسيحي الأرثوذكسي حمل راية الماركسية القومية مؤمنًا أن تحرير فلسطين لن يتم إلا من خلال ثورة اجتماعية شاملة و الكفاح المسلح ضد الاحتلال الصهيوني وبأن الدين لا يُشكل حاجزًا في معركة التحرر وكان أول من برز على الساحة مع نكبة عام 1948 والتي شكلت وعيه الوطني بداية بالعروة الوثقى ومرورا بحركة القوميين العرب وصولا لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد نكسة 1967.
صدام حسين كان بعثيًا علمانيًا قوميًّا، يرى في العروبة هوية جامعة ويُؤمن بأن قوة الأمة العربية تكمن في وحدتها واستقلالها عن الهيمنة الخارجية، برز سياسيًا في حزب البعث العراقي في الستينات، وتسلّم رئاسة العراق عام 1979 دخل التاريخ كقائد عربي رفع شعار "فلسطين قضية العرب الأولى" وواجه قوى الاحتلال الأميركي والإسرائيلي و دعم المقاومة الفلسطينية ماديًا ومعنويًا، وأطلق صواريخ سكود على "إسرائيل" عام 1991 كرسالة واضحة بأن العراق لن يتخلى عن فلسطين.
اما حسن نصرالله فيستند إلى الفكر الشيعي الثوري ضمن إطار ولاية الفقيه، ويجمع بين العقيدة الدينية والمشروع السياسي، مستندًا إلى تحالفه مع إيران فقد صعد نجمه في التسعينات كأمين عام لحزب الله وقاد مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان تُوجت بانتصار عام 2000، ثم بمواجهة عسكرية كبرى في حرب 2006 وصولا لجبهة الاسناد مع المقاومة الفلسطينية عام 2023 حتى استشهد اثر غارة إسرائيلية باطنان من القنابل في الضاحية الجنوبية في بيروت، نصرالله أعلن مرارًا أن "القدس أقرب" وأن تحريرها جزء لا يتجزأ من مشروعه السياسي والعقائدي، ويعتبر دعم المقاومة الفلسطينية جزءًا من واجبه الديني والوطني.
الثلاثة تبنّوا نهج المقاومة كخيار استراتيجي لا تكتيكي سواء بالسلاح (حبش ونصرالله) أو بالمواقف السياسية والإعلامية والعسكرية (صدام حسين). جورج حبش رفض أن تصبح منظمة التحرير أداة بيد أنظمة عربية، وحافظ على استقلالية قراره الوطني، كما فعل صدام في رفضه التبعية لأي محور خارجي، الثلاثة رأوا أن الهيمنة الغربية سبب رئيسي في تراجع الأمة، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل وجهان لعملة واحدة ،صدام حسين واجه أمريكا عسكريًا، واعتبر احتلال العراق بداية لمشروع استعماري جديد اما نصرالله فواجه أمريكا عبر التصدي لمشروعها في لبنان وسوريا ،حبش منذ الستينات كان يردد: "امريكا رأس الحية و عدونا هو التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي العربي".
رغم الاختلاف في العقيدة، يتفق الثلاثة على مبدأ أساسي: المقاومة حقٌ مشروع، وفلسطين هي جوهر الصراع.
صدام حسين فقد خاض حربًا ضد إيران لمدة 8 سنوات، معتبرًا نفسه حامي البوابة الشرقية للأمة العربية، ورافضًا للنفوذ الإيراني في العالم العربي صدام كان في مواجهة مباشرة مع إيران، واعتبرها خصمًا إقليميًا يهدد العروبة ولم يكتف بالشعارات، بل أطلق صواريخ سكود كما اسلفنا على "إسرائيل" عام 1991، في سابقة تاريخية لقائد عربي
اما حبش رفض أوسلو وكل مشاريع التسوية، وقال: "التحرير لا يُنتزع من طاولة المفاوضات، بل من فوهة البندقية" و رفض الانخراط في صراعات المحاور حتى لوكان سيكلفه ذلك عزلة سياسية محافظًا على استقلالية الجبهة الشعبية رغم الضغوط وكان حذرًا من الهيمنة الإيرانية والخليجية على القرار الفلسطيني في حين أعلن نصر الله بوضوح أن "تحرير القدس هدف عقائدي"، وربط مصير المقاومة في لبنان بفلسطين، مقدمًا دعمًا مباشرًا للفصائل الفلسطينية والذي يعد جزءًا من محور المقاومة بقيادة إيران، ويعلن دعمه العلني للنظام السوري السابق والفصائل المسلحة المتحالفة مع طهران، نصرالله أقرب حلفاء إيران في المنطقة، وهو ما يضعه في موقع مختلف عن حبش وصدام في خريطة التحالفات.
سياسيًا، كلٌ منهم تعامل مع الواقع من منطلق مختلف فصدام راهن على دور الدولة المركزية القوية كقاطرة للتحررمع حضور إعلامي وخطابي قوي اما حبش راهن على الشعوب العربية لا على الأنظمة واعتمد الكفاح المسلح والشعارات الثورية في حين تبنّى نصرالله نهج العمل المقاوم المنظم والممول إقليميًا مع مهارة عالية في إدارة الإعلام والحرب النفسية.
رغم الفوارق في الأيديولوجيا و تباين الخلفيات والانتماءات، فإن جورج حبش، صدام حسين و حسن نصرالله يمثلون رموزًا لمراحل مختلفة من مشروع التحرر العربي و ثلاثة تيارات مختلفة اجتمعت على قضية واحدة: تحرير فلسطين ومقاومة العدو الصهيوني، تقاطعت طرقهم في لحظات مفصلية، وتركوا أثرًا لا يُمحى في ذاكرة الأمة، كلٌ بطريقته ورؤيته كلٌّ منهم خاض معركته من موقعه الخاص، وترك أثرًا في وجدان الشعوب العربية التي لا تزال ترى فيهم رموزًا لمرحلة من الثبات على المبادئ والرفض للخضوع وتبقى فلسطين والقدس النقطة المشتركة التي جمعتهم، وتجعل من سيرتهم مادة حيوية لفهم الواقع العربي الحديث ومعاركه المستمرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قادة فصائل فلسطينية يغادرون دمشق بعد تضييقات من السلطات السورية
قادة فصائل فلسطينية يغادرون دمشق بعد تضييقات من السلطات السورية

جريدة الايام

timeمنذ 5 أيام

  • جريدة الايام

قادة فصائل فلسطينية يغادرون دمشق بعد تضييقات من السلطات السورية

دمشق - أ ف ب: غادر قادة فصائل فلسطينية كانت مقربة من الحكم السابق في سورية وتتلقى دعماً من طهران، دمشق، وفق ما أكدت مصادر فلسطينية لوكالة فرانس برس، بعد تضييق السلطات عليهم وتسليم الفصائل سلاحها. وكانت واشنطن طلبت من السلطات السورية قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية ترحيل المنظمات الفلسطينية المتعاونة مع طهران. وأكّد قيادي في فصيل فلسطيني، رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق، أن "معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعماً من طهران غادروا دمشق" إلى دول عدة بينها لبنان. وعدّد من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سورية، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة "فتح الانتفاضة". وتنضوي تلك الفصائل مع مجموعات أخرى من لبنان والعراق واليمن في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، التي كانت أبرز داعمي الأسد. وأوضح القيادي الفلسطيني أن قادة الفصائل المعنية "لم يتلقّوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، وتمّت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا اعتقال زملائهم"، مضيفاً: "باتت تلك الفصائل ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع". ولم ترد السلطات السورية على طلب فرانس برس التعليق. وبدأت سورية تستضيف فلسطينيين منذ العام 1948، أي بعد ما يُعرف بالنكبة، واستقرّت قيادة بعض الفصائل الفلسطينية في سورية منذ منتصف الستينيات. واتُهمت دمشق خلال السنوات التالية بتغذية الانقسامات داخل الفصائل، واستخدام الورقة الفلسطينية لمصالحها السياسية. قبل اندلاع النزاع في سورية في العام 2011، شكّلت دمشق قاعدة رئيسية لحركة "حماس"، لكن هذه الأخيرة أقفلت معظم مقراتها في سورية في العام اللاحق وغادرت البلاد على خلفية تدهور علاقتها مع الحكم السابق ودعمها معارضي الأسد. وانقسم الفلسطينيون على الأرض، خصوصاً في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، بين مؤيد للمعارضة ومؤيد للسلطات، وقاتلوا إلى جانب الطرفين. اليوم، تغيب رايات الفصائل الفلسطينية عن مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين حيث يشهد الدمار على ضراوة المعارك خلال سنوات النزاع الأولى، وتبدو مقرّات الفصائل مقفلة ولا وجود لمسلحين قربها. ويتكرّر المشهد قرب مقار معروفة لفصائل عدّة في عدد من أحياء دمشق، وفق مصوري فرانس برس. ويقول علي ناصر، ستيني من سكان المخيم: "لم يبق أحد من الفصائل، جميعها خرجت، وحتى سياسياً لم يعد لها دور". ويؤكد القيادي الفلسطيني أن السلطات السورية الجديدة "صادرت ممتلكات معظم الفصائل من منازل شخصية ومقرات وسيارات، ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى". ويوضح أن الفصائل "سلّمت السلاح الموجود في مقراتها أو لدى كوادرها بالكامل" إلى السلطات التي تسلمّت كذلك "قوائم بأسماء من لديه قطع فردية من عناصر الفصائل وطالبت بها". وحضّت واشنطن، التي تصنّف فصائل فلسطينية عدة منظمات "إرهابية"، السلطات الجديدة في دمشق على "منع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية". وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض بـ"ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين"، وفق البيت الأبيض. وقال مصدر فلسطيني في دمشق: إنه بعد الإطاحة بالأسد "جمعنا أسلحة عناصرنا بأنفسنا وسلمناها.. لكننا أبقينا على سلاح فردي خفيف للحماية وليس للقتال، وذلك بموافقة" السلطات. وقال مصدر فلسطيني آخر في دمشق: "لا يوجد أي تعاون بين معظم الفصائل الفلسطينية والإدارة السورية" حالياً، مضيفاً: "غالباً ما يكون الردّ على تواصلنا معها بارداً أو متأخراً، ونشعر أننا ضيوف غير مرحب بنا". وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي في 22 نيسان أن السلطات السورية اعتقلت اثنين من قادتها، هما: مسؤول الساحة السورية خالد خالد، ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري. وقال القيادي في الحركة هيثم أبو الغزلان لفرانس برس: إنهما ما زالا معتقلين "من دون أسباب مقنعة"، لافتاً إلى "جهود تبذل على أكثر من صعيد لتأمين الإفراج" عنهما. وفي الثالث من أيار، أوقفت السلطات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة طلال ناجي لساعات، وفق ما أفاد مسؤولون في الفصيل حينها. وتبقى حركة "فتح"، والتي لا وجود نافذاً لها في سورية، بمنأى عن التضييق، وفق المصادر الفلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني زار دمشق والتقى الشرع في 18 نيسان. قبل اندلاع النزاع عام 2011، ناهز عدد اللاجئين الفلسطينيين في سورية 560 ألف شخص، وفق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ومنحتهم سورية كل حقوق المواطنة، باستثناء الانتخاب والترشيح. وانخفض عددهم خلال سنوات النزاع إلى 438 ألفاً. في مخيم اليرموك شبه المقفر، يقول مروان النوار: "الفصائل التي وقفت مع النظام البائد، حُسم أمرها تقريباً وغادرت". ويضيف الموظف المتقاعد: "يبحث الناس اليوم عن حياة كريمة فقط" بعدما "تعبوا من الفصائل الفلسطينية المتناحرة مع النظام السابق وضده".

جيش الاحتلال يعتزم تنفيذ هجوم كبير في لبنان
جيش الاحتلال يعتزم تنفيذ هجوم كبير في لبنان

معا الاخبارية

timeمنذ 6 أيام

  • معا الاخبارية

جيش الاحتلال يعتزم تنفيذ هجوم كبير في لبنان

بيت لحم معا- حذر المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي أدرعي المتواجدين في قرية تول في جنوب لبنان وتحديدًا لكل من يتواجد في المبنى المحدد بالأحمر وفق ما يُعرض في الخارطة والمباني القريبة منه. وقال أدرعي في منشور عبر "إكس": "تتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله. من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم, أنتم مضطرون لإخلاء هذه المباني فورًا والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر وفق ما يُعرض في الخارطة"

أمريكا تعرض 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن "حزب الله"
أمريكا تعرض 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن "حزب الله"

معا الاخبارية

time١٩-٠٥-٢٠٢٥

  • معا الاخبارية

أمريكا تعرض 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن "حزب الله"

واشنطن- معا- عرضت واشنطن، اليوم الإثنين، مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار للحصول على معلومات حول الشبكات المالية التابعة لحزب الله في أمريكا الجنوبية. جاء ذلك بحسب الحساب الرسمي لبرنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية عبر منصة "إكس". وقال الحساب: "حزب الله يمارس أنشطته في مناطق بعيدة عن مقره في لبنان، بما في ذلك في أمريكا الجنوبية. إذا كانت لديك معلومات حول تهريب حزب الله أو غسيل الأموال أو أي آليات مالية أخرى في منطقة الحدود الثلاثية، يرجى الاتصال بنا. قد تكون مؤهلا للحصول على مكافأة والانتقال". ويوم الخميس الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على اثنين من كبار مسؤولي حزب الله واثنين من القائمين بأعمال التسهيلات المالية؛ لدورهم في تنسيق التحويلات المالية إلى الجماعة المدعومة من إيران. وذكرت وزارة الخزانة في بيان لها، أن الأشخاص المستهدفين يقيمون في لبنان وإيران، وعملوا على إيصال أموال إلى جماعة حزب الله من مانحين خارجيين. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، إن التبرعات الخارجية تشكل جزءا كبيرا من ميزانية الجماعة. وقال نائب وزير الخزانة الأمريكي مايكل فولكندر، إن إجراء الخميس يُسلط الضوء على "الامتداد العالمي الواسع لجماعة حزب الله من خلال شبكتها من المتبرعين والداعمين للإرهاب، وخاصة في طهران". وأضاف: "في إطار جهودنا المستمرة للتصدي لدعم إيران للإرهاب، ستواصل وزارة الخزانة الأمريكية تكثيف الضغوط الاقتصادية على الشخصيات الرئيسية في النظام الإيراني ووكلائه الذين ينفذون هذه الأنشطة المميتة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store