logo
بين تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية وصراع الداخل الإسرائيلي

بين تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية وصراع الداخل الإسرائيلي

جفرا نيوزمنذ 8 ساعات

جفرا نيوز -
في خطوة جريئة ومغامرة، أقدمت إسرائيل على توجيه ضربات موجعة لإيران، مستهدفة قيادات عسكرية بارزة ومفاعل نطنز النووي، في محاولة لإضعاف القدرات الإيرانية وتحجيم النفوذ في المنطقة. إلا أن التعافي الإيراني كان أسرع مما توقع الجميع، إذ استعاد النظام توازنه خلال ساعات قليلة، ما أدى إلى تلاشي النشوة الإسرائيلية التي رافقت هذه الضربات، خصوصًا مع ترنح منظومة القبة الحديدية التي سمحت لصواريخ دقيقة بالوصول إلى أهدافها داخل المدن الكبرى مثل تل أبيب وحيفا
مؤشرات تصاعد التوتر :
في تطور لافت، أعلنت السفارة الأمريكية في القدس وتل أبيب إغلاق أبوابها، ما يطرح علامات استفهام حول تصاعد حدة المواجهة ودلالاتها على إمكانية اتساع نطاقها أو التحضير لسيناريوهات أخطر
هل تستطيع إسرائيل استكمال هذه العملية لفترة طويلة؟ وما هي المدة الزمنية المتوقعة للوصول إلى مفاوضات دبلوماسية تفضي إلى حل؟ وهل خرجت الأمور بالفعل عن السيطرة؟
اعادة تشكل محور المقاومة:
تدخل باكستان المفاجئ لدعم إيران يعيد تشكيل "محور المقاومة" في المنطقة، ويدعم التوجهات الاستراتيجية لطهران، فيما يلوح حزب الله بدخوله الفعّال في المعركة، وهو ما يؤكده إعلان أنصار الله في اليمن وانخراطهم، فيما تتزايد الدعوات العلنية من قبل إسرائيل لاستقدام أمريكا وأوروبا للحرب، وهو ما تقبلته بريطانيا رسمياً
حرب المضائق البحرية :
السيطرة على مضيق هرمز من قبل إيران تمثل ورقة ضغط استراتيجية، قد تستغلها طهران للضغط على القوى الدولية والأطراف الفاعلة في الأزمة لإجبار إسرائيل على التفاوض، وقطعاً من شأنها أن تعطي إيران نشوة مؤقتة كطرف منتصر، وموقع قوة في المفاوضات المقبلة، خصوصًا مع تكامل ذلك مع سيطرة أنصار الله على باب المندب الواضح .
العقيدة العسكرية وتأثيرها على الصراع :
•أما العقيدة العسكرية للطرفين، فهي مفتاح لفهم طبيعة الصراع، فالعقيدة الإسرائيلية ترتكز عادةً على التدخل العسكري "المضطر"، كما في حرب أكتوبر 1973، حين كان هناك تهديد وجودي مباشر للكيان. لكن الحرب الحالية على إيران ليست حرب اضطرارية، ما يضع إسرائيل أمام تحدي كبير: كيف سيستجيب المجتمع الإسرائيلي لما يشهده من تدمير غير مسبوق داخل المدن، مع إصرار قادته على استكمال الحرب ؟ الشعب الإسرائيلي المعتاد على الحروب خارج الحدود، يجد نفسه في مواجهة واقع مختلف، قد يؤثر على الدعم المجتمعي للحكومة .
•في المقابل، يتسم النظام الإيراني بالعقيدة الثابتة المرتبطة بالمذهب الكربلائي والمتأثر بثورية الحسين عليه السلام (نموذج دائم للصراع بين الحق والباطل ، مما يبرر مقاومة الظلم السياسي في كل زمان) في مواجهة الضغوط ، مع استعداد للتصعيد والتضحية، وهو ما يدعم صموده ويعزز موقفه في الحرب
الإعلامية والسياسية النظام العربي الصامت :
المنطقة العربية تمر في حالة صمت مخيف، مع غياب موقف واضح من الحكومات، التي قد تكون مستهدفة في المستقبل كجزء من إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤية جديدة لإسرائيل وأمريكا، ما يشير إلى "سايكس بيكو" جديد يعيد رسم الحدود والنفوذ .
الصحافة الإسرائيلية والرأي العام :
أما داخل إسرائيل، فالمجتمع يتحمل حرباً غير اضطرارية، مع تعطّل الحياة اليومية ودخول السكان الملاجئ لأيام، ما يخلق حالة من التوتر والغضب قد تزداد في الأسابيع القادمة
يضاف إلى ذلك، الانقسامات السياسية الداخلية، حيث طالبت كتل معارضة متعددة برئاسة نتنياهو بالاستقالة بسبب فشله في إدارة الحرب على غزة وفشله في تحقيق الأهداف المعلنة ، إلى الهدف الاخر تعطيل المشروع النووي الإيراني. لكن رفع شعار "التهديد الوجودي" للكيان نجح في تحقيق دعم شعبي موسع، مؤقتاً، ضد إيران .
أما السؤال الأكبر: هل من بدأ الحرب قادر على إنهائها؟ أم أن الأمور قد تنزلق نحو فوضى إقليمية أوسع؟ وهل يجلس الأطراف قريباً على طاولة المفاوضات، وما هي شروط كل منهم ؟ وهل ستظل غزة وحرب الإبادة تظل غزة محورًا مهمًا، حيث قد تؤثر المعارك في محيطها على أي اتفاق سياسي مستقبلي، وقد يكون هناك تنافس بين محور المقاومة والدولة العبرية في استغلال ملف القطاع ولها مكان على طاولة المفاوضات القادمة ...... ؟
مخاطر التوسع والفوضى الإقليمية
ومع تحفز دول لا تخفي محاولاتها في لعب ادوار في هذا الصراع مثل :
الدور الروسي والصيني يبقى حاسماً في تحريك مواقف الدول الكبرى، خاصة مع مهاجمة السفارة الأمريكية في أربيل وتدخلها في الصراع تحت حجة حماية مصالحها في المنطقة ، في تطور غير مؤكد التفاصيل لكنه يرمز إلى تعقيد المشهد تبقى المخاوف من انزلاق الصراع مع وجود أطراف كثيرة قادرة على إشعال جذوة النزاع بريطانيا على سبيل المثال من خلال بوارجها الرابضة قبالة الشواطئ الاسرائيلية.
خفايا المفاوضات القادمة:
من المرجح أن تجري المفاوضات في ظروف معقدة، مع تبادل للضغوط باستخدام أوراق مثل السيطرة على مضائق النفط والموانئ الاستراتيجية وسلاسل توريد النفط الخليجي . الثمن المطلوب سيشمل تنازلات على ملفات حساسة مثل النووي وملفات المقاومة
المعركة مستمرة، والرهان الأكبر على قدرة الأطراف على إيجاد مخرج سياسي يحفظ الحد الأدنى من الاستقرار في منطقة تتأرجح بين الحرب والفوضى إن من بدأ الحرب ليس بالضرورة من ينهيها، ويبدو أن الجميع يخوضون لعبة شد وجذب دقيقة ، مع احتمالية أن يكون الحل دبلوماسيًا بعد استنزاف أطراف الصراع لطاقاتهم .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماجد القرعان يكتب : الهيلامنجية ومستقبل الدولة الأردنية
ماجد القرعان يكتب : الهيلامنجية ومستقبل الدولة الأردنية

أخبارنا

timeمنذ 2 ساعات

  • أخبارنا

ماجد القرعان يكتب : الهيلامنجية ومستقبل الدولة الأردنية

أخبارنا : الهيلامنجية جمع لمفردة ( هيلمنجي ) وهي كلمة شعبية متداولة في مجتمعنا الأردني وتطلق على المنافقين والكذابيين والمدعيين ( كثيرين الأقوال منعدمين الأفعال ) والذين هم الأشد بلوى والأكثر خطرا على مسيرتنا الخالدة . مناسبة الحديث تلك الفئة ممن اعتادوا "ركوب الموج " من أحداث ومواقف وظواهر عامة لتحقيق أهداف شخصية ليس أكثر من مكاسب وتنفيعات على حساب الصالح العام وهم في حقيقة مسيرتهم لم يكونوا يوما لا في العير ولا للنفير سوى ( البعبعة ) وليس غريبا أو مستغربا ان نرى مواقفهم صباحا خلافا لمواقفهم مساء حيال نفس الحدث أو الظاهرة العامة والشواهد التي يحتفظ بها جوجل لا تعد ولا تحصى وللدلالة يكفي ادراج اسم احدهم في محرك البحث لمعرفة سقطاتهم وتناقضهم مع انفسهم . وأُذكر في هذا الصدد بالنسبة لمن تم ( فطمهم قصرا أو قصدا ) دون ارادتهم باقصائهم عن مواقعهم كيف انقلبوا 180 درجة الى صفوف المناكفين والجاحدين والناكرين ومنهم على سبيل المثال من زج ابنه في الحراكات التي استهدفت زعزعة أمن الوطن ومن مولها وحصدوا المناصب . وعودة على بدء فيما يتعلق بمسيرة الدولة الأردنية التي دخلت المئوية الثانية من عمرها فيكفي تذكير من عُميت ابصارهم انها قامت بقيادة وعزيمة الهاشميين ومن حولهم الصناديد من ابناء العشائر الذين عاهدوا الله على الوفاء للوطن وتقديم الغالي والنفيس من اجل استقلاله وسيادته ورفعته ونمائه فكان لنا هذا الوطن الذي نتفيأ ظلاله ونباهي الأمم بمسيرتنا الخالدة . الحرب الكونية الجديدة التي يشهدها الإقليم ليست التحدي الأول الذي تواجهه الدولة الأردنية والتطاول والتشكيك في مواقفنا ليس بالأمر الجديد فالقائمة تطول بالنسبة لمحاولات زعزعة أمننا واستقرارنا لكننا وبحمد الله وفضله تمكنا من مواجهتها والخروج منها أكثر صلابة وقوة وشاهدنا غير البعيد تعامل أجهزة الدولة مع جائحة فيروس كورونا وما قدمته وتقدمه الدولة الأردنية دعما لفلسطين بوجه عام وأهل غزة على وجه الخصوص بالرغم من محدودية امكانياتنا والذي شهدت عليه دول العالم اشادة وتقديرا ما عزز من مكانتنا وأهمية دولتنا بين دول العالم وليست مجاملة القول هنا ان الفضل في ذلك للسياسة المتزنة التي يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين تأسيسا على السياسة التي انتهجها ورسخها قادة بنوا هاشم منذ عهد الملك المؤسس عبد الله الأول طيب الله ثراهم الى جانب ما تزخر به اجهزة الدولة من شخصيات وازنة وخبراء في كافة الإختصاصات ( الجنود المجهولين ) الذين يعملون بصمت همّهم الأول سلامة الوطن ومستقبله . سلاح ( الكلمة ) لا يقل أهمية عن اعتى الأسلحة الكونية حين يتم استخدامها بحرفية من قبل أهل الحكمة والروية وليس من قبل (جماعة البروباغاندا والهيلامنجية ) لا بل قد يكون أقوى وأكثر تأثيرا لشحذ الهمم وطنيا ولإخراس المتشدقين في الداخل والخارج وكذلك للتأثير في الرأي العام على مستوى العالم باعتبار ذلك عامل مهم من شأنه احداث تغيير ايجابي في السياسات التي تنتهجها بعض الحكومات وخاصة الغربية التي تدعم منها قوى الشر كما بالنسبة لدولة الإحتلال . بوجه عام لا ينقصنا محليا التنظير والتشدق لحماية الجبهة الداخلية ورص الصفوف فالشعب الأردني شعب واعي متزن يعرف الغث من السمين ملتزم بثوابت الدولة أبا عن جد رغم ( غثبرات عديمي الرؤى والمسؤولية ) الذين لسبب أو آخر تولوا المناصب فقدموا مصالحهم على مصالح الدولة حانثين باليمين الذي اقسموه والذين بتقديري ان الزمن كفيل بهم . ما ينقصنا الوضوح والشفافية حيال مختلف القضايا والتوجيه السديد للتعامل معها ومع ثقتي بشخص رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان وعدد من اعضاء الفريق الوزاري اقترح تشكيل خلية بإرادة ملكية تضم خبراء ومختصين من كافة القطاعات مهمتهم الأساس تحديد أولويات معالجة المشكلات الكبرى للخروج من أزمتنا الإقتصادية عصب الحياة الرئيسي .

روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..
روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..

سرايا الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • سرايا الإخبارية

روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..

بقلم : في وقتٍ تتزايد فيه التحديات الإقليمية وتشتد الحملات الممنهجة ضد الأردن، بات من الضروري أن نُجدد موقفنا، شعباً وقيادة، بأن أمن الأردن خط أحمر، وسماؤه لن تكون ممراً ولا مسرحاً لحروب الآخرين . ما صرّحت به الدولة الأردنية مؤخراً "سنواجه منتهكي سماء المملكة، ولن نكون ساحة معركة"، ليس مجرد بيان سياسي، بل هو موقف سيادي راسخ يُعبّر عن عقيدة الدولة وجيشها وشعبها . في موازاة هذه المواقف الحازمة، نشهد هجمات إلكترونية مشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف جيشنا العربي الباسل، وتُحاول النيل من موقف الأردن وثوابته الوطنية، مصدر هذه الحملات ليس مجهولاً، بل ذات الفئة المأجورة التي لا تترك فرصة إلا وتُشكك في نوايا الأردن، وتحاول تصويره كعدو لفلسطين أو شريك في مؤامرات وهمية . لكن الحقيقة أوضح من أن تُطمس فالأردن لم يكن يوماً ساحة لأي عدوان، ولم تُطلق رصاصة من أراضيه نحو غزة، ولا نحو دمشق، ولا ضد حزب الله، ولا حماس، ولا حتى إيران. الأردن وقف دوماً في صف قضايا أمته، ولكن دون أن يفرّط بسيادته أو يُساوم على أمنه الوطني . من يتطاول على الأردن، هم ذاتهم الذين رضوا بأن تُصبح أراضيهم مستباحة من جيوش أجنبية وميليشيات مرتزقة دول لا تملك سيادة على أجوائها، ولا على حدودها، أصبحت أدوات تُدار عن بُعد في صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل، أما الأردن فليس ملعباً لأحد، ولن يسمح لأي طرف أن يحوّله إلى منصة لإرسال الرسائل أو تصفية الحسابات . في هذه المرحلة الدقيقة، المصلحة الوطنية الأردنية يجب أن تطغى على كل العواطف والانفعالات . لم يعُد مقبولاً أن يُزايد علينا أحد، أو أن يتطاول من اعتاد على خيانة الداخل والخارج، وحدتنا الداخلية هي السلاح الحقيقي، الكلمة الحرة المخلصة، والصوت النزيه على المنصات، والوقوف مع الجيش وقيادته، هي جزء من معركة الكرامة والسيادة . الخاتمة: الأردن أولاً.. وسيبقى شامخاً أردن النشامى، وقيادة الهاشميين، لا يحتاج إلى شهادة من أحد، تاريخه يشهد له، ومواقفه لا تُشترى ولا تُباع فليعلم الجميع أن سماء الأردن ليست مسرحاً، وأن جيشه العربي سياج من نار . حمى الله الأردن، وحمى مليكه، وجيشه الباسل، وأرضه الطاهرة من كل حاقد . #حمى_الله_الاردن_ارضا_وشعبا_وقيادة #روشان_الكايد #محامي_كاتب_وباحث_سياسي

لماذا إيران الآن؟
لماذا إيران الآن؟

عمون

timeمنذ 2 ساعات

  • عمون

لماذا إيران الآن؟

لم تعد الأخبار المتصاعدة من إيران ومحيطها الإقليمي مجرد تطورات عابرة، لقد تحولت إلى بؤرة ملتهبة تشغل صنّاع القرار والمحللين والرأي العام العالمي. من تصعيد برنامجها النووي المثير للقلق إلى دعم شبكات عسكرية تمتد من بيروت إلى صنعاء، وتحديها الصارخ للمصالح الغربية في قلب الشرق الأوسط، تطل طهران بقوة على المشهد الدولي في هذه اللحظة بالذات. السؤال المحوري: لماذا إيران؟ ولماذا الآن؟ الإجابة تكمن في تفاعل مُعقَّد بين ثوابت استراتيجية عميقة الجذور وظروف آنية خلقت "لحظة فارقة" قد تُعيد تشكيل المنطقة. إيران ليست وافدًا جديدًا على المسرح الجيوسياسي، فموقعها الفريد كقلب نابض للشرق الأوسط يمنحها نفوذًا استراتيجيًا لا يُستهان به. سيطرتها على مضيق هرمز – شريان حي لنحو 30% من تجارة النفط العالمية – وقربها من بؤر الصراع في العراق وأفغانستان ودول الخليج، جعل منها لاعبًا قادرًا على تحويل جغرافيتها إلى سلاح. لكن قوة طهران لا تقوم على الجغرافيا وحدها؛ فمشروعها القائم على أيديولوجيا الثورة الإسلامية حوّلها إلى دولة ذات رسالة تتجاوز حدودها. رؤية "ولاية الفقيه" كمرجعية دينية وسياسية للمسلمين الشيعة، وعداؤها للغرب وإسرائيل تحت شعار محاربة "الاستكبار العالمي"، يدفعانها لتمويل ما يُعرف بـ"محور المقاومة". هذه الشبكة من الحلفاء – من حزب الله في لبنان بترسانته الصاروخية المروعة، إلى الحوثيين في اليمن الذين يعطلون الملاحة الدولية، والميليشيات في العراق وسوريا – تمنح إيران قدرةً على الضرب بيد طويلة مع الحفاظ على إنكار المسؤولية المباشرة. وراء هذا كله يقف السعي المحموم للردع النووي كضامن نهائي لبقاء النظام. تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، القابلة للتحول السريع إلى درجة التسلح، لم يعد مجرد تهديد نظري بل كابوسًا ملموسًا لإسرائيل وجيران الخليج. ما حوّل هذه الثوابت التاريخية إلى أزمة طارئة اليوم هو اشتعال أربعة عوامل متداخلة. الحرب في غزة كانت الشرارة التي فجّرت الديناميت الإقليمي، فالهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر – وهي حركة تربطها بإيران عقود من الدعم – أعقبه تحرك متزامن لأذرع "المحور": هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، تبادل القصف اليومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، واستهداف الميليشيات للقواعد الأمريكية في العراق وسوريا. هنا لا تقدم طهران الدعم لحماس فحسب، بل تحوّل الأزمة إلى منصة لتعزيز نفوذها وإثبات أنها القوة التي لا يُمكن تجاوزها في أي تسوية إقليمية. في ذات الوقت، تهزّ إيران داخليًا بسبب التحولات المفاجئة، فحادث تحطم طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي في مايو الماضي دفع إلى انتخابات رئاسية مُعجَّلة في يونيو، وضعت النظام أمام اختبار مزدوج: إثبات الاستقرار الداخلي لشعب منهك بالعقوبات، وإبراز القوة الخارجية لترسيخ شرعيته. التصعيد الإقليمي والتقدم النووي هما رسائل موجهة للداخل قبل الخارج، تصرخ بأن "النظام باقٍ وقادر". يزيد الأمر تعقيدًا الجمود الكامل في الملف النووي، فمحادثات إحياء الاتفاق النووي أشبه بجثة هامدة، بينما تواصل إيران تخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم تكفي لصنع أسلحة متعددة لو اتخذت القرار. هذا الركود يخلق "نافذة خطر" ضيقة ترفع احتمالات الضربة العسكرية الوقائية، خاصة مع تقارير عن تقدمها في تطوير رؤوس حربية. وفي الخلفية، تحولات كبرى في تحالفات القوى العظمى تمنح طهران هامشًا غير مسبوق، فالانشغال الأمريكي بمواجهة الصين في المحيط الهادئ، واستنزاف روسيا وأوروبا في حرب أوكرانيا، وفشل الضربات الغربية في ردع الحوثيين، خلقت لدى القيادة الإيرانية إحساسًا بفرصة تاريخية للتمدد. تحالفها الاستراتيجي مع موسكو – الذي يمدها بطائرات مسيّرة مقابل درونز لإطلاق النار على أوكرانيا – والشراكة العميقة مع بكين كشريان حياة للنفط والاستثمارات، يضعانها في قلب تحدي جديد للنظام العالمي الغربي. سؤال "لماذا إيران الآن؟" يُجاب عليه بهذا التشابك المرعب بين طموحات إمبراطورية قديمة وظروف دولية استثنائية. المخاطر هنا ليست مجرد تصعيد عابر، فالفشل في احتواء الأزمة قد يشعل حربًا إقليمية شاملة، وامتلاك طهران سلاحًا نوويًا سيهزّ موازين القوى إلى الأبد. لكن النظام يدرك أن مغامرته قد تدفع ثمنًا باهظًا: من ثورة شعبية جائعة إلى ضربة عسكرية مدمرة. العالم يقف على حافة الهاوية، إما دبلوماسية جريئة تُطفئ النار، أو حريقٌ لا يُبقي ولا يذر. وسلامتكم ..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store