logo
دروس في النقاش المجتمعي

دروس في النقاش المجتمعي

العربية١١-٠٥-٢٠٢٥

في ذروة الاضطرابات في الحرم الجامعي بسبب الحرب في غزة، طُلب مني التحدث في مؤتمر حول «كيفية إجراء حوار مجتمعي». وقد سعدت بهذه الفرصة لأن الموضوع كان (ولا يزال) ضرورياً وملائماً لهذا الوقت.
إننا نعيش في بيئة شديدة السمية، حيث تبدو الفجوات السياسية والثقافية بيننا غير قابلة للتجاوز. في علاقاتنا الخارجية، ومناقشاتنا في الكونجرس، ومجتمعاتنا، وحتى في عائلاتنا، غالباً ما يبدو أن الأشخاص على طرفي نقيض من القضايا أكثر اهتماماً بتسجيل النقاط من التوصل إلى تفاهم.
وأثناء تحضيري لكلمتي، فكرت في أربعة دروس مهمة تعلمتها من أشخاص كان لهم أثر كبير في حياتي.
في سنوات مراهقتي، كنت نوعاً ما فتى مبكر النضوج يظن أنه يعرف كل شيء. كنت أحب الأفكار والجدال. عندما كنت أجادل أحدهم، كانت تقول لي والدتي: «لم تستمع لكلمة مما قاله الطرف الآخر. كنت جالساً على حافة مقعدك تنتظر دورك في الحديث دون أن تسمع ما يقول. إذا لم تستمع إليهم، فلن يستمعوا إليك، لأنك تتحدث إليهم وليس معهم». وكانت تقول أيضاً: «لا تخطئ في كلامك ولا تتحدث بصوت عالٍ». فالكلام بصوت مرتفع قد يشعر المرء بالرضا، لكنه بدلاً من أن يفتح الآذان، يُغلق باب الحوار.
وفي بداية مسيرتي المهنية، كانت زوجتي «إيلين» تحضر خطاباتي وتجلس في مؤخرة القاعة، حيث يمكنني رؤيتها. كنت شاباً أميل إلى استخدام لغة نارية. وعندما كنت أتجاوز الحدود، كانت إيلين تجفل. أوضحت لي أنه، رغم أنني أظن أن هذه اللغة لها تأثير صادم، إلا أنها في أحسن الأحوال تُشتت انتباه الكثيرين من الحضور، وفي أسوئها تُنفرهم. في محاولتي للتعبير عن معاناة شعب محاصر، كانت تقع على عاتقي مسؤولية التحدث إلى أناس لن تُتاح لهم فرصة الاستماع لهذا الشعب. كان يتعين عليّ احترام الجمهور كي يسمع رسالتي.
وبعد هجمات 11 سبتمبر، أصبحت تطبيقات هذه الدروس البسيطة في الانصات والحديث المجتمعي واضحة. أثناء خدمتي في فريق عمل تابع لمجلس العلاقات الخارجية يُعنى بالدبلوماسية العامة، ويستكشف كيفية التواصل مع العالم العربي، كان لدي زملاء يقترحون أفكاراً تتراوح بين قصف العراق وإلقاء محاضرات حول الديمقراطية.
في الوقت نفسه، كنت أنا وأخي «جون» نقوم بإجراء استطلاعين لصالح مؤسستين في العالم العربي: أحدهما لفهم قيم العرب وهمومهم، والآخر لقياس مواقف العرب تجاه أميركا.
وجدنا أن الهموم الرئيسية لمعظم العرب كانت تدور حول أسرهم ومستقبلهم. كانوا يريدون وظائف جيدة، ورعاية صحية عالية الجودة، وفرص تعليم لأبنائهم، ومجتمعات آمنة ومستقرة. وعلى عكس التصورات الأميركية الشائعة، كان العرب يحبون أميركا - شعبها، ونظامها التعليمي، ومنتجاتها، وثقافتها، وقيمها. ما لم يعجبهم هو طريقة تعامل أميركا معهم.
وقد ساعدتني هذه النتائج في إثراء مناقشات فريق العمل - وأعدتني للقاءات مع مسؤولي إدارة بوش. عندما أُتيحت لي فرصة مقابلة كل من وكلاء وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة، نصحتهم بألا يبدأوا محادثاتهم في البلدان العربية بإلقاء المحاضرات. بل قلت لهم: «ابدأوا بطرح الأسئلة والاستماع، لا تفترضوا أنكم تعرفون ما يفكر فيه الآخرون أو ما يريدون سماعه منكم».
في نفس الفترة تقريباً تلقيت دعوة من دولة الإمارات العربية المتحدة، للاجتماع مع عدد من وزراء دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة سبل رأب الصدع بين منطقتهم والولايات المتحدة الأميركية. كانوا ينتقدون الجهود الأميركية في التواصل وكان لديهم عدة أفكار لتحسين صورتهم لدى الأميركيين. استمع المسؤولون الإماراتيون وفهموا ما لم يفهمه كثيرون: الأميركيون لا يفهمون العرب، والعرب لا يفهمون الأميركيين. وبتأملهم في فشل محاولات الطرفين في الدبلوماسية العامة، استنتجوا: «في النهاية، لن ننجح نحن العرب في مساعدة الأميركيين على فهمنا، ما لم نفهمهم أولاً. وبالمثل، لن ينجح الأميركيون».
هذا الدرس البسيط يجب أن يكون أساس أي جهد في النقاش المجتمعي. فحيثما توجد اختلافات، فإن الشرط الأساسي للتواصل الحقيقي هو فهم احتياجات ومخاوف «الآخر».
الدروس بسيطة: استمع قبل أن تتحدث، تحدث بلطف وتجنب اللغة القاسية، احترم جمهورك، وحاول مخاطبة همومهم حتى تتمكن من فتح عقولهم لسماعك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حرب الإبادة تتواصل .. 79قتيلاً فلسطينيا خلال 24 ساعة
حرب الإبادة تتواصل .. 79قتيلاً فلسطينيا خلال 24 ساعة

عكاظ

timeمنذ 21 دقائق

  • عكاظ

حرب الإبادة تتواصل .. 79قتيلاً فلسطينيا خلال 24 ساعة

تابعوا عكاظ على فيما يواصل جيش الاحتلال حرب الإبادة على غزة، أعلن الدفاع المدني في القطاع الفلسطيني المنكوب مقتل 79 فلسطينياً خلال الساعات الـ24 الماضية، في سلسلة غارات عنيفة إسرائيلية استهدفت شققاً سكنية وخياماً ومنازل تؤوي نازحين. وأكدت مصادر فلسطينية وشهود عيان أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت شقة سكنية في مدينة خان يونس جنوب غزة، ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا والمصابين. وأفادت بأن القصف استهدف منازل ومباني يقطنها نازحون في بلدة جباليا شمالي القطاع. وطالت الغارات غرب مخيم النصيرات وسط القطاع، في سياق التصعيد العسكري المستمر. وتواصل المدفعية الإسرائيلية قصفها المكثف في مناطق مكتظة بالنازحين، منها حي الصفطاوي، حي السلاطين، تل الزعتر، ومحيط مستشفى الإندونيسي، ومستشفى العودة شمالي القطاع، ويفرض الجيش حصاراً على المصابين والعاملين فيهما لليوم الرابع على التوالي، ما يعيق تقديم الرعاية الطبية. وأكدت المصادر أن الجيش الإسرائيلي وسع عملياته البرية في مناطق التوغل شمال القطاع، مطالباً سكان منطقة الصفطاوي شمال غرب غزة بالإخلاء الفوري، في خطوة تشير إلى التمهيد لإنشاء محور عسكري جديد مشابه لما يُعرف بـ«محور موراج» الذي أنشئ في جنوب القطاع في وقت سابق. في المقابل، سمح جيش الاحتلال بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم، في وقت تتزايد فيه النداءات الدولية والأممية بضرورة فتح المعبر بشكل كامل لتسهيل إدخال الإمدادات الإغاثية. ومنذ شهر مارس الماضي، استأنفت إسرائيل الحرب على القطاع المدمر، مطلقة مرحلة جديدة من عمليات التوغل، بهدف الضغط على حركة حماس ودفعها إلى تقديم تنازلات خلال مفاوضات متعثرة، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. وكشف مسؤولون إسرائيليون أن الخطة تقضي بالسيطرة على أغلب المناطق في غزة، وعدم الانسحاب منها. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} خطة إسرائيلية بالسيطرة على أغلب المناطق في غزة

برئاسة مشتركة بين المملكة وفرنسا...انعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تنفيذ حل الدولتين
برئاسة مشتركة بين المملكة وفرنسا...انعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تنفيذ حل الدولتين

الرياض

timeمنذ 22 دقائق

  • الرياض

برئاسة مشتركة بين المملكة وفرنسا...انعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل تنفيذ حل الدولتين

برئاسة مشتركة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، عُقد في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك، أمس، الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي رفيع المستوى من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، بمشاركة واسعة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وترأس وفد المملكة في الاجتماع المستشارة بوزارة الخارجية الدكتورة منال حسن رضوان، فيما ترأس الجانب الفرنسي مستشارة الرئيس الفرنسي السيدة آن كلير لوجندر. وأكدت المستشارة منال رضوان في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية أن المملكة بالشراكة مع فرنسا تسعى لأن يشكّل هذا المؤتمر نقطة تحوّل تاريخية نحو سلام عادل ودائم، مشددة على ضرورة إنهاء الاحتلال وتأسيس دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة بصفته سبيلًا وحيدًا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وأوضحت أن إنهاء الحرب والإفراج عن الرهائن والمحتجزين وضمان الأمن الشامل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خطة سياسية موثوقة تعالج جذور الصراع. ونوّهت بالإصلاحات التي أطلقتها القيادة الفلسطينية، مؤكدة أهمية دعم المجتمع الدولي للحكومة الفلسطينية. كما أكدت المستشارة رضوان التزام المملكة الثابت بمبادرة السلام العربية، ودورها المحوري في إطلاق "التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين" بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والنرويج. وكان الاجتماع قد شهد استعراض 19 دولة ومنظمة تشارك في رئاسة مجموعات العمل الثمان المنبثقة عن المؤتمر، قُدمت خلاله إحاطات حول التقدم المحرز في إعداد المخرجات المتوقعة لكل مجموعة. كما شهد الاجتماع -الذي حضره وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام السيدة روزماري ديكارلو- تأكيدات من الدول الأعضاء على دعمها الكامل للمملكة وفرنسا، وإشادتها بالجهود التي تبذلها فرق العمل، مؤكدة التزامها بالمشاركة بمقترحات وأفكار عملية من شأنها أن تسهم في إنجاح المؤتمر الدولي المزمع عقده خلال الفترة من 17 إلى 20 يونيو 2025م.

سورية: رفع العقوبات يخدم إعادة الإعمار
سورية: رفع العقوبات يخدم إعادة الإعمار

عكاظ

timeمنذ 31 دقائق

  • عكاظ

سورية: رفع العقوبات يخدم إعادة الإعمار

تابعوا عكاظ على قال وزير المالية السوري محمد يسر برنية إن رفع العقوبات الأمريكية عن بلاده يخدم إعادة الإعمار، وتحديث البنية التحتية، وفتح المجال أمام عودة الاستثمارات. ونقلت وكالة «سانا» الرسمية اليوم (السبت) عن برنية قوله: «إن فترة التجميد المُعلنة هي الحد الأقصى الذي يمكن أن تتخذه الإدارة التنفيذية الأمريكية دون العودة إلى الكونغرس»، لافتاً إلى أن العمل جارٍ حالياً من أجل إلغاء القانون بشكل نهائي عبر تشريع من الكونغرس. وأكد أن «هذه الخطوة تفتح الباب واسعاً أمامنا للعمل الجاد لإعادة بناء سورية والتخلص من القيود التي كبّلت الاقتصاد السوري لسنوات»، متوقعاً صدور أخبار مفرحة أخرى في القريب العاجل. وأنهى الوزير تصريحه بقوله: «تفاءلوا بسورية ومستقبلها». من جانبها، أعربت السلطات السورية عن ترحيبها بالقرار الصادر عن الحكومة الأمريكية برفع العقوبات التي فرضت عليها وعلى شعبها لسنوات طويلة. وقالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية في بيان عبر منصة «إكس»: «إن دمشق تعتبر القرار خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد». وأكدت أن «سورية تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بأن الحوار والدبلوماسية هما السبيل الأمثل لبناء علاقات متوازنة تحقق مصالح الشعوب، وتعزز الأمن والاستقرار في المنطقة». ومنحت إدارة الرئيس دونالد ترمب أمس (الجمعة) إعفاءات شاملة لسورية من العقوبات في خطوة أولى كبيرة صوب تحقيق التعهد بإنهاء العقوبات المفروضة منذ نصف قرن على سورية. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) اليوم عن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت قوله إن الحكومة الأمريكية بدأت تعليق العقوبات على سورية، في محاولة لتشجيع استثمارات جديدة ودعم مسار البلاد نحو تحقيق سلام واستقرار. وأضاف بيسنت: «كما تعهد الرئيس دونالد ترمب، فإن وزارتي الخزانة والخارجية تنفذان تفويضات لتشجيع الاستثمارات الجديدة في سورية». وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت أمس (الجمعة) رفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الداخلية السوري أنس الخطاب. ورفعت العقوبات عن البنك المركزي وعدد من البنوك الأخرى والعديد من شركات النفط والغاز الحكومية، والوزارات، والخطوط الجوية السورية، وهيئة الإذاعة والتلفزيون، وموانئ اللاذقية وطرطوس. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} أحمد الشرع

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store