
"وساطة أمريكية وسعودية وتركية".. تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين باكستان والهند
توصلت الجارتان النوويتان اللدودتان، باكستان والهند إلى اتفاق لوقف كامل وفوري لإطلاق النار، في خطوة حاسمة جاءت تتويجًا لمحادثات مكثفة بوساطة أمريكيةـ وهذا الاتفاق يمثل نقطة تحول مهمة بعد أسابيع عصيبة من التوتر العسكري غير المسبوق والاشتباكات العنيفة عبر الحدود المشتركة. تصاعدت حدة المواجهة بشكل لافت منذ الهجوم المسلح الذي استهدف سياحًا الشهر الماضي وتتبادل نيودلهي وإسلام آباد الاتهامات بشأنه، وهو ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين على الجانبين. لقد دفعت الخسائر البشرية والتصعيد المتواصل إلى تحركات دولية عاجلة لتجنب انجراف القوتين النوويتين نحو صراع أوسع نطاقًا.
ولعبت جهود الوساطة الأمريكية دورًا محوريًا في إقناع الطرفين بالجلوس إلى طاولة التفاوض والتوصل إلى هذا الاتفاق الذي ينهي أخطر مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين منذ عقود، ولم تقتصر الجهود على واشنطن، حيث أعلن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار على قناة "جيو نيوز" أن المملكة العربية السعودية وتركيا كان لهما دور مهم في تسهيل مسار التوصل إلى الهدنة.
بنود الاتفاق
وتأكدت الهدنة من أعلى المستويات، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخبر أولاً عبر منصته "تروث سوشيال"، مهنئًا البلدين على "استخدام الحس السليم والذكاء العظيم". من جانب آخر، قدم سكرتير الشؤون الخارجية الهندي، فيكرام ميسري، تفاصيل إضافية حول طبيعة الاتفاق، مؤكداً أن رئيسي العمليات العسكرية في البلدين تحدثا بعد ظهر يوم السبت للتنسيق، وفقًا لـ"أسوشيتد برس".
واتفق القادة العسكريون على أن "يوقف الجانبان جميع عمليات إطلاق النار والعمليات العسكرية برًا وجوًا وبحرًا"، وقد صدرت تعليمات فورية على كلا الجانبين لضمان تنفيذ هذا التفاهم بشكل كامل، ومن المقرر أن يعقد القادة العسكريون الكبار اجتماعًا آخر في الثاني عشر من مايو لمتابعة التطورات وضمان استمرار الهدوء، في مؤشر على الرغبة في ترسيخ الاتفاق وعدم العودة إلى مربع التصعيد.
وجاء الإعلان عن وقف إطلاق النار في أعقاب تبادل كثيف للضربات لم يسبق له مثيل خلال الأيام القليلة الماضية، وزعمت الهند أنها استهدفت قواعد جوية باكستانية في وقت مبكر من يوم السبت، مدعيةً أن هذه العملية جاءت ردًا على إطلاق إسلام آباد صواريخ عالية السرعة على بنية تحتية عسكرية ومدنية في ولاية البنجاب الهندية، وفي المقابل، أكدت باكستان أنها اعترضت معظم الصواريخ الهندية المهاجمة وردت بضربات انتقامية استهدفت مواقع عسكرية هندية.
وفي مؤتمر صحفي عُقد في نيودلهي، صرحت العقيد الهندي صوفيا قريشي بأن باكستان استهدفت مرافق صحية ومدارس في ثلاث قواعد جوية هندية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وأن الرد الهندي كان "مناسبًا"، من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الجيش الباكستاني اللفتنانت جنرال أحمد شريف : "إن بلاده استخدمت صواريخ فاتح متوسطة المدى لضرب منشأة تخزين صواريخ هندية وقواعد جوية في مدينتي باثانكوت وأودهامبور"، مؤكدًا أن أصول القوات الجوية الباكستانية لم تتضرر في الهجوم الهندي.
وجهود الدبلوماسية كانت نشطة بشكل ملحوظ خلف الكواليس لدفع الجانبين نحو التهدئة، وكشف وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أنه ونائب الرئيس جيه دي فانس انخرطا بشكل مباشر مع كبار المسؤولين من باكستان والهند خلال الساعات الثماني والأربعين التي سبقت الإعلان عن الهدنة، وشملت هذه الاتصالات رؤساء الوزراء ناريندرا مودي وشهباز شريف، ووزير الشؤون الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار، ورئيس أركان الجيش الباكستاني عاصم منير.
وتشير هذه الاتصالات رفيعة المستوى إلى حجم الجهود المبذولة لتدارك الأزمة. وأعلن روبيو أن المحادثات لم تقتصر على وقف إطلاق النار فقط، بل شملت اتفاقًا بين الحكومتين على "بدء محادثات حول مجموعة واسعة من القضايا في موقع محايد"، مما يفتح الباب أمام معالجة التوترات الأساسية التي تغذي الصراع بين البلدين على المدى الطويل.
تأثيرات ميدانية
وعكست ردود الفعل على الأرض مدى التوتر الذي ساد قبل الاتفاق، ففي كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، تحدث السكان عن سماع انفجارات مدوية في عدة مواقع، بما في ذلك المدينتين الرئيسيتين سريناغار وجامو، وبلدة أودهامبور العسكرية، ووصف شيش بول فيد، المسؤول السابق بالشرطة، الوضع بأنه "يبدو وكأنه حرب"، مشيرًا إلى أن الانفجارات بدت مختلفة عن سابقاتها وأنها استهدفت على ما يبدو قواعد عسكرية. في المقابل، بحث القرويون وعمال الإنقاذ في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية عن ناجين تحت أنقاض المنازل التي دمرها القصف الهندي ليلة الجمعة، في مشاهد مؤلمة عكست التكلفة البشرية للصراع.
وفي باكستان، ساد شعور عام بالارتياح والابتهاج بالهدنة، بعد أيام من القلق، ووصف الكثيرون الاتفاق بأنه لحظة فخر وطني، وعبّرت زبيدة بيبي في إسلام آباد عن سعادتها بعودة الهدوء قائلة : "الحرب لا تجلب سوى المعاناة... نحن سعداء بعودة الهدوء. أشعر وكأنها عيد بالنسبة لي. لقد انتصرنا". من الجانب الهندي، رحب المسؤول المنتخب الأبرز في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية عمر عبد الله، بالهدنة، معلقًا : "لو حدث ذلك قبل يومين أو ثلاثة أيام، ربما تجنبنا إراقة الدماء وفقدان الأرواح الثمينة".
ويمثل اتفاق وقف إطلاق النار خطوة ضرورية وحاسمة نحو احتواء التصعيد العسكري الخطير بين باكستان والهند، وعلى الرغم من أن التوترات الكامنة لا تزال قائمة، فإن التوصل إلى هذا التفاهم عبر قنوات دبلوماسية، وبوساطة دولية وإقليمية، يبعث برسالة أمل بإمكانية إدارة الخلافات عبر الحوار بدلاً من المواجهة العسكرية، فهل ستنجح المحادثات المستقبلية في بناء جسور الثقة ومعالجة جذور الصراع لتحقيق سلام مستدام؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 3 ساعات
- عكاظ
سقوط «يوتيوبر» هندية في فخ التجسس لباكستان
تابعوا عكاظ على اعتقلت السلطات الهندية مدوِّنة السفر الشهيرة جوتي مالهوترا للاشتباه في قيامها بالتجسس لصالح باكستان، في خضم تصاعد التوتر بين الدولتين. وألقت الشرطة الهندية القبض على مدوِّنة السفر جيوتي مالهوترا، من ولاية هاريانا الشمالية، بتهمة الاشتباه في التجسس لصالح باكستان، في العملية الأمنية التي أُطلق عليها اسم «أوبريشن سيندور»، وجاءت في أعقاب الهجوم الدامي الذي شهدته منطقة باهالجام وأسفرت عن حملة اعتقالات واسعة في بضع ولايات هندية، في ظل تصاعد التوترات بين الجارتين، عقب صراع عسكري استمر لأربعة أيام هذا الشهر. لكن المفاجأة كانت بتورط مالهوترا (31 عاماً) صاحبة الظهور اللامع والمؤثر في مواقع التواصل التي اتُهمت بأنها كانت على تواصل مباشر مع ضابط باكستاني يُدعى إحسان الرحمن الملقب بـ«دانش» ويعمل في المفوضية العليا الباكستانية في نيودلهي. وأفاد مسؤول رفيع في الشرطة، بأن مالهوترا متهمة بمشاركة معلومات حساسة مع جهات باكستانية. وتُعد هذه النوعية من التوقيفات أمراً شائعاً بين البلدين، لكن توقيت القبض على مالهوترا أثار اهتماماً واسعاً، لاسيما أنه جاء بعد أعنف مواجهة عسكرية بين الهند وباكستان منذ عقود، ما زاد المخاوف من اندلاع حرب شاملة. وفقا لما أوردته «CNN». بحسب رواية الشرطة الهندية، كانت مالهوترا على تواصل مع عميل استخبارات باكستاني عمل على استدراجها، واستمرت هذه العلاقة حتى خلال المعركة الدامية الأخيرة بين البلدين. أخبار ذات صلة وقال قائد الشرطة ششانك كومار ساوان: «كانت مدوِّنة سفر، لكن أثناء التحقيق تبين أنها سقطت في هذا الفخ سعياً وراء المشاهدات والمتابعين والمحتوى المنتشر». وأضاف ساوان أن مالهوترا سافرت إلى باكستان في رحلات «ممولة»، وكانت على اتصال بمؤثرين آخرين على «يوتيوب» يُشتبه بتواصلهم أيضاً مع جهات استخباراتية باكستانية. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
الذهب يرتفع وسط تزايد قلق المستثمرين إزاء الدين الحكومي الأميركي
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس وسط إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن نتيجة لتزايد المخاوف إزاء مستويات الدين الحكومي وضعف الطلب على سندات للخزانة الأميركية لأجل 20 عاما. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 3320.37 دولار للأونصة بحلول الساعة 00:26 بتوقيت غرينتش. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3% إلى 3322.20 دولار. وقال رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون إنه يقترب من طرح مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتصويت، مما يعني أنه ربما تمكن من تهدئة اعتراضات زملائه الجمهوريين الذين كانوا يرفضون تمريره، نقلاً عن وكالة "رويترز". وتصاعدت المخاوف بشأن مساعي ترامب للدفع بمشروع قانون خفض الضرائب الذي قد يؤدي إلى تفاقم عبء الديون بما يتراوح بين 3 تريليونات دولار و5 تريليونات دولار. وشهدت وزارة الخزانة الأميركية طلبا ضعيفا على بيع سندات بقيمة 16 مليار دولار لأجل 20 عاما أمس الأربعاء، مما يسلط الضوء على انحسار الإقبال على الأصول الأميركية. وعادة ما يُنظر إلى الذهب على أنه استثمار آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.3% إلى 33.47 دولار للأونصة، وانخفض البلاتين 0.4% إلى 1072.70 دولار، وهبط البلاديوم 1.1% إلى 1026.58 دولار.


العربية
منذ 3 ساعات
- العربية
الدولار يتراجع وسط مخاوف مالية و"بيتكوين" تواصل الصعود القياسي
دفعت المخاوف المالية والطلب الفاتر على سندات للخزانة الأميركية الدولار إلى أدنى مستوى في أسبوعين مقابل الين اليوم الخميس بالتزامن مع محاولة الرئيس دونالد ترامب تمرير مشروع قانون شامل للإنفاق وخفض الضرائب في الكونغرس. وصعدت عملة بيتكوين إلى أعلى مستوى على الإطلاق، اليوم الخميس، لأسباب من بينها بحث المستثمرين عن بدائل للأصول الأميركية. واستفاد الذهب أيضا ووصل إلى أعلى مستوى في أسبوعين تقريبا عند 3325.79 دولار مما يجعله على بعد 175 دولارا من المستوى القياسي المرتفع الذي سجله في أبريل/نيسان. وقال جيمس نيفتون خبير التداول لدى كونفيرا "على الرغم من هبوط الأسهم، فإن الدولار الأميركي لم يشهد طلبا تقليديا كملاذ آمن، في حين استفاد الذهب واليورو والين". ولا يزال الجمهوريون منقسمين حول تفاصيل مشروع قانون الضرائب. وصرح رئيس مجلس النواب مايك جونسون بأن متشددين داخل الحزب لا يزالون يرون أن مشروع القانون لا يخفض الإنفاق بشكل كاف. وبحسب محللين غير حزبيين، من المتوقع أن يضيف مشروع القانون ما يتراوح بين 3 و5 تريليونات دولار لديون البلاد. وانخفض الدولار إلى 143.27 ين في التداولات المبكرة في آسيا، وهو أضعف مستوى منذ السابع من مايو/أيار. وقفزت عملة كوريا الجنوبية أمس الأربعاء إلى أعلى مستوى منذ الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1368.90 مقابل الدولار، بعد أن ذكرت صحيفة (كوريا إيكونوميك ديلي) أن واشنطن طالبت سول باتخاذ إجراءات لتعزيز قيمة الوون الذي تراجع قليلا اليوم الخميس إلى 1377.00. واستقر اليورو في أحدث التعاملات عند 1.1330 دولار بعد ارتفاعه0.4 % أمس الأربعاء وتسجيل مكاسب للجلسة الثالثة على التوالي. واستقر الجنيه الإسترليني أيضا عند 1.3426 دولار. وزاد الفرنك السويسري قليلا بواقع 0.1% إلى 0.8245 مقابل الدولار. وصعد سعر عملة بيتكوين في أحدث التداولات 1.6% إلى 110049.82 دولار، بعد أن وصل في وقت سابق لأعلى مستوى له على الإطلاق عند 110636.58 دولار.