logo
محاضرة تعاين إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس وإشكالات الترجمة والتأثير

محاضرة تعاين إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس وإشكالات الترجمة والتأثير

أخبارنامنذ 2 أيام
أخبارنا :
عاينت محاضرة ألقاها أستاذ الأدب الأندلسي في جامعة مؤتة، الدكتور فايز القيسي، الثلاثاء، في مجمع اللغة العربية الأردني، إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس، وإشكالات الترجمة والتأثير، وذلك ضمن جلسات الموسم الثقافي الثالث والأربعين للمجمع.
وسبق المحاضرة، رئيس المجمع، الدكتور محمد عدنان البخيت، الذي أبن في كلمة، الكاتب والأكاديمي والمترجم والناقد الراحل حديثا، الدكتور محمد يوسف شاهين، الذي يعد من رواد الدراسات الأدبية في الأردن، منوها بمنجزاته الأدبية والفكرية، وفي حقل الترجمة، وبمقالاته ودراساته ومحاوراته الثقافية والفكرية، ودوره في حمل القضية الفلسطينية إلى العالم من خلال ترجمة أدب الشاعر محمود درويش، وإعادة المفكر إدوارد سعيد إلى حضن اللغة العربية عبر ترجمة أعماله.
وفي المحاضرة التي حملت عنوان: "انتشار إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس في السرد الإسباني الوسيط: إشكالات الترجمة والتأثير"، وقدم لها وأدارها وزير الثقافة الأسبق، أستاذ الأدب الأندلسي، الدكتور صلاح جرار، قدم الدكتور القيسي شرحا موجزا عن فن المقامات، وخصوصا لدى بديع الزمان الهمذاني وتلميذه الحريري، الذي اشتهرت مقاماته وطغت على مقامات الهمذاني.
وأشار إلى اتساع انتشار المقامات واهتمام الكتاب بها، إذ تجاوز عدد من ألف في هذا الفن حتى الآن مئة مؤلف، بدءا من بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع الهجري، وانتهاء بالدكتور جرار، الذي أصدر مجموعتين، أولاهما "المنامات الأيوبية" المسماة بـ"إخبار الأنام بأخبار المنام"، وثانيهما "شحذ الأفهام بأحاديث المنام"، وقد جمع فيهما بين المقامات والمنامات.
وتناول الدكتور القيسي فن المقامة العربية، الذي يمثل أحد أبرز أشكال السرد العربي التقليدي، القائم على الحيلة والتنقل والراوي الثابت، والوعظ، وغير ذلك، حيث كان أساسا فنيا ألهم الأدب الأوروبي، لا سيما في إسبانيا في العصور الوسطى.
وبين أن فن المقامة لم يقف عند حدوده الجغرافية أو اللغوية، بل وجد صداه في الأدب العبري الأندلسي، إذ تناوله يهود الأندلس بعناية، ومن أبرزهم "الحريزي"، لافتا إلى أن المترجمين اليهود نقلوا النصوص من اللغة العربية ذات النظام الأدبي المحدد إلى اللغة العبرية ذات النظام الأدبي المغاير، في فضاء مختلف، ولا يكتفي المترجم اليهودي في هذا الإطار بالبحث عن معادل دلالي، بل يطوع النص الأصلي للثقافة المستهدفة، ليقربه من المتلقي، بهدف تطوير الأدب العبري وفتح آفاق أخرى له.
كما تحدث عن فن الرواية "البيكارسكية" الإسبانية، أو الرواية "الشطارية"، التي تعد من اللبنات الأولى لفن الرواية الحديثة في أوروبا، رائيا أنها قد تكون نهلت من فن المقامة العربية، نتيجة مشتركات كثيرة في المحتوى والمضمون.
وتطرق في هذا الإطار إلى أوجه التشابه والاختلاف بين المقامات والسرد الإسباني الوسيط، مستعرضا عددا من النماذج والأمثلة على ذلك.
وأكد القيسي أن هذا التأثير العميق لفن المقامة لا يمكن فصله عن دور الأندلس الحضاري والثقافي كجسر بين الشرق والغرب، داعيا إلى ضرورة إعادة قراءة هذا التراث السردي ضمن سياقاته الأدبية المقارنة.
وخلص في ختام محاضرته إلى أن النص المقامي نص ثقافي حي، ينتقل ويتفاعل مع المكونات الثقافية المختلفة، مشيرا إلى أن المقامات راجت كل الرواج، ليس بين العرب فحسب، بل بين العبريين والمسيحيين، ولهذا ترجمت إلى لغاتهم.
وكان الدكتور جرار، في تقديمه للمحاضر، قد نوه باختيار الدكتور القيسي لموضوع المحاضرة الدقيق والجديد، مؤكدا أنه يستحق التأمل والتعمق.
وفي الختام، جرى حوار موسع مع الحضور من أكاديميين وباحثين متخصصين، حول الموضوع وآفاقه.
--(بترا)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه الثالث والأربعين بـ«السرد الإسباني في الأندلس»
مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه الثالث والأربعين بـ«السرد الإسباني في الأندلس»

الدستور

timeمنذ 19 ساعات

  • الدستور

مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه الثالث والأربعين بـ«السرد الإسباني في الأندلس»

نضال برقانتحت عنوان: «انتشار إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس في السرد الإسباني الوسيط: إشكالات الترجمة والتأثير»، ابتدأت الجلسة الثالثة من جلسات فعاليات الموسم الثقافي الثالث والأربعين لعام 2025م، التي عقدها مجمع اللغة العربية الأردني في مقره، يوم الثلاثاء الماضي، وترأسها الأستاذ الدكتور صلاح جرار، أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأردنية، وحاضر فيها الأستاذ الدكتور فايز عبدالنبي القيسي، أستاذ الأدب العربي في جامعة مؤتة. بدأت الجلسة بكلمة لرئيس المجمع الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت رحّب فيها بالضيوف الكرام، ونعى فيها العلامة الكبير الأستاذ الدكتور محمد شاهين الذي وافته المنية ظهر أمس الاثنين الموافق للثلاثين من حزيران الجاري، جاء فيها: « في هذا اليوم أقف بين أيديكم لأنعى أخًا وصديقًا وعالمًا جليلًا، الأخ الأستاذ الدكتور محمد يوسف شاهين، الذي كان زميلًا لي منذ عام 1966م، حيث درسنا معًا في إنجلترا، وهو شخصية فريدة من نوعها، عندما نستذكرها يقفز إلى أذهاننا اسم أساتذة كبار، مثل: إدوارد سعيد والطيب صالح والأستاذ المرحوم محمود درويش، فقد عاش معهم وبهم، يستقبل ضيوف الأردن ويكرمهم في بيته الخاص، وكان رحمه الله معلماً أصيلًا درّس في كثير من جامعات العالم، ولم يبخل في أن يولي قضية فلسطين عنايته الكبرى، ويوصل مضمونها إلى علماء العالم في كثير من الدول، وقد عاش حياة زهد وورع وتقًى، منكبًّا على العلم والدراسة، رافضًا مباهج الحياة كلها، وغادرتنا برحيله شخصية من كبار العلماء في هذا العصر.وقد تولى إدارة الجلسة الأستاذ الدكتور صلاح جرار، الذي رحّب برئيس المجمع والسادة الحضور، ووجّه الشكر لأسرة المجمع على دعوته الكريمة لمواصلة هذه المواسم الثقافية المهمة والغنية، والتحية للأستاذ القيسي على موضوع المحاضرة الدقيق الجديد الذي وقع اختياره عليه، مؤكدًا أنه يستحق التأمل والتعمق؛ فهو يسلط الضوء على أدب الأندلس والمشرق اللذين تبادلا الفنون الأدبية، المتمثلة بالموشّحات والمقامات، تلك التي أثرت الثقافة العربية سابقًا، والحضارة الإسبانية فيما بعد. وتحدّث الدكتور القيسي عن فن المقامة العربية الذي يمثل أحد أبرز أشكال السرد العربي التقليدي، القائم على الحيلة والتنقل والراوي الثابت، والوعْظ وغير ذلك، حيث كان أساسًا فنيًا ألهم الأدب الأوروبي، لاسيما في إسبانيا في العصور الوسطى.وأوضح أن المقامة لم تقف عند حدودها الجغرافية أو اللغوية، بل وجدت صداها في الأدب العبري الأندلسي، ثم في الرواية البيكارسكية الإسبانية، التي تعد من اللبنات الأولى لفن الرواية الحديثة في أوروبا، معرّجًا على مواضع التشابه والاختلاف بين المقامات والسرد الإسبانيّ الوسيط، ومستشهدًا عليها بالأمثلة الداعمة.كما أشار القيسي إلى الإشكالية الكبيرة التي حفّت برحلة المقامة إلى الأدب الإسبانيّ الوسيط، وعن كيفية انتقالها إلى الآداب الغربية عبر قناة أو وسيط ما، طارحًا سؤالًا مهمًا حول وجود تأثير حقيقيّ للمقامة في الآداب الغربية أم هو مجرّد تشابه بين موضوعات المقامة والرواية الشطارية، وحسب؟ مستعرضًا مواقف الباحثين التي انقسمت عليه على ثلاثة اتجاهات، استدلّ من خلالها على تأثر الأدب الغربي بفن المقامة بلا شك.وأكد القيسي أن هذا التأثير العميق لا يمكن فصله عن الدور الحضاري والثقافي الذي قامت به الأندلس كجسر حضاري بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى ضرورة إعادة قراءة هذا التراث السردي ضمن سياقاته الأدبية المقارنة.ثم خلص القيسي إلى أن: «النصّ المقاميّ هو نص ثقافي حيّ، ينتقل من هنا إلى هناك، ويتفاعل مع المكوّنات الثقافية المختلفة، وقد راجت هذه المقامات كل الرواج ليس بين العرب فحسب بل بين العبريين والمسيحيين أيضًا، ولهذا ترجموها إلى لغاتهم». وانتهت الجلسة بفتح باب الحوار والاستفسارات بين المحاضر وجمهور الحاضرين.

محاضرة تعاين إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس وإشكالات الترجمة والتأثير
محاضرة تعاين إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس وإشكالات الترجمة والتأثير

أخبارنا

timeمنذ 2 أيام

  • أخبارنا

محاضرة تعاين إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس وإشكالات الترجمة والتأثير

أخبارنا : عاينت محاضرة ألقاها أستاذ الأدب الأندلسي في جامعة مؤتة، الدكتور فايز القيسي، الثلاثاء، في مجمع اللغة العربية الأردني، إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس، وإشكالات الترجمة والتأثير، وذلك ضمن جلسات الموسم الثقافي الثالث والأربعين للمجمع. وسبق المحاضرة، رئيس المجمع، الدكتور محمد عدنان البخيت، الذي أبن في كلمة، الكاتب والأكاديمي والمترجم والناقد الراحل حديثا، الدكتور محمد يوسف شاهين، الذي يعد من رواد الدراسات الأدبية في الأردن، منوها بمنجزاته الأدبية والفكرية، وفي حقل الترجمة، وبمقالاته ودراساته ومحاوراته الثقافية والفكرية، ودوره في حمل القضية الفلسطينية إلى العالم من خلال ترجمة أدب الشاعر محمود درويش، وإعادة المفكر إدوارد سعيد إلى حضن اللغة العربية عبر ترجمة أعماله. وفي المحاضرة التي حملت عنوان: "انتشار إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس في السرد الإسباني الوسيط: إشكالات الترجمة والتأثير"، وقدم لها وأدارها وزير الثقافة الأسبق، أستاذ الأدب الأندلسي، الدكتور صلاح جرار، قدم الدكتور القيسي شرحا موجزا عن فن المقامات، وخصوصا لدى بديع الزمان الهمذاني وتلميذه الحريري، الذي اشتهرت مقاماته وطغت على مقامات الهمذاني. وأشار إلى اتساع انتشار المقامات واهتمام الكتاب بها، إذ تجاوز عدد من ألف في هذا الفن حتى الآن مئة مؤلف، بدءا من بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع الهجري، وانتهاء بالدكتور جرار، الذي أصدر مجموعتين، أولاهما "المنامات الأيوبية" المسماة بـ"إخبار الأنام بأخبار المنام"، وثانيهما "شحذ الأفهام بأحاديث المنام"، وقد جمع فيهما بين المقامات والمنامات. وتناول الدكتور القيسي فن المقامة العربية، الذي يمثل أحد أبرز أشكال السرد العربي التقليدي، القائم على الحيلة والتنقل والراوي الثابت، والوعظ، وغير ذلك، حيث كان أساسا فنيا ألهم الأدب الأوروبي، لا سيما في إسبانيا في العصور الوسطى. وبين أن فن المقامة لم يقف عند حدوده الجغرافية أو اللغوية، بل وجد صداه في الأدب العبري الأندلسي، إذ تناوله يهود الأندلس بعناية، ومن أبرزهم "الحريزي"، لافتا إلى أن المترجمين اليهود نقلوا النصوص من اللغة العربية ذات النظام الأدبي المحدد إلى اللغة العبرية ذات النظام الأدبي المغاير، في فضاء مختلف، ولا يكتفي المترجم اليهودي في هذا الإطار بالبحث عن معادل دلالي، بل يطوع النص الأصلي للثقافة المستهدفة، ليقربه من المتلقي، بهدف تطوير الأدب العبري وفتح آفاق أخرى له. كما تحدث عن فن الرواية "البيكارسكية" الإسبانية، أو الرواية "الشطارية"، التي تعد من اللبنات الأولى لفن الرواية الحديثة في أوروبا، رائيا أنها قد تكون نهلت من فن المقامة العربية، نتيجة مشتركات كثيرة في المحتوى والمضمون. وتطرق في هذا الإطار إلى أوجه التشابه والاختلاف بين المقامات والسرد الإسباني الوسيط، مستعرضا عددا من النماذج والأمثلة على ذلك. وأكد القيسي أن هذا التأثير العميق لفن المقامة لا يمكن فصله عن دور الأندلس الحضاري والثقافي كجسر بين الشرق والغرب، داعيا إلى ضرورة إعادة قراءة هذا التراث السردي ضمن سياقاته الأدبية المقارنة. وخلص في ختام محاضرته إلى أن النص المقامي نص ثقافي حي، ينتقل ويتفاعل مع المكونات الثقافية المختلفة، مشيرا إلى أن المقامات راجت كل الرواج، ليس بين العرب فحسب، بل بين العبريين والمسيحيين، ولهذا ترجمت إلى لغاتهم. وكان الدكتور جرار، في تقديمه للمحاضر، قد نوه باختيار الدكتور القيسي لموضوع المحاضرة الدقيق والجديد، مؤكدا أنه يستحق التأمل والتعمق. وفي الختام، جرى حوار موسع مع الحضور من أكاديميين وباحثين متخصصين، حول الموضوع وآفاقه. --(بترا)

مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه 43 بـ:"السرد الإسباني في الأندلس"
مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه 43 بـ:"السرد الإسباني في الأندلس"

الدستور

timeمنذ 2 أيام

  • الدستور

مجمع اللغة يواصل عقد جلسات موسمه 43 بـ:"السرد الإسباني في الأندلس"

عمان - نضال برقان تحت عنوان: "انتشار إشعاعات فن المقامة عبر الأندلس في السرد الإسباني الوسيط: إشكالات الترجمة والتأثير"، ابتدأت الجلسة الثالثة من جلسات فعاليات الموسم الثقافي الثالث والأربعين لعام 2025م، التي عقدها مجمع اللغة العربية الأردني في مقره اليوم الثلاثاء، الموافق للأول من تموز لعام 2025م، وترأسها الأستاذ الدكتور صلاح جرار، أستاذ الأدب العربي في الجامعة الأردنية، وحاضر فيها الأستاذ الدكتور فايز عبدالنبي القيسي، أستاذ الأدب العربي في جامعة مؤتة. بدأت الجلسة بكلمة لرئيس المجمع الأستاذ الدكتور محمد عدنان البخيت رحّب فيها بالضيوف الكرام، ونعى فيها العلامة الكبير الأستاذ الدكتور محمد شاهين الذي وافته المنية ظهر أمس الاثنين الموافق للثلاثين من حزيران الجاري، جاء فيها: " في هذا اليوم أقف بين أيديكم لأنعى أخًا وصديقًا وعالمًا جليلًا، الأخ الأستاذ الدكتور محمد يوسف شاهين، الذي كان زميلًا لي منذ عام 1966م، حيث درسنا معًا في إنجلترا، وهو شخصية فريدة من نوعها، عندما نستذكرها يقفز إلى أذهاننا اسم أساتذة كبار، مثل: إدوارد سعيد والطيب صالح والأستاذ المرحوم محمود درويش، فقد عاش معهم وبهم، يستقبل ضيوف الأردن ويكرمهم في بيته الخاص، وكان رحمه الله معلماً أصيلًا درّس في كثير من جامعات العالم، ولم يبخل في أن يولي قضية فلسطين عنايته الكبرى، ويوصل مضمونها إلى علماء العالم في كثير من الدول، وقد عاش حياة زهد وورع وتقًى، منكبًّا على العلم والدراسة، رافضًا مباهج الحياة كلها، وغادرتنا برحيله شخصية من كبار العلماء في هذا العصر. وقد تولى إدارة الجلسة الأستاذ الدكتور صلاح جرار، الذي رحّب برئيس المجمع والسادة الحضور، ووجّه الشكر لأسرة المجمع على دعوته الكريمة لمواصلة هذه المواسم الثقافية المهمة والغنية، والتحية للأستاذ القيسي على موضوع المحاضرة الدقيق الجديد الذي وقع اختياره عليه، مؤكدًا أنه يستحق التأمل والتعمق؛ فهو يسلط الضوء على أدب الأندلس والمشرق اللذين تبادلا الفنون الأدبية، المتمثلة بالموشّحات والمقامات، تلك التي أثرت الثقافة العربية سابقًا، والحضارة الإسبانية فيما بعد. وتحدّث الدكتور القيسي عن فن المقامة العربية الذي يمثل أحد أبرز أشكال السرد العربي التقليدي، القائم على الحيلة والتنقل والراوي الثابت، والوعْظ وغير ذلك، حيث كان أساسًا فنيًا ألهم الأدب الأوروبي، لاسيما في إسبانيا في العصور الوسطى. وأوضح أن المقامة لم تقف عند حدودها الجغرافية أو اللغوية، بل وجدت صداها في الأدب العبري الأندلسي، ثم في الرواية البيكارسكية الإسبانية، التي تعد من اللبنات الأولى لفن الرواية الحديثة في أوروبا، معرّجًا على مواضع التشابه والاختلاف بين المقامات والسرد الإسبانيّ الوسيط، ومستشهدًا عليها بالأمثلة الداعمة. كما أشار القيسي إلى الإشكالية الكبيرة التي حفّت برحلة المقامة إلى الأدب الإسبانيّ الوسيط، وعن كيفية انتقالها إلى الآداب الغربية عبر قناة أو وسيط ما، طارحًا سؤالًا مهمًا حول وجود تأثير حقيقيّ للمقامة في الآداب الغربية أم هو مجرّد تشابه بين موضوعات المقامة والرواية الشطارية، وحسب؟ مستعرضًا مواقف الباحثين التي انقسمت عليه على ثلاثة اتجاهات، استدلّ من خلالها على تأثر الأدب الغربي بفن المقامة بلا شك. وأكد القيسي أن هذا التأثير العميق لا يمكن فصله عن الدور الحضاري والثقافي الذي قامت به الأندلس كجسر حضاري بين الشرق والغرب، مشيرًا إلى ضرورة إعادة قراءة هذا التراث السردي ضمن سياقاته الأدبية المقارنة. ثم خلص القيسي إلى أن: "النصّ المقاميّ هو نص ثقافي حيّ، ينتقل من هنا إلى هناك، ويتفاعل مع المكوّنات الثقافية المختلفة، وقد راجت هذه المقامات كل الرواج ليس بين العرب فحسب بل بين العبريين والمسيحيين أيضًا، ولهذا ترجموها إلى لغاتهم". وانتهت الجلسة بفتح باب الحوار والاستفسارات بين المحاضر وجمهور الحاضرين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store