logo
ترامب يسدّد أوّل لكمة لنتنياهو!

ترامب يسدّد أوّل لكمة لنتنياهو!

جريدة الايام٠٧-٠٥-٢٠٢٥

على عكس كل توقعات بنيامين نتنياهو، وكل طواقمه الحكومية والحزبية الفاشية، وعلى عكس التوقعات كلها أعلن دونالد ترامب «انسحابه» من الحرب مع جماعة أنصار الله «الحوثيين» اليمنية، والوصول إلى وقف لإطلاق النار بوساطة عُمانية ناجحة على ما يبدو، والبيان العُماني هو القول الفصل، بصرف النظر عن تشدُّقات ترامب عن سياق هذا الاتفاق.
الاتفاق بكلّ المقاييس انعطافة كبيرة ستغيّر كل المشهد الإقليمي، وستقلب كل أوضاعه رأساً على عقب، وستبعثر كل الأوراق التي كان يلعبها نتنياهو، وكل الأوراق التي راهن عليها.
ما الذي جرى حتى ينقلب ترامب على نتنياهو؟ ولماذا أقدم على هذه الخطوة الانعطافية والمفصلية في هذه اللحظات الحاسمة، والتي هي لحظات على أعلى درجات الدقّة والحساسية؟
دعونا نعد إلى سياقات أخرى في محاولة الإجابة عن هذا السؤال.
على مدار الأسابيع السابقة، وفي عدة مقالات متتابعة قلنا إن ترامب بنى إستراتيجية على مقولة إعادة العظمة إلى أميركا بواسطة إعادة بناء وإعادة تسليح هذا الاقتصاد بتكنولوجيات جديدة تعتمد على منظومات جديدة تحتاج إلى كميات كبيرة من المعادن الحيوية، وإلى معادن أخرى نادرة لا تتوفر لدى بلاده.
أثرياء أميركا الذين أيّدوا ترامب، والذين أوصلوه إلى البيت الأبيض اتفقوا معه على هذه الإستراتيجية، وأقنعوه أنّ الاقتصاد الأميركي لن يتمكن من منافسة الصين، ولا بمجاراة روسيا في الصناعة والإنتاج المدني والعسكري إلّا بضخّ تريليونات كثيرة في مجال إعادة تسليح الاقتصاد الأميركي على هيئة تدفُّقات مالية يقوم هؤلاء الأثرياء بتوظيفها في دوراتهم الاقتصادية لإعادة بيعها للدولة الأميركية، وبذلك يجني هؤلاء الأرباح الخيالية، ويعود الاقتصاد الأميركي لموقع القوة والكفاءة والريادة العالمية، لكي يصار فيما بعد، وليس قبل ذلك أبداً الى إعادة تسيُّد المشهد العالمي من على قاعدة اقتصادية جديدة وصلبة وراسخة حسب رؤاهم.
لهذا كله فإن الحروب ستبقى مؤجلة إلى ما بعد إنجاز هذه الإستراتيجية، والحقيقة أنّ الحروب إذا لم تكن صغيرة وسهلة بحيث لا تتورّط أميركا بحروب أكبر وأخطر منها هي إحدى ركائز و»ثوابت» ترامب.
قلنا في المقالات المشار إليها إن ترامب، وكذلك بلاده لن تخوض حرباً إقليمية طاحنة لإرضاء نتنياهو، لكنها مستعدة فقط لخوضها إذا كان «أمن ووجود» دولة الاحتلال مهدّداً بصورة حقيقية كما كان عليه الأمر في الأيام التي أعقبت هجوم «طوفان الأقصى»، وقد رمت بكلّ ثقلها في هذه الحرب العدوانية من على هذه القاعدة، بل وتولّت بنفسها قيادتها، وعلى كل جبهاتها من أجل عدم هزيمة دولة الاحتلال، وقد تمكنت من ذلك فعلاً، وبالرغم من أن جو بايدن قد تساوق مع طموحات «الائتلاف العنصري الفاشي» الذي يرأسه نتنياهو، وبالرغم من كل الدعم الذي قدمه ترامب لهذا «الائتلاف» إلّا أن نتنياهو، وبسبب المأزق الخاص الذي يعيشه على كل المستويات الداخلية والخارجية، الميدانية والعملياتية «طوّر» الأمر إلى «إستراتيجية» جديدة نحو هيمنة كيانه الكولونيالي على الإقليم كلّه، ونحو بناء كيان السيطرة الكاملة على دول المحيط من خلال الأهداف كلّها، بأقصى درجات القتل والتدمير والإبادة، وأدخل نفسه في حروب عدوانية لا يمكنه الانتصار بها إلّا بتوريط أميركا بها.
أُعطي نتنياهو السلاح والوقت وكل الإمكانيات لكنه لم يتمكن من حسم أي جبهة بما في ذلك السورية، حيث بدأت الأمور تنقلب بصورة تدريجية إلى آخر ما كان يهدف له، وإلى عكس كل مراهناته على نظام أحمد الشرع بعد أن ثبت له أن الأخير لا يملك أيّة أوراق حقيقية في المشهد السوري، بل وثبت له أن الإذعان الكامل للشرع حتى لو أراد لن «يحلّ» أزمته، بل ربّما سيفاقمها أكثر وأكثر.
غلطة الشاطر، و»الحقيقة أن نتنياهو لم يعد شاطراً كما كان»، كانت عندما حاول أن يخرب المحادثات الأميركية الإيرانية من دون علم ترامب، ومن وراء ظهره، فما كان من ترامب، وعلى الفور، ومن دون أيّ إبطاء بأن أقال «زلمة» نتنياهو في البيت الأبيض، وقرّر أن يلقّن الأخير الدرس الأوّل في لعبة من يحكم، ومن يتحكّم بالبيت الأبيض.
وقبل أن تتعرّض حاملاته وبوارجه وسفنه في البحر الأحمر لعمليات كبيرة من التدمير أو الإصابات القاتلة، وخصوصاً بعد تدمير طائرتين من سلاح الجو الأميركي، وقبل أن تؤدّي عمليات القصف المتبادل ما بين جماعة أنصار الله «الحوثيين» اليمنية، ودولة الاحتلال إلى اشتعال حرائق كبيرة تطال الموانئ والمطارات وتجمعات الطاقة والصناعات الحسّاسة والخطرة، قبل أن تؤدّي إلى كل ذلك، وربما إلى ما هو أخطر من ذلك أعلن ترامب قراره بوقف إطلاق النار مع «الحوثيين».
انسحاب البحرية الأميركية من البحر الأحمر أو تجميد نشاطها العسكري كلياً يعني أن على دولة الاحتلال أن تتحمّل وحدها مسؤولية استمرار الحرب والقصف المتبادل مع «الحوثيين»، وأن على الكيان أن يوقف هذه الحرب إذا عجزت عن مواصلتها، وأن عليها بالتالي أن توقفها في غزّة إذا عجزت عن تحمّل أعباء وتبعات القصف «الحوثي» الذي بات كما يجمع الخبراء، كل الخبراء خطراً إلى أبعد حدود الخطر، إضافة إلى مفاعيله المعنوية الهائلة على دولة الاحتلال.
باختصار، مهّد ترامب كل الأرضية المناسبة والمواتية، أيضاً، لزيارته إلى المنطقة، وطرح مبادراته المتوقعة على أكثر من صعيد سياسي واقتصادي، وعلى مستويات إستراتيجية تعكس تمسّكه بإستراتيجية إعادة بناء الاقتصاد العسكري الأميركي، وإعادة تعملقه، وهي عملية تحتاج إلى الاستقرار، والتهدئة، وإعطاء الفرص، وليس الحروب واستمرارها، خصوصاً عندما تكون على حساب المصالح العليا للدولة الأميركية.
وقع نتنياهو في الفخّ، ولم يعد لديه سوى أن يغادر الحلبة.
ترامب أغدق عليه، وطبطب على كتفيه، ومكّنه من مواصلة الإبادة الجماعية والكارثية، ووفّر له كل ما أراد، لكن نتنياهو حاول أن يلعب ويتلاعب بترامب، وحاول أن يوحي للطواقم الصهيونية المحيطة بالأخير أن نتنياهو ما زال اللاعب أو ما زال لاعباً قوياً في أروقة البيت الأبيض، فكانت له اللكمة الأولى التي تلقّاها باتفاق وقف إطلاق النار بين أميركا و»الحوثيين».
المقاربة التي سيطرحها ترامب، ومن أجل «شفط» تريليونات دول الخليج وضخّها في الاقتصاد الأميركي لن تكون سوى «إطار» عام من دون أي التزامات ملموسة، ولكنها مقاربة ستؤدّي في نهاية المطاف القريب إلى إنهاء الحرب الهمجية على القطاع، وإلى البدء الفعلي بمرحلة جديدة من التهدئة الإقليمية الشاملة. ستنشط القوى الإقليمية كلها لإعادة تموضعها، ولإعادة دورها ومكانتها في خارطة الإقليم.
واضح لكلّ مراقب أن إيران ستكون قد تجنّبت الحرب الكبرى عليها، وأنها ستحصل على اعتراف دولي بحقها في امتلاك التقنية النووية، وسيتم شرعنة هذا الحق مقابل إعادة اندماجها في الاقتصاد الإقليمي والدولي على حد سواء.
وواضح على هذا الصعيد أن إيران ستتنازل عن كثير من أدوارها «السابقة» مقابل ذلك، وستتغير وسائلها وأدواتها في تحقيق مصالحها «القومية».
أما المملكة العربية السعودية، وكما أشرنا أكثر من مرة في المقالات المشار إليها فإنها ستتكرّس كدولة إقليمية كبرى بدور سياسي جديد وكبير، وستكرّس كقيادة أولى للإقليم العربي والإسلامي.
«الحوثيون» موضوعياً خرجوا وسيخرجون منتصرين من هذه المواجهة، وقد نكون أمام مفاجأة العصر العربي بتحوّل بلادهم إلى دولة إقليمية جديدة من خلال ما تملكه من إمكانيات عسكرية، ولكن وقبل كل شيء من خلال ما تملكه من إرادة وطنية، ومن موقف داعم لفلسطين بصورة لم يسبق أن وقفته أي دولة عربية.
دولة الاحتلال العنصرية والفاشية هي الخاسر الأكبر، وتركيا ستتحجّم كثيراً عمّا كانت عليه قبل «سقطتها» بالاندماج في مخطّط الدولة العبرية، ومخطّط الولايات المتحدة لتدمير سورية، وتفتيتها، أو محاولة تفتيتها.
إذا تمكّن ترامب من إرساء قواعد ملزمة لمقاربته المتوقعة فإن الإقليم كله يصبح في الطريق للمرّة الأولى نحو البحث عن المقاربة الأصعب، مقاربة تلبّي الحدود الدنيا من الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وهي المقاربة التي تعني ــ بصرف النظر عمّا ستكون عليه من حالة إجحاف بهذه الحقوق ــ أن المشروع الاستعماري الصهيوني سيعود إلى حجمه الحقيقي، وهو حجم يوازي في قيمته النوعية الجديدة ما يشبه الانكفاء التاريخي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولون أميركيون: ترمب محبط من استمرار حرب غزة ويريد إنهاءها
مسؤولون أميركيون: ترمب محبط من استمرار حرب غزة ويريد إنهاءها

فلسطين اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين اليوم

مسؤولون أميركيون: ترمب محبط من استمرار حرب غزة ويريد إنهاءها

وأفاد موقع "أكسيوس" الإخباري، نقلاً عن مسؤولين في البيت الأبيض، الثلاثاء، بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "محبط" من الحرب المستمرة في قطاع غزة، وطلب من مساعديه إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يريد إنهاءها، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة. وذكر الموقع، أن المسؤولين الأميركيين ومسؤلين من الاحتلال يعترفون بـ"تزايد التباين" في السياسات بين ترامب الذي يريد إنهاء الحرب، ونتنياهو الذي يعمل على توسيعها بشكل كبير، رغم نفيهم اعتزام الرئيس الأميركي التخلي عن دعم الاحتلال الإسرائيلي. وقال مسؤول في البيت الأبيض لـ"أكسيوس"، إن ترامب "يشعر بالإحباط مما يحدث في غزة، ويريد إنهاء الحرب وعودة أسرى الاحتلال وإدخال المساعدات، كما يريد البدء في إعادة إعمار غزة"، لافتاً إلى أن الرئيس الأميركي "انزعج من صور الأطفال والرضع الذين يعانون في غزة، وضغط على الإسرائيليين لإعادة فتح المعابر". وحذرت الأمم المتحدة من أن آلاف الأطفال معرضون للموت جوعاً إذا لم تزد كمية المساعدات بشكل كبير

تقرير: "ترامب مُحبَط من الحرب على غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها"
تقرير: "ترامب مُحبَط من الحرب على غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها"

معا الاخبارية

timeمنذ 4 ساعات

  • معا الاخبارية

تقرير: "ترامب مُحبَط من الحرب على غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها"

واشنطن - معا- أعربت مصادر في البيت الأبيض عن استيائها من الحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بأنها "الطرف الوحيد الذي لا يعمل على دفع صفقة شاملة" للإفراج عن الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، بحسب ما أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت). وقالت تلك المصادر في حديث مع ممثلين عن عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، بحسب ما أورد "واينت"، اليوم الثلاثاء، إن "الجميع يعمل لإتمام صفقة شاملة، ما عدا إسرائيل". وأضافت المصادر أن "الإدارة الأميركية تبذل كل ما في وسعها للتوصل إلى صفقة تنهي الحرب في غزة، بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس دونالد ترامب"، مشيرة إلى أن "قادة العالم يحترمون مساعي ترامب لحل النزاعات". وبحسب المصادر، فإن زعماء العالم "لا يرون سببًا منطقيًا لعدم تجاوب الحكومة الإسرائيلية مع هذا التوجّه"؛ في حين نقلت صحيفة "تايمز" البريطانية، عن مصدر مطلع أن "الرئيس ترامب قلق من معاناة الفلسطينيين في غزة". وأضاف أن "ترامب فقد صبره على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ولا يكن له ودًّا. لقد بنى نتنياهو مسيرته السياسية على الحوم حول رؤساء الولايات المتحدة، لكن زعماء العالم باتوا أكثر حذرًا في التعامل مع ترامب، لأنه متقلّب المزاج". في المقابل، نفى مبعوث ترامب الخاص لشؤون الأسرى، آدم بولر، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، ما تردد عن توجيه ترامب تهديدًا بقطع العلاقات مع إسرائيل في حال لم توقف الحرب، واصفًا هذه التقارير بـ"الأخبار الزائفة". وقال بولر إن "الرئيس ترامب يواصل دعمه القوي لإسرائيل؛ قد يقول: 'دعونا نحاول إنهاء الحرب'، لكنه يبقى ملتزمًا تجاه إسرائيل بشكل لا يتزعزع". "ترامب مُحبَط من الحرب في غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها" وأفاد موقع "واللا" نقلًا عن مسؤولَين في البيت الأبيض، أن ترامب "مُحبَط من الوضع في غزة"، و"مصدوم من معاناة الأطفال الفلسطينيين"، وقد وجّه رسائل إلى نتنياهو عبّر فيها عن رغبته في أن "يسعى لإنهاء الحرب". ورغم تأكيد المسؤولين أن دعم ترامب لإسرائيل لا يزال "قويًا"، ونفيهم وجود تهديد بـ"التخلي" عن تل أبيب، أقرّوا بوجود "فجوات متزايدة" بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو بشأن إدارة الحرب على غزة. ونقل الموقع عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض قوله: "لا شك أن الرئيس مُحبَط مما يحدث في غزة. إنه يريد إنهاء الحرب، يريد عودة الأسرى إلى ديارهم، يريد دخول المساعدات الإنسانية، ويريد بدء إعادة إعمار غزة". وأضاف مسؤول آخر أن ترامب يعتبر زيارته الأخيرة للشرق الأوسط "نجاحًا كبيرًا"، لكنه يرى في الحرب على غزة "أزمة تؤخر تنفيذ خططه الإقليمية". وتابع: "الرئيس يرى فرصة حقيقية للسلام والازدهار في الشرق الأوسط، لكن الحرب في غزة هي آخر نقطة مشتعلة، ويريد أن تنتهي". وأشار إلى أن الحرب باتت تشكّل "تشتيتًا" لمساعي ترامب في دفع مشاريع أخرى في المنطقة، وقال إن "هناك الكثير من الإحباط من استمرار هذا النزاع لوقت طويل". وأضاف أن قرار ترامب بالتحرك بشكل أحادي للإفراج عن عيدان ألكسندر، بدلًا من انتظار اتفاق شامل بين إسرائيل وحماس، "نابع من هذا الإحباط المتراكم".

عرّاب صفقة "عيدان" يصل الدوحة لاستئناف محادثات أميركية مع حماس
عرّاب صفقة "عيدان" يصل الدوحة لاستئناف محادثات أميركية مع حماس

فلسطين أون لاين

timeمنذ 5 ساعات

  • فلسطين أون لاين

عرّاب صفقة "عيدان" يصل الدوحة لاستئناف محادثات أميركية مع حماس

غزة/ فلسطين أون لاين وصل الوسيط الأميركي من أصل فلسطيني بشارة بحبح إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مهمة جديدة لدفع المحادثات غير المباشرة بين حركة "حماس" والإدارة الأميركية، في ظل تحركات حثيثة لإبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وقالت قناة "12" العبرية إن بحبح، الذي يُعرف بعلاقاته المتينة داخل دوائر صنع القرار الأميركي، وصل ليل أمس إلى الدوحة، حيث يجري اتصالات مباشرة مع قيادة حركة "حماس"، وينسق تقاريره بشكل مباشر مع ستيف ويتكوف، المكلّف من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإدارة العلاقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووفق مراسل قناة i24NEWS العبرية، فإن بحبح يتولى قناة تفاوض مستقلة عن القناة القطرية الرسمية، ويقود تلك الجهود بصفته رئيس لجنة "العرب الأميركيون من أجل ترامب"، مستفيدًا من شبكة علاقات تمتد بين الجانبين الأميركي والفلسطيني. برز اسم بشارة بحبح مؤخراً كأحد الشخصيات المحورية في الوساطة الجارية بين حركة "حماس" والإدارة الأميركية، بعد نجاحه في لعب دور أساسي في صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي – الأميركي عيدان ألكسندر، ما جعله محط أنظار صانعي القرار والدوائر الإعلامية، وسط حديث عن جولات تفاوضية جديدة يقودها من العاصمة القطرية الدوحة. جذور مقدسية ونكبة مبكرة ينحدر بحبح من عائلة فلسطينية مقدسية اضطرت للنزوح إلى الأردن إبان نكبة 1948، قبل أن تعود لاحقاً إلى القدس القديمة، حيث وُلد عام 1958. هذا النشوء في بيئة سياسية مشبعة بالنكسة والنكبة، سيشكّل لاحقاً خلفيته الأكاديمية والمواقف التي تدرّج فيها مع تحولات السياسة الأميركية والشرق أوسطية. مسار أكاديمي رفيع سافر بحبح إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته، حيث التحق بجامعة بريغهام يونغ في ولاية يوتاه، ثم حصل على منحة مكّنته من استكمال دراسته العليا في جامعة هارفارد المرموقة، متخصصاً في العلوم السياسية والاقتصاد، وحاز على درجة الماجستير عام 1981، ثم الدكتوراه في قضايا الأمن الإقليمي عام 1983. عمل لاحقاً أستاذاً ومحاضراً في جامعة هارفارد، واشتغل مديراً مساعداً لـ"معهد الشرق الأوسط" فيها، وشارك بصفته الأكاديمية والسياسية ضمن الوفد الفلسطيني في محادثات السلام المتعددة الأطراف حول نزع السلاح والأمن الإقليمي بين عامي 1991 و1993. من الديمقراطيين إلى "العرب من أجل ترامب" شهدت مسيرة بحبح تحولات حزبية لافتة؛ إذ بدأ داعماً للحزب الديمقراطي، لكنه انقلب على توجهاته عقب سياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. عام 2016، صوّت لصالح دونالد ترامب، وأسّس لاحقاً حملة "العرب الأميركيون من أجل ترامب" دعماً له في الانتخابات، معبّراً عن رفضه لتوجهات الحزب الديمقراطي التي رأى أنها منحازة لـ"إسرائيل". رغم اعتراضه لاحقاً على قرارات ترامب بنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بسيادة "إسرائيل" على الجولان، إلا أنه عاد عام 2024 ليؤسس منظمة جديدة تحمل الاسم ذاته، رداً على ما وصفه بـ"انحياز إدارة بايدن الكامل لإسرائيل منذ السابع من أكتوبر". عاد اسم بحبح بقوة إلى الواجهة بعد أن كشف عن دوره الوسيط بين الإدارة الأميركية و"حماس"، في سياق محاولة لإطلاق صفقة تبادل أسرى والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وتقول مصادر مطلعة إن بحبح هو من شجّع سهى عرفات، أرملة الرئيس الراحل ياسر عرفات، على لعب دور رمزي في مبادرة إنسانية أفضت للإفراج عن الأسير "ألكسندر"، بهدف تمهيد الطريق لتقارب تفاوضي أكبر، وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر. وذكر موقع والا العبري، أنه ورغم وجود فرق تفاوض إسرائيلية في الدوحة، فإن المحادثات الحقيقية بشأن مقترح ويتكوف تجري عبر قنوات بديلة. وأوضح الموقع العبري، أن ويتكوف يتواصل مباشرة مع نتنياهو ومستشاره المقرب رون ديرمر، وكذلك مع قيادة حماس في الدوحة عبر قناة خلفية يديرها رجل الأعمال الفلسطيني-الأمريكي بشارة بحبح. وبحسب التقارير، فإن الإفراج عن ألكسندر أثار غضب نتنياهو، الذي اعتبر الصفقة اختراقًا أميركيًا مستقلًا من دون التنسيق الكامل مع حكومته، ما دفعه لتصعيد عسكري مفاجئ في غزة، في محاولة لإفشال جهود الوساطة الأميركية. يُشار إلى أن "كتائب القسام" أفرجت عن ألكسندر في 12 مايو/أيار الجاري، في بادرة وُصفت بأنها "حسن نية" من حركة حماس تجاه واشنطن، ضمن جهود الوسطاء لفتح المعابر وإدخال المساعدات إلى غزة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store