logo
مقامة ألأستيلاد

مقامة ألأستيلاد

موقع كتابات١٥-٠٤-٢٠٢٥

تتداول الأخبار نبأ عن نجاح شركة )) كولوسال بيوساينسز)) ألأميركية بأستنساخ الذئب الأبيض الضخم المنقرض منذ 10 آلاف عام , وذلك بأستخدام هندسة وراثية ماهرة وحمضاً نووياً قديماً , لاستيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم , بهدف إحياء هذا النوع المنقرض , كما كشفت هذه الشركة عن جهود لاستخدام تقنيات وراثية مماثلة , بهدف استعادة حيوانات انقرضت مثل الماموث والنمر التسماني , مما يثير التساؤل لماذا هذا الهوس بإحياء الماضي؟ هل لأنه المساحة الوحيدة الخارجة عن سيطرة التجسيد والتمثيل في عالم اليوم؟ كلنا مدرك ان الماضي حُرٌّ من أغلال التظهير التكنولوجي , فكل شيء مباح اليوم , وكل منطقة غامضة هي هدف للكشف : أي جزيرة , أي غابة , أي جبل , أي شعب , أي بحر, أي نهر, أي حجر, أي بشر, يجب نزع رداء الغموض عنه , وإتاحته لأنياب الكشف الشرِهة.
يعتبر أعلان الشركة أعلاه خطوة جريئة وغير مسبوقة ورائدة في مجال التقنيات الحيوية عن تحقيق إنجاز علمي مذهل: استيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم (Canis dirus) , وهو نوع منقرض من الكلبيات عاش في العصر الحديث الأقرب (البليستوسين) وانقرض قبل حوالي 10,000 عام , وقد تم تحقيق هذا الإنجاز المثير للجدل باستخدام تقنيات (هندسة وراثية ماهرة ) وتحليل ( حمض نووي قديم ) تم استخراجه من بقايا محفوظة للذئب الضخم , ويهدف هذا المشروع الطموح , كما صرحت الشركة , إلى ( إحياء ) هذا النوع المهيب من الحيوانات وإعادته إلى بيئته الطبيعية , في محاولة لترميم جزء من التنوع البيولوجي المفقود , وقد أثار هذا الإعلان موجة واسعة من ردود الفعل في الأوساط العلمية والعامة , بين الإثارة والدهشة والتساؤلات الأخلاقية والقانونية.
تعتبر عملية استيلاد كائن منقرض تحديًا علميًا هائلاً , فالأحماض النووية القديمة غالبًا ما تكون مجزأة ومتدهورة , مما يجعل تجميع الجينوم الكامل أمرًا بالغ الصعوبة , ومع ذلك , يبدو أن الشركة قد تمكنت من التغلب على هذه العقبات من خلال تطوير تقنيات متقدمة في تحليل الحمض النووي القديم وتحديد التسلسل الجيني للذئب الضخم بدقة غير مسبوقة , بعد ذلك , استخدم الباحثون تقنيات ( الهندسة الوراثية الماهرة ) التي يُرجح أنها تعتمد على تقنية كريسبر (CRISPR) أو غيرها من أدوات تعديل الجينات لأدخال الجينات المستخلصة من الذئب الضخم إلى خلايا جنينية لحيوان حي ذي صلة , ربما يكون الذئب الرمادي الحديث , وقد أدت هذه العملية المعقدة إلى ولادة ثلاثة جراء تحمل الصفات الوراثية للذئب الضخم المنقرض.
يمثل إعلان هذه الشركة إنجازًا علميًا رائدًا يفتح آفاقًا جديدة في مجال التقنيات الحيوية وعلم الأحياء القديمة , إنه يجسد إمكانية استخدام العلم لإعادة كتابة تاريخ الحياة على الأرض , ومع ذلك , فإنه يحمل في طياته أيضًا مسؤولية جسيمة وتحديات معقدة , و يثير إحياء نوع منقرض تساؤلات أخلاقية وقانونية عميقة , هل لدينا الحق في إعادة كائن انقرض بشكل طبيعي؟ ما هي الآثار المحتملة على الأنواع الحية الأخرى والنظام البيئي الحالي؟ من سيتحمل مسؤولية رعاية هذه الحيوانات وإدارتها؟ وما هي القوانين التي ستنظم وجودها؟ تتطلب هذه التساؤلات نقاشًا واسعًا ومستفيضًا , يشارك فيه العلماء وعلماء الأخلاق وصناع السياسات والجمهور, قبل اتخاذ أي خطوات إضافية في هذا المجال المثير للجدل , وبين الأمل في استعادة جزء من التنوع البيولوجي المفقود , والحذر من العواقب غير المتوقعة , يبقى مشروع ( إحياء ) الذئب الضخم مثالًا حيًا على التقدم العلمي المذهل الذي يدعونا إلى التفكير بعمق في علاقتنا بالطبيعة ومستقبل الحياة على كوكبنا , إن نجاح أو فشل هذه التجربة سيشكل بلا شك علامة فارقة في تاريخ العلوم وسيثير نقاشات مستمرة حول حدود الممكن والمقبول في سعي الإنسان للمعرفة والتدخل في مسار الطبيعة.
هناك من يقول : (( دعوا الماضي للماضي , ولا تعبثوا بجينات الزمان وخصائص التاريخ )) , فمن قال إن إحياء الماضي يحمل الخير دوماً ؟ ألم تكن سلسلة ( جوارسيك بارك ) عن إحياء الديناصورات المنقرضة , وصفاً لكارثية العبث بالماضي وإقحامه في الحاضر؟ الذئاب العملاقة والديناصورات الرهيبة , ليست محصورة في صورة هذه الحيوانات العجيبة , بل تأخذ أشكالاً معنوية أخرى , مثل إحياء لقب الخليفة , أو السلطان , أو صاحب الزمان , أو باشا مصر, وعزيزها.
يمكن استعراض مواقف الأديان المختلفة بشكل عام تجاه التدخل البشري في الطبيعة والتلاعب بالخلق , مع الأخذ في الاعتبار أن هذه المواقف ليست دائمًا موحدة داخل كل دين وقد تختلف التفسيرات بين العلماء والفقهاء , ففي الإسلام , هناك فكرة التسخيروالأستخلاف حيث ينظر إلى الكون والطبيعة على أنها مخلوقة من قبل الله ومسخرة لخدمة الإنسان , و الإنسان هو خليفة الله في الأرض ومسؤول عن رعايتها والحفاظ عليها , ويحث الإسلام على الاعتدال في التعامل مع الموارد الطبيعية وتجنب الإسراف والتدمير , وهناك تأكيد على أهمية التوازن البيئي وعدم إحداث خلل فيه , كما انه يشجع على طلب العلم والمعرفة واستخدام العقل في فهم الكون وقوانينه, ويمكن أن يُنظر إلى البحث العلمي في مجال الهندسة الوراثية على أنه وسيلة لفهم خلق الله بشكل أعمق , وعند النظر في أي تقنية جديدة مثل الهندسة الوراثية , يتم تقييمها بناءً على ميزان الضرر والمصلحة , إذا كانت الفوائد المحتملة كبيرة ولا يترتب عليها ضرر كبير أو مخالفة للقيم الإسلامية الأساسية , فقد تكون مقبولة , أما إذا كان الضرر محتملًا أو أكيدًا , أو كانت هناك مخالفات شرعية , فيمكن أن يكون هناك تحفظ أو رفض , وفيما يتعلق بإحياء الأنواع المنقرضة , قد يرى البعض فيه محاولة لاستعادة جزء من خلق الله والحفاظ على التنوع البيولوجي , بينما قد يرى آخرون فيه تجاوزًا لحدود قدرة الإنسان أو تدخلاً في مشيئة الله إذا كان الانقراض طبيعيًا , تحتاج هذه المسألة إلى دراسة فقهية معمقة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب.
تدعو المسيحية لمبدأ السيادة على الخليقة , حيث يرى الكتاب المقدس أن الله خلق الإنسان ومنحه السيادة على المخلوقات الحية (سفر التكوين) , ويُفهم هذا غالبًا على أنه مسؤولية عن رعايتها وحمايتها , وتحذرمن ( لعب دور الله ) , فقد يثير التدخل العميق في الطبيعة , مثل إحياء الأنواع المنقرضة , مخاوف لدى بعض المسيحيين بشأن محاولة الإنسان ( لعب دور الله) أو تجاوز الحدود التي وضعها الخالق , وتركز العديد من الكنائس المسيحية على أهمية الحياة الحاضرة والخلاص الروحي , وقد لا يكون لديها موقف محدد بشكل مباشر تجاه قضايا مثل الهندسة الوراثية وإحياء الأنواع المنقرضة , الا انه يجب الأعتراف بوجود وجهات نظر متنوعة بين المسيحيين حول دور العلم والتكنولوجيا , يرى البعض أنها أدوات يمكن استخدامها لخير البشرية ورعاية الخليقة , بينما يحذر آخرون من إساءة استخدامها.
تعتبر اليهودية فكرة ( إصلاح العالم ) مبدأئا هامًا , ويمكن أن يُنظر إلى الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة الأنواع المنقرضة على أنها جزء من هذا الإصلاح , وكما في المسيحية , هناك تركيز على المسؤولية الممنوحة للإنسان في التعامل مع الخليقة, فهي توجب استخدام السلطة بحكمة ومسؤولية , وتخضع أي تقنية جديدة للتقييم بناءً على مبادئ القانون والأخلاق اليهودية , ويجب التأكد من أنها لا تنتهك أيًا من هذه المبادئ , وتوجد أيضًا وجهات نظر مختلفة داخل اليهودية حول مدى التدخل المسموح به في الطبيعة , حيث يرى البعض أن البحث العلمي والتطوير التكنولوجي مبرر طالما أنه يخدم مصلحة الإنسان والعالم , بينما يفضل آخرون نهجًا أكثر تحفظًا.
تشدد كلتا الديانتين البوذية والهندوسية على مبدأ اللاعنف واحترام جميع أشكال الحياة , وقد يُنظر إلى إحياء نوع منقرض على أنه عمل إيجابي يساهم في زيادة الحياة والتنوع , وتؤكد كلتا الديانتين على أهمية التوازن والانسجام في الكون , فقد يُنظر إلى محاولة استعادة نوع انقرض بسبب خلل في النظام البيئي على أنها محاولة لاستعادة هذا التوازن, وفي البوذية بشكل خاص , هناك تركيز على طبيعة التغير وعدم الثبات في كل شيء , قد يُنظر إلى الانقراض على أنه جزء طبيعي من دورة الحياة والموت , ومع ذلك , فإن التدخل لإصلاح الضرر الناجم عن فعل الإنسان قد يكون له ما يبرره.
تبدو المعلوماتية شيئاً مستحباً بالفعل , لكن هل كلما زاد تدفقها كان الأمر أكثر منفعة للبشر أم العكس؟ يذهب البعض إلى أن التدفق الحر للمعلومات يتناسب طردياً مع رفاهية البشرية , غير أن نفراً آخر يرى أن السيطرة على كنوز المعلومات تقود حكماً إلى التوتاليتارية والشمولية , وحكم الفرد, وهو ما يمكن أن تفعله شبكات المعلومات والذكاءات الأصطناعية التي تتطور بسرعة مخيفة من عالم الـAI إلى سياقات الـSAI وصولاً إلى الـAGI…

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقامة ألأستيلاد
مقامة ألأستيلاد

موقع كتابات

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • موقع كتابات

مقامة ألأستيلاد

تتداول الأخبار نبأ عن نجاح شركة )) كولوسال بيوساينسز)) ألأميركية بأستنساخ الذئب الأبيض الضخم المنقرض منذ 10 آلاف عام , وذلك بأستخدام هندسة وراثية ماهرة وحمضاً نووياً قديماً , لاستيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم , بهدف إحياء هذا النوع المنقرض , كما كشفت هذه الشركة عن جهود لاستخدام تقنيات وراثية مماثلة , بهدف استعادة حيوانات انقرضت مثل الماموث والنمر التسماني , مما يثير التساؤل لماذا هذا الهوس بإحياء الماضي؟ هل لأنه المساحة الوحيدة الخارجة عن سيطرة التجسيد والتمثيل في عالم اليوم؟ كلنا مدرك ان الماضي حُرٌّ من أغلال التظهير التكنولوجي , فكل شيء مباح اليوم , وكل منطقة غامضة هي هدف للكشف : أي جزيرة , أي غابة , أي جبل , أي شعب , أي بحر, أي نهر, أي حجر, أي بشر, يجب نزع رداء الغموض عنه , وإتاحته لأنياب الكشف الشرِهة. يعتبر أعلان الشركة أعلاه خطوة جريئة وغير مسبوقة ورائدة في مجال التقنيات الحيوية عن تحقيق إنجاز علمي مذهل: استيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم (Canis dirus) , وهو نوع منقرض من الكلبيات عاش في العصر الحديث الأقرب (البليستوسين) وانقرض قبل حوالي 10,000 عام , وقد تم تحقيق هذا الإنجاز المثير للجدل باستخدام تقنيات (هندسة وراثية ماهرة ) وتحليل ( حمض نووي قديم ) تم استخراجه من بقايا محفوظة للذئب الضخم , ويهدف هذا المشروع الطموح , كما صرحت الشركة , إلى ( إحياء ) هذا النوع المهيب من الحيوانات وإعادته إلى بيئته الطبيعية , في محاولة لترميم جزء من التنوع البيولوجي المفقود , وقد أثار هذا الإعلان موجة واسعة من ردود الفعل في الأوساط العلمية والعامة , بين الإثارة والدهشة والتساؤلات الأخلاقية والقانونية. تعتبر عملية استيلاد كائن منقرض تحديًا علميًا هائلاً , فالأحماض النووية القديمة غالبًا ما تكون مجزأة ومتدهورة , مما يجعل تجميع الجينوم الكامل أمرًا بالغ الصعوبة , ومع ذلك , يبدو أن الشركة قد تمكنت من التغلب على هذه العقبات من خلال تطوير تقنيات متقدمة في تحليل الحمض النووي القديم وتحديد التسلسل الجيني للذئب الضخم بدقة غير مسبوقة , بعد ذلك , استخدم الباحثون تقنيات ( الهندسة الوراثية الماهرة ) التي يُرجح أنها تعتمد على تقنية كريسبر (CRISPR) أو غيرها من أدوات تعديل الجينات لأدخال الجينات المستخلصة من الذئب الضخم إلى خلايا جنينية لحيوان حي ذي صلة , ربما يكون الذئب الرمادي الحديث , وقد أدت هذه العملية المعقدة إلى ولادة ثلاثة جراء تحمل الصفات الوراثية للذئب الضخم المنقرض. يمثل إعلان هذه الشركة إنجازًا علميًا رائدًا يفتح آفاقًا جديدة في مجال التقنيات الحيوية وعلم الأحياء القديمة , إنه يجسد إمكانية استخدام العلم لإعادة كتابة تاريخ الحياة على الأرض , ومع ذلك , فإنه يحمل في طياته أيضًا مسؤولية جسيمة وتحديات معقدة , و يثير إحياء نوع منقرض تساؤلات أخلاقية وقانونية عميقة , هل لدينا الحق في إعادة كائن انقرض بشكل طبيعي؟ ما هي الآثار المحتملة على الأنواع الحية الأخرى والنظام البيئي الحالي؟ من سيتحمل مسؤولية رعاية هذه الحيوانات وإدارتها؟ وما هي القوانين التي ستنظم وجودها؟ تتطلب هذه التساؤلات نقاشًا واسعًا ومستفيضًا , يشارك فيه العلماء وعلماء الأخلاق وصناع السياسات والجمهور, قبل اتخاذ أي خطوات إضافية في هذا المجال المثير للجدل , وبين الأمل في استعادة جزء من التنوع البيولوجي المفقود , والحذر من العواقب غير المتوقعة , يبقى مشروع ( إحياء ) الذئب الضخم مثالًا حيًا على التقدم العلمي المذهل الذي يدعونا إلى التفكير بعمق في علاقتنا بالطبيعة ومستقبل الحياة على كوكبنا , إن نجاح أو فشل هذه التجربة سيشكل بلا شك علامة فارقة في تاريخ العلوم وسيثير نقاشات مستمرة حول حدود الممكن والمقبول في سعي الإنسان للمعرفة والتدخل في مسار الطبيعة. هناك من يقول : (( دعوا الماضي للماضي , ولا تعبثوا بجينات الزمان وخصائص التاريخ )) , فمن قال إن إحياء الماضي يحمل الخير دوماً ؟ ألم تكن سلسلة ( جوارسيك بارك ) عن إحياء الديناصورات المنقرضة , وصفاً لكارثية العبث بالماضي وإقحامه في الحاضر؟ الذئاب العملاقة والديناصورات الرهيبة , ليست محصورة في صورة هذه الحيوانات العجيبة , بل تأخذ أشكالاً معنوية أخرى , مثل إحياء لقب الخليفة , أو السلطان , أو صاحب الزمان , أو باشا مصر, وعزيزها. يمكن استعراض مواقف الأديان المختلفة بشكل عام تجاه التدخل البشري في الطبيعة والتلاعب بالخلق , مع الأخذ في الاعتبار أن هذه المواقف ليست دائمًا موحدة داخل كل دين وقد تختلف التفسيرات بين العلماء والفقهاء , ففي الإسلام , هناك فكرة التسخيروالأستخلاف حيث ينظر إلى الكون والطبيعة على أنها مخلوقة من قبل الله ومسخرة لخدمة الإنسان , و الإنسان هو خليفة الله في الأرض ومسؤول عن رعايتها والحفاظ عليها , ويحث الإسلام على الاعتدال في التعامل مع الموارد الطبيعية وتجنب الإسراف والتدمير , وهناك تأكيد على أهمية التوازن البيئي وعدم إحداث خلل فيه , كما انه يشجع على طلب العلم والمعرفة واستخدام العقل في فهم الكون وقوانينه, ويمكن أن يُنظر إلى البحث العلمي في مجال الهندسة الوراثية على أنه وسيلة لفهم خلق الله بشكل أعمق , وعند النظر في أي تقنية جديدة مثل الهندسة الوراثية , يتم تقييمها بناءً على ميزان الضرر والمصلحة , إذا كانت الفوائد المحتملة كبيرة ولا يترتب عليها ضرر كبير أو مخالفة للقيم الإسلامية الأساسية , فقد تكون مقبولة , أما إذا كان الضرر محتملًا أو أكيدًا , أو كانت هناك مخالفات شرعية , فيمكن أن يكون هناك تحفظ أو رفض , وفيما يتعلق بإحياء الأنواع المنقرضة , قد يرى البعض فيه محاولة لاستعادة جزء من خلق الله والحفاظ على التنوع البيولوجي , بينما قد يرى آخرون فيه تجاوزًا لحدود قدرة الإنسان أو تدخلاً في مشيئة الله إذا كان الانقراض طبيعيًا , تحتاج هذه المسألة إلى دراسة فقهية معمقة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب. تدعو المسيحية لمبدأ السيادة على الخليقة , حيث يرى الكتاب المقدس أن الله خلق الإنسان ومنحه السيادة على المخلوقات الحية (سفر التكوين) , ويُفهم هذا غالبًا على أنه مسؤولية عن رعايتها وحمايتها , وتحذرمن ( لعب دور الله ) , فقد يثير التدخل العميق في الطبيعة , مثل إحياء الأنواع المنقرضة , مخاوف لدى بعض المسيحيين بشأن محاولة الإنسان ( لعب دور الله) أو تجاوز الحدود التي وضعها الخالق , وتركز العديد من الكنائس المسيحية على أهمية الحياة الحاضرة والخلاص الروحي , وقد لا يكون لديها موقف محدد بشكل مباشر تجاه قضايا مثل الهندسة الوراثية وإحياء الأنواع المنقرضة , الا انه يجب الأعتراف بوجود وجهات نظر متنوعة بين المسيحيين حول دور العلم والتكنولوجيا , يرى البعض أنها أدوات يمكن استخدامها لخير البشرية ورعاية الخليقة , بينما يحذر آخرون من إساءة استخدامها. تعتبر اليهودية فكرة ( إصلاح العالم ) مبدأئا هامًا , ويمكن أن يُنظر إلى الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادة الأنواع المنقرضة على أنها جزء من هذا الإصلاح , وكما في المسيحية , هناك تركيز على المسؤولية الممنوحة للإنسان في التعامل مع الخليقة, فهي توجب استخدام السلطة بحكمة ومسؤولية , وتخضع أي تقنية جديدة للتقييم بناءً على مبادئ القانون والأخلاق اليهودية , ويجب التأكد من أنها لا تنتهك أيًا من هذه المبادئ , وتوجد أيضًا وجهات نظر مختلفة داخل اليهودية حول مدى التدخل المسموح به في الطبيعة , حيث يرى البعض أن البحث العلمي والتطوير التكنولوجي مبرر طالما أنه يخدم مصلحة الإنسان والعالم , بينما يفضل آخرون نهجًا أكثر تحفظًا. تشدد كلتا الديانتين البوذية والهندوسية على مبدأ اللاعنف واحترام جميع أشكال الحياة , وقد يُنظر إلى إحياء نوع منقرض على أنه عمل إيجابي يساهم في زيادة الحياة والتنوع , وتؤكد كلتا الديانتين على أهمية التوازن والانسجام في الكون , فقد يُنظر إلى محاولة استعادة نوع انقرض بسبب خلل في النظام البيئي على أنها محاولة لاستعادة هذا التوازن, وفي البوذية بشكل خاص , هناك تركيز على طبيعة التغير وعدم الثبات في كل شيء , قد يُنظر إلى الانقراض على أنه جزء طبيعي من دورة الحياة والموت , ومع ذلك , فإن التدخل لإصلاح الضرر الناجم عن فعل الإنسان قد يكون له ما يبرره. تبدو المعلوماتية شيئاً مستحباً بالفعل , لكن هل كلما زاد تدفقها كان الأمر أكثر منفعة للبشر أم العكس؟ يذهب البعض إلى أن التدفق الحر للمعلومات يتناسب طردياً مع رفاهية البشرية , غير أن نفراً آخر يرى أن السيطرة على كنوز المعلومات تقود حكماً إلى التوتاليتارية والشمولية , وحكم الفرد, وهو ما يمكن أن تفعله شبكات المعلومات والذكاءات الأصطناعية التي تتطور بسرعة مخيفة من عالم الـAI إلى سياقات الـSAI وصولاً إلى الـAGI…

إحياء ذئب "لعبة العروش" المنقرض... ماذا يقول الخبراء؟
إحياء ذئب "لعبة العروش" المنقرض... ماذا يقول الخبراء؟

شفق نيوز

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

إحياء ذئب "لعبة العروش" المنقرض... ماذا يقول الخبراء؟

حمل غلاف مجلة "تايم" أمس صورة ذئب مهيب، أبيض كالثلج، مرفقاً بعنوان يُعلن عن عودة الذئب الضخم. هذا النوع، المنقرض حالياً، ربما يُعرف أكثر بدوره الخيالي في مسلسل "صراع العروش"، لكنه كان موجواً بالفعل قبل أكثر من 10 آلاف عام، عندما كان يجوب أرجاء القارتين الأميركيتين. الشركة التي تقف وراء هذه العناوين هي "كولوسال بيوساينسز"، والتي أعلنت أنها استخدمت "هندسة وراثية ماهرة وحمضاً نووياً قديماً" لاستيلاد ثلاثة جراء من الذئب الضخم، بهدف "إحياء" هذا النوع المنقرض. لكن، رغم أن الذئاب الصغيرة – رومولوس، ريموس، وكاليسي – تمثل إنجازاً تقنياً مذهلاً، يقول خبراء مستقلون إنها ليست فعلياً من سلالة الذئب الضخم الأصلية. وأوضح عالم الحيوانات فيليب سيدون من جامعة أتاغو في نيوزيلندا أنّ هذه الحيوانات هي "ذئاب رمادية معدّلة وراثياً". وكشفت شركة كولوسال عن جهود لاستخدام تقنيات وراثية مماثلة بهدف استعادة حيوانات انقرضت مثل الماموث والنمر التسماني. وبالتزامن، أشار علماء إلى الاختلاف البيولوجي المهم بين الذئب المصوّر على غلاف مجلة "تايم" والذئب الضخم الذي عاش واصطاد خلال العصر الجليدي. وشرح عالم الوراثة القديمة من جامعة أوتاغو أيضاً، نيك راولنس، أنّ الحمض النووي القديم – المستخرج من بقايا متحجرة – متضرّر وتالف لدرجة يصعب معها نسخه أو استنساخه. وقال نيك رولنس لبي بي سي إنّ "الحمض النووي القديم يعني كأنك وضعت حمضاً نووياً جديداً في الفرن على حرارة 500 درجة مئوية طوال الليل. فهو يخرج أجزاءً مثل الشظايا والغبار". "يمكنك إعادة بناؤه، لكنه ليس جيداً بما يكفي لاستخدامه في شيء آخر". وأضاف قائلاً إنّ فريق مكافحة الانقراض استخدم تكنولوجيا جديدة في علم الإحياء الاصطناعي – باستخدام الحمض النووي القديم بهدف تحديد أجزاء رئيسية من الشفرة (الكود الجيني) التي يمكن تغييرها في المخطط البيولوجي لحيوان حيّ، أي الذئب الرمادي في هذه الحالة. وقال إنّ "ما أنتجته (شركة) كولوسال هو الذئب الرمادي، لكنه يملك بعض خصائص الذئب الضخم المنقرض، مثل جمجمة أكبر حجماً وفراء أبيض. إنه هجين". بينما قالت عالمة الإحياء بيث شابيرو من شركة "كولوسال بيوساينسز" إنّ هذا الإنجاز يمثل فعلاً استعادة الأنواع المنقرضة، ووصفته بأنه إعادة خلق حيوانات تحمل ذات الخصائص. "الذئب الرمادي هو أقرب كائن حيّ من عائلة الذئب الضخم (المنقرض) – هما متشابهان جينياً بالفعل – لذلك استهدفنا تسلسلات الحمض النووي التي تؤدي إلى سمات الذئب القديم ثم قمنا بتعديل خلايا الذب الرمادي...وبعدها استنسخنا هذه الخلايا وخلقنا ذئبنا الضخم". وبحسب الدكتور رولنس، الذئاب الضخمة المنقرضة انفصلت جينياً عن الذئاب الرمادية في مرحلة ما، ما بين 2.5 مليون إلى ستة ملايين سنة. وقال "إنه (الذئب المنقرض) ينتمي إلى جنس مختلف تماماً عن الذئاب الرمادية. شركة كولوسال قارنت جينومات الذئب الرمادي والذئب الضخم (الأبيض)، ومن بين جينات يبلغ عددها 19 ألفاً، حددوا 20 متغيراً في 14 جيناً يمنحهم الذئب الرمادي". زُرعت الأجنّة المعدّلة في إناث كلاب أليفة. وبحسب مقال مجلة "تايم"، ولدت الذئاب الثلاثة بعملية جراحية قيصرية خُطط لها بهدف تقليل خطر حدوث مضاعفات. وتحتفظ شركة كولوسال بالذئاب في منشأة خاصة تبلغ مساحتها ألفي فدّان داخل موقع خفي في شمال الولايات المتحدة. لا شك أنّ الجراء الثلاث تبدو مثل صورة الذئب الأبيض الضخم كما علقت في أذهان الكثيرين، وقد حظيت هذه القصة باهتمام عالمي. فما أهمية هذا التمييز العلمي؟ قال دكتور رولنس لبي بي سي "لأن الانقراض مستمر. إن لم يكن موجوداً، كيف سنتعلّم من أخطائنا؟". وتابع قائلاً "هل الرسالة الآن هي أنه يمكننا تدمير البيئة وان تنقرض الحيوانات، لكننا نستطيع إعادتها؟".

الإنجازات العلمية والتكنولوجية الخارقة في عام 2024
الإنجازات العلمية والتكنولوجية الخارقة في عام 2024

الزمان

time١٠-٠١-٢٠٢٥

  • الزمان

الإنجازات العلمية والتكنولوجية الخارقة في عام 2024

في عام 2024، لم يكتف العلماء والمبتكرون بالنظر الى الحاضر، بل تخطوا ذلك لرسم صورة اكثر وضوحا لمستقبلنا، مستندين الى القوى الخلاقة الكامنة في العلم، تلك القوة التي وهبتها الانسانية لنفسها لتطوير مجالات الحياة المختلفة، وتحسين جودة المعيشة، وتوسيع افاق المعرفة عن الكون الفسيح الذي نعيش فيه. هذه القوى، المتمثلة في العقول النيرة والتجارب الدؤوبة والتقنيات المتطورة، هي التي تدفع عجلة التقدم نحو الامام، وتمكننا من التغلب على التحديات واستكشاف المجهول. انجازات خارقة في مجالات متنوعة تبشر بتحولات جذرية في طريقة عيشنا وتفكيرنا وتفاعلنا مع العالم، بدءا من فهم اعمق لاجسامنا وصحتنا، مرورا بتطوير مصادر طاقة مستدامة تحافظ على كوكبنا، وصولا الى استكشاف اعماق الفضاء واكتشاف اسراره. اقدم اليكم ابرز هذه الانجازات التي تشكل ملامح الغد، مع التذكير بان بعضها لا يزال قيد البحث والتطوير، الا انها تشير بوضوح الى المسار الذي نسلكه نحو مستقبل اكثر اشراقا وازدهارا. هذه الانجازات هي شهادة حية على قدرة الانسان على الابتكار والتغيير، وعلى استخدامه للعلم كاداة قوية لتحقيق التقدم والرفاهية. في مجال الطب والبيولوجيا شهد عام 2024 تقدما ملحوظا في العلاج الجيني، حيث اصبحت تقنيات تعديل الجينات، كتقنية كريسبر، ادوات واعدة لعلاج الامراض الوراثية والمستعصية. يعتمد العلاج الجيني على تعديل الحامض النووي للخلايا، باصلاح او استبدال الجينات المعيبة او ادخال جينات جديدة. برزت كريسبر كاداة قوية لاجراء تعديلات دقيقة على الحامض النووي باستخدام انزيم 'كاس9' كمقص جزيئي. شهد عام 2024 تطبيقات واعدة لكريسبر في علاج الامراض الوراثية الناتجة عن خلل في جين واحد، كالتليف الكيسي وفقر الدم المنجلي، وايضا في علاج السرطان بتعديل الخلايا المناعية او السرطانية، ومكافحة الفيروسات كفيروس نقص المناعة البشرية. رغم التحديات كضمان دقة التعديل، يتوقع ان تساهم كريسبر في تطوير علاجات فعالة، ما يجعل عام 2024 نقطة تحول في العلاج الجيني. استنساخ قرد مكاك ريسوسي شهد عام 2024 نجاح علماء صينيين في استنساخ قرد مكاك ريسوسي، ما يعد قفزة نوعية في التقنية الحيوية. يفتح هذا الانجاز افاقا جديدة في البحوث الطبية، حيث تعتبر قرود الريسوس نماذج بحثية قيمة لدراسة الامراض البشرية. يمكن للاستنساخ توفير اعداد كبيرة من القرود المتماثلة جينيا، ما يحسن دقة التجارب، ويستخدم لاختبار علاجات جديدة قبل تجربتها على البشر، ويساهم في فهم العمليات البيولوجية. مع ذلك، يثير هذا الانجاز مخاوف اخلاقية، كرفاهية الحيوانات وامكانية استنساخ البشر، وهو امر غير مقبول اخلاقيا. تثار ايضا قضايا اخلاقية حول التلاعب بالجينات وتاثيره على التنوع البيولوجي والمجتمع. يتطلب هذا الانجاز نقاشا عاما حول الجوانب الاخلاقية ووضع ضوابط لتنظيم استخدام هذه التقنية بشكل مسؤول، مع الموازنة بين فوائد البحث العلمي وحماية حقوق الحيوانات والقيم الانسانية. عمليات جراحية عن بعد شهد عام 2024 تطورا ملحوظا في الجراحة عن بعد، حيث اجريت عمليات ناجحة باستخدام الروبوتات والاتصالات المتقدمة. تعتمد هذه العمليات على نظام روبوتي متطور يتكون من روبوت جراحي باذرع الية دقيقة وكاميرا عالية الدقة، ووحدة تحكم، ونظام اتصالات فائق السرعة. تتيح هذه التقنية للمرضى في المناطق النائية الوصول الى الرعاية المتخصصة، حيث يمكن لجراحين خبراء اجراء عمليات معقدة عن بعد، كما تساعد الروبوتات في اجراء العمليات بدقة عالية، ما يقلل من المضاعفات ويحسن النتائج. تساهم الجراحة عن بعد في تقليل التكاليف الصحية على المدى الطويل، وتستخدم في تدريب الجراحين في المناطق النائية. رغم التحديات كضمان اتصال انترنت فائق السرعة وتطوير انظمة روبوتية وتدريب الكوادر الطبية، يتوقع ان تنتشر الجراحة عن بعد وتساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية. علاجات للامراض النادرة شهد عام 2024 تقدما ملحوظا في علاجات الامراض النادرة والخطيرة، بظهور تقنيات جينية مبتكرة. تعتمد العلاجات الجينية على تعديل المادة الوراثية، ومن ابرز التقنيات المستخدمة: كريسبر (للتعديل الجيني لعلاج الامراض الوراثية الناتجة عن خلل في جين واحد)، النواقل الفيروسية (لنقل جينات سليمة)، والحامض النووي الريبوزي المتداخل (لاسكات الجينات المسببة للمرض). شهد عام 2024 تطوير علاجات لانواع من العمى الوراثي باستخدام كريسبر، واظهرت التجارب السريرية نتائج واعدة. كما تم تطوير علاجات جينية للامراض الاستقلابية النادرة وعلاجات مناعية جديدة تستهدف الخلايا السرطانية بدقة. رغم التحديات كالتكلفة العالية وصعوبة تطوير علاجات لجميع الامراض النادرة والحاجة لمزيد من الابحاث، يتوقع تحقيق المزيد من الانجازات في المستقبل القريب. تطور الذكاء الاصطناعي تحسين قدرات الانظمة الذكية واستخدامها في مجالات الصحة والتعليم والبيئة والصناعة: شهد عام 2024 تطورا ملحوظا في قدرات الذكاء الاصطناعي وتوسعا في استخداماته في مجالات حيوية مختلفة. في مجال الصحة، يساعد الذكاء الاصطناعي الاطباء في التشخيص الدقيق وتحليل البيانات لتطوير الادوية وتقديم توصيات علاجية شخصية. في مجال التعليم، يكيف الذكاء الاصطناعي المحتوى التعليمي ليناسب الطلاب ويقيم اداءهم ويقدم دروسا خصوصية افتراضية. وفي مجال البيئة، يحلل الذكاء الاصطناعي البيانات المناخية ويحسن ادارة الموارد الطبيعية ويراقب مستويات التلوث. اخيرا، في مجال الصناعة، يمكن للذكاء الاصطناعي اتمتة العمليات وزيادة الانتاجية والتنبؤ بالاعطال وتحسين جودة المنتجات. الذكاء الاصطناعي العام (AGI) يمثل السعي نحو تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) احدى ابرز انجازات عام 2024، حيث تتجه الجهود نحو انشاء انظمة قادرة على محاكاة او تجاوز القدرات المعرفية البشرية. يهدف الذكاء الاصطناعي العام الى تطوير انظمة ذكية قادرة على فهم وتعلم وتنفيذ اي مهمة فكرية بشرية، ما يميزه عن الذكاء الاصطناعي الضيق (ANI). من المتوقع ان يتمتع الذكاء الاصطناعي العام بقدرات متقدمة تشمل التعلم والتكيف والفهم والاستدلال والابداع والابتكار. ومع ذلك، يثير تطويره تساؤلات حول تاثيره على سوق العمل والمخاطر الامنية والقضايا الاخلاقية، مثل مسؤولية الالات الذكية وحقوقها. تطوير الحواسيب الخارقة شهد عام 2024 تطورا كبيرا في الحواسيب الخارقة، حيث تم تطوير اجهزة قادرة على اجراء عمليات حسابية معقدة بسرعة فائقة. تستخدم هذه الحواسيب في نمذجة انظمة المناخ والتنبؤ بالتغيرات المناخية، ومحاكاة عمليات الانشطار النووي لتطوير مفاعلات اكثر امانا وكفاءة، واكتشاف الادوية بتحليل البيانات الضخمة، اضافة الى استخدامها في ابحاث علمية اخرى كالفيزياء والكيمياء وعلم الاحياء. يساهم هذا التطور في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي ويفتح افاقا جديدة للاكتشافات والابتكارات. في مجال الفضاء تعد اكتشافات الهياكل الكونية الضخمة، كـ 'الحلقة الكبيرة' (تجمع مجري قطره 1.3 مليار سنة ضوئية) و'الجدار العظيم سلووان' (تجمع مجري مماثل)، من ابرز الاكتشافات الحديثة التي تعيد تشكيل فهمنا للكون. هذه الاكتشافات تظهر ان توزيع المجرات ليس عشوائيا، بل يتبع انماطا وهياكل مترابطة، مثل العناقيد المجرية العملاقة. تشكل هذه الهياكل تحديا للنموذج الكوني القياسي، ما يدفع العلماء لاقتراح نظريات جديدة، كـ 'الخيوط الكونية' (توزع المجرات على طول خيوط تشكل شبكة كونية) و'التضخم الكوني' (التوسع السريع للكون بعد الانفجار العظيم). تساعد هذه الاكتشافات في فهم بنية الكون وتطوره، واختبار النظريات الكونية. اكتشاف اقدم ثقب اسود يعد اكتشاف اقدم ثقب اسود بواسطة تلسكوب جيمس ويب انجازا بارزا، حيث يقع في مجرة GN-z11 ويعود تاريخه الى 400 مليون سنة بعد الانفجار العظيم (3% من عمر الكون الحالي). تبلغ كتلته 6 ملايين ضعف كتلة الشمس، وهو حجم هائل في تلك الفترة، ما يثير تساؤلات حول كيفية وصوله لهذا الحجم بسرعة. يتغذى هذا الثقب بسرعة اكبر بخمس مرات من الحد النظري، ما يشير الى اليات نمو غير مفهومة. يساعد هذا الاكتشاف في فهم تكوين الثقوب السوداء وتطور المجرات، ويساهم في اختبار وتطوير النظريات الكونية، خاصة فيما يتعلق بالكون المبكر. يثير الاكتشاف تحديات جديدة، حيث لا تفسر النظريات الحالية وجود ثقب بهذا الحجم في تلك الفترة، ويقترح تفسيرات كالانهيار المباشر لسحب الغاز او اندماج الثقوب الصغيرة. يفتح هذا الاكتشاف الباب لمزيد من الابحاث بواسطة تلسكوب جيمس ويب لدراسة الثقوب السوداء في الكون المبكر وفهم الكون في مراحله الاولى. في مجالات اخرى في عام 2024، شهدت مجالات اخرى تقدما ملحوظا يضاف الى سلسلة الانجازات الخارقة. من بين هذه المجالات، برز استكشاف اعماق المحيطات كهدف طموح، حيث تم استخدام تقنيات متطورة لفهم التنوع البيولوجي الغني الذي تحتضنه المحيطات. ساهمت هذه التقنيات في الكشف عن كائنات بحرية جديدة لم تكن معروفة من قبل، مما وسع فهمنا للنظام البيئي البحري ودوره الحيوي في كوكب الارض. تضمنت هذه التقنيات استخدام غواصات الية متطورة قادرة على الوصول الى اعماق سحيقة، بالاضافة الى اجهزة استشعار متقدمة قادرة على جمع بيانات دقيقة حول الظروف البيئية في هذه المناطق. كما شهد مجال الطاقة المتجددة تطورات هامة في عام 2024، حيث تم التركيز على تعزيز كفاءة الالواح الشمسية وتطوير تقنيات تخزين الطاقة المستدامة. تهدف هذه الجهود الى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري، مما يساهم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتخفيف من اثار التغير المناخي. من بين التطورات الهامة في هذا المجال، نذكر تطوير مواد جديدة تستخدم في صناعة الالواح الشمسية تزيد من كفاءتها في تحويل ضوء الشمس الى كهرباء، بالاضافة الى تطوير بطاريات تخزين طاقة اكثر كفاءة واقل تكلفة. اما في مجال المناخ، فقد تم تحقيق بعض التقدم الملحوظ في عام 2024، من بينها توقف المملكة المتحدة عن استخدام الفحم لتوليد الطاقة. يعتبر هذا الانجاز خطوة هامة نحو التحول الى مصادر طاقة انظف واكثر استدامة، ويظهر التزام المملكة المتحدة بمكافحة التغير المناخي. بالاضافة الى ذلك، شهد العام جهودا دولية متزايدة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز التعاون الدولي في مجال حماية المناخ. على الرغم من ان التحديات لا تزال كبيرة، الا ان هذه الانجازات تعطي املا في امكانية تحقيق تقدم حقيقي في مواجهة هذه المشكلة العالمية. بالاضافة الى الانجازات المذكورة، شهد عام 2024 حدثا تاريخيا في استكشاف الفضاء، حيث نجحت مهمة Chang'e-6 الصينية في تحقيق انجاز فريد من نوعه، وهو جلب عينات من الجانب المظلم للقمر الى الارض. تعد هذه المهمة الاولى من نوعها عالميا، حيث لم يسبق لاي مهمة فضائية اخرى ان قامت بجلب عينات من هذا الجانب من القمر. يكتسب الجانب المظلم للقمر اهمية خاصة للعلماء، حيث يعتقد انه يحوي معلومات قيمة عن تاريخ القمر وتكوينه، نظرا لانه اقل تعرضا للتغيرات الناتجة عن النشاط البركاني والاصطدامات النيزكية مقارنة بالجانب المرئي. من المتوقع ان تساهم هذه العينات في فهم اعمق لتاريخ النظام الشمسي وتطور الكواكب. يضاف هذا الانجاز الى سلسلة النجاحات الصينية في مجال استكشاف الفضاء، ويعزز مكانتها كقوة رائدة في هذا المجال. كما حقق المسبار الشمسي 'باركر' التابع لناسا إنجازات تاريخية في عام 2024، حيث اقترب من الشمس أكثر من أي مركبة فضائية أخرى في التاريخ، ووصل إلى مسافة 6.1 ملايين كيلومتر فقط من سطحها. كما سجل سرعة قياسية تجاوزت 190 كيلومترًا في الثانية. هذه البيانات الفريدة تمكن العلماء من فهم أفضل للرياح الشمسية والغلاف الجوي للشمس، وكيفية تأثيرها على الأرض والكواكب الأخرى. يعتبر هذا الانجاز خطوة هامة في دراسة النجم الذي يمدنا بالحياة، ويساهم في حماية أنظمتنا التكنولوجية من العواصف الشمسية. من المتوقع أن تستمر مهمة باركر حتى عام 2025، حيث سيقوم بمناورات اضافية. الخلاصة: شهد عام 2024 انجازات علمية وتكنولوجية بارزة في مجالات متعددة. في الطب والبيولوجيا، تم احراز تقدم في العلاج الجيني بتقنيات كـ'كريسبر'، واستنساخ قرد مكاك ريسوسي، وتطوير الجراحة عن بعد، وعلاجات للامراض النادرة. في التكنولوجيا، تطور الذكاء الاصطناعي واستخدم في مجالات متنوعة، واستمر السعي نحو تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وتطورت الحواسيب الخارقة. في الفضاء، تم اكتشاف هياكل كونية ضخمة واقدم ثقب اسود. وفي مجالات اخرى، تم احراز تقدم في استكشاف اعماق المحيطات والطاقة المتجددة والمناخ والجانب المظلم من القمر. باختصار، شهد عام 2024 تقدما كبيرا في مختلف المجالات، مع التركيز على التقنيات المبتكرة. من المهم ان نلاحظ ان بعض هذه الانجازات لا تزال في مراحلها الاولية، وان هناك تحديات كبيرة تواجه تطبيقها على نطاق واسع. ومع ذلك، فان هذه الانجازات تشير الى التقدم السريع الذي يشهده العالم في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية، وتفتح افاقا جديدة لمستقبل البشرية. ————————————— * بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store