
هل تضفي السعودية الشرعية على الاتفاق الأميركي- الإيراني؟
قيل شرق أوسط جديد يظهر حينما تحركت إسرائيل في أكثر من ميدان داخل المنطقة رداً على "طوفان الأقصى"، لكن هل يمكن القول إن شرق أوسط جديداً آخر يظهر على النقيض مما ترسم ملامحه إسرائيل منذ عام 2023؟ شرق أوسط جديد تبدأ ملامحه بالتشكل من منطقة الخليج العربي بين إيران وجيرانها؟
أهم أسئلة الشرق الأوسط الآخر، هل تتغير إيران؟ هل تضفي السعودية الشرعية على الاتفاق الأميركي- الإيراني؟ هل نحن بصدد شرق أوسط جديد مغاير للشرق الأوسط الذي تبغيه إسرائيل؟ أسئلة تطرحها تغيرات عدة تشهدها المنطقة حالياً. ليس من المبالغة القول إن اتفاق المصالحة الإيراني- السعودي أسهم في جزء كبير في تغيير المشهد على نحو يؤسس لاستقرار الأمن الإقليمي.
والاتفاق الذي تم برعاية صينية وحرص الطرفان السعودي والإيراني على التوصل إليه لتحقيق مصالحهما الاقتصادية والسياسية، يمكن القول إنه الآن ركيزة في أمن واستقرار المنطقة، بل دفعها نحو وضع أطر جديدة تسهم في إيجاد آليات لحل مشكلاتها. فالاتفاق بين الرياض وطهران أسهم في دعم موقف إيران، بحيث كسر عنها العزلة الإقليمية من جهة، ومن جهة أخرى هو درع حماية في مواجهة السياسة الأميركية تجاه إيران، ولا سيما خلال عهد دونالد ترمب، والتي كان يمكن أن تدعمها إسرائيل في مواجهة إيران لو قرر ترمب التعامل مع إيران باعتبارها خطراً على الأمن الإقليمي ودول المنطقة. ومن ثم كان للمصالحة دور في مساندة دول الخليج، ولا سيما السعودية، لتحديد أجندة واشنطن الإقليمية تجاه طهران، بما يضمن تحقيق أمن الخليج العربي للجميع، إيران والدول الخليجية.
إيران تعي ذلك جيداً، مما نراه في تغير الخطاب السياسي الإيراني، فبينما منذ أقل من خمسة أعوام تحدث القادة الإيرانيون عن نفوذ طهران ووصوله إلى أربع دول عربية، نجد أن وزير الخارجية الإيراني الحالي عباس عراقجي يتحدث بلغة ومفردات جديدة تبتعد من التأطير لحال الهيمنة الإقليمية التي تنشدها إيران منذ عقود عدة وتصرفت على أساسها منذ عام 2011، إذ إن دولاً عربية عدة شهدت اضطرابات وتظاهرات شتى هددت استقرار تلك الدول.
ونجد أن عراقجي استخدم لغة مختلفة تماماً، فقال خلال منتدى طهران للحوار الذي عقد الشهر الجاري "لا تتصور إيران نفسها قوة مهيمنة، بل دولة قوية بين جيران أقوياء، منسجمة في نسيج إقليمي مرن ومترابط"، وهذا تطور مهم لو عكس بالفعل تغيراً في العقلية الإيرانية وليس مجرد تغيير تكتيكي يستمر في أحسن الأحوال خلال الأربعة أعوام المقبلة من ولاية دونالد ترمب.
التغيير في لغة الخطاب السياسي الإيراني راجع بصورة رئيسة إلى التغيرات الاستراتيجية التي شهدتها المنطقة وكان نصيب إيران منها ضعف نفوذها الإقليمي عبر تآكل قوة أذرعها الإقليمية بفعل تداعيات عملية "طوفان الأقصى" التي استغلتها إسرائيل لتغيير ملامح الشرق الأوسط عبر استهداف إيران ومعها غزة ولبنان وسوريا.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان لمجيء ترمب في تلك المرحلة دور مهم للتموضع مع الوضع الإقليمي الجديد، وما منح إيران دفعة وقوة أيضاً كان تحسن العلاقات مع دول الخليج الذي أثرت فيه بصورة كبيرة السعودية، فمنحت نوعاً من الشرعية لدبلوماسية الجوار الإيراني، وكان تصريح عراقجي الأخير منذ ساعات قليلة "نحن جادون تماماً في شأن العلاقات الإيرانية- السعودية، سياسة الجوار التي بدأناها بالفعل، سياسة بالغة الأهمية، وللسعودية مكانة بالغة الأهمية في هذه السياسة".
وكان للدبلوماسية السعودية النشطة دور في هذا التغيير وكانت الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين وأبرزها خصوصاً زيارة وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان آل سعود إلى طهران ولقاؤه المرشد الإيراني، كذلك دور الرياض في دعم المحادثات الإيرانية- الأميركية للتوصل إلى اتفاق، فلا شك في أن دول الخليج العربية تسعى بشدة إلى إتمام اتفاق بين إيران وواشنطن وتجنيب المنطقة تفجر بؤر جديدة لصراعات أو حروب، في وقت تحاول إسرائيل جر واشنطن لمواجهة ضد إيران.
وهنا يمكن القول إن عامل الحماية المؤثر في استراتيجية واشنطن تجاه إيران هو تحسن العلاقات بين إيران ودول الخليج، فمن جهة وإلى جانب الخروج من العزلة الإقليمية تروج طهران أنها ليست مهدداً لأمن جيرانها، ومن جهة أخرى تضمن أن قوة العلاقات السعودية- الأميركية ستقوم بدور في جعل واشنطن تصبر أكثر خلال محادثاتها مع طهران للتوصل إلى اتفاق.
وتجلى خلال زيارة ترمب الخارجية الأولى لمنطقة الخليج الدور السعودي في دعم الاستقرار بمنطقة الخليج بما يعني أن السعودية لاعب إقليمي رئيس لا غنى عنه لإيران لإضفاء شرعية على محادثات واشنطن- إيران والاتفاق الذي يرغب جميع الأطراف في إتمامه.
وداخل إيران هناك إدراك أن السعودية تضطلع بدور غير مباشر في المحادثات الجارية مع واشنطن وتدعمها، بل كانت هناك تقارير تتحدث عن عرض سعودي لاستضافة المحادثات قبل بدء جولاتها، لكن في كل الأحوال الدعم السعودي للمحادثات يضفي شرعية وقبولاً إقليمياً على الاتفاق.
وتدرك إيران أن علاقتها الجيدة بالسعودية تعمل على إضعاف الدور الإسرائيلي تجاهها، إذ إن تل أبيب ترفض مبدأ المفاوضات وتسعى إلى إعادة إيران لمرمى الأهداف العسكرية الإسرائيلية. وإن الشرعية التي تضفيها دبلوماسية السعودية على إيران تمارَس في أكثر من اتجاه، بحيث تعمل الرياض أيضاً على إقناع طهران بممارسة دور أكثر هدوءاً، تجنباً لرد الفعل الأميركي والإسرائيلي.
لكن الأهم ما بعد التوصل إلى اتفاق أن تستفيد الأطراف الإقليمية جميعها من التأسيس لأطر يمكن من خلالها التفاهم على آليات لحل الخلافات والنزاعات، وأن يجري التأسيس لمفهوم جديد تستقر عليه المنطقة، وهو احترام مصالح الدول المجاورة وعدم إثارة مكامن التهديد، ولأن الاتفاق السعودي- الإيراني أوضح أنه من الممكن التفاهم السياسي بين دول الإقليم المتنازعة على أساس قاعدة التعاون المشترك لتحقيق أهداف الجميع وليس بمنطق المباريات الصفرية، لذا يمكن البحث عن آليات أخرى لتأسيس التعاون الإقليمي للاستفادة المشتركة من موارد الإقليم.
الفرصة مهيأة لإيران الآن للاستفادة من الطفرات الاقتصادية التي تحققها دول الخليج العربي عبر اتخاذ خطوات من جانبها لبناء الثقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
مسؤول إيراني: تهديد ترمب بتدمير المنشآت النووية "خط أحمر واضح"
نقلت وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن مسؤول إيراني قوله أمس الجمعة إن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتدمير المنشآت النووية الإيرانية "خط أحمر واضح" وستكون له عواقب وخيمة. ونقلت الوكالة عن المسؤول الذي لم تكشف اسمه قوله "إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى حل دبلوماسي، فعليها التخلي عن لغة التهديدات والعقوبات"، مضيفاً أن مثل هذه التهديدات "عداء صريح ضد المصالح الوطنية الإيرانية". وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض أمس الجمعة إنه يعتقد أن الولايات المتحدة قريبة من التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وكان الرئيس الأميركي أشار للصحافيين في البيت الأبيض يوم الأربعاء "أريده (الاتفاق النووي) قوياً جداً بحيث يمكننا إدخال مفتشين، ويكون بإمكاننا أن نأخذ ما نريد، ونفجر ما نريد، ولكن من دون أن يقتل أحد. يمكننا تفجير مختبر، ولكن لن يكون هناك أحد داخله، على عكس تفجير المختبر مع وجود الجميع داخله". وهدد ترمب مراراً بقصف المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت الدبلوماسية في حل الخلاف المستمر منذ عقود بشأن برنامج طهران النووي. عدم امتثال إيران قال دبلوماسيون إن القوى الغربية تستعد للضغط على مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اجتماعه الفصلي المقبل لإعلان عدم امتثال إيران لالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً، وهي خطوة من المرجح أن تثير غضب طهران. من المرجح أن تعقد هذه الخطوة المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، الهادفة إلى فرض قيود جديدة على برنامج طهران النووي الذي يتطور بسرعة. اقترحت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفون باسم الترويكا الأوروبية، قرارات سابقة اعتمدها مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤلف من 35 دولة، تدعو إيران إلى اتخاذ خطوات سريعة، مثل تقديم تفسير لآثار اليورانيوم التي عثرت عليها الوكالة في مواقع غير معلنة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتستعد الوكالة لإرسال تقاريرها الفصلية عن إيران إلى الدول الأعضاء قبل الاجتماع القادم لمجلسها، الذي يبدأ في التاسع من يونيو (حزيران). وسيكون أحد هذه التقارير "شاملاً" ومطولاً ويتناول مسائل من بينها تعاون إيران، وفقاً للطلب الوارد بقرار مجلس المحافظين الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني). ويتوقع دبلوماسيون أن يشتمل التقرير على إدانات. وقال مسؤول أوروبي "نتوقع أن يكون التقرير الشامل صارماً، لكن لا توجد أي شكوك بشأن عدم وفاء إيران بالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار". ويقول ثلاثة دبلوماسيين إن الولايات المتحدة ستعد، بمجرد صدور هذا التقرير، مشروع قرار يعلن انتهاك إيران لما يسمى بالتزاماتها المتعلقة بالضمانات. وقال رابع إن القوى الغربية تعد مشروع قرار من دون الخوض في التفاصيل. وأضاف الدبلوماسيون أن النص سيناقش مع الدول الأعضاء في مجلس المحافظين خلال الأيام المقبلة قبل أن تقدمه القوى الغربية الأربع رسمياً إلى المجلس خلال الاجتماع الفصلي، مثلما حدث مع القرارات السابقة. برنامج أسلحة نووية سري كانت آخر مرة اتخذ فيها مجلس المحافظين خطوة الإعلان رسمياً عن انتهاك إيران لالتزاماتها بموجب اتفاق الضمانات الشاملة في سبتمبر (أيلول) 2005، وذلك في خضم مواجهة دبلوماسية نتجت عن اكتشاف أنشطة نووية سرية في إيران. وتعتقد الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في الوقت الحالي أن إيران كان لديها برنامج أسلحة نووية سري ومنسق أوقفته عام 2003. وتنفي إيران امتلاكها أي برنامج أسلحة على الإطلاق وتؤكد أنها تستخدم التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية فقط. وأحال قرار منفصل أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير (شباط) 2006 مسألة عدم امتثال إيران إلى مجلس الأمن الدولي، الذي فرض لاحقاً عقوبات على طهران. وقال الدبلوماسيون إنه لم يتحدد بعد متى ستسعى القوى الغربية إلى إحالة الأمر إلى مجلس الأمن، ولم يتضح أيضاً الإجراء الذي يمكن أن يتخذه مجلس الأمن ضد إيران، إن وجد. ومن المرجح أن يؤثر أي قرار بشكل فوري على محادثات طهران مع الولايات المتحدة وعلى أي خطوات نووية أخرى تقرر إيران اتخاذها على أرض الواقع. وقال مسؤول إيراني كبير لـ "رويترز" إن طهران سترد على أي قرار "بتوسيع نطاق العمل النووي بناء على (مضمون) هذا القرار". ووافق مجلس محافظي الوكالة على جميع القرارات التي اقترحتها القوى الغربية بشأن إيران في الآونة الأخيرة، ولا شك في أن هذا القرار سيقرّ أيضاً. لكن السؤال الوحيد يكمن في حجم الأغلبية التي ستؤيده. وروسيا والصين هما الدولتان الوحيدتان اللتان عارضتا باستمرار مثل هذه القرارات. وتشعر إيران بالاستياء من القرارات والانتقادات الأخرى الموجهة إليها من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يدفعها لاتخاذ خطوات مثل تسريع برنامج تخصيب اليورانيوم وتوسيعه أو منع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد. وتخصب إيران اليورانيوم بالفعل إلى درجة نقاء تصل إلى 60 في المئة، ويمكن رفع هذه النسبة بسهولة إلى ما يقارب 90 في المئة، وهي الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة. ويظهر معيار الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران لديها كمية من المواد عند هذا المستوى تكفي لصنع ستة أسلحة نووية إذا واصلت تخصيبها.


الشرق للأعمال
منذ 3 ساعات
- الشرق للأعمال
مؤشرات الأسهم الأميركية تسجل أقوى أداء شهري في مايو منذ 1990
سيطرت التقلبات على مؤشرات الأسهم الأميركية خلال الجلسة الأخيرة من تعاملات مايو، لترتد من أدنى مستوياتها بعد أن قال الرئيس دونالد ترمب إنه يتوقع التحدث إلى نظيره شي جين بينغ بعد اتهام الصين بخرق اتفاقية التجارة. محا مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) خسائره السابقة التي بلغت 1.2%، مسجلًا أفضل أداء له في مايو منذ 1990، محققاً مكاسب شهرية تفوق 6%. وكان أداء السندات ضعيفاً، على الرغم من أن سندات الخزانة الأميركية كانت تتجه لتكبد أول انخفاض شهري لها هذا العام. ولم يشهد الدولار أي تغير يُذكر، مسجلًا انخفاضاً للشهر الخامس على التوالي، وهو أطول انخفاض له منذ 2020. قال كلارك بيلين من "بيلويذر ويلث" (Bellwether Wealth): "نتوقع أن تظل الأسواق مدفوعةً بالأنباء الواردة وخاصة تلك المتعلقة بالرسوم الجمركية". وأضاف: "مع ازدياد وضوح الوضع التجاري، نتوقع أن تقود محركات الأسواق التقليدية، مثل الأرباح والأساسيات، معنويات السوق". أداء أبرز المؤشرات:


الاقتصادية
منذ 4 ساعات
- الاقتصادية
مؤشرات الأسهم الأمريكية تسجل أقوى أداء شهري في مايو منذ 1990
سيطرت التقلبات على مؤشرات الأسهم الأمريكية خلال الجلسة الأخيرة من تعاملات مايو، لترتد من أدنى مستوياتها بعد أن قال الرئيس دونالد ترمب إنه يتوقع التحدث إلى نظيره شي جين بينغ بعد اتهام الصين بخرق اتفاقية التجارة. محا مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) خسائره السابقة التي بلغت 1.2%، مسجلًا أفضل أداء له في مايو منذ 1990. وكان أداء السندات ضعيفاً، على الرغم من أن سندات الخزانة الأمريكية كانت تتجه لتكبد أول انخفاض شهري لها هذا العام. ولم يشهد الدولار أي تغير يُذكر، مسجلا انخفاضا للشهر الخامس على التوالي، وهو أطول انخفاض له منذ 2020. قال كلارك بيلين من "بيلويذر ويلث" (Bellwether Wealth): "نتوقع أن تظل الأسواق مدفوعة بالأنباء الواردة وخاصة تلك المتعلقة بالرسوم الجمركية". أضاف: "مع ازدياد وضوح الوضع التجاري، نتوقع أن تقود محركات الأسواق التقليدية، مثل الأرباح والأساسيات، معنويات السوق".