
التعاون التاريخي بين الإمارات والسودان
التعاون التاريخي بين الإمارات والسودان
لطالما كانت العلاقة السودانية - الإماراتية عبر الحكومات المتوالية التي مرت بالبلدين مثالاً يُحتذى به في التعاون العربي- العربي، ومنذ مطلع سبعينيات القرن الماضي تواصلت المشاريع بين الدولتين، والبداية كانت بمشروع طريق «هيا بورتسودان»، الذي يربط ولايات السودان المختلفة بموانئها الرئيسية، ثم توالت المشاريع ولا غرابة أن يختار المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان السودان كأول دولة يزورها خارج بلاده بعد توليه زمام الحكم، والاستعانة بسواعد أبنائه وأشقائه السودانيين في تأسيس دعائم الدولة الحديثة، وليومنا هذا لا يذكر الإنسان السوداني إلّا وذكرت معه صفات الوفاء والصدق والأمانة.
ثم توالت بعد ذلك، وعلى مختلف حقب الحكم في السودان المشاريع الاقتصادية مرتكزة على تلك القديمة، وتم توقيع اتفاقيات متنوعة في شتى المجالات، ودخل المستثمرون الإماراتيون برغبة مستندة إلى خلفية الأساس المتين الذي وضعه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مجالات وآفاق جديدة، مثل مجال النفط والتعدين والتصنيع، وأكبر مشروع للقطاع الخاص هو مشروع «زايد الخير» الذي يشكل نموذجاً لمبادرات أبناء الدولة الذين حذوا حذو شيخ العرب وحكيمهم، وأطلق عليه اسم «زايد الخير» تيمناً بالشيخ زايد، رحمه الله، والمشروع في منطقة الجزيرة ويشتمل على زراعة 40 ألف فدان وهي مساحة شاسعة، كما نذكر الودائع التي حرصت الإمارات أن تكون الداعم الأساسي لبنك السودان المركزي عبر التاريخ، وقروض عديدة لمشاريع كثيرة مثل مشروع «غزل الحاج عبدالله» 1976، و«سكك حديد السودان» 1977، و«مطار الخرطوم» عام 1980، وغيرها من المشاريع التي ساهمت في نهضة السودان الحديث.
إذن، العلاقة بين الإمارات والسودان ضاربة في الجذور، واهتمام الإمارات بالسودان ينصبّ في وحدة الصف العربي والحفاظ على الأمن الإقليمي واستثماراتها ومشاريعها المشتركة مع الإخوة السودانيين. والخلاف السياسي، هو في رأيي خلاف موجه لزرع الفتنة بين الطرفين، واتهام الإمارات بتمويل طرف على حساب الآخر أمر يخلو من العقلانية، فنحن نتحدث عن صراع على الزعامة بين الجنرالين اللذين استوليا على السلطة عام 2021، فهل كان النزاع على السلطة أم على وحدة واستقرار السودان؟
ولم تكن الإمارات من أوجد هذا الفصيل أو ذاك، حيث أكدت الإمارات، يوم الأربعاء الماضي، في «مؤتمر لندن حول السودان» الذي استضافته بريطانيا، أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمثلان الشعب السوداني، ولا يمكن لأي منهما تحقيق الاستقرار في السودان، مشددة على أن الانتقال إلى عملية سياسية وتشكيل حكومة مستقلة بقيادة مدنية يعد النموذج الوحيد القادر على إحداث تغيير حقيقي في السودان.
إذاً، أن من خلق البيئة الحتمية للصراع هم اللاعبون الرئيسون في العالم وتموقعهم الاستراتيجي في القارة الأفريقية وفي منطقة الشرق الأوسط، والقضايا والدعاوى ضمن ذلك الإطار، ولذلك ما يطرأ من تداعيات هي نتاج سوداني خالص.
أما الإمارات فهي أولى الداعمين لوحدة السودان واستقراره، ومن غير المعقول أن تساهم دولة في خراب دولة استثمرت المليارات بها، وخسارة تلك الأصول الاستثمارية حباً في شخص يتصارع على السلطة مع الآخر! وأين هي مصلحة الشعب السوداني من كل ذلك التناحر على السلطة والقوة؟ ولماذا المماطلة في تشكيل حكومة مدنية منتخبة منذ سنين عديدة، وصولاً للقتال بين الطرفين بعيداً عن الحل الشامل؟ الشعب السوداني يحلم بحياة طبيعية وأن يبتعد عن الحكم من لا يؤمن بالمشاركة، ولا بالمشاورة ولا بالآخر ومبدأ كل شيء أو لا شيء. السودان سيعود وطن سلام عندما يكون هناك نهج مصالحة يضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أثنية وأيديولوجية أو سياسية.
*كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ يوم واحد
- الاتحاد
الإمارات تشارك في الاجتماع الـ23 للوزراء المعنيين بشؤون الإسكان بدول التعاون
ترأس معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، وفد الدولة المشارك في الاجتماع الثالث والعشرين لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المعنيين بشؤون الإسكان في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي عُقد أمس في العاصمة الكويتية، بمشاركة وزراء الإسكان في دول المجلس والأمانة العامة لمجلس التعاون. وأكد معالي المزروعي، خلال مشاركته، حرص قيادة دولة الإمارات على دعم وتعزيز العمل الخليجي المشترك في شتى المجالات وخاصة في ملف الإسكان، باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة، مشيداً بالتقدم الذي أحرزه التعاون في هذا القطاع الحيوي، معرباً عن تطلع الإمارات إلى استمرار التنسيق المشترك ودعم المبادرات التي من شأنها تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية العمرانية المتكاملة. وقال إن القيادة الرشيدة تولي قطاع الإسكان أولوية قصوى باعتباره أحد أهم المحاور الاستراتيجية لتعزيز جودة الحياة وتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي، حيث تواصل الدولة تطوير برامج ومبادرات إسكانية مبتكرة تلبي احتياجات المواطنين وفق أعلى معايير الجودة والاستدامة، بما يتماشى مع رؤية "نحن الإمارات 2031". وأوضح معاليه أن جهود الإمارات في قطاع الإسكان تنسجم بشكل مباشر مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، لا سيما الهدف الحادي عشر "مدن ومجتمعات محلية مستدامة"، من خلال توفير مساكن آمنة، ميسورة التكلفة، وتتمتع ببنية تحتية مستدامة، مؤكدا أن مشاريع الإسكان الوطنية تراعي مفاهيم الاقتصاد الأخضر، وتقنيات البناء الذكي، وكفاءة استهلاك الطاقة والمياه، بما يعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات المناخية ويحقق الاستدامة الشاملة للأجيال القادمة. وعلى هامش الاجتماع الوزاري، تم الإعلان عن المشاريع الفائزة في جائزة مجلس التعاون في مجال الإسكان "الدورة السادسة 2024-2025"، والتي كانت بعنوان التطبيقات والتقنيات "الرقمية/الذكية" في المشاريع والبرامج الإسكانية، حيث حصدت دولة الإمارات المركز الثاني عن مشروع "باقة منزلي"، التي تُعد نموذجاً مبتكراً في تقديم الخدمات الإسكانية المتكاملة. وسبق الاجتماع الـ"23" لأصحاب المعالي والسعادة الوزراء المعنيين بشؤون الإسكان بدول مجلس التعاون، فعاليات أعمال الاجتماع السادس والعشرين لكبار مسؤولي الإسكان بدول مجلس التعاون، حيث ترأس من خلاله المهندس محمد عبد الله المنصوري، مدير برنامج الشيخ زايد للإسكان، وفد الدولة المشارك والذي استعرض محاور التعاون الفني وتبادل أفضل التجارب في تطوير السياسات الإسكانية، والتوجهات الخليجية الموحدة نحو التنمية العمرانية المستدامة. وأشار إلى أن دولة الإمارات تواصل دورها المحوري في دعم مبادرات التكامل الخليجي، وتحرص على تعزيز الشراكات وتبادل المعرفة والخبرات، بما يخدم أهداف العمل الخليجي المشترك، ويسهم في تطوير مدن مستدامة تتمتع بكفاءة عالية من حيث التخطيط العمراني والتكامل المجتمعي. وسلّط المنصوري الضوء على التجربة الإماراتية في مجال الإسكان، مؤكدًا أن برنامج الشيخ زايد للإسكان يُعد من أبرز النماذج الرائدة إقليميًا، حيث نجح منذ تأسيسه في تلبية آلاف الطلبات السكنية، وساهم في تمكين الأسر المواطنة من امتلاك مساكن ملائمة تحقق لهم الاستقرار والرفاه. وفي إطار الفعاليات المصاحبة للاجتماع، شهد الأسبوع الإسكاني الخليجي الثالث تنظيم مسابقة "هاكاثون الإسكان الخليجي"، التي تم تخصيصها لطلبة الجامعات الخليجية بهدف تشجيع الشباب على الابتكار وتقديم أفكار خلاقة في مجالات الإسكان والتخطيط العمراني. وشاركت في المسابقة عدة جامعات في الدولة: منها جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة الشارقة، وجامعة عجمان، حيث قدم الطلبة مشاريع نوعية تواكب توجهات المدن الذكية، وتُسهم في إيجاد حلول مبتكرة للتحديات المستقبلية في قطاع الإسكان. وضم وفد الدولة عدداً من كبار مسؤولي الجهات الإسكانية في الدولة، يمثلون الجهات الآتية: وزارة الطاقة والبنية التحتية ممثلة في برنامج الشيخ زايد للإسكان، وهيئة أبوظبي للإسكان، ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان، ودائرة الإسكان في الشارقة، حيث شارك أعضاء الوفد في جلسات وورش العمل الرسمية والفعاليات المصاحبة للاجتماع، والتي تناولت استعراض التجارب الإسكانية الناجحة في دول المجلس، وبحث سبل التكامل، ومناقشة أبرز التحديات والفرص المستقبلية في هذا القطاع الحيوي. ويعكس الحضور الإماراتي الفاعل في المحافل الخليجية التزام الدولة بدعم منظومة العمل الخليجي المشترك، وتبادل الخبرات لتطوير بيئة عمرانية مستدامة تحقق رفاهية المواطن الخليجي وتعزز من تنافسية مدن المنطقة.


الاتحاد
منذ يوم واحد
- الاتحاد
الإمارات.. كلمة سلام في قمة بغداد
الإمارات.. كلمة سلام في قمة بغداد منذ تأسيسها أصبحت الإمارات شريكة للعالم في صناعة فرص السلام والاستقرار والتنمية في كل مكان، ومبادراتها الإنسانية خير دليل عملي على ذلك. في أحد اللقاءات مع مسؤول أميركي رفيع المستوى، دار حديث صريح حول اعتزام الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من أفغانستان بعد تواجدها لأكثر من خمسة عشر عاماً من دون جدوى. وكان الشعار المرفوع آنذاك «كسب القلوب والعقول» سألت هذا المسؤول: هل حققتم هذا الهدف رغم ما تعرض له المدنيون والأبرياء من قصف، بينما كانت الإمارات تسهم في التعمير وبناء قواعد السلام للشعب الأفغاني عبر بناء المدارس والمستشفيات والطرقات وتنمية المشاريع الحيوية، التي توفّر فرص العمل والإنتاج للسكان؟ هذه رؤية الإمارات التي طبقتها في كل مكان استدعى مساهمتها، سواء في البوسنة والهرسك أو في لبنان واليمن والصومال وبلدان أخرى حول العالم يشيد بها شعوبها المحبة لكل ما يرسّخ جذور السلام والوئام بين مكوناتها. لقد واصلت الإمارات مسارها السلمي في كلمتها بالقمة العربية رقم (34) في بغداد، التي احتوت على ملفات ساخنة في بعض الدول المشاركة. الإمارات وضعت بين يدي القادة مشروعاً للسلام المستدام يصلح لكل الدول التي تعاني من الأزمات السياسية والأمنية. الإمارات بدأت بنفسها عندما ذكرت بأنها تسعى إلى حل سلمي لقضية الجزر الإماراتية المحتلة عبر المفاوضات أو القبول بإحالة القضية لمحكمة العدل الدولية، وهو عين الصواب، إنها حكمة وعقلانية تنبعان من الثقة والمصداقية ومن قوة تحمل المسؤولية، التي تواكب استحقاقات المرحلة الراهنة، و هذا نهج المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، فهو الذي حافظ على الدولة ولم يجعلها عرضة لأية استفزازات. أما في القضية الفلسطينية المركزية، فإن الإمارات تؤكد دوماً رفضها بشكل قاطع جميع المحاولات الرامية إلى تهجير الفلسطينيين قسراً من أراضيهم، بل وإنها تدرك جيداً ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع جميع جيرانها، وهي ضرورة حتمية لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، الذي دام لأكثر من سبعة عقود عجاف! ولم يغِب السودان عن عين الإمارات رغم أن زمرة بورتسودان صوّبت سهامها تجاه الإمارات في محكمة العدل الدولية، وقد ارتدت على هذه الزمرة، لقد انتصر صوت العدل على الباطل الفاضح لجرائم هذه الزمرة ضد الشعب السوداني المغلوب على أمره. ومع كل ذلك ستبقى الإمارات داعية إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار بين الأطراف السودانية المتحاربة، ومن أجل تحقيق السلام والاستقرار ترى من الضرورة بمكان انتقال السلطة إلى أيدٍ مدنية أمينة في أقرب فرصة لصالح الشعب السوداني الطيب. وكذلك الإمارات لم تغفل عما يجري في ليبيا، وتجدّد دعوتها إلى الحل السلمي للأزمة الليبية، بما يحفظ أمن واستقرار ووحدة ليبيا، فحكومة وحدة وطنية منجية لهذا التشظي السياسي؟! تأتي هنا دعوة الإمارات إلى عدم التدخل في شؤون الصومال الداخلية، وأهمية تأمين الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي كله. وتدرك الإمارات جلياً حجم التحديات، لذا فهي تؤكد أهمية تعزيز العمل العربي المشترك والتضامن لمواجهة تلك التحديات التي تمر بها منطقتنا العربية. *كاتب إماراتي


الشارقة 24
منذ 2 أيام
- الشارقة 24
ولي عهد الفجيرة: في ذكرى توحيد القوات المسلحة نحتفي بقيم الانتماء
الشارقة 24 – وام: وجه سمو الشيخ محمد بن حمد بن محمد الشرقي ولي عهد الفجيرة، كلمة بمناسبة الذكرى الـ 49 لتوحيد القوّات المسلحة، فيما يلي نصها: " نحتفي بقيم الانتماء والولاء للوطن، وتعزيز المبادئ الإنسانيّة التي تجمعُنا وتُوّحد عزيمتنا تحت رايةِ اتحاد الإمارات، فمُنذ إعلان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، قرارَ توحيد القوات المسلحة تحت رايةٍ واحدة، في 6 مايو 1976، عملت قواتنا المسلحة على توطيد معاني الوحدة الوطنيّة، وحماية مُكتسَبات الاتحاد، وصَون مسيرة النهضة والبناء التي شهدتها دولةُ الإمارات طوال العُقود الماضية . القرار خطوة تاريخيّة مهمة لقد شكّل هذا القرار، خطوةً تاريخيّةً مهمةً، فقد عَملت القوّات المسلحة الإماراتيةّ كدرعٍ حصينٍ للاتحاد، وحامٍ لسيادته وكرامته وعُلوّ رايته بين الأمم، وقد ضَرب أفرادُها في الجوّ والبرّ والبَحر أروَع صور الانتماء والوَلاء للوطن، مُقسِمين على حمايته، ودَرْء الأخطارِ عنه، والحفاظِ على مُقدّرات الاتحاد النّفيسة، ومُنجزاته الرّفيعةِ بين دول العالم . "