logo
ترمب في السعودية.. الدلالات والمآلات الاستثمارية

ترمب في السعودية.. الدلالات والمآلات الاستثمارية

الرياض١٢-٠٥-٢٠٢٥

إن بدء جولة ترمب من السعودية، يمكن قراءته في إطار رغبة واشنطن إعادة تثبيت حضورها الاقتصادي في منطقة الخليج، لا كمنافس للصين فقط، بل كصانع ائتلافات تجارية جديدة في عالم متعدد الأقطاب، ومن هنا، فإن التحركات الأميركية تُقرأ بعين استثمارية لا تقل أهمية عن التقييمات الجيوسياسية..
تُستهل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة غدًا بقدر كبير من الرمزية السياسية والديناميات الاقتصادية، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرياض وواشنطن مرحلة جديدة من التمكين المتبادل والانفتاح الاستثماري الطموح، وأن يبدأ ترمب جولته الخليجية من الرياض، فهي -في رأيي- رسالة سياسية واقتصادية واضحة تعكس إدراكاً أميركيًا لأهمية بلادنا كمركز ثقل إقليمي ومحور استثماري عالمي ناشئ.
منذ إطلاق "رؤية السعودية 2030" تحولت المملكة إلى فاعل اقتصادي عالمي يتجاوز دورها التقليدي كمصدر للطاقة؛ لأنها أعادت هيكلة المنظومة الاستثمارية من خلال صندوق الاستثمارات العامة، وتشريعات تمكينية، وتحفيز بيئة ريادية تستقطب كبرى الشركات العالمية، وفي هذا السياق، تأتي زيارة ترمب كفرصة لتعزيز الاستثمارات الثنائية، خاصة وأن الرياض تُعِدّ العدة لتكون منصة انطلاق لصناعات المستقبل، من الذكاء الاصطناعي إلى الاقتصاد الأخضر.
الزيارة تأتي في لحظة محورية، فعلى الصعيد الأميركي، تسعى إدارة ترمب لإعادة هندسة السياسة الاقتصادية الأميركية بما يُعيد التوازن لسلاسل التوريد، ويعزز من مكانتها كمنافس استثماري في مواجهة الصعود الآسيوي، وأما على الجانب السعودي، فالمملكة تدخل مرحلة تنفيذية عميقة في مشاريع نيوم، وتروج لفرص تمويل واعدة في البنية التحتية والتقنية والطاقة النظيفة، وهذا التقاطع بين الطموحين يفسر جزئياً الدفع القوي باتجاه عقد منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي بحضور نخبة من كبار التنفيذيين الأميركيين.
لا يمكن فصل الأسماء المشاركة عن مضمون الزيارة، فحضور لاري فينك (بلاك روك)، وجاين فريزر (سيتي غروب) وآرفيند كريشنا (آي بي إم) وستيفن شوارزمان (بلاكستون) وروث بورات (غوغل وألفابت) يعني أن الزيارة تتجاوز اللقاءات البروتوكولية إلى تعاقدات استراتيجية في قطاعات المال والتقنية والطاقة والاستثمار في البنية التحتية الرقمية، ما يعني أن هذه التركيبة تُشير إلى أن واشنطن تنظر إلى الرياض بوصفها شريكًا في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، لا مجرد سوق مستهدفة.
التأكيد السعودي على أهمية عقد اللقاءات الثنائية بين شركات القطاعين الخاصين من الجانبين ينسجم مع فلسفة "المملكة المُضيفة للمستقبل" الرياض لم تعد تبحث عن شراكات تجارية تقليدية، بل عن تكامل نوعي في سلاسل الابتكار والتصنيع والتقنية، وهو ما يعكسه انخراط شركات مثل كوالكوم وآي بي إم في المنتدى.
بلغة الأرقام، تتطلع المملكة إلى توسيع نطاق الاستثمارات الأميركية فيها إلى أكثر من 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع القادمة، بحسب التصريحات الأخيرة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ما يهم الالتفات إليه هنا، هو أن ترمب أشار مؤخراً إلى رغبة بلاده في إنشاء صندوق سيادي قوي يُحاكي صندوق الاستثمارات العامة السعودي، ورغم الطابع الإعلامي لهذا التصريح، إلا أنه يكشف إدراكاً أميركيًا أن أدوات القوة الاقتصادية قد تغيّرت، وأن صناديق الثروة السيادية باتت تؤدي دوراً محورياً في إعادة توزيع النفوذ، والمملكة اليوم، من خلال ذراعها السيادي، تجاوزت فكرة مُستقبل للاستثمار، إلى فاعل دولي يمول، ويوجه، ويبتكر.
إن بدء جولة ترمب من السعودية، يمكن قراءته أيضاً في إطار رغبة واشنطن إعادة تثبيت حضورها الاقتصادي في منطقة الخليج، لا كمنافس للصين فقط، بل كصانع ائتلافات تجارية جديدة في عالم متعدد الأقطاب، ومن هنا، فإن التحركات الأميركية تُقرأ بعين استثمارية لا تقل أهمية عن التقييمات الجيوسياسية.
زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية لا تقتصر على توقيع مذكرات تفاهم أو لقاءات منتدى اقتصادي، بل تعبّر عن هندسة جديدة لمسار الشراكة بين أكبر اقتصادين في العالمين العربي والغربي، لماذا؟ لأن المملكة تُقدم اليوم نموذجًا ناضجًا لعولمة جديدة تُدار من الجنوب العالمي لا تُفرض عليه، بينما تأتي واشنطن بتوجه واقعي يعترف بحجم التغيير، وإذا كانت الرؤية السعودية تَسعى لإعادة تعريف التموضع الجيو-اقتصادي للمملكة، فإن زيارة ترمب تُعد أحد أبرز مشاهد تحقق هذا التغيير على المسرح الدولي.. دمتم بخير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

صعود لأسهم 132 شركة .. السوق السعودي يغلق مرتفعًا عند 11438 نقطة
صعود لأسهم 132 شركة .. السوق السعودي يغلق مرتفعًا عند 11438 نقطة

صحيفة سبق

timeمنذ 26 دقائق

  • صحيفة سبق

صعود لأسهم 132 شركة .. السوق السعودي يغلق مرتفعًا عند 11438 نقطة

أغلق مؤشر الأسهم السعودية الرئيس اليوم مرتفعًا (32.90) نقطة، ليقفل عند مستوى (11438.18) نقطة، وبتداولات بلغت قيمتها (4.8) مليارات ريال. وبلغت كمية الأسهم المتداولة (196) مليون سهم، سجلت فيها أسهم (132) شركة ارتفاعًا في قيمتها، وأغلقت أسهم (106) شركات على تراجع. وكانت أسهم شركات مجموعة MBC، وجبسكو، والزامل للصناعة، والغاز، ومياهنا، الأكثر ارتفاعًا، أما أسهم شركات قو للاتصالات، وسدافكو، وتشب، والفاخرية، والباحة الأكثر انخفاضًا في التعاملات، وتراوحت نسب الارتفاع والانخفاض ما بين (6.01 %) و(4.55 %). وكانت أسهم شركات الباحة، وأمريكانا، وباتك، وأرامكو السعودية، والإنماء، هي الأكثر نشاطًا بالكمية، وكانت أسهم شركات STC، والراجحي، وأرامكو السعودية، والأهلي، ومعادن هي الأكثر نشاطًا في القيمة. وأغلق مؤشر الأسهم السعودية الموازية (نمو) اليوم مرتفعًا (28.91) نقطة ليقفل عند مستوى (27528.56) نقطة، وبتداولات بلغت قيمتها (22) مليون ريال، وبلغت كمية الأسهم المتداولة أكثر من مليون سهم.

الرياض تتصدر..قطاع توصيل الطلبات يسجل أكثر من 79 مليون عملية طلب في المملكة
الرياض تتصدر..قطاع توصيل الطلبات يسجل أكثر من 79 مليون عملية طلب في المملكة

صحيفة سبق

timeمنذ 26 دقائق

  • صحيفة سبق

الرياض تتصدر..قطاع توصيل الطلبات يسجل أكثر من 79 مليون عملية طلب في المملكة

شهد قطاع توصيل الطلبات في المملكة نموًا ملحوظًا، وسجل (79.6) مليون طلب خلال الربع الأول من العام الحالي، مسجلاً ارتفاعًا بلغ (22) في المئة مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي، وفق ما كشفته الهيئة العامة للنقل في تقريرها الربعي. وأكدت الهيئة العامة للنقل أن هذا النمو اللافت يُؤكد الطلب المتزايد على الخدمات اللوجستية، والتوسع الكبير في أنشطة التجارة الإلكترونية التي تشهدها المملكة خلال الفترة الماضية. وبلغت نسبة منطقة الرياض من إجمالي توصيل الطلبات نحو (44.7) في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، فيما سجلت مكة المكرمة نسبة (22.4 في المئة). وشهدت المنطقة الشرقية تسجيل نسبة (15.5) في المئة، بينما سجلت المدينة المنورة (4.5) في المئة، ثم عسير (3.4) في المئة، والقصيم بـ(2.8) في المئة تلتها تبوك بنسبة (1.8) في المئة ثم حائل وجازان و(1.6) في المئة، و(1.2) في المئة. وسجلت الجوف خلال الربع الأول من العام الحالي نسبة بلغت (0.7) في المئة، تلتها نجران (0.6) في المئة، ثم منطقة الحدود الشمالية بنسبة (0.5) في المئة، وأخيرًا الباحة بـ(0.2) في المئة. وأشارت الهيئة إلى أن هذا النمو الملحوظ يعود إلى التطور المستمر في قطاع النقل وتحديدًا في أنشطة الخدمات اللوجستية، مؤكدة أن التشريعات التي طبقتها أسهمت في تعزيز قدرة شركات التوصيل على تلبية الطلبات المتزايدة. ودعت الهيئة العامة الجميع بالإبلاغ عن أي ملاحظات وشكاوى تخص قطاع النقل عبر الموقع الإلكتروني: ( أو مركز الاتصال الموحد 19929 أو عن طريق حساب العناية بالمستفيدين على منصة التواصل الاجتماعي "إكس".

«سيتي جروب» يتوقع تراجع الدولار
«سيتي جروب» يتوقع تراجع الدولار

عكاظ

timeمنذ 26 دقائق

  • عكاظ

«سيتي جروب» يتوقع تراجع الدولار

تابعوا عكاظ على توقع بنك «سيتي جروب» أن يواصل الدولار تراجعاته تزامنًا مع اجتماعات قادة مجموعة السبع هذا الأسبوع لمناقشة السياسات المتعلقة بالعملة كجزء من مفاوضاتهم التجارية مع أمريكا. وأوضح استراتيجيو البنك في مذكرة حسبما نقلت «بلومبرغ»: «من غير المحتمل أن تسعى واشنطن بقوة لخفض قيمة الدولار، لكن العملة الأمريكية قد تتراجع في نهاية المطاف مع توصل الولايات المتحدة لاتفاقيات مع شركائها التجاريين لخفض الرسوم الجمركية». ويعتقد البنك أن رفع قيمة عملات بعض الدول قد يكون ضمن المطالب الأمريكية في المفاوضات التجارية، وأن اليابان والصين وربما دول أخرى في شرق آسيا قد تكون مستهدفة بذلك. وصرح وزير المالية الياباني في وقت سابق اليوم، بأنه يرتب لعقد اجتماع ثنائي مع وزير الخزانة الأمريكي «سكوت بيسنت» هذا الأسبوع، لمناقشة موضوعات تشمل العملة. أخبار ذات صلة البنك استبعد التدخل الحكومي لخفيض قيمة الدولار. (متداولة)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store