logo
ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟

ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟

BBC عربية٣١-٠٣-٢٠٢٥

منذ جائحة كوفيد-19، ازداد استخدامنا لمنتجات التنظيف بشكل كبير، لكن بعض هذه المنتجات التي نستخدمها لتنظيف منازلنا، قد تنطوي على مخاطر صحية.
ويستخدم الناس المواد الكيميائية للتنظيف منذ حوالي 5 آلاف عام، حين كان الرومان القدماء يستخدمون "البول" كمنظف احترافي لتنظيف الأنسجة، ولحسن الحظ أننا قطعنا شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين.
ففي الآونة الأخيرة، غيّرت جائحة كوفيد-19 عادات التنظيف اليومية، حيث أصبح الكثير من الناس أكثر وعياً بمسببات الأمراض المحتملة في المنزل.
ما هي الدروس الإيجابية المستفادة من وباء كورونا بعد مرور خمس سنوات؟
ووفقاً لدراسة فنلندية، ازداد استخدام الناس لمنتجات التنظيف بشكل كبير خلال الجائحة، حيث وجد العلماء أنه خلال هذه الفترة، زاد اهتمام الناس بالنظافة بنسبة 70 في المئة، وزادت كمية مواد التنظيف التي يستخدمونها بنسبة 75 في المئة.
وتقوم منتجات التنظيف المنزلية - بما في ذلك المنتجات المضادة للبكتيريا - بقتل معظم البكتيريا الضارة في المراحيض وأسطح المطابخ وأماكن أخرى في المنازل، غير أن هناك العديد من الأدلة العلمية التي تظهر أن مواد التنظيف يُمكن أن تزيد من تعرضنا لمختلف ملوثات الهواء الكيميائية الضارة.
فما هي المخاطر التي ينطوي عليها تنظيف منازلنا بانتظام، وهل يجب أن نقلق بشأن المنتجات التي نستخدمها؟
تقول إيميلي باتشيكو دا سيلفا، وهي باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراة في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية "إنسرم"، ومتخصصة في تأثير المطهرات ومنتجات التنظيف على مرضى الربو إن "استخدام منتجات التنظيف المنزلية، يعد أحد عوامل الخطر التي يُمكن تعديلها فيما يتعلق بمرض الربو"، ويعني ذلك إمكانية تغيير هذا السلوك، لتقليل خطر الإصابة بمرض الربو، وتخفيف أعراضه.
وتوصل العلماء - الذين قاموا عام 2024 بتحليل 77 دراسة تبحث في الآثار الصحية لمنتجات التنظيف المنزلية - إلى أن منتجات التنظيف المنزلية يُمكن أن يكون لها تأثير ضارّ على صحة الجهاز التنفسي، وتشير إلى أن منتجات التنظيف التي تُستخدم في شكل رذاذ لها تأثيرات ضارة على الجهاز التنفسي أكثر من السوائل والمناديل.
بخاخات التنظيف ومرض الربو
ووجد العلماء أن الاستخدام المنتظم لبخاخات التنظيف يزيد من خطر الإصابة بالربو وتحفيز أعراضه لدى المصابين به، وخاصة لدى البالغين، كما يُفاقم مشكلة الأزيز (صوت الصفير الناتج خلال التنفس) لدى الأطفال.
وارتبط استخدام البخاخات بين أربع وسبع مرات أسبوعياً بزيادة خطر الإصابة بالربو لدى الشباب على وجه التحديد، ويوجد بعض الأدلة بأن الأعراض تزداد سوءاً مع زيادة الاستخدام.
ويقول الباحثون إن البخاخات أسوأ من أنواع أخرى من منتجات التنظيف، لأن المواد الكيميائية تنتشر في الهواء، وبالتالي يسهل علينا استنشاق كميات أكبر منها.
كما وجدت بعض الدراسات وجود علاقة بين التعرض لمنتجات التنظيف خلال فترة الحمل، والأزيز المستمر (الصفير الناتج عن التنفس) في مرحلة الطفولة المبكرة، وتضيف الدراسات أن هذه المنتجات يُمكن أن تمثل خطراً أكبر على الأطفال، الذين يتنفسون بشكل أسرع من البالغين.
ويرجع أحد أسباب ذلك إلى أن استخدام منتجات التنظيف يُنتج مركبات عضوية متطايرة، يُمكن أن تسبب تهيج الأذن والأنف والحلق.
وتقول نيكولا كارزلو، أستاذة كيمياء الهواء في جامعة يورك في المملكة المتحدة، إن "هناك ما يكفي من الأدلة لمعرفة أن منتجات التنظيف ضارّة لبعض الناس، خاصةً إذا كانوا يستخدمونها بكثرة، والأصعب من ذلك هو تحديد المواد الكيميائية المضرّة".
ومع ذلك، توجد بعض الأدلة التي تشير إلى وجود مخاطر أكبر مرتبطة بمواد كيميائية محددة، بما في ذلك الكلور والأمونيا، وحمض الهيدروكلوريك، والكلورامين، وهيدروكسيد الصوديوم، حيث أنها مواد مهيّجة ومضرّة على المدى الطويل، واستنشاقها قد يؤدي إلى تلف أنسجة الخلايا.
ماذا عن منتجات التنظيف الطبيعية و"صديقة البيئة"؟
وتزايد الطلب خلال السنوات الأخيرة على منتجات التنظيف المنزلية الطبيعية التي لا تحتوي على أي مواد كيميائية اصطناعية، وتلك التي تدّعي أنها صديقة للبيئة.
وخلص الباحثون في مراجعتهم عام 2024 إلى أن "المنتجات الصديقة للبيئة" التي تحتوي على مكونات قابلة للتحلل الحيوي فقط، يبدو أنها أقل ضرراً من المنتجات التقليدية، رغم أنهم يقولون إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتأكد من تأثيرها على صحة الجهاز التنفسي.
ما سر غلاء المواد الصديقة للبيئة؟
وعندما أدركت باتشيكو دا سيلفا أنه لا توجد دراسات حول تأثير المنتجات الصديقة للبيئة، والمنتجات منزلية الصنع على صحة الجهاز التنفسي، قامت بتحليل بيانات أكثر من 40 ألف شخص، وسألتهم عن صحة الجهاز التنفسي واستخدامهم لمنتجات التنظيف المنزلية، على مدار الاثني عشر شهراً السابقة.
وتوقعت باتشيكو دا سيلفا أن تُظهر البيانات أن استخدام المناديل المنزلية التي تحتوي على مطهر بشكل أسبوعي، سيكون له تأثير ضارّ على الربو، وأن استخدام البخاخات والمناديل الصديقة للبيئة، والمنزلية الصنع سيكون أقل ضرراً، ورأت في البداية أن الاستخدام الأسبوعي، لمنتجات الفئات الثلاث، له علاقة بمرض الربو.
لكن عندما درست دا سيلفا الاستخدام بشكل أسبوعي لفئات منتجات التنظيف - مع الأخذ في الاعتبار الأشخاص الذين يستخدمون مواد التنظيف التي تحتوي على المهيّجات أو البخاخات العادية - أثبتت المنتجات التي تحمل علامة "صديقة للبيئة" والمنتجات منزلية الصنع عدم علاقتها بالربو، بينما ظل استخدام المناديل المبللة مرتبطاً بشكل كبير بمرض الربو.
وتقول دا سيلفا إن الدراسة تشير إلى أن الاستخدام المنزلي للمنتجات الصديقة للبيئة، والمنتجات المصنوعة منزلياً قد يكون أقل ضرراً لمرض الربو، لكن استخدام المناديل المبللة قد يكون ضارّاً".
ومع ذلك، تقول إنه لا يوجد تعريف موحد لمنتجات التنظيف "الصديقة للبيئة"، ما قد يحرّف نتائج الدراسة.
وفي الواقع، فإن مصطلح "صديق للبيئة" يُساء استخدامه بشكل كبير في شعارات التسويق، وتضيف كارزلو أن بخاخات التنظيف "الصديقة للبيئة" ليست بالضرورة أفضل لنا، لأن أجسامنا لا تعرف الفرق بين المكونات الطبيعية، والمكونات التي يصنعها الإنسان.
وبحثت كارزلو في إحدى الدراسات حول التفاعلات الكيميائية التي تحدث عند استخدام منتجات تنظيف تحتوي على مكونات طبيعية، ووجدت أنها غالباً ما تحتوي على الكثير من المواد الكيميائية العطرية، مثل منتجات التنظيف العادية.
وتقول: "مع منتج التنظيف برائحة الليمون، على سبيل المثال، لا يهم إذا كانت الرائحة ناتجة عن الليمون أو مصنّعة في المصنع، فهو نفس المركب عندما ينتشر في الهواء".
وعندما يخضع الليمونين - المركب الموجود في الليمون - لتفاعلات كيميائية، يُمكن أن ينتج مادة الفورمالديهايد التي تعرف بأنها مادة مسرطنة.
ويختار بعض الأشخاص استخدام منتجات التنظيف منزلية الصنع، على افتراض أنها صحية أكثر. ويقول العلماء: "بينما يوجد بعض الأفكار العامة حول ما يُمكن أن تكون عليه هذه المكونات (الماء والملح، وحمض الستريك، أو حمض الليمون، وبيكربونات الصوديوم)، لكن يوجد نقص في المعلومات حولها، وحول كيفية استخدام المكونات النشطة بأمان".
منتجات التنظيف ومقاومة المضادات الحيوية
كما توجد مخاوف بين العلماء من أن الاستخدام المكثف لمنتجات التنظيف المضادة للبكتيريا، يساهم في مقاومة المضادات الحيوية، وهي العملية التي تطور فيها البكتيريا دفاعات ضد المضادات الحيوية ما يقلل من فعاليتها ضد بعض أنواع العدوى.
وتقول إيلين لارسون، أستاذة علم الأوبئة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، إن بعض الدراسات تظهر أن استخدام المنتجات المضادة للبكتيريا يُمكن أن يسبب تفاعلاً متبادلاً، مع بعض المضادات الحيوية، ما يعني أنك قد تحصل على مقاومة لتلك المضادات الحيوية ما يعيق فعاليتها.
وتوضح لارسون أنه "في نهاية المطاف، ربما نقلل نظرياً من قدرة وظيفة المناعة على الاستجابة لمواجهة الكائنات الحية"، وتضيف أنه يُمكن تفسير ذلك من خلال فرضية النظافة، التي تقول أنه كلما زاد عدد البكتيريا والفيروسات والميكروبات التي يتعرض لها الأطفال في سن مبكرة، كلما تطور جهاز المناعة لديهم بشكل أفضل. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، كان هناك بعض الخلاف بين العلماء حول دقة هذه النظرية.
وكرّست لارسون حياتها المهنية لدراسة مقاومة البكتيريا، وفي عام 2007، أجرت دراسة للتعامل مع مخاوفها المتزايدة بشأن تعرض البشر للصابون المضاد للميكروبات ومنتجات التنظيف المنزلية.
وأرادت لارسون معرفة ما إذا كان هناك أي فائدة صحية عند استخدام المنتجات التي تحمل علامة مضاد للبكتيريا، إذ أعطت 238 عائلة تعيش في مانهاتن، منتجات مثل بخاخ المطبخ ومنظف الأسطح الصلبة (إما مضاد للبكتيريا أو لا يحتوي على مكونات مضادة للبكتيريا) بشكل عشوائي، وكانت جميع هذه المنتجات متوفرة تجارياً لكنها أزالت الملصقات الموجودة عليها. ثم راقبت لارسون المشاركين كل أسبوع لمدة عام تقريباً، وسجلت الأعراض الفيروسية التنفسية التي أبلغوا عنها، مثل الإنفلونزا، ونزلات البرد، والسعال، وسيلان الأنف.
وفي نهاية الدراسة، لم تجد لارسون أي اختلاف في الأعراض التنفسية بين المشاركين. وفي النهاية، لم يكن احتواء المنظفات المستخدمة في الاستحمام، و منظفات الملابس والمنسوجات، ومنظفات الأسطح الصلبة، على مكونات مضادة للبكتيريا، أمراً مهما على ما يبدو..
وتقول لارسون: "كان هذا دليلاً جيداً على أن الشيء الأكثر أهمية هو الاحتكاك بين السطح والقماش نتيجة التنظيف، ولا يهم كثيراً ما إذا كان المنتج يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا".
ووجدت دراسات أخرى أن الاستحمام بصابون غير مضاد للبكتيريا، يزيد من كمية البكتيريا الجلدية المنتشرة في الهواء من حولنا، وتشير لارسون إلى أن ذات الشيء قد يحدث عندما ننظف منازلنا.
وتنصح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن حركة غسل اليدين هي الأكثر فعالية، وأنه لا توجد مجموعة أبحاث قاطعة تُظهر أن الصابون المضاد للبكتيريا، أكثر فعالية من الماء والصابون العادي.
ومع ذلك، خلصت لارسون في الدراسة إلى أن أنواع العدوى التي من المرجح أن تتأثر بالتنظيف المنزلي، مثل أمراض الجهاز الهضمي، قد تكون بكتيرية المنشأ، لكن المنتجات المختارة في الدراسة، لا تحتوي على خصائص مضادة للفيروسات.
وتقول لارسون إن السبب في ذلك يرجع إلى أن المنتجات المضادة للبكتيريا لا تؤثر على الفيروسات التي يُمكن أن تكون منتشرة في الهواء، وغالباً ما تكون سبباً في الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي.
وتضيف لارسون: "احتمال أن تسبب المواد الموجودة خارج أجسامنا تلوثاً أقل بكثير من احتمال استنشاق فيروس الأنفلونزا، لذلك فإن المنتجات المضادة للبكتيريا لا تؤثر على ديناميكية انتقال العدوى".
وتضيف لارسون أن المنتجات المضادة للبكتيريا قد تساعد في علاج التهابات الجهاز الهضمي والعدوى البكتيرية التي تصيبه، مثل السالمونيلا، من خلال قتل أو تثبيط نمو البكتيريا الضارّة.
وكتبت لارسون في ورقتها البحثية أن أي فائدة محتملة لاستخدام منتجات التنظيف المضادة للبكتيريا، يجب أن تُوازن مع الخطر النظري لمقاومة المضادات الحيوية.
ووجدت دراسة أجرتها جامعة شيفيلد أن المنظفات التي لا تحتوي على مكونات مضادة للبكتيريا، يُمكن أن تقتل الفيروسات المغلفة (الفيروسات ذات الطبقة الخارجية)، التي تشمل فيروس كورونا.
كيف ننظف منازلنا؟
تقول كارزلو: "لا يعرف العلماء الآليات المحددة وراء العلاقات بين منتجات التنظيف المنزلية وصحتنا، لكن النصيحة العامة هي تقليل تعرضنا لها، واستخدامها فقط بقدر ما نحتاج إليها"، على سبيل المثال، تنصح جمعية الرئة الأمريكية بإبقاء المكان الذي يتم تنظيفه جيد التهوية، وتجنب استخدام المواد المهيّجة.
ويقول كارزلو: "لا أحد يقترح التوقف عن التنظيف لأن له تأثير كبير في تقليل الأمراض التي كنا نصاب بها قبل 50 عاماً"، مضيفة أنه يجب أن نتأكد دائماً من وجود تهوية جيدة في الغرفة التي نقوم بتنظيفها، مثل وجود نافذة مفتوحة.
وتقول إن هناك طريقة أخرى لتقليل المخاطر على صحتنا، ومنها استخدام المنظفات السائلة بدلاً من البخاخات.
وتضيف أن "البخاخات تقوم بتحويل المواد الكيميائية الموجودة في المنتج إلى رذاذ وبالتالي يسهل استنشاقها، بينما مع المنتجات السائلة تقل احتمالية ذلك".
وتنصح كارزلو أيضاً بالتقليل من استخدام المنظفات التي تحتوي على الكثير من العطور المضافة، لأن ذلك يزيد عموماً من احتمال احتوائها على منتجات تهيج المجرى التنفسي لدينا.
ويوجد إجماع على أن تنظيف منازلنا أكثر أماناً بالتأكيد من عدم تنظيفها على الإطلاق، ومع الأبحاث التي تشير إلى أن المنتجات "الصديقة للبيئة" أو "الطبيعية" قد تشكل أيضاً بعض المخاطر، ربما يجب أن نضع في اعتبارنا أن المجهود الذي نبذله فعّال على الأقل، بنفس فعالية منتجات التنظيف التي نختارها، حيث أن الاحتكاك الذي يحدث عندما نمسح الأسطح يساعد على إزالة البكتيريا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة: 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال مرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية
دراسة: 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال مرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية

BBC عربية

time١٣-٠٤-٢٠٢٥

  • BBC عربية

دراسة: 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال مرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية

يُعتقَد أن أكثر من 3 ملايين طفل حول العالم توفّوا في عام 2022 نتيجةً للعدوى المقاومة للمضادات الحيوية، وفقًا لدراسة أجراها خبيران بارزان في مجال صحة الطفل. وتبيّن أن الأطفال في إفريقيا وجنوب شرق آسيا هم الأكثر عرضةً للخطر. وتتطوّر مقاومة مضادات الميكروبات – المعروفة باسم AMR – عندما تُشكِّل الميكروبات، التي تُسبّب العدوى، مقاومةً ضد المضادات الحيوية، ما يجعل تلك الأدوية غير فعّالة. وقد تم تحديد مقاومة مضادات الميكروبات باعتبارها أحد أكبر التهديدات للصحة العامة التي تواجه سكان العالم. الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية "تقتل الملايين" حول العالم هل تدمر المضادات الحيوية صحة أمعائنا؟ تكشف الدراسة الجديدة عن الأضرار التي تلحق بالأطفال بسبب مقاومة مضادات الميكروبات. وباستخدام بيانات من مصادر متعددة، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، قدّر العلماء المشاركون في الدراسة أن عدد وفيات الأطفال في عام 2022 تجاوز 3 ملايين حالة، نتيجةً للعدوى المقاومة للأدوية. ويقول الخبراء إن هذه الدراسة الجديدة تسلط الضوء على زيادة بأكثر من عشرة أضعاف في حالات العدوى المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات لدى الأطفال خلال ثلاث سنوات فقط. وكان من الممكن أن يكون العدد أسوأ لولا تأثير وباء كوفيد. زيادة استخدام المضادات الحيوية تُستخدم المضادات الحيوية لعلاج أو منع مجموعة كبيرة من الالتهابات البكتيرية بدءا من التهابات الجلد وحتى الالتهاب الرئوي. كما يتم إعطاؤها أحيانا كإجراء احترازي للوقاية من العدوى وليس علاجها، على سبيل المثال إذا كان شخص ما يخضع لعملية جراحية أو يتلقى علاجًا كيميائيا للسرطان. ومع ذلك، ليس للمضادات الحيوية أي تأثير على العدوى الفيروسية مثل أمراض البرد الشائعة أو الأنفلونزا أو كوفيد. لكن بعض البكتيريا طورت الآن مقاومة لبعض الأدوية، بسبب الإفراط في استخدامها واستخدامها بشكل غير مناسب، في حين تباطأت عملية إنتاج المضادات الحيوية الجديدة، وهي عملية طويلة ومكلفة، بشكل كبير. ويشير المؤلفان الرئيسيان للتقرير، الدكتورة يانهونغ جيسيكا هو من معهد مردوخ لأبحاث الأطفال في أستراليا، والبروفيسور هيرب هارويل من مبادرة كلينتون للوصول إلى الصحة، إلى تزايد كبير في استخدام المضادات الحيوية التي من المفترض أن يتم استخدامها فقط لعلاج أخطر أنواع العدوى. وبين عامي 2019 و2021، ارتفع استخدام "المضادات الحيوية المراقبة"، وهي الأدوية ذات مخاطر المقاومة العالية، بنسبة 160 في المئة في جنوب شرق آسيا و126 في المئة في أفريقيا. وعلى مدى الفترة نفسها، زاد استهلاك "المضادات الحيوية الاحتياطية"، وهي العلاجات الأخيرة للعدوى الشديدة المقاومة للأدوية المتعددة، بنسبة 45 في المئة في جنوب شرق آسيا، وبنسبة 125 في المئة في أفريقيا. خيارات متناقصة ويحذّر المؤلفان من أنه إذا طوّرت البكتيريا مقاومة لهذه المضادات الحيوية، فلن يكون هناك سوى عدد قليل من البدائل، إن وُجِدت، لعلاج الالتهابات المقاومة للأدوية المتعددة. ومن المقرّر أن يعرض البروفيسور هارويل نتائج دراسته في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية في فيينا في وقت لاحق من هذا الشهر. وقال قبل الفعالية: "مقاومة مضادات الميكروبات هي مشكلة عالمية تؤثر على الجميع، وقد قمنا بهذا العمل للتركيز على الطريقة غير المتناسبة التي تؤثر بها مقاومة مضادات الميكروبات على الأطفال". وأضاف قائلاً: "نقدّر أن هناك 3 ملايين حالة وفاة بين الأطفال في جميع أنحاء العالم مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات". هل هناك حل لمقاومة مضادات الميكروبات؟ تصف منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات بأنها واحدة من أخطر التهديدات الصحية العالمية، ولكن البروفيسور هارويل، متحدثا من فيينا، يحذر من أنه لا توجد حلول سهلة لهذه المشكلة. وأضاف "إنها مشكلة متعددة الأوجه وتمتد إلى جميع جوانب الطب والحياة البشرية في واقع الأمر". وتابع قائلا: "إن المضادات الحيوية موجودة في كل مكان حولنا، فهي تنتهي في طعامنا والبيئة، وبالتالي فإن التوصل إلى حل واحد ليس بالأمر السهل". ويضيف أن أفضل طريقة لتجنب العدوى المقاومة هي تجنب الإصابة بالعدوى تمامًا، مما يعني أن هناك حاجة إلى مستويات أعلى من التحصين والصرف الصحي للمياه والنظافة. وقال:"سيكون هناك استخدام أكبر للمضادات الحيوية لأن هناك المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إليها، ولكننا بحاجة إلى التأكد من استخدامها بشكل مناسب واستخدام الأدوية الصحيحة". وتقول الدكتورة ليندسي إدواردز، المحاضرة الأولى في علم الأحياء الدقيقة في كلية كينجز بلندن، إن الدراسة الجديدة "تشير إلى زيادة كبيرة ومثيرة للقلق مقارنة بالبيانات السابقة". وينبغي أن تُشكّل هذه النتائج جرس إنذارٍ لقادة الصحة العالمية، فبدون إجراءاتٍ حاسمة، قد تُقوّض مقاومة مضادات الميكروبات عقودًا من التقدم في مجال صحة الطفل، لا سيما في أكثر مناطق العالم هشاشة.

ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟
ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟

BBC عربية

time٣١-٠٣-٢٠٢٥

  • BBC عربية

ما الأضرار التي تسببها منتجات التنظيف؟ وهل يمكن استبدالها؟

منذ جائحة كوفيد-19، ازداد استخدامنا لمنتجات التنظيف بشكل كبير، لكن بعض هذه المنتجات التي نستخدمها لتنظيف منازلنا، قد تنطوي على مخاطر صحية. ويستخدم الناس المواد الكيميائية للتنظيف منذ حوالي 5 آلاف عام، حين كان الرومان القدماء يستخدمون "البول" كمنظف احترافي لتنظيف الأنسجة، ولحسن الحظ أننا قطعنا شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين. ففي الآونة الأخيرة، غيّرت جائحة كوفيد-19 عادات التنظيف اليومية، حيث أصبح الكثير من الناس أكثر وعياً بمسببات الأمراض المحتملة في المنزل. ما هي الدروس الإيجابية المستفادة من وباء كورونا بعد مرور خمس سنوات؟ ووفقاً لدراسة فنلندية، ازداد استخدام الناس لمنتجات التنظيف بشكل كبير خلال الجائحة، حيث وجد العلماء أنه خلال هذه الفترة، زاد اهتمام الناس بالنظافة بنسبة 70 في المئة، وزادت كمية مواد التنظيف التي يستخدمونها بنسبة 75 في المئة. وتقوم منتجات التنظيف المنزلية - بما في ذلك المنتجات المضادة للبكتيريا - بقتل معظم البكتيريا الضارة في المراحيض وأسطح المطابخ وأماكن أخرى في المنازل، غير أن هناك العديد من الأدلة العلمية التي تظهر أن مواد التنظيف يُمكن أن تزيد من تعرضنا لمختلف ملوثات الهواء الكيميائية الضارة. فما هي المخاطر التي ينطوي عليها تنظيف منازلنا بانتظام، وهل يجب أن نقلق بشأن المنتجات التي نستخدمها؟ تقول إيميلي باتشيكو دا سيلفا، وهي باحثة في مرحلة ما بعد الدكتوراة في المعهد الوطني الفرنسي للصحة والبحوث الطبية "إنسرم"، ومتخصصة في تأثير المطهرات ومنتجات التنظيف على مرضى الربو إن "استخدام منتجات التنظيف المنزلية، يعد أحد عوامل الخطر التي يُمكن تعديلها فيما يتعلق بمرض الربو"، ويعني ذلك إمكانية تغيير هذا السلوك، لتقليل خطر الإصابة بمرض الربو، وتخفيف أعراضه. وتوصل العلماء - الذين قاموا عام 2024 بتحليل 77 دراسة تبحث في الآثار الصحية لمنتجات التنظيف المنزلية - إلى أن منتجات التنظيف المنزلية يُمكن أن يكون لها تأثير ضارّ على صحة الجهاز التنفسي، وتشير إلى أن منتجات التنظيف التي تُستخدم في شكل رذاذ لها تأثيرات ضارة على الجهاز التنفسي أكثر من السوائل والمناديل. بخاخات التنظيف ومرض الربو ووجد العلماء أن الاستخدام المنتظم لبخاخات التنظيف يزيد من خطر الإصابة بالربو وتحفيز أعراضه لدى المصابين به، وخاصة لدى البالغين، كما يُفاقم مشكلة الأزيز (صوت الصفير الناتج خلال التنفس) لدى الأطفال. وارتبط استخدام البخاخات بين أربع وسبع مرات أسبوعياً بزيادة خطر الإصابة بالربو لدى الشباب على وجه التحديد، ويوجد بعض الأدلة بأن الأعراض تزداد سوءاً مع زيادة الاستخدام. ويقول الباحثون إن البخاخات أسوأ من أنواع أخرى من منتجات التنظيف، لأن المواد الكيميائية تنتشر في الهواء، وبالتالي يسهل علينا استنشاق كميات أكبر منها. كما وجدت بعض الدراسات وجود علاقة بين التعرض لمنتجات التنظيف خلال فترة الحمل، والأزيز المستمر (الصفير الناتج عن التنفس) في مرحلة الطفولة المبكرة، وتضيف الدراسات أن هذه المنتجات يُمكن أن تمثل خطراً أكبر على الأطفال، الذين يتنفسون بشكل أسرع من البالغين. ويرجع أحد أسباب ذلك إلى أن استخدام منتجات التنظيف يُنتج مركبات عضوية متطايرة، يُمكن أن تسبب تهيج الأذن والأنف والحلق. وتقول نيكولا كارزلو، أستاذة كيمياء الهواء في جامعة يورك في المملكة المتحدة، إن "هناك ما يكفي من الأدلة لمعرفة أن منتجات التنظيف ضارّة لبعض الناس، خاصةً إذا كانوا يستخدمونها بكثرة، والأصعب من ذلك هو تحديد المواد الكيميائية المضرّة". ومع ذلك، توجد بعض الأدلة التي تشير إلى وجود مخاطر أكبر مرتبطة بمواد كيميائية محددة، بما في ذلك الكلور والأمونيا، وحمض الهيدروكلوريك، والكلورامين، وهيدروكسيد الصوديوم، حيث أنها مواد مهيّجة ومضرّة على المدى الطويل، واستنشاقها قد يؤدي إلى تلف أنسجة الخلايا. ماذا عن منتجات التنظيف الطبيعية و"صديقة البيئة"؟ وتزايد الطلب خلال السنوات الأخيرة على منتجات التنظيف المنزلية الطبيعية التي لا تحتوي على أي مواد كيميائية اصطناعية، وتلك التي تدّعي أنها صديقة للبيئة. وخلص الباحثون في مراجعتهم عام 2024 إلى أن "المنتجات الصديقة للبيئة" التي تحتوي على مكونات قابلة للتحلل الحيوي فقط، يبدو أنها أقل ضرراً من المنتجات التقليدية، رغم أنهم يقولون إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث للتأكد من تأثيرها على صحة الجهاز التنفسي. ما سر غلاء المواد الصديقة للبيئة؟ وعندما أدركت باتشيكو دا سيلفا أنه لا توجد دراسات حول تأثير المنتجات الصديقة للبيئة، والمنتجات منزلية الصنع على صحة الجهاز التنفسي، قامت بتحليل بيانات أكثر من 40 ألف شخص، وسألتهم عن صحة الجهاز التنفسي واستخدامهم لمنتجات التنظيف المنزلية، على مدار الاثني عشر شهراً السابقة. وتوقعت باتشيكو دا سيلفا أن تُظهر البيانات أن استخدام المناديل المنزلية التي تحتوي على مطهر بشكل أسبوعي، سيكون له تأثير ضارّ على الربو، وأن استخدام البخاخات والمناديل الصديقة للبيئة، والمنزلية الصنع سيكون أقل ضرراً، ورأت في البداية أن الاستخدام الأسبوعي، لمنتجات الفئات الثلاث، له علاقة بمرض الربو. لكن عندما درست دا سيلفا الاستخدام بشكل أسبوعي لفئات منتجات التنظيف - مع الأخذ في الاعتبار الأشخاص الذين يستخدمون مواد التنظيف التي تحتوي على المهيّجات أو البخاخات العادية - أثبتت المنتجات التي تحمل علامة "صديقة للبيئة" والمنتجات منزلية الصنع عدم علاقتها بالربو، بينما ظل استخدام المناديل المبللة مرتبطاً بشكل كبير بمرض الربو. وتقول دا سيلفا إن الدراسة تشير إلى أن الاستخدام المنزلي للمنتجات الصديقة للبيئة، والمنتجات المصنوعة منزلياً قد يكون أقل ضرراً لمرض الربو، لكن استخدام المناديل المبللة قد يكون ضارّاً". ومع ذلك، تقول إنه لا يوجد تعريف موحد لمنتجات التنظيف "الصديقة للبيئة"، ما قد يحرّف نتائج الدراسة. وفي الواقع، فإن مصطلح "صديق للبيئة" يُساء استخدامه بشكل كبير في شعارات التسويق، وتضيف كارزلو أن بخاخات التنظيف "الصديقة للبيئة" ليست بالضرورة أفضل لنا، لأن أجسامنا لا تعرف الفرق بين المكونات الطبيعية، والمكونات التي يصنعها الإنسان. وبحثت كارزلو في إحدى الدراسات حول التفاعلات الكيميائية التي تحدث عند استخدام منتجات تنظيف تحتوي على مكونات طبيعية، ووجدت أنها غالباً ما تحتوي على الكثير من المواد الكيميائية العطرية، مثل منتجات التنظيف العادية. وتقول: "مع منتج التنظيف برائحة الليمون، على سبيل المثال، لا يهم إذا كانت الرائحة ناتجة عن الليمون أو مصنّعة في المصنع، فهو نفس المركب عندما ينتشر في الهواء". وعندما يخضع الليمونين - المركب الموجود في الليمون - لتفاعلات كيميائية، يُمكن أن ينتج مادة الفورمالديهايد التي تعرف بأنها مادة مسرطنة. ويختار بعض الأشخاص استخدام منتجات التنظيف منزلية الصنع، على افتراض أنها صحية أكثر. ويقول العلماء: "بينما يوجد بعض الأفكار العامة حول ما يُمكن أن تكون عليه هذه المكونات (الماء والملح، وحمض الستريك، أو حمض الليمون، وبيكربونات الصوديوم)، لكن يوجد نقص في المعلومات حولها، وحول كيفية استخدام المكونات النشطة بأمان". منتجات التنظيف ومقاومة المضادات الحيوية كما توجد مخاوف بين العلماء من أن الاستخدام المكثف لمنتجات التنظيف المضادة للبكتيريا، يساهم في مقاومة المضادات الحيوية، وهي العملية التي تطور فيها البكتيريا دفاعات ضد المضادات الحيوية ما يقلل من فعاليتها ضد بعض أنواع العدوى. وتقول إيلين لارسون، أستاذة علم الأوبئة في كلية ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية، إن بعض الدراسات تظهر أن استخدام المنتجات المضادة للبكتيريا يُمكن أن يسبب تفاعلاً متبادلاً، مع بعض المضادات الحيوية، ما يعني أنك قد تحصل على مقاومة لتلك المضادات الحيوية ما يعيق فعاليتها. وتوضح لارسون أنه "في نهاية المطاف، ربما نقلل نظرياً من قدرة وظيفة المناعة على الاستجابة لمواجهة الكائنات الحية"، وتضيف أنه يُمكن تفسير ذلك من خلال فرضية النظافة، التي تقول أنه كلما زاد عدد البكتيريا والفيروسات والميكروبات التي يتعرض لها الأطفال في سن مبكرة، كلما تطور جهاز المناعة لديهم بشكل أفضل. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، كان هناك بعض الخلاف بين العلماء حول دقة هذه النظرية. وكرّست لارسون حياتها المهنية لدراسة مقاومة البكتيريا، وفي عام 2007، أجرت دراسة للتعامل مع مخاوفها المتزايدة بشأن تعرض البشر للصابون المضاد للميكروبات ومنتجات التنظيف المنزلية. وأرادت لارسون معرفة ما إذا كان هناك أي فائدة صحية عند استخدام المنتجات التي تحمل علامة مضاد للبكتيريا، إذ أعطت 238 عائلة تعيش في مانهاتن، منتجات مثل بخاخ المطبخ ومنظف الأسطح الصلبة (إما مضاد للبكتيريا أو لا يحتوي على مكونات مضادة للبكتيريا) بشكل عشوائي، وكانت جميع هذه المنتجات متوفرة تجارياً لكنها أزالت الملصقات الموجودة عليها. ثم راقبت لارسون المشاركين كل أسبوع لمدة عام تقريباً، وسجلت الأعراض الفيروسية التنفسية التي أبلغوا عنها، مثل الإنفلونزا، ونزلات البرد، والسعال، وسيلان الأنف. وفي نهاية الدراسة، لم تجد لارسون أي اختلاف في الأعراض التنفسية بين المشاركين. وفي النهاية، لم يكن احتواء المنظفات المستخدمة في الاستحمام، و منظفات الملابس والمنسوجات، ومنظفات الأسطح الصلبة، على مكونات مضادة للبكتيريا، أمراً مهما على ما يبدو.. وتقول لارسون: "كان هذا دليلاً جيداً على أن الشيء الأكثر أهمية هو الاحتكاك بين السطح والقماش نتيجة التنظيف، ولا يهم كثيراً ما إذا كان المنتج يحتوي على مواد مضادة للبكتيريا". ووجدت دراسات أخرى أن الاستحمام بصابون غير مضاد للبكتيريا، يزيد من كمية البكتيريا الجلدية المنتشرة في الهواء من حولنا، وتشير لارسون إلى أن ذات الشيء قد يحدث عندما ننظف منازلنا. وتنصح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بأن حركة غسل اليدين هي الأكثر فعالية، وأنه لا توجد مجموعة أبحاث قاطعة تُظهر أن الصابون المضاد للبكتيريا، أكثر فعالية من الماء والصابون العادي. ومع ذلك، خلصت لارسون في الدراسة إلى أن أنواع العدوى التي من المرجح أن تتأثر بالتنظيف المنزلي، مثل أمراض الجهاز الهضمي، قد تكون بكتيرية المنشأ، لكن المنتجات المختارة في الدراسة، لا تحتوي على خصائص مضادة للفيروسات. وتقول لارسون إن السبب في ذلك يرجع إلى أن المنتجات المضادة للبكتيريا لا تؤثر على الفيروسات التي يُمكن أن تكون منتشرة في الهواء، وغالباً ما تكون سبباً في الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي. وتضيف لارسون: "احتمال أن تسبب المواد الموجودة خارج أجسامنا تلوثاً أقل بكثير من احتمال استنشاق فيروس الأنفلونزا، لذلك فإن المنتجات المضادة للبكتيريا لا تؤثر على ديناميكية انتقال العدوى". وتضيف لارسون أن المنتجات المضادة للبكتيريا قد تساعد في علاج التهابات الجهاز الهضمي والعدوى البكتيرية التي تصيبه، مثل السالمونيلا، من خلال قتل أو تثبيط نمو البكتيريا الضارّة. وكتبت لارسون في ورقتها البحثية أن أي فائدة محتملة لاستخدام منتجات التنظيف المضادة للبكتيريا، يجب أن تُوازن مع الخطر النظري لمقاومة المضادات الحيوية. ووجدت دراسة أجرتها جامعة شيفيلد أن المنظفات التي لا تحتوي على مكونات مضادة للبكتيريا، يُمكن أن تقتل الفيروسات المغلفة (الفيروسات ذات الطبقة الخارجية)، التي تشمل فيروس كورونا. كيف ننظف منازلنا؟ تقول كارزلو: "لا يعرف العلماء الآليات المحددة وراء العلاقات بين منتجات التنظيف المنزلية وصحتنا، لكن النصيحة العامة هي تقليل تعرضنا لها، واستخدامها فقط بقدر ما نحتاج إليها"، على سبيل المثال، تنصح جمعية الرئة الأمريكية بإبقاء المكان الذي يتم تنظيفه جيد التهوية، وتجنب استخدام المواد المهيّجة. ويقول كارزلو: "لا أحد يقترح التوقف عن التنظيف لأن له تأثير كبير في تقليل الأمراض التي كنا نصاب بها قبل 50 عاماً"، مضيفة أنه يجب أن نتأكد دائماً من وجود تهوية جيدة في الغرفة التي نقوم بتنظيفها، مثل وجود نافذة مفتوحة. وتقول إن هناك طريقة أخرى لتقليل المخاطر على صحتنا، ومنها استخدام المنظفات السائلة بدلاً من البخاخات. وتضيف أن "البخاخات تقوم بتحويل المواد الكيميائية الموجودة في المنتج إلى رذاذ وبالتالي يسهل استنشاقها، بينما مع المنتجات السائلة تقل احتمالية ذلك". وتنصح كارزلو أيضاً بالتقليل من استخدام المنظفات التي تحتوي على الكثير من العطور المضافة، لأن ذلك يزيد عموماً من احتمال احتوائها على منتجات تهيج المجرى التنفسي لدينا. ويوجد إجماع على أن تنظيف منازلنا أكثر أماناً بالتأكيد من عدم تنظيفها على الإطلاق، ومع الأبحاث التي تشير إلى أن المنتجات "الصديقة للبيئة" أو "الطبيعية" قد تشكل أيضاً بعض المخاطر، ربما يجب أن نضع في اعتبارنا أن المجهود الذي نبذله فعّال على الأقل، بنفس فعالية منتجات التنظيف التي نختارها، حيث أن الاحتكاك الذي يحدث عندما نمسح الأسطح يساعد على إزالة البكتيريا.

هل نحن مستعدون لمواجهة الجائحة التالية؟
هل نحن مستعدون لمواجهة الجائحة التالية؟

BBC عربية

time٢٣-٠٣-٢٠٢٥

  • BBC عربية

هل نحن مستعدون لمواجهة الجائحة التالية؟

شوارع شبه خالية من البشر والسيارات، محلات ومصانع ومكاتب مغلقة، ملايين البشر قابعون في منازلهم، اقتصادات وأنظمة صحية مثقلة بضغوط غير مسبوقة – لقد تغيرت حياة ملايين البشر بين عشية وضحاها. كان هذا هو المشهد المتكرر في كثير من بلدان العالم في مارس/آذار عام 2020، عندما فُرضت إجراءات الإغلاق لمواجهة التفشي الوبائي لفيروس كوفيد-19 الذي خلف وراءه العديد من الآثار والندوب. تجربة جائحة كورونا، التي تسببت في وفاة الملايين عبر أنحاء الكوكب، جعلت خبراء كثر في الطب والصحة العامة، وحتى أشخاص عاديين، يشعرون بالقلق والترقب لاحتمال تفشي مرض معد جديد. فما الدروس التي تعلمناها من تلك الأزمة؟ وهل أصبحنا أكثر استعدادا للجائحة القادمة؟ "لعنة النمو المتسارع" هناك الكثير من الدروس التي تعلمها العالم من جائحة كوفيد-19، سواء على المستوى الطبي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو غيرها. على سبيل المثال، أدرك كثيرون أهمية الصحة النفسية والعقلية بعد زيادة حالات الاكتئاب والتوتر بسبب العزلة أو فقدان ذويهم خلال الوباء. وبرزت أهمية وجود بنية تحتية صحية قوية قادرة على الصمود في وجه الطوارئ، وازدادت أهمية الأبحاث والتجارب العلمية ووسائل رصد العوامل المُمْرضة الناشئة للمساعدة في التصدي للأوبئة والجوائح. الدرس الاقتصادي الأهم، برأي البروفيسورة كاثرينا هوك أستاذة علم اقتصاديات الصحة ونائبة مدير معهد "عبد اللطيف جميل لتحليل الأمراض والطوارئ" بكلية الصحة العامة بجامعة إمبيريال كوليدج لندن، هو "لعنة النمو المتسارع، وتداعيات العلاقة التي تتغير بشكل درامي بين تكلفة إجراءات المكافحة وفوائدها، والتي ترتهن بتوقيت تنفيذها". "على سبيل المثال"، تشرح هوك، "زملائي في المعهد وجدوا أننا لو كنا قد طبقنا الإغلاق في المملكة المتحدة قبل أسبوع خلال شهر مارس/آذار 2020، لكنا أنقذنا حياة 23000 شخص. لكن لو كنا قد انتظرنا أسبوعا آخر، لكنا شهدنا 84200 حالة وفاة إضافية!" وتضيف أن "ما تعلمناه من كوفيد هو أن التعامل الحاسم مع أي فيروس خطير، والتدخل المبكر، هما على الأرجح الخيار الأكثر فعالية من حيث التكلفة. وما تعلمناه أيضا هو أهمية وضع نماذج للسيناريوهات الخطيرة، إذ لسنا بحاجة إلى أن نمر بتلك الجوائح المروعة ونفقد آلاف أو ملايين الأرواح، لأن لدينا نماذج رياضية يمكن أن تتنبأ بتلك السيناريوهات مسبقا. هذه النماذج يمكن أن تستخدم للتنبؤ بالفعالية الاقتصادية لإجراءات مثل الإغلاقات واللقاحات". ألقت جائحة كوفيد-19 كذلك الضوء على أهمية الحصول على معلومات من مصادر موثوقة، وخطورة المعلومات المضللة، وأهمية التعاون بين الهيئات البحثية والطبية على المستوى الدولي. وقالت الدكتورة حنان البلخي مديرة منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط في إفادة صحفية في 18 مارس/آذار الحالي إن "انتشار كوفيد-19 بيّن ثغرات كثيرة، خاصة في ما يتعلق بالتعاون بين القطاعات المختلفة وتقييم حدة الجائحة في دولة ما، وأهمية التدخلات الصحية الأولية: يعني هل من المفروض إغلاق المطارات، عزل المرضى - أسئلة كثيرة طرحت". الجائحة القادمة "مسألة وقت" يرى كثير من العلماء أن الظروف الحالية لكوكبنا ترجح بشكل متزايد انتقال عدوى بكتيرية أو فيروسية من الحيوانات إلى البشر والتسبب في جائحة أخرى. من بين تلك الظروف التغير المناخي والاحتباس الحراري. تقول الدكتورة إيلاريا دوريغاتي المحاضرة بكلية الصحة العامة بجامعة إمبيريال كوليدج لندن في حوار منشور على موقع الجامعة إن هناك أدلة على أن التغير المناخي يؤدي إلى اتساع الرقعة الجغرافية لانتشار أمراض يحملها البعوض، مثل زيكا وحمى الضنك، بحيث "ستنتقل إلى مناطق معتدلة الطقس، ومن ثم تجعل السيطرة عليها في غاية الصعوبة وتزيد من احتمال تفشي الأوبئة بشكل كبير". وبسبب قطع الأشجار في الأمازون ومناطق من القارة الإفريقية، يقترب البشر بشكل متزايد من الحيوانات البرية، ما سيعزز فرص انتقال عوامل ممرضة من الحيوانات إلى البشر، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى أوبئة مميتة. ويقدر عالما الحيوان بجامعة كيمبريدج البروفيسور بِل ساذرلاند والدكتور سيلفيو بتروفان أن 60 من الأمراض الناشئة لدى البشر تتسبب فيها عوامل مُمْرضة "تقفز" من الحيوانات إلى البشر. تقول الدكتورة ماريا فان كيرخوف القائمة بأعمال مدير التأهب للجوائح ومكافحتها بمنظمة الصحة العالمية لـ بي بي سي عربي إن السؤال ليس ما إذا كان العالم سيشهد جائحة أخرى، بل متى سيشهدها. وتضيف أن "الفيروسات التنفسية هي الأكثر احتمالا للتسبب في جائحة بسبب كفاءة انتقالها، لكن أي عامل مُمْرض جديد يمكن أن يؤدي إلى جائحة". وتلفت فان كيرخوف إلى أن "ثمة فيروسات تنفسية مثل الفيروسات التاجية، ولا سيما الإنفلونزا، التي تثير قلقنا بشكل خاص. النشاط المتزايد لفيروسات إنفلونزا الطيور في مملكتي الطيور والحيوانات، بما فيها الأبقار الحلوب، في الولايات المتحدة، يبعث على القلق، خاصة مع إصابة أنواع جديدة من الحيوانات، وانتقال الفيروسات إلى البشر". هناك العديد من العلماء الذين يتفقون مع فان كيرخوف على أن حدوث جائحة أخرى مسألة وقت. من بين هؤلاء البروفيسورة كارولين بَكي أستاذة علم الأوبئة بجامعة هارفارد التي أخبرتنا بأن "حدوث جائحة أخرى أمر حتمي، ولكن من الصعب التنبؤ بموعدها المحدد. الظروف التي تسهل نشوء عوامل مُمْرضة جديدة لم تتغير، بل في الحقيقة ربما نكون نواجه خطرا متزايدا نظرا لأن العديد من أنظمة المراقبة التي أُنشأت لاكتشاف العوامل الممرضة التي يُحتمل أن تؤدي إلى جائحة والتخفيف من حدتها يتم تفكيكها في الوقت الحالي". تجدر الإشارة أيضا إلى أن جائحة كوفيد أثقلت كاهل النظم الصحية حول العالم، كما تبعها العديد من الأزمات والطوارئ الصحية – على سبيل المثال مرض جدري إمبوكس (جدري القردة سابقا) وفيروس ماربورغ وحمى الضنك والدفتيريا والحصبة والكوليرا. كما ينبه العلماء إلى خطر آخر، وهو اكتساب العوامل المُمْرضة مقاومة ضد الأدوية، تلك المقاومة التي أسهم في زيادتها الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية. هل أصبحنا في وضع أفضل؟ صحيح أن لا أحد يعرف أين ومتى ستحدث جائحة جديدة، لكن مع وجود معطيات وظروف تجعل احتمال حدوثها قائما، من البديهي أن نتساءل ما إذا كنا مستعدين لهذا السيناريو، وما إذا كانت تجربة كوفيد-19 قد جعلتنا في وضع أفضل. "نعم، ولا في نفس الوقت"، هكذا كانت إجابة الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية في مقال نُشر في 11 مارس/آذار الحالي. وهكذا كانت أيضا إجابة الخبراء الذين تحدثت إليهم. تقول الدكتورة فان كيرخوف إنه "تم تحقيق مكاسب كبيرة في القدرات والخبرات من خلال التعامل مع كوفيد من شأنها أن تساعد في المستقبل، لكن هذه المكاسب بحاجة إلى الاستمرار. إتمام الاتفاقية الخاصة بالتأهب والاستجابة للجوائح والالتزام بها سيساعد العالم ليس فقط على الاستعداد، بل أيضا إلى الاستجابة للتهديدات بشكل أفضل. ومع ذلك، يواجه قطاع الصحة العالمية تحديات عديدة بسبب التغييرات التي طرأت على التمويل، والصراعات والتوترات الجيوسياسية، والتراجع في الالتزامات السياسية تجاه برامج الرصد التابعة لنا، وهو ما سيجعل من الصعب أكثر من أي وقت مضى تنفيذ العمل اللازم لحماية العالم من تهديدات الجوائح". وتشير البروفيسورة بَكي إلى التقدم الذي شهدته بعض التقنيات، "على سبيل المثال، القدرة على إنتاج لقاحات على وجه السرعة باستخدام تكنولوجيا الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، فضلا عن التطورات التي شهدها مجال مراقبة مياه الصرف". لكنها تضيف: "ومع ذلك، من نواح عديدة، لا نزال في نفس الوضع الذي كنا عليه في عام 2020 من حيث قدرة النظم الصحية والبنى التحتية على الصمود". من المشكلات الأخرى التي تحدثت عنها بَكي عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات بين الدول الغنية والدول الفقيرة، والتشكيك في اللقاحات. أما البروفيسورة هوك فترى أنه "من الناحية الإيجابية، أصبحت الحكومات والمنظمات متعددة الأطراف أفضل تأهبا. فقد حسنّا طرق جمع البيانات والمراقبة وأطر التعاون القانونية والتنظيمية..والبنية التحتية اللازمة لتوفير الأدلة لصناع القرار. كما أصبح لدينا أدوات أفضل لتطوير النماذج، بما في ذلك نماذج تجمع بين الجوانب الصحية والاقتصادية لتقييم التأثيرات الأوسع للجوائح وإجراءات تخفيف آثارها على المجتمعات". وتضيف: "لكن ما أراه سلبيا هو زيادة الاستقطاب بين السكان وتراجع الثقة في السلطات، وهذا قد يؤدي إلى المزيد من التردد في تلقي اللقاحات والامتناع عن اتباع الإرشادات الصحية. هذا أمر يحزنني لأنه قد يكلف العديد من الأرواح عند وقوع الجائحة المقبلة. كما أنني أشعر بالقلق إزاء ضعف الحوكمة السياسية. أظن أنه في الوقت الراهن، يفتقر الكثير من البلدان إلى قيادة سياسية تتحلى بالقوة والكفاءة اللازمتين لشن دفاع فعال ضد تهديد العوامل المُمْرضة الناشئة". ماذا عن المنطقة العربية؟ يقول البروفيسور شادي صالح أستاذ نظم الصحة والتمويل والمدير المؤسس لمعهد الصحة العالمية بالجامعة الأمريكية في بيروت إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "أفضل استعدادا من نواح عديدة، لكن لا يمكننا الحديث عن المنطقة ككيان واحد، لأنها في الواقع تتكون من ثلاث إلى أربع مجموعات مختلفة. يشمل ذلك الدول ذات الدخل المرتفع، والمتوسط والمنخفض، وربما فئة رابعة تعاني من الصراعات أو متأثرة بها. المجموعتان الأخيرتان ستستمران في مواجهة العديد من التحديات التي شهدناها خلال جائحة كوفيد-19، وينبغي أن يتركز الاهتمام عليها، خاصة من قبل المجتمع الصحي الدولي". ومن بين التحديات التي أشار إليها صالح الاستثمار في القدرات المحلية، وسلاسل الإمداد القوية التي تقلل الاعتماد على الأسواق العالمية خاصة في وقت الأزمات. من المكاسب التي تقول الدكتورة بلخي مديرة منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط إنها تحققت في الإقليم (الذي يشمل غالبية الدول العربية): "كانت هناك زيادة بنسبة 59 في المئة في مواقع الترصد وزيادة عدد المختبرات بنسبة 40 في المئة"، مشددة على أهمية الحفاظ على تلك المكاسب "وعدم نسيانها وإضعافها مرة أخرى بسبب عدم وجود جائحة". لا شك أن كوفيد-19 كشف عن مواطن الضعف في الأنظمة الصحية العالمية، لكنه كان في الوقت ذاته محفزا للابتكار السريع والتأهب، لا سيما مع تنبيه الكثير من الخبراء إلى حتمية حدوث جائحة أخرى. وفي حين أن التقدم الذي أحرز في مجالات مثل تطوير اللقاحات ونظم المراقبة ومشاركة البيانات العلمية عزز قدراتنا على التصدي، إلا أن تحديات مثل ضعف الاستثمار في البنى التحتية الصحية والتوترات الجيوسياسية والمعلومات المضللة تتركنا في وضع هش. ربما كان الدرس الحقيقي لكوفيد-19 هو أن الجاهزية جهد متواصل يتطلب التعاون والاستثمار واليقظة حتى لا يكرر التاريخ نفسه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store