
التصميـم يرتـكز عـلى خلق رحـلة تصـاعـديـة«برج الفنون».. أيقونة تعكس هوية المدينة وطموحها
إزالة أكثر من 150 برج نقل كهربائي من الموقع
برج الفنون أحد المعالم البارزة ضمن مشروع المسار الرياضي في وجهة البرومينيد في مدينة الرياض، وتحديدًا عند تقاطع طريق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز مع طريق الأمير تركي بن عبد العزيز الأول.
لتقديم بانوراما عمودية فيها الضوء يلعب مع اللون، والظل يحاور الشكل. هو ليس مجرد مجسم، أرادها غارم أن تكون حيّة، تتغير مع الشمس، مع الغيوم، ومع حركة المارة، كأنها تعزف لحناً صامتًا، بتوقيع أشعة الشمس. حيث يبلغ الارتفاع الإجمالي للبرج 83.5 متراً، وتم تركيب 691 لوحة ملوّنة تُشكّل واجهته النابضة بالحياة. كما تبلغ أبعاده عند القاعدة المستوى (0.00 33.39 مترً × 33.39 x مترً، مما يضفي عليه حضورًا لافتًا على مستوى التصميم والموقع.
هذه المبادرة الطموحة لدمج الفنانين السعوديين في تصميم مشروع «مسار «الرياضي» منذ المراحل الأولى للمخطط العام، أطلقها تحالف التصميم الذي ضم Coen Partners و TYPSA و Eldorado Architects وقد أصبح هذا المشروع التحويلي ممكنًا بفضل إزالة أكثر من 150 برج نقل كهربائي ضخماً ودفن خطوط الكهرباء القائمة. ومن خلال تعاون وثيق مع الفنان عبد الناصر غارم مع ائتلاف التصميم، حددنا فرصة فريدة من أجل الإبقاء على أحد أكبر أبراج النقل الكهربائي وإعادة تخيله كمنارة للفن العام. هذا العمل الرمزي لا يحتفي فقط بالروح الإبداعية للمسار الرياضي، بل يجسد أيضًا الرؤية الجريئة لمبادرة السعودية 2030. وفي النهاية، أعيد تصميم البرج هندسيًا وبني بالشراكة مع فريق التصميم والهندسة في مشروع المسار الرياضي.
آلة توليد للخيال
يتحدث الفنان عبدالناصر غارم عن برج الفنون الذي ليس عملاً فنيًا فقط، بل آلة للدهشة.. آلة لتوليد الخيال قائلاً:
كل شريحة في البرج تشبه قطعة موسيقية. مع الضوء، تتفاعل الألوان بعضها مألوف، وبعضها جديد تمامًا، لا تراه إلا عند اختلاط لونين في لحظة معينة من اليوم. هنا، يصبح الضوء مهندساً، واللون راوياً يحكي قصة عن التنوع عن الاختلاف، وعن جمال أن نكون غير متشابهين. فالتنوع ليس مجرد حالة نعيشها، بل قيمة إنسانية تُسهم في توحيد المجتمعات وتعزيز انسجامها.
استلهم غارم من ألوان الطيف من زخارف نعرفها من بيوتنا القديمة، ومن المثلث: الشكل البسيط، لكنه قوي ويوحد جميع الموتيفات، كون المثلث دائم الحضور في حضارتنا. كان الهدف أن يشعر الناس أن هذا البرج ينتمي لهم، ليس لأنه يشبه ما يعرفونه، بل لأنه يُشعرهم بأنهم مرئيون داخله.
لم يكن الأمر سهلاً. الرياح كانت تتحدث بلغة الطبيعة، وتُجبرنا على الإنصات. كان علينا إعادة التفكير في عدد الشرائح، وتوزيعها، ليس فقط لسلامة الهيكل، بل كي يتنفس. التصميم لا يكون حياً إذا لم يكن قادرًا على التأقلم مع بيئته ومحيطه. كانت الرياح تُعلّمني أن أي مشروع لا يُقاوم الطبيعة، بل يتعلّم التواضع أمامها. ولذلك، لم يكن عدد الشرائح قرارًا تقنياً فقط، بل كان حوارًا مع الهواء، مع الحياة، مع حدودنا كبشر. وأصبحت الرياح شريكاً في التصميم، وتعلمت منها كيف أترك فراغاً بين الشرائح، ليبقى البرج متغيراً، غير محكم.
ليس مجرد هيكل معماري
رغم أن الهدف الجوهري من المسار الرياضي هو تشجيع السكان على ممارسة الرياضات المتنوعة مثل الجري وركوب الدراجات والخيل، فإن برج الفنون ليس مشروعًا بصريًا فقط، بل أخلاقياً. لا يريد أن يُبهر فحسب، بل أن يبطئك ، فهو ليس مجرد هيكل معماري، بل هو دعوة للتوقف، للتأمل، وللحديث. إنه مساحة تحتضن الفعاليات وتشجع على التفاعل الإنساني والتجمع المجتمعي، ليُصبح منطقة تواصل حيّة تدفع الأفراد للتلاقي والتقارب.
تحوّل برج الفنون إلى بوصلة إبداعية ضمن المسار الرياضي، يساعد الزائر على تحديد موقعه، ويُشكّل نقطة التقاء محورية بفضل تعدد المسارات التي تؤدي إليه.
إن هذا الإنجاز له علاقة كبيرة برؤية 2030 التي ضخت الحيوية والإبداع في الجسد الاجتماعي ككل، وكون غارم أحد أفراد هذا المجتمع، يتمنى أنه عكس كبرياء مجتمعه من خلال هذا العمل الذي يرمز إلى روح العصر الذي نعيشه والطفرات الثقافية والتحولات الاجتماعية.
بالنسبة لـ غارم، فإن رؤية المملكة 2030، مثل برج الفنون، ترفع أعيننا إلى الأعلى دائمًا، وتحفزنا على القفز من المألوف إلى غير المتوقع، وتدفعنا إلى الانفتاح على المستقبل بعيون خيالية.
المؤلف والقيم الفني ناتو طومسون
تحدث قائلاً:
«يشهد المشهد المعاصر في المملكة تحوّلاً واعيًا نحو تنويع الاقتصاد والاستثمار في البنية التحتية الثقافية، ويجسد هذا البرج الفني ذلك التحوّل بعمق. فمن خلال إعادة توظيف رمز من رموز الطاقة وتحويله إلى منارة للتعبير الفني، يُبرز غارم الدور المتغير للثقافة والفن في مسيرة التنمية السعودية. ويُظهر هذا الفعل أن الثقافة، تماماً كحال الطاقة، تُعد بنية تحتية أساسية تستحق الاستثمار. إنه شهادة حية على التزام المملكة برعاية المشهد الثقافي، لتصبح الفنون والإبداع جزءًا لا يتجزأ من هويتها، تماماً كما كانت الطاقة والنفط في الماضي».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
تمكين الشباب بالمهارات الإعلامية والثقافية في النادي الصيفي بوادي فاطمة
نظم مركز التنمية الاجتماعية بوادي فاطمة، بإشراف ومتابعة مدير المركز الأستاذ فايز بن فوزان العتيبي، وبالشراكة مع جمعية العطاء الشبابية، وجمعية سعادتي الأسرية، والمجلس التخصصي للجمعيات الشبابية، وأوقاف الضحيان، عددًا من اللقاءات الهادفة ضمن برامج النادي الاجتماعي الشبابي الصيفي، وذلك في مرافق المركز بمحافظة الجموم. وشهدت الفعاليات إقامة لقاء تدريبي بعنوان "أساسيات العمل الإعلامي"، قدّمه الإعلامي الأستاذ ماجد السهلي، بحضور مشرف البرامج بالمركز الأستاذ سطام الزلامي، ورئيس مجلس إدارة جمعية العطاء الشبابية الأستاذ سلطان الحازمي، والرئيس التنفيذي لجمعية سعادتي الأستاذ عايض اللقماني. وتناول اللقاء أبرز المهارات المهنية التي يحتاجها العاملون في المجال الإعلامي، وأدوات إيصال الرسالة الإعلامية بفعالية، إضافة إلى نصائح عملية لتطوير الأداء الإعلامي لدى الشباب. كما نُفذ لقاء ثقافي بعنوان "تكوين عادة القراءة"، قدّمه الأستاذ ماهر اللهيبي من جمعية مشكاة للخدمات التعليمية والتثقيفية، بحضور عدد من القيادات الشريكة. وركّز اللقاء على أهمية القراءة في بناء الشخصية وتنمية الفكر، وطرق تحويلها إلى عادة يومية، إلى جانب توجيهات عملية لاختيار الكتب المناسبة. وتأتي هذه اللقاءات ضمن توجهات النادي الصيفي لتمكين الشباب وتزويدهم بمهارات إعلامية وثقافية تعزز من حضورهم وتأثيرهم الإيجابي في مجتمعهم. وقد لاقت الفعاليات تفاعلًا لافتًا من المشاركين، الذين أبدوا حماسهم للاستفادة وتطبيق ما تعلموه في واقعهم العملي.

صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
الصفيان: الطيبون نعمة لا تقدر بثمن ومجالسة الأذى تسمم الروح
أكد الكاتب الإعلامي محمد بن عبدالعزيز الصفيان أن الحياة، رغم ازدحامها بالأقنعة والمجاملات والتقلبات، لا تزال تحتفظ بمساحة للقلوب الطيبة، مشيرًا إلى أن هذه القلوب وإن كانت نادرة إلا أن تأثيرها عميق. وقال: "الطيبون ليسوا أبرياء من الوجع، لكنهم لا يوزعونه، وليسوا أغنياء مال، لكنهم يملكون أغنى القلوب، لا يرفعون أصواتهم، لكنهم يرفعون قدرك أمام نفسك، ويذكرونك في دعائهم دون أن تطلب". وأضاف الصفيان في مقال نشرته جريدة "اليوم": "السلوك معدٍ، والأخلاق تنتقل كما تنتقل الأمراض، لذا اختر من يحيط بك بعناية. كن قريبًا ممن يذكّرك بالصلاة، لا بالغيبة، ممن يخففون عنك همّ الحياة، لا من يضيفون إليها عبئًا جديدًا". وأشار إلى أن "القلب وحده هو من يعرف الطيبين دون شرح. معهم تبتسم دون سبب، وتأنس دون مقدمات، وتدعو لهم لأنك تشعر بالأمان بقربهم، وكأنهم وطن صغير يسكنك". وتابع: "في زمن كثُر فيه الأذى وتعددت فيه النيات، وأصبح الطعن يتم بابتسامة، يظل الطيبون نعمة تمشي على الأرض، لا تُقاس بثمن. تظهر حقيقتهم في المواقف، لا في الصور، وتبرز مع الشدائد لا في مظاهر الظهور الزائف". واستشهد الصفيان بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف"، مضيفًا: "اختر جليسك كما تختار رئتيك الهواء، لا تجالس من يخنقك باسم المزاح أو من يسممك باسم الصراحة. كن مع من يراك إنسانًا لا رقمًا، من يسمعك حقًا، لا من ينتظر دوره بالكلام". وختم قائلاً: "كن طيبًا، وانتقِ الطيبين. لا تجعل مجلسك مرتعًا للأذى، ولا أذنك طريقًا للسموم، ولا لسانك سهمًا في ظهور الناس. وإذا صادفت طيبًا، فتمسك به، فالنّفوس النقية عملة نادرة، والعمر أقصر من أن نضيعه مع من يتعب القلب".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
80 عملاً فنياً تتتبّع تطور الحركات الفنية الحديثة في الخليج
لحظات مفصلية من تاريخ الحركة الفنية الحديثة في الخليج، ورؤية بانورامية لتطوّر المشهد الفني الخليجي، تتجلَّى عبر 80 عملاً فنياً مختاراً من مجموعات ومقتنيات لروّاد ساهموا في بلورة ملامح الحداثة، وبناء المؤسسات الثقافية، وتعزيز الحراك الفني المحلي. تسرد هذه الحكاية معرض «ملامح متغيّرة» الذي وصل إلى محطته الثانية في مدينة جدة السعودية، بعد انطلاقته الأولى في أبوظبي بالإمارات عام 2022. يسلّط المعرض الضوء على مسيرة الحداثة الفنية في الخليج، مستعرضاً جهود الروّاد والمجموعات الفنية التي تشكّلت في دول المنطقة، وأسهمت في رسم ملامح التجربة الفنية في بواكيرها. كما يسعى إلى أن يشكّل مرجعاً بصرياً وثقافياً يوثّق بدايات الحركات الفنية الخليجية ونشأتها. ويفتح «ملامح متغيّرة» نوافذ لاستكشاف تطوّر المشهد الفني الحديث في الخليج خلال القرن العشرين، من خلال أعمال فنية تعبّر في أفكارها وألوانها عن تقاطعات زمنية مهمّة من مراحل التأسيس، وتعكس التفاعل الجدلي بين التقاليد والحداثة. هذا التفاعل أفرز مفردات فنية فريدة، شكّلت جوهر التجربة الفنية الخليجية، ورسَّخت ملامح حداثتها. اختيرت الأعمال من مجموعات ومقتنيات لرواد ساهموا تاريخياً في بلورة ملامح الحداثة الفنية (واس) يُسلّط المعرض الضوء على الدور المحوري الذي لعبته أجيال من الفنانين الخليجيين في بدايات الحركة الفنية، من خلال عرض أعمال لأكثر من 50 فناناً ساهموا في بلورة التيارات الفنية الحديثة في منطقة الخليج، خلال مراحل مفصلية من تطور التجربة الفنية التي شهدت أعمالاً إبداعية لافتة، ونشأة مؤسسات احتضنت تلك المرحلة. وعن تحديات مرحلة التأسيس، قال الفنان الدكتور محمد الرصيص إن أجيال التأسيس للفن في الخليج واجهت تحديات عدّة، موضحاً أن من أوائل التحديات التي اعترضت طريق الفن والفنانين في السعودية والخليج عموماً هو غياب القبول الاجتماعي لدراسة الفنون، ناهيك عن ممارستها بوصفها مهنة؛ ويُرجع الرصيص ذلك إلى نقص الوعي بمستقبل هذا المجال، إضافة إلى النظرة السائدة آنذاك التي كانت تزدري مفردة «الفنون»، وتشكّك في جدواها المهنية. الفنان الدكتور محمد الرصيص خلال إحدى مناسبات الفن (معهد مسك) وقال الرصيص إن النظرة الاجتماعية السائدة آنذاك بدأت تتزحزح أمام إصرار الجيل الأول من الفنانين الذين بادروا إلى دراسة الفنون في معاهد التربية الفنية، رغم غياب الأكاديميات المتخصصة آنذاك، وهو ما عُدّ عائقاً إضافياً حال دون تطوّر الاهتمام بالفنون في بدايات التجربة، ورعاية المواهب والنتاج الفني المحلي. وأضاف: «بتجاوز الفن الخليجي لتحديات البدايات، استطاع أن يُرسِّخ تجربة فنية مهمّة وملهمة، مهّدت الطريق لأجيال جديدة من الفنانين، تستثمر اليوم في مرحلة غير مسبوقة من الرعاية والدعم للفن والفنانين». رؤية بانورامية عن تطوّر المشهد الفني الخليجي (واس) يتتبع المعرض تفاصيل تشكّل الحركة والتجربة الفنية في الخليج من خلال أعمال الفنانين الرواد، ومن خلال سيرة الأفكار التي انطوت عليها الأعمال، وما تمثله من عناصر لأنظمة المعرفة والهوية الثقافية التي تكوّنت عبر الزمن. ويحث المعرض زواره على التفاعل مع الأعمال، وقراءة تسلسل تطوّر ونمو الحركة الفنية الخليجية عبر المعروضات. وقد استوحى المعرض عنوانه «ملامح متغيّرة» من نص تأسيسي للفنان والقيّم الراحل أوكوي إنويزور، وهو شاعر وناقد ومؤرخ فني من أصل نيجيري، ساهم في لفت الانتباه العالمي إلى الفن الأفريقي. نُشر النص المستوحى منه في العدد الأول من مجلة «نكا: مجلة الفنون الأفريقية المعاصرة» عام 1994. ويأتي المعرض في وقت يتلمَّس فيه الفن الخليجي طريقه نحو تعزيز حضوره دولياً، وسط حركة حيوية تشهدها أبرز العواصم والمدن الخليجية، من خلال تنظيم معارض تنمو عاماً بعد عام، وتكتسب أبعاداً دولية، مستضيفة تجارب وأفكاراً ورواداً من مختلف أنحاء العالم، ما يتيح فرصة مميزة لتسليط الضوء على المشهدين الفني والثقافي في الخليج.