
بوتين ليس متعجلاً ويتمسك بشروطه لإنهاء الحرب
ظهر بوتين متحرراً من الملابس الرسمية برفقة حليفه الأقرب، رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو.
وخلف مظهر الجولة الهادئة في أحضان الطبيعة الخلابة في المنطقة، كانت ثمة رسائل صارمة عدة وجهها الرئيس: لا تراجع عن شروط روسيا المعلنة بوضوح منذ العام الماضي، والوضع الميداني يسير لمصلحة موسكو، وقواتها تتقدم على كل خطوط التماس، ما يعني أن الوقت يعمل لمصلحة الكرملين وليس ضده.
وتجنّب بوتين التعليق بشكل مباشر على الإنذار الأميركي الجديد، بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية قبل نفاد مهلة الأيام العشرة التي تنقضي بعد أسبوع، بل إنه خلال الشق المُعلن من حديثه المطول مع لوكاشينكو وتصريحاته إلى الصحافيين المرافقين، لم يذكر واشنطن مباشرة إلا في معرض الحديث بشكل عام عن انتشار الفساد في أوروبا والولايات المتحدة.
ترك بوتين لمعاونيه مهمة الرد على «لغة الإنذارات التي لا تصلح مع روسيا»، وانفرد هو بالرد بشكل عملي، عندما أعلن بدء الإنتاج التسلسلي وتزويد الجيش بمنظومة صواريخ «أوريشنيك»، وهي الجيل الأحدث من الصواريخ الروسية التي تصل قوتها التفجيرية إلى قدرات قنبلة نووية، رغم أنها مزودة برؤوس تقليدية.
وكانت هذه الرسالة الأبرز على الصعيد العسكري، وهي تُشكل امتداداً طبيعياً للضغط الحربي القوي الذي صعَّدت موسكو مستوياته ضد أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة، ودلالة الإعلان الرئاسي عن بدء الإنتاج الحربي لـ«أوريشنيك» مرتبطة تماماً بالوضع في أوكرانيا، وبتواصل الإمدادات العسكرية الغربية لكييف، وهذا هو مغزى الرسالة.
إذ يكفي التذكير بأن موسكو «اختبرت» هذا الصاروخ في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) عبر استخدامه لقصف مصنع «يوجماش» بمدينة دنيبروبتروفسك وسط أوكرانيا.
بوتين مع حليفه لوكاشينكو وجولة حدودية قريباً من فنلندا (أ.ب)
وانتشر فيديو للهجوم عبر الإنترنت، وأثار حجم الضرر الهائل الذي سببه مناقشات واسعة في مجتمع الخبراء، فيما أكّد مسؤولون روسيون أن المصنع المستهدف كان من أكبر مؤسسات الاتحاد السوفياتي لإنتاج الصواريخ وأجهزة الإطلاق الفضائية، وأنه استخدم منذ بداية الحرب لأعمال الصيانة وإعادة تجميع المدرعات الثقيلة الغربية. وذكر بوتين في حينها، أن الهجوم جاء ردّاً على استخدام أسلحة أميركية وبريطانية لقصف الأراضي الروسية.
ومع الإعلان عن دخول الصاروخ الجديد الحرب عملياً، أعلن بوتين أنه ملتزم باتفاق مع حليفه البيلاروسي لتزويد بيلاروسيا بكميات من الإنتاج قريباً، لكنه، وفي عبارة لها دلالات أيضاً، قال إن الإنتاج سوف يقتصر حالياً على تزويد الصواريخ برؤوس تقليدية وليست نووية.
الرسالة الثانية للولايات المتحدة كانت سياسية، وقد تكون قد استهدفت مباشرة الرئيس ترمب الذي أعرب عن خيبة أمله بسبب تعثر المفاوضات، وقال بوتين: «جميع خيبات الأمل تنبع من توقعات مبالغ فيها»، مؤكداً في الوقت ذاته أن المفاوضات مطلوبة ومهمة، لكن لحل القضايا سلمياً، لا بد من مواصلة الحوار.
وأكّد الرئيس الروسي مجدداً التزامه بالمفاوضات، بل إنه أشاد بسير العملية التفاوضية مع أوكرانيا، وقال إن رد فعل أوكرانيا الأول على اقتراح تشكيل مجموعات عمل، كان إيجابياً، «لكن هذه المجموعات لم تبدأ عملها بعد». لقد كرر بهذا المعنى تصريحات سابقة بأن الوضع معقد وشائك، ولا يمكن انتظار نتائج سريعة بل الأهم مواصلة العمل السياسي للوصول إلى النتائج. ومن أجل حل القضايا سلمياً «نحن بحاجة إلى مناقشات مكثفة للخطوات اللازمة لإرساء سلام طويل الأمد في أوكرانيا، من دون فرض أي قيود زمنية».
ظهر بوتين متحرراً من الملابس الرسمية برفقة حليفه الأقرب رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو (إ.ب.أ)
لكن في الوقت ذاته، كان الرئيس الروسي واضحاً بأن بلاده لن تتراجع عن الشروط الموضوعة للتسوية. وقال إنه بلور هذه الشروط منذ عام كامل، أي قبل استئناف العملية السياسية بوقت طويل.
وكان بوتين يرد بهذه الطريقة على انتقادات أوروبية تُكرر أن الكرملين «لا يُحدد ماذا يريد». وقال بوتين: «حددنا شروطنا منذ وقت طويل، وهي ليست شروطاً بل أهداف لا يمكن تحقيق السلام إلا عبر تحقيقها».
وكان لافتاً أن بوتين وهو يتحدث عن الشروط المعروفة، وبينها حياد أوكرانيا ونزع سلاحها والإقرار بسيادة بلاده على القرم والأقاليم الأربعة التي ضمتها موسكو، تعمّد أن يختصر مطالب بلاده بعبارة تُظهر أنه لن يتراجع مطلقاً عن شروطه.
خبراء متفجرات يفحصون بقايا صاروخ «كروز» روسي في كييف (أ.ف.ب)
وقال بوتين إن «الهدف الرئيسي في القضية الأوكرانية هو ضمان أمن روسيا». ثم كرر بعد دقائق أن العملية العسكرية الخاصة (التسمية الرسمية للحرب) اندلعت بهدف كبير هو تعزيز سيادة روسيا وحقها في الوجود. هل يمكن لأحد بعد ذلك أن يطالب بوتين بالتخلي عن أمن روسيا وسيادتها وحقها في الوجود؟
في الوقت ذاته، أعاد الرئيس الروسي توجيه الدفة نحو الطرف الأوروبي المتهم من جانب موسكو بأنه يعمل على تأجيج الصراع خلافاً لرغبة ترمب في إطفاء الحريق.
وقال بوتين إن الاتحاد الأوروبي الذي أسهم في شن الحرب على روسيا، وعمل على تأجيجها، وأصرّ على مواصلة تسليح أوكرانيا، مدمراً بذلك اقتصادات البلدان الأوروبية «يفتقر حالياً بصورة مطلقة إلى السيادة». ورأى أن فقدان الاتحاد الأوروبي السيادة السياسية يؤدي إلى فقدان أوروبا السيادة الاقتصادية.
بوتين مع حليفه لوكاشينكو خلال زيارة دير فالام على مقربة من الحدود الفنلندية (أ.ب)
ورغم ذلك، أعرب بوتين عن اقتناع بضرورة الانطلاق في مناقشة ملفات التسوية الأوكرانية المرتبطة بمتطلبات روسيا وأوكرانيا الأمنية «في سياق مناقشة ملف الأمن الأوروبي الشامل». ويعد هذا المطلب أساسياً لموسكو، التي تفصل بين عنصرين في ملف التسوية: أوروبا ينبغي ألا تتدخل خلال الحديث عن التسوية السياسية، ولا يمكنها إرسال قوات فصل أو تسليح أوكرانيا، لكنها يمكن أن تنخرط في النقاش عندما يطرح موضوع الأمن الشامل للقارة الذي يجب أن تكون لروسيا كلمة مسموعة فيه.
أما الرسالة الثالثة لبوتين فكانت موجهة إلى أوكرانيا نفسها؛ حيث انتقد عدم رغبة كييف في التعامل مع موسكو، وقال بلغة واثقة: «لا تريدون التعامل معنا؟ حسناً يمكننا أن ننتظر». ولم يقتصر الحديث عن الفساد الذي يأكل البلاد، كما يقول مسؤولون روسيون، ولا عن فقدان الشرعية للقيادة الأوكرانية خلافاً للوضع في روسيا؛ حيث كما يقول بوتين: «يستند النظام السياسي في روسيا إلى الدستور، وهو أمر لا ينطبق على أوكرانيا».
العنصر الثالث وفقاً لبوتين يتمثل في «الغياب الكامل للسيادة في أوكرانيا»، الذي وصفه بأنه أمر مهين. وبشكل مباشر حرض على الانقلاب على الوضع الحالي عبر إشارته إلى أن «أوكرانيا لا تحتاج إلى فرض مؤسسات حوكمة خارجية، بل إلى مساعدة الشعب على استعادة توازنه».
وكرر بوتين في الوقت ذاته الشرط المتعلق بالوضع الداخلي في أوكرانيا، ومع ضرورة ظهور قيادة جديدة تستمد شرعيتها من الشعب والدستور، واستعادة القرار السياسي وعدم الارتهان للخارج، أعاد التذكير بشروط بلاده المتعلقة بتهيئة الظروف المناسبة للغة الروسية والكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا. وقال للصحافيين: «القضايا الإنسانية -اللغة الروسية، واستقلال الكنيسة الأرثوذكسية، والكنيسة المسيحية في أوكرانيا، وتطورها- يجب مناقشتها جميعاً معاً، وأن تُشكل أساساً لسلام طويل الأمد ودائم، وخالٍ من أي قيود».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 42 دقائق
- الشرق السعودية
أستراليا.. الآلاف يشاركون في مسيرة مؤيدة للفلسطينيين في سيدني
تحدى آلاف المتظاهرين، الأمطار الغزيرة وساروا عبر جسر هاربور الشهير في مدينة سيدني الأسترالية، الأحد، مطالبين بإحلال السلام وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب ويعيش أزمة إنسانية متفاقمة. وبعد مرور ما يقرب من عامين على اندلاع الحرب التي أودت بحياة أكثر من 60 ألف في غزة، تقول حكومات ومنظمات إنسانية إن نقص الغذاء يؤدي إلى تفشي الجوع في القطاع. وحمل بعض المشاركين في المسيرة، التي أطلق عليها منظموها "مسيرة من أجل الإنسانية"، أواني طهي كرمز للجوع، وشارك في المسيرة جوليان أسانج مؤسس موقع "ويكيليكس". وحاولت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز، ورئيس وزراء الولاية، الأسبوع الماضي، منع المسيرة من عبور الجسر، وهو معلم مهم في المدينة وطريق نقل رئيسي، بحجة أن عبور الطريق ربما يُسبب مخاطر أمنية واضطراباً في حركة النقل، وقضت المحكمة العليا للولاية، السبت، بإمكانية تنظيم المسيرة. وقالت شرطة نيو ساوث ويلز، إنها نشرت مئات من أفرادها وحثت المتظاهرين على التزام السلمية، وانتشرت الشرطة أيضاً في ملبورن، حيث خرجت مسيرة احتجاجية مماثلة. وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، إنه يؤيد حل الدولتين، مؤكداً أن رفض إسرائيل لدخول المساعدات وتسببها في قتل مدنيين "لا يمكن الدفاع عنه أو تجاهله".


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
ديميتري ميدفيديف.. "ظل بوتين" في دائرة "سجال نووي" مع ترمب
لم يكن ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بحاجة إلى منصب تنفيذي رفيع لإشعال جدل دولي واسع، ففي غضون أيام قليلة، دخل الرئيس الروسي السابق في سجال "نووي إعلامي" مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعدما وجّه تهديداً صريحاً بالتلويح بنظام "اليد الميتة"في إشارة لـ"الترسانة النووية السوفيتية التي تعمل دون شفقة"، وردّ ترمب سريعاً بنشر غواصتين نوويتين، واصفاً تهديد ميدفيديف بأنه "فاشل". ميدفيديف، الذي كان يُنظر إليه في السابق كرمز للإصلاح الهادئ في روسيا، عاد إلى الواجهة بخطاب لا يقل حدّة عن نبرات الحرب الباردة في أشد مراحلها. فالرجل الذي عُرف بوقاره القانوني وتحدّث ذات يوم عن "دولة القانون"، بات اليوم من أبرز الأصوات التي لا تتردد في الدفاع بشراسة عما تعتبره "الكرامة الروسية" المجروحة في أوكرانيا، والحنين المتقد إلى مجد إمبراطوري مضى. وديميتري ميدفيديف من الشخصيات البارزة في الحياة السياسية الروسية خلال العقدين الأخيرين، إذ تولّى رئاسة البلاد بين عامي 2008 و2012، ثم ترأس الحكومة من 2012 حتى 2020، ولا يزال يشغل دوراً مؤثراً كنائب لرئيس مجلس الأمن القومي الروسي. ويرى البعض في ميدفيديف نموذجاً لـ"التكنوقراطي الكفء" الذي يوازن بين القانون والسياسة، بينما يعتبره آخرون تجسيداً لفكرة "الرئيس بالوكالة" في نظام لا يزال خاضعاً لهيمنة فلاديمير بوتين المطلقة. وُلد ميدفيديف في 14 سبتمبر 1965 بمدينة لينينجراد (التي تُعرف اليوم بسانت بطرسبرج)، نشأ في أسرة متوسطة، وكان والده أستاذاً جامعياً في الكيمياء، ووالدته مدرسة لغة روسية، وبرز تفوقه الأكاديمي مبكراً، ما أهله للالتحاق بكلية الحقوق في جامعة لينينجراد التي تخرّج فيها عام 1987، ثم حصل على درجة الدكتوراه في القانون. ولاحقاً، عمل محاضراً في الجامعة نفسها حيث التقى عدداً من الشخصيات التي شكلت النواة الصلبة للنظام الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وكان من بينهم الرئيس بوتين، الذي أصبح لاحقاً حليفاً أساسياً له. الصعود السياسي والارتباط ببوتين بدأ ميدفيديف مسيرته الحكومية في أواخر تسعينيات القرن الماضي، إذ عمل مستشاراً قانونياً في ديوان رئاسة الجمهورية بعد تولي بوتين رئاسة الحكومة، ثم انتقل إلى إدارة شؤون الرئاسة، وأدار ملفات اقتصادية وتنظيمية. وفي عام 2000، بعد تولي بوتين منصب الرئيس، تسارع صعود ميدفيدف، إذ أصبح نائباً لرئيس ديوان الرئاسة، ثم رئيساً لمجلس إدارة شركة "جازبروم"، أحد أضخم الكيانات الاقتصادية الخاصة بالطاقة في روسيا والعالم. وفي عام 2005، تم تعيينه نائباً أول لرئيس الوزراء، وبرز كشخصية إصلاحية ذات توجهات اقتصادية ليبرالية نسبياً. ومع اقتراب نهاية الولاية الثانية لبوتين عام 2008، بدا ميدفيديف مرشحاً توافقياً لخلافته، ضمن ما عُرف بـ"الترتيب الدستوري" الذي سمح لبوتين بالاحتفاظ بالنفوذ من موقع رئيس الوزراء. تولى ميدفيديف الرئاسة رسمياً في مايو 2008، ليصبح بذلك أصغر رئيس لروسيا منذ نهاية الحقبة السوفيتية، وخلال ولايته الرئاسية، سعى إلى تقديم نفسه كرئيس إصلاحي يسعى إلى تحديث الاقتصاد الروسي وتخفيف الاعتماد على النفط والغاز، وركّز على تعزيز "الحداثة التكنولوجية" ومحاربة الفساد. وأطلق مبادرات لتوسيع الحريات الرقمية، ودافع عن استخدام الإنترنت كأداة للمساءلة المدنية، بل شجّع على الانضمام إلى شبكات التواصل الاجتماعي بنفسه. ومع ذلك، فإن الإصلاحات السياسية بقيت محدودة، ولم تصل إلى مرحلة التغيير الشامل، إذ ظل النظام المركزي القائم على شخصنة السلطة مستمراً. وشهدت فترة رئاسته أحداثاً بارزة، مثل الحرب مع جورجيا في عام 2008، والتي اتُهمت موسكو خلالها بالسعي لإعادة بسط نفوذها على الجمهوريات السوفيتية السابقة، وردّت روسيا على اتهامات الغرب بتأكيد "حقها في حماية أمنها ومصالحها الإقليمية". "رئيس بالنيابة" يعود إلى الظل في عام 2012، عاد بوتين إلى الكرملين رئيساً، بعد تعديلات دستورية سمحت له بذلك، وتولى ميدفيديف رئاسة الوزراء، وعلى الرغم من محاولاته الفردية لإثبات استقلاليته، إلا أن تلك الخطوة اعتُبرت بمثابة تأكيد على أن ميدفيدف لم يكن سوى "رئيس بالنيابة" بينما كان بوتين يقود كل شيء من خلف الكواليس. وخلال توليه رئاسة الحكومة الروسية حتى 2020، اتسم أداء ميدفيديف بالبراجاماتية، وأدار ملفات اقتصادية واجتماعية في فترة صعبة تخللتها عقوبات دولية على روسيا إثر ضم شبه جزيرة القرم في 2014، وانخفاض أسعار النفط. وتعرض لانتقادات داخلية تتعلق بتردي مستويات المعيشة وارتفاع معدلات الفساد. وفي يناير 2020، استقالت حكومة ميدفيديف بشكل مفاجئ، في خطوة فسّرها البعض بأنها جزء من إعادة ترتيب السلطة استعداداً لتعديلات دستورية أُقرت لاحقاً، سمحت لبوتين بالبقاء في السلطة حتى عام 2036. المواقف المتشددة بعد 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، برز ميدفيديف من جديد ولكن هذه المرة بوجه أكثر حدّة، إذ بدأ يصدر تصريحات نارية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل، داعياً إلى مواقف أكثر تشدداً تجاه الغرب، ومؤيداً للعمل العسكري باعتباره "دفاعاً عن روسيا". وفسر محللون سياسيون، هذا التحول كنوع من تعزيز الحضور السياسي للبقاء في دائرة النفوذ داخل الكرملين، في وقت أصبح الخطاب المتشدد هو السائد، في حين رآه آخرون محاولة للتخلص من صورته السابقة كرئيس إصلاحي معتدل. ويُعرف ميدفيديف بشغفه بالتكنولوجيا والروك الكلاسيكي، ويحتفظ بصورة الرجل التكنوقراطي أكثر من كونه زعيماً شعبوياً، ورغم توليه أعلى المناصب، لم يُعرف عنه القدرة على تعبئة الجماهير أو فرض رؤى شخصية متمايزة عن بوتين. ورغم خروجه من المشهد التنفيذي المباشر، إلا أن موقعه الحالي في مجلس الأمن الروسي، وخطابه السياسي الحاد، ربما يُشيران إلى استمرار دوره كأحد وجوه النظام، وإن لم يكن من صانعي القرارات الاستراتيجية. ويبقى ميدفيديف حالة سياسية محكومة بسقف المنظومة التي نشأ فيها، إذ تتقاطع سيرته مع تحولات روسيا من مرحلة ما بعد السوفييت إلى دولة بقيادة مركزية قوية، حيث لا يكون المنصب دائماً مرآة للنفوذ.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مسيرة حاشدة للتضامن مع غزة فوق جسر هاربور في سيدني
تحدَّى آلاف المتظاهرين الأمطار الغزيرة، وساروا عبر جسر هاربور الشهير، في مدينة سيدني الأسترالية، اليوم (الأحد)، مطالبين بإحلال السلام وإيصال المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزَّقته الحرب ويعيش أزمة إنسانية متفاقمة. وبعد مرور ما يقرب من عامين على اندلاع الحرب التي تقول السلطات الفلسطينية إنها قتلت أكثر من 60 ألف شخص في غزة، تقول حكومات ومنظمات إنسانية إن نقص الغذاء يؤدي إلى تفشي الجوع في القطاع. وحمل بعض المشاركين في المسيرة، التي أطلق عليها منظموها اسم «مسيرة من أجل الإنسانية»، أواني طهي رمزاً للجوع. وشارك في المسيرة جوليان أسانغ، مؤسس موقع «ويكيليكس»، وفق ما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. يعبر المتظاهرون بمن فيهم مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج (الثالث من اليسار) جسر ميناء سيدني خلال مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ضد الحرب الإسرائيلية ونقص الغذاء المستمر في قطاع غزة (أ.ف.ب) وحاولت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز ورئيس وزراء الولاية، الأسبوع الماضي، منع المسيرة من عبور الجسر، وهو مَعْلم مهم في المدينة وطريق نقل رئيسي، بحجة أن عبور الطريق ربما يُسبب مخاطر أمنية واضطراباً في حركة النقل. وقضت المحكمة العليا للولاية، أمس (السبت)، بإمكانية تنظيم المسيرة. وقالت شرطة نيو ساوث ويلز إنها نشرت مئات من أفرادها، وحثَّت المتظاهرين على التزام السلمية. وانتشرت الشرطة أيضاً في ملبورن؛ حيث خرجت مسيرة احتجاجية مماثلة. آلاف المتظاهرين يعبرون جسر ميناء سيدني خلال مسيرة من أجل الإنسانية لمجموعة العمل من أجل فلسطين في سيدني (د.ب.أ) وتصاعدت الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية. وأعلنت فرنسا وكندا أنهما ستعترفان بدولة فلسطينية، بينما أعلنت بريطانيا أنها ستحذو حذوهما ما لم تتعامل إسرائيل مع الأزمة الإنسانية وتتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وندَّدت إسرائيل بهذه الخطط، ووصفتها بأنها مكافأة لحركة «حماس»، التي تدير قطاع غزة، وقادت هجوماً على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، اندلعت بعده الحرب الإسرائيلية التي دمرت معظم القطاع. وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي إنه يؤيد حل الدولتين، مضيفاً أن رفض إسرائيل لدخول المساعدات وتسببها في قتل مدنيين «لا يمكن الدفاع عنه أو تجاهله»، لكنه لم يعترف بدولة فلسطين.