
البنوك المركزية الآسيوية تتخذ موقفاً حذراً تجاه تدخلات العملة
تشير التحركات الأخيرة في عدد من البنوك المركزية الكبرى في آسيا الناشئة إلى تراجع ملحوظ في وتيرة تدخلها في
سوق العملات
، وذلك في ظل تغيّرات لافتة في المشهد الاقتصادي العالمي. ففي الهند وماليزيا، قامت السلطات النقدية بتقليص بعض المراكز المشتقة التي اعتادت استخدامها للحد من قوة عملتيها. أما في تايوان، فقد تُرك المجال أمام العملة المحلية للارتفاع أمام الدولار، مع مؤشرات من البنك المركزي التايواني تفيد باستعداده لقبول مزيد من هذا الارتفاع طالما يتم بشكل "منظم". وفي كوريا الجنوبية، أنهى صندوق التقاعد الوطني، أحد أكبر المستثمرين في البلاد، دعمه للون بعد أشهر من التدخل المستمر.
وبحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ"، فإن أحد أبرز الأسباب وراء هذا التحول هو التراجع الملحوظ في سعر صرف الدولار، الذي فقد أكثر من 7% من قيمته هذا العام، مما خفف الضغط على عملات الأسواق الناشئة. كما يبرز عامل آخر يتمثل في الحذر المتزايد من رد فعل الإدارة الأميركية، في ظل تصاعد التوترات التجارية، واحتمال استخدام سياسات العملات كورقة تفاوضية. وفي هذا السياق، حذر مدير المحافظ في شركة "GAMA" لإدارة الأصول راجيف دي ميلو، من أن أي تدخل مفرط في أسواق العملات قد يُعرض الدول الآسيوية لاتهامات بالتلاعب من قِبل واشنطن، وهو ما قد تكون له تبعات سلبية، خصوصاً في مرحلة المفاوضات التجارية الحساسة.
هذا التغيير في النهج يعكس التأثير العميق للسياسات الأميركية على سلوك
الأسواق العالمية
، لا سيما منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة، حيث أدت تصريحاته المتكررة بشأن الرسوم الجمركية إلى تقلبات حادة في الأسواق المالية، وطرحت تساؤلات حول مستقبل الدولار كمحور رئيسي في النظام التجاري الدولي. وفي حين نفت إدارة ترامب وجود نية لإضعاف الدولار من خلال صفقات خفية.
في السياق، أكد كبير الاقتصاديين في البيت الأبيض ستيفن ميران تمسّك بلاده بسياسة "الدولار القوي"، فإن التحركات في الأسواق تشير إلى أن بعض الدول بدأت فعلاً تتهيأ لفترة أقل تدخلًا. وقد صعدت عملات عدة بشكل ملحوظ هذا العام؛ إذ ارتفعت العملة التايوانية بنسبة 11%، مسجلة أعلى أداء في المنطقة، تبعها الون الكوري بارتفاع يقارب 8%، والرينغيت الماليزي بنحو 5%. بينما تهاوى الدولار هذا العام أمام العملات الرئيسية، مسجلًا انخفاضات بنحو 10% مقابل كل من اليورو والفرنك السويسري، وفق "بلومبيرغ".
ويُرجّح مراقبون أن تستفيد هذه العملات أكثر مع تقليص التدخلات، لا سيما في الدول التي تتمتع بفوائض تجارية، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا. وفيما يستمر البنك المركزي التايواني في مراقبة السوق تحسباً للتقلبات، إلا أن الاتجاه العام يُظهر تساهلاً أكبر مع ارتفاع العملة المحلية. لكن هذا الاتجاه لا يسري على جميع الدول، ففي إندونيسيا، تدخل البنك المركزي لكبح تقلبات العملة وسط توترات إقليمية، بينما تبعث الفيليبين برسائل متضاربة بين رفض جدوى التدخل وإمكانية اللجوء إليه مجددًا في حال استمر تدهور البيزو. أما الصين، فلا تزال تسيطر بإحكام على مسار اليوان.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
البنوك المركزية قلقة وتترقب سياسات ترامب التجارية
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخزانة الأميركية، ورغم عدم تصنيف أي دولة كمُتلاعبة بالعملة في تقريرها الأخير، إلا أنها وضعت ست دول آسيوية — بينها الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، وتايوان — تحت المراقبة بعد أن استوفت اثنين من المعايير الثلاثة التي تعتمدها واشنطن لتقييم السياسات النقدية الخارجية، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
وفي ظل بيئة اقتصادية عالمية مضطربة، تستمر التوترات الجيوسياسية والتجارية في تشكيل أفق الأسواق المالية، حيث يظل الدولار الأميركي المحور الرئيسي لسعر الصرف العالمي. هذا العام شهد تراجعًا غير مسبوق لقيمة الدولار، مما أدى إلى تخفيف الضغوط على عملات الأسواق الناشئة في آسيا، التي لطالما اعتمدت على تدخلات نقدية نشطة للسيطرة على تقلبات أسعار صرفها وحماية اقتصاداتها من صدمات خارجية.
ومع تصاعد المخاوف من تداعيات النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة ودول آسيوية مثل الصين وكوريا الجنوبية، إضافة إلى تصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، باتت البنوك المركزية في هذه الدول تواجه تحديات جديدة في إدارة سياسات عملاتها. فالتدخل المكثف في سوق العملات قد يعرضها إلى مخاطر سياسية، خاصة في ظل رغبة الإدارة الأميركية في تجنب ما تصفه بـ"التلاعب بالعملات" كوسيلة لتعزيز الميزة التنافسية في التجارة الدولية.
وبحسب ما نقلت وكالة "بلومبيرغ"، فإن هذه التطورات دفعت عددًا من البنوك المركزية في آسيا إلى تقليص تدخلاتها، خاصة مع تراجع الدولار وتزايد التكهنات بأن ملف العملات سيكون جزءًا من المفاوضات التجارية القادمة بين واشنطن وشركائها. هذا التوجه الجديد يعكس رغبة في تقليل الاحتكاك السياسي مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على استقرار السوق، خاصة في ظل تقلبات متزايدة ناجمة عن الأزمات السياسية الإقليمية، مثل التوترات في الشرق الأوسط، وتأثيراتها على أسواق النفط والتمويل.
كما يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من الدول الآسيوية لموازنة مصالحها الاقتصادية الوطنية مع الضغوط الدولية، في وقت تشهد فيه سلاسل التوريد العالمية اضطرابات متكررة، وارتفاعًا في تكاليف التمويل، ما يفرض على البنوك المركزية اعتماد سياسات أكثر توازناً وحذراً تجاه تحركات أسعار العملات. وبذلك، تصبح التحديات أمام البنوك المركزية أكثر تعقيدًا، فهي مضطرة إلى التفاعل مع مؤثرات داخلية وخارجية متشابكة، في بيئة دولية تتسم بعدم اليقين السياسي والاقتصادي، ما يجعل مستقبل سياسات التدخل في سوق العملات غير واضح ويحتاج إلى تقييم مستمر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 33 دقائق
- العربي الجديد
الضربة الأميركية لإيران تهز سوق العملات المشفرة وإيثر تقود الهبوط
شهدت أسواق العملات المشفرة تقلبات حادة صباح الأحد في آسيا، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 تنفيذ ضربات جوية استهدفت ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران. وانخفضت عملة إيثر، ثاني أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية، بنسبة وصلت إلى 7.7% لتصل إلى نحو 2,200 دولار، وهو أدنى مستوى تسجله داخل اليوم منذ التاسع من مايو/ أيار الماضي، قبل أن تقلص بعض خسائرها لاحقاً خلال اليوم، بحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ. وفي المقابل، أظهرت عملة بيتكوين قدراً أكبر من الثبات، إذ تراجعت لفترة وجيزة دون مستوى 101,000 دولار، لكنها عادت إلى الاستقرار تقريباً بحلول الساعة 1:10 ظهراً بتوقيت سنغافورة. وبالنظر إلى أن الأسواق المالية التقليدية مغلقة في عطلة نهاية الأسبوع، كانت العملات المشفرة هي فئة الأصول الوحيدة التي تفاعلت مباشرة مع تداعيات الضربات الجوية. وقالت الشريكة المؤسسة لمنصة "أوربت ماركتس" المتخصصة في سيولة مشتقات العملات الرقمية، كارولين مورون، إن "الأسواق تتابع بقلق شديد تطورات التصعيد الجيوسياسي"، مشيرة إلى أنّ المستويات الفنية الحرجة القادمة ستكون عند 100 ألف دولار لعملة بيتكوين و2000 دولار لإيثر. وأضافت أنّ التركيز سيتحول بقوة إلى أسعار النفط عند افتتاح الأسواق التقليدية صباح الاثنين. طاقة التحديثات الحية صناديق التحوط تراهن على النفط وسط ضربات إسرائيل وإيران وتأتي هذه التطورات بعد إعلان ترامب أن الضربات استهدفت مواقع فردو ونطنز وأصفهان النووية، مؤكداً أن "حمولة من القنابل" أُسقطت على موقع فردو تحديداً، الذي يعد من أهم مواقع تخصيب اليورانيوم في البلاد. وفي حديثه عن خلفيات الانخفاض الحاد، قال الشريك العام في شركة "بانتيرا كابيتال مانجمنت" للاستثمار في الأصول الرقمية، كوزمو جيانغ، إنّ "حالة الترقب لاحتمال توجيه ضربة أميركية إلى إيران ساهمت في حالة بيع مكثف للأسواق على مدار الأسبوع وحتى عطلة نهاية الأسبوع". لكنه أضاف أن "تأكيد الضربة اليوم ربما يكون قد حدد قاعاً مؤقتاً للأسعار"، في إشارة إلى احتمال استقرار الأسواق مؤقتاً بعد امتصاص صدمة الحدث. وبحسب بيانات منصة "كوين غلاس" لتتبع مراكز المشتقات، فقد بلغت قيمة المراكز التي تم تصفيتها خلال الـ24 ساعة الماضية نحو 679 مليون دولار، منها حوالي 554 مليون دولار من مراكز الشراء الطويلة، و67 مليون دولار من مراكز البيع القصيرة. ما يعكس حالة ذعر بين المتداولين، خاصة أولئك الذين راهنوا على استمرار الصعود. واختتم جيانغ بالقول إنّ "بيتكوين غالباً ما تكون أول من يقود التعافي بعد الصدمات الجيوسياسية"، في إشارة إلى تاريخ العملة الرائدة في تجاوز الأزمات الكبرى، ما قد يدفع المستثمرين مجدداً نحو اعتبارها أصلاً للتحوط، حتى وسط تصاعد المخاطر العالمية.


العربي الجديد
منذ 35 دقائق
- العربي الجديد
ذعر في الأسواق العالمية من مخاطر الضربة الأميركية لإيران.. توقعات صادمة
أثارت الضربة الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد منشآت نووية إيرانية، فجر الأحد، موجة ذعر واسعة في الأسواق العالمية. ومع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الضربة استهدفت مواقع "حاسمة" في فوردو ونطنز وأصفهان، محذراً من ضربات إضافية إذا لم تمتثل إيران لخيارات السلام، انطلقت تحذيرات عاجلة من مؤسسات مالية واقتصادية عالمية، وسط توقعات صادمة تتحدث عن احتمال قفز أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل، وارتفاع التضخم الأميركي إلى 6%، وإلغاء وشيك لأي فرصة لخفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري، وفق تقديرات مؤسسات اقتصادية بارزة مثل "إكسفورد إيكونوميكس"، وتقديرات بأن الضربة الأميركية قد تحدث شللاً مؤقتاً في التجارة النفطية الدولية، خصوصاً إذا ردت طهران بإغلاق مضيق هرمز أو استهداف البنية التحتية للطاقة في الخليج . الأسواق تترقب الرد الإيراني وتترقب الأسواق العالمية الرد الإيراني على الضربة الأميركية، وسط سيناريوهات مفتوحة على احتمالات خطيرة تشمل إغلاق مضيق هرمز أو تعطيل إنتاج النفط الإيراني بالكامل. وقال كبير مسؤولي الاستثمار في شركة بوتوماك ريفر كابيتال، مارك سبيندل، إن الأسواق عند الافتتاح صباح غد الاثنين "ستشعر بصدمة أولى، والنفط سيفتتح على ارتفاع حاد"، موضحاً أن غياب التقييم الفوري لحجم الأضرار التي خلفتها الضربة يضيف مزيداً من الغموض حول المسار المقبل. وأضاف سبيندل، في تصريح لموقع "إيه بي بي لايف بزنس"، اليوم الأحد: "السؤال الآن ليس فقط: ماذا حدث؟ بل الأهم: ماذا سيحدث لاحقاً؟"، في إشارة إلى أن الأسواق ستبقى تحت ضغط التقلبات إلى حين اتضاح طبيعة الرد الإيراني ومسار التصعيد الجيوسياسي. ويرى كبير مسؤولي الاستثمار في شركة كريست كابيتال، جاك أبْلين، أن الضربات الأميركية على المنشآت الإيرانية أضافت "طبقة معقدة من المخاطر" إلى ساحة قرار السياسة النقدية، مؤكداً أن ارتفاع أسعار الطاقة الآن سيتحول بسرعة إلى معدلات تضخم أكبر. وأضاف أبْلين، بحسب "إيه بي بي لايف بزنس": "هذا بالتأكيد سيؤثر بأسعار الطاقة، وقد ينعكس على التضخم أيضاً"، مشيراً إلى أن هذا العامل قد "يعقد خطط البنوك المركزية لخفض الفائدة". وأضاف: "السوق الآن لا يمكنه تجاهل الأثر المتوقع لارتفاع الوقود على حركة المستهلكين، خصوصاً في ظل ضعف النمو العالمي". أسواق التحديثات الحية الضربة الأميركية لإيران تهز سوق العملات المشفرة وإيثر تقود الهبوط تقديرات أولية وبحسب تقديرات شركة آي بي كيه آر، وهي واحدة من أكبر شركات الوساطة المالية العالمية المتخصصة في تداول الأسهم والمشتقات، ومؤسسة ويدبوش سيكيوريتيز، وهي شركة خدمات مالية أميركية بارزة تعنى بتحليلات الأسواق وإدارة الأصول، فإن التصعيد العسكري بين أميركا وإيران، رغم ما يحمله من تقلبات حادة في أسواق الأسهم، لا يعني بالضرورة انهياراً طويل الأمد، لكنه يعيد الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار إلى الواجهة بقوة. وقال كبير استراتيجيي السوق في آي بي كيه آر، ستيف سوسنيك، إن "الهروب نحو الأمان سيدفع عوائد السندات الأميركية إلى الهبوط، ويقوي الدولار مؤقتاً"، موضحاً أن المسار النهائي للأسواق سيعتمد على ردّ إيران ومدى ارتفاع أسعار النفط. أما مؤسسة ويدبوش، فنقلت عن بيانات كاب آي كيو برو، أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تراجع تاريخياً بنسبة 0.3% فقط خلال أول ثلاثة أسابيع من الأزمات الجيوسياسية، لكنه عاد وارتفع بمتوسط 2.3% بعد شهرين، كما حدث في غزو العراق 2003 وهجمات أرامكو 2019. ويشير هذا التحليل إلى أن "الهدوء الدبلوماسي السريع" قد يكون شرط الأسواق الوحيد للتعافي القصير والمتوسط المدى. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بما يصل إلى 18 بالمئة منذ 10 يونيو/ حزيران لتبلغ أعلى مستوى لها في خمسة أشهر تقريباً عند 79.04 دولاراً يوم الخميس، إلا أن المؤشر ستاندرد أند بورز 500 لم يشهد تغيراً يذكر بعد انخفاضه في بداية الهجمات الإسرائيلية على إيران في 13 يونيو/ حزيران. طاقة التحديثات الحية صناديق التحوط تراهن على النفط وسط ضربات إسرائيل وإيران ثلاثة سيناريوهات قبل الهجوم الأميركي على إيران، وضع محللون في أوكسفورد إيكونوميكس ثلاثة سيناريوهات تراوح بين خفض التصعيد في الصراع، والتعليق الكامل للإنتاج الإيراني، وإغلاق مضيق هرمز. وقالت المؤسسة في مذكرة، وفقاً لرويترز، إن "لكل منها تأثيرات كبيرة متزايدة على أسعار النفط العالمية". وأضافت أنه في أسوأ الحالات، ستقفز أسعار النفط العالمية إلى نحو 130 دولاراً للبرميل لتدفع التضخم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من ستة بالمئة بحلول نهاية هذا العام. وقالت أوكسفورد إيكونوميكس في المذكرة التي صدرت قبل الضربات الأميركية: "على الرغم من أن صدمة الأسعار ستؤدي حتماً إلى إضعاف الإنفاق الاستهلاكي بسبب تضرر الدخل الحقيقي، فإن أي فرصة لخفض أسعار الفائدة الأميركية هذا العام ستتدمر بسبب مدى زيادة التضخم والمخاوف من تداعيات لاحقة من التضخم". وفي تعليقاته بعد الضربة الأميركية لإيران، رجح جيمي كوكس، الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية، أيضاً صعود أسعار النفط بسبب الأنباء الأولية. لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة، لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل والولايات المتحدة. وقال كوكس: "مع هذا الاستعراض للقوة والإبادة الكاملة لقدراتها النووية، فقدوا كل نفوذهم، ومن المحتمل أن يستسلموا ويوافقوا على اتفاق للسلام". ويحذر الاقتصاديون من أن ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط قد يضر بالاقتصاد العالمي الذي يعاني بالفعل من ضغوط بسبب رسوم ترامب الجمركية. ومع ذلك، يشير التاريخ إلى أن أي تراجع في الأسهم قد يكون عابراً. فخلال الأحداث البارزة السابقة التي أدت إلى أوضاع ملتهبة في الشرق الأوسط، مثل غزو العراق عام 2003 والهجمات على منشآت النفط السعودية في عام 2019، تراجعت الأسهم في البداية، لكنها سرعان ما تعافت لترتفع في الأشهر التالية.


العربي الجديد
منذ 38 دقائق
- العربي الجديد
شراء الخضراوات بالحبة في أسواق غزة
تشهد أسواق قطاع غزة ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الخضراوات ، وسط مشاهد مأساوية تلخص حجم الانهيار في السلة الغذائية بعد نحو عشرين شهراً من الحرب المستمرة، التي دمرت معظم الأراضي الزراعية في القطاع وأفقدت السكان أبسط مقومات الأمن الغذائي. وباتت الخضراوات تباع بالحبة الواحدة في الأسواق في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية، حيث فاقت أسعار الحبة الواحدة من بعض الأصناف سعر الكيلوغرام قبل الحرب، في وقت يعاني فيه الغزيون من شبح المجاعة. وأرجع مزارعون ومختصون هذا الارتفاع الحاد إلى التدمير الواسع الذي طاول الأراضي الزراعية ونقص المستلزمات الأساسية للإنتاج، بجانب الإغلاق المستمر للمعابر الذي يمنع إدخال الأسمدة والبذور والمبيدات والمياه والطاقة، ضمن حملة ممنهجة لتجويع السكان وضرب ما تبقى من الاقتصاد المحلي. في تقرير سابق، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن أقل من 5% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة ما زالت صالحة للزراعة ويمكن الوصول إليها، وذلك بعد تحليل مشترك أجرته مع مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية (يونوسات) حتى نهاية إبريل/ نيسان الماضي. ووفقاً للتقرير، فإن 80% من الأراضي الزراعية في القطاع باتت متضررة، ولم يعد بالإمكان الوصول إلى 77.8% منها، ما يعني أن ما تبقى من الأراضي الصالحة لا يتجاوز 688 هكتاراً فقط. كما أشارت "فاو" إلى أن أكثر من 82% من الآبار الزراعية تضررت، مقابل 67% في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ما فاقم من معاناة المزارعين وقلّص القدرة على الإنتاج الغذائي. اقتصاد عربي التحديثات الحية روسيا تمنح 30 ألف طن من القمح لغزة وكان المزارع الفلسطيني رامي الأسطل، من منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس جنوبي القطاع، يمتلك قبل الحرب 60 دونماً مزروعة بمختلف أصناف الخضراوات، لكنه اليوم بالكاد يستطيع زراعة أربعة دونمات بسبب الدمار وغياب الإمكانات. وقال الأسطل لـ"العربي الجديد" إن مناطق زراعية واسعة في رفح وشمال غزة خرجت من دائرة الإنتاج بالكامل، مشيراً إلى أن تكاليف الزراعة أصبحت باهظة إلى حد غير معقول، مضيفاً: "سعر الدواء الزراعي الذي لم يكن يتجاوز 60 شيكلاً (الدولار يساوي 3.6 شيكلات) قفز إلى أكثر من 1500 شيكل، وعربة السماد العضوي ارتفعت من 300 شيكل إلى ما يزيد عن 15 ألف شيكل، أما البذور، فإما مفقودة أو أسعارها تجاوزت عشرة أضعاف ما كانت عليه". وأكد الأسطل أن ارتفاع أسعار النايلون المستخدم في تغطية البيوت البلاستيكية، وتكاليف النقل الباهظة، وعدم توفر الوقود والمياه، كلها أسباب أسهمت في تقليص المساحات المزروعة وارتفاع جنوني في الأسعار. من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الزراعة بغزة محمد أبو عودة أن الحرب دمّرت 85% من الأراضي المزروعة بالخضراوات، مشيراً إلى أنها كانت تشكل قبل الحرب نحو 42% من إجمالي الإنتاج الزراعي، وتُصدّر منها 60 ألف طن سنوياً بقيمة سوقية تبلغ 66.1 مليون دولار. وقال أبو عودة، لـ"العربي الجديد"، إن المساحة المزروعة بالخضراوات انخفضت من 85 ألف دونم قبل الحرب إلى سبعة آلاف فقط حالياً، وانخفض عدد الأصناف المنتجة من 40 صنفاً إلى 17 فقط، في وقت باتت فيه المستلزمات الزراعية ممنوعة من الدخول بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد. اقتصاد الناس التحديثات الحية أزمة السيولة تفاقم غلاء غزة... سعران للسلعة وأشار إلى أن غياب مصادر الطاقة البديلة لتشغيل الآبار وندرة المياه وارتفاع تكلفة المبيدات والأسمدة وشبكات الري، كلها عوامل تقف عائقاً أمام استعادة أي شكل من الإنتاج الزراعي. في الأثناء، ذكر المختص في الشأن الاقتصادي محمد بربخ أن تكاليف الإنتاج الزراعي في غزة ارتفعت بالمتوسط بنحو 1200%، ما ضاعف من أسعار الخضراوات بشكل غير مسبوق، مؤكداً أن تدمير القطاع الزراعي يمثل ضربة للاقتصاد الفلسطيني ككل، بعدما كان يشكل 13% من الناتج المحلي وانخفض اليوم إلى أقل من 2%. وقال بربخ لـ"العربي الجديد" إن القطاع كان يتمتع باكتفاء ذاتي في الخضراوات بنسبة 120%، إلا أن الحرب دمرت هذه المنظومة، وحوّلت غزة إلى منطقة تعاني من ندرة الغذاء، في ظل تعمد الاحتلال منع وصول أي دعم حقيقي للقطاع الزراعي أو الغذائي. وأضاف: "ما يجري في غزة يتجاوز حدود الدمار المادي ليصل إلى القضاء الممنهج على السلة الغذائية للقطاع وسط حملة تجويع تستخدم الغذاء سلاحاً في وجه السكان، ومع استمرار إغلاق المعابر واستحالة الوصول إلى الأراضي الزراعية وغياب أي أفق للإعمار أو الإنتاج، يعيش السكان مجاعة حقيقية تهدد حياتهم".