
من ألاسكا.. هل نشهد نهاية الحرب الروسية الأوكرانية؟
الخسائر البشرية والمادية فادحة، والآثار النفسية والسياسية تتجاوز حدود الجغرافيا. ومع تصاعد الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا، وتوسع حلفاء روسيا في دعمها، خصوصا الصين وكوريا الشمالية وإيران، بات يلوح في الأفق شبح حرب عالمية ثالثة، قد تندلع من قلب أوروبا وتمتد إلى أطراف العالم، وهو أمر تدركه الإدارة الأميركية جيداً.
وفي الحقيقة الشرق الأوسط ليس بمنأى عن تداعيات هذا الـصراع، فقد أثرت الحرب على أسعار الطاقة العالمية، وأعادت تشكيل التحالفات الجيوسياسية، وفتحت الباب أمام أزمات اقتصادية وأمنية في المنطقة. ومع هذا التوتر المتزايد، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب دبلوماسي محوري، ونجحت في فبراير 2025 في استضافة أول لقاء رسمي بين روسيا والولايات المتحدة منذ سنوات في العاصمة الرياض، ولأول مرة تتفق القوى العظمى على عقد المفاوضات في الرياض كوسيط وثيق ومستقل يرغب في رؤية نهاية لهذا الصراع المدمر. هذا اللقاء، الذي جمع وزيري خارجية البلدين وكبار مستشاري الأمن القومي، لم يكن مجرد حدث بروتوكولي، بل خطوة استراتيجية هدفت لكسر الجمود السياسي وفتح قنوات الحوار لإنهاء الحرب التي وعد الرئيس ترامب بإيجاد حل لها كأولية قصوى لإدارته.
المخاطر الحالية كبيرة وحقيقية، وهناك إجماع من مراكز الأبحاث الدولية على أن الحرب الروسية الأوكرانية تمثل أخطر مواجهة عسكرية تقليدية في أوروبا منذ الحرب الباردة، وتُعد اختبارًا مصيريًا لصلابة النظام الدولي القائم على القواعد في القرن الحادي والعشرين. وبحسب دراسة صادرة عن مركز الدراسات العربية الأوراسية، فإن تعثّر المفاوضات لا يؤدي فقط إلى إطالة أمد القتال، بل يفتح الباب أمام دوامة تسلّح متصاعدة، ويعيد تشكيل أسواق الطاقة، ويكشف هشاشة منظومات الحوكمة الدولية. كما أن غياب التوازن الميداني وضمانات أمنية واضحة، إلى جانب ضعف الإرادة السياسية في موسكو وكييف، يجعل أي جهود دبلوماسية رهينة الفشل المتكرر. وتُحذر الدراسة من أن استمرار هذا الصراع قد يؤدي إلى تفكك آليات الضبط الجماعي، ويُسرّع من انهيار مؤسسات التعاون الدولي التي شُيّدت بعد الحرب العالمية الثانية، ما ينذر بمرحلة جديدة من الانقسامات الجيوسياسية والتصدّعات الاقتصادية، تمتد آثارها إلى آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا.
كما أن هناك مخاوف أوروبية كبيرة جدا من المخاطر الكبيرة التي فجرها هذا الصراع، خصوصا مع تغير ميزان القوى على الأرض في أوكرانيا وبروز تحالف كبير ومناهض للقيم الأوروبية، وبحسب مراكز الأبحاث الغربية استمرار هذا النزاع قد يؤدي إلى انهيار منظومة الأمن الأوروبي بالكامل، ويفتح الباب أمام سباق تسلّح جديد يعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة. وأشار تقرير صادر عن تشاتام هاوس البريطاني إلى أن أي تسوية مع موسكو دون محاسبة واضحة قد تُضعف الردع الدولي وتُشجع على مزيد من العدوان". ويرى ماثيو بلاكبيرن من المعهد النرويجي للشؤون الدولية أن الحرب وصلت إلى حالة جمود خطيرة، وأنه لا يمكن لأي طرف أن يحقق نصرًا حاسمًا، مما يجعل خطر التصعيد الإقليمي والدولي أكثر واقعية من أي وقت مضى.
أما في الولايات المتحدة، فهناك ترقب وخشية من أن إطالة أمد الحرب قد تُجهد موارد حلف الناتو، وتُضعف قدرة الغرب على الاستجابة لأزمات أخرى، مثل التوترات في بحر الصين الجنوبي أو الملف النووي الإيراني.
ويبدو أن مكمن القلق هو توسع المحور الروسي بدعم مباشر من قوى شرقية مثل الصين، وكوريا الشمالية، وإيران. هذا التحالف غير المعلن يعزز من قدرة موسكو على الصمود عسكريًا واقتصاديًا، ويُضعف فعالية العقوبات الغربية، ويعيد تشكيل المشهد الدولي على نحو يهدد النظام القائم على القواعد، فالصين تمد روسيا بالدعم التكنولوجي والاقتصادي، وكوريا الشمالية توفر الذخائر والأسلحة التقليدية والجنود، بينما تواصل إيران دعمها عبر الطائرات المسيّرة والخبرات العسكرية، وروسيا بدورها تتقدم على الأرض.
ومن هذا المنطلق، هناك إجماع أميركي وغربي على ضرورة وقف الصراع، وما لم يكن مقبولا به سابقا قد تقبل به أوروبا اليوم، وهي نصيحة صادقة وجهها ترامب للرئيس الأوكراني بالقبول بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات سلام مباشرة، فإنهاء الحرب الآن خطوة استراتيجية تهدف لفك هذا التحالف المتنامي، وإعادة تركيز الولايات المتحدة وأوروبا على احتواء التمدد الصيني، واستعادة زمام المبادرة في النظام الدولي الذي بات مهددًا بالتفكك.
رؤية ترامب في اجتماع ألاسكا هي إقناع أوكرانيا بتجميد القتال وفتح باب المفاوضات، مع تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا دون انضمامها إلى حلف الناتو، مقابل اعتراف ضمني ببقاء بعض الأراضي تحت السيطرة الروسية.
وما يثير الاهتمام في هذه المبادرة هو البُعد الاستراتيجي الأوسع، إذ تسعى الإدارة الأميركية لفصل روسيا عن الصين، في محاولة لضبط التوازنات الجيوسياسية العالمية، ومنع تشكّل محور شرقي مناهض للنفوذ الأميركي والغربي.
هناك تشاؤم في أوروبا بعد قمة ألاسكا وجمود في المبادرات الدولية، وهو ما يبرز الحاجة إلى دعم جهود الرئيس الأميركي، الذي يسعى بصدق إلى إنهاء هذا النزاع عبر تسوية شاملة تعيد التوازن إلى أوروبا، وتفكك التحالفات الخطيرة، وتمنح العالم فرصة لتفادي أخطر صراع دولي منذ عقود.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 39 دقائق
- عكاظ
ترمب: روسيا موافقة على قبول الضمانات الأمنية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اليوم (الإثنين) موافقة روسيا على قبول ضمانات أمنية، معرباً عن تفاؤله بالتوصل لوقف الحرب على أوكرانيا. وقال ترمب خلال استقباله قادة دول أوروبية وزيلينسكي لبحث السلام في أوكرانيا إنه سيعقد اجتماعاً آخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويمكن للقادة الأوروبيين حضوره، مضيفاً: نرغب بإحلال سلام دائم في أوكرانيا ووقف إطلاق النار. وأشار إلى أنه يسعى للتوصل إلى حل يرضي الشعبين الروسي والأوكراني، مبيناً أنه سيناقش مسألة تبادل الأراضي بين أوكرانيا وروسيا خلال الاجتماع. ولفت إلى أنه سيحاول عقد لقاء ثلاثي بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا بأسرع وقت، مشدداً بالقول: هدفنا الأول وقف الاقتتال وإنهاء الحرب في أوكرانيا. وشدد ترمب بالقول: أي قرار بشأن الأراضي سيتخذه زيلينسكي بالاتفاق مع بوتين، وسنعمل من أجل سلام دائم في أوكرانيا، لكن حتى الآن هذا لم يحصل، مبيناً أن الدول الأوروبية ستتحمل العبء الأكبر في الضمانات الأمنية لأوكرانيا. ولفت إلى أن بوتين يرغب في تحقيق شيء ما من أجل التسوية، ووافق على منح ضمانات أمنية لأوكرانيا. وتابع ترمب: خلال أسبوع أو اثنين سنعرف إمكانية التوصل لحل بشأن أوكرانيا، موضحاً أن بوتين يبحث عن أجوبة لبعض الأسئلة. وشدد ترمب بالقول: كل المسائل المعقدة يمكن حلها، ولدي علاقات مع بوتين تسمح بذلك. بالمقابل، قال الرئيس الأوكراني فولو ديمير زيلينسكي: مسألة الأراضي يمكن مناقشتها في الاجتماع الثلاثي مع بوتين، موضحاً أنه أطلع ترمب على الوضع الميداني على الخريطة. وتحدث خلال الاجتماع المستشار الألماني فريدرش ميرتس قائلاً: مسار السلام بين أوكرانيا وروسيا بات مفتوحاً لكن هناك تعقيدات، فيما رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن هناك رغبة مشتركة للوصول لاتفاق سلام عادل ومستدام بأوكرانيا. من جهته قال الأمين العام للناتو مارك روته: نتمنى التوصل لاتفاق سلام وإنهاء الحرب بأوكرانيا بأسرع وقت، مبيناً أن ترمب كسر عقدة الحوار مع بوتين. بدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: نريد وقفاً فورياً لإطلاق النار وتقوية الجيش الأوكراني، موضحاً أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا مهمة لأمن أوروبا بالكامل. وأضاف: جميعنا نفضل خيار السلام، وفكرة الاجتماع الثلاثي مهمة جداً. في الوقت ذاته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر: الوقت حان لإحداث تغيير حقيقي بشأن الحرب في أوكرانيا، مضيفاً: سنحاول تحقيق تقدم حقيقي بخصوص الضمانات الأمنية لأوكرانيا. وأشار إلى أن أمن أوكرانيا مرتبط بأمن أوروبا والمملكة المتحدة. في حين قالت رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ملوني: يجب ضمان عدم تكرار الحرب بعد التوصل لاتفاق سلام بأوكرانيا، وندعم جهود ترمب لتحقيق السلام. أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 42 دقائق
- الشرق السعودية
ترمب يستقبل زيلينسكي.. ويؤكد انفتاحه على "توفير الأمن" لأوكرانيا
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إن الولايات المتحدة ستقوم "بمساعدة" أوروبا في توفير الأمن لكييف في إطار أي اتفاق لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا، وذلك خلال اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض. وأعرب ترمب عن أمله في أن تؤدي اجتماعاته مع القادة الأوروبيين في وقت لاحق، الاثنين، إلى اجتماع ثلاثي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزيلينسكي، مضيفاً أنه يعتقد أن بوتين يريد إنهاء الحرب. وقال ترمب، إنه سيجري مكالمة هاتفية مع بوتين بعد اجتماعات البيت الأبيض مع عدد من القادة الأوروبيين. وأضاف: "تحدثت للتو إلى بوتين بشكل غير مباشر". واستقبل ترمب زيلينسكي خارج البيت الأبيض، وتصافحا معبراً عن إعجابه ببدلته السوداء، التي تعد تغييراً عن ملابسه العسكرية المعتادة. وعندما سأله أحد المراسلين عن الرسالة التي يود أن يوجهها إلى شعب أوكرانيا، قال ترمب مرتين "نحن نحبهم". وأضاف: "أحب الجميع، وأحب الشعب الروسي أيضاً". وجاء لقاء ترمب مع زيلينسكي قبل اجتماع موسع يشارك فيه عدد من القادة الأوروبيين، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو". وقال زيلينسكي خلال اجتماعه مع ترمب في البيت الأبيض: "نحن بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب، وإيقاف روسيا، ونحتاج إلى الدعم من الشركاء الأميركيين والأوروبيين". "نريد صفقة شاملة لوقف الحرب" وأبدى الرئيس الأميركي إعجابه بـ "فكرة" وقف إطلاق النار، لكنه قلّل من دعوته السابقة إلى ذلك، مفضلاً التفاوض على اتفاق سلام أوسع. وقال ترمب إن "الصفقة الشاملة لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا أفضل من وقف النار"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة يمكن أن تحاول التفاوض لإنهاء الأزمة الأوكرانية دون الحاجة إلى هدنة تؤدي إلى توقف القتال. وأضاف ترمب أنه سيناقش مع زيلينسكي والقادة الأوروبيين في اجتماعات البيت الأبيض "ضمانات الأمن لأوكرانيا". ولم يستبعد ترمب أيضاً إرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا كجزء من الضمانات الأمنية ضمن اتفاق السلام المحتمل. وقال: "سنبلغكم بذلك، ربما في وقت لاحق اليوم". وقد يُحدث انفتاح ترمب على السماح للقوات الأميركية بالتواجد في أوكرانيا تحولاً كبيراً، حيث تعتبر كييف الضمانات الأمنية أمراً بالغ الأهمية لأي اتفاق سلام محتمل مع روسيا. وأكد ترمب أن الدعم الأميركي لأوكرانيا سيستمر بغض النظر عن نتائج اجتماعاته مع زيلينسكي والقادة الأوروبيين. بدوره قال زيلينسكي إنه مستعد لحوار ثلاثي يشمل بوتين. وأضاف أنه "بعد وقف الحرب سنكون بحاجة لتطوير قدرات الجيش الأوكراني". ويسعى زيلينسكي إلى وقف فوري لإطلاق النار من أجل إجراء محادثات سلام أعمق. وكان ترمب أيد ذلك في السابق، لكنه غيّر مساره بعد القمة مع بوتين في ألاسكا، وأشار إلى دعمه للتفاوض على اتفاق شامل في ظل استمرار القتال.


مباشر
منذ ساعة واحدة
- مباشر
قمة بالبيت الأبيض.. ترامب متفائل بفرص إنهاء الحرب وزيلينسكي يدعو لسلام عاجل
مباشر: استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، اليوم الاثنين، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحضور عدد من القادة الأوروبيين، لبحث سبل إنهاء الحرب الأوكرانية. وقال ترمب في تصريحات عقب الاجتماع، إن المباحثات كانت "جيدة ومثمرة"، مشددًا على أن اللقاء يمثل "اجتماعًا في غاية الأهمية"، معربًا عن تفاؤله بوجود فرصة حقيقية لإنهاء الحرب. وأضاف: "أعتقد أن الرئيس بوتين يريد إنهاء الحرب، ونحن نريد إنهاءها بما يحقق صالح الجميع". وأكد ترامب، أن الولايات المتحدة ستعمل مع روسيا وأوكرانيا لتحقيق سلام ناجح ومستدام، مشيرًا إلى أن المفاوضات تناولت الضمانات الأمنية، حيث ستكون أوروبا خط الدفاع الأول عن أوكرانيا، على أن تشارك واشنطن في ذلك أيضًا. ومن جانبه، قال زيلينسكي إن بلاده "ترغب بوقف الحرب"، معلنًا استعداده لعقد اجتماع ثلاثي مع روسيا، وأبدى انفتاحه على إجراء الانتخابات بعد تحقيق الأمن والسلام. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا