
"رأس شقير"... صفقة إنقاذ مالي لمصر عبر رهن الأراضي
شرعت وزارة
المالية المصرية
في إعداد خطة لإصدار صكوك سيادية، تستهدف جمع ما بين تريليون إلى 3.6 تريليونات جنيه، لتمويل العجز المتوقع في
الموازنة العامة
، خلال العام المالي 2025/ 2026، الذي يبدأ بعد أكثر من أسبوعين بمطلع يوليو/ تموز المقبل.
وكشفت مصادر اقتصادية عن مواجهة الحكومة أزمة مالية خانقة، على غرار ما مرت به عام 2024، أدت إلى بيع نحو 40 ألف فدان بمدينة رأس الحكمة على شاطئ البحر المتوسط لصندوق أبوظبي السيادي، ودفعتها إلى استصدار قرار رئاسي للتصرف في أصول عامة جديدة، بمنطقة رأس شقير على ساحل البحر الأحمر، على مساحة تصل إلى 41 ألف فدان (نحو 174 كلم2)، لتكون وسيلة إنقاذ مالي جديدة.
أكدت المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد" أن الحكومة ستلجأ إلى إصدار صكوك سيادية، لبيع أرض رأس شقير للمستثمرين على المشاع، تتحول في مراحل لاحقة إلى أسهم بكيانات استثمارية واضحة، مع التوسع في عمليات التأجير وحق الانتفاع المؤقت، للحد من المعارضة الشعبية لبيع الأراضي المصرية للأجانب.
ظهرت مخططات "المالية" عقب نشر جريدة "الوقائع" الرسمية، الثلاثاء الماضي، قراراً جمهورياً بتخصيص مساحة 174,399 كيلومتراً مربعاً تطل مباشرة على البحر الأحمر، من المساحات المملوكة لدولة مصر ملكية خاصة لصالح وزارة المالية، من أجل استخدامها في خفض الدين العام للدولة، وإصدار الصكوك السيادية، وفقاً للقوانين والقواعد المعمول بها في هذا الشأن.
نص القرار الموقع من الرئيس عبد الفتاح السيسي في 4 يونيو/ حزيران الجاري، على أن تحتفظ القوات المسلحة بملكيتها للأراضي الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية داخل حدود المساحة المبينة في القرار. تمتد المساحة الخاضعة لأحكام القرار من منطقة رأس شقير إلى رأس جمسة السياحية على ساحل البحر الأحمر (شرق)، تمهيداً لطرحها أمام مستثمرين محليين وأجانب، بنظام حق الانتفاع أو على غرار صفقة مدينة رأس الحكمة الجديدة على ساحل البحر المتوسط، التي أبرمت بين مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار في مارس/ آذار 2024.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
تشكيل مجلس التنسيق المصري - السعودي برئاسة السيسي وبن سلمان
وحول صدور القرار الرئاسي دون مروره على مجلسي الشيوخ والنواب وإقراره من نواب المجلسين، قال البرلماني ناجي الشهابي إن القرار الجمهوري "قرار إداري" له سلطة تنفيذية، لا يمكن للبرلمان أن يتعرض لها، وفقاً للدستور الذي يقر بمبدأ الفصل بين السلطات.
أضاف الشهابي أنه في حالة اعتراض أي نائب أو مواطن على القرارات الجمهورية، فإن الدستور لم يحصن السلطة التنفيذية من حق الطعن في قراراتها أمام القضاء المختص، وفي هذه الحالة يتولى "مجلس الدولة" الفصل في تلك القضايا، مشيراً إلى حق رئيس الجمهورية في إصدار قرارات بقوة القانون في حالة عدم انعقاد البرلمان، بشرط أن تعرض القوانين التي أصدرت في غيابه، خلال 15 يوما من عودته للانعقاد مرة أخرى.
يعتبر الخبير الاقتصادي هاني توفيق قرار تخصيص أرضي رأس شقير لوزارة المالية، بهذه المساحة الهائلة مجرد وسيلة تمكن "المالية" من إصدار صكوك قائمة على توريق الإيرادات المستقبلية، عبر منح الأرض بنظام حق الانتفاع للمستثمرين لفترات زمنية محددة، مؤكداً في تصريحات صحافية أن الهدف من ذلك يرجع إلى رغبة الحكومة في سداد نحو تريليون جنيه من مديونية الدولة، ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة الدين العام وخفض أعبائه.
تخطت ديون الدولة 12 تريليون جنيه، بما يزيد عن قيمة الناتج القومي الاجمالي، بينما شهدت ديون مصر الخارجية ارتفاعاً بنسبة 1.5% على أساس ربع سنوي، إلى 155.2 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي (2024/ 2025)، مقارنة بـ152.9 مليار دولار في نهاية العام المالي (2023/ 2024)، وفق بيانات البنك المركزي الرسمية.
شكلت الديون متوسطة وطويلة الأجل نحو 82% من إجمالي الدين الخارجي للبلاد، إذ بلغت نحو 127.5 مليار دولار، بينما شكلت الديون قصيرة الأجل 27.7 مليار دولار المتبقية.
برر الخبير الاقتصادي ورئيس هيئة الرقابة المالية السابق شريف سامي القرار الجمهوري بتخصيص أرض رأس شقير لوزارة المالية، بأن الغرض النهائي منه تعظيم العائد عن أصول تتمتع بها الدولة الناتجة من هبة ربانية، واستغلال عوائدها بما يفيد الشعب والحكومة في تخفيف الدين العام بسداده أو خفض قيمته، حتى لا تظل الدولة تحت رحمة الجهات المقرضة.
موقف
التحديثات الحية
لغز تراجع سعر الدولار ثم قفزته في مصر
قال سامي لـ"العربي الجديد" إن هذا القرار ليس الأول من نوعه في مصر، مشيراً إلى سابقة تنفيذه في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، حينما أوشكت شركة "المقاولون العرب" المملوكة للدولة على الإفلاس والتوقف عن العمل، بسبب تراكم الديون الحكومية وعدم قدرتها على دفع مستحقات مقاولي الباطن والموردين، مع تعريض أموال المواطنين والبنوك التي تتعامل معها لأزمات مالية خطيرة، فأصدر مبارك قراراً عام 2008 بمنح 11 ألف فدان لـ"المقاولون العرب" لتشكل كياناً اقتصادياً باسم "شركة المستقبل للتنمية العقارية" مكنها عام 2010، من توريق تلك الأصول، لدى البنوك والجهات الدائنة، وحل مشاكلها المالية، ما أنقذها من حالة التعثر المالي.
يبدي سامي تأييده لفكرة توظيف الأصول العامة، عبر طرحها للبيع أمام المصريين أو الأجانب، أو تخصيصها بحقها في الانتفاع لمدد زمنية طويلة، مؤكداً قدرة هذه المناطق الشاطئية على جذب المزيد من الاستثمارات في قطاع السياحة واللوجستيات، بما يجلب العملة الصعبة وحركة استثمار واسعة، تساعد الدولة على تحسين الأداء الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
يرفض سامي وضع قيود على شراء الدول الخليجية أو الأجنبية لتلك المناطق، باعتبارها أصولاً غير قابلة للانتقال إلى أماكن أخرى، مع قدرة الدولة على السيطرة عليها في حالة تعريض مصالحها للخطر، بقرارات سيادية، مشيراً إلى انفتاح أسواق السعودية والإمارات أمام تملك المستثمرين المصريين والأجانب، للأراضي والمشروعات العقارية، وعلينا أن نعمل مثلهم. يشترط الخبير الاقتصادي أن تستغل الحكومة موارد بيع الأرض أو عوائد الصكوك السيادية، في سداد الدين المتراكم بشدة على الموازنة العامة، وعدم إهداره في مصروفات غير مدرة للعائد، مثل دعم المواد البترولية والسلع أو إنفاقه على إقامة طرق وكباري ومشروعات عقارية بالمناطق التي تشبعت بها، وأن تكون هناك خطط واضحة للاستغلال الأمثل لتلك العوائد، وخفض الدين العام، حتى لا تظل الدولة تدور في فلك الديون، وبيع الأصول العامة بلا عائد.
كشف خبير التمويل والاستثمار وائل النحاس عن استهداف الحكومة توريق الأصول العامة، لحساب وزارة المالية، لاستخدام عوائدها في تخفيض الديون بالجنيه وبالعملة الصعبة، والحصول على السيولة المالية، التي تمكنها من تمويل سداد القروض وفوائدها، بعد أن واجهت صعوبات كبيرة في الحصول على قروض جديدة من الجهات الدولية، ورصد ضغوط أميركية على دول الخليج تمنعها من توجيه تدفقات مالية كبيرة أو مساعدات مالية جديدة لمصر، جراء موقفها من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لترحيل الفلسطينيين من غزة.
قال النحاس إن توجه الحكومة نحو إصدار صكوك سيادية، جاء بعد فشلها في خطة إصلاح الدين الداخلي عبر مقاصة بين الوزارات والشركات العامة، تساعد على خفض الديون المتصاعدة بشدة بين الجهات والهيئات الحكومية، جعلت وزارة المالية غير قادرة على الوفاء بسداد الدين العام، أو تخطي سقف تلك الديون، التزاماً بالاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولي، في مارس/ آذار 2024، بما يضمن لها استمرار الحصول على قرض بقيمة إجمالية تصل إلى 8 مليارات دولار.
تتوقع الحكومة المصرية ارتفاع الفجوة التمويلية بالموازنة العامة التي ستبدأ في يوليو/ تموز (2025/ 2026) بأكثر من 25% لتصل إلى 3.6 تريليونات جنيه، بما يعادل نحو 70 مليار دولار، وفقاً لتوقعات سعر الدولار في الموازنة الجديدة.
تعتزم وزارة المالية تغطية عجز الموازنة من خلال إصدار أدوات دين محلية جديدة، في صورة أذون خزانة بقيمة 2.2 تريليون جنيه، وسندات خزانة بنحو 928.9 مليار جنيه، في إطار خطة حكومية تستهدف زيادة الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، وسد العجز في الموازنة.
أوضح النحاس أن وزارة المالية ستوظف الأرض المخصصة لها في إنشاء كيانات، تتولى إصدار صك سيادي لحسابها، لمنح حق الانتفاع بالأصل على المشاع بين الشركاء، لحين الانتهاء من الغرض المقام المشروع من أجله أو رد مستحقات الشركاء. يذكر النحاس أن تلك الصكوك ستكون قابلة للتحويل إلى أسهم خلال فترات لاحقة، بما يسهل تخيير الشركاء بين استرداد قيمة الصك السيادي أو تحويله إلى سهم، وذلك خلال فترة زمنية تراوح ما بين 5-7 سنوات من عمر المشروع وتوقيت طرح الصك.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مصر: السيسي يطرح 175 كيلومتراً على البحر الأحمر للبيع لسداد الديون
يؤكد النحاس أن الحكومة تأمل أن تتجه دول الخليج إلى المساهمة بقيمة ودائعها في البنك المركزي المستحقة بنهاية العام، التي تنتهي مدتها في 2026، للاستثمار في تلك الصكوك، لتخفيف الضغط المترتب عن سحبها، عن أرصدة الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي، وضمان وجود حصيلة دولارية تمكنها من مواجهة زيادة أعباء استيراد الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية، وحاجتها للدفع الفوري لمستحقات الموردين والمنتجين الأجانب.
يستبعد النحاس أن تتوصل الحكومة إلى صفقة لبيع منطقة رأس شقير لأي دولة خليجية، على غرار صفقة بيع رأس الحكمة التي مكنتها من الحصول على 35 مليار دولار، عام 2024، مبيناً أن الاستثمارات الهائلة التي وجهتها دول الخليج إلى الولايات المتحدة، لن تمكنها من دفع مبالغ جديدة لمصر، وستقتصر المشاركة على تحويل الودائع الموجودة بالفعل لدى البنك المركزي إلى أصول رأسمالية في مشروعات محلية.
تشير تقارير إلى رغبة السعودية في التنازل عن ودائعها لدى البنك المركزي المصري، البالغ قيمتها 10.3 مليارات دولار، منها 5 مليارات دولار قصيرة الأجل، مقابل إتمام صفقة رأس جميلة، والاستحواذ على عدد من الشركات الحكومية في مصر، منها شركة "سيرا" المتخصصة في تقديم الخدمات التعليمية، و5 شركات أخرى تعمل في مجالات التطوير العقاري والصحة والطاقة والكهرباء والخدمات المالية والأغذية.
وتعتزم دولة الكويت شراء صكوك بقيمة مليار دولار في رأس شقير، تعادل قيمة الوديعة المنتهية لحسابها بالبنك المركزي العام الجاري.
تعد منطقة رأس شقير ورأس بناس من أكبر تجمعات الشعاب المرجانية البكر في العالم، وهي عبارة عن لسان يشكل شبه جزيرة بطول 50 كيلومتراً داخل مياه البحر الأحمر، وتضم ميناء برنيس القديم الذي كان يربط بين مصر في العصر الفرعوني ودولة "بنت" في الصومال، وتقع أيضاً في الجهة المقابلة مدينة ينبع السعودية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 32 دقائق
- العربي الجديد
إسرائيل تقصف إيران.. والأسواق العالمية تترقّب وسط "حالة قلق"
في تصعيدٍ كبير للتوترات الإقليمية، شنّت إسرائيل ضربات على أهداف عسكرية ونووية داخل إيران، فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول حجم الرد الإيراني واحتمالات الانزلاق إلى مواجهة أوسع. وبينما تتأرجح المنطقة على شفير تصعيد محتمل، كانت الأسواق المالية أول من التقط الإشارات، إذ تراجعت شهية المخاطرة، وسجّلت أسعار النفط قفزات حادّة، وتراجعت الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم العالمية، فيما عاد الدولار إلى الصعود مع اتجاه المستثمرين إلى الملاذات الآمنة، وسط حالة من الترقب الشديد. "بلومبيرغ" تنقل تحركات الأسواق كما رآها محللون في بروكسل، اعتبر نيكولا فورست، المدير التنفيذي للاستثمار في "كاندريام"، أن "الهجوم يمثل عامل خطر تقليدي يدفع المستثمرين إلى الخروج من الأسهم والتوجه نحو الأصول الآمنة". وأضاف أن استمرار ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى إضعاف النمو وتعزيز الضغوط التضخمية، وهو ما قد يرسّخ خطر الركود التضخمي، خاصة في ظل الحرب التجارية. وأشار إلى أن هذا الارتفاع السريع في أسعار النفط لا يخدم مصالح إدارة دونالد ترامب. ومن الولايات المتحدة، قالت كيم فورست، مديرة الاستثمار في "بوكه كابيتال بارتنرز"، إن الضربة الإسرائيلية تشكّل تحوّلاً عن الأنماط السابقة، مشيرة إلى أنها تستهدف بشكل مباشر قدرات إيران النووية. وأضافت: "الموقف خطير فعلاً. السوق لم تنخفض بالقدر المتوقع، لكنني أتوقع تراجعاً أكبر في الساعات المقبلة، بحسب من سيدلي بتصريحات، وما سيحدث على الأرض". أما في باريس، فرأى ألكسندر باراديز، كبير المحللين في "آي جي"، أن التصعيد من شأنه أن يجمّد المكاسب الأخيرة في المؤشرات الأوروبية والأميركية، قائلاً: "الأسواق كانت مرتفعة بشكل مبالغ فيه، وقد تدفع هذه التطورات المستثمرين – خصوصاً الأفراد – إلى جني الأرباح". وألكسندر هزّاز، مدير الاستثمار في مجموعة "ريشيليو" في باريس، أشار إلى أن ما جرى "يتناقض مع توقعات البنوك المركزية بشأن استقرار أسعار النفط"، ما قد يدفع تلك البنوك إلى مراجعة سيناريوهاتها في ظل مخاطر التضخم وتباطؤ النمو. أسواق التحديثات الحية ارتفاع أسعار النفط والغاز والذهب إثر العدوان الإسرائيلي على إيران القلق من مضيق هرمز من جهته، لفت مات مالي، كبير المحللين في "ميلر تاباك" في الولايات المتحدة، إلى خطورة تصريحات نتنياهو التي توحي بتحضيرات لمواجهة مطوّلة، قائلاً: "عندما يتحدث عن الدفاع عن النفس ويشير إلى بداية حملة، فهذا يعني أننا أمام مرحلة رد إيراني جاد محتمل". وتساءل مالي عن مصير مضيق هرمز ، الذي تمرّ عبره يومياً نحو 13 مليون برميل من النفط. وقال: "إذا قررت إيران إغلاق المضيق، فإن أسعار النفط قد تتجاوز 100 دولار بسرعة، ما سيضغط على النمو العالمي بشكل كبير. نحن لا نعرف إن كانت الأمور ستتدهور، لكن المخاطر حقيقية ومرتفعة". مايكل أوروك، المحلل في "جونز تريدينغ" في الولايات المتحدة، أشار إلى أن السوق شهدت ارتفاعات كبيرة من دون تصحيحات تُذكر، ما يجعلها أكثر عرضة لأي تطور مفاجئ. وأضاف: "الأسواق تجاهلت المخاطر طوال فترة الصعود. الآن، الجميع يترقب رد إيران، وهل سيكون أعنف؟ هذا هو السؤال الرئيسي". وذكر أن هناك احتمالاً كبيراً الآن بوقوع حدث انتقامي خلال عطلة نهاية الأسبوع، وهذا سيجعل المستثمرين أكثر تحفظًا ويجعلهم يقفون على الحياد مؤقتًا. انعكاسات تاريخية وسيناريوهات مقبلة في سيدني، رأى بيلي ليونغ من "غلوبال إكس إي تي إف"، أن ما حدث هو "انقلاب مفاجئ على موجة التفاؤل السابقة التي قادها قطاع التكنولوجيا وتراجع التضخم". وأضاف أن "هذه التطورات تشبه ما حدث عند مقتل سليماني عام 2020 أو الهجمات على ناقلات النفط في 2019، حين شهدت الأسواق ردات فعل مشابهة: ارتفاع النفط، وتوجه إلى الذهب والفرنك السويسري. والتاريخ يُظهر أن الأسواق غالباً ما تتراجع عن ردة الفعل إذا تم احتواء التصعيد". وي ليانغ تشانغ، محلل في "دي بي إس" بسنغافورة، أشار إلى أن الضربة "قد تؤدي إلى رد فعل عاطفي سريع في الأسواق، مع تقييم دقيق لاحتمالات التصعيد في الشرق الأوسط"، متوقعاً تراجع الأصول عالية المخاطر وارتفاع الطلب على الأصول الآمنة مثل الين الياباني وسندات الخزانة الأميركية. اقتصاد دولي التحديثات الحية مخاوف حيال ممرات الشحن الحيوية بعد هجوم إسرائيل على إيران بينما ماثيو هاوبت، مدير محفظة ويلسون لإدارة الأصول في سيدني، قال إن الأسواق شهدت رد فعل كلاسيكياً يتمثل في ارتفاع الذهب والسندات والنفط. وأكد أن "كل شيء سيتوقف الآن على وتيرة وشدة الرد الإيراني، وهو ما سيحدد مدى استمرارية هذه التحركات". أما شارو تشانانا من "ساكسو ماركتس" في سنغاقورة، فشدّدت على أن "الساعات الـ48 المقبلة ستكون حاسمة. فإذا جاء رد طهران محدوداً، وبقيت إمدادات الطاقة على حالها، فقد تهدأ الأسواق. أما إذا حصل تصعيد أو تعطّلت الإمدادات، فإن التقلبات ستستمر وترتفع أسعار النفط بشكل أكبر". وأخيراً، رأى رودريغو كاتريل من "بنك أستراليا الوطني"، أن التصعيد قد يكشف عن تراجع الدور القيادي للولايات المتحدة في الشؤون الجيوسياسية. وقال: "التحركات الأحادية من قبل دول مثل إسرائيل قد تصبح أكثر شيوعاً إذا شعرت الأطراف أن واشنطن لن تتدخل، ويسلط الضوء على احتمال تغير النظام العالمي"، مشيراً إلى أن "الجغرافيا السياسية "باتت تشكّل عاملاً مضطرباً جديداً في الأسواق، مع احتمال تراجع مكانة الدولار ملاذاً آمناً". وأضاف أنه من المواضيع التي يجب مراقبتها هو ما إذا كانت خصائص الدولار بوصفه ملاذاً آمناً قد تأثرت بسياسة الإدارة الأميركية التجارية (الرسوم الجمركية)، والتوسع المالي، وتحدياتها لسيادة القانون. الأدلة حتى الآن تشير إلى أن هذا هو الحال". حتى اللحظة، لم تتضح ملامح الرد الإيراني بشكل كامل، لكن المؤشرات الأولية توحي بأن الأسواق دخلت فعلاً مرحلة "التحوّط العميق"، حيث يقيس المستثمرون كل تطوّر سياسي بميزان من القلق والانكفاء. ورغم أن السيناريوهات لا تزال مفتوحة بين احتواء محدود أو تصعيد طويل الأمد، لكن المؤكد الوحيد هو أن الجغرافيا السياسية عادت لتتصدر قائمة أولويات الأسواق، مع ما يحمله ذلك من اضطرابات وتقلبات قد تفوق حسابات السياسة والاقتصاد معاً.


العربي الجديد
منذ 32 دقائق
- العربي الجديد
أزمة الطاقة تتفاقم في مصر مع توقف الغاز الإسرائيلي بسبب التوتر
أوقفت شركات أسمدة مصرية عدة، اليوم الجمعة، عملياتها الإنتاجية بعد انخفاض حاد في واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل، في تطور لافت يعكس حجم التداخل بين الأزمات الجيوسياسية وسوق الطاقة في المنطقة، بحسب ما أفادت به مصادر لوكالة رويترز. هذا التراجع في الإمدادات يأتي في أعقاب إغلاق إسرائيل لعدد من حقول الغاز الحيوية، على خلفية التوترات المتصاعدة مع إيران، في أعقاب الضربة الجوية التي شنّتها إسرائيل على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، والتي وصفتها تل أبيب بـ"الاستباقية" و"الرد الدفاعي". وقد أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية عن وقف تشغيل حقل "ليفياثان"، أكبر حقل غاز في إسرائيل، كإجراء احترازي تحسباً لأي رد عسكري إيراني محتمل. كذلك أفاد محللون بأن حقل "كاريش"، الذي تديره شركة "إنرجيان"، قد توقّف أيضاً عن الإنتاج، في حين لا يزال حقل "تمار" يعمل حالياً، وإن كان ذلك بوتيرة منخفضة وسط مراقبة أمنية مشددة. ضغوط على الصناعات المحلية في مصر أدّى هذا الانقطاع الجزئي إلى تراجع فوري في إمدادات الغاز إلى مصر، ما انعكس مباشرة على بعض الصناعات التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز الطبيعي، وفي مقدّمتها مصانع الأسمدة. وأكدت المصادر أن وزارة البترول المصرية لم تصدر حتى الآن جدولاً زمنياً واضحاً لعودة الإمدادات، مما يثير مخاوف من حدوث مزيد من التعطيل في سلاسل الإنتاج. ورغم عدم صدور رد رسمي من وزارة البترول، إلا أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قد قال إن الحكومة تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، وتعمل على تعزيز مخزونها الاستراتيجي من السلع الأساسية والوقود. اعتماد متزايد على الغاز الإسرائيلي ومنذ تراجع إنتاج الغاز المحلي في مصر عام 2022، أصبحت القاهرة تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي لتغطية جزء من حاجاتها المحلية، وخصوصاً في قطاع الصناعات الكثيفة الاستهلاك للطاقة. وتشير بيانات "مبادرة بيانات المنظمات المشتركة" (جودي) إلى أن واردات الغاز من إسرائيل تمثل بين 40% و60% من إجمالي واردات مصر من الغاز، وتُشكل ما بين 15% إلى 20% من استهلاكها المحلي. وفي محاولة لتأمين بدائل على المدى المتوسط، أعلنت الحكومة المصرية هذا الأسبوع عن توقيع عدد من الاتفاقيات مع شركات طاقة وتجارة عالمية لاستيراد ما لا يقل عن 150 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، في أكبر صفقة من نوعها في تاريخ مصر. وبحسب تقديرات أولية، فإن هذه الصفقة ستُكلّف الدولة أكثر من 8 مليارات دولار بالأسعار الحالية. طاقة التحديثات الحية إسرائيل تغلق ليفياثان أكبر حقل غاز طبيعي لديها.. ومصر متضررة مخاوف على المدى القريب الخبراء يحذرون من أن استمرار الأزمة في إسرائيل قد يفاقم أزمة الطاقة في مصر، خاصةً إذا ما امتدت التهديدات إلى منشآت الغاز البحرية أو تعطلت حركة التصدير بشكل كلي. كما قد تضعف هذه التطورات قدرة مصر على الوفاء بالتزاماتها التصديرية من الغاز إلى أوروبا، والتي تشكّل مصدر دخل استراتيجي للخزينة المصرية في ظل الضغوط الاقتصادية الراهنة. وتأتي هذه المستجدات في وقت تعاني فيه مصر أصلاً من أزمة عملة وارتفاع كبير في تكاليف الواردات، ما قد يضاعف الأعباء على الحكومة، ويزيد من احتمالات التضخم وارتفاع أسعار المنتجات الغذائية والسلع الأساسية المرتبطة بسلاسل الإمداد التي تعتمد على الطاقة. المجهول في الأيام المقبلة في ظل غموض الموقف الميداني بين إسرائيل وإيران، لا تزال الأسواق الإقليمية والعالمية تترقّب. فكلّ تصعيد جديد قد ينعكس على أمن الطاقة وحركة الملاحة في البحر المتوسط، ومنه إلى الاقتصاد العالمي. وفي حال امتد التهديد إلى البنية التحتية للطاقة أو أُغلق مضيق هرمز، فإن تداعيات ذلك ستكون كبيرة على أسعار النفط والغاز، وعلى الدول المستوردة مثل مصر. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ 32 دقائق
- العربي الجديد
الأسواق الإسرائيلية تتكبد خسائر حادة وسط تصاعد التوترات مع إيران
تكبدت الأسواق الإسرائيلية خسائر كبيرة، إذ خسر سوق تل أبيب نحو 3.64% في تداولات يوم الجمعة، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، مسجلًا نحو 5830 نقطة، بحسب وكالة "رويترز". كما تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بنسبة تجاوزت 5% في تعاملات الجمعة، ليسجل 3.66 مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ3.48 شواكل صباح الخميس، وفقًا لبيانات بنك إسرائيل، في أكبر هبوط يومي للعملة منذ إبريل/نيسان الماضي. وقد عززت هذه التوترات مخاوف المستثمرين الأجانب من اتساع رقعة المواجهة، وهروب رؤوس الأموال قصيرة الأجل نحو عملات الملاذ الآمن، بحسب تقرير لصحيفة "غلوبس". ويُعد الشيكل من أكثر العملات تأثرًا بالمتغيرات السياسية. وكان الشيكل قد سجل أداءً قويًّا مطلع العام بفضل رفع أسعار الفائدة وثقة المستثمرين، قبل أن تتبخر تلك الثقة تدريجيًّا مع تصاعد التهديدات الأمنية وتفاقم العجز في الميزانية نتيجة الإنفاق العسكري. وبسبب قرارات إسرائيل العسكرية بضرب المنشآت الإيرانية، انتشر الذعر في الداخل الإسرائيلي، وتهافت المواطنون على شراء المزيد من احتياجاتهم، تحسبًا لطول أمد الحرب التي قد لا تنتهي قريبًا، مع وعيد إيران بالرد الانتقامي، وتدخل الولايات المتحدة في الرد على تهديدات طهران. وقد انتشر فيديو على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" يُظهر تدافع العملاء في أحد متاجر "كارفور" بإسرائيل لشراء كميات كبيرة من المنتجات. وأفادت "كارفور" بزيادة ملحوظة في عدد المتسوقين صباح اليوم، مشيرة إلى تفريغ رفوف المتجر من الماء، والخبز، وأغذية الأطفال، ومنتجات النظافة، والبطاريات. جاء ذلك بعد تحذيرات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الحرب مع إيران ستكون طويلة، مؤكدًا أن "الهدف من هذه العملية غير المسبوقة هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية". وتأتي هذه الأزمات المتلاحقة في ظل معاناة الاقتصاد الإسرائيلي من ارتفاع التضخم، إذ بلغ معدل التضخم السنوي 3.6% في إبريل/نيسان 2025، مقارنة بـ3.3% في مارس/آذار. ارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع في قطاعي النقل والاتصالات (2.3% مقابل 1.1% في مارس)، والخضراوات والفواكه (3.9% مقابل 2.4%). قابل ذلك جزئيًّا تباطؤ في التضخم في أسعار المواد الغذائية باستثناء الخضراوات والفواكه (4.7% مقابل 4.8%)، وانكماش أكبر في أسعار الملابس والأحذية (-2.6% مقابل -2.2%)، بحسب " ترايدينغ أكونومي". أسواق التحديثات الحية إسرائيل جمعت 5 مليارات دولار بسندات أميركية لتمويل عدوانها على غزة وأبقى بنك إسرائيل على سعر الفائدة المرجعي ثابتًا عند 4.5% للاجتماع الحادي عشر على التوالي في 26 مايو/أيار 2025، تماشيًا مع توقعات السوق. وتباطأ النمو الاقتصادي الإسرائيلي إلى 0.9% في عام 2024، مقابل نمو قدره 1.8% في 2023، ويمثل هذا أضعف نمو منذ عام 2020، حين أثّرت الجائحة بشدة على الاقتصاد. ويُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى الحرب الإسرائيلية على غزة. وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 1.1% في إبريل/نيسان، وهي أعلى زيادة شهرية منذ يوليو/حزيران 2022. كما تجاوز هذا بشكل كبير توقعات السوق بارتفاع قدره 0.6%، وتسارع من زيادة قدرها 0.5% في مارس/آذار. وتعرضت سلاسل البيع الكبرى في تل أبيب وباقي المدن لضغط هائل، فيما اصطفت طوابير طويلة من المتسوقين أمام المتاجر والمولات، وسط تقارير عن نفاد سريع للسلع الأساسية. ووفقًا لوسائل إعلام إسرائيلية، قدّر مراقبون أن وتيرة التسوق ارتفعت بنسبة 300%، حيث تركز الإقبال الكثيف على المواد الغذائية، والمياه، والمستلزمات الطبية، إلى جانب بطاريات الشحن والمولدات التي سجلت طلبًا قياسيًّا. ولم تصمد المخازن أمام هذا الإقبال المفاجئ، ما أثار مخاوف من نقص واسع في المعروض، في وقت يتصاعد فيه القلق من موجة تضخم مرتقبة بفعل ارتفاع الطلب وضعف الإمدادات. وتؤكد مشاهد الأسواق الإسرائيلية أن تأثير التوترات الجيوسياسية انتقل سريعًا إلى حياة الناس اليومية، وسط مخاوف من تصعيد أوسع. (رويترز، العربي الجديد)