
صيام الدوبامين.. كيف تتخلص من إدمان الهاتف في رمضان؟
أصبحت الهواتف الذكية عنصرا أساسيا في حياتنا اليومية، إلى درجة أن كثيرين لا يستطيعون التخلي عنها. وتشير هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة إلى أن الشخص العادي هناك يتفقد هاتفه كل 12 دقيقة، بينما يبلغ هذا المعدل مرة كل 7 دقائق في الولايات المتحدة، بحسب استطلاع أجراه موقع Reviews.org. وبالنسبة لعدد كبير من الأشخاص، يعد الهاتف آخر ما يستخدمونه قبل النوم وأول ما يراجعونه عند الاستيقاظ.
يرتبط هذا السلوك ارتباطا وثيقا بالدوبامين، الذي يُعرف بـ"هرمون السعادة"، وهو مادة كيميائية يفرزها الدماغ وتلعب دورًا رئيسيًا في نظام المكافأة وتحفيز الشعور بالمتعة. اللافت أن إفراز الدوبامين لا يحدث فقط عند الشعور بالسعادة، بل يكفي مجرد توقُّع تجربة ممتعة ليحفز الدماغ على إنتاجه، وهو ما يفسر ميلنا المتكرر لتفقُّد هواتفنا.
صُمّمت تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بطريقة تحافظ على هذا الإدمان. وترى آنا ليمبكي، أستاذة الطب النفسي بجامعة ستانفورد، أن الهواتف تشبه "إبرة الدوبامين الرقمي"، حيث توفر تدفقا مستمرا لهذا الناقل العصبي. ومع الاستخدام المتكرر، يقلل الدماغ من استجابته للدوبامين، مما يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، والأرق. في هذه الحالة، لا نستخدم الهواتف لإنجاز مهام محددة، بل للهروب من الشعور بالفراغ الذي خلفه هذا الإدمان المستمر.
استعادة التوازن في عالم مليء بالمحفزات
صيام الدوبامين هو أسلوب مستوحى من العلاج السلوكي المعرفي، يهدف إلى تقليل التفاعل القهري مع المحفزات المفرطة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، الإشعارات المتكررة، والألعاب الإلكترونية. ولا يعني هذا الامتناع عن هرمون الدوبامين بحد ذاته، بل الحد من الأنشطة التي تؤدي إلى إفرازه بكثرة، مثل الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية أو تناول الأطعمة المعالجة.
وتكمن الفكرة في إتاحة الفرصة للدماغ لإعادة التوازن، عبر الابتعاد المؤقت عن هذه المحفزات، ما يساعد على كسر سلوكيات الإدمان واستعادة السيطرة على التصرفات.
وبحسب الدكتور كاميرون سيباه، أستاذ الطب النفسي السريري بجامعة كاليفورنيا وصاحب مفهوم "صيام الدوبامين"، فإن هذا النهج لا يقتصر على تقليل التفاعل مع التكنولوجيا، بل يسعى لتدريب العقل على الاستمتاع بالأنشطة البسيطة والطبيعية، مثل القراءة، التأمل، أو المشي. السماح لأنفسنا بأن نشعر بالملل أو الوحدة لفترات قصيرة يمكن أن يسهم في إعادة ضبط الدماغ، مما يعزز القدرة على التركيز، ويقوي التحكم في الرغبات، ويوفر شعورًا أعمق بالرضا والاستقرار النفسي.
رمضان والدوبامين
يُسهم صيام رمضان في تعزيز إفراز الدوبامين بشكل متوازن، مما ينعكس إيجابا على الصحة النفسية وزيادة التركيز. فالتوقف عن تناول الطعام والشراب يقلل من التحفيز الفوري لهذا الهرمون، الأمر الذي يمنح الدماغ فرصة لإعادة التوازن وكسر بعض العادات القهرية، مثل الإفراط في تناول الطعام.
كذلك تلعب العبادات والأعمال الروحية دورًا مهمًا في تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، مما يعزز الشعور بالرضا والسكينة. ومع ذلك، فإن الإفراط في استخدام الهاتف خلال فترة الصيام قد يُضعف هذه الفوائد، إذ يصبح الهاتف مصدرًا بديلا لتحفيز الدوبامين، مما يقلل من الأثر النفسي الإيجابي للصيام، ويزيد من مستويات التوتر والإرهاق.
لذلك، اجعل من رمضان فرصة لصيام مزدوج، جسدي وذهني، من خلال تقليل التعرض للمحفزات الرقمية. وفيما يلي بعض النصائح لصيام الدوبامين بطريقة فعّالة:
لتقليل استخدام الهاتف خلال رمضان، ضع أهدافًا واضحة لاستخدامه بوعي، مثل تخصيص وقت محدد بعد الإفطار أو لمدة 30 دقيقة بعد كل صلاة. قم بتعديل الإعدادات لإيقاف الإشعارات الفورية والتنبيهات التي تشتت انتباهك، وحدد التطبيقات التي تستحق وقتك، مع تجنب التطبيقات المسببة للإدمان، كوسائل التواصل الاجتماعي.
اجعل الوصول إلى هاتفك أصعب بوضعه في غرفة أخرى أو داخل درج، مما يقلل من الرغبة في التحقق منه باستمرار. قم بتفعيل وضع الطيران أو عدم الإزعاج خلال أوقات العبادات لضمان التركيز والهدوء. كما يمكنك حذف التطبيقات المسببة للإدمان أو استخدام أدوات للتحكم في وقت استخدامها. إذا كان هناك تطبيق ضروري لكنه يستهلك الكثير من وقتك، فحاول استخدامه فقط على جهاز آخر لا تحمله معك طوال اليوم.
إعلان
إذا راودتك الرغبة في استخدام الهاتف، انتظر 15 دقيقة قبل الإمساك به، فغالبًا ما ستجد أن الرغبة تزول من تلقاء نفسها. كما يمكنك تقليل الاستخدام تدريجيًا، بالانتقال من ساعتين يوميًا إلى ساعة، ثم 30 دقيقة، مما يساعدك على التحكم بعاداتك الرقمية بشكل أكثر فعالية دون الشعور بالحرمان.
كن صادقًا مع نفسك
حدد الأسباب التي تدفعك لاستخدام الهاتف بشكل مفرط وحاول معالجتها بوعي، سواء كان ذلك بسبب الملل، التوتر، أو العادة. تذكر أن الهدف ليس الامتناع التام، بل استعادة التركيز والاستفادة من وقت رمضان بشكل أفضل. تبنَّ عقلية النمو، فالتقليل من استخدام الهاتف قد يواجه بعض الانتكاسات وأعراض الانسحاب، لكنها جزء طبيعي من رحلة التغيير. لا تتوقع نجاحا فوريا، بل تعامل مع كل انتكاسة كتجربة تعليمية تساعدك على بناء عادات رقمية أكثر صحة خلال رمضان وما بعده.
احرص على إبقاء يومك مليئًا بالأنشطة المفيدة لتجنب اللجوء للهاتف بدافع الملل. استغل وقتك في العبادات، القراءة، ممارسة الرياضة، أو المشاركة في الأعمال التطوعية. يمكنك أيضًا مساعدة أسرتك في تحضير الإفطار أو ترتيب المنزل، مما يجعلك أكثر إنتاجية وتفاعلًا مع أجواء رمضان. الأهم هو تقليل وقت الفراغ، لأن الانشغال بأعمال هادفة يساعدك على التحكم في عاداتك الرقمية والاستفادة القصوى من كل ثانية فى يومك.
كلما قضيت وقتًا أقل عليه، امنح نفسك مكافأة تحفزك للاستمرار، مثل تناول وجبة مفضلة على الإفطار أو قضاء وقت ممتع مع العائلة. لكن تجنب أن تكون المكافأة استخدام الهاتف لفترة أطول، حتى لا تعود للعادات القديمة. اجعل المكافآت وسيلة لتعزيز السلوك الإيجابي والاستمتاع بأجواء رمضان بعيدًا عن الشاشات.
تقليل استخدام الهاتف أثناء الصيام ليس حرمانًا، بل استعادة للتركيز والهدوء. اجعل رمضان فرصة لإعادة ضبط عاداتك الرقمية، وستلاحظ الفرق في صفاء ذهنك واستمتاعك بالأجواء الروحانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
مسلسل الأطفال "كوكوميلون" قد يسبب الإدمان والاضطرابات السلوكية
حذر خبراء في التربية وأطباء أعصاب من التأثيرات السلبية المحتملة لمسلسل الأطفال الشهير "كوكوميلون"، مشيرين إلى أنه قد يسبب فرط انتباه لدماغ الطفل، مما يجعله يشبه الإدمان في تأثيره. ويرجع ذلك إلى الإيقاع السريع والألوان الزاهية والموسيقى المتكررة، مما يحفّز إفراز مادة الدوبامين في الدماغ، ويدفع الأطفال إلى التعلق الشديد بالشاشة ورفض الابتعاد عنها. وقد حقق هذا المسلسل الكرتوني، المعروف بشخصياته ذات العيون الواسعة وتصميمه الجاذب، ما يقرب من 200 مليار مشاهدة على منصة يوتيوب، ودخل بيوتًا في مختلف أنحاء العالم. لكن العديد من الآباء بدؤوا بإبداء القلق من تأثيره، واصفين إياه بأنه محفّز مفرط قد يثير نوبات الغضب لدى الأطفال، بل وصفه بعضهم في منشورات متداولة على نطاق واسع بأنه "مخدر للأطفال". قالت إيسلر، وهي أم من ولاية فرجينيا ومعلمة سابقة تنشر محتوى تربويا على وسائل التواصل الاجتماعي، في حديث لصحيفة نيويورك بوست إن ابنها البالغ من العمر أربع سنوات أصبح مدمنا على مشاهدة التلفاز، مضيفة "كان يجلس ملتصقا بالشاشة ويرفض تماما أن نغلقها". وتابعت أن نوبات الغضب أصبحت أمرا يوميا، خصوصا عند محاولة الانتقال بين الأنشطة، مما دفعها في النهاية إلى حظر المسلسل تماما، قائلة "كان القرار واضحًا بالنسبة لنا، لقد أوقفناه نهائيا". وتتفق معها هيليان، كاتبة في مجال الجمال من نيويورك، والتي صرّحت لصحيفة واشنطن بوست "المسلسل سريع الإيقاع، عدواني للغاية، وتفاصيل الشخصيات -خاصة العيون الواسعة- تثير القلق. الأمر مخيف بالفعل". وأضافت أن ابنتها شاهدت المسلسل مرة واحدة فقط في منزل صديقة، لكنها أصبحت مهووسة به على الفور، مما دفعها لاحقًا إلى تجاهل المسلسل على نتفليكس حتى لا يظهر في توصيات الشاشة. وتابعت "أعتقد أنه يسهم في تقصير التركيز لدى الأطفال، وهم يعانون بالفعل في هذا الجانب". على شبكة الإنترنت، يشارك العديد من الآباء المحبطين تجاربهم مع ما تعرف بـ"نوبات كوكوميلون"، ويشبّهون تأثير هذا المسلسل على الأطفال بالمخدرات الرقمية. كتب أحد الآباء في موقع "ريديت": بمجرد أن يتذوق الطفل كوكو، يصبح من الصعب التخلص من هذا الإدمان. في حين وصف والد آخر ما حدث لطفله بأنه "انهيار عصبي شديد بسبب إيقاف تشغيل المسلسل قبل موعد الاستحمام"، مما دفع العائلة إلى منعه تماما. ويحذر الأخصائيون من أن هذا النوع من المحتوى السريع والمحفّز قد يؤدي إلى نوبات غضب، وضعف التركيز، واضطرابات سلوكية، خاصة عند محاولة إيقاف المشاهدة أو تقليل وقت الشاشة. في المقابل، دعا الخبراء إلى اتباع نهج يُعرف بـ"التربية المضادة للدوبامين"، وهي طريقة تربوية تقوم على تأخير تعرّض الطفل للمحتوى المفرط التحفيز، وتوفير بيئات خالية من الشاشات، وتشجيع الأطفال على ممارسة أنشطة بسيطة وتفاعلية، مثل اللعب اليدوي أو مشاهدة برامج بطيئة الإيقاع مثل "بارني" و"كير بيرز".


الجزيرة
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
صيام الدوبامين.. كيف تتخلص من إدمان الهاتف في رمضان؟
أصبحت الهواتف الذكية عنصرا أساسيا في حياتنا اليومية، إلى درجة أن كثيرين لا يستطيعون التخلي عنها. وتشير هيئة تنظيم الاتصالات في المملكة المتحدة إلى أن الشخص العادي هناك يتفقد هاتفه كل 12 دقيقة، بينما يبلغ هذا المعدل مرة كل 7 دقائق في الولايات المتحدة، بحسب استطلاع أجراه موقع وبالنسبة لعدد كبير من الأشخاص، يعد الهاتف آخر ما يستخدمونه قبل النوم وأول ما يراجعونه عند الاستيقاظ. يرتبط هذا السلوك ارتباطا وثيقا بالدوبامين، الذي يُعرف بـ"هرمون السعادة"، وهو مادة كيميائية يفرزها الدماغ وتلعب دورًا رئيسيًا في نظام المكافأة وتحفيز الشعور بالمتعة. اللافت أن إفراز الدوبامين لا يحدث فقط عند الشعور بالسعادة، بل يكفي مجرد توقُّع تجربة ممتعة ليحفز الدماغ على إنتاجه، وهو ما يفسر ميلنا المتكرر لتفقُّد هواتفنا. صُمّمت تطبيقات الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي بطريقة تحافظ على هذا الإدمان. وترى آنا ليمبكي، أستاذة الطب النفسي بجامعة ستانفورد، أن الهواتف تشبه "إبرة الدوبامين الرقمي"، حيث توفر تدفقا مستمرا لهذا الناقل العصبي. ومع الاستخدام المتكرر، يقلل الدماغ من استجابته للدوبامين، مما يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، والأرق. في هذه الحالة، لا نستخدم الهواتف لإنجاز مهام محددة، بل للهروب من الشعور بالفراغ الذي خلفه هذا الإدمان المستمر. استعادة التوازن في عالم مليء بالمحفزات صيام الدوبامين هو أسلوب مستوحى من العلاج السلوكي المعرفي، يهدف إلى تقليل التفاعل القهري مع المحفزات المفرطة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، الإشعارات المتكررة، والألعاب الإلكترونية. ولا يعني هذا الامتناع عن هرمون الدوبامين بحد ذاته، بل الحد من الأنشطة التي تؤدي إلى إفرازه بكثرة، مثل الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية أو تناول الأطعمة المعالجة. وتكمن الفكرة في إتاحة الفرصة للدماغ لإعادة التوازن، عبر الابتعاد المؤقت عن هذه المحفزات، ما يساعد على كسر سلوكيات الإدمان واستعادة السيطرة على التصرفات. وبحسب الدكتور كاميرون سيباه، أستاذ الطب النفسي السريري بجامعة كاليفورنيا وصاحب مفهوم "صيام الدوبامين"، فإن هذا النهج لا يقتصر على تقليل التفاعل مع التكنولوجيا، بل يسعى لتدريب العقل على الاستمتاع بالأنشطة البسيطة والطبيعية، مثل القراءة، التأمل، أو المشي. السماح لأنفسنا بأن نشعر بالملل أو الوحدة لفترات قصيرة يمكن أن يسهم في إعادة ضبط الدماغ، مما يعزز القدرة على التركيز، ويقوي التحكم في الرغبات، ويوفر شعورًا أعمق بالرضا والاستقرار النفسي. رمضان والدوبامين يُسهم صيام رمضان في تعزيز إفراز الدوبامين بشكل متوازن، مما ينعكس إيجابا على الصحة النفسية وزيادة التركيز. فالتوقف عن تناول الطعام والشراب يقلل من التحفيز الفوري لهذا الهرمون، الأمر الذي يمنح الدماغ فرصة لإعادة التوازن وكسر بعض العادات القهرية، مثل الإفراط في تناول الطعام. كذلك تلعب العبادات والأعمال الروحية دورًا مهمًا في تنشيط نظام المكافأة في الدماغ، مما يعزز الشعور بالرضا والسكينة. ومع ذلك، فإن الإفراط في استخدام الهاتف خلال فترة الصيام قد يُضعف هذه الفوائد، إذ يصبح الهاتف مصدرًا بديلا لتحفيز الدوبامين، مما يقلل من الأثر النفسي الإيجابي للصيام، ويزيد من مستويات التوتر والإرهاق. لذلك، اجعل من رمضان فرصة لصيام مزدوج، جسدي وذهني، من خلال تقليل التعرض للمحفزات الرقمية. وفيما يلي بعض النصائح لصيام الدوبامين بطريقة فعّالة: لتقليل استخدام الهاتف خلال رمضان، ضع أهدافًا واضحة لاستخدامه بوعي، مثل تخصيص وقت محدد بعد الإفطار أو لمدة 30 دقيقة بعد كل صلاة. قم بتعديل الإعدادات لإيقاف الإشعارات الفورية والتنبيهات التي تشتت انتباهك، وحدد التطبيقات التي تستحق وقتك، مع تجنب التطبيقات المسببة للإدمان، كوسائل التواصل الاجتماعي. اجعل الوصول إلى هاتفك أصعب بوضعه في غرفة أخرى أو داخل درج، مما يقلل من الرغبة في التحقق منه باستمرار. قم بتفعيل وضع الطيران أو عدم الإزعاج خلال أوقات العبادات لضمان التركيز والهدوء. كما يمكنك حذف التطبيقات المسببة للإدمان أو استخدام أدوات للتحكم في وقت استخدامها. إذا كان هناك تطبيق ضروري لكنه يستهلك الكثير من وقتك، فحاول استخدامه فقط على جهاز آخر لا تحمله معك طوال اليوم. إعلان إذا راودتك الرغبة في استخدام الهاتف، انتظر 15 دقيقة قبل الإمساك به، فغالبًا ما ستجد أن الرغبة تزول من تلقاء نفسها. كما يمكنك تقليل الاستخدام تدريجيًا، بالانتقال من ساعتين يوميًا إلى ساعة، ثم 30 دقيقة، مما يساعدك على التحكم بعاداتك الرقمية بشكل أكثر فعالية دون الشعور بالحرمان. كن صادقًا مع نفسك حدد الأسباب التي تدفعك لاستخدام الهاتف بشكل مفرط وحاول معالجتها بوعي، سواء كان ذلك بسبب الملل، التوتر، أو العادة. تذكر أن الهدف ليس الامتناع التام، بل استعادة التركيز والاستفادة من وقت رمضان بشكل أفضل. تبنَّ عقلية النمو، فالتقليل من استخدام الهاتف قد يواجه بعض الانتكاسات وأعراض الانسحاب، لكنها جزء طبيعي من رحلة التغيير. لا تتوقع نجاحا فوريا، بل تعامل مع كل انتكاسة كتجربة تعليمية تساعدك على بناء عادات رقمية أكثر صحة خلال رمضان وما بعده. احرص على إبقاء يومك مليئًا بالأنشطة المفيدة لتجنب اللجوء للهاتف بدافع الملل. استغل وقتك في العبادات، القراءة، ممارسة الرياضة، أو المشاركة في الأعمال التطوعية. يمكنك أيضًا مساعدة أسرتك في تحضير الإفطار أو ترتيب المنزل، مما يجعلك أكثر إنتاجية وتفاعلًا مع أجواء رمضان. الأهم هو تقليل وقت الفراغ، لأن الانشغال بأعمال هادفة يساعدك على التحكم في عاداتك الرقمية والاستفادة القصوى من كل ثانية فى يومك. كلما قضيت وقتًا أقل عليه، امنح نفسك مكافأة تحفزك للاستمرار، مثل تناول وجبة مفضلة على الإفطار أو قضاء وقت ممتع مع العائلة. لكن تجنب أن تكون المكافأة استخدام الهاتف لفترة أطول، حتى لا تعود للعادات القديمة. اجعل المكافآت وسيلة لتعزيز السلوك الإيجابي والاستمتاع بأجواء رمضان بعيدًا عن الشاشات. تقليل استخدام الهاتف أثناء الصيام ليس حرمانًا، بل استعادة للتركيز والهدوء. اجعل رمضان فرصة لإعادة ضبط عاداتك الرقمية، وستلاحظ الفرق في صفاء ذهنك واستمتاعك بالأجواء الروحانية.


الجزيرة
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
علماء يكشفون أسرار "اللوتس الأزرق" زهرة المصريين القدماء المقدسة
كان اللوتس الأزرق المصري من أهم النباتات في الثقافة المصرية القديمة، واستُخدم لأغراض دينية وطبية، وربما لأغراض نفسية. ولا يزال العلماء والمؤرخون يكتشفون الأهمية الكاملة لهذه الزهرة، وخاصة آثارها المحتملة على العقل. واللوتس الأزرق زنبق مائي جميل أزرق اللون، ينمو في البرك وعلى ضفاف نهر النيل، وتتفتح الزهرة صباحا وتغلق ليلا، مما جعل المصريين القدماء يربطونها بالبعث والشمس، وتتميز برائحتها العطرية النفاذة، وكانت تُستخدم في العطور والفنون والطقوس الدينية. نبات ذو طابع خاص كانت زهرة اللوتس تحظى باحترام كبير في المجتمع المصري القديم، حيث ظهرت في المعابد والبرديات المصرية القديمة ورسومات المقابر. وارتبطت هذه الزهرة الزرقاء بآلهة الشمس رع، حيث كانت "تبعث" كل صباح، وتقول أسطورة الخلق المصرية أن الآلهة الأولى (أتوم) خرجت من زهرة لوتس زرقاء طافية على مياه نون (المحيط الكوني) وفي هذه السياقات كانت زهرة اللوتس رمزا للحياة والبعث والتنوير. وعندما فتح علماء الآثار مقبرة الملك توت عنخ آمون، وجدوا بتلات لوتس زرقاء على موميائه، واعتقد المصريون أن هذه الزهرة تساعد الموتى على الاستيقاظ في الحياة الآخرة. وكما تشير بعض النصوص المصرية القديمة إلى أن زهرة اللتوس كانت تُنقع في النبيذ وتُستخدم في الحفلات والطقوس الدينية، وكان يُعتقد أنها تزيد من الشعور بالراحة والاسترخاء والإثارة. غش عبر الإنترنت وبحسب بيان صحفي رسمي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، فقد قام ماك إيفوي، وهو طالب في السنة الرابعة يتخصص بالأنثروبولوجيا ويدرس علم المصريات كتخصص فرعي بالجامعة، بدراسة نبات اللوتس الأزرق المصري الشهير (نيمفايا كيروليا) بالتعاون مع مركز جامعة كاليفورنيا لعلم المواد المخدرة. وبمساعدة كيميائيين متخصصين، تمكن هذا الفريق من استنتاج أن اللوتس الأزرق الذي يباع على الإنترنت بالولايات المتحدة (وفي أماكن عدة حول العالم) بأسعار مرتفعة ليس هو اللوتس الأزرق الذي قدسه المصريون القدماء. ويباع هذا النبات على الإنترنت لأغراض عدة، منها المساعدة على النوم أو الاسترخاء، أو لأغراض تحسين النشاط والإثارة، وفي بعض الأحيان تستخدم هذه النباتات ضمن طقوس تتضمن مواد مخدرة. ولمقارنة النباتين، حصل إيفوي على نبات لوتس من الإنترنت، أما النبات الأصلي فهو نادر جدا، وللحصول عليه تواصل مع شخص في أريزونا ادعى امتلاكه زهرة نيمفايا كيروليا أصلية، وبالفعل أكد علماء النبات من الفريق البحثي أنها أصلية، وخلال موسم ازدهارها الصيف الماضي 2024، بدأ العلماء بتحليلها. خصائص كيميائية مهمة ويعتقد العلماء المعاصرون أن اللوتس الأزرق يحتوي على مركبات قد تكون لها تأثيرات نفسية خفيفة، مثل الأبومورفين. ويؤثر هذا المركب على مستقبلات الدوبامين في الدماغ، مما قد يُسبب مشاعر المتعة والاسترخاء والنشوة، وكذلك النوسيفيرين، وهو مركب له تأثيرات مهدئة ومثبطة. وقد وجد إيفوي وفريقه أن مستويات النوسيفيرين كانت أعلى بكثير في زهرة اللوتس الأزرق المصري المُوثّقة مقارنة بالزهرة المشتراة من موقع على الإنترنت، مما دفع الفريق إلى الاعتقاد بأن الزهور المبيعة عبر الإنترنت هي في الواقع زنبق مائي جذاب بصريا، ولكنه شائع الاستخدام، وغير مُؤثر نفسيًا. ثم أراد ماك إيفوي معرفة ما إذا كان يُمكن استخلاص العناصر المُخدرة من هذا النبات الأصلي عن طريق نقعه في النبيذ الأحمر، وأوضحت تجاربه أن عزل النوسيفيرين النقي تطلب مادة إضافية تُشبه زيت الزيتون، وهي تحتوي على دهون تُتيح لهذا المركب قليل الذوبان في الدهون أن يذوب تماما في النبيذ. وبذلك توصل الفريق إلى أن المصريين القدماء لم يضيفوا اللوتس الأزرق إلى النبيذ فحسب، بل صنعوا زيتا مُنقوعا منه، أُضيف لاحقا إلى النبيذ. وكانت دراسةٌ سابقة قد حللت مستخلصات أصلية من النبات عن مزيج من المركبات، بما في ذلك الهيدروكربونات الأليفاتية والكحولات العطرية والأحماض الدهنية ومشتقات الفينيل والديتيربينويدات والفيتوستيرولات والستيغماستانات. ومن المثير للاهتمام أن قلويدات الأبومورفين والنوسيفيرين ذات التأثير النفسي كانت غائبة تقريبا في هذه المستخلصات الأصلية، مما يشير إلى أن وجودها قد اختلف بناء على عوامل مثل طرق الاستخلاص أو مصدر النبات. وفي الأشهر المقبلة، يخطط الفريق البحثي لاستخدام تكتيكات إضافية لتفكيك عينات الزهور كيميائيا، عن طريق ما يسمى الكروماتوغرافيا السائلة، وستفصل خليط المركبات المعقد إلى مكوناتها الكيميائية الفردية، ما يعمق فهمهم لهذه الزهرة الساحرة.