
وصية أنس التي لا تُنسى
لم أستطع أن أتمالك دموعي وأنا أتلقى خبر استشهاد مراسل قناة الجزيرة المناضل الشهيد أنس الشريف الذي كان قد استبق موته بعبارات ووصية يشرفني أن أضمنها مقالي اليوم في دور ضئيل لإيصال صوت الحق الذي لطالما كان أنس ينقله بحرقة عن مجازر وجرائم العدو الإسرائيلي بحق أطفال ورُضع واهل غزة التي تُباد منذ أكثر من 674 يوما تفنن الصهاينة في إبادة شعب غزة صغارا وكبارا، جوعا وقتلا وتنكيلا واعتقالا ومنعا وملاحقة وحصارا واستهدافا وشتى أنواع الجرائم التي تتجاوز الجرائم الإنسانية إلى أكبر وأفظع من هذا، والعرب والمسلمون لا يزالون عالقون في خيوط الهدنة ووقف إطلاق النار وتمكين المساعدات من الوصول لمستحقيها وليتها تصل أيضا رغم كل هذا لذا فأنا أكررها وأقول ويل لكل العرب وكل من كان بيده شيء ولم يفعله لهذا القطاع الذي لم يدمره السابع من أكتوبر 2023 كما يشاع بل فضح كل متواطئ وعميل وقادر على أن يخفف من ألم هذا الشعب الأعزل لكنه أصر على مواصلة دوره الخسيس في التآمر عليه دون شفقة منه ولا رحمة، وهذا ما كان الشهيد أنس يصر عليه في تغريداته التي لن تُمحى ووصيته التي لن تزول ولن أمنع نفسي من تضمينها دون تعقيب مني فهي تشرح كل شيء يحصل في القطاع من فظائع ومجازر.
ولعل وصيته في أبنائه الصغار هي من تشق القلوب شقا ولكن اقرؤوها:
إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمد الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة «المجدل» لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.
عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف.
أوصيكم بفلسطين، درة تاجِ المسلمين، ونبض قلبِ كلِّ حر في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمر ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران.
أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة.
أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم. وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة.
أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. أدعو الله أن يربط على قلبها، ويجزيها عني خير الجزاء. وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهور طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان.
أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل. إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.
اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي. سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل. لا تنسوا غزة، ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول».
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 16 ساعات
- صحيفة الشرق
وداعا أيقونة غزة
180 A+ A- وداعا أنس بن جمال الشريف.. وداعا محمد بن قريقع.. وداعا شهداء الحقيقة وصوت الضحايا ومسرح الجريمة...ستروون الحكاية أمام رب العرش الذى شاهدكم انتم وشيرين ابو عاقلة وأكثر من 200 صحفي رفعوا الغطاء عن الجيش «الأكثر اخلاقا في العالم « وهو يرتكب جرائم لم يجرؤ اسوأ جيش ان يرتكب مثيلا لها.. فاغتيال الصحفيين في غزة جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف التي تكفل حماية المدنيين، وفي مقدمتهم الإعلاميون. إن استهدافهم ليس حادثًا عرضيًا، بل سياسة ممنهجة لإخفاء الأدلة ومنع وصول الحقيقة إلى العالم. هذا الفعل يؤكد أن الجهة المنفذة تخشى الكاميرا أكثر مما تخشى القانون، وتدرك أن الصورة الصادقة يمكن أن تحاكمها أمام الرأي العام الدولي قبل أن تصل إلى أي محكمة. الصمت على هذه الجرائم ليس حيادًا، بل تواطؤٌ، والعدالة الحقيقية تبدأ من محاسبة كل من أعطى أمرًا أو ضغط على الزناد. حماية الصحفيين ليست مطلبًا إنسانيًا فحسب، بل واجب قانوني وأخلاقي يقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره. إذا نظرنا تاريخيًا، سنجد أن اغتيال الصحفيين في غزة ليس حدثًا معزولًا، بل هو امتداد لنهج قديم تستخدمه السلطات أو الاحتلالات عندما تشعر أن الصورة التي يلتقطها القلم والعدسة أخطر من رصاص البندقية. في حرب فيتنام، حاول الجيش الأمريكي تقييد الصحافة بعد أن كشفت الصور المروعة مجازر مثل «ماي لاي». في البوسنة والهرسك (التسعينيات)، قُتل عدد من المراسلين لمنعهم من توثيق الإبادة. في الانتفاضة الفلسطينية الثانية، استُهدف صحفيون فلسطينيون وأجانب، لأن تغطيتهم كانت تكسر الرواية الرسمية الإسرائيلية. الهدف المشترك في كل هذه الحالات: إخفاء الجرائم أو التقليل من أثرها إعلاميًا. منع تشكيل ضغط دولي مبني على أدلة مصورة وموثقة. إبقاء السيطرة على «الرواية» عبر تكميم الأصوات المستقلة. أما في غزة اليوم، فالخطر أكبر لسببين: 1. سرعة انتشار المحتوى الرقمي تعني أن أي صورة أو فيديو يمكن أن يُحدث ضجة عالمية في دقائق. 2. وجود تعاطف شعبي عالمي متزايد مع المدنيين الفلسطينيين، ما يجعل الرواية الإسرائيلية أو أي رواية مضادة في حالة دفاع. ولهذا، فإن اغتيال الصحفيين في غزة يمكن اعتباره محاولة يائسة لقتل الحقيقة قبل أن تخرج إلى النور، لكن التاريخ أثبت أن الكاميرا كثيرًا ما تهزم البندقية على المدى البعيد لهذا تم اغتيال الصوت والصورة في غزة لكن هل ستسكت؟ الجواب كان في وصية أنس.. التغطية مستمرة نحن نمضي ويأتي غيرنا يحمل سلاحنا.. رحمك الله يا ابن الشريف لقد اخذت مكانتك بجوار عظماء، شعبك الذين ارتقوا من أجل الوطن الأعظم فلسطين... مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 16 ساعات
- صحيفة الشرق
وصية أنس التي لا تُنسى
114 لم أستطع أن أتمالك دموعي وأنا أتلقى خبر استشهاد مراسل قناة الجزيرة المناضل الشهيد أنس الشريف الذي كان قد استبق موته بعبارات ووصية يشرفني أن أضمنها مقالي اليوم في دور ضئيل لإيصال صوت الحق الذي لطالما كان أنس ينقله بحرقة عن مجازر وجرائم العدو الإسرائيلي بحق أطفال ورُضع واهل غزة التي تُباد منذ أكثر من 674 يوما تفنن الصهاينة في إبادة شعب غزة صغارا وكبارا، جوعا وقتلا وتنكيلا واعتقالا ومنعا وملاحقة وحصارا واستهدافا وشتى أنواع الجرائم التي تتجاوز الجرائم الإنسانية إلى أكبر وأفظع من هذا، والعرب والمسلمون لا يزالون عالقون في خيوط الهدنة ووقف إطلاق النار وتمكين المساعدات من الوصول لمستحقيها وليتها تصل أيضا رغم كل هذا لذا فأنا أكررها وأقول ويل لكل العرب وكل من كان بيده شيء ولم يفعله لهذا القطاع الذي لم يدمره السابع من أكتوبر 2023 كما يشاع بل فضح كل متواطئ وعميل وقادر على أن يخفف من ألم هذا الشعب الأعزل لكنه أصر على مواصلة دوره الخسيس في التآمر عليه دون شفقة منه ولا رحمة، وهذا ما كان الشهيد أنس يصر عليه في تغريداته التي لن تُمحى ووصيته التي لن تزول ولن أمنع نفسي من تضمينها دون تعقيب مني فهي تشرح كل شيء يحصل في القطاع من فظائع ومجازر. ولعل وصيته في أبنائه الصغار هي من تشق القلوب شقا ولكن اقرؤوها: إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي. بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمد الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة «المجدل» لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ. عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف. أوصيكم بفلسطين، درة تاجِ المسلمين، ونبض قلبِ كلِّ حر في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمر ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران. أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة. أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم. وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة. أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. أدعو الله أن يربط على قلبها، ويجزيها عني خير الجزاء. وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهور طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان. أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل. إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى. اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي. سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل. لا تنسوا غزة، ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول». مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 2 أيام
- صحيفة الشرق
غزة تُباد جوعًا وقتلًا.. فأين العرب؟
12 بدأت الإبادة الجماعية بالقصف والقتل والتعذيب والحرمان منذ ٢٢ شهرًا، أم منذ قرون، أم منذ متى؟؟ في كل سنة تأتي يُقال ستنتهي الحرب وستعود غزة ؛ وسنسترجع الأقصى الطاهر من المدنسين الصهاينة؛ حقًا هذا ما فعلتموه لأجل ثالث قبلة المسلمين ! يا للعار على العرب ويا لعارنا ويا للإذلال الذي يتلبسه العرب بكُل قطرة دم شهيد استنزفت من أرض الأقصى وشهدتها غزة وبكتها فلسطين، قلتم سنعقد اتفاقات ومعاهدات وهُدن سلام وإصلاح ولم توفوا بالوعد... بنظركم يسرقون أموال العرب بحكم المعاهدات والاتفاقيات وبالآخر تُقصف غزة ويُباد أهلها ويُحرمون الآن الطعام والشراب وتُحتل ابديًا ؛ أي حق إنساني تتحدثون عنه وأي حقوق للإنسان تتحدثون عنها، ما هي الرحمة التي تتحدثون عنها وكيف تصنيفها ومن أوهمكم بأنكم قدمتم المساعدات والخدمات؟! نحن خذلنا غزة نعم العرب تنازلت عن غزة وكأنها تتنازل عن عقار قديم ليس لموقعه الجغرافي أهمية أو نهضة؛ أين انت يا رسول الله لترى ماذا حل بأمتك وبالعرب الذي تُريد أن تشفع لهم وترحمهم يوم الحشر ؛ بينما هُم تهاونوا وخذلوا واستسلموا عن غزة بكامل الإرادة؛ قد يكون الخوف والقلق من قيود الصهاينة؟! فماذا غدًا عن قيود جهنم أمام رب العباد عندما يسألنا ماذا فعلنا، ونحن لم نقف لنُحرر أرض الأقصى المُباركة ؛ اعذرنا يا رسول الله لقد خذلنا رحمتك بنا بينما انت تسعى لتشفع لنا يوم الحِساب فلم يجرؤ أحد للسعي لتحرير غزة ؛ دائمًا كان يصرخ ويُناشد لإيصال صوته ورجائه ليتخذ العالم خطوة وقرارا من أجل غزة ولكن الجميع تجاهل صوت ونِداء الصحفي الراحل الشهيد أنس الشريف إلى أن صعد عريسًا في جنة الفردوس فيهنأ بالقرب من رب العالمين ويشتكي له عن ما بذل من تخاذل وتهاون من العرب؛ سيقول أنس تركت لهم وصيتي ولا بد أن تُنفذ الوصية! السؤال: هل ستُنفذ الوصية و يُعمل ما أوصى به ؟ ماذا أقول وكيف أصرخ و كيف أُعبر عن حرقة تشعل النار في صدري وعقلي ؛ أبكي لعجزي بعدم قدرتي على الحركة من أجل غزة ؛ والله أفديكي بروحي ودمي يا قبلة الإسلام خُذيني إليكي أُدافع وأتحدث وأحارب بكتاباتي وحديثي عنك، فلا أحد سيستطيع إسكاتي أو إسقاط أحرفي لأنهم يعلمون ويجزمون أنها الحقيقة السوداء التي يخجلون أن تبان للعالم بأكمله عن تهاون العرب تجاهها... لا استطيع الاعتذار فقد اكتفت غزة من الاعتذارات ؛ أين الفعل! لا أعلم متى سنصحو من غفلة الغرق؛ غزة ستُنعم ونحن من مُتنا ببرودنا.