logo
غروندبرغ لمجلس الأمن: الإضطرابات الإقليمية تقوض آفاق السلام في اليمن "نص الإحاطة"

غروندبرغ لمجلس الأمن: الإضطرابات الإقليمية تقوض آفاق السلام في اليمن "نص الإحاطة"

الموقع بوستمنذ 2 أيام
أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، الثلاثاء، أن الاضطرابات الإقليمية لا تزال تقوض آفاق السلام والاستقرار في اليمن، حيث "لا يزال الوضع هشا للغاية".
وقال غروندبرغ، خلال إحاطته أمام اجتماع لمجلس الأمن، إنه لكي يحظى اليمن بفرصة حقيقية للسلام، يجب حمايته من الانجرار أكثر إلى الاضطرابات الإقليمية المستمرة الناجمة عن حرب غزة.
وأضاف: "يجب أن تتوقف الهجمات على السفن المدنية في البحر الأحمر. كما يجب أن تنتهي الهجمات الصاروخية على إسرائيل والهجمات الإسرائيلية التي تتبعها على اليمن".
وأشار إلى مصادرة شحنة كبيرة من الأسلحة والتكنولوجيا مؤخرا قبالة سواحل اليمن على البحر الأحمر، موضحا أن ذلك يؤكد أهمية تذكير جميع الدول الأعضاء بالتزامها بالامتثال الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر الأسلحة.
وتحدث غروندبرغ أيضا عما يمكن للأطراف في اليمن تحقيقه من تقدم نحو محادثات سياسية أوسع نطاقا من خلال إيجاد حلول وتسويات تمكن الاقتصاد اليمني من العمل بفعالية لتوفير السلع والخدمات للجميع، مضيفا أن "المزيد من التصعيد والتشرذم الاقتصادي ليس في مصلحة أحد".
ورحب بالخطوات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، والحكومة اليمنية، لمعالجة انخفاض قيمة العملة مؤخرا، لافتا إلى اتخاذ الأطراف قرارات أحادية وتصعيدية تنذر بتعميق الانقسامات داخل المؤسسات وهياكل الدولة.
وجدد الدعوة إلى إطلاق سراح 23 موظفا أمميا لا يزالون محتجزين في اليمن إلى جانب محتجزين آخرين من منظمات غير حكومية وطنية ودولية، ومنظمات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية، فورا ودون قيد أو شرط.
وقال غروندبرغ أيضا: "يجب أن نبقى ثابتين في جهودنا المشتركة لدفع اليمن نحو مستقبل ينعم فيه بالسلام مع نفسه ومع المنطقة".
نص إحاطة المبعوث الأممي الخاص هانس غروندبرغ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
شكراً لك، السيد الرئيس.
لا تزال الاضطرابات الإقليمية تقوّض فرص إحلال السلام والاستقرار في اليمن، في ظل وضع بالغ الهشاشة. وهناك حاجة ملحّة إلى اتخاذ تدابير استباقية وبراغماتية، تمهّد الطريق للسلام في اليمن. ويجب أن نواصل جهودنا المشتركة لدفع اليمن نحو مستقبل ينعم فيه بالسلام داخليًا وفي المنطقة.
في الشهر الماضي، عندما قدّمتُ إحاطتي لهذا المجلس، حددتُ ثلاث أولويات لإرساء أسس لحلول دائمة في اليمن. أولها دعم خفض التصعيد على خطوط المواجهة، والعمل مع الأطراف على أسس وقف إطلاق النار. ورغم أن خطوط المواجهة اتسمت في أغلب الأحيان بمستويات مستقرة من الأعمال العدائية، فإننا شهدنا في 25 يوليو/تموز هجوماً كبيرًا على جبهة العلب في محافظة صعدة، أسفر عن أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من الجانبين. كما نشهد قيام أنصار الله بتعزيز مواقعهم، بما في ذلك حول مدينة الحديدة. هذه التطورات مثيرة للقلق وتبرز الحاجة إلى تهدئة فعّالة وحوار أمني بين الأطراف.
ففي الأسبوع الماضي، اختتم مكتبي جولة جديدة من الاجتماعات مع الحكومة اليمنية والجهات الفاعلة في المجال الأمني الإقليمي، تحت رعاية لجنة التنسيق العسكري التي تيسّرها الأمم المتحدة. ويُعدّ عمل لجنة التنسيق العسكري بالغ الأهمية لخفض التصعيد على خطوط المواجهة، وللتحضير لتنفيذ وإدارة وقف إطلاق نار مستقبلي. وعلى مدار الأسبوع، ناقشت الأطراف دور لجنة التنسيق العسكري في خفض التصعيد على خطوط المواجهة التي شهدت تجدّدًا للأعمال العدائية خلال العام الماضي. كما تناولت التحديات في المجال البحري، واستعرضت الخيارات المتاحة في حال العودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار.
تتمثل الأولوية الثانية في إرساء مسار للمحادثات بين الأطراف بما يتماشى مع الالتزامات التي تم التعهد بها تجاه خارطة الطريق في ديسمبر/كانون الأول 2023. ولعدم فقدان البوصلة تجاه هذه الالتزامات، من الضروري الاستمرار في اتخاذ تدابير تبني الثقة وتحسّن الحياة اليومية لليمنيين. وفي هذا الصدد، نشهد زخمًا إيجابيًا ومتناميًا لتحسين الوصول إلى الطرق في عدد من مناطق البلاد، ولا سيما الطريق الذي يربط بين محافظتي البيضاء وأبين. وأود أن أشيد بالمساهمات القيّمة التي قدّمتها منظمات المجتمع المدني في دفع تلك الجهود، وأعرب عن دعمي الكامل لهذه المبادرات. أشجع الأطراف على التعجيل بفتح طرق حيوية إضافية، واتخاذ مزيد من الخطوات لتسهيل حركة الأشخاص والأنشطة التجارية. ويظل مكتبي على أتم الاستعداد لدعم الجهود المبذولة لتحقيق هذا الهدف.
السيد الرئيس، يمكن للأطراف أيضاً إحراز تقدم نحو محادثات سياسية أوسع نطاقاً من خلال إيجاد حلول وتسويات تمكّن الاقتصاد اليمني من العمل بفعالية لتوفير السلع والخدمات للجميع. وفي مناقشات حديثة مع مسؤولين حكوميين وممثلين عن قطاع الأعمال والمجتمع المدني في عدن، واصل مكتبي الدفع باتجاه حوار لمعالجة الأسباب الجذرية للمشكلات الاقتصادية في اليمن. إن استمرار التصعيد والتشرذم الاقتصادي لا يصب في مصلحة أحد، فهو ينهك الأسر اليمنية ويكبّل القطاع الخاص، ومن الضروري إيجاد الإرادة والمساحة للتحرك، وقد حان الوقت لذلك.
وفي هذا الإطار، أرحب بالخطوات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي اليمني في عدن، والحكومة اليمنية على نطاق أوسع، لمعالجة انخفاض قيمة العملة في الآونة الأخيرة. وأهنئهما على التحسن الملحوظ في سعر الصرف في مناطق الحكومة اليمنية، كما أشيد بجهود الحكومة في استقرار أسعار السلع الأساسية في ضوء الارتفاع الأخير في قيمة العملة. وآمل أن تشكل هذه الخطوات بداية لتعافٍ مستدام.
السيد الرئيس، لتحقيق تقدم مستمر، كما ذكرت سابقاً، يتعين على الأطراف اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الثقة وحسن النية. غير أننا، للأسف، شهدنا خلال الشهر الماضي ما يناقض ذلك، من خلال قرارات أحادية وتصعيدية تهدد بتعميق الانقسامات بين مؤسسات الدولة وهياكلها. ومن بين هذه القرارات إصدار أنصار الله عملات معدنية جديدة من فئة 50 ريالاً وأوراق نقدية من فئة 200 ريال، وهو ما يفاقم تجزئة الريال اليمني ويعقّد المناقشات المستقبلية لتوحيد الاقتصاد اليمني ومؤسساته. وهناك أيضاً أمثلة أخرى لقرارات أحادية تسهم في تفكيك المؤسسات بدلاً من توحيدها. هذه خطوات في الاتجاه الخاطئ. وبدلاً من ذلك، أحث على الحوار بين الأطراف باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حلول مستدامة وطويلة الأمد لجميع القضايا التي تمس الحياة اليومية لليمنيين.
الأولوية الثالثة هي مواصلة العمل مع المنطقة والمجتمع الدولي من أجل استقرار اليمن ودعمه. ويشمل ذلك تلبية الحاجة إلى ضمانات أمنية، بما في ذلك ما يتعلق بالبحر الأحمر. إن الضبط الأخير لشحنة كبيرة من الأسلحة ومعدات التكنولوجيا المتطورة قبالة ساحل اليمن على البحر الأحمر يؤكد مجدداً ضرورة تذكير جميع الدول الأعضاء بواجبها في الامتثال الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بحظر الأسلحة.
السيد الرئيس، في أعقاب غرق سفينتين قبالة الساحل الغربي لليمن مطلع يوليو/تموز، لم يُرحَّل حتى الآن بعض أفراد طاقم سفينة إم/في إترنيتي سي الناجين إلى بلدانهم الأصلية. وأدعو أنصار الله بشدة إلى تسهيل عودتهم الفورية.
لكي يحظى اليمن بفرصة حقيقية للسلام، لا بد من حمايته من التورط المتزايد في دوامة الاضطرابات الإقليمية المستمرة نتيجة الحرب في غزة. ولذلك، يجب أن تتوقف الضربات ضد السفن المدنية في البحر الأحمر. كما يجب وقف الهجمات الصاروخية على إسرائيل والهجمات الإسرائيلية اللاحقة على اليمن. وإلى جانب تعقيد فرص الوساطة للتوصل إلى تسوية طويلة الأمد للنزاع في اليمن، أدى هذا التصعيد إلى تدمير شبه كامل لمرافق موانئ الساحل الغربي لليمن، مما يفرض ضغطاً هائلاً على البنية التحتية الحيوية في البلاد. فعلى سبيل المثال، استغرق تفريغ الشحنات في ميناء الصليف الشهر الماضي ثلاثة أضعاف الوقت مقارنة بشهر يونيو/حزيران، ولم ترسُ سوى سفينتين في يوليو/تموز، ظلتا في الميناء طوال الشهر. وتشكل الزيادة في أوقات الانتظار والتفريغ في ميناءي الحديدة والصليف مصدر قلق كبير نظراً لأهميتهما كنقطتي دخول أساسيتين للسلع الغذائية الضرورية.
يمكن إيقاف هذا المسار، لكننا نشهد بدلاً من ذلك مزيداً من التصعيد، لا سيما إعلان أنصار الله في 27 يوليو/تموز توسيع نطاق السفن التي ستستهدفها. هناك حاجة ماسة إلى خفض تصعيد العنف وتجديد التركيز على الدبلوماسية لحماية الشعب اليمني وتوفير استقرار إقليمي أوسع.
السيد الرئيس، يصادف اليوم الدولي للشباب. وفي اليمن، لا ينبغي الاستهانة بدور الشباب في تجاوز العقبات أمام العملية السياسية. ففي جميع المحطات البارزة التي خطاها اليمن نحو السلام والازدهار، كان الشباب في طليعة المطالبين بالمزيد من أصحابِ السلطة. ونحن نولي دورهم أهمية بالغة، وفي جلسات الحوار السياسي الأخيرة التي نظمها مكتبي استمعنا إلى رؤاهم الواضحة والواقعية، وكذلك إلى مخاوفهم بشأن التدهور الاقتصادي الذي يدفع بالشباب إلى جبهات القتال. ويتعين على جميع الأطراف بذل المزيد من الجهود لتمكين الشباب من الإسهام في بناء مستقبل اليمن.
السيد الرئيس، ما زال 23 موظفاً تابعين للأمم المتحدة، إلى جانب آخرين من المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ومنظمات المجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية، في أوضاع يائسة. وهذا أمر غير مقبول. يجب الإفراج عنهم جميعاً فوراً ودون قيد أو شرط .
أود أن أشكر هذا المجلس مرة أخرى على مواصلته الدعوة للإفراج عن هؤلاء المحتجزين، وكذلك على دعمه الأوسع لليمن. وكما ذكرت مراراً، فإن التوصل إلى حل مستدام للوضع في اليمن ليس ممكناً فحسب، بل هو ضرورة ملحّة. ورغم أنه لا توجد حلول بسيطة للتحديات التي نواجهها، يجب أن نعزز جهودنا الجماعية مسترشدين بالتزامنا المشترك بإحراز تقدم دائم في اليمن.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان
الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

الشرق الأوسط

timeمنذ 36 دقائق

  • الشرق الأوسط

الجيش الإسرائيلي يعلن قصف أهداف تابعة لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

قال الجيش الإسرائيلي في بيان، اليوم الخميس، إنه هاجم أهدافاً تابعة لجماعة «حزب الله» في جنوب لبنان. وأضاف الجيش أنه هاجم «عدة مسارات تحت الأرض» تابعة لـ«حزب الله»، زاعماً أن «هذه البنى التحتية التي تم استهدافها تشكل خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان». صورة أرشيفية تظهر تصاعد الدخان بعد غارة إسرائيلية على صيدا في جنوب لبنان (رويترز) وفي وقت سابق اليوم، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان بأن شخصاً أصيب في قصف إسرائيلي بطائرة مسيرة على بلدة عيترون في جنوب البلاد. وذكرت الوكالة أن الطائرة المسيرة استهدفت دراجة نارية بصاروخين.

السياسي والمناضل وثقافة الدولة
السياسي والمناضل وثقافة الدولة

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

السياسي والمناضل وثقافة الدولة

مع تصاعد حدة الاشتباك في لبنان على سلاح «حزب الله»، لفتت الانتباهَ كثرةُ ترداد تعابير «النضال» و«المناضل» و«المبدئي». ونحن معتادون هذه التعابير منذ عقودٍ وعقود على ألسنة القوميين والاشتراكيين والحكام العسكريين وقادة التنظيمات المسلَّحة، ثم اعتنق التعبير بها الإسلامويون عندما يريدون تجنب المفردات التي صارت مثيرة مثل «الجهاد» و«المجاهدين». وفي الأزمنة الماضية كان المعني بهذه التعابير أن صاحب اللقب مارَس ويمارس العمل الوطني أو القومي أو الإسلامي بأساليب غير سياسية، كالعمل الحزبي أو العسكري أو الثوري أو الانقلابي، نأياً بنفسه عن العمل السياسي الذي كان يعني في أذهان النُخَب المتعلمة المساومات والتنازلات والفساد. فـ«سياسي تقليدي» يعني في الغالب في الأذهان المساوِمَ على المبادئ وغير الملتزم بنهجٍ مستقيمٍ في العمل لمصالح الشعب! منذ 30 عاماً، وربما أكثر، سألت أحد السياسيين الذين برزوا أخيراً: لماذا هذا الهجوم غير المسوَّغ على قريبك السياسي الكبير الذي يحبه معظم المسلمين في لبنان؟ فضحك وقال: «لأنه سياسي محترف ويعيش من العمل السياسي ويتكسب منه (!)». فعلّق زميلٌ لنا كان جالساً معنا: «أسوأ الأمور أن تصبح السياسة مهنةً أو حرفة يكسب منها الإنسان رزقه». فقلت متردداً: «العمل السياسي المحترف في إدارة الشأن العام هو الذي ينتج وقد يصنع نجاحاً». وتابعت في حجاجية قد أعود إليها في ما بعد. اللافت للانتباه أنّ محترفي السياسة في لبنان اليوم هم الذين يريدون تقليد الحزبيين والعقائديين. لقد ذكر ذلك عددٌ منهم في مقابلاتٍ وأحاديث، فهم يأبون أن يتفرد العقائديون الحزبيون بالنضال، بينما يظل الذين لا يحملون سلاحاً ولا يمارسون الصراخ الثوري سياسيين تقليديين خانعين منهمكين في المساومات والتنازلات! نعم أذكر أنني قرأت في كتابٍ عن الحياة السياسية في الولايات المتحدة أن أقلّ الفئات شعبيةً هم «السياسيون والمحامون»، والاقتران بينهما في الذكر له دلالاته البعيدة. اللبنانيون شديدو الفخار بأن بلدهم بلد حريات وعمل سياسي سلمي وفيه انتخابات منتظمة، لكنهم يخجلون من سياسييهم بسبب سمعة البعض السيئة. وهم في الوقت ذاته لا يحبون الميليشيات المسلَّحة التي عانوا منها الأمرَّين ولا يزالون يعانون. بينما يزعم المسلَّحون أنهم هم المناضلون وأصحاب المبادئ، والذين ضحوا في مواجهة إسرائيل. فالجديد في تطورات هذه النقائض الاصطلاحية والعملية أنّ «ثقافة» النضال والثوران لا تزال غرّارة إلى درجة أنّ أبناء العائلات السياسية العريقة اندفعوا في الإنكار على العقائدية التي يعدّونها زائفة، وساروا يؤثرون أن يطلقوا على أنفسهم لقب المناضل، بل قال أحدهم: أنا أريد أن أكون مناضلاً لا سياسياً (!) فالسياسة تقتضي الاحتراف، وهو أمرٌ غير مستحب؛ وهذه مسألة ثقافية أيضاً، فالمناضل محترف أيضاً ويمارس النضال ويرتزق منه، والفرق أنه نضالٌ ضد الدولة؛ فكرةً ومؤسساتٍ وعملاً سياسياً دؤوباً. وإنما عنيت أنّ هذه المسألة صارت في تاريخنا الحديث اللبناني والعربي «ثقافة»؛ بسبب قصر وسطحية تقاليد الدولة الحديثة. وأعرف هذا الإباء على العمل السياسي المحترف من جانب اثنين من رؤساء الحكومة في لبنان كانا ناجحين، وما كانا يسميان نفسيهما مناضلَين، بل يعدّان أنهما يؤديان عملاً وطنياً مؤقتاً وغير محترف، مع أنهما توليا الوزارة ورئاسة الحكومة مرات عدة! فصحيح أن البعض صار يأبى ألقاب النضال، لكنّ الأكثرين لا يحبون الاحتراف السياسي بسبب سمعته، رغم أنهم بالفعل كذلك. كل عمل سياسي هو عمل من أجل الدولة. ونعرف أعمالاً قديمة جداً في «نصائح الملوك» أو «مرايا الأمراء»... بيد أن أول الأعمال المعروفة في سياسات الدولة هو محاورة أفلاطون السياسي أو رجل الدولة. والأدبيات السياسية لهذه الناحية كثيرة جداً، خصوصاً في القرن العشرين. وقد كان السوسيولوجي الألماني المعروف، ماكس فيبر (1864 - 1920)، يحسد الإنجليز والأميركيين على حياتهم الحزبية الديمقراطية بينما الحياة السياسية الألمانية لا تزال بيروقراطية. لكنه هو من جهةٍ ثانية كان يريد من السياسي المحترف أن تكون عنده أخلاق رسالةٍ، أو اعتقاد لمصلحة الدولة، فإذا توفرت، فيكون عليه أن يبحث عن طرائق ملائمة لإحقاق قناعاته يسميها فيبر: «أخلاق العمل». من الطبيعي أن يُسميَ حاملُ السلاح ضد الدولة نفسَه مناضلاً، أما العاملون في الشأن السياسي فلا يحتاجون إلى سمعة النضال لكي يكونوا وطنيين أو أصحاب مبادئ. والأشهر المقبلة في سوريا ولبنان والعراق ستميّز بين من يظل مناضلاً ومن يصبح رجل دولة.

'رحلة مريبة من عُمان إلى الحوثيين: ماذا في حمولة السفينة المخادعة؟'
'رحلة مريبة من عُمان إلى الحوثيين: ماذا في حمولة السفينة المخادعة؟'

حضرموت نت

timeمنذ 4 ساعات

  • حضرموت نت

'رحلة مريبة من عُمان إلى الحوثيين: ماذا في حمولة السفينة المخادعة؟'

في تحدٍ سافر لآليات الرقابة الدولية وقرارات مجلس الأمن، تمكنت ناقلة نفط ترفع علم دولة صغيرة في المحيط الهندي من تضليل النظام الأممي للتحقق والتفتيش، والانقضاض على ميناء يمني تحت سيطرة الحوثيين، في خطوة تُعيد طرح علامات استفهام حادة حول ثغرات التفتيش البحري وشبكات التهريب التي تُستخدم لتمويل الجماعات المسلحة. حيث دخلت ناقلة النفط 'مينغ ري 101' (Ming Ri 101)، التي ترفع علم جزر القمر، اليوم الخميس، ميناء الصليف على الساحل الغربي لليمن، الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي، في خرق واضح لآليات التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة (UNVIM)، التي تُدار من مقرها في جيبوتي وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216. ووفقًا لما كشفته منصة تتبع السفن العالمية 'يوب يوب' (Yubuub)، فإن السفينة أفادت في إقراراتها الرسمية بأن وجهتها النهائية هي ميناء جدة في المملكة العربية السعودية، وهو ما أتاح لها تجاوز إجراءات التفتيش الصارمة التي تفرضها الأمم المتحدة على جميع السفن المتجهة إلى الموانئ اليمنية، بهدف منع تهريب الأسلحة والبضائع غير المشروعة. لكن التحقيق في حركة السفينة كشف زيف هذا الإعلان. فقد أظهرت بيانات الملاحة أن 'مينغ ري 101' كانت على بُعد 77 ميلًا بحريًا فقط من صلالة في سلطنة عُمان في 9 أغسطس الجاري، قبل أن تُغير مسارها فجأة صوب البحر الأحمر، متجهة مباشرة نحو الساحل الغربي لليمن، لتُرسى في النهاية بميناء الصليف، الخاضع بالكامل لسيطرة الحوثيين. أنماط مشبوهة وتكرار مقلق: المثير في الحادثة أن 'مينغ ري 101' ليست سفينة عادية. فبحسب السجلات التجارية والتتبع البحري، تعود ملكيتها إلى شركة صينية تُدعى 'مينغريغوانغ للشحن المحدودة'، وتشير المعطيات إلى نمط متكرر من السلوك المشبوه. منذ يناير 2025، سُجلت ثلاث رحلات سابقة للناقلة نحو مناطق قريبة من ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة، وفي كل مرة تم تعطيل جهاز الإرسال والتحديد (AIS)، ما يُعد إجراءً تقنيًا شائعًا بين السفن التي تسعى إلى التخفي عن أنظمة الرقابة الدولية. هذا التعطيل المتعمد يُعد دليلًا قويًا على محاولة التهرب من التتبع، ويُشير إلى أن الناقلة قد تكون جزءًا من شبكة أوسع لتهريب الوقود أو تمويل الجماعات المسلحة عبر تجارة غير مشروعة، تُدار تحت ستار شحنات تجارية قانونية. ماذا يعني هذا الخرق؟ آلية UNVIM، التي تُعتبر حجر الزاوية في ضمان دخول السلع الإنسانية والتجارية إلى اليمن بشكل شفاف، تعتمد على الإفصاح الدقيق عن الوجهة والحمولة. أي تلاعب في هذه البيانات يقوض الثقة في النظام بأكمله، ويفتح الباب أمام استغلال الموانئ اليمنية لأغراض غير إنسانية. ووفق خبراء في الشأن البحري، فإن استخدام أعلام دول صغيرة مثل جزر القمر، التي تُعرف بتسجيلها للسفن بسهولة (وهي ما يُعرف بـ'أعلام الراحة')، يُعد من الوسائل الشائعة لتمويه هوية المالكين الحقيقيين، وتجنب العقوبات أو المراقبة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store