
لعبة المفاوضات
الاتفاق الجديد المطروح، لا يبعدنا عن أكتوبر 23 كثيراً، وكأننا مجبرون على الوقوف أمام «ساقية» تدور حول نفسها، يأخذوننا بعيداً عندما يطلقون الوعود، ويزينون ما يحدث في الخفاء، أوهام تلو أوهام، ولا يحاسبهم أحد، هم يعرفون ذلك جيداً، لهذا لا يصْدقون في تصريحاتهم، فهم أهل القوة، المتوحشون، من وضعوا كل القواعد الأخلاقية خلفهم، وساروا على دروب لا تحكمها قواعد، ولا تخضع لما تعارفنا عليه من أخلاق.
هذه المرة لا أتحدث عن نتانياهو فقط، بل عن الجميع، جميع من يشاركون في «لعبة» المفاوضات ويتنقلون من دولة إلى أخرى، ومن جلسات و«مسودات» وشروط على الشروط، وتعنت بعد تعنت، ووعد يبطله وعد، وتفاؤل لا يجلب غير التشاؤم.
غزة ما زالت تُنحر، بهدوء مخطط له منذ البداية، وتلك الأوراق تنتقل من يد إلى يد، يد مجرم إلى يد مجرم آخر، يد عدو للإنسانية، لا يعترف بقيمة من يقتل كل يوم في تلك البقعة المهدمة، ويد عدو لِبَني وطنه، الذين تُركوا في الخلاء حتى يغطوا ما كشف عنه، وهو جالس في مكان قصي، يشترط، ويعترض، ويرفض، ويستمر في المساومة، لعله يحصل على حقيبة دولارات إضافية.
ما أسموه بالاتفاق الجديد لإنهاء الحرب، لا يُنهي الحرب، بل يمنح القتلة فرصة لشحذ أدوات الموت. ستون يوماً، مهلة طويلة تتوقف خلالها النيران، وتطلق دفعة من المختطفين الأحياء، وتليها دفعة من المختطفين الأموات، وتدار عجلة المفاوضات من جديد، للبحث عن حل نهائي كانوا قد وعدوا أنه في الطريق هذا الأسبوع، عندما يلتقي ترامب ونتانياهو في واشنطن، اليوم أو الليلة، حسب فرق التوقيت، سيكون اللقاء الموعود «ساخناً»، ولن يكون، ولا تسألوا لماذا؟ لأنكم خير العارفين، وأيضاً الوسيط!
هذه لعبة يلعبونها، ونحن الجمهور «الساذج» الذي يصدق ما يقولون!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 24 دقائق
- البيان
الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بمحاولة اغتياله
اتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بمحاولة اغتياله من غير أن يوضح ما إذا كانت محاولة الاغتيال وقعت خلال الحرب التي دارت بين البلدين في يونيو الماضي أو بعدها، وفي في مقابلة أجراها معه الإعلامي الامريكي تاكر كارلسون وتم بثها اليوم الاثنين قال بزشكيان "حاولوا، نعم. تحركوا على هذا النحو، لكنهم فشلوا" مضيفا "لم تكن الولايات المتحدة من يقف خلف محاولة قتلي. كانت إسرائيل. كنت في اجتماع، حاولوا قصف المنطقة التي كنا نعقد الاجتماع فيها"، مؤكداً "كانت هذه إسرائيل"، وقال الرئيس الإيراني "لا نرى أي مشكلة في استئناف المفاوضات. وتابع "هناك شرط... لاستئناف المحادثات. كيف سنثق بالولايات المتحدة مجددا؟ نعود إلى المفاوضات لكن كيف نتأكد في خضمّ هذه المحادثات، أن النظام الإسرائيلي لن يُعطى الإذن بمهاجمتنا مجددا؟". وقال بزشكيان إنه يعتقد أن طهران يمكنها حل خلافاتها مع الولايات المتحدة عبر الحوار لكن بناء الثقة سيمثل أزمة بعد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على إيران في 13 يونيو شنّت إسرائيل حملة قصف على إيران، أسفرت عن مقتل كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين. وقعت الهجمات الإسرائيلية قبل أيام من الموعد المقرر لبدء جولة جديدة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن والتي بدأت في 12 أبريل، وردت إيران على الهجمات الإسرائيلية بأطلاق طائرات مسيرة وصواريخ على اسرائيل مما أسفر عن مقتل 28 شخصا، وفق السلطات، وتدخلت الولايات المتحدة في الحرب التي استمرت 12 يوما وقصفت منشآت نووية في فوردو وأصفهان ونطنز وتم اعلان وقف اطلاق نار..


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
مستقبل حماس.. هل فقدت السيطرة على غالبية غزة
مسؤول أمني في حماس يقول لشبكة "بي بي سي" إن الحركة فقدت نحو 80% من سيطرتها على قطاع غزة، وإنّ نظام القيادة والسيطرة لديها قد انهار، مشيرا إلى أنه لم يبقَ من بنيتها الأمنية شيءٌ يُذكر.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
خلال 6 أشهر.. كيف أعاد ترامب صياغة المشهد الاقتصادي العالمي؟
منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير الماضي، بدا واضحاً أن دونالد ترامب لا ينوي الاكتفاء باستعادة سلطته، بل يسعى إلى إعادة تشكيل الدولة الفيدرالية من أساسها. فما بين أوامر تنفيذية صادمة، وحماية قضائية متزايدة من المحكمة العليا، وتحولات اقتصادية جريئة، تمضي إدارة ترامب في مسار يعيد رسم العلاقة بين الرئاسة والقانون والمؤسسات والدستور. في اليوم الأول من ولايته الثانية، وقّع ترامب حزمة من الأوامر التنفيذية ألغى بموجبها برامج التنوع والإنصاف (DEI) في المؤسسات الفيدرالية، واستبدل ما كان يعرف باسم "Schedule F" بقاعدة جديدة أطلق عليها اسم "سياسة الجدول الزمني/المهنة"، تعيد تصنيف العديد من موظفي الخدمة المدنية المحترفين إلى موظفين "حسب الرغبة"، ما يسهّل فصلهم. كما أطلق وكالة جديدة تحت مسمى وزارة كفاءة الحكومة (DOGE )، تُعنى بما وصفه "اقتلاع البيروقراطية اليسارية" من مؤسسات الدولة. ولم يتأخر في إعادة سياسة الطوارئ الحدودية، وتصنيف بعض الكارتلات المكسيكية منظمات إرهابية، ما أثار موجة انتقادات حادة من منظمات حقوقية وحكومات أجنبية. وفي قلب السياسات الاقتصادية لترامب في ولايته الثانية، برزت الرسوم الجمركية كأداة مركزية لإعادة تشكيل العلاقات التجارية الأميركية مع العالم. ففي 2 أبريل، الذي أطلق عليه ترامب اسم "يوم التحرير"، أعلن فرض تعريفات جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات، إلى جانب رسوم إضافية على 57 شريكاً تجارياً، صيغت وفق مبدأ "الرسوم المتبادلة"، بحيث تُحتسب بناءً على حجم العجز التجاري الأميركي مع كل دولة. هذا التوجه التصعيدي في الحماية التجارية دفع المراقبين لوصفه بأنه "أضخم موجة تعريفات في التاريخ التجاري الحديث"، ويُتوقع أن تتجاوز قيمة الواردات الخاضعة للرسوم 1.4 تريليون دولار، قبل أن يعلق تلك الإجراءات ليبدأ التفاوض مع كل دولة على حدة. أعاد ترامب إشعال الحرب التجارية مع الصين برفع التعريفات عليها لتصل إلى 145%، كما فرض تعريفات بنسبة 25% على معظم الواردات من كندا والمكسيك، مستثنياً لاحقاً السلع المتوافقة مع اتفاقية USMCA. كذلك شملت التعريفات الجديدة الفولاذ، والألمنيوم، والسيارات وقطع غيارها من مختلف دول العالم، ما دفع كندا، والصين، والاتحاد الأوروبي إلى إجراءات انتقامية. أثارت هذه التعريفات موجة هلع في الأسواق، إذ سجّلت أسواق الأسهم حول العالم انهيارات وتراجعاً حاداً فور إعلان الإجراءات، ودخلت المؤشرات في نطاق "السوق الهابطة". كما خفّضت مؤسسات دولية كـبنك الاحتياطي الفيدرالي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها لنمو الاقتصاد الأميركي، محذّرة من أن هذه السياسات قد تقود البلاد إلى ركود اقتصادي حاد. مفاتيح القوة في تحول قضائي بالغ الأهمية، منحت المحكمة العليا إدارة ترامب أداة قوية بتنقيحها سلطة المحاكم الفيدرالية في إصدار أوامر قضائية وطنية، وهو ما مكّن البيت الأبيض من المضي في أجندته دون عوائق قانونية فورية. هذا التطور سمح للرئيس بإعادة توجيه السياسات العامة في ملفات الهجرة، والتعليم، والصحة، وحقوق الأقليات، دون الحاجة إلى انتظار مرورها عبر الكونغرس أو التسويات الحزبية. لم يكتف ترامب بتوسيع صلاحياته، بل سعى أيضاً إلى إعادة تشكيل الهيئات الرقابية، فرفع في يوليو دعوى للطعن في تعيين أعضاء ديمقراطيين في لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، في خطوة اعتُبرت محاولة لإخضاع مؤسسات الدولة الاتحادية لمنظوره التنفيذي الصارم. الفاتورة الجميلة وفي تتويج لنهجه الاقتصادي المثير للجدل، وقّع ترامب في أوائل يوليو على مشروع القانون الذي أطلق عليه شخصياً اسم "الفاتورة الكبيرة الجميلة" (One Big Beautiful Bill Act)، والذي يُعدّ من أضخم مشاريع الإنفاق والتخفيضات الضريبية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تبلغ القيمة الإجمالية للحزمة نحو 5.5 تريليونات دولار، تتوزع بين 4 تريليونات دولار في تخفيضات ضريبية دائمة، تشمل إعفاءات على "البقشيش"، والعمل الإضافي، والقروض السكنية، و1.5 تريليون دولار في بنود إنفاق إضافي. وتشمل الفاتورة زيادات كبيرة في مخصصات الدفاع والأمن الداخلي، منها 150 مليار دولار للبنتاغون و175 مليار دولار لتشديد السيطرة على الحدود. وفي المقابل، قلّصت الفاتورة تمويل برامج الرعاية الاجتماعية، حيث خُفّض دعم "ميدكيد" بأكثر من 930 مليار دولار، ما قد يؤدي إلى فقدان نحو 11 مليون أميركي تغطيتهم الصحية بحلول عام 2034، وفق تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس. المشروع، الذي مرّ عبر الكونغرس وسط انقسام حاد، يمنح الرئيس صلاحيات موسعة في فرض التعريفات الجمركية، دون الحاجة لموافقة تشريعية، ويعيد هيكلة بعض الهيئات التنظيمية لصالح البيت الأبيض. وبينما اعتبره ترامب "تصحيحاً تاريخياً للاقتصاد الأميركي"، حذّر اقتصاديون من أنه قد يُفاقم العجز ويزيد احتمالات الركود، في ظل هشاشة الأسواق وسلسلة الحروب التجارية المفتوحة التي أطلقتها الإدارة. تقييم تباينت مواقف وتقييمات الصحافة الأميركية حيال الأشهر الستة الأولى من ولاية ترامب الثانية، فقد حذرت "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" من تضخم غير مسبوق في سلطة الرئيس وتهديد واضح للتوازن المؤسسي، بينما رأت "وول ستريت جورنال" أن ترامب "يعيد ترتيب الأولويات الصناعية" في سياق اقتصادي عالمي متقلّب. أما وسائل الإعلام المحافظة مثل "فوكس نيوز" و"نيويورك بوست"، فوصفت ما يجري بـ"تصحيح عميق للجهاز الحكومي" بعد سنوات مما وصفته بـ"الانحراف الإداري". بعد مرور 167 يوماً، يبدو أن رئاسة ترامب الثانية لا تقبل بأن تكون استمرارية تقليدية، بل مشروعاً لتعديل قواعد اللعبة السياسية نفسها، وبينما يراه أنصاره منقذاً لأميركا من براثن الدولة العميقة، يرى خصومه في تحركاته تهديداً صريحاً للضوابط والتوازنات التي يقوم عليها النظام الديمقراطي الأميركي. وإذا ما استمرت وتيرة القرارات والتنفيذ بهذا الزخم، فإن ما تبقى من فترة حكمه قد يصبح صفحة جديدة في طرس التاريخ الحديث للعالم أجمه.