logo

الإحساس في كلام عبّاس..

مشاري الذايدي*
في كلمته المُسهبة أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، برام الله، هاجم الرئيس الفلسطيني محمود عباس «حماس» أكثر من مرة لأنها سبب استمرار مجزرة غزّة وقال إن «شعبنا يخسر كل يوم مئات الضحايا بسبب رفض الحركة تسليم الرهائن». ثم انفعل قائلاً بالعامية: «يا أولاد (…) سلّموا الرهائن (الإسرائيليين) اسحبوا ذرائعهم وخلّينا نخلص».
تابعتُ الخطاب كلّه، ولم أكتفِ بما اقتطفته نشرات الأخبار والسوشيال ميديا، فلاحظت أن عبّاس، الرجل المخضرم في القضية الفلسطينية، كان غاضباً وصريحاً، ليس فقط بخصوص «حماس»، بل بكل القضايا التي تناولها.
لكن بالعودة إلى «أدب الشتائم» في السياسة وخارج السياسة، فهو إرثٌ قديم وحافلٌ، لم ينحصر على أمّة دون أخرى، ويكون هذا السلاح في حروب السياسة، إما مُعدّاً عن سابق تصميم وتخطيط، أو يخرج فجأة، بسبب نوبة غضب، كأي إنسان.
من أذكى وأقبح وأطرف ما قرأتُ في «أدب الشتائم» ما رُوي عن داهية السياسة البريطانية، ونستون تشرشل، فقد شتمته سيّدة من حزب العمّال واتهمته بأنه كان مخموراً في مجلس العموم البريطاني، فردّ تشرشل: «أنتِ قبيحة، وستبقين كذلك طول العمر، أمّا أنا فسأفيق من السكر، وستبقين قبيحة مهما حاولتِ».
أمّا أدبنا العربي فقد احتفى بأدب الشتيمة، ومن ذلك المقامة الدينارية الشهيرة لبديع الزمان، حين تنافس الإسكندري، مع خصمه فيمن يكون أقبح وأبلغ شتماً، حتى يظفر بالدينار العجيب!
فقال الإِسْكَنْدَرِيُّ لخصمه: يَا بَرْدَ العَجُوزِ، يَا كُرْبَةَ تَمُّوزَ، يَا وَسَخَ الكُوزِ، يَا دِرْهَماً لا يَجُوزُ، يَا حَدِيثَ الْمُغِّنينَ، يَا سَنَةَ الْبُوسِ، يَا كَوْكَبَ النَّحُوسِ، يَا رَمَدَ العَيْنِ، يَا غَدَاةَ الْبَيْنِ، يَا فِرَاقَ المُحِبَّيْن، يَا سَاعةَ الحَيْنِ يَا مَقْتَلَ الحُسَيْنِ يَا ثِقَلَ الدَّيْنِ… إلخ.
وردّ المنافس: يَا قَرَّادَ القُرُودِ، يَا لَبُودَ اليَهُودِ، يَا نَكْهَةَ الأُسُودِ، يَا عَدَماً فِي وُجُودٍ، يَا دُخَانَ النِّفْطِ، يَا صُنَانَ الإِبْطِ، يا أفْضَحَ مِنْ عَبْرَةٍ، يَا أَبْغَى مِنْ إِبْرَةٍ، يَا مَهَبِّ الخُفِّ، يا مَدْرَجَةَ الأَكُفِّ، يَا كلِمَةَ لَيْتَ، يا وَكْفَ البيْتِ، يَا كَيْتَ وَكَيْتَ… إلخ.
قَالَ عِيسَى بْنُ هِشامٍ: فَوَ اللهِ مَا عَلِمْتُ أَيَّ الرَّجُلَين أُوثِرُ؟! وَمَا مِنْهُما إِلاَّ بَدِيع الْكَلاَمِ، عَجِيبُ المَقَامِ، أَلَدُّ الخِصَامِ، فَتَرَكْتُهما، وَالدِّينَارُ مُشاعٌ بَيْنَهُمَا، وانْصَرَفْتُ وَمَا أَدْرِي مَا صَنَعَ الدَّهْرُ بِهِمَا.
إذن فإن الشتيمة قد تكون في بعض الأحيان لوناً بليغاً من البيان، يختصر الكَلام بشفرة الكِلام، ويبدو أن الشيخ عبّاس سئم من كثرة الحكي فيما لا حصيلة منه، فأبلغ وأوجع وترك الخلق جرّاها يختصمون.
كاتب سعودي
نقلاً عن: aawsat.news

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمن الفكري في موسم الحج
الأمن الفكري في موسم الحج

المدينة

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • المدينة

الأمن الفكري في موسم الحج

الأمن الفكري في موسم الحجِّ يُعدُّ من القضايا المهمَّة، التي تعكس جهود حكومة خادم الحرمين الشَّريفين في تعزيز السَّلام والأمان بين حجَّاج بيت الله الحرام. حيث تسعى الدولة ممثَّلةً في قيادتها الرَّشيدة، وبكل طاقتها البشريَّة والماديَّة، إلى توفير بيئة آمنة ومطمئنة للحجَّاج، من خلال عدَّة جوانب منها: توعية الحجَّاج حيث تقوم الحكومة بإطلاق حملات توعويَّة، تهدف إلى تعزيز الفهم الصحيح للدِّين، ومكافحة الفكر المتطرِّف، والتي تشمل محاضرات، وندوات توعويَّة داخل وخارج المملكة.عند كتابة هذه الكلمات، كنتُ أستمعُ لخطبة الجمعة من رحاب المسجد الحرام، لفضيلة الشيخ عبدالرحمن السديس، الذي تحدَّث في مستهلها عن الأمن الفكريِّ، وعن العقل مناط التكليف، وبأنَّ تحكيم العقل يتطلَّب البُعد عن الأفكار المتطرِّفة والمضلِّلة، وأنَّ الوعي المجتمعي هو بوابة الأمن المجتمعيِّ، مشيدًا بالدور الذي تقوم به كافة أجهزة الدولة؛ لتوفير أفضل الخدمات، وبجودة عالية لضيوف الرَّحمن؛ ليؤدُّوا مناسكهم بسكينة وطمأنينة.كل ما نستشعره من تطوُّر في خدمات تُقدَّم لضيوف الرَّحمن يرافقه حتمًا تنسيق أمني، يوفِّر الحماية للحجَّاج، ويسهم في تقليل المخاطر الأمنيَّة، وبتناغم مؤسسيٍّ مع وزارة الصحَّة يعيش الحجَّاج حالةً صحيَّةً مستقرَّةً.. وكذلك تسهيل الإجراءات للدخول والخروج للحجَّاج، وتوفير خدمات متكاملة للنقل والإقامة، تُسهم في خلق تجربة حجٍّ سلسةٍ وآمنةٍ.ولأنَّني من أهل المدينة النبويَّة، أعرفُ جيِّدًا وأتلمَّسُ ما يحدث من تطوُّر مبهر في الخدمات، ما بين الماضي والحاضر، وأفتخرُ بما تقدِّمه حكومة المملكة في هذا الشأن، والتي لا تكتفي إطلاقًا عند حدٍّ معيَّن من الإنجاز، بل تحرص على مستويات عالية من الجودة والإتقان، ففي كلِّ عام هناك جديد من خدمات متميِّزة من أجل رحلة الحجِّ الاستثنائيَّة في حياة كل مسلم على وجه الأرض، ولتكون السعوديَّة دومًا محط الأنظار في التميُّز في الأداء في كافة الأجهزة الحكوميَّة والخاصَّة؛ وليقدِّم شبابنا تجربةً نوعيَّةً في التطوُّع، ومساعدة كلِّ مَن يطلب العون والمساندة في سبيل تسهيل مهمَّته في المدينتين المقدَّستين وفي المشاعر المقدَّسة.للسعوديَّة تجربة فريدة من نوعها، ومدرسة خاصَّة جدًّا في عمليَّة إدارة الحشود، والتي يندر وجودها على كوكب الأرض، في بقعة واحدة، ومساحة محدودة، تجمع الملايين من البشر، وهم في أمن تام، وسلامة تامة، وذلكَ فضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشاءُ مِن عِبَادِهِ.نحن -السعوديِّين- فخورُون بخدمة الحرمين الشَّريفين، وبحُسن ضيافة ورعاية ضيوف الرَّحمن على مدار العام، وفي موسم الحجِّ تستنفر كل الطاقات والإمكانات؛ لنكون على قدر التحدِّي -دومًا- وبأعلى معايير من التميُّز المؤسسيِّ والفرديِّ على حدٍّ سواءٍ. كل فرد منَّا يعي حجم الأمانة، ويبقى للإعلام كلمته، وللصورة توثيقها الذي ينقل الصورة المشرقة الحقيقيَّة لصناعة الإنجاز السعوديِّ المستمر في كل المجالات.هنا السعودية، مهبط الوحي، ومثوى سيد المرسلين. وهنا يجتمع ملايين المسلمين، والذين ينقلون لأوطانهم، وشعوب الأرض من نحن؟ وكيف تكون هذه الأرض هي الأحب والأقرب لقلوبهم، وأرواحهم؟ ويحملون معهم ذكرياتهم الجميلة عن الإنسان السعودي، الذي يحمل هوية وطنية سعودية معتدلة وسطية، ننشر الحب والسلام والتسامح، ونساهم في بناء مجتمع متماسك يعرف دوره في خارطة الحضارة الإنسانية.كل هذه الجهود تجسِّد رُؤية المملكة 2030 الطَّموحة، التي تسهم في تعزيز الأمن الفكريِّ، وتحقيق الاستقرار والنمو، وتجعل من موسم الحجِّ تجربةً فريدةً ومثاليَّةً تحفر في ذاكرة كلِّ مسلم؛ لتكون رحلة العمر، فيعود الحاج لوطنه، وقد اكتفى روحيًّا ونفسيًّا من متطلَّباته الدينيَّة في زيارة لن ينساها أبد الحياة، وسيعود معه أجمل الذكريات، مع علاقات إنسانيَّة استثمرها من خلال التبادل الثقافيِّ والإنسانيِّ مع كافة شعوب الأرض، على هذه الأرض المباركة.

«حل الدولتين»... حلم فلسطيني لا يُرى ولا يزول
«حل الدولتين»... حلم فلسطيني لا يُرى ولا يزول

الشرق الأوسط

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

«حل الدولتين»... حلم فلسطيني لا يُرى ولا يزول

في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأسبوع الماضي، في رام الله، خرج الرئيس محمود عباس أبو مازن عن النص المكتوب، بكلمات لم تحظ بتعليق واسع؛ قال الرجل للحاضرين: «ليس 20 عاماً. بل (بعد) أقل بكثير ستقوم الدولة الفلسطينية». والتصريح النادر لعباس، يتجاوز المطالبة بإقامة الدولة المرجوة إلى إعلان موعد تقريبي أو ربما مأمول. والحاصل أن الحلم الفلسطيني المرجو في «حل الدولتين» يبدو اليوم شبيهاً بفراشة شاعر فلسطين الأبرز، محمود درويش، الذي قال يوماً: «أثر الفراشة لا يُرى... أثر الفراشة لا يزول». لقد كان يُمكن لتصريح أبو مازن أن يحتل عناوين الأخبار لو أنه جاء في وقت كان يتفاوض فيه مع إدارة إسرائيلية أخرى مثل رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت حين كانت التصورات أن الاتفاق حلم ممكن. لكن مع إيغال إسرائيل في اغتيال كل ما هو فلسطيني «البشر والشجر والحجر»، وحتى حل الدولتين، بدا التصريح نوعاً من الدعاية، أو ضرباً من التفاؤل المفرط، أو مجرد رياضة فكرية، إذ لم يكن مُرتكزاً إلا على معطيات لا يعلمها سواه (أي عباس). يرى واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير»، أن عباس «استند إلى الحق التاريخي للشعب الفلسطيني، والقناعة المطلقة بأن العالم يدعم مبدأً واحداً، وأن أي حل في المنطقة يجب أن يستند إلى قيام دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة تشمل القدس». يقول أبو يوسف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نستسلم ولم نتراجع؛ إرادتنا واضحة، والجميع يدرك أنه لا حل ولا سلام دون حقوق الشعب الفلسطيني. ولا أحد يستطيع إلغاء ذلك». فلسطينيون في رام الله يرمون الحجارة على دوريات إسرائيلية في ذكرى الانتفاضة الثانية سبتمبر 2002 (غيتي) وتابع: «نتنياهو لا يريد ذلك ويسعى لعزل قطاع غزة وتعزيز الانقسام لإحباط قيام دولة فلسطينية، بل إنه يقول إنها (مزحة). لكن إرادة العالم أقوى من إرادة الاحتلال، ونحن واثقون بإنهائه». ويدلل أبو يوسف على موقفه بأن «الدعم الدولي والعربي في مواجهة خطة إسرائيل لليوم التالي في قطاع غزة، يؤكد أن انتصار الفلسطينيين على (الدولة المارقة) بما يفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، سيكون حتمياً». تعد مسألة إطلاق مسار سياسي لإقامة دولة فلسطينية قديمة للغاية؛ إذ تُوجت عام 1993 بـ«اتفاق أوسلو» للسلام بين إسرائيل و«منظمة التحرير». كان الاتفاق تحولاً كاملاً ومربكاً إلى حد كبير للطرفين، واتضح لاحقاً أنه كان أيضاً مُعقداً ومستعصياً، ولقد حاولت إسرائيل التخلص منه أكثر من مرة. وفق اتفاق أوسلو التاريخي الذي قُدم بعدّه مؤقتاً، كان يُفترض أن تقام دولة فلسطينية بعد 5 سنوات من توقيعه أي في عام 1998. غير أن «الاتفاق الأم» جرّ خلفه اتفاقات ومواجهات عدة، ولم يأت حتى الآن بالدولة. وتقسمت الدولة بعد ذلك إلى شبه دويلات، واحدة في الضفة مع سلطة ضعيفة، وأخرى في غزة سيطرت عليها «حماس»، وثالثة في القدس الشرقية تحت سيطرة إسرائيل بالكامل. كان ذلك التشظي مُرضياً بشكل كبير لإسرائيل، حتى حلول «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي غيّر معه إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة برمتها، وحتى العالم. عندما سُئل مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ما الذي تريده حكومة إسرائيل؟ قال إن «الأمر معقّد». وتعبير ويتكوف المختصر كان يُبرر لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استئناف الحرب على غزة، لكنه كان يختصر في حقيقة الأمر كل شيء يدور حول الفلسطينيين. وبينما يخطط نتنياهو لوضع ينهي فيه السلطة و«حماس» معاً، ويجعل قيام الدولة أمراً مستحيلاً، بدأت السلطة مع حلفائها العرب والغربيين، في رسم خطة أخرى مغايرة، تمثل أفضل مخرج ممكن لسنوات طويلة من الصراع والحروب والدماء. الخطة المضادة والمغايرة، اختصرها رياض منصور المندوب الفلسطيني في مجلس الأمن، يوم الثلاثاء الماضي، بقوله إن «الخطة التي لا بديل لها هي خطة حل الدولتين». لا تبدو الإجابة سهلة حالياً، مثلما كانت طوال العقود الماضية، لكن السلطة تنخرط في جهود كبيرة لإطلاق مسار سياسي يقود إلى «رغبة العالم في إنهاء الصراع مرة واحدة إلى الأبد». ويقول مصدر فلسطيني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة مناقشات جدية وحاسمة مع كل الأطراف لمرحلة ما بعد الحرب ترتكز الى مسار سياسي ينهي كل شيء». وتحدث المصدر القريب من دائرة صنع القرار في السلطة التي يقودها الرئيس أبو مازن عن أن «القيادة الفلسطينية منخرطة في نقاشات مع الأميركيين والأوروبيين والدول العربية و(حماس) وإسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر من أجل دفع مسار إقامة الدولة». وترتكز الخطة على إمكانية تبنِّي الولايات المتحدة هذا المسار بعدّه المخرج الوحيد لإنهاء الحرب في قطاع غزة وصنع السلام في المنطقة. وتابع أنه في سبيل إقامة الدولة «نحن (أي السلطة) مستعدون، وأجرينا تغييرات كبيرة، وحتى (حماس) مستعدة للذهاب إلى أبعد نقطة، وليس فقط تسليم القطاع والتنازل عن الحكم، بل أيضاً فيما يخص تسليم سلاحها». وقبل أيام قليلة فقط أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن «حماس» مستعدة لقبول الدولة على حدود عام 1967. وفيما بدا استعداداً لمرحلة الدولة التي تحدث عنها عباس، أجرى الرئيس الفلسطيني بنفسه تغييرات غير مسبوقة في هيكل السلطة الفلسطينية - هي الكبرى، منذ نشأتها - توجت هذا الأسبوع بتعيين حسين الشيخ نائباً له. وجاء تعيين الشيخ بعد سلسلة تغييرات كبيرة شملت خلال الحرب إقامة حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء محمد مصطفى، وتغييراً طال جميع قادة الأجهزة الأمنية تقريباً، وإحالة مئات الضباط برتبة عميد، للتقاعد بمرسوم رئاسي. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن «السلطة تتغير وتستعيد مكانتها استعداداً لما هو قادم». لم تكن هذه التغيرات في السلطة عبثية، كما أنها ليست وليدة لخطة فلسطينية خالصة، وإنما هي عربية كذلك وأوروبية إلى حد كبير وربما أميركية بصورة ما. وربما يفسر ما سبق حالة الترحيب العربي الكبير والسريع بتعيين الشيخ نائباً لعباس، بما يشي برضا عن المسار الذي بدأته السلطة، ويمهد الطريق للمسار السياسي. وبموازاة ذلك تقود المملكة العربية السعودية إلى جانب فرنسا مساراً في مواجهة الخطط الإسرائيلية لإحباط قيام الدولة الفلسطينية، وتستعدان لرئاسة مشتركة لمؤتمر دولي بشأن «حل الدولتين» في يونيو (حزيران) المقبل. وشدَّد مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، على أن أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلَّب الإسراع في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتلقى المساعي السعودية دعماً عربياً ودولياً، كما تتواكب مع دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى «اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لتحقيق حل الدولتين، وعدم السماح للمتطرفين على أي جانب بتقويض ما تبقى من عملية السلام». كان غوتيريش يحذر من أنه إذا استمر الوضع الراهن فإن ذلك «يهدد وعد حل الدولتين بخطر التلاشي». وفي بريطانيا أيضاً أكد وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي أن بلاده «تعمل مع الشركاء لإصلاح وتمكين السلطة الفلسطينية». جماهير سيلتيك في أسكوتلندا تحتفل وترفع العلم الفلسطيني في المدرجات ديسمبر 2024 (رويترز) وأضاف لامي في بيان عقب لقاء مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في لندن، قبل يومين، أن «المملكة المتحدة ملتزمة بدعم جهود إقامة دولة فلسطينية لأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم، وضمان الأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين». وقبل ذلك أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس قد تعترف بدولة فلسطينية في يونيو المقبل. ولا تتعلق قضية «حل الدولتين» فقط بالإرادة والرغبة، إذ لا يمكن تجاهل إسرائيل في المعادلة المعقدة، بينما هي القوة القائمة بالاحتلال على كل سنتيمتر من الدولة الفلسطينية. وعملياً تصطدم كل التحركات اليوم وأمس وغداً بحكومة إسرائيلية يمينية تتمترس خلف حلم اغتيال هذا الحل (حل الدولتين). وموقف إسرائيل لا يحتاج للكثير من التنقيب والتحليل، فالانقلاب على أوسلو والدولة قديم، لكن الانقلاب على السلطة بدا جلياً بعد شهرين فقط من بدء الحرب على قطاع غزة، نهاية العام الماضي، عندما خرج نتنياهو ليقول إن جيشه يستعد لقتال محتمل مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، عادّاً أن اتفاق أوسلو كان «خطأ إسرائيل الكبير». ومنذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تتعامل إسرائيل مع السلطة كأنها غير موجودة. وصعدت إسرائيل في الضفة الغربية ولم يخفِ وزراء في الحكومة الإسرائيلية مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، أنهم يسعون للتخلص من السلطة صراحة، ويتبجحون بعدم وجود شعب فلسطيني أصلاً. وأكد سموتريتش أنه ماضٍ في خطة لحل السلطة، وإقامة نظام حكم مدني إسرائيلي في الضفة يقوم على تغيير «الحامض النووي - DNA» للضفة وتفكيك السلطة، وإحباط قيام الدولة، عادّاً أن تلك «مهمة حياته». على الأرض تبدو إسرائيل ماضية في اغتيال وتحطيم كل شيء، متجاهلة كل تحرك من أجل قيام الدولة، بل وتعدّه «مكافأة للإرهاب»، كما قال نتنياهو بعد مكالمة مع ماكرون، الشهر الماضي، عقب إعلان الأخير نيته الاعتراف بها. على أي حال فإن الحشد لصالح «حل الدولتين»، يجعل العالم كله في مواجهة اليمين الإسرائيلي المتطرف، ويجعل التعويل أكثر على قدرة العرب وقوى العالم الداعمة على تغيير بوصلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يزور المنطقة قريباً، وإقناعه بأن الانتصار الحقيقي هو في «صنع السلام»، وليس من خلال الحرب، باعتبار أن الدم سيظل يستدعي الدم، والسلام سيطول الجميع بلا استثناء.

الشيخ يستهل مهماته بزيارة الرياض
الشيخ يستهل مهماته بزيارة الرياض

عكاظ

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • عكاظ

الشيخ يستهل مهماته بزيارة الرياض

تابعوا عكاظ على أكد مسؤولون ودبلوماسيون عرب أن النائب الجديد لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية حسين الشيخ قرر أن يستهل مهماته الجديدة بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، تقديراً منه للدور الرئيسي الذي تقوم به الرياض لدعم مساعي السلطة الفلسطينية إلى إصلاح هياكلها، والنهوض بدورها في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة. وقالت المصادر إن الشيخ يعتزم أن يبحث مع المسؤولين السعوديين سبل تعزيز العلاقات السعودية - الفلسطينية، والاستعداد للزيارة التي يزمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القيام بها للمنطقة منتصف مايو القادم. وسيبدأ ترمب زيارته بالمملكة، ثم يغادر إلى الإمارات، وقطر، بحسب المتحدثة باسم البيت الأبيض. ويعتقد على نطاق واسع أن ترمب قد يعلن خلال زيارته للسعودية التوصل إلى اختراق في شأن مساعي وقف النار بغزة، وإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس منذ 7 أكتوبر 2023. أخبار ذات صلة ويقول محللون إن ترمب يأمل أن يعلن من الرياض التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. يذكر أن السعودية كانت رحبت بتعيين حسين الشيخ نائباً لرئيس السلطة الفلسطينية السبت الماضي. وكان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بحث في اتصال هاتفي مع نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية نائب رئيس فلسطين حسين الشيخ المستجدات على الساحة الفلسطينية، وسبل تعزيز العمل المشترك لدعم القضية الفلسطينية، ومصالح الشعب الفلسطيني، كما ذكرت الخارجية السعودية. فيما شدد مجلس الوزراء السعودي على أن أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلب الإسراع في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، فضلاً عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. حسين الشيخ

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store