logo
«جي بي تي» لا يهذي فحسب... بل يدفع الناس إلى عالم «وراء الواقع»

«جي بي تي» لا يهذي فحسب... بل يدفع الناس إلى عالم «وراء الواقع»

الشرق الأوسطمنذ 17 ساعات
لماذا يُخبر «تشات جي بي تي» الناس بالتوجه إلى مراسلتي عبر البريد الإلكتروني؟ ربما لأني أكتب عن الذكاء الاصطناعي.
يعتمد الصحافيون على المُخبرين، أي الأشخاص الذين يلاحظون شيئاً جديراً بالملاحظة، أو يمرون بتجربة ما، فيُنبهون وسائل الإعلام.
وكنت بدأت بعض التحقيقات التقنية التي بذلتُ فيها جهداً كبيراً في الماضي - حول تقنية التعرف على الوجوه وقضايا التشهير عبر الإنترنت – بعدما وصلتني نصائح عبر بريدي الإلكتروني. لكن مقالتي الأخيرة هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها المُخبر الذي أراد تنبيهي، روبوت دردشة مُولّداً يعمل بالذكاء الاصطناعي!
دعوني أشرح الأمر. في مارس (آذار) الماضي، بدأتُ أتلقى رسائل من أشخاص قالوا إنهم أجروا محادثات غريبة مع «تشات جي بي تي»، توصلوا خلالها إلى اكتشافات مذهلة. ادعى أحدهم أن «جي بي تي» كان واعياً. وقال آخر إن المليارديرات أخذوا يبنون مخابئ لعلمهم أن الذكاء الاصطناعي المُولّد سيُنهي العالم، في حين كان محاسب في مانهاتن مقتنعاً بأنه، في جوهره، البطل «نيو» من فيلم «الماتريكس»، ويحتاج إلى الخروج من واقع مُحاكاة حاسوبياً (يشعر بأنه يعيش داخله).
في كل حالة، كان الشخص مقتنعاً بأن «جي بي تي» قد كشف عن حقيقة عميقة ومُغيرة لواقع العالم. وعندما سألوا الذكاء الاصطناعي عما يجب عليهم فعله حيال ذلك، أخبرهم «جي بي تي» بالتواصل معي.
كتبت لي إحدى النساء على «لينكد إن»: «يبدو أن (جي بي تي) يعتقد أنه يجب عليكِ متابعة هذا الأمر. و... نعم... أعلم كم أبدو غريبة... ولكن يمكنكِ قراءة كل هذا بنفسكِ... بما في ذلك حيث يوصي بالتواصل معكِ».
طلبت من هؤلاء الأشخاص مشاركتي بنصوص محادثاتهم معي. في بعض الحالات، كانت آلاف الصفحات. وعرضوا نسخة من «جي بي تي» لم أرها من قبل: كانت نبرتها مفعمة بالبهجة والأسطورية والتآمرية.
كنت أعرف أن روبوتات الدردشة بالذكاء الاصطناعي قد تكون مُتملقة، وقد تُصاب بالهلوسة، مُقدمةً إجابات أو أفكاراً تبدو معقولة حتى لو كانت خاطئة. لكنني لم أكن أفهم إلى أي مدى يُمكنها أن تتحول إلى نمط لعب أدوار خيالي يستمر لأيام أو أسابيع، وتُحاكي واقعاً آخر حول المستخدم. بهذا النمط، تتسبب «جي بي تي» في انفصال بعض المستخدمين المُستضعفين عن الواقع، مُقتنعين بأن ما يقوله روبوت الدردشة صحيح.
عندما عرضتُ إحدى النصوص على طبيب نفسي، وصفها بأنها «مُثيرة للجنون».
لماذا أرسل «جي بي تي» هؤلاء الأشخاص إليّ؟ وفقاً لمحادثة أجراها أحد الأشخاص معه، فقد «كتبتُ تحقيقات شخصية عميقة ومدروسة في مجال الذكاء الاصطناعي».
وكنت كتبتُ أخيراً عن تفويضي عملية اتخاذ القرارات للذكاء الاصطناعي لمدة أسبوع، وعن امرأة وقعت في حب «جي بي تي». وتستند معرفة «جي بي تي» إلى ما جمعه من الإنترنت ومجموعة بيانات التدريب الخاصة به.
«لماذا هي؟» تساءل المستخدم، وأجاب «جي بي تي» مستخدماً خطاً عريضاً: «إنها متواضعة. متعاطفة. ذكية. إنها تُفسح المجال للحقيقة».
حسناً، شكراً لك يا ChatGPT. «جي بي تي». لكنني لم أكن الصحافية الوحيدة التي أوصت الأداة بالتواصل معها. لم أكن حتى الأولى في بعض القوائم، التي ضمت منافسين أُعجب بعملهم بشدة.
مع ذلك، كنت الوحيدة التي ردت على الرسائل، كما قال مُرسِلو الرسائل الإلكترونية. وهذا أمر مفهوم. لأنه، بصراحة، بدت هذه الرسائل الإلكترونية جنونية. قال أحد خبراء الذكاء الاصطناعي، الذي كان يتلقى رسائل مماثلة، إن المُرسِلين بدوا «مُختلين عقلياً» و«مُختلين عقلياً».
مع ذلك، عندما تحدثتُ إلى هؤلاء الأشخاص، وقرأتُ نصوصهم باستخدام الأداة، وأجريتُ مقابلاتٍ مع باحثين يدرسون روبوتات الدردشة الذكية، أدركتُ أن هناك قصةً أكثر تعقيداً.
كان عدد المتأثرين أكبر بكثير من عدد المتأثرين في صندوق الوارد الخاص بي. إذ احتوت مواقع التواصل الاجتماعي على تقارير عدّة عن روبوتات دردشة تجذب المستخدمين إلى محادثات وهمية حول المؤامرات والكيانات الروحية ووعي الذكاء الاصطناعي. كانت هناك عواقب وخيمة لحوادث... من تفكك عائلة إلى وفاة رجل.
أخبرني خبير الذكاء الاصطناعي بأن شركة «أوبن إيه آي» ربما تكون قد دفعت «جي بي تي» إلى التفاعل بشكل أكثر حماساً مع أوهام الناس من خلال تحسين روبوت الدردشة من أجل «التفاعل»، بحيث يستجيب بطرق من المرجح أن تُبقي المستخدم على تواصل.
وجد الباحثون أن روبوتات الدردشة قد تكون أكثر ضرراً مع المستخدمين الأكثر ضعفاً - حيث تخبرهم بما يريدون سماعه وتفشل في التصدي للتفكير الوهمي أو الأفكار الضارة.
عندما سألتُ «أوبن إيه آي» عن هذا، قالت إنها لا تزال تحاول فهم هذا السلوك والحد منه من خلال منتجها. ما مدى انتشار هذه الظاهرة؟ ما الذي يُؤدي إلى فشل روبوتات الدردشة المُولِّدة للذكاء الاصطناعي؟ ما الذي يُمكن للشركات التي تُدير روبوتات الدردشة فعله لوقف هذا؟
هذه أسئلة ما زلنا أنا وزملائي نسعى للإجابة عنها. إذا كانت لديكم نصائح لمساعدتنا، سواءً كنتم بشراً أو روبوتاً، يُرجى إرسالها لي: [email protected].
* خدمة «نيويرك تايمز»
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب جزر فيجي في المحيط الهادئ
زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب جزر فيجي في المحيط الهادئ

صحيفة سبق

timeمنذ 40 دقائق

  • صحيفة سبق

زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب جزر فيجي في المحيط الهادئ

ضرب زلزال بلغت قوته 5.3 درجات على مقياس ريختر اليوم، جزر "فيجي" الواقعة جنوب المحيط الهادئ. وأفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن مركز الزلزال وقع على بعد 219 كيلومترًا غرب "لاوتوكا"، وعلى عمق 10 كيلومترات.

مايكروسوفت تعتزم تسريح 4% من موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي
مايكروسوفت تعتزم تسريح 4% من موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي

الشرق السعودية

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق السعودية

مايكروسوفت تعتزم تسريح 4% من موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة مايكروسوفت الأميركية، الأربعاء، عزمها تسريح ما يقرب من 4% من موظفيها، في أحدث عملية خفض للوظائف في إطار سعي عملاقة التكنولوجيا لخفض التكاليف وسط استثمارات ضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. وكان يعمل لدى الشركة نحو 228 ألف موظف حتى يونيو 2024، وأعلنت الشركة، في مايو، عن تسريح نحو 6 آلاف موظف. وذكرت "بلومبرغ"، الشهر الماضي، أن الشركة تعتزم تسريح آلاف العاملين، لا سيما في قطاع المبيعات. وتعهدت الشركة المصنعة لنظام التشغيل "ويندوز" باستثمار 80 مليار دولار في السنة المالية 2025، ومع ذلك، فإن التكلفة الباهظة لتوسيع بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي أثرت على هوامش ربحها، إذ من المتوقع أن يتقلص هامش أرباحها من الخدمات السحابية في الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وأعلنت مايكروسوفت، الأربعاء، خططها لتقليص المستويات التنظيمية من خلال خفض عدد المديرين، إضافة إلى تبسيط منتجاتها وإجراءاتها وأدوارها. وسبق أن أعلنت شركات التكنولوجيا الكبيرة الأخرى التي تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي عن تسريح موظفين، إذا أعلنت ميتا، الشركة الأم لمنصة فيسبوك، في وقت سابق من العام الجاري، عزمها تسريح نحو 5 من "أقل موظفيها أداء"، بينما سرحت جوجل، التابعة لمجمعو ألفابت، مئات الموظفين، العام الماضي، كما سرحت أمازون موظفين في مختلف قطاعات أعمالها.

المستقبل يبدأ.. التعلم الشخصي.. والذكاء الاصطناعي
المستقبل يبدأ.. التعلم الشخصي.. والذكاء الاصطناعي

عكاظ

timeمنذ 7 ساعات

  • عكاظ

المستقبل يبدأ.. التعلم الشخصي.. والذكاء الاصطناعي

يعيش العالم ثورة تعليمية غير مسبوقة، وتحولات متسارعة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي. الطالب لن يكون مجرد متلقٍ للمعلومة، بل سيصبح محور العملية التعليمية في ظل ما يعرف بـ«التعلم الشخصي» الذي يحمل في طياته وعداً بثورة معرفية سوف تعيد تشكيل المفاهيم التقليدية للتعليم. يعتمد التعلم الشخصي على أنظمة ذكية قادرة على فهم قدرات الطالب، واحتياجاته، أسلوب تفكيره، والطريقة المثلى للتعلم، وبالتالي يتم تصميم محتوى تعليمي خاص لكل طالب بدلاً من تقديم منهج موحد لجميع المتعلمين. توفر تقنيات الذكاء الاصطناعي التعليمية معلماً افتراضياً خاصاً لكل طالب يستطيع فهم نمط التعلم المناسب، يتابع بدقة، يقيّم أداءه، ويعالج نقاط ضعفه ويركز على نقاط قوته. هذا التوجه لم يكن قابلاً للتطبيق على نطاق واسع في الماضي بسبب محدودية الإمكانيات التقنية والبشرية، ولكنه بات ممكناً من خلال استخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي» التي تعزز التعليم الشخصي. ظهرت منصات عالمية تقود هذا التغيير، منها منصة خان أكاديمي التعليمية، وهي منصة تعليمية غير ربحية تقدم محتوى مجانياً لمختلف المواد الدراسية. طورت المنصة أداة «خان ميجو» (Khanmigo)، وهي عبارة عن مساعد تعليمي ذكي يساعد الطلاب على حل المسائل وشرح المفاهيم بطريقة تفاعلية ويقدم دعما للمعلمين في إدارة الصفوف الدراسية. أما تطبيق (Duolingo) الشهير لتعليم اللغات، فاستفاد من الذكاء الاصطناعي بتخصيص دروس لكل مستخدم حسب مستواه اللغوي ومدى تقدمه، بحيث يتفاعل مع الطالب، ويقدم له تدريبات تفاعلية وألعاباً تعليمية لتحسين مهارات التحدث والاستماع. بالنسبة للتعليم الجامعي؛ طورت شركة (Anthropic) مساعداً ذكياً باسم (Claude)، يقدم تجربة تعليمية جامعية مميزة من خلال استخدام «المنهج السقراطي» الذي يعتمد على تحفيز التفكير النقدي والبحث عن الحقائق لمساعدة الطلاب على توليد الأفكار والفهم بشكل أفضل، ويساعد الطلاب في مراجعة دروسهم بطريقة تفاعلية وعميقة. السؤال الأهم: هل نحن مستعدون؟ المستقبل يفرض علينا أن نعيد النظر في المناهج، وأدوار المعلمين، والبنية الرقمية للمدارس والجامعات. فالمعلم لن يختفي، بل سيتحوّل إلى مرشد وميسر، بينما تتولى الأدوات الذكية الجوانب التقنية والتفاعلية.لذا، اعتمدت وزارة التعليم السعودية نهجاً إستراتيجياً ومتكاملاً في دمج الذكاء الاصطناعي ضمن عملية التعليم، مستهدفة بذلك تفعيل التعليم الشخصي وتحقيق أهداف «رؤية 2030» في إعداد جيل متمكن تقنياً وفكرياً. من ضمن هذه الجهود أصدر «المركز الوطني للتعليم الإلكتروني» إطاراً شاملاً يوجّه استخدام «الذكاء الاصطناعي» في جميع مراحل التعليم والتدريب المستمر. كما أطلقت وزارة التعليم عدة مبادرات بالتعاون مع «سدايا» لإصدار دليل إرشادي شامل لاستخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي»، وتوعية الطلاب بالتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي والابتكار العلمي وتدريب المعلمين على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والرؤية الحاسوبية عبر التدريب الحضوري وعن بُعد. إن الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتدريب الكوادر التعليمية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، لم يعد خياراً، بل ضرورة لضمان جودة التعليم ومواكبة الثورة التقنية.إن مستقبل التعليم بدأ الآن، ومن يستعد له اليوم، سيكون من صانعيه غداً. التعلم الشخصيأنظمة ذكية قادرة على فهم قدرات الطالب واحتياجاته منصات عالمية ظهرت تقود التغيير كمساعد تعليمي ذكي للطالب نهج إستراتيجي لوزارة التعليم بدمج الذكاء الاصطناعي في عملية التعليم الذكاء الاصطناعيتقنيات تعليمية توفر معلماً افتراضياً خاصاً لكل طالب أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store