logo
هل يمكن للحوافز المالية إقناع شباب الصين بالإنجاب؟

هل يمكن للحوافز المالية إقناع شباب الصين بالإنجاب؟

الاقتصادية٢٦-٠٧-٢٠٢٥
تستعد الصين لبدء صرف إعانة وطنية لرعاية الأطفال في 2025، في محاولة من صُنّاع القرار لمواجهة أحد أخطر التحديات طويلة الأمد: تقلص عدد السكان. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الرسمية، ستقدم الحكومة المركزية 3600 يوان (503 دولارات) سنويًا عن كل طفل دون سن الثالثة.
وفقا لمجلة "بارونز"، يمثل هذا القرار أول دعم مالي مباشر على المستوى الوطني للأسر التي لديها أطفال رضع، وذلك بعد سنوات من التجريب على المستوى المحلي وتصاعد القلق بشأن انخفاض معدلات المواليد. وبالرغم من أن هذا المبلغ قد يبدو زهيدًا وفقًا للمعايير الأمريكية، إلا أن دخل الفرد الاسمي في الصين يبلغ نحو 13,687 دولارًا سنويًا، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
تُظهر البيانات أن عدد سكان الصين انخفض للعام الثالث على التوالي، إذ سُجّل فقط 9.54 مليون مولود في 2024، مقارنة بـ 19 مليونًا تقريبًا في 2016. ويشكّل هذا التراجع تهديدًا هيكليًا للاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث يترجم انخفاض عدد الشباب إلى تراجع في القوى العاملة والإنتاجية، وتزايد الضغط على نظام التقاعد.
لكنّ فعالية هذا الدعم المالي البسيط في إقناع الأزواج بإنجاب الأطفال لا تزال محل شك. تقول ليو وين، محللة تسويق تبلغ من العمر 28 عامًا من مدينة هانجتشو: "أرى أن الحكومة تحاول، لكن هذا لا يكفي لتغيير رأيي. إن تربية الأطفال لا تقتصر على الحفاضات والحليب، بل تشمل التعليم والسكن ومسارنا المهني أيضًا".
يُظهر هذا التصريح التحدي الأكبر الذي تواجهه بكين. فبينما يُعدّ البرنامج تحوّلًا في موقف الحكومة المركزية تجاه دعم السياسات السكانية، يرى المحللون أن حجم الدعم لا يكفي لتغيير السلوك بشكل ملموس.
وتقدّر مجموعة "جولدمان ساكس" بأن تكلفة البرنامج نحو 100 مليار يوان (14 مليار دولار) سنويًا، أي أقل من 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي. وبما أن الدعم سيشمل الأطفال المولودين قبل يناير 2025 والذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات، فإن الإنفاق قد يصل إلى 250 مليار يوان في النصف الثاني من 2025. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون تأثيره الاقتصادي محدودًا، بحيث يضيف 0.25% فقط إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسرعان ما يتلاشى لاحقًا.
وكتب محللو "جولدمان" أن "التجربة الدولية تشير إلى أن برنامجًا بهذا الحجم قد لا يعزز معدلات المواليد"، مضيفين أن هذا التوجه الجديد يعكس "تفكيرًا سياسيًا جديدًا وتخطيطًا طويل المدى لمواجهة التحديات الدورية والهيكلية للنمو".
من جهتها، قالت ميشيل لام، كبيرة الاقتصاديين في "سوسيتيه جنرال"، إن هذه الخطوة "ذات تأثير لا يكاد يذكر، لكنها مهمة من حيث دلالتها الرمزية، وتمهّد الطريق لمزيد من الدعم مستقبلاً".
فلسنوات، كانت السلطات المركزية تفضّل الحوافز الضريبية أو الدعم غير المباشر بدلًا من المنح المالية المباشرة. أما الآن، فيبدو أن الصين بدأت تتجه نحو الدعم المباشر، حيث ستموّل الحكومة المركزية ما يصل إلى 95% من البرنامج في المناطق الأقل تطورًا.
وقد سبقت بعض الحكومات المحلية في هذا المجال. فمدينة هوهوت، عاصمة منطقة منغوليا الداخلية، قدمت دعمًا بقيمة 50 ألف يوان للطفل الثاني و100 ألف يوان للطفل الثالث. كما أطلقت مدن مثل هيفي وتيانمن وبانتشيهوا برامج مشابهة، لكن نتائجها كانت متفاوتة. ووفقًا لـ "جولدمان"، شهدت تيانمن تحسنًا مؤقتًا في معدلات الولادة بعد بدء الدعم في 2023، بينما نجحت بانتشيهوا في إبطاء وتيرة التراجع.
لكن يحذر الخبراء من أن الحوافز المالية وحدها لن تكفي لتغيير اتجاهات اجتماعية راسخة. فقد وصلت معدلات الزواج في الصين إلى أدنى مستوياتها منذ قرابة 50 عامًا، ويُرجع عديد من الشباب هذا إلى انعدام الأمن الوظيفي وارتفاع أسعار السكن والإرهاق النفسي، ما يدفعهم لتأجيل أو فكرة الإنجاب حتى التخلّي عنه.
بدأت بكين تدرك هذه التحديات الهيكلية. ففي تقرير الحكومة السنوي في مارس الماضي، وعد رئيس الوزراء لي تشيانج بتوسيع خدمات رعاية الأطفال وتخفيف العبء عن العائلات العاملة. لكن حتى الآن، لا تزال التفاصيل غير واضحة، وتطبيق السياسات متفاوت.
أما للمستثمرين، فتداعيات هذه التغيرات تتجاوز الجوانب السكانية. فالانخفاض المستمر في عدد المواليد قد يؤثر سلبًا في النمو الاقتصادي طويل الأجل، والطلب الاستهلاكي، وتوافر القوى العاملة، كما قد يعيد تشكيل قطاعات مثل التعليم والإسكان والرعاية الصحية والتأمين.
ويبقى السؤال: هل تمثل هذه الخطوة بداية لسياسة دعم أسري شاملة، أم مجرد لفتة رمزية؟ في الحالتين، التحدي واضح. فحسب توقعات الأمم المتحدة، قد ينخفض عدد سكان الصين إلى 1.3 مليار بحلول 2050، وأقل من 800 مليون بحلول 2100. وإذا لم تنتعش معدلات الخصوبة، فقد يُبنى مستقبل الصين الاقتصادي على قاعدة سكانية آخذة في الانكماش.
أما في الوقت الحالي، فيبدو أن معظم الأسر الشابة غير مقتنعة بأن بضعة آلاف من اليوان سنويًا كافية لتغيير القرار.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إنتاج الغاز العُماني يرتفع إلى 27.6 مليار متر مكعب في النصف الأول
إنتاج الغاز العُماني يرتفع إلى 27.6 مليار متر مكعب في النصف الأول

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

إنتاج الغاز العُماني يرتفع إلى 27.6 مليار متر مكعب في النصف الأول

شهد إنتاج سلطنة عُمان من الغاز الطبيعي ، شاملاً الإنتاج المحلي والاستيراد، نموًّا طفيفًا بنسبة 0.3% في النصف الأول من عام 2025، حيث سجل 27.692 مليار متر مكعب، مقارنة بـ27.601 مليار متر مكعب خلال الفترة نفسها من عام 2024. وقال المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، إن إنتاج الغاز المصاحب ارتفع بنسبة 11.4% خلال النصف الأول من العام ليصل إلى 6.255 مليار متر مكعب، مقارنة بـ5.616 مليار متر مكعب في الفترة ذاتها من عام 2024. وتراجع إنتاج الغاز غير المصاحب (مع الاستيراد) بنسبة 2.5% ليبلغ 21.43 مليار متر مكعب في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ21.985 مليار مكعب خلال نفس الفترة من العام الماضي، بحسب بيانات أوردتها وكالة الأنباء العُمانية. كما تراجع استهلاك الغاز الطبيعي في المشروعات الصناعية بنسبة 5.3% ليبلغ 13.81 مليار متر مكعب خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، مقارنة بـ15.593 مليار متر مكعب للفترة المماثلة من عام 2024.

أميركا تمنح «إنفيديا» ترخيصاً لتصدير رقائق إلى الصين
أميركا تمنح «إنفيديا» ترخيصاً لتصدير رقائق إلى الصين

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

أميركا تمنح «إنفيديا» ترخيصاً لتصدير رقائق إلى الصين

بدأت وزارة التجارة الأميركية إصدار تراخيص لشركة «إنفيديا»، عملاق الإلكترونيات، لتصدير رقائق «إتش 20» إلى الصين، وهو ما يزيل عقبة كبيرة أمام وصول الشركة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى سوق رئيسية؛ حسبما أفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن مسؤول أميركي. ورفعت الولايات المتحدة الشهر الماضي حظراً فُرض في أبريل (نيسان) على بيع رقاقة «إتش 20» إلى الصين، بعد تبادل رسوم جمركية بين البلدين، بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وبلغت حد الحرب التجارية. وكانت شركة «إنفيديا» قد صممت المعالج الدقيق خصيصاً للسوق الصينية، امتثالاً لضوابط تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. وحذَّرت شركة صناعة الرقائق من أن هذه القيود التي فرضها ترمب لاحقاً، ستخفض مبيعاتها في ربع السنة المنتهي في يوليو (تموز) بثمانية مليارات دولار. وأفاد مصدران مطلعان لـ«رويترز» بأن الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، جنسن هوانغ، التقى ترمب يوم الأربعاء. وكانت الشركة قد قالت في يوليو إنها ستقدم طلبات إلى الحكومة الأميركية لاستئناف مبيعات «إتش 20» إلى الصين، وتلقت تأكيدات بأنها ستحصل على التراخيص قريباً. وتتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على تطوير نماذج جديدة أكثر تطوراً، قادرة على «التفكير»، وأداء المهام بشكل مستقل، وتركز أنظارها على ما يُسمى الذكاء الاصطناعي «العام» أو «الفائق الذكاء» الذي يتمتع بقدرات معرفية تفوق قدرات البشر. وتسارعت وتيرة التطوير مع سعي مختلف المجموعات لجعل أدوات المساعدة بالذكاء الاصطناعي -أبرزها «تشات جي بي تي»، و«جيميناي» (غوغل)، و«ميتا إيه آي»، و«كلود» (أنثروبيك)- لا غنى عنها في الحياة اليومية لأكبر عدد ممكن من المستخدمين والمطورين، وذلك باستخدام الرقائق الإلكترونية.

واردات أميركا تتراجع بأكثر من المتوقع في يونيو
واردات أميركا تتراجع بأكثر من المتوقع في يونيو

العربية

timeمنذ 2 ساعات

  • العربية

واردات أميركا تتراجع بأكثر من المتوقع في يونيو

أظهرت بيانات من الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة أن الواردات إلى الولايات المتحدة انخفضت بأكثر من المتوقع في يونيو/ حزيران، إذ أثّر القلق إزاء تغيير سياسات الرسوم الجمركية على تجار التجزئة، مما قاد لمخاوف تتعلق بتقلص الخيارات أمام المتسوقين. تأتي هذه البيانات في الوقت الذي دخلت فيه العديد من الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، حيز التنفيذ هذا الأسبوع. واعتبارًا من السابع من أغسطس/ آب، صارت الرسوم الجمركية تتراوح بين 10% و50%، وتواجه الهند والبرازيل وسويسرا بعضًا من أعلى المعدلات. ومنذ الإعلان عن رسوم أساسية بنسبة 10% فيما أُطلق عليه "يوم التحرير" في أبريل/ نيسان، عدّل ترامب الرسوم الجمركية عدة مرات. وأدّت هدنة مؤقتة مع الصين في مايو/ أيار إلى خفض الرسوم الجمركية إلى 30%، لكن زيادات جديدة استؤنفت في يوليو/ تموز، وفق ما نقلته وكالة "رويترز". وبالأرقام، تعاملت الموانئ الأميركية التي يغطيها تقرير الاتحاد الوطني للموانئ مع 1.96 مليون حاوية مقاس 20 قدمًا أو ما يعادلها في يونيو/ حزيران، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 8.4% على أساس سنوي، لكنه يمثل في الوقت نفسه ارتفاعًا بنسبة 0.7% عن مايو/ أيار. كان هذا الانخفاض أكبر من توقعات الاتحاد الوطني للموانئ التي أصدرها قبل شهر، إذ كان قد توقّع آنذاك أن تستقبل الموانئ 2.06 مليون حاوية مكافئة في يونيو/ حزيران، بزيادة قدرها 5.9% عن مايو/ أيار، وبانخفاض قدره 3.7% على أساس سنوي. علاوة على ذلك، من المتوقع مبدئيًا أن يكون حجم البضائع المستوردة عبر الموانئ الرئيسية للحاويات في الولايات المتحدة في نهاية عام 2025 أقل بنسبة 5.6% عن حجمها عام 2024، وفقًا لتوقعات الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة، اليوم الجمعة. وأبلغت شركات تجارة الملابس بالتجزئة، بما في ذلك "أندر آرمور" و"ديكرز أوتدور"، عن تأثيرات ترتبت على الرسوم الجمركية خلال الشهرين الماضيين، وتتخذ خطوات لتنويع سلاسل التوريد الخاصة بها لتجنب الرسوم على السلع القادمة من، أو التي يتم نقلها عبر، دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام. وقال جوناثان جولد، نائب رئيس الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة لشؤون سلاسل التوريد والسياسات الجمركية: "بدأت الرسوم الجمركية في دفع أسعار المستهلكين إلى الارتفاع، وسوف يؤدي انخفاض الواردات في نهاية المطاف إلى نقص السلع على أرفف المتاجر". وأضاف: "نحن بحاجة إلى اتفاقيات تجارية ملزمة تفتح الأسواق من خلال خفض الرسوم الجمركية، وليس رفعها"، مشيرًا إلى أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، وانخفاض التوظيف، وانخفاض الاستثمار التجاري، وتباطؤ الاقتصاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store