
هل ستبقى بريطانيا عالقة في مفاوضاتها مع أوروبا إلى الأبد؟
جانان غانيش
يحتفي العالم بعام 2025 بوصفه الذكرى المئوية لميكانيكا الكم، ما يستدعي منا أن نسترجع الفكرة الجوهرية لهذا العلم الغريب: غموض الأشياء في المستوى الذري وتحت الذري، فأصغر الظواهر المعروفة تتصرف أحياناً كجسيمات، وأحياناً كموجات، وقد توجد في أكثر من مكان وزخم في آنٍ، وهي الحالة المعروفة باسم «التراكب الكمي»، إلى أن يتم رصدها وقياسها، بعد أن منحنا عالم نيوتن قدراً من اليقين في تفسير العالم، بدت الرؤية الكمية للكثيرين من الفيزيائيين خروجاً عن المنطق، وربما حتى تجاوزاً للعلم نفسه، ومع ذلك لا تزال هذه الرؤية قائمة حتى يومنا هذا.
وفي حقيقة الأمر فإن الدولة التي وُلِدَ فيها نيوتن هي التي تعيش وفق المبادئ الكمية طوال الوقت، فما هو موقع بريطانيا من أوروبا إن لم تكن تمثل تراكباً كمياً؟ فهي خارج الاتحاد الأوروبي، لكنها ليست خارجه في الوقت ذاته، ويعود ذلك إلى أن تسجيل بريطانيا لنسبة 46 % من تجارتها مع التكتل يضمن أن القواعد التي تستنها بروكسل ما زالت تؤثر على بريطانيا، ولا يقترب أي شريك تجاري آخر من هذه النسبة، لأن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي لم يلغِ العوامل الجغرافية في عام 2016. وفي سبيل تعزيز النمو ترغب حكومة حزب العمال، بزعامة السير كير ستارمر، في التوافق مع المزيد من هذه القواعد، ما يعني فقدان البلاد قدراً من استقلاليتها.
وفي الوقت ذاته يواصل البريطانيون زيارة القارة بأعداد كبيرة لأنها قريبة منهم، ولأن «الفضاء الإنجليزي»، أو الدول المتحدثة بالإنجليزية، يمكن أن تكون باهظة التكاليف بالنسبة لمن يخفقون باستمرار في التمتع برعاية مركز أبحاث يميني النزعة ليغطي تكاليف انتقالهم وتحدثهم في المحافل، لذا فإن الوصول إلى البوابات الإلكترونية للمطارات في كل من نيس، ومالقة، وروما، وغيرها، تعد طلباً بريطانيا يرغب الاتحاد الأوروبي في أمور مقابله. وبالنسبة للدفاع تسعى بريطانيا إلى تعزيز قدراتها العددية بالاشتراك مع أوروبا في وقت يشهد خوفاً من روسيا، وعدم اكتراث أمريكي، لكن ذلك يعني ضرورة مساهمة المملكة المتحدة في صندوق أوروبا لإعادة التسليح.
وليست هذه سوى البداية، وبطبيعة الحال فإن الحكومة التالية لحزب المحافظين، أو التي ربما يكوّنها حزب إصلاح المملكة المتحدة، قد تسعى إلى تفكيك بعض من هذه الروابط الناشئة مع الاتحاد الأوروبي. وإذا ما وصلت الأمور إلى هذا فسوف يستعيد الاتحاد الأوروبي المنافع المقابلة، ما ينطوي على خوض غمار جولة إضافية من المفاوضات. وسيسفر التأثير الناجم عن هذا على الشركات أو السياح البريطانيين عن دعوات إلى الشروع في محاولة أخرى للتقارب، ولك أن تتصور ما سيحدث تباعاً.
وهكذا لن تحسم بريطانيا علاقتها بالاتحاد الأوروبي أبداً، فالحياة خارجه صعبة، وهو السبب وراء عدم محاولة أي من الدول الأعضاء في الاتحاد مغادرته، وينطبق الأمر ذاته على الحياة في كنف الاتحاد الأوروبي، وهو السبب وراء عدم اقتراح أي سياسي بريطاني بارز العودة الكاملة إلى عضوية التكتل، لذا لم يتبقَ أمام المملكة المتحدة سوى محاولات لا نهائية من أجل التكيّف، كمن يتململ في مقعده ظناً منه أنه سيجد مكاناً مريحاً وهمياً.
ويمكن أن تكون البلاد مثل سويسرا، حيث تتمثل العلاقات الخارجية للدولة المحايدة إلى حد كبير في خوض مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، عقداً بعد عقد، وغالباً ما ينطوي الأمر على تنازل تلو تنازل، لكن هذا ليس المآل الأسوأ على مستوى العالم، إن كان بإمكانك التعايش مع شرطين. أولهما أن الاتجاه سيكون غالباً نحو بروكسل، فسويسرا عضوة في اتفاقية شنغن، وهو ما لم تكن بريطانيا عضوة فيه حتى عندما كانت عضوة في الاتحاد الأوروبي، أما الشرط الثاني فهو أن السويسريين يتمتعون بمعايير عيش رائعة، بفضل نموذج اقتصادي فذ، وهو ما ينطبق أيضاً على الرافضين لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهم النرويجيون، أما بريطانيا فستواجه مزيداً من المعاناة إذا ما أساءت حساباتها في الموازنة بين الاستقلال والوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لسؤال «هل بريطانيا في أوروبا أم لا؟»، فالإجابة الواضحة هي «نعم». لقد تفاوضت بريطانيا للوصول إلى أكثر اتفاقيات الخروج قسوة، ومن المستحيل ألا يشوه كيان يضم بين جنباته 450 مليون نسمة الظروف السياسية والاقتصادية لدولة متوسطة الحجم قبالة سواحله. وإن كان الانفصال القانوني خياراً مشروعاً تماماً إلا أن الانفصال الفعلي لم يكن خياراً من الأساس.
وتكمن المشكلة في أن الاستفتاء لم يسمح، ولم يكن بإمكانه السماح، بوجود أي غموض، فقد أجبر ذلك الاستفتاء الرأي العام، وبلغة ميكانيكا الكم، على «الانهيار» إلى إما البقاء وإما المغادرة، بينما كان هناك ملايين المصوّتين ذوي وجهات نظر أكثر غموضاً من ذلك، لذا تقع على كاهل الحكومة مهمة التفاوض على مر الوقت للوصول إلى تحسين للوضع القائم، الذي يحظى بدعم من 27 % من المصوّتين.
وبفعله هذا تلقى ستارمر تحذيرات من المبالغة في مساعيه لكيلا يثير حفيظة ناخبين اختاروا مغادرة الاتحاد الأوروبي منذ ما يقل من عِقد، ولا يسعني هنا إلا أن أتعجب، فقد صرخ المحافظون في وجهه منذ أيام بقولهم «استسلم»، بيد أن هذا لم يكن ذا تأثير. وقد ظلت نسبة البريطانيين الذين يعتقدون أن المغادرة كانت الخيار الأصوب عند الثلث منذ 2022. ولعل كل أشكال المصالحة، مثل الانضمام إلى الاتحاد الجمركي، أو السوق الموحدة، أو الاتحاد الأوروبي ذاته، أو التوصل إلى «علاقة أوثق» غير مُحددة الملامح لا تنطوي على أي من الاحتمالات الثلاثة السابقة، تحظى بتأييد أكبر من ذلك الخروج القاسي، لكن حسن الظن يصب في صالح ستارمر.
ومهما حقق رئيس الوزراء هذا في مفاوضاته فإن الدبلوماسية الأوروبية هي ما سيحدد مستقبل بريطانيا. وستتفاوض البلاد مع الاتحاد الأوروبي طالما ظل الجانبان موجودين. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فستكون هذه العملية جزءاً ضئيلاً من أنشطته بصفة عامة. وبالنسبة للمملكة المتحدة ستكون هذه المفاوضات محورية، لأن كل خطوة تخطوها البلاد في سبيل التوصل إلى اتفاق ستنطوي على خسارة لقدر ما من سيادتها، وستمثل كل انتكاسة تكلفة هائلة. وقبل بدء الذين أيدوا البقاء بالاتحاد الأوروبي الشماتة فإن الأمر لم يكن ليختلف كثيراً لو كانت بريطانيا ما زالت عضوة في التكتّل، لأن البرلمان كان سيبدي تذمره من هذا القانون، أو ذاك، أو هذا المخطط الفيدرالي، أو ذاك.
وفي النهاية، وحينما قرر جيران المملكة المتحدة الاتحاد سوياً بعد الحرب، وقررت هي الانسحاب من الموجة الأولى، لم يكن بوسع المرء سوى أن يأمل في أقل الشروط إثارة للحرج من هذا المشروع، سواء من الداخل أو الخارج. ويبدو أن قدر بريطانيا أن تكون تراكباً كمياً، لا أن تكون في موقع متفوق.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 6 ساعات
- البيان
هل ستبقى بريطانيا عالقة في مفاوضاتها مع أوروبا إلى الأبد؟
جانان غانيش يحتفي العالم بعام 2025 بوصفه الذكرى المئوية لميكانيكا الكم، ما يستدعي منا أن نسترجع الفكرة الجوهرية لهذا العلم الغريب: غموض الأشياء في المستوى الذري وتحت الذري، فأصغر الظواهر المعروفة تتصرف أحياناً كجسيمات، وأحياناً كموجات، وقد توجد في أكثر من مكان وزخم في آنٍ، وهي الحالة المعروفة باسم «التراكب الكمي»، إلى أن يتم رصدها وقياسها، بعد أن منحنا عالم نيوتن قدراً من اليقين في تفسير العالم، بدت الرؤية الكمية للكثيرين من الفيزيائيين خروجاً عن المنطق، وربما حتى تجاوزاً للعلم نفسه، ومع ذلك لا تزال هذه الرؤية قائمة حتى يومنا هذا. وفي حقيقة الأمر فإن الدولة التي وُلِدَ فيها نيوتن هي التي تعيش وفق المبادئ الكمية طوال الوقت، فما هو موقع بريطانيا من أوروبا إن لم تكن تمثل تراكباً كمياً؟ فهي خارج الاتحاد الأوروبي، لكنها ليست خارجه في الوقت ذاته، ويعود ذلك إلى أن تسجيل بريطانيا لنسبة 46 % من تجارتها مع التكتل يضمن أن القواعد التي تستنها بروكسل ما زالت تؤثر على بريطانيا، ولا يقترب أي شريك تجاري آخر من هذه النسبة، لأن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي لم يلغِ العوامل الجغرافية في عام 2016. وفي سبيل تعزيز النمو ترغب حكومة حزب العمال، بزعامة السير كير ستارمر، في التوافق مع المزيد من هذه القواعد، ما يعني فقدان البلاد قدراً من استقلاليتها. وفي الوقت ذاته يواصل البريطانيون زيارة القارة بأعداد كبيرة لأنها قريبة منهم، ولأن «الفضاء الإنجليزي»، أو الدول المتحدثة بالإنجليزية، يمكن أن تكون باهظة التكاليف بالنسبة لمن يخفقون باستمرار في التمتع برعاية مركز أبحاث يميني النزعة ليغطي تكاليف انتقالهم وتحدثهم في المحافل، لذا فإن الوصول إلى البوابات الإلكترونية للمطارات في كل من نيس، ومالقة، وروما، وغيرها، تعد طلباً بريطانيا يرغب الاتحاد الأوروبي في أمور مقابله. وبالنسبة للدفاع تسعى بريطانيا إلى تعزيز قدراتها العددية بالاشتراك مع أوروبا في وقت يشهد خوفاً من روسيا، وعدم اكتراث أمريكي، لكن ذلك يعني ضرورة مساهمة المملكة المتحدة في صندوق أوروبا لإعادة التسليح. وليست هذه سوى البداية، وبطبيعة الحال فإن الحكومة التالية لحزب المحافظين، أو التي ربما يكوّنها حزب إصلاح المملكة المتحدة، قد تسعى إلى تفكيك بعض من هذه الروابط الناشئة مع الاتحاد الأوروبي. وإذا ما وصلت الأمور إلى هذا فسوف يستعيد الاتحاد الأوروبي المنافع المقابلة، ما ينطوي على خوض غمار جولة إضافية من المفاوضات. وسيسفر التأثير الناجم عن هذا على الشركات أو السياح البريطانيين عن دعوات إلى الشروع في محاولة أخرى للتقارب، ولك أن تتصور ما سيحدث تباعاً. وهكذا لن تحسم بريطانيا علاقتها بالاتحاد الأوروبي أبداً، فالحياة خارجه صعبة، وهو السبب وراء عدم محاولة أي من الدول الأعضاء في الاتحاد مغادرته، وينطبق الأمر ذاته على الحياة في كنف الاتحاد الأوروبي، وهو السبب وراء عدم اقتراح أي سياسي بريطاني بارز العودة الكاملة إلى عضوية التكتل، لذا لم يتبقَ أمام المملكة المتحدة سوى محاولات لا نهائية من أجل التكيّف، كمن يتململ في مقعده ظناً منه أنه سيجد مكاناً مريحاً وهمياً. ويمكن أن تكون البلاد مثل سويسرا، حيث تتمثل العلاقات الخارجية للدولة المحايدة إلى حد كبير في خوض مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، عقداً بعد عقد، وغالباً ما ينطوي الأمر على تنازل تلو تنازل، لكن هذا ليس المآل الأسوأ على مستوى العالم، إن كان بإمكانك التعايش مع شرطين. أولهما أن الاتجاه سيكون غالباً نحو بروكسل، فسويسرا عضوة في اتفاقية شنغن، وهو ما لم تكن بريطانيا عضوة فيه حتى عندما كانت عضوة في الاتحاد الأوروبي، أما الشرط الثاني فهو أن السويسريين يتمتعون بمعايير عيش رائعة، بفضل نموذج اقتصادي فذ، وهو ما ينطبق أيضاً على الرافضين لعضوية الاتحاد الأوروبي، وهم النرويجيون، أما بريطانيا فستواجه مزيداً من المعاناة إذا ما أساءت حساباتها في الموازنة بين الاستقلال والوصول إلى الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة لسؤال «هل بريطانيا في أوروبا أم لا؟»، فالإجابة الواضحة هي «نعم». لقد تفاوضت بريطانيا للوصول إلى أكثر اتفاقيات الخروج قسوة، ومن المستحيل ألا يشوه كيان يضم بين جنباته 450 مليون نسمة الظروف السياسية والاقتصادية لدولة متوسطة الحجم قبالة سواحله. وإن كان الانفصال القانوني خياراً مشروعاً تماماً إلا أن الانفصال الفعلي لم يكن خياراً من الأساس. وتكمن المشكلة في أن الاستفتاء لم يسمح، ولم يكن بإمكانه السماح، بوجود أي غموض، فقد أجبر ذلك الاستفتاء الرأي العام، وبلغة ميكانيكا الكم، على «الانهيار» إلى إما البقاء وإما المغادرة، بينما كان هناك ملايين المصوّتين ذوي وجهات نظر أكثر غموضاً من ذلك، لذا تقع على كاهل الحكومة مهمة التفاوض على مر الوقت للوصول إلى تحسين للوضع القائم، الذي يحظى بدعم من 27 % من المصوّتين. وبفعله هذا تلقى ستارمر تحذيرات من المبالغة في مساعيه لكيلا يثير حفيظة ناخبين اختاروا مغادرة الاتحاد الأوروبي منذ ما يقل من عِقد، ولا يسعني هنا إلا أن أتعجب، فقد صرخ المحافظون في وجهه منذ أيام بقولهم «استسلم»، بيد أن هذا لم يكن ذا تأثير. وقد ظلت نسبة البريطانيين الذين يعتقدون أن المغادرة كانت الخيار الأصوب عند الثلث منذ 2022. ولعل كل أشكال المصالحة، مثل الانضمام إلى الاتحاد الجمركي، أو السوق الموحدة، أو الاتحاد الأوروبي ذاته، أو التوصل إلى «علاقة أوثق» غير مُحددة الملامح لا تنطوي على أي من الاحتمالات الثلاثة السابقة، تحظى بتأييد أكبر من ذلك الخروج القاسي، لكن حسن الظن يصب في صالح ستارمر. ومهما حقق رئيس الوزراء هذا في مفاوضاته فإن الدبلوماسية الأوروبية هي ما سيحدد مستقبل بريطانيا. وستتفاوض البلاد مع الاتحاد الأوروبي طالما ظل الجانبان موجودين. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي فستكون هذه العملية جزءاً ضئيلاً من أنشطته بصفة عامة. وبالنسبة للمملكة المتحدة ستكون هذه المفاوضات محورية، لأن كل خطوة تخطوها البلاد في سبيل التوصل إلى اتفاق ستنطوي على خسارة لقدر ما من سيادتها، وستمثل كل انتكاسة تكلفة هائلة. وقبل بدء الذين أيدوا البقاء بالاتحاد الأوروبي الشماتة فإن الأمر لم يكن ليختلف كثيراً لو كانت بريطانيا ما زالت عضوة في التكتّل، لأن البرلمان كان سيبدي تذمره من هذا القانون، أو ذاك، أو هذا المخطط الفيدرالي، أو ذاك. وفي النهاية، وحينما قرر جيران المملكة المتحدة الاتحاد سوياً بعد الحرب، وقررت هي الانسحاب من الموجة الأولى، لم يكن بوسع المرء سوى أن يأمل في أقل الشروط إثارة للحرج من هذا المشروع، سواء من الداخل أو الخارج. ويبدو أن قدر بريطانيا أن تكون تراكباً كمياً، لا أن تكون في موقع متفوق.


صحيفة الخليج
منذ 8 ساعات
- صحيفة الخليج
طنين النحل يعزز إنتاج النبات للرحيق
توصل باحثون إيطاليون من جامعة تورينو، إلى أن بعض النباتات تستجيب لطنين النحل القريب منها، بزيادة كمية الرحيق، في سلوك تكيفي يهدف إلى جذب الملقحات الطبيعية وتعزيز فرص التلقيح. وقالت د. فرانشيسكا باربيرو، عالمة الحيوان، والباحثة الرئيسية في الدراسة: «وجدنا أن نباتات أنف العجل تميز صوت النحل عن غيره من الحشرات، وتستجيب له بزيادة إنتاج الرحيق، على عكس ما يحدث عند سماع أصوات دبابير غير ملقحة أو أصوات بيئية عامة». وأشارت إلى أن هناك أدلة متزايدة على أن النباتات والحشرات يمكنها استشعار الإشارات الصوتية الاهتزازية. والنتائج التي توصلنا إليها تظهر قدرة النباتات على التفاعل النشط مع بيئتها بشكل يفوق التصورات السابقة. وأوضحت د. فرانشيسكا باربيرو: «يمكن أن تكون هذه الاستجابة، نتيجة تطور مشترك مع الملقحات، إذ تتجه النباتات إلى مكافأة الحشرات التي تعود عليها بالفائدة، وتتجاهل ما يعرف بـ«لصوص الرحيق» الذين يستهلكون الرحيق دون أن يساهموا في عملية التلقيح». لاحظ الباحثون تغيرات جينية في النباتات مرتبطة بعملية إنتاج ونقل السكر، بعد تعرضها لصوت طنين النحل، مما يعزز الفرضية القائلة إن الصوت وحده كاف لتحفيز النبات دون الحاجة لاتصال مباشر بالحشرة.


البيان
منذ 17 ساعات
- البيان
ثورة الطيران.. هل انتهى عصر الطائرات التقليدية؟
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت شركة إيرباص عن طائرتها الجديدة "ZEROe"، التي تُعد أول نموذج تجاري يعمل بخلايا وقود الهيدروجين، ما يشكل تحولاً جذرياً في مستقبل الطيران العالمي، ويعد بإقلاع أولي بحلول عام 2035. الطائرة الجديدة تعمل بالطاقة الكهربائية الناتجة عن خلايا وقود الهيدروجين، ما يلغي الحاجة إلى الوقود الأحفوري، ويجعل الانبعاثات الكربونية شيئاً من الماضي، إذ لا تنتج عن تشغيلها سوى بخار الماء، وفقا لموقع unionrayo. تصميم مبتكر خارج عن المألوف "زيرو إي" تأتي بتصميم موحد مزوّد بأربعة محركات، كل منها يعمل بشكل مستقل عبر خلية وقود هيدروجينية، هذا المفهوم يختلف تماماً عن النماذج التقليدية للطائرات، ويعتمد على نظام دفع كهربائي بالمراوح، في سابقة لم تُسجل من قبل في طائرة تجارية بهذا الحجم. ويأمل مطورو الطائرة في تشغيل رحلات عابرة للقارات دون انبعاثات كربونية، شريطة أن يتم إنتاج الهيدروجين المستخدم من مصادر طاقة متجددة. تحديات ضخمة وتعاون استراتيجي واجهت إيرباص تحديات تقنية هائلة أثناء تطوير هذا النموذج، إذ يتطلب تحريك طائرة تجارية بوزن يصل إلى 300 طن طاقة هائلة، ومن أجل ذلك، دخلت الشركة في شراكة مع "ElringKlinger" وأطلقت مشروع "Aerostack"، الذي نجح عام 2023 في اجتياز اختبارات تقنية معقدة، وحقق قدرة تشغيلية بلغت 1.2 ميغاواط – وهي سابقة في صناعة الطيران. بفضل هذه الإنجازات، أثبتت إيرباص إمكانية اعتماد خلايا وقود الهيدروجين كمصدر دفع عملي وفعال للطائرات. مشروع عالمي يتجاوز حدود الطائرة الطائرة الجديدة ليست إلا جزءاً من مشروع أوسع تطمح إليه إيرباص تحت اسم "محاور الهيدروجين في المطارات" – وهي مبادرة تهدف إلى تطوير شبكة عالمية من البنية التحتية في المطارات لتزويد الطائرات بالهيدروجين، على غرار محطات الوقود للسيارات. وقد بدأت شركات طيران كبرى مثل دلتا، إيزي جيت، ويز إير، إيبيريا، وآير نيوزيلندا بالفعل بالانضمام إلى البرنامج، في إشارة إلى مدى جدية التحول الذي تشهده صناعة الطيران. رغم أن الموعد المعلن سابقاً لتشغيل الطائرة كان في عام 2030، تشير إيرباص الآن إلى احتمال تأجيل الإطلاق الأول إلى منتصف العقد المقبل، أي حوالي عام 2035، تبعاً لمستوى التقدم في تطوير التكنولوجيا والبنية التحتية. وتبذل الشركة جهوداً حثيثة لتأمين كافة الجوانب المتعلقة بالسلامة، وسلاسل الإمداد، وتوفير الهيدروجين الأخضر في المطارات الدولية. الهيدروجين... رهان المستقبل في وقت يتسارع فيه العالم للتخلص من الوقود الأحفوري، يظهر الهيدروجين كأحد أبرز البدائل المطروحة، ليس فقط في قطاع السيارات، بل الآن في الطيران أيضاً. ورغم أن التقنية لا تزال في طور التطوير، فإن "زيرو إي" تشكل مؤشراً واضحاً على المسار الذي يسير نحوه مستقبل النقل الجوي.