logo
"شوبنهاور" يفكّ شفرات التقدُّم التكنولوجي

"شوبنهاور" يفكّ شفرات التقدُّم التكنولوجي

اليوم الثامنمنذ يوم واحد

توافر للإنسان في العصر الحديث الكثير من السُّبل التي تسهِّل عليه الحياة، والتي إذا كان متواجدًا ولو بعضًا أو حتى واحدةً منها في الماضي، لكانت الابتهاج له حليفًا دائمًا. لكن ما يحدث حاليًا أمر يدعو للحزن الشديد؛ إذ أن الإنسان وبالرغم من بلوغه مراتب عُلا من التقدُّم التكنولوجي ومعرفته بالعديد من الوصفات التي تجعله مالكًا للسمو الأخلاقي والرقي، إلَّا أنه ينزلق يومًا تلو الآخر في غياهب من الهمجية التي تتأصَّل بداخله وتتزايد يومًا تلو الآخر. بل والأسوأ، باتت الحياة تعجّ بالمرضى النفسيين، وأصبح الاكتئاب مرض مُعتاد، ومصاب به المليارات، بما في ذلك الأطفال. وعلاوة على ذلك، صارت السعادة أمر بعيد المنال يمكن القراءة عنه في الكتب والقصص الخيالية فقط.
وبالرغم من كل هذا، يأمل العلماء أن تتعاظم سعادة الإنسان باختراع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يحاكي التفكير البشري وأساليب وعيه وإدراكه. والغرض المُعلن من ذاك الاختراع الفريد ليس فقط محاكاة الإنسان لمجرَّد المحاكاة، لكن توفير وقته وجهده لأعمال أخرى قد تكون ذات نفع عظيم له وللبشرية ، بما في ذلك توفير الوقت والطاقة لتنمية الروابط الأسرية والإنسانية التي فقدها تقريبًا عند اللهاث وراء تحقيق النجاح والتميُّز. ويحاول العلماء طمأنة البشر أن ذاك الاختراع الذي غيَّر أشكال الحياة، ولسوف يواصل تبديل كل ما هو قديم بقيم ومستحدثات غير مسبوقة، لسوف يكون السبيل لفهم كيفية عمل العقل البشري، الذي لا يزال سرًّا معقَّا لا يستطيع العلم والتقدُّم التكنولوجي فك شفراته. وكذلك يؤكِّد العلماء أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان - في شكلها الأمثل - هي علاقة نفع مُتبادل، وأنه لا يجب أن يصير الذكاء الاصطناعي بديلًا للإنسان الذي اخترعه ولا يزال يعمل على تطويره.
وذاك الرأي الذي أتي على لسان زمرة من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل في العلوم، والتخصصين في البرمجيات والفيزياء وعلوم النفس والأعصاب. إلَّا أن أقوالهم لم تشعر العامة بالاطمئنان الموجو، وأزجت المزيد من التوتُّر على عقولهم وعلى حياتهم. ودون أدنى شك، السبب واضح؛ لأن العلماء وضعوا العقل البشري والإنسان ككيان في مرتبة متساوية مع الذكاء الاصطناعي.
ولكي يفهم الإنسان موقفه في هذا العالم الحديث الذي أصبح التقدُّم فيه أمر حتمي، وكذلك هو الحال بالنسبة للإحساس بالتشاؤم من المستقبل وعدم الرضا عنه، كان لا بد من الرجوع لآراء الحكماء الذين وضعوا أسس هذا العالم الحديث من خلال إنشاء ما يشابه المنهاج الذي لا يساعد فقط على فهم ما يحدث حولنا، بل أيضًا التعامل معه بسهولة وأريحية. وواحدًا من الفلاسفة شديدي الحكمة الذي يجب اللجوء لأرائهم في أحلك المواقف، هو الفيلسوف الألماني "آرثر شوبنهاور" Arthur Schopenhauer (1788-1860) المشهور بلقب فيلسوف التشاؤم. لكن بالرجوع إلى كنزه الفكري من مراجع لا تحظى بشعبية كاسحة حتى الآن، يلاحظ أنه لا يصدِّر التشاؤم للبشرية، بل أنه يشرح أسبابه ويحاول قدر الإمكان إيجاد منهاجًا للتعامل معه. وقد يظن البعض أن آراءه بالية قد عفا عليها الزمان لأنه ولد في القرن الثامن عشر وفارق الحياة بعد منتصف القرن التاسع عشر، لكن من يظن هذا قد حاده الصواب؛ لأن "شوبنهاور" عاصر الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية في مهدهما، وراقب عن كثب التطوُّرات الناشئة والمخاوف العامة من تلك من الآلات المستحدثة، والتي بالقياس تشابه لحد بعيد اختراع الذكاء الاصطناعي واستخداماته المتعددة في الوقت الحالي، وبالمثل، كان هناك حينئذٍ مخاوف شديدة من استبدال البشر بآلات لا يصيبها الإرهاق ولا تمانع العمل بشكل متواصل وفي أي وقت، حسب الحاجة لها وكلما طُلِب منها.
في الماضي، كان الرقي الاجتماعي والأخلاقي مرتبطين بكل ما يُعلي من شأن العلوم وتحصيلها والاطلاع على الفنون وفهمها، وكذلك معرفة المستحدثات والابتكارات. ولهذا السبب، كان الجميع يحرصون على اقتناء مكتبات ضخمة مهيبة بداخل منازلهم؛ للتفاخر بها، وكأنها العلامة الدَّامعة لرفي شخص ما وحصافة رأيه، بينما قد يكون العكس عين الصِّحة. والأنكى من ذلك، أن المكتبات المنزلية تلك تتحول إلى ما يشبه المكتبات التي لا يستفيد منها أي فرد، بل وقد تكون لم يمسسها أحد على الإطلاق، فيما خلا البعض من كتبها. ومن ثمَّ، كان ينتقد "شوبنهاور" من يشترون الكتب ويكدسونها، لأن من يشتري كتابًا من الأحرى أن يشتري أيضًا معه الوقت اللازم لقراءته؛ لأنه جرت العادة على مجرد الرغبة في امتلاك المحتوى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن عملية القراءة بالنسبة ل"شوبنهاور" ليست كل شيء، لأن من يقرأ يجعل شخص آخر يفكر بالأصالة عنه، والقاريء مجرد شخص يكرر إعمال العقل الذي قام به مؤلِّف الكتاب؛ إذًا، فإن القارئ في تلك الحالة ليس بمبتكر، بل كأي تلميذ صغير يتعلَّم الكتابة، ويكون فرضه المدرسي تكرار ما كتبه له المعلِّم وسطره بقلم رصاص، أي أنه من السهل أن يُمحى هذا المحتوى، وتتلاشى من جدار الذَّاكرة المعلومات التي عمل الفرد على جمعها من القراءة. والسبب، أن الجزء الأكبر من عملية التعلُّم والفكر قد أنجزه الكتاب من أجلنا. ولهذا السبب، عندما يرغب أي شخص إلهاء نفسه عن أمر ما، أو تحسين حالته المزاجية، أو حتى محاربة الأرق، فإنه على الفور يلتقط كتابًا ويقرأه؛ كي تلهيه القراءة عن الانشغال بأفكاره. وتأثير القراءة السلبي يكون بنفس تأثيرها الإيجابي؛ لأنها تجعل العقل البشري يتراجع لمرتبة ملعبًا لأفكار الآخرين، سواء أكانت مفيدة أو مغلوطة.
ويحذِّر "شوبنهاور" من قضاء المرء يوم بأكمله منكبًّا على القراءة، ثمَّ، يتخلل ذاك اليوم فترات استرخاء يمضيها في تسلية طائشة. ومع اعتياد ذاك الروتين، يفقد العقل القدرة على التفكير تدريجيًا، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للفرد الذي يعتاد الركوب، فإنه يفقد تدريجيًا القدرة على المشي؛ لأن عظامه تتيبَّس وعضلاته تضمر. وما ذكره "شوبنهاور" أثبتت أيضًا العلوم الحديثة صحته. ولهذا السبب كان يتعجَّب الكثير من أن بعض كبار السن يصابون بالخرف أو الزهايمر بالرغم من أنهم يدأبون على القراءة والاطلاع. ويضيف "شوبنهاور" أنه قد اكتشف أيضًا بعض العلماء أنهم أغبياء؛ لأنهم اكتفوا بدور النَّاقل الذي يجمع أفكار البعض دون وضع لمسات تفكيرهم العميق.
فالاكتفاء بالمعرفة السطحية التي لا تفضي إلى إعمال العقل والابتكار تجعل الفرد تدريجيًا لا يبالي بما يدور في أذهان الآخرين، لطالما اعتنق أفكار آخرين والتي قد تنطوي على معرفة سطحية ووجهات نظر ضيِّقة وأخطاء متكررة. ومن ثمَّ، فإن محاكاة الآخرين تفقد أي شخص ثلاثة أرباع سماته المميَّزة.
وبالتفكير قليلًا فيما يسطره "شوبنهاور"، نلاحظ أن موقفه مطابقًا لموقف الإنسان في عصر السيبرانية والذكاء الاصطناعي؛ فجميع ألوان المعرفة أصبحت متوافرة يضغطة زرّ واحدة، ولهذا اختفت تقريبًا الكتب المطبوعة. وبالرغم من أن جميع ألوان المعارف والفنون أصبحت مُتاحة، فإن نسبة الجهل الثقافي والعزوف عن الاطلاع تزايدت بشكل مرعب؛ والسبب هو الاعتماد أن المعرفة متاحة ويمكن الرجوع إليها في أي وقت. ومن ثمَّ، تزايد الاعتماد في العقدين الماضيين على القراءة فقط، وصارت هناك أجيال لا تحسن الكتابة والإملاء؛ للاعتماد على أن الوسائل التكنولوجية بمقدورها تصحيح الأخطاء الإملائية. ودون أدنى شك، تلازمت مع تلك الظاهرة اختفاء الأسلوب الراقي في الكتابة، حيث أصبحت الكتابة شديدة البرجماتية؛ محتصرة أو على شكل نقاط، وغالبًا بالأسلوب العامي. ومع انتشار المواد العلمية المسموعة، لاحظ العلماء وجود شرائح من الأجيال الجديدة لا تحسن حتى القراءة.
ودون أدنى شك، فإن إخلاء السَّاحة للذكاء الاصطناعي لكي يقرأ ويكتب ويفكر ويحلل عوضًا عن الجنس البشري لسوف يجعل نهاية الإنسان محتومة، ألا وهي التراجع إلى مرتبة الحيوانات التي همّها الأكبر إتاحة الطعام لها وإشباع الغرائز الحسِّية، ويرجع ذلك للتواكل على أدوات أخرى تقوم بالمهام التي تتطلَّب إعمال العقل عوضًا عن العنصر البشري. ولا يعني ذلك رفض التقدم أو المستحدثات التكنولوجية أو مهاجمة الذَّكاء الاصطناعي، بل إيجاد السُّبل الصحيحة للاستفادة منها لكي نطوِّر أفكارنا ونجعل عقولنا تستقبل وتصدر المعلومات والأفكار.
واحدة من أكبر وأهم النعم التي منَّ بها الخالق على عباده الآدميين هي القدرة على التفكير والتحليل؛ فلا يجب على المرء أن يتوقف عن التفكير ومحاولة تقديم أي اسهام شخصي يصبح بمثابة بصمته المميزة، ويجب المداومة على توكيد ذاك التميُّز من خلال الإضافة له بشكل متواصل، أي أن يجب ألَّا يكف العقل البشري عن التفكير، شريطة أن تكون تلك الأفكار ذات قيمة فعلية، وتنأى عن التفاهات والتسلية الطائشة التي تُزجي الجانب الحيواني لدى الإنسان. فلا تتوقف عن التفكير حتى تحتفظ بمكانة السيِّد ذو اليد الطولى على التقدُّم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، فالحياد عن ذاك الطريق يجعل طريق العبيد هو الخيار الوحيد المتاح.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"شوبنهاور" يفكّ شفرات التقدُّم التكنولوجي
"شوبنهاور" يفكّ شفرات التقدُّم التكنولوجي

اليوم الثامن

timeمنذ يوم واحد

  • اليوم الثامن

"شوبنهاور" يفكّ شفرات التقدُّم التكنولوجي

توافر للإنسان في العصر الحديث الكثير من السُّبل التي تسهِّل عليه الحياة، والتي إذا كان متواجدًا ولو بعضًا أو حتى واحدةً منها في الماضي، لكانت الابتهاج له حليفًا دائمًا. لكن ما يحدث حاليًا أمر يدعو للحزن الشديد؛ إذ أن الإنسان وبالرغم من بلوغه مراتب عُلا من التقدُّم التكنولوجي ومعرفته بالعديد من الوصفات التي تجعله مالكًا للسمو الأخلاقي والرقي، إلَّا أنه ينزلق يومًا تلو الآخر في غياهب من الهمجية التي تتأصَّل بداخله وتتزايد يومًا تلو الآخر. بل والأسوأ، باتت الحياة تعجّ بالمرضى النفسيين، وأصبح الاكتئاب مرض مُعتاد، ومصاب به المليارات، بما في ذلك الأطفال. وعلاوة على ذلك، صارت السعادة أمر بعيد المنال يمكن القراءة عنه في الكتب والقصص الخيالية فقط. وبالرغم من كل هذا، يأمل العلماء أن تتعاظم سعادة الإنسان باختراع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يحاكي التفكير البشري وأساليب وعيه وإدراكه. والغرض المُعلن من ذاك الاختراع الفريد ليس فقط محاكاة الإنسان لمجرَّد المحاكاة، لكن توفير وقته وجهده لأعمال أخرى قد تكون ذات نفع عظيم له وللبشرية ، بما في ذلك توفير الوقت والطاقة لتنمية الروابط الأسرية والإنسانية التي فقدها تقريبًا عند اللهاث وراء تحقيق النجاح والتميُّز. ويحاول العلماء طمأنة البشر أن ذاك الاختراع الذي غيَّر أشكال الحياة، ولسوف يواصل تبديل كل ما هو قديم بقيم ومستحدثات غير مسبوقة، لسوف يكون السبيل لفهم كيفية عمل العقل البشري، الذي لا يزال سرًّا معقَّا لا يستطيع العلم والتقدُّم التكنولوجي فك شفراته. وكذلك يؤكِّد العلماء أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإنسان - في شكلها الأمثل - هي علاقة نفع مُتبادل، وأنه لا يجب أن يصير الذكاء الاصطناعي بديلًا للإنسان الذي اخترعه ولا يزال يعمل على تطويره. وذاك الرأي الذي أتي على لسان زمرة من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل في العلوم، والتخصصين في البرمجيات والفيزياء وعلوم النفس والأعصاب. إلَّا أن أقوالهم لم تشعر العامة بالاطمئنان الموجو، وأزجت المزيد من التوتُّر على عقولهم وعلى حياتهم. ودون أدنى شك، السبب واضح؛ لأن العلماء وضعوا العقل البشري والإنسان ككيان في مرتبة متساوية مع الذكاء الاصطناعي. ولكي يفهم الإنسان موقفه في هذا العالم الحديث الذي أصبح التقدُّم فيه أمر حتمي، وكذلك هو الحال بالنسبة للإحساس بالتشاؤم من المستقبل وعدم الرضا عنه، كان لا بد من الرجوع لآراء الحكماء الذين وضعوا أسس هذا العالم الحديث من خلال إنشاء ما يشابه المنهاج الذي لا يساعد فقط على فهم ما يحدث حولنا، بل أيضًا التعامل معه بسهولة وأريحية. وواحدًا من الفلاسفة شديدي الحكمة الذي يجب اللجوء لأرائهم في أحلك المواقف، هو الفيلسوف الألماني "آرثر شوبنهاور" Arthur Schopenhauer (1788-1860) المشهور بلقب فيلسوف التشاؤم. لكن بالرجوع إلى كنزه الفكري من مراجع لا تحظى بشعبية كاسحة حتى الآن، يلاحظ أنه لا يصدِّر التشاؤم للبشرية، بل أنه يشرح أسبابه ويحاول قدر الإمكان إيجاد منهاجًا للتعامل معه. وقد يظن البعض أن آراءه بالية قد عفا عليها الزمان لأنه ولد في القرن الثامن عشر وفارق الحياة بعد منتصف القرن التاسع عشر، لكن من يظن هذا قد حاده الصواب؛ لأن "شوبنهاور" عاصر الثورتين الصناعيتين الأولى والثانية في مهدهما، وراقب عن كثب التطوُّرات الناشئة والمخاوف العامة من تلك من الآلات المستحدثة، والتي بالقياس تشابه لحد بعيد اختراع الذكاء الاصطناعي واستخداماته المتعددة في الوقت الحالي، وبالمثل، كان هناك حينئذٍ مخاوف شديدة من استبدال البشر بآلات لا يصيبها الإرهاق ولا تمانع العمل بشكل متواصل وفي أي وقت، حسب الحاجة لها وكلما طُلِب منها. في الماضي، كان الرقي الاجتماعي والأخلاقي مرتبطين بكل ما يُعلي من شأن العلوم وتحصيلها والاطلاع على الفنون وفهمها، وكذلك معرفة المستحدثات والابتكارات. ولهذا السبب، كان الجميع يحرصون على اقتناء مكتبات ضخمة مهيبة بداخل منازلهم؛ للتفاخر بها، وكأنها العلامة الدَّامعة لرفي شخص ما وحصافة رأيه، بينما قد يكون العكس عين الصِّحة. والأنكى من ذلك، أن المكتبات المنزلية تلك تتحول إلى ما يشبه المكتبات التي لا يستفيد منها أي فرد، بل وقد تكون لم يمسسها أحد على الإطلاق، فيما خلا البعض من كتبها. ومن ثمَّ، كان ينتقد "شوبنهاور" من يشترون الكتب ويكدسونها، لأن من يشتري كتابًا من الأحرى أن يشتري أيضًا معه الوقت اللازم لقراءته؛ لأنه جرت العادة على مجرد الرغبة في امتلاك المحتوى. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عملية القراءة بالنسبة ل"شوبنهاور" ليست كل شيء، لأن من يقرأ يجعل شخص آخر يفكر بالأصالة عنه، والقاريء مجرد شخص يكرر إعمال العقل الذي قام به مؤلِّف الكتاب؛ إذًا، فإن القارئ في تلك الحالة ليس بمبتكر، بل كأي تلميذ صغير يتعلَّم الكتابة، ويكون فرضه المدرسي تكرار ما كتبه له المعلِّم وسطره بقلم رصاص، أي أنه من السهل أن يُمحى هذا المحتوى، وتتلاشى من جدار الذَّاكرة المعلومات التي عمل الفرد على جمعها من القراءة. والسبب، أن الجزء الأكبر من عملية التعلُّم والفكر قد أنجزه الكتاب من أجلنا. ولهذا السبب، عندما يرغب أي شخص إلهاء نفسه عن أمر ما، أو تحسين حالته المزاجية، أو حتى محاربة الأرق، فإنه على الفور يلتقط كتابًا ويقرأه؛ كي تلهيه القراءة عن الانشغال بأفكاره. وتأثير القراءة السلبي يكون بنفس تأثيرها الإيجابي؛ لأنها تجعل العقل البشري يتراجع لمرتبة ملعبًا لأفكار الآخرين، سواء أكانت مفيدة أو مغلوطة. ويحذِّر "شوبنهاور" من قضاء المرء يوم بأكمله منكبًّا على القراءة، ثمَّ، يتخلل ذاك اليوم فترات استرخاء يمضيها في تسلية طائشة. ومع اعتياد ذاك الروتين، يفقد العقل القدرة على التفكير تدريجيًا، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للفرد الذي يعتاد الركوب، فإنه يفقد تدريجيًا القدرة على المشي؛ لأن عظامه تتيبَّس وعضلاته تضمر. وما ذكره "شوبنهاور" أثبتت أيضًا العلوم الحديثة صحته. ولهذا السبب كان يتعجَّب الكثير من أن بعض كبار السن يصابون بالخرف أو الزهايمر بالرغم من أنهم يدأبون على القراءة والاطلاع. ويضيف "شوبنهاور" أنه قد اكتشف أيضًا بعض العلماء أنهم أغبياء؛ لأنهم اكتفوا بدور النَّاقل الذي يجمع أفكار البعض دون وضع لمسات تفكيرهم العميق. فالاكتفاء بالمعرفة السطحية التي لا تفضي إلى إعمال العقل والابتكار تجعل الفرد تدريجيًا لا يبالي بما يدور في أذهان الآخرين، لطالما اعتنق أفكار آخرين والتي قد تنطوي على معرفة سطحية ووجهات نظر ضيِّقة وأخطاء متكررة. ومن ثمَّ، فإن محاكاة الآخرين تفقد أي شخص ثلاثة أرباع سماته المميَّزة. وبالتفكير قليلًا فيما يسطره "شوبنهاور"، نلاحظ أن موقفه مطابقًا لموقف الإنسان في عصر السيبرانية والذكاء الاصطناعي؛ فجميع ألوان المعرفة أصبحت متوافرة يضغطة زرّ واحدة، ولهذا اختفت تقريبًا الكتب المطبوعة. وبالرغم من أن جميع ألوان المعارف والفنون أصبحت مُتاحة، فإن نسبة الجهل الثقافي والعزوف عن الاطلاع تزايدت بشكل مرعب؛ والسبب هو الاعتماد أن المعرفة متاحة ويمكن الرجوع إليها في أي وقت. ومن ثمَّ، تزايد الاعتماد في العقدين الماضيين على القراءة فقط، وصارت هناك أجيال لا تحسن الكتابة والإملاء؛ للاعتماد على أن الوسائل التكنولوجية بمقدورها تصحيح الأخطاء الإملائية. ودون أدنى شك، تلازمت مع تلك الظاهرة اختفاء الأسلوب الراقي في الكتابة، حيث أصبحت الكتابة شديدة البرجماتية؛ محتصرة أو على شكل نقاط، وغالبًا بالأسلوب العامي. ومع انتشار المواد العلمية المسموعة، لاحظ العلماء وجود شرائح من الأجيال الجديدة لا تحسن حتى القراءة. ودون أدنى شك، فإن إخلاء السَّاحة للذكاء الاصطناعي لكي يقرأ ويكتب ويفكر ويحلل عوضًا عن الجنس البشري لسوف يجعل نهاية الإنسان محتومة، ألا وهي التراجع إلى مرتبة الحيوانات التي همّها الأكبر إتاحة الطعام لها وإشباع الغرائز الحسِّية، ويرجع ذلك للتواكل على أدوات أخرى تقوم بالمهام التي تتطلَّب إعمال العقل عوضًا عن العنصر البشري. ولا يعني ذلك رفض التقدم أو المستحدثات التكنولوجية أو مهاجمة الذَّكاء الاصطناعي، بل إيجاد السُّبل الصحيحة للاستفادة منها لكي نطوِّر أفكارنا ونجعل عقولنا تستقبل وتصدر المعلومات والأفكار. واحدة من أكبر وأهم النعم التي منَّ بها الخالق على عباده الآدميين هي القدرة على التفكير والتحليل؛ فلا يجب على المرء أن يتوقف عن التفكير ومحاولة تقديم أي اسهام شخصي يصبح بمثابة بصمته المميزة، ويجب المداومة على توكيد ذاك التميُّز من خلال الإضافة له بشكل متواصل، أي أن يجب ألَّا يكف العقل البشري عن التفكير، شريطة أن تكون تلك الأفكار ذات قيمة فعلية، وتنأى عن التفاهات والتسلية الطائشة التي تُزجي الجانب الحيواني لدى الإنسان. فلا تتوقف عن التفكير حتى تحتفظ بمكانة السيِّد ذو اليد الطولى على التقدُّم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، فالحياد عن ذاك الطريق يجعل طريق العبيد هو الخيار الوحيد المتاح.

مدير «جامعة فيلنيوس» الليتوانية لـ«الجريدة»: نرحّب بأي تعاون مع الكويت
مدير «جامعة فيلنيوس» الليتوانية لـ«الجريدة»: نرحّب بأي تعاون مع الكويت

الجريدة الكويتية

timeمنذ 2 أيام

  • الجريدة الكويتية

مدير «جامعة فيلنيوس» الليتوانية لـ«الجريدة»: نرحّب بأي تعاون مع الكويت

رحّب مدير جامعة ليتوانيا الدكتور فالدارس جاسكوناس «بأي تعاون مستقبلي مع الكويت»، لافتاً إلى أن جامعته التي تبلغ من العمر أكثر من 4 قرون، هي «المؤسسة الوحيدة في أوروبا الشرقية التي تقدم برامج أكاديمية متخصصة في الإسلام والعربية». وفي حوار مع «الجريدة»، قال جاسكوناس، أن جامعته تعد واحدة من أبرز المؤسسات التعليمية في أوروبا الشرقية، خصوصًا في مجالات الطب، الفيزياء، والعلوم الإنسانية، إلى جانب برامج متخصصة في الدراسات الإسلامية واللغة العربية، مشيرًا إلى وجود فرص واعدة للطلبة الدوليين من العالم العربي. أضاف: «نحن فخورون بأننا الجامعة الأكبر في المنطقة من حيث عدد الطلاب والبرامج، وسنحتفل قريباً بالذكرى الـ 450 لتأسيسنا»، مشيرًا إلى أن الجامعة تضم أكثر من 20 ألف طالب وقرابة 3 آلاف من الكادر الأكاديمي، وتوفر برامج في معظم التخصصات، باستثناء الهندسة. وأوضح أن "جامعة ليتوانيا تحتل مكانة مرموقة على الصعيد الأوروبي، حيث تم تصنيفها ضمن أفضل 130 جامعة في أوروبا بحسب مؤشرات التصنيف الدولي، وهي تضم عدة مراكز بحثية متقدمة، منها مركز البحوث الطبية الذي افتُتح أخيراً في العاصمة فيلنيوس، ويمثل بنية تحتية حديثة للبحث والتعليم في الطب والعلوم الحيوية. وأشار إلى أن الجامعة تفخر بمجموعة من العلماء البارزين، من بينهم فريق بقيادة البروفيسور شاكشميس، الذي رُشح سابقًا لجائزة نوبل في الكيمياء. وأوضح جاسكوناس، أن هناك عددًا محدودًا من الطلاب العرب في الجامعة، ينحدرون من دول مثل سورية، الأردن، وفلسطين، مع وجود علاقات أكاديمية عبر برامج «إيراسموس موندوس» للتبادل الطلابي. كما تحدث عن رغبة الجامعة في توسيع علاقاتها مع دول الخليج، مشيرًا إلى أنه «لا يوجد حتى الآن طلاب من الكويت، لكننا نرحب بأي تعاون مستقبلي». وأكد أن الجامعة تقدم العديد من البرامج باللغة الإنكليزية، لاسيما في الطب وطب الأسنان والفيزياء والعلوم الاجتماعية، من دون الحاجة لتعلم الليتوانية. وأضاف: «لدينا طلاب يدرسون الطب باللغة الإنكليزية من مختلف الجنسيات، ويقوم معظمهم بالتدريب العملي في بلدانهم الأصلية، ثم يعودون لاستكمال الامتحانات النهائية». وفيما يخص الرسوم، أشار إلى أن تكلفة دراسة الطب وطب الأسنان تبلغ نحو 13 ألف يورو سنويًا، فيما تتراوح رسوم التخصصات الأخرى مثل العلوم الاجتماعية ما بين 4 و5 آلاف يورو. وأردف قائلاً: «رغم أن الرسوم في الطب مرتفعة نسبيًا، إلا أن تكلفة المعيشة والإقامة في فيلنيوس أقل بكثير من مدن أوروبية أخرى». وأشار إلى أن الجامعة توفر سكناً طلابياً يتسع لنحو 5 آلاف طالب، بتكاليف تبدأ من 100 يورو شهريًا. كما يضم الحرم الجامعي مرافق حديثة منها مستشفى جامعي، مركز للياقة البدنية، ومكتبات متخصصة. ولفت إلى أنه من الجوانب البارزة في الجامعة هو وجود برنامج بكالوريوس وماجستير في الدراسات الإسلامية واللغة العربية. وقال: «نحن المؤسسة الوحيدة في المنطقة التي تقدم برامج أكاديمية متخصصة في الإسلام والعربية، ونسعى لتوسيع نطاق التعاون مع جامعات من العالم العربي». وفي ختام حديثه، دعا مدير جامعة ليتوانيا الدكتور فالدارس جاسكوناس، مؤسسات التعليم العربية والطلبة إلى الاستفادة من البيئة التعليمية المتطورة في ليتوانيا. وأضاف: «نحن نؤمن أن التعليم والتبادل الأكاديمي هو جسر حضاري، ونتطلع إلى استقبال المزيد من الطلاب من العالم العربي عموماً ومن الكويت خصوصاً في المستقبل القريب».

البصمة الوراثية وتحوير جينات الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي... نقلة علمية ومسؤولية أخلاقية
البصمة الوراثية وتحوير جينات الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي... نقلة علمية ومسؤولية أخلاقية

الجريدة الكويتية

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • الجريدة الكويتية

البصمة الوراثية وتحوير جينات الإنسان في عصر الذكاء الاصطناعي... نقلة علمية ومسؤولية أخلاقية

في هذا العصر المتسارع، تتقاطع علوم الوراثة والذكاء الاصطناعي لتشكّل معا ثورة علمية غير مسبوقة تمس جوهر الإنسان، وتطال تركيبته الجينية وصفاته الوراثية، وتفتح آفاقاً واعدة في مجالات التشخيص والعلاج والوقاية. هذه الثورة لا تتوقف عند حدود المختبرات، بل تتغلغل في قضايا تمس الأخلاق والدين والهوية الإنسانية، وتستدعي منا كأطباء وفقهاء وعلماء اجتماع موقفاً علمياً متزناً يراعي التكامل بين مصلحة الإنسان وحمايته. وفي ظل هذه التحولات الكبرى، تعقد المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية مؤتمرها الدولي السنوي في الكويت، الخميس 15 مايو الجاري، تحت رعاية كريمة من سمو ولي العهد، لتناقش موضوعا من أعقد قضايا الطب المعاصر: تحرير الجينوم والبصمة الوراثية في عصر الذكاء الاصطناعي. ويهدف المؤتمر إلى بناء رؤية إسلامية موحّدة تُسهم في تقنين استخدام هذه الأدوات الجديدة ضمن أطر شرعية وأخلاقية تحفظ كرامة الإنسان وتواكب المستجدات العلمية. الذكاء الاصطناعي وتحوير الجينات: نقلة علمية وتطبيقات دقيقة شهد العقد الأخير تطورات مذهلة في علم الوراثة، أبرزها اعتماد تقنية CRISPR-Cas9 التي تتيح تعديل الحمض النووي البشري بدقة غير مسبوقة. إلا أن الإدماج المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي مع علوم الجينوم، أحدث تحولاً نوعياً في فهم الجينات البشرية التي تُقدّر بنحو 20 إلى 25 ألف جين. أصبح بالإمكان تحديد وظيفة كل جين، وتحليل تأثيراته التفاعلية، والتنبؤ بتحولاته الوراثية، فضلاً عن تصميم علاجات طبية شخصية وفقاً لبصمة كل مريض. وقد برزت هذه النقلة النوعية بوضوح حين منحت جائزة نوبل في الطب لعام 2024 لثلاثة علماء، هم: • جون هوفيلد، لتطويره نماذج ذكاء صناعي لمحاكاة قراءة الجينات. • جينيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه، لتطوير تقنية كريسبر الجزيئية. ساهمت هذه التطورات في علاج أمراض مزمنة ومستعصية، مثل فقر الدم المنجلي وضمور العضلات الشوكي واعتلال الشبكية الوراثي، بل ومهّدت الطريق لتطوير أدوية تُصنّع على مستوى الجين، وهو ما يُعرف بالعلاج الجيني الدقيق (Precision Gene Therapy). البصمة الوراثية: بين الدقة العلمية والحجية القضائية مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى ميدان تحليل البصمة الوراثية، ارتفعت مستويات الدقة إلى حد أصبح يُعتمد عليه في تشخيص الأمراض الوراثية وتحديد الهوية في القضايا الجنائية والأسرية. وعندما تُجرى هذه التحاليل تحت إشراف مختبرات حكومية معترف بها قضائيا وطبيا وإداريا – كما هو الحال في مختبرات الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية – فإنها تبلغ مستوى اليقين العلمي الكامل (100%)، ولا يُترك مجال للخطأ في حالات الإثبات أو النفي، ما لم يشب العملية خطأ في أخذ العينة أو تلوث في النقل. وتؤكد الأكاديمية الأميركية للطب الشرعي (AAFS)، وكذلك هيئة الطب الشرعي البريطانية (UK Forensic Science Regulator) أن اختبارات الحمض النووي عند استيفاء شروط الجودة والضبط، تُعد من أقوى الأدلة العلمية المستخدمة في القضاء، سواء في قضايا الجنايات أو قضايا النسب. وهذا يدعو إلى إعادة النظر في مدى اعتبار البصمة الوراثية دليلاً شرعياً يمكن الاحتكام إليه في مسائل حساسة كإثبات أو نفي النسب، خاصة عند انتفاء القرائن المعاكسة ووجود الإشراف المؤسسي الموثوق. تحديات أخلاقية ودينية في وجه الطفرة الجينية غير أن هذه الطفرة العلمية أثارت تحديات أخلاقية غير مسبوقة، خصوصا مع ظهور تجارب لتعديل الأجنة، ومحاولات تحديد صفات الأطفال مسبقاً كاختيار الطول أو لون العين أو مستوى الذكاء. هذه الظواهر – التي ظهرت في بعض مراكز البحث بالولايات المتحدة والصين – أدت إلى ما يُعرف إعلامياً بـ«الأطفال المصمّمين»، وأثارت مخاوف من تحوّل الإنسان إلى سلعة بيولوجية خاضعة لأهواء السوق أو الأيديولوجيات السياسية. وقد دعت منظمة الصحة العالمية (WHO)، في تقريرها الصادر عام 2021، إلى تجميد العمل بالتعديل الجيني على الأجنة البشرية لأغراض غير علاجية، مؤكدة ضرورة وضع أطر قانونية وأخلاقية شاملة، كما أطلقت الأمم المتحدة حواراً دولياً عاماً لمناقشة التبعات المجتمعية والاقتصادية والتقنية لمثل هذه التطبيقات، محذرة من مخاطرها على التماسك الاجتماعي والعدالة الصحية. الدين والعلم: تكامل لا تصادم المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية تؤمن بأن الدين والعلم ليسا في صراع، بل يشكلان رافدين متكاملين في سبيل تحقيق الخير العام. فالعلم يكشف ويطوّر، والدين يُهذّب ويوجّه، والشريعة الإسلامية – بمنظومتها الأخلاقية والفقهية – لا تقف ضد التطور العلمي، بل تدعو إلى استثماره بما يحقق حفظ النفس والعقل والنسل، ويمنع الضرر والفساد. ومن هذا المنطلق، جاء اختيار هذا الموضوع الحيوي ليكون محور المؤتمر السنوي للمنظمة، باعتباره إحدى النوازل الطبية الكبرى التي تستدعي اجتهاداً جماعياً موثّقاً. وتسعى المنظمة إلى توحيد الرأي الفقهي الإسلامي تجاه قضايا الجينات والبصمة الوراثية، ضمن إطار مؤسسي راشد يجمع بين المرجعية الشرعية والدقة العلمية. وتقوم رؤية المؤتمر على أركان مركزية تتمثل في: العلم في البحث والاكتشاف، الإيمان في التوجيه والضبط القيمي، الأخلاق في الضمير المهني والإنساني، الشريعة في المرجعية في الحلال والحرام، الكرامة في صون جوهر الإنسان، التوازن بين التطور والحذر، المسؤولية تجاه الأجيال القادمة، والإنسان باعتباره الغاية لا الوسيلة. انطلاقاً من هذه المرتكزات، يُنتظر من هذا المؤتمر أن يُفضي إلى إصدار وثيقة إسلامية علمية شاملة، تُحدد ضوابط استخدام الجينوم والبصمة الوراثية، وتؤسس لاجتهاد شرعي جماعي متين، يوازن بين مقتضيات العصر ومقاصد الشريعة، ويضع الإنسان في صدارة الاهتمام، بعيداً عن منطق السوق أو الاستغلال التقني. * وزير الصحة الأسبق

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store