logo
لوموند: تنديد دولي واسع بالمخطط الإسرائيلي في غزة.. لكن المواقف العربية ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة

لوموند: تنديد دولي واسع بالمخطط الإسرائيلي في غزة.. لكن المواقف العربية ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة

القدس العربي منذ 2 أيام
باريس- 'القدس العربي': تحت عنوان 'من أوروبا إلى الدول العربية تنديد شبه إجماعي بالمخطط الإسرائيلي في غزة'، قالت صحيفة 'لوموند' الفرنسية إن المجتمع الدولي، بينما يدين إسرائيل ويؤيد في الوقت نفسه خطة القضاء على حركة 'حماس'، فإنه يبدو عاجزًا عن ثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطته. وحدها ألمانيا، التي كانت حتى الآن من أبرز الداعمين لإسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة، أعلنت تعليق صادرات الأسلحة 'حتى إشعار آخر'.
وزير الخارجية الفرنسي: (الخطة) لن تؤدي إلا إلى تفاقم وضع كارثي بالفعل، من دون أن تحقق إطلاق سراح الرهائن أو نزع سلاح 'حماس' أو استسلامها
فقد أثار قرار الحكومة الإسرائيلية، يوم الجمعة، احتلال قطاع غزة عسكريًا موجة من الاستنكارات. فبينما كان الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني، الذي جاء في أعقاب هجمات حركة 'حماس' في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، قد أحدث انقسامًا عميقًا بين الدول الغربية والعربية، فإن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تبدو وكأنها تؤسس لنوع من الإجماع في إدانة التصعيد العسكري، حتى مع تأييد مشروع تحييد 'حماس'.
ربما كانت ردّة الفعل الألمانية الأبرز، إذ أعلن المستشار المحافظ فريدريش ميرتس تعليق جميع صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في النزاع 'حتى إشعار آخر'. وبما أن برلين كانت قد رفعت أمن إسرائيل إلى مرتبة 'مبدأ من مبادئ الدولة' (Staatsräson) استنادًا إلى ذكرى المحرقة، فإن هذا القرار يمثل تراجعًا سياسيًا واضحًا على المستويين الداخلي والأوروبي. وتُعد ألمانيا ثاني أكبر مورّد للأسلحة لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، إذ صدّرت معدات عسكرية بقيمة 485 مليون يورو منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفق وزارة الاقتصاد في 3 يونيو/حزيران.
مع ذلك، تراجعت هذه الصادرات تحت ضغط الرأي العام، إذ بلغت حوالي 28 مليون يورو في الربع الأول من 2025، مقارنة بـ80 مليون يورو في الفترة السابقة. ورفضت الوزارة التعليق على صادرات الأسلحة بعد 6 مايو، تاريخ وصول ميرتس إلى السلطة.
'حكومة نتنياهو تخسر أوروبا'
داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الشريك في الائتلاف الحاكم، يطالب بعض الأعضاء بالمزيد. فقد صرّح أيديس أحمدوفيتش، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية للشؤون الخارجية، لمجلة 'دير شبيغل': 'لا يمكن أن تكون هذه سوى خطوة أولى، ويجب أن تتبعها خطوات أخرى'. وقد يسهم هذا التحول في إعادة رسم التوازنات الدبلوماسية داخل الاتحاد الأوروبي، الذي ظل حتى الآن مشلولًا بسبب انقساماته الداخلية. ورغم أن الأمر لا ينبئ بإلغاء اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، فإن إجراءات، خصوصًا تجارية، قد تُتخذ بالأغلبية المؤهلة، ما يوسع مجال العمل، تضيف 'لوموند'.
وقال وزير الخارجية الهولندي كاسبار فِلدكامب لموقع 'أكسيوس' الأمريكي: 'حكومة نتنياهو تخسر أوروبا، بالكامل'. أما رئيس المجلس الأوروبي، البرتغالي أنطونيو كوستا، فاعتبر أن القرار الإسرائيلي 'يجب أن تكون له عواقب على العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل'، مندّدًا بمشروع 'يقوّض المبادئ الأساسية للقانون الدولي'. من جهتها، حافظت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على موقفها، مجددة الدعوة إلى 'وقف فوري لإطلاق النار' من دون التهديد بفرض عقوبات.
ورأى نتنياهو أن الحظر الألماني على الأسلحة 'يكافئ إرهاب حماس'، وهو الموقف نفسه الذي أبداه تجاه فرنسا عندما أعلن قصر الإليزيه، في 24 يوليو/تموز، اعتزامه الاعتراف الكامل بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في 8 أغسطس/آب الجاري، دان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو 'بشدة' الخطة الإسرائيلية، معتبرًا أنها 'لن تؤدي إلا إلى تفاقم وضع كارثي بالفعل، من دون أن تحقق إطلاق سراح الرهائن أو نزع سلاح 'حماس' أو استسلامها'. ونقلت 'لوموند' عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله: 'إنها أخبار سيئة للغاية. لا نرى منطقًا عسكريًا في هذه العمليات'.
أما المملكة المتحدة، فكانت من أوائل الدول التي تفاعلت، ووصفت هذه الهجمة الجديدة بأنها 'خطأ' لن يؤدي إلا إلى 'مزيد من المجازر'.
في العالم العربي، حيث تحرص الحكومات عادة على مراعاة الرأي العام الموالي للفلسطينيين، اقتصرت المواقف الرسمية على إدانات مبدئية، وهي ضعيفة مقارنة بالتداعيات المتوقعة لاحتلال عسكري لقطاع غزة.
فقد دانت السعودية 'بأشد العبارات' القرار الإسرائيلي، واستخدمت مصر نفس التعبير، بينما عبّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن 'رفضه القاطع' للخطة الإسرائيلية. فالقاهرة وعمّان تتأثران بشكل خاص بالأحداث، فهما الدولتان الحدوديتان مع غزة (مصر) والضفة الغربية (الأردن)، وتخشَيان تهجيرًا قسريًا للفلسطينيين إلى أراضيهما، توضّح 'لوموند'، مشيرةً إلى أن المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، التي سُمِح بها عند بدء الهجوم الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، لم يعد مسموحًا بها. كما تم حظر نشاط جماعة 'الإخوان المسلمين'، التي تُعد 'حماس' جناحها الفلسطيني ولها حضور اجتماعي قوي.
وفي نص صدر في 22 يوليو/تموز، اتهمت 'حماس' الدول العربية بـ'التخلي عن الشعب الفلسطيني الذي يموت جوعًا'، ودعتها إلى تكثيف الدعم.
بعد أسبوع، وخلال مؤتمر في الأمم المتحدة، دعت 17 دولة عربية 'حماس' إلى تسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية من أجل التوصل إلى 'حل عادل وسلمي ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس تنفيذ حل الدولتين'.
ترتبط مصر والأردن باتفاقيات سلام مع إسرائيل (وقعت عامي 1979 و1994 على التوالي) تضمن لهما المساعدات الأمريكية، ولم يشككا يومًا في صلاحيتها. وفي 7 أغسطس/آب، وقعت القاهرة وتل أبيب اتفاقًا ضخمًا بقيمة 30 مليار يورو لتصدير الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى مصر حتى عام 2040. أما الإمارات العربية المتحدة، التي طبّعت علاقاتها مع إسرائيل عام 2020، فقد وقعت عقودًا مع الصناعة العسكرية الإسرائيلية، إذ اشترت شركة إماراتية حكومية في يناير/كانون الثاني 30% من أسهم مورد للأسلحة.
رئيس المجلس الأوروبي: يجب أن تكون للمخطط عواقب على العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل
في لبنان، – تتابع 'لوموند' – لم يعلّق 'حزب الله'، الذي عادة ما يسارع إلى التنديد بـ'اعتداءات العدو الصهيوني'، لانشغاله بالضغوط التي تُمارَس عليه للتخلي عن ترسانته الخاصة.
أما إيران فلم تذكر 'حماس'، لكنها ندّدت بخطة تهدف إلى 'إجبار السكان على النزوح'.
وفي اليمن، كان الحوثيون – آخر بقايا 'محور المقاومة' – الوحيدين الذين حشدوا الشارع للتظاهر دعمًا للفصيل الفلسطيني المسلح.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعًا طارئًا، هذا السبت 9 أغسطس/آب، بناءً على طلب جميع أعضائه، باستثناء بنما والولايات المتحدة. وبالرغم من الاستنكارات شبه الإجماعية، فإن الموقف الأمريكي المنفرد ينبئ بمأزق دبلوماسي جديد وعجز المجتمع الدولي عن ثني إسرائيل عن التصعيد العسكري المعلن.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شركات إسرائيلية تعتزم المشاركة في الإضراب الشامل الأحد المقبل
شركات إسرائيلية تعتزم المشاركة في الإضراب الشامل الأحد المقبل

العربي الجديد

timeمنذ 37 دقائق

  • العربي الجديد

شركات إسرائيلية تعتزم المشاركة في الإضراب الشامل الأحد المقبل

أعلنت شركات إسرائيلية عزمها المشاركة في إضراب شامل دعت إليه عائلات الأسرى وقتلى الجيش يوم 17 أغسطس/ آب الجاري، للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو من أجل إبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة "حماس". وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" الاثنين: "عدد من الشركات الإسرائيلية توافق على الانضمام لنضال عائلات الأسرى وتعطيل الاقتصاد الإسرائيلي، للمطالبة بصفقة تعيد كل الأسرى". ولم تذكر الصحيفة عدد تلك الشركات أو أسماءها، أو تاريخ الإضراب، إلا أن القناة 12 العبرية الخاصة، قالت الأحد، إن عائلات الأسرى إلى جانب عائلات قتلى الجيش الإسرائيلي، أعلنت بمؤتمر صحافي في تل أبيب نيتها تنفيذ إضراب شامل وشل الحياة في 17 أغسطس. وأوضحت العائلات، أن الخطوة ستشمل تعطيل المرافق الحيوية والشركات الكبرى، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي بعد "تجاهل السلطات معاناة الأسرى وذويهم"، داعية مختلف فئات المجتمع للمشاركة في الإضراب. كما أعرب زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لابيد، عن دعمه خطوة عائلات الأسرى وقتلى الجيش، وقال في منشور عبر منصة "إكس"، الأحد: "الدعوة لتعطيل الاقتصاد مبررة وضرورية، وسنواصل دعمنا لتحركات عائلات الأسرى". وأكد تعقيباً على إعلان نتنياهو عزمه احتلال قطاع غزة كاملاً أن "الأسرى سيموتون، والجنود سيموتون، والاقتصاد سينهار، ومكانتنا الدولية ستتداعى". وتطالب احتجاجات يومية بإبرام اتفاق لإعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة "ولو مقابل إنهاء الحرب"، ولكن نادراً ما تشهد إسرائيل فعالية احتجاجية على الإبادة بغزة وتجويع الفلسطينيين. والجمعة، أقر "الكابينت" خطة تبدأ باحتلال مدينة غزة (شمال)، عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية. ويلي ذلك مرحلة ثا نية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، والتي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها، ضمن حرب متواصلة بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. اقتصاد دولي التحديثات الحية تكلفة السيطرة على غزة قد تفوق 50 مليار دولار سنوياً وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى، نتنياهو بإفشال مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس" لأسباب سياسية تتعلق بعدم تفكيك ائتلاف حكومته وتمسكه بالبقاء في الحكم. ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعة دخول أي مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع في حالة مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده، والسماح بدخول كميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل، بدعم أميركي، إبادة جماعية في غزة تشمل قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفاً و430 شهيداً و153 ألفاً و213 مصاباً من الفلسطينيين، وما يزيد عن 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال. (الأناضول، العربي الجديد)

اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع وزملاؤهما: إبادة الصحافيين الفلسطينيين أمام أعين العالم
اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع وزملاؤهما: إبادة الصحافيين الفلسطينيين أمام أعين العالم

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

اغتيال أنس الشريف ومحمد قريقع وزملاؤهما: إبادة الصحافيين الفلسطينيين أمام أعين العالم

اغتال الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الأحد، خمسة من صحافيي قناة الجزيرة في غارة إسرائيلية استهدفت خيمة للصحافيين قرب مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة. والشهداء هم المراسلان أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصورون إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومساعد المصور محمد نوفل. وقد استهدفت الغارة منطقة معروفة بأنها مركز للنشاط الإعلامي الميداني في المدينة، حيث كان الصحافيون يتابعون التطورات الميدانية في ظل القصف الإسرائيلي المكثف. جيش الاحتلال أقر رسمياً بتنفيذ الغارة، لكنه برر استهداف الشريف باتهامه بأنه "إرهابي" و"قائد خلية في حركة حماس" و"ينتحل صفة صحافي"، وزعم أنه كان مسؤولاً عن "هجمات صاروخية على المدنيين الإسرائيليين". هذه الاتهامات، التي لم يقدم الجيش أي أدلة ملموسة لدعمها، رُفضت من قبل قناة الجزيرة ومنظمات حماية الصحافيين التي وصفتها بأنها ذريعة لتبرير اغتيال أنس الشريف. توقيت العملية جاء بعد ساعات من مؤتمر صحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عرض فيه خطته العسكرية للسيطرة على ما تبقى من مدينة غزة والمخيمات الوسطى، تمهيداً لاحتلال القطاع بالكامل. بينما رأى مراقبون فلسطينيون وصحافيون أن استهداف خيمة الصحافيين في هذا التوقيت يعكس نية إسرائيل القضاء على ما تبقى من الأصوات الميدانية التي تنقل وقائع الحرب للعالم. أنس الشريف ولد أنس الشريف في الثالث من ديسمبر/كانون الأول 1996 في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة. نشأ في بيئة فقيرة ومكتظة، وعاش طفولته تحت وطأة الحروب الإسرائيلية المتكررة. تلقى تعليمه في مدارس الأونروا ومدارس وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، قبل أن يلتحق عام 2014 بجامعة الأقصى لدراسة الإذاعة والتلفزيون، وتخرج عام 2018. بدأ الشريف مسيرته الإعلامية متطوعاً في شبكة الشمال الإعلامية، حيث اكتسب خبرة ميدانية في التصوير وإعداد التقارير، ثم انتقل إلى العمل مراسلاً لقناة الجزيرة في غزة. خلال سنوات الحصار، تبنى نهج التغطية المباشرة من قلب الحدث غير آبه بالمخاطر. تمركز في شمال القطاع ووسط مدينة غزة، ووثق بالصوت والصورة مشاهد الدمار والمجاعة التي اجتاحت المنطقة، خصوصاً في فترات انقطاع الكهرباء والاتصالات، حيث كان يضطر لتسلق أسطح المباني بحثاً عن إشارة إنترنت لبث التقارير. تغطياته تضمنت مشاهد لأطفال يصرخون من الجوع، وأمهات يفتشن بين الركام عن الطعام، ومدارس تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين وسط ظروف صحية قاسية. قال في أحد تقاريره: "أكثر ما يؤلم هنا ليس القصف وحده، بل أن ترى طفلاً ينام وهو يبكي جوعاً لأنه لم يجد وجبة واحدة طوال اليوم". وفي 2024، حصل على جائزة "المدافع عن حقوق الإنسان" من منظمة العفو الدولية في أستراليا تقديراً لشجاعته في توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية. وفي وصيته الأخيرة التي نشرت عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعات، قال الشريف: "إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي. بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة (المجدل) لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ... أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران. أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة. أُوصيكم بأهلي خيرًا...". هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة. إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي. بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين،… — أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) August 10, 2025 التحريض الإسرائيلي على أنس الشريف وتعرض الشريف خلال الأشهر الماضية لحملات تحريض متكررة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، قادها المتحدث العسكري للإعلام العربي أفيخاي أدرعي. منذ يوليو/تموز 2024، نشر أدرعي مقاطع فيديو عدة اتهم فيها الشريف بالانتماء لكتائب القسام منذ 2013، وبأنه يستخدم عمله الصحافي للتغطية على "أنشطة إرهابية"، كما بث لقطات لبكائه أثناء تغطيته لمجاعة غزة، واصفاً إياها بـ"دموع التماسيح" وبأنها "جزء من دعاية حماس". في يوليو/تموز 2025، أصدرت لجنة حماية الصحافيين بياناً حذرت فيه من أن هذه الاتهامات تمثل "محاولة لصناعة قبول عام لاغتياله". المديرة الإقليمية للجنة سارة القضاة قالت إن "النمط الذي تنتهجه إسرائيل في وصف الصحافيين بأنهم مسلحون، من دون تقديم أدلة، يثير تساؤلات خطيرة حول احترامها لحرية الصحافة". الشريف رد على هذه الحملات بقوله: "أنا صحافي بلا انتماءات سياسية. مهمتي الوحيدة نقل الحقيقة من أرض الواقع كما هي، دون تحيز. الاحتلال يريد اغتيالي معنوياً تمهيداً لاغتيالي جسدياً". ردات فعل على اغتيال الشريف وقريقع أدانت نقابة الصحافيين الفلسطينيين عملية اغتيال الصحافيين في غزة، ووصفتها بأنها "جريمة بشعة" و"استهداف مقصود لإسكات الحقيقة". المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قال إن العملية تمت "مع سبق الإصرار والترصد" وهي جزء من خطة لتغطية "المذابح الماضية والقادمة". شبكة الجزيرة أصدرت بياناً حملت فيه الجيش الإسرائيلي والحكومة المسؤولية الكاملة، واعتبرت الاغتيال "هجوماً متعمداً على حرية الصحافة". المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحرية الرأي والتعبير إيرين خان اعتبرت أن اتهام الصحافيين بالإرهاب هو "استراتيجية لقمع الحقيقة"، ودعت إلى محاسبة المسؤولين. استهداف الصحافيين في المستشفيات منذ بدء حرب الإبادة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كثف الجيش الإسرائيلي استهدافه لخيم الصحافيين الموجودة في باحات المستشفيات، حتى أنه اغتال صحافيين داخل المستشفيات أثناء تلقيهم العلاج. إعلام وحريات التحديثات الحية إسرائيل تقتل حسن اصليح بعد شهور من التحريض فقد سبق أن قصفت طائرة مسيّرة إسرائيلية في شهر يونيو/ حزيران الماضي ساحة المستشفى المعمداني بمدينة غزة، ما أدى لاستشهاد المصورَين احمد قلجة (متعاون مع التلفزيون العربي)، وإسماعيل بدح وسليمان حجاج (قناة فلسطين اليوم)، والمحرّر سمير الرفاعي (وكالة شمس نيوز)، وإصابة مراسل قناة فلسطين اليوم عماد دلول بجراح خطيرة، ومراسل التلفزيون العربي إسلام بدر بجراح طفيفة. هذا النمط تكرر مرات عدة أبرزها: 13 مايو/أيار 2024: اغتيال حسن اصليح داخل مجمع ناصر الطبي أثناء تلقيه العلاج. إبريل/نيسان 2024: استشهاد أحمد منصور وحلمي الفقعاوي قرب مستشفى ناصر. ديسمبر/كانون الأول 2023: مقتل خمسة صحافيين أمام مستشفى العودة في النصيرات. نوفمبر/تشرين الثاني 2023: استشهاد هيثم حرارة عند مدخل مجمع الشفاء الطبي. الحصار الإعلامي الإسرائيلي على غزة ويفرض الاحتلال حصاراً إعلامياً كاملاً على غزة منذ بداية العدوان، مانعاً دخول معظم الصحافيين الأجانب باستثناء قلة تحت إشراف عسكري مباشر. هذا الوضع دفع 129 مؤسسة إعلامية وصحافية وحقوقية، بينها "العربي الجديد" ووكالات كبرى مثل "فرانس برس" و"أسوشييتد برس" و"بي بي سي"، لتوجيه رسالة مفتوحة تطالب بالسماح بدخول "فوري وغير مقيد" للصحافيين الدوليين، وحماية الصحافيين المحليين الذين يواصلون عملهم تحت الحصار. وإلى جانب منع دخول الصحافيين الأجانب، فإن الاحتلال يضيّق على التغطية، من خلال قتل الصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة بشكل متكرر وممنهج، ليصبح عدد الصحافيين الشهداء في غزة هو الأعلى في تاريخ الحروب الحديثة، بحسب بيانات المنظمات الحقوقية الدولية. نمط ممنهج وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، قُتل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما لا يقل عن 237 صحافياً، وأصيب نحو 400، واعتُقل 40، ودُمّرت غالبية المقرات الإعلامية، وأُجبرت الإذاعات المحلية على الإغلاق. منظمات مثل "مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحافيين" أكدت أن إسرائيل تتبع سياسة ممنهجة لاتهام الصحافيين بالانتماء لجماعات مسلحة لتبرير استهدافهم، كما حدث مع عدة مراسلين لقناة الجزيرة وغيرهم.

نتنياهو الأصلي والعرب المستنسخون
نتنياهو الأصلي والعرب المستنسخون

العربي الجديد

timeمنذ 9 ساعات

  • العربي الجديد

نتنياهو الأصلي والعرب المستنسخون

يفرد بنيامين نتنياهو خريطة الشرق الأوسط على مائدة الدم، يقسّم البلاد ويرسم الحدود، ويوزع السكّان كما يشاء. هو منذ البداية مهووسٌ بأسطورة أنه "ملك إسرائيل"، التي هي في مفهومه مالكة المنطقة بالوراثة عن تلال من الأكاذيب التاريخية المنقوعة في أوهام الصهيونية الدينية وأساطيرها. لا يتحكّم نتنياهو بالشرق الأوسط جغرافياً وديموغرافياً فقط، بل صار يوزّع حصص الثروات الطبيعية في المنطقة، مانح الغاز لمن يرضى عنه ويراه الأولى بالرعاية، وموزّع الأدوار في إدارة الأراضي التي ينوي احتلالها، فيعلن، بكلّ ثقةٍ، إنه سوف يحرّر غزّة من حركة حماس، ويسند إدارتها إلى دول عربية لا تهدّد إسرائيل، ثمّ يأتي إعلان أكبر صفقة غاز طبيعي في التاريخ (35 مليار دولار) تمنحها تل أبيب إلى القاهرة، فتشتعل بعدها مباشرةً منابر الإعلام الرسمي المصري بالهجوم على المقاومة الفلسطينية، وتحميلها المسؤولية عن تدمير غزّة وقتل شعبها وإبادته، ثمّ يرتفع سقف الجنون المتصهين ليصل حدّ اعتبار فصائل المقاومة دخيلةً على فلسطين وعلى المنطقة، بالتزامن مع مهرجانٍ احتفاليٍّ هادر بنجاح الحكومة المصرية في إنجاز الصفقة، التي ستأتي بالخير والرخاء والنماء، وكأن مصر باتت "هبة الغاز الإسرائيلي". ثمّة ما يبدو أنه إذعان رسمي عربي لهلاوس نتنياهو وأكاذيبه وأساطيره، وكأنه صار"السيد الأصلي الوحيد" في الشرق الأوسط، بينما الجميع مستنسخون أو مستحدثون أو وافدون على المنطقة، وإلا ما هو التفسير العقلاني والمنطقي لكرنفال الفرح المصري بتعميق التعاون مع الاحتلال في مجال الطاقة؟ وما هو المنطق الذي يدفع لبنان الرسمي إلى وضع رقبته، سعيداً مبتسماً محتفلاً بالنجاح، في يد الإدارة الأميركية، التي تبدو صهيونية التوجّهات والغايات، أكثر من صهاينة إسرائيل أنفسهم؟ ما الذي يجعل وطناً مقاوماً اسمه "لبنان الكرامة" يستقبل الورقة الأميركية كأنها نصّ مقدّس نزل من السماء للتو، يقول إن المقاومة رزيلة وخطيئة، وإن في السلاح المرفوع في وجه العدو هلاك للبلاد، وإن لا مناص من أن تنفيذ كلّ أوامر نتنياهو وأحلامه كي يعيش لبنان في كنف الشرق الأوسط الإسرائيلي؟ ما الذي يمكن أن يبرّر صمت سورية عن الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على سيادتها، وضمّها مناطق جديدة إلى جانب الجولان المحتل، واعتبارها السويداء وشعبها ضمن رعاياها وتحت حمايتها؟ ما الذي يبرّر هذا السخاء الخليجي المنهمر على إدارة دونالد ترامب، التي يربطها بالاحتلال الصهيوني حبل سُرّي يجعلهما كياناً واحداً، في وقتٍ يموت الشعب الفلسطيني جوعاً؟ ما الذي يجعل الدوائر الرسمية والإعلامية المصرية ترى في إلقاء بعض المساعدات جواً، بأمر نتنياهو وإذنه، لتسقط على رؤوس الفلسطينيين، إنجازاً سياسياً وعسكرياً مصرياً، يؤكّد الريادة في النضال من أجل القضية الفلسطينية؟ وما المنطق في اعتبار مرور بعض شاحناتٍ من معبر كرم أبو سالم، الذي تهيمن عليه إسرائيل هيمنة مطلقة، بطولةً في وقت جعلت معبر رفح المصري الفلسطيني محرّماً على السلطات المصرية؟ الشاهد أن ثمّة استسلاماً عربياً كاملاً للدخول فيما أسميتُها مرحلة تمزيق الخرائط ومحو الفواصل وإذابة الحدود، كما حلم بها شيمون بيريس قبل أكثر من ربع قرن، حين رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، في أنوار "كامب ديفيد" (1978)، ثمّ "أوسلو" (1993)، تلك الرؤية التي ضمّنها كتابه الأشهر، وفيها حتمية المشروع الواحد الذي تتشارك فيه إسرائيل والدول العربية، داعياً الجميع إلى التحرّر من قيود التاريخ والجغرافيا، والانخراط في التصوّر الصهيوني للمنطقة. من كان يتصوّر أن أحلام بيريس القديمة سوف لن تُشبع جوع إسرائيل الجديدة بعد ربع قرن، إذ يتجاوز ما حققه نتنياهو في أرض الواقع أسوأ كوابيس الشعب العربي وأبعد من أحلام الصهاينة الأُوَل، لنصل إلى لحظة يقول فيها مصطفى الفقّي (سكرتير حسني مبارك السابق ورجل عبد الفتاح السيسي الحالي) في الشهور الأولى من العدوان الصهيوني على غزّة: "لا نريد شيئاً يعكّر صفو المنطقة والتعايش المشترك مع إسرائيل"، ثمّ يضيف في مقابلة تلفزيونية: "التابو بياخد أجيال، وأحفادك بإذن الله هيتعاملوا مع أحفاد الإسرائيليين في محبّة وصفاء بشرق أوسط مختلف... ندعو الله".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store