logo
قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

وكالة خبر١١-٠٥-٢٠٢٥

شهدنا حديثاً توقيع اتفاقية ثنائية استثنائية جديدة بين الحكومة البريطانية والحكومة الفلسطينية، في خطوة تحمل أبعادًا متعددة من حيث الشكل والمضمون، وتعكس استمرار العلاقة بين الطرفين ضمن أطر التعاون التنموي والدبلوماسي الرفيع المستوى. مذكرة التفاهم تعكس طابعاً فنياً وتنموياً غير مسبوق في تعزيزها للعلاقات الثنائية الرسمية، سنقدم تحليلاً لبنودها ولغة صياغتها لمحاولة فهم اتجاهات السياسة البريطانية تجاه فلسطين، وحدود الالتزام الفعلي بالقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني أو مسؤولية المملكة المتحدة التاريخية تجاه القضية الفلسطينية.
مذكرة التفاهم غطت مجموعة عناوين رئيسية منها:
* التعاون الدولي، وأكدت الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع.
* حل الدولتين، التزمت بريطانيا بحق تقرير المصير وأضافت التزاماً بالدولة الفلسطينية المستقلة كما التزمت بضرورة العمل مع مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية وهذه سابقة مهمة للغاية.
* الشراكة ودور السلطة صاحبة الشرعية للحكم في غزة والضفة وتوطيد العلاقة مع بعثة فلسطين في لندن والشراكة في تنفيذ أجندات الإصلاح والحكم الصالح ودعم خطط إعادة البناء والتعافي الفلسطينية المستقلة. كما أكدت مذكرة التفاهم بصريح العبارة التزام الطرفين بأسس الديمقراطية بما فيها عقد انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن في الضفة والقدس وغزة.
* التعاون الأمني: التزام بتطوير القوة الأمنية ومؤسسات السلطة الأمنية وإمكانياتها وأسس المساءلة لضمان الحقوق.
* العلاقات التجارية والالتزام باتفاقية الشراكة التجارية السياسية لتوطيد العلاقات التجارية بين الاقتصادين الفلسطيني والبريطاني. وتطرقت هنا بشكل غير مباشر لعلاقة التجارة والبضائع بالاستيطان غير الشرعي من خلال ذكر الالتزام بقرار ٢٣٣٤ لمجلس الأمن الدولي، لكن غاب عن لغة مذكرة التفاهم ذكر كلمة "الاستيطان".
* التعليم: بشكل مختصر أكدت مذكرة التفاهم التزام الطرفين بالعمل لتحسين التعليم لأطفال فلسطين ولكنها للأسف لم تتطرق لمسالة "الفيزا" وحرمات العديد من الطلبة الفلسطينيين من دراستهم في المملكة المتحدة بسبب تعقيدات وسياسات الحرمات من الفيزا أي حرمانهم من حقهم بالتعليم في الجامعات البريطانية برغم قبولهم بالجامعات وهذا شان ثنائي عملي.
* التغير المناخي: التعاون شمل الموضوع الأكثر حداثة لتخفيض انبعاثات الكربون لكن مذكرة التفاهم لم تتطرق بأي شكل لكيفية التخلص من الآثار السلبية لواقع التغير المناخي والتلوث بسبب ممارسات الاحتلال.
* الجندر: حقوق المرأة والأقليات.
* الثقافة: التعاون لزيادة التبادل الثقافي والعلمي والتعليمي.
أكدت مذكرة التفاهم على الحقوق غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير، وشملت الدولة المستقلة، كما أكدت على أهمية الالتزام بمبادئ منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه سابقة في العلاقات الثنائية. بنفس الوقت نلاحظ وبرغم الأهمية الدبلوماسية وتطور اللغة، هناك خلط بين مفاهيم تمكين مؤسسات الدولة من جهة وبالإشارة لمؤسسات السلطة من جهة أخرى. أهميتها الدبلوماسية تندرج ضمن سياق يحاول فيه الشركاء الدوليون الاستمرار في دعم بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية، دون أن ترافق ذلك مواقف حاسمة تتعلق بجوهر القضية، المتمثل في إنهاء الاحتلال والاعتراف الفعلي والصريح بالدولة. المملكة المتحدة تلتزم بحق تقرير المصير والدولة المستقلة من خلال حل الدولتين والاعتراف المتبادل، هذا الدعم لا يتجاوز سقف الخطاب إلا إذا ترجم إلى مواقف عملية حاسمة. ففي الوقت الذي يعترف فيه أكثر من 140 دولة بدولة فلسطين، تواصل بريطانيا التمسك بصيغة مرنة تقول إن الاعتراف سيأتي في الوقت الذي يخدم عملية السلام، وهي صيغة تُبقي الاعتراف رهينة للتقديرات السياسية، لا استحقاقًا قانونيًا أو أخلاقيًا.
مذكرة التفاهم تتضمن دعم معلن ولغة حضارية دبلوماسية تقدمية فيه الجديد.. دون التزامات حاسمة، الخطاب المصاحب للاتفاقية لا يخرج عن الثوابت المعروفة في السياسة البريطانية: دعم حل الدولتين، الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وتقديم الدعم الإنساني في القطاعات الأساسية، خصوصًا في غزة كما يدعم الديمقراطية والانتخابات. غير أن مذكرة التفاهم تتجنب – كما في البيانات الرسمية السابقة –ذكر كلمة "الاحتلال" أو " الاستيطان" أو " دولة فلسطين" أو "الأبارتهايد" أو "الانتداب البريطاني" أو "وعد بلفور" أو "جرائم الحرب"، ولا ذكر لجريمة "الإبادة" أي تتجنب موقفاً سياسياً قانونياً جوهرياً، وعلى رأسها الاعتراف بدولة فلسطين، أو ربط المساعدات والتعاون بإنهاء الاحتلال أو احترام حقوق الإنسان.
الأكثر لفتًا للانتباه هو غياب أي إشارة في مذكرة التفاهم إلى المسؤولية التاريخية لبريطانيا في نشوء القضية الفلسطينية، سواء عبر وعد بلفور عام 1917 أو من خلال دورها كقوة انتداب على فلسطين في فترة ما بين الحربين. هذا الغياب يعكس نهجًا سياسيًا مستمرًا يسعى لتقديم بريطانيا كطرف ساهم في هيكلة الواقع الاستعماري الكولونيالي ومزق أي أفق لسيادة فلسطينية حقيقية في حدود الدولة، بريطانيا لا تعترف بأنها كانت فاعلًا تأسيسيًا في مأساة الشعب الفلسطيني وتاريخه المعاصر.
مذكرة التفاهم أشارت بوضوح للالتزام بالقانون الإنساني الدولي لكنها لم تتطرق إلى رأي محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024. تجاهل لمرجعيات قانونية دولية حاسمة، في ظل صدور رأي استشاري واضح، يقر بعدم شرعية الاحتلال ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عملية لإنهائه، كان من المتوقع أن تنعكس مضامين هذا القرار على الخطاب البريطاني تجاه فلسطين.
من خلال مذكرة التفاهم، تُواصل بريطانيا تقديم نفسها كداعم لـ"بناء المؤسسات الفلسطينية" والتنمية الاقتصادية، دون التطرق إلى المنظومة التي تعيق تلك المؤسسات وتنتهك السيادة الفلسطينية – أي الاحتلال العسكري المستمر.
فالمساعدات تُمنح، لكن دون أن تُقرن بمواقف واضحة تجاه الاستيطان أو العدوان أو الحصار، ما يعيد إنتاج مقاربة "الإدارة الإنسانية للأزمة" بدلًا من معالجة جذور الظلم السياسي المتمثل بالاحتلال العسكري.
رغم أهمية أي إطار تعاوني يدعم الشعب الفلسطيني، فإن مذكرة التفاهم تُظهر أن التعاون الدولي – في غياب المواقف السياسية العادلة – قد يتحول إلى وسيلة للتطبيع مع الأمر الواقع، لا أداة لتغييره. الشراكة الحقيقية تبدأ حين يُربط التعاون التنموي بمبادئ القانون الدولي، وتُعاد قراءة التاريخ بروح من المسؤولية، ويُمنح الفلسطينيون ما هو أكثر من برامج: يُمنحون حقهم الكامل في التحرر والسيادة.
تؤكد مذكرة التفاهم الثنائية الجديدة أن بريطانيا لا تزال تُمسك العصا من منتصفها في علاقتها مع فلسطين، بين خطاب التعاون ومحدودية الفعل السياسي. لكن العدالة، كما يُقال، لا تتحقق بالنيات الحسنة، بل بالأفعال الواضحة. وفي هذا السياق، فإن الشعب الفلسطيني لا يحتاج فقط إلى الدعم التنموي، بل إلى اعتراف حقيقي، والتزام قانوني، وشراكة عادلة تُنهي الاحتلال وتفتح طريقًا حقيقيًا للحرية.
في جوهرها، تعكس مذكرة التفاهم استمرار سياسة "الإدارة الإنسانية للصراع" بدلًا من مواجهته سياسيًا وقانونيًا. فالدعم التنموي يستمر، والمساعدات تُمنح، لكن دون معالجة الأسباب البنيوية التي تكرّس غياب السيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الاحتلال والاستيطان والحصار.
إن الشراكة العادلة لا يمكن أن تُبنى فقط على المشاريع، بل على اعتراف حقيقي بالحقوق، وربط التعاون التنموي بمواقف واضحة تُدين الظلم وتدعم إنهاء الاحتلال. فالمسؤولية الأخلاقية والسياسية تقتضي من بريطانيا مراجعة دورها، والتحوّل من دعم مشروط إلى موقف يُنصف التاريخ ويخدم المستقبل.
مذكرة التفاهم تشكل نموذجاً دبلوماسياً غير مسبوق على مستوى العلاقات الثنائية، بما وضعته من إطار شامل وما انطلقت منه من مبادئ قانونية ودبلوماسية تحتاج للمتابعة المفصلة للخروج من عموميات إلى جزئيات لم تطرق لها صراحة في النص إلا أن هناك فرصة كبيرة للبناء عليها إذا ما استغلت بالشكل الوطني الصحيح وبالتعاون بين سفارة فلسطين ووزارة الخارجية وكافة الأطراف ذات الصلة للاستفادة الحقيقية هذه المذكرة التي رسخت الأسس لشراكة استراتيجية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية.
كل الاحترام لسفارة فلسطين في المملكة المتحدة ممثلة بالسفير حسام زملط وفريق السلك الدبلوماسي وطاقم وزارة الخارجية الذي حقق إنجازاً أصيلاً ومتابعة تنفيذ مذكرة التفاهم مهمة تحتاج لاختصاص وتظافر الجهود للتأكيد أن ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم ليس فقط دعماً إنسانيًا أو مؤسسيًا على ورق، بل اعتراف كامل بحقوقهم، وشراكة تستند إلى العدالة، وتترجم القانون الدولي من النصوص إلى الأفعال. عادة ما تكون مذكرة التفاهم عامة ثم ينتج عنها تفاصيل نأمل أن تأخذ ما جاء في هذه القراءة كتوصيات في متابعة التنفيذ.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

العالم متواطئ في المجاعة الجماعية في غزة
العالم متواطئ في المجاعة الجماعية في غزة

وكالة خبر

timeمنذ 4 أيام

  • وكالة خبر

العالم متواطئ في المجاعة الجماعية في غزة

بعد أكثر من شهرين من خرق دولة الاحتلال وقف إطلاق النار، لا تزال الأوضاع في قطاع غزة تتدهور، وتدعي دولة الاحتلال أنها لا تعتبر نفسها ملزمة بالمعايير الدولية الأساسية. ورغم وجود مؤشرات على الصحوة لدى المجتمع الإنساني العالمي، إلا أنها لا تزال بطيئة للغاية. كما أن الإحباط المتزايد بين الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تعزز بطريقة ما صورتها النمطية، وعدم استقلالها الكامل عن التمويل الدولي والضغوط السياسية، وأدى العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ تسعة عشر شهراً إلى تقويض الأسس الإنسانية والأخلاقية والقانونية، التي قام عليها النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية بوتيرة متسارعة. وفي وقت يحاول فيه المجتمع الدولي الانتصار للمنظومة الدولية والأخلاقية، ووقف التجويع الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال كونه محظور أخلاقيا، ويقوض الحق الأخلاقي للمجتمع الدولي والقيم القائمة عليها منظومة القانون الدولي الإنساني، وتعريض المعايير الإنسانية الأساسية التي يسعى إلى الحفاظ عليها للخطر. وبدأت أصوات من المجتمع الإنساني الدولي، تدرك أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تقويض النظام الدولي الليبرالي. تفرض دولة الاحتلال ظروفا غير إنسانية على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار حصار قطاع غزة، وتتفاخر الحكومة الإسرائيلية والوزراء باستمرار حرب الإبادة وتجويع الناس وطريقة توزيع المساعدات في القطاع التي وضعتها إسرائيل. منذ بداية حرب الابادة تروج دولة الاحتلال أن الحصار المفروض على القطاع، ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود لا يشكل تهديدًا كبيرًا لحياة الفلسطينيين في القطاع، حتى بعد تحذيرات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى من أن المجاعة قائمة. وما زالت دولة الاحتلال متمسكة في ترويج الادعاء السخيف، بانها تعمل على إدخال المساعدات والامدادات الغذائية، بناء على آلية جديدة لمنع حماس من السيطرة على المواد الغذائية، وهي منذ بداية الحرب اتخذت التجويع كسلاح لمعاقبة الفلسطينيين. إن التجويع الجماعي للناس بشكل عام، للأطفال والنساء وكبار السن، أمر لا يطاق، وإن عجز العالم عن وقف حرب الإبادة وفي قلبها استمرار المجاعة الجماعية تجعل الجميع في أنحاء العالم شركاء. والمشاركة في أن الناس يموتون من الجوع والعطش، وأنهم يقتلون من أجل لقمة خبز. وكذلك المشاركة من خلال التواطئ عن حماية موظفي الإغاثة، الذين يُقتلون أثناء قيامهم بأكثر الإجراءات إنسانية وأخلاقية قدر الإمكان، وتوزيع الطعام والوجبات السريعة اليومية والتي توقفت جميعها. بعد السابع من أكتوبر ترسخت قناعة لدى كثير من الدول الأوروبية المتنفذة، وصدقوا الرواية الإسرائيلية التي يرددونها، وإن جميع الناس في قطاع غزة مذنبون لأنهم اختاروا حماس ودعموا حكمها. ولا يوجد أبرياء في غزة، لأن السكان كانوا يعلمون ويصمتون. وفي هذا الموضوع فالعالم شريك، وعليه مسؤولية كبيرة وهم شركاء في الذنب وهم صدقوا الرواية الإسرائيلية، وان أهل غزة يجب أن يموتوا لأنهم شركاء في الذنب. أمس الثلاثاء عقد اجتماعاً في مجلس الأمن الدولي، حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، والوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة. وانتقد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، خطة توزيع المساعدات في قطاع غزة التي وضعتها إسرائيل وتدعمها الولايات المتحدة. ووصفها بأنها "غطاء لمزيد من العنف والنزوح" للفلسطينيين في القطاع الذي عصفت به الحرب. إنها "مجرد مسرحية هزلية وتشتيت متعمد". ولم تدخل أي مساعدات غزة منذ الثاني من مارس الماضي. وخلال الاجتماع برزت معارضة من الدول الأوروبية المركزية مثل فرنسا وبريطانيا، للآلية الإسرائيلية، وأنها لن ندعم أي آلية مساعدات بغزة تسعى لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، وأن توزيع وإدارة المساعدات الإنسانية التي اقترحتها إسرائيل، وهناك نحو (130 ألف) طن من الطعام تتعفن على حدود غزة، بدلا من إيصالها لمن يتضورون جوعاً. إن الشيء الوحيد الذي يُسمح له بالدخول إلى غزة هو الموت، القنابل والرصاص، للقطاع بينما يمنع الحليب عن أفواه الرضع. يُحظَر الماء ويُمنَع الدواء. وتغلق المعابر في وجه الحياة. ومع ذلك ما زال العالم يقف متفرجا على شعب يباد بصمت ويحاصر بالخذلان، ويُجرَد من أبسط حقوقه في الحياة. المجاعة في غزة تعمل على تقويض أسس النظام الدولي بوتيرة متسارعة. وعلى الرغم من بعض بوادر الصحوة من المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية، إلا أن الوضع يزداد سوءً والمجاعة تضرب أطنابها. وإن ثقة إسرائيل بنفسها مستمدة، من عدم وجود استجابة حقيقية من جانب المجتمع الدولي ولم ترقى لاتخاذ قرارات حقيقية مثل المقاطعة، والذي يدفع ثمن تجاهل القرارات الأممية السابقة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

تفاصيل "مقترح أميركي مكتوب" لمرشد إيران
تفاصيل "مقترح أميركي مكتوب" لمرشد إيران

فلسطين الآن

timeمنذ 6 أيام

  • فلسطين الآن

تفاصيل "مقترح أميركي مكتوب" لمرشد إيران

قدمت الولايات المتحدة لإيران مقترحا مكتوبا للتوصل إلى اتفاق نووي، خلال الجولة الرابعة من المفاوضات التي جرت الأحد، وفقا لما ذكره مسؤول أميركي ومصدران آخران مطلعان لموقع "أكسيوس" الإخباري. وهذه هي المرة الأولى منذ بدء المحادثات في أوائل أبريل، التي يقدم فيها مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف مقترحا مكتوبا للإيرانيين. وعاد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالمقترح إلى طهران، للتشاور مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس مسعود بزشكيان ومسؤولين كبار آخرين. ويتناغم التقرير مع ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس، أثناء زيارته الدوحة، عندما صرح أن الولايات المتحدة "تقترب جدا من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران"، مشيرا إلى أن طهران وافقت "إلى حد ما" على الشروط. والثلاثاء قال ترامب في السعودية إنه قدم "غصن زيتون" للإيرانيين في إشارة إلى خيار السلام، لكنه أكد أن "هذا العرض لن يدوم إلى الأبد، لقد حان الوقت لهم للاختيار". وخلال الجولة الأولى من المحادثات قبل أسابيع، قدم عراقجي لويتكوف وثيقة مكتوبة تتضمن العديد من المقترحات الإيرانية، وقال مصدر مطلع على الاجتماع إن ويتكوف أخبر وزير الخارجية الإيراني أن "الوقت لا يزال مبكرا جدا لذلك، وأنه يريد بناء علاقة جيدة أولا". وخلال الجولة الثالثة من المحادثات في أواخر أبريل، قدم عراقجي لويتكوف وثيقة محدثة تتضمن أفكارا إيرانية بشأن اتفاق نووي، وهذه المرة وافق ويتكوف على استلام الوثيقة، ودرسها فريق من الخبراء الأميركيين وأرسل إلى طهران قائمة أسئلة وطلبات توضيح، وفق "أكسيوس". وأفاد مصدران أن الإيرانيين ردوا و"أضافوا أسئلة" أيضا. وفي الوقت ذاته، أعد ويتكوف وفريقه مقترحا أميركيا يحدد رؤية إدارة ترامب للبرنامج النووي الإيراني "المدني"، ومتطلبات المراقبة والتحقق، وفقا للمصدرين. وقدم ويتكوف ومسؤولون آخرون إجابات متباينة حول ما إذا كانت إيران ستتمكن من تخصيب اليورانيوم، وإلى أي مدى. وقال مستشار لخامنئي لشبكة "إن بي سي" الإخبارية الأميركية، الأربعاء، إن إيران مستعدة لتوقيع اتفاق يسمح لها بالتخصيب فقط إلى المستويات الأدنى اللازمة للاستخدامات المدنية، ويلزمها بالتخلي عن مخزوناتها من اليورانيوم عالي التخصيب، اللازم لصنع سلاح نووي، مع تحقق المفتشين من الامتثال لذلك، مقابل رفع جميع العقوبات. وأطلع ويتكوف مجلس الأمن الدولي قبل أيام على تفاصيل الاقتراح الأميركي، الذي وصفه بأنه "رائع وكبير جدا"، لكنه شدد على "ضرورة إحراز المزيد من التقدم في المفاوضات"، وفقا لمحضر الاجتماع الذي اطلع عليه موقع "أكسيوس"، وأكده مصدر مطلع آخر. وأفادت المصادر أن ويتكوف قدم الاقتراح الحديث إلى عراقجي في سلطنة عمان، الأحد، ورفض مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية التعليق. وأبدى مبعوث واشنطن ارتياحه لنتائج الجولة الرابعة من المحادثات، التي عقدت قبل يوم واحد من بدء ترامب جولته إلى الشرق الأوسط، بينما لم يحدد موعد للجولة الخامسة بعد. وقال ترامب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقائهما في الدوحة، الأربعاء: "آمل أن تتمكنوا من مساعدتي في التعامل مع الوضع الإيراني. إنه وضع محفوف بالمخاطر ونريد اتخاذ القرار الصائب". وأكد ترامب رغبته في تجنب الحرب، لأن "مثل هذه الأمور تبدأ وتخرج عن السيطرة. لقد رأيت ذلك مرارا وتكرارا ولن نسمح بحدوث ذلك". ومن المتوقع أن يجتمع دبلوماسيون كبار من إيران ومجموعة الترويكا الأوروبية، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في إسطنبول، الجمعة، في أول اجتماع من نوعه منذ شهرين. وقال دبلوماسيون أوروبيون إن القوى الأوروبية الثلاث قررت تفعيل آلية "إعادة فرض العقوبات" بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد بحلول أغسطس المقبل.

قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية
قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

وكالة خبر

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • وكالة خبر

قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

شهدنا حديثاً توقيع اتفاقية ثنائية استثنائية جديدة بين الحكومة البريطانية والحكومة الفلسطينية، في خطوة تحمل أبعادًا متعددة من حيث الشكل والمضمون، وتعكس استمرار العلاقة بين الطرفين ضمن أطر التعاون التنموي والدبلوماسي الرفيع المستوى. مذكرة التفاهم تعكس طابعاً فنياً وتنموياً غير مسبوق في تعزيزها للعلاقات الثنائية الرسمية، سنقدم تحليلاً لبنودها ولغة صياغتها لمحاولة فهم اتجاهات السياسة البريطانية تجاه فلسطين، وحدود الالتزام الفعلي بالقانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني أو مسؤولية المملكة المتحدة التاريخية تجاه القضية الفلسطينية. مذكرة التفاهم غطت مجموعة عناوين رئيسية منها: * التعاون الدولي، وأكدت الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالصراع. * حل الدولتين، التزمت بريطانيا بحق تقرير المصير وأضافت التزاماً بالدولة الفلسطينية المستقلة كما التزمت بضرورة العمل مع مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية وهذه سابقة مهمة للغاية. * الشراكة ودور السلطة صاحبة الشرعية للحكم في غزة والضفة وتوطيد العلاقة مع بعثة فلسطين في لندن والشراكة في تنفيذ أجندات الإصلاح والحكم الصالح ودعم خطط إعادة البناء والتعافي الفلسطينية المستقلة. كما أكدت مذكرة التفاهم بصريح العبارة التزام الطرفين بأسس الديمقراطية بما فيها عقد انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن في الضفة والقدس وغزة. * التعاون الأمني: التزام بتطوير القوة الأمنية ومؤسسات السلطة الأمنية وإمكانياتها وأسس المساءلة لضمان الحقوق. * العلاقات التجارية والالتزام باتفاقية الشراكة التجارية السياسية لتوطيد العلاقات التجارية بين الاقتصادين الفلسطيني والبريطاني. وتطرقت هنا بشكل غير مباشر لعلاقة التجارة والبضائع بالاستيطان غير الشرعي من خلال ذكر الالتزام بقرار ٢٣٣٤ لمجلس الأمن الدولي، لكن غاب عن لغة مذكرة التفاهم ذكر كلمة "الاستيطان". * التعليم: بشكل مختصر أكدت مذكرة التفاهم التزام الطرفين بالعمل لتحسين التعليم لأطفال فلسطين ولكنها للأسف لم تتطرق لمسالة "الفيزا" وحرمات العديد من الطلبة الفلسطينيين من دراستهم في المملكة المتحدة بسبب تعقيدات وسياسات الحرمات من الفيزا أي حرمانهم من حقهم بالتعليم في الجامعات البريطانية برغم قبولهم بالجامعات وهذا شان ثنائي عملي. * التغير المناخي: التعاون شمل الموضوع الأكثر حداثة لتخفيض انبعاثات الكربون لكن مذكرة التفاهم لم تتطرق بأي شكل لكيفية التخلص من الآثار السلبية لواقع التغير المناخي والتلوث بسبب ممارسات الاحتلال. * الجندر: حقوق المرأة والأقليات. * الثقافة: التعاون لزيادة التبادل الثقافي والعلمي والتعليمي. أكدت مذكرة التفاهم على الحقوق غير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير، وشملت الدولة المستقلة، كما أكدت على أهمية الالتزام بمبادئ منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه سابقة في العلاقات الثنائية. بنفس الوقت نلاحظ وبرغم الأهمية الدبلوماسية وتطور اللغة، هناك خلط بين مفاهيم تمكين مؤسسات الدولة من جهة وبالإشارة لمؤسسات السلطة من جهة أخرى. أهميتها الدبلوماسية تندرج ضمن سياق يحاول فيه الشركاء الدوليون الاستمرار في دعم بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية، دون أن ترافق ذلك مواقف حاسمة تتعلق بجوهر القضية، المتمثل في إنهاء الاحتلال والاعتراف الفعلي والصريح بالدولة. المملكة المتحدة تلتزم بحق تقرير المصير والدولة المستقلة من خلال حل الدولتين والاعتراف المتبادل، هذا الدعم لا يتجاوز سقف الخطاب إلا إذا ترجم إلى مواقف عملية حاسمة. ففي الوقت الذي يعترف فيه أكثر من 140 دولة بدولة فلسطين، تواصل بريطانيا التمسك بصيغة مرنة تقول إن الاعتراف سيأتي في الوقت الذي يخدم عملية السلام، وهي صيغة تُبقي الاعتراف رهينة للتقديرات السياسية، لا استحقاقًا قانونيًا أو أخلاقيًا. مذكرة التفاهم تتضمن دعم معلن ولغة حضارية دبلوماسية تقدمية فيه الجديد.. دون التزامات حاسمة، الخطاب المصاحب للاتفاقية لا يخرج عن الثوابت المعروفة في السياسة البريطانية: دعم حل الدولتين، الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وتقديم الدعم الإنساني في القطاعات الأساسية، خصوصًا في غزة كما يدعم الديمقراطية والانتخابات. غير أن مذكرة التفاهم تتجنب – كما في البيانات الرسمية السابقة –ذكر كلمة "الاحتلال" أو " الاستيطان" أو " دولة فلسطين" أو "الأبارتهايد" أو "الانتداب البريطاني" أو "وعد بلفور" أو "جرائم الحرب"، ولا ذكر لجريمة "الإبادة" أي تتجنب موقفاً سياسياً قانونياً جوهرياً، وعلى رأسها الاعتراف بدولة فلسطين، أو ربط المساعدات والتعاون بإنهاء الاحتلال أو احترام حقوق الإنسان. الأكثر لفتًا للانتباه هو غياب أي إشارة في مذكرة التفاهم إلى المسؤولية التاريخية لبريطانيا في نشوء القضية الفلسطينية، سواء عبر وعد بلفور عام 1917 أو من خلال دورها كقوة انتداب على فلسطين في فترة ما بين الحربين. هذا الغياب يعكس نهجًا سياسيًا مستمرًا يسعى لتقديم بريطانيا كطرف ساهم في هيكلة الواقع الاستعماري الكولونيالي ومزق أي أفق لسيادة فلسطينية حقيقية في حدود الدولة، بريطانيا لا تعترف بأنها كانت فاعلًا تأسيسيًا في مأساة الشعب الفلسطيني وتاريخه المعاصر. مذكرة التفاهم أشارت بوضوح للالتزام بالقانون الإنساني الدولي لكنها لم تتطرق إلى رأي محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024. تجاهل لمرجعيات قانونية دولية حاسمة، في ظل صدور رأي استشاري واضح، يقر بعدم شرعية الاحتلال ويدعو إلى اتخاذ إجراءات عملية لإنهائه، كان من المتوقع أن تنعكس مضامين هذا القرار على الخطاب البريطاني تجاه فلسطين. من خلال مذكرة التفاهم، تُواصل بريطانيا تقديم نفسها كداعم لـ"بناء المؤسسات الفلسطينية" والتنمية الاقتصادية، دون التطرق إلى المنظومة التي تعيق تلك المؤسسات وتنتهك السيادة الفلسطينية – أي الاحتلال العسكري المستمر. فالمساعدات تُمنح، لكن دون أن تُقرن بمواقف واضحة تجاه الاستيطان أو العدوان أو الحصار، ما يعيد إنتاج مقاربة "الإدارة الإنسانية للأزمة" بدلًا من معالجة جذور الظلم السياسي المتمثل بالاحتلال العسكري. رغم أهمية أي إطار تعاوني يدعم الشعب الفلسطيني، فإن مذكرة التفاهم تُظهر أن التعاون الدولي – في غياب المواقف السياسية العادلة – قد يتحول إلى وسيلة للتطبيع مع الأمر الواقع، لا أداة لتغييره. الشراكة الحقيقية تبدأ حين يُربط التعاون التنموي بمبادئ القانون الدولي، وتُعاد قراءة التاريخ بروح من المسؤولية، ويُمنح الفلسطينيون ما هو أكثر من برامج: يُمنحون حقهم الكامل في التحرر والسيادة. تؤكد مذكرة التفاهم الثنائية الجديدة أن بريطانيا لا تزال تُمسك العصا من منتصفها في علاقتها مع فلسطين، بين خطاب التعاون ومحدودية الفعل السياسي. لكن العدالة، كما يُقال، لا تتحقق بالنيات الحسنة، بل بالأفعال الواضحة. وفي هذا السياق، فإن الشعب الفلسطيني لا يحتاج فقط إلى الدعم التنموي، بل إلى اعتراف حقيقي، والتزام قانوني، وشراكة عادلة تُنهي الاحتلال وتفتح طريقًا حقيقيًا للحرية. في جوهرها، تعكس مذكرة التفاهم استمرار سياسة "الإدارة الإنسانية للصراع" بدلًا من مواجهته سياسيًا وقانونيًا. فالدعم التنموي يستمر، والمساعدات تُمنح، لكن دون معالجة الأسباب البنيوية التي تكرّس غياب السيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الاحتلال والاستيطان والحصار. إن الشراكة العادلة لا يمكن أن تُبنى فقط على المشاريع، بل على اعتراف حقيقي بالحقوق، وربط التعاون التنموي بمواقف واضحة تُدين الظلم وتدعم إنهاء الاحتلال. فالمسؤولية الأخلاقية والسياسية تقتضي من بريطانيا مراجعة دورها، والتحوّل من دعم مشروط إلى موقف يُنصف التاريخ ويخدم المستقبل. مذكرة التفاهم تشكل نموذجاً دبلوماسياً غير مسبوق على مستوى العلاقات الثنائية، بما وضعته من إطار شامل وما انطلقت منه من مبادئ قانونية ودبلوماسية تحتاج للمتابعة المفصلة للخروج من عموميات إلى جزئيات لم تطرق لها صراحة في النص إلا أن هناك فرصة كبيرة للبناء عليها إذا ما استغلت بالشكل الوطني الصحيح وبالتعاون بين سفارة فلسطين ووزارة الخارجية وكافة الأطراف ذات الصلة للاستفادة الحقيقية هذه المذكرة التي رسخت الأسس لشراكة استراتيجية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية. كل الاحترام لسفارة فلسطين في المملكة المتحدة ممثلة بالسفير حسام زملط وفريق السلك الدبلوماسي وطاقم وزارة الخارجية الذي حقق إنجازاً أصيلاً ومتابعة تنفيذ مذكرة التفاهم مهمة تحتاج لاختصاص وتظافر الجهود للتأكيد أن ما يحتاجه الفلسطينيون اليوم ليس فقط دعماً إنسانيًا أو مؤسسيًا على ورق، بل اعتراف كامل بحقوقهم، وشراكة تستند إلى العدالة، وتترجم القانون الدولي من النصوص إلى الأفعال. عادة ما تكون مذكرة التفاهم عامة ثم ينتج عنها تفاصيل نأمل أن تأخذ ما جاء في هذه القراءة كتوصيات في متابعة التنفيذ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store