
هل الطريق سالكة أمام التطبيع؟
لا بدّ من التمييز والتفريق بين السلام والتطبيع. فالسلام المزعوم والمزمع عقده، إنما يعني توقيع وثيقة سياسية لإنهاء حالة الحرب مع "إسرائيل" بصورة نهائية وبطريقة مستدامة.
وهو يكون حصيلة قرار سياسي، يصدر عن السلطة السياسية القائمة في الدولة العربية المعنية، وليس بالضرورة أن يكون وليد الإرادة الشعبية في هذا البلد العربي نفسه؛ ولكنه سيصبح ملزماً من الناحيتين السياسية والقانونية أو الدستورية، مع المصادقة عليه، بحسب الأصول المرعية الإجراء، بحيث يقع في خانة الالتزامات والتعهّدات السياسية، القانونية، الحقوقية، الدبلوماسية والعسكرية، على مستوى السياسة الخارجية، كما على مستوى العلاقات الخارجية، حتى إشعار آخر.
وأما التطبيع المفترض مع "إسرائيل"، فيحيلنا على فرضيّة نظرية، وهي غير منطقية وغير واقعية، تتمثّل أو تتجسّد في بناء علاقات طبيعية مع "إسرائيل"، أو جعل العلاقات القائمة طبيعية مع "إسرائيل".
وهو الأمر الذي يصعب تحقيقه بالتأكيد وبطبيعة الحال، بل يستحيل تطبيقه وتنفيذه، لأسباب عديدة، ذاتية وموضوعية، تتعلّق بالبلدان العربية والشعوب العربية فيها، تجعل من عملية التطبيع الشعبي، بما فيها عملية التطبيع الثقافي، وكذلك عملية التطبيع النفسي، بميزان سيكولوجيا السياسة، متعثّرة ومتعذّرة، وذلك بصرف النظر عن إمكانية أو احتمالية التوقيع على معاهدة السلام السياسية أو الرسمية، من الحكومة والبرلمان، لا الشعب، حتى إشعار آخر. 9 تموز 13:55
7 تموز 08:17
بالعودة لأطروحة السلام الزائفة، فإن الكلام أو الحديث بالسياسة عن فكرة السلام العادل والشامل بالأدبيات الغربية والأدبيات العربية، إنما يفتقر للصدقية والواقعية، ولا سيما حين يتمّ إدراج فكرة حل الدولتين الخاوية شرطاً للعبور من بوابة الدولة الوطنية الفلسطينية، المستقلة والسيدة، المأمولة والموعودة، إلى خطة السلام العادل والشامل بالمنطقة مع "إسرائيل".
فأين هي هذه الدولة الفلسطينية؟ بل وماذا بقي منها في الواقع وفي الحقيقة؟ ما هي مقوّماتها، مرتكزاتها، أسسها، أركانها، ملامحها، معالمها، مساحتها وحدودها؟ كلّ هذه الأسئلة مشروعة وواجبة، نظراً للخفة أو الاستخفاف لدى الإحاطة بالقضية وكيفيّة التعامل والتعاطي معها. هل ما يزال هناك ثمة فرصة جدية وحقيقية لقيام مثل هذه الدولة من ضمن صيغ الحلول المستدامة في المنطقة؟
بالنسبة لأطروحة التطبيع الواهية، قد تكون تجربة مصر بالتحديد، لكونها أول دولة عربية عقدت السلام مع "إسرائيل"، خير دليل، وهي شاهد حيّ، على استحالة مشروع التطبيع، حتى بعد انقضاء كل هذه المدة الزمنية على توقيع معاهدة السلام وإنهاء حالة الحرب بين مصر و"إسرائيل"؛ ولكن العلاقات، من على جانبي الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة، ما بين الشعب العربي المصري من جهة أولى، وعامة المستوطنين من الإسرائيليين الصهاينة من جهة ثانية، ليست طبيعية.
هي ليست كذلك، ولم تكن ولن تصبح هكذا. فقد ظلت هي "إسرائيل"، بعد كل هذه السنوات وهذه العقود من السلام الفارغ من أي مضمون جدي وحقيقي، ما عدا التعاون الأمني، كما كانت: ذلك العدو في نفوس وعقول وأذهان وقلوب المصريين.
إن شروط السلام غير متوافرة أو غير متحقّقة. كما أنّ محدّدات التطبيع غير ممكنة، لا سابقاً، ولا حاضراً، ولا لاحقاً. أما الاستسلام لـ "إسرائيل" والتسليم بشروطها، فتلك مسألة أخرى. هي حالة شاذة، غير طبيعية وغير سوية، قد تفرضها ظروف معيّنة، وتفرض معها أيضاً أوضاعاً محدّدة.
لا أنها تبقى الاستثناء على القاعدة، الذي تفرضه المعطيات والأوضاع والأحوال والظروف الخاصة. وهو الأمر الذي لا يمكن أن يستقيم على طول الطريق، بل لا يمكن أن يدوم. فقد تتطوّر أو تتغيّر أو تتحوّل السياقات والمناخات والأمور التي أفضت، بلحظة ما، إلى توقيع معاهدة السلام، أو صكوك الاستسلام، وربما التفكير بالتطبيع بلحظة "التخلّي"!
قد تنقلب الأمور رأساً على عقب، وقد تتبدّل الأحوال، حيث تطيح المستجدّات أو المتغيّرات المستجدّة بالتوازنات والمعادلات والتركيبات كافة. ما يعني إعادة خلق الأوراق من جديد.
إنّ مسألة العداء لـ "إسرائيل" ثابتة وجودية بالنسبة للعرب والمسلمين والمسيحيين، أو بالأحرى يُفترَض أن تكون وأن تبقى كذلك.
فمهما تعالت الأصوات المسعورة لأصحاب النفوس الضعيفة والعقول الصغيرة وقُرِعت الطبول بقصد التطبيل لأجل التطبيع والسلام والاستسلام، لا يمكن أن تستمر كلّ هذه المعاني والمباني والمظاهر الشاذة. فما بُنِي على باطل هو باطل.
وما أُخِذ بالقوة لا يُسترَد بغير القوة. في هذه الحياة وفي هذه الدنيا، ثمّة حتميات تاريخية، وثمّة حتميات طبيعية وحتميات منطقية. هذه بعضها أو بعض منها. أما التطبيع، وسواه من مسمّيات وتعويذات، فلا يمكن أن يكون أو أن يصبح من الحتميات القدرية والأقدار المنزّلة، مهما كبرت الأعباء، وكثرت الأثمان، ومهما طالت وجارت الأيام والأزمان.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 23 دقائق
- الميادين
حزب الله يدين مجزرة وادي فعرا: تصعيد خطير يتطلب تحركاً رسمياً حازماً
دان حزب الله بشدّة، المجزرة المروّعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، في منطقة وادي فعرا في البقاع الشمالي، بحق مواطنين لبنانيين وسوريين، من خلال استهداف حفارة لآبار المياه، ما أدى إلى استشهاد 12 شخصاً، بينهم 7 أفراد سوريين، وسقوط عدد من الجرحى. اليوم 16:32 اليوم 16:12 واعتبر الحزب أن هذا الاعتداء الخطير "يشكّل تصعيداً كبيراً" في سياق العدوان المتواصل على لبنان وشعبه، ويؤكد مجدداً "الطبيعة الإجرامية للعدو الذي لا يقيم وزناً لأيّ من القوانين أو المواثيق الدولية، ولا يتورّع عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين الآمنين". كذلك، طالب حزب الله، الدولة اللبنانية "بكسر الصمت غير المجدي، والتحرك فوراً" لمطالبة الجهات الدولية، خصوصاً الولايات المتحدة، بتحمّل مسؤولياتها "كجهة ضامنة"، متهماً إياها بالتواطؤ "عبر مبادرات تخدم مصالح العدو وتمنحه غطاءً لارتكاب المجازر". وحذّر من أن غياب الموقف الرسمي والتقاعس الدولي "سيؤديان إلى مزيد من الاعتداءات"، مؤكداً أن الاحتلال يحاول "كسر الإرادة الوطنية بالدم والنار، لكن الشعب اللبناني سيزداد تمسكاً بخيار المقاومة دفاعاً عن كرامة الوطن وسيادته".


الميادين
منذ 26 دقائق
- الميادين
كالاس: سنبقي الخيارات السياسية لـ"إسرائيل" على الطاولة وسنكون مستعدين للتحرك إذا لم تلتزم "إسرائيل" بتعهداتها
كالاس: سنبقي الخيارات السياسية لـ"إسرائيل" على الطاولة وسنكون مستعدين للتحرك إذا لم تلتزم "إسرائيل" بتعهداتها


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
بغداد تدين استهداف حقول نفطية في كردستان: لفتح تحقيق ومحاسبة المتورطين
أعلن الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، عن تعرض حقلين نفطيين في إقليم كردستان، لهجمات نفذتها طائرات مسيّرة، معتبراً أن هذا الاستهداف يشكل تهديداً مباشراً لمصالح العراقيين واعتداءً على جهود الدولة في ترسيخ الاستقرار ودفع عجلة التنمية. اليوم 17:27 اليوم 10:29 وأكد البيان أنّ طبيعة هذه الأعمال الإجرامية وتوقيتها، يشيران إلى وجود نوايا خبيثة تستهدف خلط الأوراق وإلحاق الأذى بالعراق ومؤسساته الحيوية. وأشار إلى أن القائد العام للقوات المسلحة، السيد محمد شياع السوداني، وجّه الجهات المختصة بفتح تحقيق فوري وموسّع لتحديد الجهات التي تقف وراء هذه الهجمات، واتخاذ الإجراءات الحازمة لمحاسبة المتورطين دون تهاون أو تردد. كما شدد على أنّ الحكومة العراقية، بجميع مؤسساتها وأجهزتها، لن تسمح بأي تهديد يمسّ مصالح الشعب العراقي، وستتخذ جميع التدابير اللازمة لحماية المنشآت الحيوية، وتعزيز المنظومة الدفاعية، بما يمنع تكرار هذه الأفعال ويصون سيادة العراق ويحفظ حقوق شعبه.