
صراع الصقور والحمائم يشتعل في البيت الأبيض حول ضرب إيران
استنفار أميركي فاجأ المنطقة العربية مساء الأربعاء، بعدما أعلنت واشنطن عن إجراءات تُقيد حركة مواطنيها داخل بعض دول المنطقة ونقل أفراد طواقم دبلوماسية أميركية وعائلات العسكريين من الشرق الأوسط لأنه قد يكون مكاناً "خطراً" في ظل التوترات الراهنة مع إيران، بحسب وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي شدد على أن طهران "لا يمكنها امتلاك سلاح نووي".
هذا التصعيد أربك كثراً داخل المنطقة ممن يخشون حرباً جديدة تودي بحيوات آلاف أو مئات آلاف بالأحرى، في ظل أجواء مشحونة توحي باقتراب مواجهة بين إيران وإسرائيل مدعومة بالولايات المتحدة، لكن تلك المخاوف لا تتعلق بشعوب المنطقة وحسب، فثمة صراع دائر داخل أروقة السياسة الأميركية بين تيارين كلاهما حلفاء للرئيس الأميركي دونالد ترمب، يتنازعان في شأن حتمية تورط الولايات المتحدة في حرب داخل الشرق الأوسط.
صراع الصقور والحمائم
فوفق ما نشرته صحف أميركية، فإن الرئيس الأميركي يقف في منتصف صراع بين الصقور والحمائم في شأن إيران، بعدما تعهد في حملته بإنهاء المغامرات والحروب الخارجية التي يرى أنصاره أنها لا تنتهي. وأوردت الصحف تفاصيل في شأن مجموعة مؤثرة من "صقور" الحزب الجمهوري أطلقت حملة ضغط سرية لدفع ترمب ليس فقط إلى التراجع عن سعي إدارته إلى عقد صفقة نووية مع إيران، بل لمنح الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي على طهران، لكن هذا التحرك أثار قلق حلفاء ترمب الذين بدأوا حملة مضادة لحماية المسار الدبلوماسي.
ووفق ما جاء بصحيفة "بوليتكو" الأميركية، فإنه خلال غداء خاص بالبيت الأبيض، أخبر المذيع المحافظ مارك ليفين، ترمب أن إيران على وشك تصنيع قنبلة نووية، وهو ما نفته أجهزة الاستخبارات للرئيس. ودعا ليفين ترمب إلى السماح لإسرائيل بضرب المنشآت الإيرانية، لكن لم يبد ترمب موافقة على الاقتراح حتى لا يفشل المسار الدبلوماسي.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشكل ليفين أحد أبرز وجوه تيار الصقور الذين يستهدفون علناً ستيف ويتكوف مستشار ترمب وصديقه الذي يقود المفاوضات مع الإيرانيين في شأن البرنامج النووي. كذلك يراقب مسؤولو الإدارة الأميركية بحذر تقارير صحف إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ ومن بينها "نيويورك بوست"، التي هاجمت ويتكوف، مشككة في ولائه، مما أغضب دائرة ترمب المقربة، إضافة إلى أن مردوخ نفسه انتقد جهود ويتكوف.
ووفق مسؤول رفيع في إدارة ترمب فإن "هناك انقساماً واضحاً بين دعاة الحرب وداعمي الدبلوماسية مع إيران"، مضيفاً أن ترمب هو من أجبر طهران على التفاوض.
وقال المسؤول في تصريحاته لـ"بوليتكو"، "إنهم يحاولون دفع الرئيس إلى اتخاذ قرار لا يريده... هناك بوضوح لوبي مؤيد للحرب مع إيران في مقابل من هم أقرب إلى موقف الرئيس، الذي كان قادراً على جذب الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات".
جهود مضادة للحرب
وقد أدى هذا الضغط إلى تحرك منسق للدفاع عن موقف ترمب وويتكوف. فبعد ساعات من اجتماع ليفين مع ترمب، غرد المذيع المحافظ المعروف تاكر كارلسون على منصة "إكس"، متهماً ليفين بمحاولة دفع الولايات المتحدة إلى الحرب. وكتب كارلسون، "لا توجد أية معلومات استخباراتية موثوقة تشير إلى أن إيران تقترب من صنع قنبلة أو تخطط لذلك، لا شيء، فلماذا يبالغ مارك ليفين مرة أخرى في الحديث عن أسلحة دمار شامل؟ لصرف الانتباه عن الهدف الحقيقي، وهو تغيير النظام – إرسال الشباب الأميركي مجدداً إلى الشرق الأوسط لإسقاط حكومة أخرى".
وإضافة إلى كارلسون، تدعم شخصيات رئيسة مما يُعرف بتيار "ماجا - لنجعل أميركا عظيمة مجدداً" الداعم لترمب، المسار الدبلوماسي، مثل تشارلي كيرك وجاك بوسوبيك وجي دي فانس نائب الرئيس وهو من بين أبرز معارضي الحرب داخل الحزب الجمهوري.
يعكس الانقسام بين حلفاء الرئيس الأميركي صراعاً أعمق داخل الحزب الجمهوري حول السياسة الخارجية لترمب، فشخصيات رفيعة مثل مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون يرى أن التفاوض مع الإيرانيين بلا جدوي، أما إليوت أبرامز وهو مسؤول آخر في إدارة ترمب، فلا يزال يكرر موقفه المعروف بأن أي شيء أقل من استسلام إيران الكامل في شأن النووي وتغيير جذري في سياستها الخارجية، غير مقبول.
تداعيات العمل العسكري
وفي حين يرى بعض الجمهوريين أن أفضل فرصة لضرب إيران قد تكون الآن بعد إضعاف حلفائها في المنطقة، يحذر مراقبون من التداعيات لا سيما أن أية ضربة لن توقف البرنامج النووي بل ستؤخره موقتاً فقط. فيقول الكاتب الأميركي المحافظ والزميل لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن دانييل ديبيترس، إن قصف المنشآت النووية الإيرانية قد يدمر بعض المواقع والمرافق، لكن إيران سترد ببنائها تحت الأرض وعلى نطاق أوسع، مع طرد المفتشين الدوليين، مما يجعل المراقبة مستحيلة، بل قد يدفع الهجوم طهران إلى التوجه بجدية نحو تصنيع سلاح نووي كوسيلة ردع، وستكون واشنطن أمام خيارين: شن حملة عسكرية جديدة، أو قبول حقيقة أن إيران صارت قوة نووية بسبب التصعيد الأميركي، ويضيف أنه "لا ينبغي أن نغفل احتمال رد إيران في ساحات أخرى، هجمات صاروخية على القواعد الأميركية، واستهداف السفن والمنشآت النفطية في الخليج، أو حتى تنفيذ عمليات إرهابية بواسطة وكلائها في الشرق الأوسط".
ويعتقد كثير من المسؤولين في إسرائيل أن لديهم الآن فرصة ذهبية لحل مشكلة استمرت عقوداً، فقد تمكنت إسرائيل أخيراً من توجيه ضربات قاسية لـ"حزب الله" و"حماس"، وهما من أهم وكلاء إيران الذين كثيراً ما اعتمدت عليهم طهران لردع أي هجوم إسرائيلي، كذلك يقول مراقبون إن الضربات الجوية الإسرائيلية خلال العام الماضي أضعفت بشدة أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
ومع ذلك، يحذر بعض المحللين من أن إيران تعمل على استعادة قدراتها الدفاعية، مما يجعل أي هجوم إسرائيلي على برنامجها النووي أكثر خطورة مع مرور الوقت، وأنه من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل قادرة على إلحاق ضرر حاسم ببرنامج إيران النووي من دون دعم عسكري أميركي.
اتفاق جديد سيئ
وفي الولايات المتحدة، يبرر الصقور دعوتهم للحرب بسبب خشيتهم من اتفاق نووي سيئ جديد يسمح لطهران مستقبلاً بتطوير أسلحة نووية. وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والناقد الشرس لإيران مارك دوبويتز، "من لا يدعمون وجود تهديد عسكري موثوق يجعلون من المرجح إبرام صفقة سيئة، ومن المرجح أن تضطر إسرائيل إلى ضرب إيران".
وتخشى إسرائيل أن تسفر المفاوضات عن ترتيب موقت يجمّد أو يقلل بصورة محدودة من تخصيب إيران اليورانيوم مقابل تخفيف محدود للعقوبات، ليكون نسخة محدثة من اتفاق 2015.
فعلى رغم أن الاتفاق النووي الذي قطعته إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما والقوى الدولية مع طهران عام 2015، فرض قيوداً موقتة على قدرة إيران على التقدم نحو امتلاك سلاح نووي، فإنه أتاح لها أموراً يقول منتقدون إنها استخدمت لتمويل ميليشيات مزعزعة للاستقرار في المنطقة، من دون أن يشمل برنامج إيران لتطوير الصواريخ الباليستية، الذي تعتبره دول الجوار تهديداً أكبر لأمنها.
وقدم ويتكوف اقتراحاً يسمح لإيران بالتخصيب المحدود لليورانيوم في إطار تعاون إقليمي أوسع، وهو ما لم ترد عليه طهران بعد، على رغم أن ترمب يعتبر التخلي عن التخصيب شرطاً أساساً، لكن ينظر بعض مسؤولو إدارة ترمب للاقتراح باعتباره "مبدعاً جداً يسمح للطرفين بالادعاء بأنهما انتصرا".
ومن المقرر أن يلتقي ويتكوف وزير خارجية إيران عباس عراقجي في جولة سادسة من المفاوضات نهاية الأسبوع الجاري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
مقتل حاجي زادة رأس القوة الصاروخية لإيران
أعلن الحرس الثوري رسمياً عن مقتل قائدة القوة الصاروخية لإيران المعروفة باسم القوة "الجوفضائية" أمير علي حاجي زادة في الهجوم الإسرائيلي المفاجئ الذي استهدف اليوم الجمعة كبار قادة الحرس الثوري، وكذلك المنشآت النووية، وفق بيان للحرس الثوري. ووصف بيان الحرس الثوري حاجي زادة بأنه "أحد رموز التقدم والابتكار والاقتدار في المجال الدفاعي والصاروخي لإيران"، وأن مقتل زادة مع رفاقه القادة الذين قضوا معه "سيزيد من إصرارهم على الثأر الشديد بكل عزم وثبات". وأمير علي حاجي زادة (63 سنة) من كبار قائدة الحرس الثوري ويتولى المنصب منذ عام 2009، وأدار حتى مقتله هذه القوة التي كثيراً ما استعرضت صواريخ في مناسبات عدة، وتتولى المؤسسة الخاضعة لأمرته تنمية وتوسيع الصناعة الصاروخية لإيران، وكان النظام الإيراني يقدمه على أنه من أهم مسؤولي تطوير القوة الصاروخية لطهران. انضم حاجي زادة كـ"قناص" إلى صفوف الحرس الثوري عام 1980 مع اندلاع الحرب الإيرانية - العراقية، وشارك في عمليات عسكرية بارزة داخل العراق مثل "كربلاء 4"، و"كربلاء 5"، و"الفجر 8"، ثم التحق زادة بقسم الصواريخ وتلقى التدريب على يد حسن طهراني مقدم، وهو أب البرنامج الصاروخي الإيراني الذي قتل في انفجار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) خلال سنوات عمله في الحرس الثوري تنقل حاجي زادة إلى مواقع استراتيجية مرتبطة بالقدرات الصاروخية، وتسلم عام 2006 قيادة الدفاع الجوي للحرس الثوري، حتى أصبح من الشخصيات المحورية في عمليات الحرس الصاروخية، بما في ذلك الهجوم على قاعدة "عين الأسد" مكان استقرار القوات الأميركية في العراق، الذي جاء رداً على اغتيال قاسم سليماني. في عام 2024 لعب حاجي زادة دوراً رئيساً في العمليات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل، ويعرف كأحد المهندسين الأساسيين للقدرات الصاروخية والمسيراتية في الحرس الثوري الإيراني. وتبنى حاجي زادة مسؤولية إطلاق الصاروخ الذي استهدف الطائرة الأوكرانية عام 2019 وأدت إلى مقتل 176 شخصاً بعد يوم من مقتل قائد "فيلق القدس" قاسم سليماني، لكنه لم يلاحق قضائياً على رغم أن المعارضين نظموا حملة في الخارج لمحاكمته وفرض عقوبات ضده. وأقرت إيران، بعد نفيها على مدى ثلاثة أيام، بإسقاط الطائرة قائلة إن ذلك حدث من طريق الخطأ أثناء حال استنفار قصوى بعدما قصفت أهدافاً أميركية رداً على ضربة قتل فيها قائد عسكري إيراني. وورد اسم حاجي زادة في قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية، إذ يعد حاجي زادة من أعمدة التركيبة العسكرية والأمنية في إيران.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
بعد تحضير طويل... نتنياهو يحاول حفظ مكانه في التاريخ
سخرت إيران ذات مرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واعتبرت تحذيراته العلنية المتواصلة في شأن برنامجها النووي وتهديداته المتكررة بإنهائه بطريقة أو بأخرى مثل "الإنذار الكاذب" أي لا تنطوي على أكثر من تحذير. وفي عام 2018، قال وزير الخارجية الإيراني آنذاك محمد جواد ظريف، "إذا استطعت خداع بعض الناس بعض الوقت فلا يمكن خداع كل الناس كل الوقت"، وكان يرد بذلك على تصريحات نتنياهو التي اتهم فيها إيران مجدداً بالتخطيط لصنع أسلحة نووية. استحضار "المحرقة" وفجر اليوم الجمعة وبعد عقدين من دق ما يعتبره أنه "ناقوس خطر" بلا انقطاع، وحث زعماء العالم الآخرين على التحرك، قرر نتنياهو أخيراً أن يتحرك بمفرده وأمر بشن هجوم جوي تقول إسرائيل إنه يهدف إلى منع إيران من حيازة أسلحة دمار شامل. واستحضر نتنياهو في "كلمة إلى الأمة"، كما فعل في كثير من الأحيان من قبل، أهوال المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية لتبرير قراره. وقال نتنياهو "قبل قرن تقريباً، تقاعس جيل من الزعماء عن التحرك في الوقت المناسب في مواجهة النازيين"، وأضاف أن سياسة استرضاء الديكتاتور النازي أدولف هتلر أدت إلى مقتل 6 ملايين يهودي "أي ثلث شعبي". وأشار إلى أنه "بعد تلك الحرب تعهد الشعب اليهودي والدولة اليهودية بعدم تكرار ذلك أبداً. حسناً، يتحقق (التعهد) اليوم... فلقد أظهرت إسرائيل أننا استوعبنا دروس التاريخ". "ملك إسرائيل" وتقول إيران إن برنامجها للطاقة النووية مخصص للأغراض السلمية فحسب، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت أمس الخميس إن إيران تنتهك التزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي للمرة الأولى منذ قرابة 20 عاماً. هيمن نتنياهو على السياسة الإسرائيلية عقوداً وأصبح صاحب المدة الأطول في منصب رئيس الوزراء عندما فاز بولاية سادسة غير مسبوقة عام 2022. ونتنياهو عضو سابق في وحدة النخبة للقوات الخاصة التي نفذت بعض أكثر عمليات إنقاذ الرهائن جرأة في تاريخ إسرائيل. وخلال أعوامه في المنصب كان يستغل كل مناسبة تقريباً لتنبيه الزعماء الأجانب بالأخطار التي تشكلها إيران. وعرض ذات مرة في الأمم المتحدة صورة كاريكاتيرية لقنبلة ذرية للتحذير من قدرات إيران النووية بينما كان يلمح دائماً إلى استعداده لتوجيه ضربة. تبدل الأوضاع وقال محللون عسكريون إن المجال كان محدوداً أمام نتنياهو للمناورة مع إيران في فترات رئاسته السابقة للوزراء بسبب المخاوف من أن يؤدي أي هجوم إلى رد فوري من وكلاء طهران بالمنطقة: حركة "حماس" في غزة و"حزب الله" في لبنان وهو ما سيكون من الصعب احتواؤه. لكن الأوضاع في الشرق الأوسط انقلبت رأساً على عقب في العامين الماضيين بعد الحملة العسكرية العنيفة لإسرائيل على "حماس" رداً على هجوم الحركة المباغت على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وكذلك القضاء على كثير من قدرات "حزب الله" في غضون أيام قليلة العام الماضي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ترمب يفاجئه دخلت إسرائيل أيضاً في صراع علني مع طهران منذ عام 2024 إذ أطلقت وابلاً من الصواريخ في العمق الإيراني العام الماضي مما منح نتنياهو الثقة في قوة القدرة العسكرية لبلاده. وقالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن الهجمات عطلت أربعة من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية الروسية الصنع ومن بينها منظومة متمركزة قرب نطنز وهو موقع نووي إيراني رئيس يقول التلفزيون الإيراني إنه استُهدف. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن "إيران معرضة أكثر من أي وقت مضى لهجمات على منشآتها النووية. لدينا الفرصة لتحقيق هدفنا الأهم وهو وقف هذا التهديد الوجودي والقضاء عليه". لكن ما أثار استياء نتنياهو هو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فاجأه خلال زيارته البيت الأبيض في أبريل (نيسان) الماضي عندما أعلن أن الولايات المتحدة وإيران تستعدان لبدء محادثات نووية مباشرة. وكان نتنياهو قد دخل في خلافات مع الرؤساء الأميركيين المتعاقبين في شأن إيران وأبرزهم باراك أوباما الذي وافق على اتفاق مع طهران عام 2015 يفرض قيوداً كبيرة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات. وانسحب ترمب من الاتفاق عام 2018 خلال رئاسته الأولى، وكان نتنياهو يأمل في أن يواصل ترمب اتخاذ موقف متشدد تجاه إيران عند عودته إلى منصبه هذا العام. وحدد البيت الأبيض لدى الإعلان عن المحادثات مهلة شهرين لإيران للتوقيع على اتفاق. وعلى رغم تحديد جولة جديدة من الاجتماعات مطلع الأسبوع المقبل، انتهت المهلة غير الرسمية أمس الخميس وانتهز نتنياهو الفرصة لتوجيه ضربته. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين لهيئة البث العامة "راديو كان" إن إسرائيل نسقت مع واشنطن قبل تنفيذ الهجمات ولمح إلى أن التقارير الصحافية الأخيرة عن خلاف بين ترمب ونتنياهو حول إيران كانت خدعة لإشعار قيادة إيران بأمان زائف. صورة مشوهة من جهته قال ترمب بعد بدء الهجمات إنه لا يمكن لإيران امتلاك قنبلة نووية لكنه يرغب في استمرار المحادثات. وكان قد أشاد في السابق بنتنياهو ووصفه بالصديق العظيم، لكن الزعماء الآخرين يواجهون صعوبات في التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي عام 2015، سمع الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي يتحدث مع أوباما عن نتنياهو، وقال "لم أعد أطيقه، إنه كاذب". واجه نتنياهو، الذي كان يطلق عليه مؤيدوه في وقت ما اسم "الملك بيبي"، أعواماً قليلة صعبة وبدأ الوقت ينفد أمامه للحفاظ على صورته وتاريخه في سن الـ75. واهتزت صورة نتنياهو بشدة كأحد الصقور المتشددين في مجال الأمن بسبب هجوم "حماس" عام 2023، وأظهرت استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يحملونه مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سمحت بوقوع الهجوم الأكثر دموية منذ تأسيس الدولة قبل أكثر من 75 عاماً. ووجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية بعد ذلك اتهامات في شأن جرائم حرب محتملة مرتبطة بالاجتياح الإسرائيلي لغزة منذ 20 شهراً الذي حول جزءاً كبيراً من القطاع الفلسطيني إلى ركام، ويرفض نتنياهو التهم الموجهة إليه. وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يعتقدون أن الحرب في غزة كان يتعين ألا تستمر كل هذا الوقت، وأن نتنياهو يحاول إطالة أمد الصراع من أجل البقاء في السلطة وتفادي الانتخابات التي يقول منظمو الاستطلاعات إنه سيخسرها. وتعين على نتنياهو، حتى في ظل تفاقم الحرب على جبهات عدة، الإدلاء بشهادته في محاكمته الطويلة الأمد في قضية فساد، إذ أنكر ارتكاب أي مخالفات مما زاد من تضرر سمعته في الداخل. ومع ذلك فهو يأمل في أن تكفل له حملة عسكرية ناجحة ضد إيران مكانه في كتب التاريخ التي يعشق قراءتها. وقال نتنياهو في كلمته اليوم الجمعة "سيسجل التاريخ بعد أجيال من الآن أن جيلنا وقف ثابتاً وتحرك في الوقت المناسب وأمن مستقبلنا المشترك... ليبارك الله قوى الحضارة في كل مكان".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
الحرب الإسرائيلية - الإيرانية تعترض "يوم التحرير 2"
قلبت الحرب الإسرائيلية الإيرانية كل المعطيات في "وول ستريت"، إذ هوت المؤشرات في العقود الآجلة بنسب تزيد على 1 في المئة بعد الضربة الإسرائيلية لطهران، إذ يُتوقع هبوط حاد في المؤشرات اليوم. ويتزامن هذا التطور السريع مع قرب موعد حاسم في حرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجارية، إذ من المقرر أن تنتهي مهلة الـ90 يوماً لتأجيل تطبيق تعريفات "يوم التحرير" في التاسع من يوليو (تموز) المقبل. ومع أن تطورات الأحداث الجيوسياسية في المنطقة من الصعب معرفة مداها وتأثيرها في المدى المنظور، إلا أنها لا شك ستضاف إلى تحديات المؤشرات الاقتصادية لهذه السنة. وقبل أن تضاف هذه الأحداث يرى المحللون أن ما سيحدث عند منتصف ليل التاسع من يوليو المقبل فيما يطلق عليه البعض "يوم التحرير 2"، لا يزال غامضاً فالتصريحات التي صدرت عن ترمب ومسؤوليه هذا الأسبوع كشفت عن سيناريوهات متعددة. كل شيء مطروح وأكد محللون أنه قد يمر اليوم من دون حدث يذكر مع إمكان تمديد جديد للمهلة، أو قد يشهد احتفالاً بإبرام صفقات تجارية طال انتظارها لكنها لم تتحقق بعد، وهناك احتمال ثالث أيضاً، وهو أن يتم فرض الرسوم الجمركية بصورة أحادية ومن دون نقاش. وأشار ترمب نفسه إلى أنه منفتح على جميع الخيارات الثلاثة، قائلاً إلى الصحافيين مساء أول من أمس الأربعاء إنه سيرسل رسائل إلى الدول يبلغهم فيها، "هذه هي الصفقة، إما أن تقبلوها أو ترفضوها"، لكنه لمح أيضاً إلى إمكان تمديد بعض المهل، مضيفاً، "نحن نحقق تقدماً رائعاً على صعيد الصفقات". سيناريوهات متباينة السيناريوهات التي طرحها هذا الأسبوع كل من ترمب ووزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك لا تتعارض بالضرورة، لكن النتيجة التي ستحصل عليها كل دولة ستكون موضع ترقب من المستثمرين، إذ إن بعض النتائج أكثر ملاءمة للأسواق من غيرها. أما التوقعات فقد قدمتها هنرييتا تريز من شركة "فيدا بارتنرز" في مذكرة بحثية قائلة، "أعتقد أن الأمر سيكون مثل حفل عشاء جماعي، فسيكون هناك قليل من كل شيء"، وتوقعت أن ترسل الإدارة رسائل إلى نحو 130 دولة، معربة عن تفاؤلها بأن النسبة الجمركية ستراوح ما بين 10 في المئة و25 في المئة. صفقات محدودة أكد محللون أن بعض الدول قد تتمكن من الحصول على صفقات محدودة كما حدث أخيراً مع المملكة المتحدة، لكن عديداً من الرسوم الجمركية ستظل قائمة أو تضاف أخرى جديدة فيما قد تحصل دول أخرى على تمديد موقت فحسب. رسائل متناقضة يدور الغموض في الأسواق حول السيناريو الذي سيتصدر المشهد في الأسابيع المقبلة، خصوصاً مع بروز معطيات الأحداث الإسرائيلية - الإيرانية، وقد برزت التناقضات بصورة واضحة أول من أمس الأربعاء مع تتابع تصريحات الإدارة الأميركية، إذ صرح وزير التجارة هوارد لوتنيك خلال مقابلة تلفزيونية أن المرحلة المقبلة ستشهد سيلاً من الصفقات الجديدة، مضيفاً "سترون صفقة تلو الأخرى، هذا سيبدأ الأسبوع المقبل ويستمر بعده". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن سكوت بيسنت أدلى بشهادته أمام الكونغرس قدم رؤية مختلفة بعض الشيء، مشيراً إلى بطء وتيرة الصفقات، قائلاً إن "ترمب من المرجح جداً أن يؤجل المهلة لبعض الشركاء التجاريين الأساسيين"، مضيفاً أن "الإدارة مستعدة لدفع الموعد للأمام بالنسبة إلى 18 شريكاً تجارياً رئيساً يتفاوضون بنية حسنة"، لكنه أشار أيضاً إلى أنه إذا لم يكن هناك تفاوض، فلن نفاوض، وطرح بيسنت فكرة إبرام صفقات تجارية إقليمية تمنح مجموعة من الدول شروطاً متشابهة. تصريحات ترمب تصريحات ترمب كانت متناقضة مع وزيريه، إذ صرح بأنه سيرسل رسائل خلال أسبوع إلى أسبوعين لتحديد الرسوم الجديدة بصورة أحادية، قائلاً "سأخبرهم بالصفقة، هذه هي الشروط"، وعلى رغم هذا التوجه الحاسم، لمح ترمب أيضاً إلى إمكان تمديد المهلة لبعض الدول، قائلاً "لكني لا أعتقد أننا سنحتاج إلى ذلك"، مضيفاً "نتعامل مع اليابان، وكوريا الجنوبية، والكثير من الدول". في ظل هذا التباين والتصريحات المتضاربة تبقى الأسواق في حال ترقب حذر لما سيقرره ترمب وفريقه في الأيام المقبلة، إذ ستحدد هذه القرارات مسار العلاقات التجارية العالمية لفترة طويلة مقبلة. ويرى محللون أن احتفاء ترمب بأحدث اتفاق تجاري مع الصين لا يعدو كونه إعادة ضبط للشروط السابقة، بل حتى ذلك كان له ثمن، حيث بقيت معدلات الرسوم الجمركية دون تغيير يذكر. ومن المقرر أن تعود شحنات المعادن النادرة من الصين إلى مستويات ما قبل الثاني أبريل (نيسان) الماضي وفي غضون ذلك، لا تزال سلسلة من القضايا الشائكة، بما في ذلك اختلالات الميزان التجاري والأنشطة الضارة من دون حل.