
سياسة الهروب إلى الأمام
الأوصاف تلك من الممكن ملاحظتها بسهولة في سلوك رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في سعيه إلى التشبث ببقاء حكومته منعاً لفقدانه الحصانة ومثوله أمام القضاء بتهمة الفساد، أو للتهرب من تهمة التهاون والتقصير إزاء ما حدث في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
نتنياهو يواجه نوعين من المحاكم. الأولى محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. والثانية المحاكم الإسرائيلية عن تهمة تسلُّمه وزوجته رشى من رجال أعمال. فيما يتعلق بمحكمة الجنايات الدولية يعد الأمر هيّناً، أخذاً في الاعتبار أنّها، أي المحكمة، استناداً إلى مصادر إعلامية، لم تصدر أحكاماً بالسجن إلا على خمسة أشخاص. وكلهم ممن خسروا حروباً أو حروباً أهلية. وليس من بينهم حلفاء لأميركا، أو من دول الغرب.
نتنياهو، في واقع الأمر، يخشى المثول أمام القضاء الإسرائيلي، إذ سبق أن أدانت المحاكم رئيس حكومة سابق (إيهود أولمرت) بتهمة تلقي رشى، وأصدرت حكماً بسجنه مدة 5 سنوات.ومن هنا يتأتى سعيه إلى التشبث بسياسة الهروب إلى الأمام. ولعل حرب الإبادة الجماعية والتجويع الإسرائيلية في غزة أفضل الأمثلة من خلال الوسائل التي يستحدثها ويستخدمها في تطويل أمد الحرب بنيّة عدم انفراط عقد الائتلاف الحاكم وبقاء الحكومة.
كان نتنياهو هو من ألغى هدنة وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن بين إسرائيل و«حماس» في مارس (آذار) الماضي. وكان يزعم أن السبب أو الأسباب وراء ذلك حربية وليست سياسية. وفي الواقع الفعلي كان قراره بالإلغاء لأسباب سياسية، بهدف عودة وزير الأمن المحلي المتطرف بن غفير إلى الحكومة عقب تركه الحكومة احتجاجاً على وقف الحرب. وقرأت مؤخراً تقريراً في صحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية ذكرت فيه أن فريقاً من صحافييها قام بالتحقيق في الأمر، وتبيّن أن الدافع وراء إلغاء اتفاق الهدنة والعودة إلى الحرب سياسي وليس حربياً. ورغم ذلك لا يزال نتنياهو يكرر أن الدافع كان عسكرياً. الأمر قد يبدو أكثر وضوحاً في التعامل مع المفاوضات بسعيه إلى افتعال أسباب تحول دون الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب. وعلى سبيل المثال، افتعال المعركة مع رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية الذي كان يقود فريق التفاوض والتخلص منه، بعد أن تبيّن قيام الجهاز بالتحقيق في قضايا فساد داخل فريق مكتب رئيس الحكومة، وتسلُّمهم رشى من جهات خارجية. ومؤخراً كان قراره بإعادة احتلال غزة، الأمر الذي أثار استياء واستنكار دول العالم، وفي مقدمتهم دول حليفة، مثل بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا. الحكومة الألمانية أعلنت عن وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل. بالإضافة إلى الغضب الشعبي داخلياً، وخروج الآلاف للتظاهر ضد القرار والمطالبة بوقف الحرب واستعادة الرهائن. اللافت في الأمر أن القيادة العسكرية ممثلة في رئيس أركان القوات الإسرائيلية تعارض القرار. كما أن القيادات العليا السابقة في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعارضه أيضاً. وبدلاً من ذلك أعلن نتنياهو مؤخراً في تصريح عن نيتّه في توسيع مساحة الحرب إلى جهات أخرى. علماً بأن القوات الإسرائيلية كانت في بداية الاجتياح قد دخلت مدينة غزة واحتلتها، ثم غادرتها بعد أن أكدت أنَّها تمكنت من تصفية عناصر «حماس» بها. وفي يوم الأحد الماضي صدر بيان مشترك باسم وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا ونيوزيلندا برفض قرار إسرائيل شنّ عملية عسكرية إضافية واسعة النطاق في قطاع غزة. أضف إلى ذلك أن أستراليا أعلنت عن رغبتها في الاعتراف بدولة فلسطين في الشهر المقبل.
احتلال قطاع غزة، وتسليمه إلى إدارة عربية لم يكونا يوماً من أهداف الحرب الإسرائيلية كما تؤكد التقارير الإعلامية. ويتعارض ذلك كلية مع توجهات ورغبات الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكومة، التي تطالب بتفريغه من سكانه، وفتحه أمام المستوطنين اليهود. أعلنت مصر والأردن رفضهما القاطع لأي مشاركة مستقبلية في إدارة القطاع.
الحرب الموعودة لن تبدأ غداً، أو في الأسبوع المقبل. ونأمل ألا تحدث، إن تغير اتجاه الرياح سياسياً، واضطر نتنياهو مذعناً للاستجابة للضغوط الداخلية والدولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 24 دقائق
- صحيفة سبق
المملكة تدين بأشد العبارات التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي حيال ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"
أعربت وزارة الخارجية عن إدانة المملكة بأشد العبارات التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي حيال ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، ورفضها التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني الشقيق بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أراضيه استنادًا للقوانين الدولية ذات الصلة. وقالت الوزارة في بيان: "وتحذر المملكة المجتمع الدولي من إمعان الاحتلال الإسرائيلي في الانتهاكات الصارخة التي تقوض أسس الشرعية الدولية، وتعتدي بشكل سافر على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم إقليميًا وعالميًا".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
إسرائيل تدك مدينة غزة قبل الاحتلال المزمع
دكّ الجيش الإسرائيلي مدينة غزة، الأربعاء، قبل تنفيذ خطته المزمعة لاحتلالها، وأسقط أكبر عدد من القتلى في يوم واحد منذ أسبوع مع استمرار الحرب المستعرة منذ نحو عامين. وقالت وزارة الصحة في القطاع إن النيران الإسرائيلية أوقعت 123 قتيلاً خلال 24 ساعة، حتى ظهر الأربعاء، بينما أُصيب 436 آخرون، فيما أورد التلفزيون الفلسطيني أن عدد قتلى الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الأربعاء بلغ 89 بينهم 52 في مدينة غزة. وقصفت الطائرات والدبابات الإسرائيلية المناطق الشرقية من مدينة غزة بكثافة، ودمّرت العديد من المنازل في حيي الزيتون والشجاعية. وقال مستشفى الأهلي إن 12 شخصاً قُتلوا في غارة جوية على منزل في حي الزيتون. وذكر مسعفون فلسطينيون أن الدبابات دمرت أيضاً عدة منازل في شرق خان يونس في جنوب غزة، في حين سقط 9 قتلى ممن حاولوا الحصول على المساعدات في وسط القطاع بنيران إسرائيلية في واقعتين منفصلتين. وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن 8 آخرين، من بينهم ثلاثة أطفال، لقوا حتفهم بسبب الجوع وسوء التغذية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وبذلك ارتفع عدد مَن قضوا نحبهم جراء الجوع إلى 235 شخصاً، من بينهم 106 أطفال، منذ بدء الحرب. وكانت إسرائيل قد سيطرت على مدينة غزة في الأيام الأولى للحرب قبل أن تنسحب منها. على صعيد آخر، وجَّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً لإسرائيل بشأن ما وصفه بـ«معلومات موثوقة» حول مزاعم بارتكاب القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية أعمال عنف جنسي ضد أسرى فلسطينيين. وقال غوتيريش في رسالة موجهة إلى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، ونشر الأخير مضمونها على منصة «إكس» الثلاثاء: «أنا قلق بشدة من معلومات موثوقة عن انتهاكات ارتكبتها القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية بحق فلسطينيين في عدة سجون ومراكز احتجاز وقاعدة عسكرية». وذكر دانون في المنشور أن الاتهامات لا أساس لها، وقائمة على معلومات منحازة. وقال غوتيريش: «أضع القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية تحت المراقبة تمهيداً لاحتمال إدراجها في دورة التقرير المقبلة، نظراً للمخاوف الكبيرة من بعض أشكال العنف الجنسي التي وثقتها الأمم المتحدة باستمرار». ودعا غوتيريش الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة «لضمان الوقف الفوري لجميع أعمال العنف الجنسي»؛ مؤكداً أنه يتوقع من إسرائيل أيضاً «وضع وتنفيذ التزامات محددة زمنياً»، بما في ذلك إصدار أوامر ضد العنف الجنسي والتحقيق في جميع الادعاءات الموثوقة. وكان الاتحاد الأوروبي قد ندّد مع 24 دولة بالمجاعة التي يعانيها سكان قطاع غزة، وطالبوا بتحرك «عاجل» لوضع حد لها وقالوا في بيان مشترك إن «المعاناة الإنسانية في غزة بلغت مستوى لا يمكن تصوره. هناك مجاعة على مرأى منا». وحثّت الدول الموقعة، إسرائيل، على «السماح بوصول جميع قوافل المساعدات الإنسانية وإزالة العوائق التي تمنع العاملين في المجال الإنساني من التدخل». وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن المساعدات التي دخلت القطاع تعادل 15 في المائة فقط من الاحتياجات الفعلية، وتعرض معظمها للنهب والسرقة. وذكر المكتب الإعلامي، في بيان، أنه على مدار 17 يوماً دخلت 1535 شاحنة مساعدات فقط من أصل الكمية المفترضة التي تبلغ 10200 شاحنة. وأكد المكتب أن قطاع غزة بحاجة لأكثر من 600 شاحنة مساعدات مختلفة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.4 مليون، ودعا الأمم المتحدة والدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي إلى التحرك لفتح المعابر وضمان تدفق المساعدات. وفي الضفة الغربية، قُتل فلسطيني برصاص مستوطنين، الأربعاء، في بلدة دوما جنوب نابلس. وقالت وزارة الصحة، في بيان، إن «الشاب ثمين خليل رضا دوابشة (35 عاماً) استشهد متأثراً بإصابته برصاص المستعمرين الذين هاجموا بلدة دوما جنوب نابلس». وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان فإن عشرة فلسطينيين قد قُتلوا برصاص المستوطنين منذ بداية العام الحالي، لترتفع بذلك حصيلة القتلى برصاص المستوطنين إلى 30 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
السعودية تدين تصريحات نتنياهو بشأن «إسرائيل الكبرى»
أعربت السعودية عن إدانتها بأشد العبارات تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن رؤية «إسرائيل الكبرى»، ورفضها التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي تتبناها سلطات الاحتلال. وأكدت المملكة في بيان لوزارة خارجيتها، الأربعاء، الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أراضيه استناداً للقوانين الدولية ذات الصلة. وحذَّرت المجتمع الدولي من إمعان الاحتلال الإسرائيلي في الانتهاكات الصارخة التي تقوض أسس الشرعية الدولية، وتعتدي بشكل سافر على سيادة الدول، وتهدد الأمن والسلم إقليمياً وعالمياً. بدوره، أدان جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، تصريحات نتنياهو بشأن اقتطاع أجزاء من دول عربية، عادّاً ذلك «انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، واعتداءً سافراً على سيادة الدول ووحدة أراضيها». وأضاف في بيان أن «مثل هذه التصريحات والمخططات الخطيرة تشكل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، وتكشف بوضوح عن النهج الخطير الذي تنتهجه قوات سلطات الاحتلال». ودعا البديوي، المجتمع الدولي، إلى الاضطلاع بمسؤولياته واتخاذ موقف حازم «لوقف هذه التصريحات والمخططات الاستفزازية، والعمل على حماية المنطقة من أي إجراءات من شأنها تأجيج التوترات وتقويض فرص تحقيق السلام العادل والشامل».