
بحثا عن تموقع جديد: بنعبد الله يهاجم الرفاق والخصوم (تحليل)
في هذا السياق، تسعى مختلف الأحزاب السياسية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، إلى إعادة أوراقها وتحديد تموقعها استعداداً للمرحلة المقبلة، عبر إطلاق تصريحات ومواقف تهدف إلى استقطاب الانتباه ورسم صورة الفاعل السياسي القادر على تقديم الحلول أو البدائل.
وسط هذا الحراك، يبرز دور المعارضة كمحور أساسي في تقييم الأداء الحكومي وتقديم رؤية مغايرة، إلا أن واقعها المطبوع بالتشتت وغياب التنسيق يطرح تساؤلات جدية حول قدرتها على لعب هذا الدور بفعالية.
وفي خضم هذا الفراغ، تظهر محاولات بعض الفاعلين السياسيين للخروج عن الاصطفافات التقليدية وتقديم أنفسهم كطرف مستقل يمتلك خطابا نقديا موجها للجميع، كما هو شأن نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الذي أطلق النار في كل الاتجاهات في خرجته الأخيرة، حيث لم يستثني الاتحاد الاشتراكي وهو حزب في المعارضة، كما وجه مدفعيته الخطابية نحو الحكومة وهو ما يراه البعض دينامية جديدة داخل المشهد السياسي المتأزم، لكن توقيت الهجوم يطرح أكثر من سؤال.
في تحليله لهذه التحولات، يرى الباحث السياسي رشيد لزرق، أن سياق وتوقيت هجوم نبيل بنعبد الله ، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على الأغلبية والمعارضة معاً لا يبدو معزولاً عن التسخينات الانتخابية التي بدأت تلوح في الأفق.
الهدف من هذه الخرجة هو جعل الحزب طرفاً أساسيا في النقاش السياسي بعدما كان يتخذ مسافة من النقاشات الحارقة ويشغل موقعا رماديا بالوقوف خلف الاتحاد الاشتراكي كمكون يساري والعدالة والتنمية داخل المعارضة.
يعتبر لزرق في تصريحه لجريدة بلبريس الإلكترونية، أن خرجة بنعبد الله اليوم هي محاولة واضحة لإعادة تموقعه كفاعل سياسي مستقل، قادر على استعادة حضوره وسط مشهد يساري مشتت.
فاختياره مهاجمة الحكومة لضعف أدائها، وفي الوقت نفسه توجيه سهام النقد للمعارضة بسبب عجزها عن تقديم بديل، يكشف رغبة واضحة في الخروج من السبات التنظيمي والسياسي، وإرسال إشارات لقاعدته وللناخبين بأنه طرف مختلف، يمتلك خطابا مستقلا وجرأة سياسية.
ويضيف لزرق أن هذا الوضع يتأثر بشكل مباشر بحالة المعارضة، حيث أن عدم تنسيقها وتضارب خطابها وتنافس مكوناتها على قيادتها أدى إلى إضعاف آلية الرقابة البرلمانية والسياسية، وهو ما خوّل للحكومة هامش تحرك واسع دون مساءلة حقيقية.
رشيد لزرق شدد على أن ''هذا التشتت جعل المعارضة غير قادرة على بناء جبهة ضغط فعالة رغم تعدد الملفات الشائكة التي تواجهها الحكومة، كارتفاع الأسعار وأزمة التعليم، ومحدودية الإصلاحات الاجتماعية.''
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الإخبارية
منذ 22 دقائق
- مراكش الإخبارية
مراكش الإخبارية تعزًي في وفاة الصحافي والجمعوي عبد العالي الرامي
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، تلقت هيئة تحرير مراكش الإخبارية نبأ وفاة الصحافي والجمعوي عبد العالي الرامي، صاحب موقع « أنوار بريس »، الذي وافته المنية يومه السبت بإحدى المصحات الخاصة بمدينة الرباط، بعد صراع مرير مع المرض. وبرحيله، يفقد المشهد الإعلامي الوطني والجمعوي فاعلا جمعويا كرّس حياته للدفاع عن القضايا الاجتماعية. وبهذه المناسبة الأليمة، تتقدم هيئة تحرير مراكش الإخبارية بأحر التعازي والمواساة إلى أسرته الصغيرة والكبيرة، وإلى كافة زملائه وأصدقائه ، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.


مراكش الإخبارية
منذ 22 دقائق
- مراكش الإخبارية
حركات اليسار والتنظيمات الإسلاميةالمغربية
أدت اتفاقية 30 مارس 1912 إلى بسط نظام الحماية على المغرب بعد مرحلة صعبة وقاسية عاشها المغرب تمّ فيها احتلال جزء من شرقه وآنفا الدار البيضاء في 1907، ونشر نظام السيبة والحماية الشخصية لعملاء الدول الغربية. بعد هذه المرحلة وعلى مدى سنوات 1930 و1937 و1944 عندما طالب المغاربة بالاستقلال تم تأسيس عدة تنظيمات كالعمل الوطني، وحزب الاستقلال، والشورى والاستقلال، وتنظيمات الشمال كحزب الإصلاح الوطني بزعامة المرحوم عبد الخالق الطريس -توفي في 27 ماي 1970- . كان الهدف الأساسي للمناضلين المغاربة كما تبلور في عريضة 11 يناير 1944 هو الاستقلال والديمقراطية وتوزيع المنافع على الشعب. وبعد الاستقلال في 2 مارس 1956 ظهر حزب الاستقلال كقوة مهيمنة سياسيا وجماهيريا وانخرطت فيه أغلب القوى الحزبية شمالا وجنوبا، لكن سرعان ما ظهرت خلافات حزبية عاصفة بين جناحين انتهت بتأسيس الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال التي تطورت في سنة 1959 إلى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي عقد مؤتمره الثاني والهام في 1962، وانتخب أمانة عامة من 10 أعضاء، غير أن الصراعات داخله منذ 1972 أدت إلى انشقاقه إلى الاتحاد الاشتراكي 1975 والاتحاد الوطني 1974 (بنفس الاسم الثاني) القوات الشعبية. وكان الفقيه محمد البصري قد أسس تنظيم الاختيار الثوري، الذي قام بعدة محاولات لتنظيم حرب شعبية خاصة في 1973 عرفت بأولاد خليفة، وقد عرف أيضا المغرب تأسيس الحزب الشيوعي الفرع الفرنسي في الأربعينيات من القرن الماضي، ثم تطور إلى الحزب الشيوعي المغربي، وفيما بعد إلى حزب التحرر والاشتراكية، وأخيرا إلى حزب التقدم والاشتراكية. بعد أحداث 23 مارس 1965 وحرب حزيران في 1967 انشقت جماعة عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وأطلقت على نفسها حركة 23 مارس، وانشقت جماعة عن حزب التحرر والاشتراكية وأسمت نفسها الجبهة الماركسية/اللينينية بقيادة المهندس ابراهام السرفاتي –توفي في 18 نوفمبر 2010-. أما حركة 23 مارس فكانت قيادتها جماعية ثم صار لها زعيم هو المرحوم محمد بن سعيد أيت ايدر –توفي في 06 فبراير 2024- وأُعلن تأسيس منظمة العمل الشعبي كحزب رسمي تحول بعض أعضائه إلى الحزب الاشتراكي بعد انشقاق المنظمة. وكان الراحل أحمد حرزني –توفي في 13 نوفمبر 2023- قد أسس في السبعينيات حركة (لنخدم الشعب)، والتسمية مأخوذة من افتتاحية للرئيس ماوتسي تونغ، وواضح أن الحركة كان لها اتجاه ماوي. كما تم تأسيس النقابة الوطنية للتلاميذ اشتغلت فيها كل هذه الحركات. وقد تعرض أعضاؤها للاعتقال ولأحكام قاسية، كما تم تدمير أجهزتها وتنظيماتها وهروب بعض قادتها خارج البلاد. وفي السبعينيات وظروف الثورة الإسلامية، وحرب أفغانستان في 1979، وانهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، عرف اليسار والأحزاب ذات الفكر الاجتماعي أو التقدمي انهيارا كاملا لقيمه وتنظيماته، وكان من أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك اقتصارها على الطلبة والتلاميذ وبعض المدن فقط، كما أن تقاريرها وبلاغاتها كانت غامضة وغير مفهومة لأغلبية الجماهير، فضلا عن الهجوم على عقيدة الشعب أو على الأقل الحياد في المسألة الدينية، وكذا الظروف الدولية التي ساهمت في هذا الانهيار. فالأحزاب والتنظيمات اليسارية كانت مرتبطة بالزعيم الملهم وبغياب هذا الزعيم فقدت هذه الأحزاب والتنظيمات إجماعها، وتحولت إلى تنظيمات مواكبة بشكل انتفاعي للمرحلة بقدرات تنظيمية واهنة، واستطاعت بعض الأحزاب الإدارية استقطاب بعض عناصرها خاصة حركة (من أجل الديمقراطيين)، وفيما بعد (حزب الأصالة والمعاصرة)، ورغم المحاولات التي بذلت بتأسيس تيارات بديلة كـ (النهج والطليعة والوفاء وفدرالية اليسار واليسار الموحد)، فإن الوهج والهيمنة الثقافية والسياسية التي شكلها اليسار وسط النخبة المغربية خلال الستينيات والسبعينيات ونسبيا حتى التسعينيات قد خبت بعد صعود قوى أخرى عالمية ووطنية. التنظيمات الإسلامية لم يعرف المغرب قبلُ حركات إسلامية بالمعنى الحزبي والسياسي، لكون المغاربة في تنظيماتهم الحزبية يعتبرون هذا الأمر مفروغا منه، لكن ظهور اليسار الأصولي، واليسار المتطرف، أدى إلى شيوع فكرة تأسيس تنظيمات تحارب الآخر وتؤسس لنظرية الإسلام السياسي كما عرف لاحقا، إلا أننا بالرجوع إلى الأحزاب المغربية التقليدية كحزب الاستقلال والاتحاد الوطني فقد ضم عناصر تدعو إلى الإصلاح والإيمان والقيم الإسلامية و »الأسلمة » مثل الأستاذ علال الفاسي وأبي بكر القادري وعبد الله إبراهيم ومحمد الحبيب الفرقاني وغيرهم كثير. وكان الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب –توفي في 28 سبتمبر 2008- حالة متميزة خارج حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني، فقد لعب دورا هاما في تأسيس بعض حركات الإسلام السياسي واحتضانها، كما لعب الدور الهام في تأسيس الحركة الشعبية أيضا، وبعد إعلان حرية تأسيس النقابات في 1960، أسس الاتحاد الوطني للشغل، ثم بعد الانشقاق عن الحركة الشعبية أسس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، وشكل في 1963 جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية مع المستشار الملكي الراحل محمد رضا اكديرة –توفي في 14 ديسمبر 1995-، وكان في عهد الاستعمار عنصرا في المقاومة المسلحة وجيش التحرير، كما كان رجل الاتصال مع جماعات الإسلام السياسي –الإخوان المسلمين- خاصة في العالم العربي والإسلامي، والأهم من ذلك كان العنصر المدافع من « الخارج » عن النظام المغربي وجزءا منه وبطريقته الخاصة جدا. كان الظهور الأول للتنظيم الجمعوي/الحزبي جمعية الشبيبة الإسلامية التي تأسست في 1967 من طرف عبد الكريم مطيع الحمداوي، الذي كان عضوا في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وبحكم انتمائه لأسرة التعليم كان عضوا في الجامعة الوطنية للتعليم التابعة للاتحاد المغربي للشغل، ويبدو أنه بعد أحداث مارس 1965 في الدار البيضاء غادر الانتماءات السالفة، وأسس الشبيبة الإسلامية، وقد ساعده في ذلك الشيخ كمال إبراهيم الذي حضي بسمعة طيبة في الدار البيضاء. استفاد مطيع من التجربة الحزبية والنقابية في الاتحادين وأسس تنظيمه الجديد على الأسس التالية: – وضع أسس تنظيمية راسخة للتنظيم في الدار البيضاء ثم بعد ذلك في مدن أخرى. – المساعدة والرفد للشباب في التعليم والاجتماعيات. – تشجيع الشباب على ولوج الهيئات الأمنية من شرطة ودرك وجيش. في حين كانت أحزاب اليسار غائبة عن المساعدة الاجتماعية ومنفرة من ولوج الوظائف الأمنية، وقد أنشأ مطيع خلايا في مختلف أحياء الدار البيضاء التي كان يراها المدينة التي تجمع المغاربة وتتوفر على قوى عاملة واقتصاد يمتد تأثيره إلى المغرب كله، فضلا عن كونها المدينة الأكثر تأثيرا: لغة وثقافة، ويبدو أنه ارتبط بعلاقة ما مع الدكتور عبد الكريم الخطيب، فضلا عن بعض الشيوخ، كما أن السلطة شجعته كونه سيخلق توازنا سياسيا واجتماعيا وثقافيا في مواجهة أحزاب وتنظيمات اليسار على الساحة في تلك المرحلة؛ كانت خلية حي بوشنتوف بالدار البيضاء أهم وأقوى خلية للشبيبة الإسلامية، وكان الاتحاد الاشتراكي قد تأسس في 1975، وكان ذ.عمر بنجلون هو الذي تلا في المؤتمر التقرير الإيديولوجي/المذهبي، وفيما بعد زار بعض المدن وألقى عدة محاضرات « حول الصراع الطبقي في المغرب »، وكان النجم الأبرز في الاتحاد الاشتراكي، وقد اغتيل في نفس السنة من طرف خلية بوشنتوف التي تزعمها عبد العزيز النعماني. وهناك عدة إشاعات لا تصل إلى درجة الخبر حول علاقته بالدكتور الخطيب وإخفائه إلى حين فراره لفرنسا حيث أسس حركة المجاهدين المغربية التي تدربت على السلاح في أفغانستان وفي مدينة طرابلس اللبنانية، وقد قتل حوالي 1983 /1984 بفرنسا من طرف عناصر من التنظيم ودفن في قبر مجهول -كما يشاع-. وإذا كانت « الشبيبة الإسلامية » عرفت انشقاق جماعة الجهاديين، فإن بعض أعضائها مع آخرين أسسوا حركة « التوحيد والإصلاح » التي تحولت إلى حزب -مع بقائها- وقد احتضنها الدكتور الخطيب في حزبه الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، وفيما بعد اختارت اسما جديدا « العدالة والتنمية » وهو نفس الاسم الذي يحمله الحزب التركي أيضا، و »العدالة والتنمية » حزب إصلاحي انتخابي من داخل الحركات الإسلامية. وفي نفس الفترة تقريبا بداية السبعينيات من القرن الماضي ظهر الشيخ عبد السلام ياسين مفتش التعليم والمدير التربوي بمراكش وعازف الكمان، الذي انشق عن الحركة الصوفية المسماة « البودشيشيين » وأسس حركة العدل والإحسان. وقد زعم البعض أن الراحل ياسين –توفي في 13 ديسمبر 2012- انشق عن الجماعة الصوفية لكونه لم يحظ برئاستها بعد وفاة الشيخ عباس، حيث تم إسناد الإمامة إلى ابنه حمزة، لكن هذا الأمر غير مؤكد إذ أن الكتابات الأولى للشيخ عبد السلام ياسين خاصة « الإسلام بين الدين والدولة » و »الإسلام غدا » ومقالاته العديدة في مجلته الجماعة توضح أن الشيخ ياسين تأثر بكتابات أبي الأعلى المودودي-المتوفي في 1979- وسيد قطب -أعدم في 1966، وبالتالي فإن المرحلة التاريخية التي مر منها العالم الإسلامي فرضت عليه الخروج عن المبادئ الثمانية للجماعات الصوفية التي ليس من بينها الشأن العام، فهذه الجماعات تهدف إلى التربية الفردية والتخليق دون ممارسة أي فعل سياسي، ورغم الكاريزمية التي تمتع بها الشيخ ياسين وانتشار أفكاره لذى الآلاف من أتباعه، فقد لعب دورا رئيسيا في السلم والأمن الاجتماعيين حتى وفاته رحمه الله، وبوفاته فقد التنظيم الكاريزمية والحضور اللذين تمتع بهما خلال حياته وهي عادة حزبية/مغربية، فبغياب الزعيم يتشرذم التنظيم. ملحوظة: عدا ذلك تبقى الطرق الصوفية، ورجال التبليغ، وأهل الحديث، والبديل، والجمعيات ذات الطابع التربوي الديني والتي تحاول أن تنأى عن الشأن العام حتى لا يشكل ذلك عرقلة لأهدافها أو يَجعلها منافسة للأحزاب والهيئات الأخرى، وبعض التنظيمات الفردية أو الثنائية التي لا تصل إلى مكانة التنظيم السياسي/العقائدي والتي قامت ببعض الحركات العنيفة مثل أحداث 16 ماي بالدار البيضاء سنة 2003، وأحداث جامع الفناء بمراكش سنة 2011، أو محاولات الاتصال بالقاعدة أو داعش أو تقليدهما كما جاء في العديد من البلاغات.


مراكش الإخبارية
منذ 22 دقائق
- مراكش الإخبارية
العميد البحيري يرافع من أجل إلغاء الإعدام خلال المؤتمر الثالث لشبكة المحامين
احتضن نادي الأعمال الاجتماعية التابع لوزارة العدل بمراكش اليوم السبت 12 يوليوز أشغال المؤتمر الثالث لشبكة المحاميات والمحامون ضد عقوبة الإعدام بمشاركة نخبة من نساء ورجال القانون من مجالات القضاء والمحاماة. وشهدت الجلسة الافتتاحية التي ترأسها النقيب عبد الرحيم الجامعي عن هيئة المحامين بالرباط، تقديم محاضرة تأطيرية للعميد يوسف البحيري أستاذ القانون بكلية الحقوق بمراكش تناولت موضوع « المعايير التوجيهية لإلغاء عقوبة الإعدام في القانون الدولي ». وفي عرضه أكد العميد البحيري أن الحق في الحياة يمثل أسمى الحقوق الطبيعية التي كفلتها الاتفاقيات الدولية مشيرا إلى المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا. وأضاف أن تنفيذ عقوبة الإعدام بأساليبه المعروفة من شنق ورمي بالرصاص أو حقنة قاتلة يتعارض مع مضامين اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984، التي تحظر المعاملة القاسية والمهينة موضحا أن لجان الأمم المتحدة تعتبر الإعدام شكلامن أشكال التعذيب الذي يستوجب وقفه ومنعه نهائيا. وخصص البحيري جزءا من مداخلته لعرض خارطة الطريق التي وضعتها لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام من التشريعات الجنائية داعيا الدول المصادقة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إلى إدراج إلغاء هذه العقوبة ضمن دساتيرها والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام. وأشار العميد إلى أن اللجنة الأممية تطالب الدول التي شهدت نزاعات أو حروبا داخلية بإجراء تحقيقات حول الإعدامات التعسفية أو خارج القانون مع تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وضمان عدم تكرارها في أفق إلغاء العقوبة من القوانين الوطنية. وفي محور ثان من المحاضرة تطرق البحيري إلى المعايير الدولية التي تحث على الوقف الفوري لتنفيذ عقوبة الإعدام كما جاء في القرار 2000/65 الصادر عن لجنة حقوق الإنسان داعيا إلى تقليص عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وضمان محاكمة عادلة للمتابعين وحماية بعض الفئات من تنفيذ العقوبة كالقاصرين والنساء الحوامل وكبار السن والمصابين بأمراض عقلية. ونبه المتحدث إلى ضرورة احترام القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء وعدم إبقاء المحكومين بالإعدام لسنوات طويلة في زنزانات الانتظار لما يشكله ذلك من خرق للمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي ختام مداخلته توقف العميد البحيري عند الوضع المغربي مشيرا إلى أن المملكة لم تنفذ أي حكم بالإعدام منذ سنة 1993 رغم أن محاكم المملكة ما تزال تصدر هذه العقوبة في قضايا الإرهاب والقتل العمد ، كما أضاف أن دستور 2011 كرس الحق في الحياة كحق أساسي وجعل احترام حقوق الإنسان خيارا دستورياً لا رجعة فيه. واعتبر البحيري أن المرحلة تستدعي تبني مقاربة قانونية جديدة تقوم على تعويض الإعدام بعقوبات سالبة للحرية كالسجن المؤبد مراعاة لكرامة الإنسان ولحقه في الحياة ولضمان العدالة التي لا تبنى على إزهاق الأرواح بل على حماية المجتمع وإعادة تأهيل الجناة.