logo
عودة الرئيس ترمب إلى عاصمة القرار

عودة الرئيس ترمب إلى عاصمة القرار

الرياض١٢-٠٥-٢٠٢٥

تحت سقف قاعات الدرعية العتيقة، وبين جدرانها التي شهدت الحنكة الدبلوماسية والتحالفات الاستراتيجية تتجدد العلاقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. تحالف يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرن -عند بداية التنقيب عن النفط في المملكة في عام 1933، بعد عام واحد فقط من تأسيسها الرسمي في عام 1932- تتقاسم الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تاريخًا قويًا من التعاون والصداقة.
مر هذا التحالف الصلب بمراحل عديدة كان من أبرزها وأهمها في السياق التنموي، انعقاد الاجتماع الافتتاحي للجنة الاقتصادية الأميركية السعودية المشتركة -بلير هاوس- خلال زيارة الرئيس نيكسون إلى المملكة العربية السعودية عام 1974. أتت تلك الزيارة التاريخية لأول رئيس أميركي تأكيدًا على عمق العلاقة والتعاون بين البلدين. فقد اتسمت العلاقات السعودية الأميركية بتناغم كبير حيث دأب البلدان ومؤسساتهما العريقة على الحفاظ على علاقة متينة لم تقتصر فائدتها على البلدين فحسب، بل تعدّت إلى ضمان إمدادات الطاقة الآمنة، واستقرار الاقتصاد العالمي، وتعزيز الأمن والتنمية في الشرق الأوسط وخارجه.
الولايات المتحدة ليست مجرد شريك عادي؛ فهي تُعدّ أحد أهمّ حلفاء المملكة الاقتصاديين، ووجهةً مفضلةً للاستثمار السعودي. تحتلّ الولايات المتحدة المرتبة الثانية في الصادرات السعودية، والمرتبة الأولى في الواردات، بينما لا تزال المملكة العربية السعودية أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بفائض في الميزان التجاري لصالح الرياض على مدى العقد الماضي. تستثمر أكثر من 500 شركة أميركية في المملكة، ويبلغ عدد المشروعات الأميركية السعودية المشتركة قرابة 609 مشروعات، بقيمة استثمارية تُقارب 62 مليار دولار.
وتستقبل المملكة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في لحظة فارقة. فقد مر ما يقرب من عقد زمني على إطلاق رؤية 2030، خطة التحول الاجتماعي والاقتصادي الجريئة في المملكة العربية السعودية. ولم تتجرأ على تطبيق مثل هذا التغيير الجذري -من الفطام عن الاعتماد على النفط إلى انفتاح المجتمع- بهذا الحجم والسرعة إلا قليلة من الدول في هذا العالم الحديث. من خلال رؤية السعودية 2030 بقيادة ولي العهد أعادت المملكة العربية السعودية تعريف نفسها كصانع شراكات. وفي ترمب، تجد الرياض قائدًا يُدرك قيمة التحالفات الراسخة المبنية على المصلحة المشتركة.
تُسفر الجهود المتضافرة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتعزيز العلاقات السعودية الأميركية، وإعادة تنظيمها اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، عن سلسلة من الاتفاقيات والاستثمارات التي تُبشّر بالتكامل الاقتصادي، وتوطين الصناعات، وتحقيق أقصى عوائد لكلا البلدين. تُحوّل المملكة العربية السعودية اقتصادها الذي كان يعتمد في السابق على النفط إلى دولة مُنْعَشَة اجتماعيًا واقتصاديًا، قائمة على الإنتاجية، مع مجموعة واسعة من فرص الأعمال الجديدة.
مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة العربية السعودية كأول وجهة خارجية له بعد توليه الرئاسة يدخل التحالف حقبة جديدة تحمل في طياتها آفاقًا من الفرص الاستثمارية والأمنية. هذه الزيارة التي تغير صياغة المشهد السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط وفق بوصلة القيادة السعودية، تعد ختم اعترافٍ على من يملك صناعة القرار في المنطقة بلغة الندّ.
في الرياض، لن تعقد مجرد قمة، بل ستُعاد كتابة تعريف النفوذ وتوزيع الصوت السيادي ورأس المال الاستثماري. وفي هذا السياق كتبت صحيفة نيويورك بوست: "فيما كانت الوجهات الأولى للرؤساء الأميركيين تقليديًا إلى بريطانيا أو كندا، تغير الاتجاه اليوم نحو ‫السعودية، وباتت المملكة العربية السعودية نقطة التقاء الاقتصاد والسياسة العالمية، فبوصلة العالم تتجه شرقًا وبالتحديد عاصمة القرار-الرياض".‬
يعود الرئيس دونالد ترمب إلى أرض مألوفة في المملكة العربية السعودية، حيث اختار السعودية كوجهة لأول رحلة خارجية له في ولايته الثانية، تمامًا كما فعل في عام 2017، متجاوزًا مرة أخرى الحلفاء التقليديين الذين استضافوا الرؤساء عادة، وهو ما يخالف تقليدًا طويلاً. ويؤكد هذا القرار على استراتيجية أوسع نطاقا ينتهجها البيت الأبيض بقيادة ترمب، حيث تعطي الأولوية للتأثير الاقتصادي والاستراتيجي. وفي هذا الصدد أشار المحللون إلى أن المملكة العربية السعودية أصبحت الآن منطقة محورية في استقرار الاقتصاد العالمي، إذ تربط بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا. أما على الصعيد الأمني، استضافت السعودية الجهود الدبلوماسية الأميركية المستمرة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث لعبت دور الوسيط منذ بداية الصراع الروسي-الأوكراني، بما في ذلك تسهيل المحادثات.
لقد اتخذت المملكة بالفعل موقفًا دبلوماسيًا أكثر حزمًا، وأصبحت مركزًا للوساطة الدولية، بدءًا من تسهيل قنوات هادئة بين واشنطن وكييف وموسكو -كما ذكرنا-، وصولًا إلى تشجيع إيقاف إطلاق النار وتبادل الأسرى في مناطق الصراع المنسية. وحيثما يُؤجج الآخرون الفوضى، تعمل المملكة على احتوائها ووضع حد لها.
في ولايته الثانية الرئيس ترمب يدرك أنه بحاجة إلى كتابة مرحلة جديدة واستثنائية في عمر العلاقة الفريدة والتحالف الصلب بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية؛ لذلك ستضع هذه الزيارة التي أعادت إلى الأذهان الزيارة التاريخية للرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون كلا البلدين في صدارة التحول العالمي في العديد من المجالات، في مقدمتها الطاقة بكل أشكالها.
القيادة الأميركية تدرك جيدًا بأن السعودية باتت تمثل بوابة الشرق الأوسط الحقيقي، دولة مستقرة ذات نفوذ اقتصادي جيوسياسي، وروح قيادية متجددة. إن عودة الرئيس ترمب تشكل تأكيدًا على الثقة المتبادلة، والتوافق الاستراتيجي، والإيمان المشترك بالدبلوماسية البراغماتية القائمة على المصالح والتي كانت دائمًا ركيزة أساسية للعلاقات السعودية الأميركية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الهند تتوقع إبرام اتفاق تجاري مبدئي مع أميركا قبل يوليو
الهند تتوقع إبرام اتفاق تجاري مبدئي مع أميركا قبل يوليو

أرقام

timeمنذ 5 ساعات

  • أرقام

الهند تتوقع إبرام اتفاق تجاري مبدئي مع أميركا قبل يوليو

تناقش الهند اتفاقاً تجارياً مع الولايات المتحدة مقسماً إلى ثلاث مراحل، وتتوقع التوصل إلى اتفاق مبدئي قبل يوليو، وهو الموعد المقرر لبدء تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، وفقاً لما ذكره مسؤولون في نيودلهي مطّلعون على الأمر. من المرجّح أن يشمل الاتفاق المبدئي مجالات مثل الوصول إلى الأسواق للسلع الصناعية وبعض المنتجات الزراعية، بالإضافة إلى معالجة بعض الحواجز غير الجمركية مثل متطلبات مراقبة الجودة، بحسب الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لخصوصية المناقشات. ولا تزال المحادثات جارية، ولم يتضح بعد ما إذا كانت إدارة ترمب وافقت على عملية من ثلاث مراحل للتوصل إلى اتفاق تجاري. ويزور وزير التجارة الهندي بيوش غويال حالياً واشنطن في زيارة تستغرق أربعة أيام تنتهي الثلاثاء، حيث من المتوقع أن يلتقي الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك لدفع المفاوضات قدماً. ولم ترد وزارة التجارة والصناعة الهندية ووزارة الشؤون الخارجية على الفور على طلبات للحصول على معلومات إضافية. كما لم يرد مكتب الممثل التجاري الأميركي ووزارة التجارة الأميركية على الأسئلة الموجهة لهما. اتفاق أوسع قد تشمل المرحلة الثانية من الاتفاق بين الهند والولايات المتحدة اتفاقاً أوسع وأكثر تفصيلاً، من المرجح أن يتم توقيعه بين سبتمبر ونوفمبر، وفقاً لمسؤولين هنود مطّلعين على الأمر، ومن المحتمل أن يغطي 19 مجالاً تم الاتفاق عليها في وثيقة الإطار المرجعي التي أُقرّت في أبريل. وقد يتزامن توقيت هذه المرحلة مع زيارة مرتقبة لترمب إلى الهند لحضور قمة قادة الحوار الأمني الرباعي المعروفة باسم مجموعة "كواد"، بحسب أحد الأشخاص. أما المرحلة النهائية من الاتفاق، فمن المرجّح أن تكون اتفاقية شاملة لن تُنجز إلا بعد الحصول على موافقة الكونغرس الأميركي، وربما تُبرم في العام المقبل، وفقاً لما قاله المسؤولون الهنود. كانت الهند من أوائل الدول التي بدأت مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة عقب زيارة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى البيت الأبيض في فبراير، بعد وقت قصير من تولي ترمب منصبه. واتفق الزعيمان على تعزيز التجارة والعمل نحو إتمام المرحلة الأولى من الاتفاق الثنائي بحلول خريف هذا العام. ومنذ ذلك الحين، لمّحت نيودلهي إلى إمكانية تحقيق "مكاسب مبكرة مشتركة" قبل الموعد المحدد في الخريف. مؤشرات توتر على الرغم من تأكيد المسؤولين الهنود أن المفاوضات تسير وفق الخطة، ظهرت مؤشرات على وجود توتر في الأيام الأخيرة. ويبدو أن نيودلهي تتبنى موقفاً أكثر تشدداً في المفاوضات، إذ هددت بفرض رسوم انتقامية على السلع الأميركية الأسبوع الماضي. من جانبه، ادعى ترمب أن الهند عرضت خفض الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى الصفر، لكنه قلل من أهمية التوصل السريع إلى اتفاق تجاري. كما أثارت تعليقات ترمب بشأن دوره في التوسط لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان استياءً في نيودلهي، إذ زعم مراراً أنه استخدم ملف التجارة كأداة تفاوضية لتحقيق هدنة بين الجانبين، بعد أربعة أيام من الصراع العسكري الذي كاد أن يتحول إلى حرب شاملة. ونفت الهند هذه المزاعم.

توقعات إيجابية للاقتصاد المصري مع تراجع البطالة ونمو الأجور
توقعات إيجابية للاقتصاد المصري مع تراجع البطالة ونمو الأجور

العربية

timeمنذ 5 ساعات

  • العربية

توقعات إيجابية للاقتصاد المصري مع تراجع البطالة ونمو الأجور

توقع البنك المركزي المصري ، أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر نموًا بنسبة 4.3% خلال العام المالي الحالي 2024-2025. وكشف تقرير السياسة النقدية الصادر عن البنك، اليوم الاثنين، أنه من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4.8% في العام المالي المقبل 2025-2026، مقابل معدل نمو بلغ 2.4% خلال العام المالي 2023-2024. وأوضح التقرير، أن مؤشرات سوق العمل في مصر أظهرت تراجع معدل البطالة إلى 6.4% خلال الربع الرابع من عام 2024، مقارنة بنسبة 6.9% المسجلة في نفس الربع من عام 2023، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في أداء السوق واستمرار النمو في معدلات توفير فرص العمل. وأشار إلى أن التحسن في سوق العمل جاء مدفوعًا بتوسع قطاعات حيوية نجحت في توليد وظائف جديدة، وعلى رأسها قطاع التجارة، قطاع التعليم، وقطاع النقل والقطاع الصناعي، حيث سجلت هذه القطاعات معدلات نمو قوية خلال نفس الفترة، مما عزز من قدرة الاقتصاد على استيعاب مزيد من العمالة. وفي تطور إيجابي آخر، ارتفعت الأجور الحقيقية في مصر للربع الثاني على التوالي خلال الربع الرابع من 2024، بعد فترة من الانكماش استمرت منذ الربع الأول من عام 2021، ويأتي هذا الارتفاع نتيجة لتجاوز معدل نمو الأجور الاسمية معدل التضخم، ما يعكس تحسنًا نسبيًا في القوة الشرائية للعاملين. وقال البنك المركزي المصري، إن نشر "تقرير السياسة النقدية" ربع السنوي عن الربع الأول من 2025، يأتي في ضوء التزامه المستمر بشفافية السياسات والتواصل الواضح، ولترسيخ توقعات التضخم عند مستواه المستهدف والهامش المسموح به بهدف الحفاظ على استقرار الأسعار؛ حيث يُعد التقرير إحدى الأدوات الرئيسية لبيان الأسس التي تستند إليها قرارات السياسة النقدية.

كيف تستفيد مصر من انخفاض أسعار النفط العالمية؟
كيف تستفيد مصر من انخفاض أسعار النفط العالمية؟

مباشر

timeمنذ 5 ساعات

  • مباشر

كيف تستفيد مصر من انخفاض أسعار النفط العالمية؟

القاهرة - مباشر: قال البنك المركزي المصري إنه من المتوقع أن يشهد الميزان التجاري لمصر تحسناً في ظل توقعات انخفاض أسعار النفط العالمي. وأشار المركزي في تقرير السياسة النقدية الصادر اليوم، إلى أن مصر مستورد صافي للمنتجات البترولية، لافتاً إلى أن تراجع أسعار لنفط يترتب عليه انخفاض تكلفة الواردات ما قد يساهم في تقليص عجز الحساب الجاري. ونوه إلى قرار تحالف أوبك بلس الأخير بزيادة مستويات الإنتاج إلى جانب زيادة إنتاج النفط من قبل بعض الدول غير الأعضاء قد يؤدي إلى زيادة المعروض من النفط وبالتالي انخفاض أسعاره. ولفت إلى أن تراجع عجز الحساب الجاري، قد يساعد في الحد من أثر الإجراءات التي اتخذت في الأونة الأخيرة لآجل ضبط الأوضاع المالية العام. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store