
"عرب نيوز" تحتفي بنصف قرن على صدورها… ذاكرة تغيّرات المنطقة والمهنة
برزت صحيفة "عرب نيوز" السعودية في عالم الصحافة باللغة الإنكليزية والتي تغوص في أبعاد خبر المنطقة والساحة الدولية الأهم، وتسلّط الضوء على المجتمعات العربية، مخصصة حيّزاً مفيداً لمسار الحداثة السعودية المتصلة برؤية ٢٠٣٠.
التميّز تأتّى أيضاً من طريقة العرض وجعل الخبر أقرب إلى تناول متابعين من خلفيات ثقافية مختلفة. وأثبتت الصحيفة نفسها في مسار التطور التكنولوجي للمهنة من خلال إجادة التسويق الرقمي وإتقان فن التصميم الـ"ديجيتاليّ" الذي يحاكي الابتكار وجعل المعلومة أسهل وأوضح للمتابعين.
وتحتفي عرب نيوز، الصحيفة السعودية الدولية الرائدة باللغة الإنكليزية، بالذكرى الخمسين على تأسيسها والتي تصادف غدا الأحد 20 نيسان / أبريل.
وقد أعدت الصحيفة للمناسبة عدداً خاصاً من نسختها الورقية، وصفحة إلكترونية، تسترجع تغطيتها لأبرز أحداث النصف عقد الماضي والتي كان لها أثرها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعود التغطية لأرشيف الصحيفة التي انطلقت إبّان اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام ١٩٧٥، مروراً بأحداث عام ١٩٧٩ التاريخية مثل سقوط الشاه في إيران. وحادثة جهيمان، والحرب في أفغانستان، واغتيال السادات والانتفاضة الفلسطينية في الثمانينات، وحرب الخليج في العام ١٩٩٠ واتفاقية أوسلو، فكامب دايفيد واتفاقيات السلام الإبراهيمية وصولا لأحداث ٧ أكتوبر.
هذا وتشمل التغطية أيضاً مواقف المملكة الراسخة من القضية الفلسطينية منذ مبادرة الملك فهد للسلام، ومبادرة السلام العربية ووصولاً إلى التحالف الدولي لحلّ الدولتين الذي يتوقع أن يعقد مؤتمراً في تموز / يونيو المقبل تقوده السعودية وفرنسا.
وتؤرخ التغطية لمعركة المملكة ضد الإرهاب مروراً بتفجيرات الخبر واعتداءات ٩/١١ ووصولاً إلى تكوين التحالف الإسلامي العسكري في الرياض.
كذلك تسترجع حربي العراق وسقوط البعث في العراق، وتداعيات الربيع العربي وصولاً إلى التغييرات الأخيرة في سوريا، مع تركيز خاص على انطلاق رؤية السعودية ٢٠٣٠ عام ٢٠١٦، وما تلى ذلك من إصلاحات هيكلية وجذرية في مختلف المجالات شهدتها المملكة، ولا تزال تعيش أثرها حتى اليوم.
ووفق الصحيفة، تعدّ التغطية الخاصة جزءاً من سلسلة أكبر من المبادرات والأنشطة التي تخطّط لها الصحيفة، والتي سيعلن عنها في وقت لاحق من العام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 12 ساعات
- سيدر نيوز
من هو توم فليتشر الذي يقود مطالب الأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى غزّة؟
قبل أيام، أطلّ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، على شاشة بي بي سي محذّراً من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزّة. وقال في تصريحه الذي لاقى انتشاراً واسعاً: 'هناك 14 ألف طفل سيموتون خلال الـ48 ساعة القادمة إذا لم نتمكن من الوصول إليهم'. التصريح أثار موجة تفاعل واسعة، ولاحقاً أوضح مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (OCHA) أنّ الرقم لا يشير إلى وفيات محتملة خلال 48 ساعة، بل إلى عدد الأطفال المعرضين لسوء تغذية حادّ خلال عام كامل، استناداً إلى تقديرات شراكة تصنيف الأمن الغذائي المرحلي (IPC)، وهي مبادرة دولية تعنى بتحليل مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في الدول المتأثرة بالنزاعات والكوارث. واليوم، دخلت أول قافلة مساعدات إلى القطاع، مؤلفة من 87 شاحنة، بعد 82 يوماً من منع السلطات الإسرائيلية إدخال المساعدات، مبرّرة قرارها باتهام حركة حماس بالاستيلاء على الشحنات. هو دبلوماسي بريطاني، عمل مستشاراً للسياسة الخارجية في رئاسة الحكومة البريطانية، وسفيراً لدى لبنان بين عامي 2011 و2015. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، عُيّن وكيلاً للأمين العام ومنسقاً للإغاثة في حالات الطوارئ، خلفاً لمارتن غريفيث. ووفق بيان التعيين، خدم فلتشر خلال مسيرته في أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. يجمع بين العمل الدبلوماسي والأكاديمي، وشغل منذ عام 2020 منصب عميد كلية هيرتفورد في جامعة أوكسفورد. كما عمل إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق غوردون براون على قضايا تعليم اللاجئين، ودرّس في جامعة نيويورك والأكاديمية الدبلوماسية الإماراتية. وقبل عمله في لبنان، شغل فليتشر مناصب في بعثات دبلوماسية في نيروبي وباريس، وكان سكرتيراً خاصاً لوزراء الخارجية في الحكومة البريطانية. فليتشر المولود في عام 1975، يحمل إجازة وماجستير في التاريخ الحديث من جامعة أوكسفورد (1998). يتقن اللغة الإنجليزية والفرنسية، ويملك معرفة عملية جيدة بالعربية والسواحيلية. وقد اشتهر بلقب 'الدبلوماسي العاري'، وهو عنوان كتابه عن تجربته في لبنان. ووصفته صحيفة 'عرب نيوز' بأنه 'مناهض للدبلوماسية'، في إشارة إلى كسره للأعراف التقليدية. من أبرز مبادراته الرمزية في بيروت، ارتداؤه زيّ عاملة مهاجرة إثيوبية تدعى كالكيدان، وتبادله المهام معها ليوم واحد لتسليط الضوء على أوضاع العاملات الأجنبيات. في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، نشر رسالة بعنوان 'عزيزي لبنان' بمناسبة مرور 70 عاماً على تأسيس الدولة، قال فيها: 'تتحمّلون المشقّات كأنها اعتياد، لكنكم نادراً ما تواجهون أسبابها. تستثمرون في تعليم الشباب، لكنهم يشعرون بأن لا صوت لهم. لطالما كنتم منارة لحقوق المرأة، لكن تمثيلها النيابي لا يعكس ذلك'. وختم برسالة واضحة: 'ابدأوا بتجاهل النصائح، بما في ذلك نصيحتي. هذا بلدكم'. في يوليو/تموز من العام نفسه، كتب رسالة وداعية بعنوان 'يلا باي' لخّص فيها مشاهداته في لبنان، وجاء فيها: 'رصاص وبوتوكس، ديكتاتوريون ومطربات، أمراء حرب وواسطة، أسلحة وجشع وإيمان، حقوق الإنسان وحقوق الحمص…' وتابع: 'السياسة عندكم مضنية، ليست فقط للسفراء بل لكل المواطنين. بعض الأوليغارشيين يوافقون على التغيير، لكنهم يعجزون عن تنفيذه، ويفاقمون التعقيدات عبر نظريات المؤامرة والمكائد'. وأشار إلى أن بريطانيا قدّمت خلال فترة عمله دعماً مالياً وعسكرياً، وساهمت في مشاريع تعليمية وتجارية، مضيفاً: 'حتى إننا ساعدنا وليد جنبلاط على الانضمام إلى تويتر'. وفي ختام مهمته، كرّمه النائب وليد جنبلاط في قصر المختارة قائلاً: 'بعد وصفك الأورويلي للبنان وحكّامه الأوليغارشيين، وأنا أحدهم، لا أزال قادراً على التغريد… بفضلك'. بعد بعد خروجه من السلك الدبلوماسي، ألّف فلتشر عدة كتب، من بينها 'الدبلوماسي العاري: فهم القوة والدبلوماسية في العصر الرقمي' (2016)، و'عشر مهارات للبقاء في عالم متغير' (2022)، إلى جانب روايتين سياسيتين: 'السفير' (2022) و'القاتل' (2024). كما أسّس في عام 2018 مبادرة 'مؤسسة الفرصة' (Foundation for Opportunity) لدعم الشباب وتمكينهم. وفي عام 2023، قدّم سلسلة وثائقية عبر بي بي سي بعنوان 'المعركة من أجل الديمقراطية الليبرالية'، تناولت التحديات التي تواجه الأنظمة الديمقراطية حول العالم. في أبريل/نيسان 2024، شارك فليتشر مع دبلوماسيين بريطانيين سابقين في تقرير انتقد بنية وزارة الخارجية البريطانية، واعتبرها نخبوية وعاجزة عن مواكبة التحديات، داعيًا إلى إعادة هيكلتها وتنظيمها. فليتشر متزوّج من لويز فلتشر، ولهما ولدان. يعرف بحبه للتاريخ السياسي والكريكيت والجبال


القناة الثالثة والعشرون
منذ 14 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
"أنا حرّ"... هل دعا ممثل سوريّ معروف جدّاً لعودة نظام بشار الأسد؟
نفى الممثل السوري عابد فهد من خلال منشور عبر حسابه في "إنستغرام"، بشكل قاطع ما تداوله البعض بشأن دعوته إلى عودة النظام السوري السابق، بعد تصريحاته الأخيرة التي أحدثت ضجّة كبيرة داخل سوريا وخارجها. وكتب فهد: "كلمة العودة التي استخدمتها لم تكن دعوة لعودة النظام، هذا النظام هرب وترك وراءه شعباً مقهوراً وبلداً مثخناً بالخراب، ما قصدته هو العودة إلى سوريا التي كنا نعرفها كسوريين، إلى الوحدة الوطنية والكرامة المجتمعية التي جمعتنا دائماً". كما أوضح أن حديثه لم يكن سوى تحذير صريح من خطر الطائفية التي تُهدّد المجتمع السوري، مشبّهاً انتشارها بـ"السرطان"، مؤكداً أن "السوريين الذين عاشوا لعقود من دون تصنيفات طائفية، ليسوا مستعدين اليوم لقبول هذا الانقسام المصطنع". وأضاف: "أنا حرّ، مثل سوريا الحرة، لم أكن تابعاً لأي سلطة لا قبل التحرير ولا بعده، وأعمالي الفنية تشهد على ذلك". وختم رسالته بدعوة إلى نبذ التسرع في إطلاق الأحكام، والتركيز على السلام كطريق أوحد نحو وطن يتسع لجميع أبنائه. (الامارات 24) انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- النهار
فوز الاستراتيجية الأميركية وعودة إيران إلى بيت الطاعة؟
الدكتور كمال ديب نتابع هنا شرحَ ما آلت إليه أمور لبنان والمنطقة بعد أحداث عام 2024 المصيرية (راجع مقال ديب النهار 26 نيسان/ أبريل 2025)، فنبني على ما ذكرناه سابقاً أنّ المشروع الأميركي قد قوّض الأيديولوجيا العربية العلمانية القائمة منذ مئة عام تقريباً في الثقافة واللغة، وأدخل العرب – كلّهم – عصر البراغماتية الأميركية التي من شروطها غياب اللون (مع الإبقاء على زومبي قشرة عربية من فولكلوريات الدين والعادات والتقاليد، فيقال هنا "منطقة لغة عربية مسلمة" كما يقال هنا "منطقة لغة إسبانية كاثوليكية" إشارة إلى دول أميركا اللاتينية). وحالياً ثمّة مفاوضات ثنائية أميركية – إيرانية في مسقط عاصمة عُمان وفي روما، وما هي إلا مسألة وقت حتى تعود إيران تحت المظلة الأميركية. وعندها تنتهي الفترة الانتقالية التي تعيشها المنطقة العربية. وقبل مواصلة الشرح، نذكر أنّ من يظنّ أن لبنان والمنطقة كانا خارج النفوذ الأميركي وأنّهما سقطا تحت هذا النفوذ عام 2024، هو على خطأ. ومن يظنّ أنّ ثمّة محوراً كان قائماً قبل 2024 ويقاوم نفوذاً أميركياً ويحافظ على تركة العروبة العلمانية هو على خطأ أيضاً. فالنفوذ الأميركي كان موجوداً قبل وبعد 2024، بل هو يعود إلى عام 1947. استراتيجية أميركية ثابتةفي مؤتمر يالطا عام 1945 وكانت الحرب العالمية الثانية تشارف على الانتهاء، اجتمع زعماء أميركا والاتحاد السوفياتي وبريطانيا، واتفقوا على تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ. وبموجب هذا الاتفاق باتت دولتا تركيا وإيران (اللتان تفصلان المنطقة العربية عن الاتحاد السوفياتي) ضمن النفوذ الأنغلوساكسكوني. وفي الوقت نفسه بدأ الافتراق التاريخي بين موسكو وواشنطن، فاشتعلت بينهما الحرب الباردة عام 1947 بعدما تنازلت بريطانيا عن مناطق نفوذها لمصلحة أميركا. فقامت استراتيجية أميركية ثابتة ترتكز على عمودين: – الأول هو حلف شمال الأطلسي لمواجهة الاتحاد السوفياتي مباشرة في أوروبا الشرقية (تأسّس عام 1949)،– والثاني هو إقامة قوس إسلامي يشكّل حاجزاً هجومياً لأميركا وحلفائها الغربيين في وجه الصين وروسيا الشوعيتيين الملحدتين (بدأ عام 1951). ومنذ ذلك الحين لم تتغيّر هذه الاستراتيجية، وما تغيير الرؤساء والإدارات الأميركية كل بضع سنوات إلا تعديل طفيف على أوجه تنفيذ واشنطن لهذه الاستراتجية (من هنا عدم تفرقة هذا الكاتب بين عهد رئيس أميركي عن سواه). وما يهمنا هنا هو العمود الثاني من الاستراتيجية الثابتة – أي إقامة القوس الإسلامي. ففي عام 1951 كتب المؤرخ البريطاني برنارد لويس في فصلية أكاديمية بريطانية تدعى "إنترناشونال آفيرز" عن ضرورة استعمال الإسلام كأداة فعّالة لمحاربة الشيوعية الملحدة. فبنظره تطوّق الكتلة الاشتراكية شعوب هي على دين الإسلام، بدءاً من شعب اليوغور المسلم في الصين إلى جمهوريات وسط آسيا السوفياتية الإسلامية، ثم دول أفغانستان وباكستان وإيران، وصولاً إلى أذربيجان ومسلمي جبال القفقاس وتركيا ومقاطعات يوغسلافيا (خاصة مقاطعات البوسنة والهرسك وكوسوفو). وفي هذا الاتجاه أخذت الولايات المتحدة تدعم قيام أنظمة إسلاميّة في أنحاء آسيا وإيقاظ الهوية الدينية، حيث شهدت أندونيسيا الكبيرة نسبياً سقوط نظامها المدني عام 1964 (وكان للأمر رمزيته حيث عُقد فيها مؤتمر باندونغ عام 1954 الذي أوصل إلى منظمة عدم الانحياز عام 1961)، وباتت أندونيسيا تنهج إسلامياً بميول أميركية. وفي باكستان، أسقطت حركة إسلامية مسلّحة الرئيس المدني ذو الفقار علي بوتو عام 1976، ثم أقدم قائد الانقلاب الجنرال ضياء الحق على إعدام بوتو عام 1977، وأعلن باكستان دولة إسلامية موالية للولايات المتحدة أيضاً. وفي شباط/ فبراير 1979 أسقطت الثورة حكم الشاه في إيران، ثم فرض أحد أجنحة الثورة نظاماً إسلامياً في طهران. وفي منتصف 1979، ظهرت حركة إسلامية مسلّحة في أفغانستان كادت تقضي على الحكم الشيوعي فيها، ما أدّى إلى تدخّل عسكري سوفياتي. وهنا كان الفتيل الذي أنهى الاتحاد السوفياتي. فقد تعرّض الجيش السوفياتي لهزيمة في أفغانستان وفازت حركة طالبان عام 1989، لم يمضِ عام بعد ذلك إلا وسقط الاتحاد السوفياتي ومعه الكتلة الاشتراكية في أوروبا الشرقية. وبعد ذلك تحوّلت الجمهوريات السوفياتية السابقة (قرغيزيا، أوزبكستان، طاجيكستان، وتركمنستان) إلى دول مستقلة إسلامية جنباً إلى جنب مع باكستان الإسلامية وأفغانستان الإسلامية، وكلها مجاورة للصين. وحتى في شرق أوروبا، حيث جنوب روسيا الرخو، اشتعلت انتفاضة إسلامية في جبال القفقاس، من الشيشان إلى داغستان، ووُلدت جمهورية أذربيجان كدولة مستقلة مسلمة على علاقة وثيقة بالناتو، إلى جانب تركيا عضوة الناتو حيث وصل الإسلاميون إلى الحكم أيضاً. كان من المفترض أن يكون نجاح الإسلام السياسي في عموم آسيا جيّداً للاستراتيجية الأميركية: ألم يؤدّ ذلك إلى إسقاط الاتحاد السوفياتي وتشديد الطوق على الصين؟ فماذا جرى؟ الذي جرى أنّ إيران، بموافقة الغرب، أسقطت الشاه وابتكرت نظاماً إسلامياً مكانه. وللأمانة التاريخية، فإيران الشاهنشاهية كانت أكثر من وكيل للغرب في المنطقة: كان الشاه محمد رضا بهلوي شرطي أميركا في الخليج العربي وحليف إسرائيل الأوّل، بل كانت إيران في عهده متقدمّة أميركياً حتى على تركيا. ولكن الشاه لم يقرأ جيداً في استراتيجية أميركا العالمية التي لا تسمح بتعدد الأقطاب. فقد كان منحاه قوميّاً فارسياً فيما تطلبت استراتيجية أميركا بناء قوس إسلامي يطوّق الاتحاد السوفياتي والصين. ومن نزواته القومية تمويل "حفل القرن" عام 1971 بمناسبة مرور 2500 سنة على قيام الإمبراطورية الفارسية، بكلفة ملياري دولار. ورأت واشنطن أنّ تحويل إيران إلى دولة إسلامية قد حان وقته. والمهول أنّ إسقاط الشاه قد تم بسرعة قياسية، خلال بضعة أشهر من عام 1978 حتى شباط 1979 وباتت إيران جمهورية إسلامية رغم أنّ ثورتها كانت مختلطة. ولكن تحوّل إيران نحو الإسلام لم يكن تماماً وفق الاستراتيجية الأميركية. فبعدما كان الشاه حجر الزاوية في السياسة الأميركية في المنطقة وعدوّ القومية العربية، كان صعود الإمام الخميني في طهران بالنسبة لأميركا وإسرائيل أكبر من زلزال جمال عبد الناصر في القاهرة على الساحة العربية عام 1956، إذ إنّ مصالح أميركا وإسرائيل تأذّت كثيراً وأعلن قادة إيران الجدد إلغاء الاتفاقيات التي وقّعها الشاه مع إسرائيل وقطعوا العلاقات معها. وهكذا منذ 1979، وُلدت عُقدة إيران أميركياً وصدرت مذكرات ودراسات أميركية تبحث "كيف خسرنا إيران؟" وواشنطن حتى بعد مرور أكثر من أربعين عاماً تعوّل على استعادة إيران بالوسائل الاقتصادية والديبلوماسية، وهي لا تصل أبداً إلى حرب مباشرة معها (رغم إشراف واشنطن على حروب عسكرية أميركية – إسرائيلية ضد حلفاء إيران في المنطقة). ذلك أنّ مصالح أميركا لطالما اعتبرت إيران جوهرة التاج في آسيا. وفي تلك الأثناء، بقيت المنطقة العربية على هامش أحداث "أوراسيا" (أوروبا وآسيا) الكبرى في الاستراتيجية الأميركية. فعدا مصالح النفط وإسرائيل، ماذا كان مصير المنطقة العربية؟ (خاصة أنّ العرب لغة وثقافة قد قامت قائمتهم قبل قرن على أشلاء السلطنة العثمانية وظهرت بقوّة حواضراهم الذهبية – بيروت وبغداد والقاهرة ودمشق).