logo
بعد أبحاث 13 عاما.. الغزالى.. ابن «قنا» يطلق «أطلس الحرف اليدوية»

بعد أبحاث 13 عاما.. الغزالى.. ابن «قنا» يطلق «أطلس الحرف اليدوية»

بوابة الأهرام٠٥-٠٥-٢٠٢٥

قبل خمسة أعوام، تابعت «الأهرام» جهود الباحث البيئى والتراثى أسامة الغزالى فى اقتفاء أثر الحرف اليدوية المصرية من أجل مشروعه الأكبر الذى بدأه عام 2012 لوضع «أطلس» جغرافى متكامل لمواقع تمركز هذه الحرف سواء زالت أو كانت على وشك الزوال أو تقاوم دون الاندثار. واليوم أطلق الغزالى النسخة الرقمية للأطلس المنتظر متيحًا الاطلاع عليه لكل مهتم.
احتفت «الأهرام» بإنجازه قبل سؤاله عن نتائج بحث وجولات استمرت 13 عاما من أجل الحرف اليدوية، فيجيب الغزالى، ابن مدينة نقادة القناوية: «أنفقت هذه الأعوام فى جولات متأنية ومتكررة لمئات القرى المصرية، تخللتها لقاءات مطولة مع عدد كبير من حرفيى مصر. فأنتهيت بتصور متكامل للتوزيع الجغرافى للعديد من الحرف اليدوية الأصيلة، وثانيا، فزت بإنشاء قاعدة بيانات متنامية لحرفيين معروفين ومجهولين يجمعهم حب الحرفة».
وبسؤاله عما ورد فى «الأطلس» من تقسيم الحرف إلى فئات رئيسية وفرعية، يوضح الغزالى: «هناك حرف رئيسية مثل النجارة، لكن تنبثق منه حرف فرعية شتى مثل خراطة الخشب وتطعيم الخشب بالنحاس أو العظم أو غير ذلك.كلها تفريعات تندرج تحت عنوان رئيسى هى حرف الخشب. هذه التفريعات تكشف ثراء وتفرع خريطة الحرف المصرية.. فهذا التاريخ الطويل نتج عنه تخصصات ومهارات بالغة الدقة ولا تقدر بثمن».
ثم كان السؤال عن إدراجه «صناعة الطائرات الورقية» كحرفة ضمن «الأطلس»، فيؤكد الغزالى: «بالطبع صناعة الطائرة الورقية تعد حرفة، فالحرف ليست تجارية فقط، فهناك الحرف الثقافية والاجتماعية التى ترتبط بممارسات يومية لا يشترط أن تعود بالعائد المادى. فالطائرات الورقية لها أكثر من طريقة لصناعتها سواء بالعجين أو الورق أو غير ذلك. كما أن البعض، وتحديدا فى الموالد، يقومون ببيع الطائرات الورقية للصغار، وهنا ينطبق عليها شرط الحرفة التجارية».
ويلاحظ ضمن تفريعات «الأطلس» الذى طال انتظاره، ما يسمى بـ «مكنز القصص» أو «مكنز أماكن مصر» و«مكنز خرائط التراث»، فيعلق الغزالى موضحا: «استلهمت هذا المسمى من العلامة والدكتور مصطفى جاد الذى قدم مجلدات «مكنز الفلكلور». فاللفظة تعنى مجمعا لعناصر بينها تشابه، وكأنها موضع وجامع لكنوز ذات قيمة، ولذلك جاءت تقسميات الأطلس تحمل هذا العنوان».
ويوضح الغزالى أن رحلاته وعمله لم ينته، فهو يعمل على تطوير وزيادة الحرف المدرجة فى «الأطلس»، وكأن 13 عاما من الجولات والبحث لم تكف. ويضيف قائلا: «هذه الجولات حققت لى إنجازا آخر وهى التواصل مع حرفيى مصر حتى فى أبعد المحافظات الحدودية والنائية. ونجحت فى المشاركة فى تنظيم العديد من أهم وأكبر الفاعليات والمعارض التى جمعت هؤلاء الحرفيين. لكن هذه الجهود انتهت بدرس أساسى وهى أن الثراء الحرفى فى مصر يحتاج هيئة موحدة مثل مجلس يتسم عمله بالاستمرارية ويهتم بشئون وحقوق الحرفيين ويصون فنون حرفهم وإحياء ما اندثر منها. وأتمنى أن تشهد مصر قيام هذا المجلس قريبا ليوحد تحت مظلته جهات عديدة معنية. كما أتمنى أن تكون من مهام هذا المجلس إعادة الاعتبار اللائق للقب «حرفي» والتى ينظر لها الأغلبية بنظرة متدنية».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد أبحاث 13 عاما.. الغزالى.. ابن «قنا» يطلق «أطلس الحرف اليدوية»
بعد أبحاث 13 عاما.. الغزالى.. ابن «قنا» يطلق «أطلس الحرف اليدوية»

بوابة الأهرام

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • بوابة الأهرام

بعد أبحاث 13 عاما.. الغزالى.. ابن «قنا» يطلق «أطلس الحرف اليدوية»

قبل خمسة أعوام، تابعت «الأهرام» جهود الباحث البيئى والتراثى أسامة الغزالى فى اقتفاء أثر الحرف اليدوية المصرية من أجل مشروعه الأكبر الذى بدأه عام 2012 لوضع «أطلس» جغرافى متكامل لمواقع تمركز هذه الحرف سواء زالت أو كانت على وشك الزوال أو تقاوم دون الاندثار. واليوم أطلق الغزالى النسخة الرقمية للأطلس المنتظر متيحًا الاطلاع عليه لكل مهتم. احتفت «الأهرام» بإنجازه قبل سؤاله عن نتائج بحث وجولات استمرت 13 عاما من أجل الحرف اليدوية، فيجيب الغزالى، ابن مدينة نقادة القناوية: «أنفقت هذه الأعوام فى جولات متأنية ومتكررة لمئات القرى المصرية، تخللتها لقاءات مطولة مع عدد كبير من حرفيى مصر. فأنتهيت بتصور متكامل للتوزيع الجغرافى للعديد من الحرف اليدوية الأصيلة، وثانيا، فزت بإنشاء قاعدة بيانات متنامية لحرفيين معروفين ومجهولين يجمعهم حب الحرفة». وبسؤاله عما ورد فى «الأطلس» من تقسيم الحرف إلى فئات رئيسية وفرعية، يوضح الغزالى: «هناك حرف رئيسية مثل النجارة، لكن تنبثق منه حرف فرعية شتى مثل خراطة الخشب وتطعيم الخشب بالنحاس أو العظم أو غير ذلك.كلها تفريعات تندرج تحت عنوان رئيسى هى حرف الخشب. هذه التفريعات تكشف ثراء وتفرع خريطة الحرف المصرية.. فهذا التاريخ الطويل نتج عنه تخصصات ومهارات بالغة الدقة ولا تقدر بثمن». ثم كان السؤال عن إدراجه «صناعة الطائرات الورقية» كحرفة ضمن «الأطلس»، فيؤكد الغزالى: «بالطبع صناعة الطائرة الورقية تعد حرفة، فالحرف ليست تجارية فقط، فهناك الحرف الثقافية والاجتماعية التى ترتبط بممارسات يومية لا يشترط أن تعود بالعائد المادى. فالطائرات الورقية لها أكثر من طريقة لصناعتها سواء بالعجين أو الورق أو غير ذلك. كما أن البعض، وتحديدا فى الموالد، يقومون ببيع الطائرات الورقية للصغار، وهنا ينطبق عليها شرط الحرفة التجارية». ويلاحظ ضمن تفريعات «الأطلس» الذى طال انتظاره، ما يسمى بـ «مكنز القصص» أو «مكنز أماكن مصر» و«مكنز خرائط التراث»، فيعلق الغزالى موضحا: «استلهمت هذا المسمى من العلامة والدكتور مصطفى جاد الذى قدم مجلدات «مكنز الفلكلور». فاللفظة تعنى مجمعا لعناصر بينها تشابه، وكأنها موضع وجامع لكنوز ذات قيمة، ولذلك جاءت تقسميات الأطلس تحمل هذا العنوان». ويوضح الغزالى أن رحلاته وعمله لم ينته، فهو يعمل على تطوير وزيادة الحرف المدرجة فى «الأطلس»، وكأن 13 عاما من الجولات والبحث لم تكف. ويضيف قائلا: «هذه الجولات حققت لى إنجازا آخر وهى التواصل مع حرفيى مصر حتى فى أبعد المحافظات الحدودية والنائية. ونجحت فى المشاركة فى تنظيم العديد من أهم وأكبر الفاعليات والمعارض التى جمعت هؤلاء الحرفيين. لكن هذه الجهود انتهت بدرس أساسى وهى أن الثراء الحرفى فى مصر يحتاج هيئة موحدة مثل مجلس يتسم عمله بالاستمرارية ويهتم بشئون وحقوق الحرفيين ويصون فنون حرفهم وإحياء ما اندثر منها. وأتمنى أن تشهد مصر قيام هذا المجلس قريبا ليوحد تحت مظلته جهات عديدة معنية. كما أتمنى أن تكون من مهام هذا المجلس إعادة الاعتبار اللائق للقب «حرفي» والتى ينظر لها الأغلبية بنظرة متدنية».

عن العلم والطالب والأستاذ
عن العلم والطالب والأستاذ

مصرس

time٠٢-٠٣-٢٠٢٥

  • مصرس

عن العلم والطالب والأستاذ

«وينبغى أن لا تحكم على علم بالفساد؛ لوقوع الاختلاف بين أصحابه فيه، ولا بخطأ واحد أو آحاد فيه، ولا بمخالفتهم موجب العلم بالعمل» . أقوم منذ أعوام بدراسة بحثية عن أبى حامد الغزالى (1058-1111) بحكم تخصصى العلمى فى علم اللغة الاجتماعي. وفى دراستى أتطرق لعلاقة اللغة بالمجتمع عند علماء الصوفية وإلى استعمالهم الفريد للغة وإلى أهم أفكارهم. وجدتنى ونحن قد بدأنا الفصل الدراسى الثانى أتوقف عند نصائح الغزالى وكلامه عن العلم فى كتابه إحياء علوم الدين وكتابه ميزان العمل. وجدت أن الغزالى يتحدث كأنه يعيش معنا ويعرف مشاكلنا نحن كطلاب وأساتذة. فشعرت بأن هناك واجبا عليَّ لأشرح كلامه للقارئ من خلال مقالين ولو بتلخيص.وعن أهمية التعلم بشكل عام يتكلم الغزالى فيقول:«فإن الذى أنزل الداء أنزل الدواء وأرشد إلى استعماله وأعد الأسباب لتعاطيه. فلا يجوز التعرض للهلاك بإهماله».فالعقل هو النور الذى أعطاه الله للإنسان ليدرك به. وبالعقل جعله فى مرتبة مختلفة عن جميع المخلوقات.بالعقل يستعد الإنسان لإدراك الأشياء ودون إدراك كيف له أن يميز الخبيث من الطيب؟يوضح الغزالى أن العقل ينمو ويتطور مع الإنسان منذ ولادته إلى أن يصبح طفلا يميز بين بعض الأشياء وليس كلها. ثم يتم البلوغ فيدرك عواقب الأمور أكثر ويستطيع مثلا تحمل الصيام أو قمع رغباته. ويكتمل عقله فيدرك أشياء أكثر ولكن تثقله التجارب والقراءة فيزداد إدراكه.والناس تتفاوت فى قدرتها على الإدراك وقدرتها على قمع الشهوات أيضا.ولكن الغزالى يقول «وكذلك يكون العالم أقدر على ترك المعاصى من الجاهل لقوة علمه بضرر المعاصى وأعنى به العالم الحقيقى دون أرباب الطيالسة وأصحاب الهذيان».وعن العلم يتكلم الغزالى عن الطالب والأستاذ كأنه يعيش معنا فى عصرنا. كان هو طالبا وكان أستاذا فيعطى النصيحة للاثنين. وليتنا نطبق كلامه فى عصرنا هذا فى التعلم والتعليم.ما شروط تحصيل العلم؟للوصول إلى العلم شروط يجب تحصيلها. ربما شروط الغزالى تساعدنا فى حياتنا اليومية وفى القراءة وفى الفهم وفى التعامل مع المعلومة والنصيحة. هى شروط تنطبق على كل الأزمنة والأماكن. وتغربل كل النمطية والتقليد الذى يحيط بنا.شروط التعلم الصحيحةطهارة القلب:يشترط الغزالى فى تحصيل العلم صفاء القلب من الأخلاق الرديئة مثل الحسد والطمع والغضب والحقد وعدم الأمانة. ولكن يمكن لأحد أن يناقض هذا ويقول هناك علماء لا ضمير لهم فى وقتنا الحالى وناجحون ولهم أتباع فما قولك فى هذا؟ يجيب الغزالى إن هذا ممكن ويكون علمه ظاهرا فقط لا أصل له فى قلبه.لأن العلم يحتم عليك معرفة ما يفيدك لآخرتك ودنياك وسوء الأخلاق لا يفيدك لذا استشهد الغزالى بالحديث «ومن ازداد علما، ولم يزدد هدى، لم يزدد من الله إلا بعدا»الإخلاص:ليس مفاجأة أن تكون آخر وصية للغزالى لطلابه «عليكم بالإخلاص».وقد أخلص هو نفسه وعمل بما علم لذا نستطيع أن نفهم منه ونصدقه لأنه لم يخبرنا بأشياء عجز هو عنها. فلابد للعالم أن يركز فى علمه ولا ينشغل بتفاصيل تافهة حوله. يقول الغزالي: «وكلما توزعت الفكرة، قصرت عن درك الحقائق؛ ولهذا قيل: «العلم لا يعطيك بعضه، حتى تعطيه كلك».عدم التكبر :يستشهد الغزالى بقصة الخضر وموسى. فيحث طالبه على الصبر على المعرفة. لأن المعرفة لا تأتى مرة واحدة، ولكن بالتدريج. ولو كان الطالب متواضعا سهل عليه أن يمتص العلم من حوله.التدرج فى العلم:كما ننصح نحن طلابنا بأن يقرأوا بالتدريج ينصح الغزالى طالبه بهذا. فيطلب منه أولا أن يضع الأسس ثم يقرأ عن الاختلافات والفرق المتفرقة. التدرج فى العلم مهم فى كل العلوم. بل مستحب ممن حصل العلم بعد أن تأسس فيه أن يستمع إلى الاختلافات ويحاول فهمها وحلها.عدم تحقير أى علمهذا الشرط مهم جدا فى عصرنا الحالى وهو أن ندرك أن كل العلوم مهمة وكل العلوم مرتبطة بعضها ببعض. كما أن كل الأعمال مهمة ومرتبطة وكل العالم مرتبط. فلا نحقر علما لأننا لا نعرفه مثلا أو نظن أن تخصصنا أهم. فلا يحقر المهندس المعلم ولا يحقر المعلم الطبيب. فبالنسبة للغزالى كل علم يساعد على فهم العلم الآخر لذا هو يشجع الطالب على تحصيل أكثر من علم فى أكثر من تخصص. بل وينهى طالبه عن تحقير أو تسفيه أى علم. ويقول جملته الحقيقية المهمة وهى «الناس أعداء ما جهلوا».ويطلب منا الاطلاع على أكبر قدر من العلوم فيقول «فإن العلوم كلها متعاونة مترابطة بعضها ببعض، ويستفيد منه فى الحال، حتى لا يكون معاديا لذلك العلم بسبب جهله به؛ فإن الناس أعداء ما جهلوا، قال تعالى وَإِذ لَم يَهتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفكٌ قَدِيمٌ.غاية المتعلملابد للطالب أن يكون هدفه من العلم المعرفة والكمال والفضيلة، وليس المال والجاه والمنصب والمباهاة بين الأقران ومجادلة العلماء. وليستعمل علمه فى التقرب من الله. وليتذكر الطالب أن الله يرفعه بقدر نيته وعلمه فى الدنيا والآخرة. قال تعالى «يَرفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُواْ العِلمَ دَرَجَات»«ومن قصد التقرب إلى الله بالعلوم، نفعه الله ورفعه لا محالة».كيف تحكم على علم؟ يضع لنا الغزالى منهجية بحث كأفضل علماء العالم:فبعد أن نهانا عن الحكم على علم ونحن لا نتقنه وبعد أن طلب منا أن نحصل أكثر من علم مثلا علم النحو والشعر والفقه معا أو الطب والحساب والبلاغة إلى آخره. بعد هذا يوضح لنا كيفية القراءة فيقول إنك ربما تبدأ فى تعلم علم فتجد فيه اختلافا. مثلا لو قرأت كتابا عن علم النفس فى عصرنا هذا فربما تجد أكثر من نظرية وتجد أن العلماء لا يتفقون على نتيجة واحدة. فهل هذا يعنى أن هذا العلم غير مجدٍ؟ لا بل لابد أن تدرك أن الاختلاف لا يقلل من شأن العلم وأن العلوم أنواع. يقول الغزالي:«وينبغى أن لا تحكم على علم بالفساد؛ لوقوع الاختلاف بين أصحابه فيه، ولا بخطأ واحد أو آحاد فيه، ولا بمخالفتهم موجب العلم بالعمل».البحث عن الحقيقةثم يوضح لنا الغزالى ربما أهم حقيقة عن العلم وهى أن كون كتاب أو عالم قد نطق مرة أو مرات بالخطأ فهذا لا يعنى أن كل كلامه خطأ وكونه نطق مرة بصواب فهذا لا يعنى أن كل كلامه صواب. وقد تكلم الغزالى عن هذا فى إطار كلامه عن الفلسفة والمعتزلة. فقال بوضوح إن كلامهم به الصحيح والخطأ. وأول شيء لابد لطالب العلم أن يفهمه هو أن واجبه البحث عن الصواب بين كل الكلمات ولا يتخذ موقفا معاديا لأحد من كلام قاله خطأ أو كتاب كتبه به خطأ. بل فى المنقذ من الضلال يوضح الغزالى أن الراسخين فى العلم يبحثون فى كل العلوم وأن بحثه فى الفلسفة له سبب لأنه يستطيع أن يفرز الصواب والخطأ. فلو مثلا كنت تكره أحد العلماء فهذا لا يعنى أن كل ما يقوله خطأ ولو كنت تكره علما فهذا أيضا لا يعنى أن كل ما فيه خطأ. فلابد أن تعرف «الشيء فى نفسه». يقول: «فلا كل علم يستقل به كل شخص». لأن الإنسان وارد أن يخطئ ولا يوجد إنسان استقل وأتقن أى علم اتقانا كاملا. ثم يعطينا أهم نصيحة التى رددها فى الكثير من كتبه عن على بن أبى طالب «لا تعرف الحق بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله».والشهر القادم نتكلم عن نصائح الغزالى للمعلم .

العقل
العقل

مصرس

time٠٩-٠١-٢٠٢٥

  • مصرس

العقل

يظل العقل «المرشد الذاتي» و«قاطرة التغيير» التى تقود الإنسان نحو «النهضة المستدامة». فمنذ خلق الإنسان، كان العقل «نواة الإدراك» و«محور الإبداع»، حيث ساعده على تجاوز حدود الجسد والقدرات الحسية ليصبح رائدًا فى علوم الفضاء. ولم لا؟ والدماغ البشري، بتكوينه المعقد الذى يحتوى على أكثر من 86 مليار خلية عصبية، يتيح «توسيع آفاق الفهم» و«الابتكار المستمر»، ويُعد هذا من «أوجه الإعجاز العلمي» للعقل. وبفضل «المنهجية العلمية» الدقيقة والتفكير النقدي، تمكن العلماء من اكتشاف «الثقوب السوداء»، وهى من الظواهر الكونية التى كانت محط تساؤل لعقود، حتى عام 2019م حين أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية وناسا عن أول صورة حقيقية لثقب أسود، وهو «إنجاز علمى ضخم» كشف عن قدرة العقل البشرى على تجاوز حدود المعرفة. وقد أرسى الإسلام مفهوم «العقلانية التأملية»، واعتبر العقل «عماد الاستخلاف» و«أداة لفهم السنن الكونية». ففى القرآن الكريم، نجد دعوة للتفكر: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِى الْآفَاقِ وَفِى أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ» «فصلت: 53»، وهذه دعوة لتحفيز «الطاقة الفكرية» لفهم الكون.قدمت الحضارة الإسلامية نموذجًا متكاملاً فى التفاعل الثقافى الخلّاق، حيث جمعت بين النقل والعقل من خلال المنهجية التجريبية والبحث الاجتهادي. ومن أبرز هؤلاء العلماء ابن سينا، الذى يُعرف بلقب «الشيخ الرئيس» وصاحب كتاب القانون فى الطب، وابن الهيثم، مؤسس علم البصريات الحديثة وكتابه «المناظر» الذى أثر فى تطور العلوم البصرية. كما كان الإمام الغزالى نموذجًا للفكر الإسلامى الذى يوازن بين العقل والنقل ، مؤكدًا أن العقل ليس خصمًا للوحي، بل أداة لفهمه واستيعاب حقائقه. وفى كتابه إحياء علوم الدين، يُبرز الغزالى هذا التكامل قائلًا:«اِعْلم أن العقل شرط فى معرفة الشرع، فبه يُعرف صدق النبى بالمعجزة، فالعقل كالبصر السليم، والشرع كالشعاع المنير، فالبصر مع فقد الشعاع ظلام، والشعاع مع فقد البصر عَمى. «بهذا التشبيه البليغ، وضع الغزالى العقل كركيزة لفهم الوحى وهداية الإنسان، وحيثما نجد فى العصر الحديث أن تعطيل «القدرة العقلية» يؤدى إلى «الجمود الفكري» و»الانغلاق»، بينما يؤدى تعزيز التفكير العقلانى إلى «التناغم الاجتماعي» و»التعايش الحضاري». وختامًا :العقل هو «بوصلة الإنسانية» التى توجهها نحو المستقبل، فالأمة التى تُقدّر العقل وتستثمر فى «الابتكار المستدام» و»البحث التطبيقي» هى أمة قادرة على خلق نهضة علمية وحضارية شاملة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store