
ترامب والنووي الإيراني.. كبح الطموحات وتوسيع التحالفات
وفيما تعلن الإدارة الأميركية أن أجندة الجولة تركز على تعزيز الاستثمارات والتعاون الأمني ومناقشة الملفات الإقليمية، تبرز في خلفية المشهد تطورات لافتة ترتبط بالملف النووي الإيراني والمفاوضات الجارية حوله، وكذلك الطموحات السعودية المتزايدة في مجال الطاقة النووية السلمية.
التحركات الأميركية تأتي في ظل تراجع واضح في قوة النفوذ الإيراني على الأرض، ما فتح الباب أمام واشنطن لتكثيف ضغوطها على طهران في سياق تفاوضي جديد يهدف إلى ضبط البرنامج النووي الإيراني من جهة، وإعادة بناء شراكات استراتيجية مستدامة في المنطقة، خصوصا مع المملكة العربية السعودية.
بحسب تصريحات الباحث في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" حسين عبد الحسين، إلى سكاي نيوز عربية فإن أحد أبرز المتغيرات التي فرضت تحولا في الموقف الإيراني التفاوضي هو "ضعف الوكلاء".
فإيران، التي كانت في السابق تشترط رفع العقوبات الأميركية قبل العودة إلى أي مفاوضات، باتت اليوم في موقع أضعف يدفعها إلى التنازل عن كثير من شروطها السابقة.
هذه المقاربة تشير بوضوح إلى تراجع هامش المناورة لدى طهران، التي باتت تتعاطى مع الملف النووي من موقع دفاعي، مدفوعة بتغيرات داخلية وإقليمية، وبانكشاف محدودية أذرعها في المنطقة.
ويرى عبد الحسين أن الولايات المتحدة تدفع حاليا باتجاه صيغة جديدة للاتفاق النووي مع إيران ، قائمة على شرط أساسي يتمثل في "تخلي إيران عن تخصيب اليورانيوم من المنجم إلى الطرد المركزي".
ويوضح عبد الحسين أنه: "إذا تخلت إيران عن التخصيب الكامل وأبقت برنامجها النووي في مسار سلمي، سواء عبر مفاعل بوشهر أو استيراد اليورانيوم المخصب، يصبح الاتفاق ممكنا".
بهذا المعنى، لا تعود واشنطن تطالب فقط بتجميد تخصيب اليورانيوم، بل بإعادة هندسة البرنامج النووي الإيراني بحيث يتحول إلى نشاط نووي سلمي خاضع للرقابة، دون وجود أي بنية تحتية تسمح بإنتاج الوقود النووي داخليا.
في موازاة التركيز الأميركي على ضبط البرنامج الإيراني، تبرز الطموحات السعودية في مجال الطاقة النووية السلمية كأحد المحاور الأساسية للجولة الرئاسية.
ويؤكد عضو مجلس الشورى السعودي السابق وأستاذ العلوم السياسية، إبراهيم النحاس، في تصريحاته لسكاي نيوز عربية، أن هذا المسار لا يرتبط فقط بالمشهد الإقليمي أو بالتطورات الإيرانية، بل ينبع من حاجات داخلية استراتيجية عميقة.
وحول ذلك يقول النحاس: "الطموحات السعودية كبيرة، ومنها أن يكون لدى المملكة مفاعلات نووية للأغراض السلمية، خاصة أن استهلاك الطاقة التقليدية في المملكة كبير جدا، وقد يتجاوز الثلث، وهذا مكلف جدا".
ويرى أن هذا التوجه ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى أكثر من خمسة عشر عاما، حين أُنشئت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية، والتي تمثل حجر الأساس في بناء قدرات نووية سلمية وطنية، تستند إلى كوادر بشرية سعودية مؤهلة قادرة على قيادة المشروع وتطويره.
وفي هذا السياق، يشدد النحاس على أن السعودية ماضية في هذا الطريق، سواء تلقت الدعم الأميركي أم لا، مشيرا إلى أن: " الولايات المتحدة إن لم ترغب في التعاون، فهناك دول أخرى مثل الصين وروسيا وكوريا الجنوبية واليابان تملك تقنيات متقدمة، ولا أعتقد أن لديها ما يمنع من التعاون مع المملكة في هذا المجال، خاصة أن الحديث يدور عن طاقة نووية لأغراض سلمية".
التقاطع بين التصور الأميركي تجاه إيران، والرغبة السعودية في الحصول على برنامج نووي، يطرح تساؤلا مركزيا: هل تعتمد واشنطن نفس المعايير في تعاطيها مع الطرفين؟
عبد الحسين يطرح المسألة بوضوح، مؤكدا أن واشنطن لن تسمح لأي طرف بتخصيب اليورانيوم داخل أراضيه.
وبذلك، تبدو الاستراتيجية الأميركية مبنية على ضبط شامل للقدرات النووية في الشرق الأوسط، ومنع انتشار التكنولوجيا الحساسة، حتى في حال الاستخدام السلمي. وهذا ما يجعل أي اتفاق مستقبلي مع إيران معيارا يُطبق على الشركاء أيضا.
غير أن النحاس يقدم مقاربة أكثر مرونة، موضحا أن حصول السعودية على برنامج نووي سلمي لا يعني بالضرورة المطالبة بالتخصيب المحلي. بل إن المملكة، بحسب قوله، مستعدة للتعاون مع الجهات القادرة على تقديم الدعم التكنولوجي المناسب، من دون تجاوز المعايير الدولية.
ويبيّن النحاس: "إن طالبت المملكة وذهبت في مثل هذه الاتجاهات، فأعتقد أنها إيجابية. والولايات المتحدة جاهزة للمساهمة إذا رغبت المملكة. وإذا لم تتعاون أميركا، فهناك بدائل".
لكن النحاس يضيف أن الإعلان عن اتفاق نووي سعودي – أميركي ليس وشيكا، قائلا: "لا أعتقد أنه سيتم الإعلان عن شيء خلال هذه الزيارة. هذا الملف يتطلب عملا كبيرا جدا، ولم نسمع بعد عن مفاوضات حقيقية بين الدولتين في هذا الشأن".
زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط لا تنفصل عن سعيه لإظهار قدرة إدارته على بناء تحالفات قوية ومربحة، سواء في المجال الأمني أو الاقتصادي. وبحسب البيت الأبيض، فإن الجولة تهدف إلى توقيع "اتفاقيات نوعية" تؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية مع دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية.
إلا أنه في خلفية هذه التحركات، يظل الملف النووي – بإشكالاته وتشعباته – العنصر الأثقل في ميزان العلاقات الأميركية الشرق أوسطية.
فالرئيس الأميركي يدرك أن أي تقدم في هذا الملف يمكن أن يتحول إلى إنجاز سياسي كبير، داخليا وخارجيا، في وقت تتزايد فيه الضغوط على إدارته لبلورة استراتيجية واضحة تجاه إيران.
من جهة أخرى، تمثل الطموحات السعودية في مجال الطاقة النووية اختبارا إضافيا لمصداقية السياسة الأميركية في دعم حلفائها، مع الحفاظ على معايير عدم الانتشار.
وإذا نجحت واشنطن في صياغة اتفاق متوازن يضمن الاستخدام السلمي للطاقة دون التخصيب، فقد تؤسس بذلك لنموذج يُحتذى به في المنطقة.
زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط تحمل أبعادا تتجاوز الشعارات التقليدية حول التعاون والاستثمار. فالملف النووي الإيراني، والتطلعات السعودية في مجال الطاقة الذرية، يشكلان جوهر التفاعلات الحقيقية التي تدور خلف الكواليس.
تصريحات عبد الحسين كشفت عن ضعف غير مسبوق في الموقف الإيراني، يقابله تصميم أميركي على فرض قواعد جديدة للعبة النووية في المنطقة.
وفي المقابل، أوضح النحاس أن السعودية تتحرك بخطى استراتيجية مدروسة لبناء برنامج نووي سلمي يخدم أهدافها التنموية ويعزز من استقلالها في مجال الطاقة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يتضح أن مستقبل المنطقة النووي يُرسم الآن بين العواصم الثلاث: واشنطن، طهران، والرياض. وأن ما سيتقرر في هذه المرحلة قد يشكل قاعدة لتوازنات جديدة، حيث تُضبط الطموحات بقواعد دقيقة، وتُبنى التحالفات على أساس المصالح المتبادلة لا الشعارات الفضفاضة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 43 دقائق
- سكاي نيوز عربية
نتنياهو يعلن اختيار خليفة رونين بار على رأس الشاباك
وكان رئيس الجهاز السابق رونين بار قد أعلن استقالته في أبريل، قائلا إنه سيتنحى عن منصبه في 15 يونيو، بعد ستة أسابيع من محاولة نتنياهو إقالته. ويأتي الإعلان بعد 24 ساعة من منع غالي بهاراف ميارا، المدعية العامة في إسرائيل ، بنيامين نتنياهو، من تعيين رئيس جديد لجهاز الأمن العام. واعتبرت المحكمة العليا في إسرائيل، الأربعاء، أن إقالة حكومة نتنياهو لبار، كان قرارا "مخالفا للقانون". وأوردت المحكمة في قرارها بشأن طعون قدمت إليها في هذه القضية، أن "قرار الحكومة بوضع حد لولاية رئيس الشاباك اتخذ بناء على إجراء غير ملائم ومخالف للقانون". وأكدت المحكمة أن إعلانها "ينهي الإجراء"، في إشارة إلى استقالة بار. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد قررت إقالة رونين بار بناء على اقتراح من نتنياهو برره "بانعدام الثقة الشخصية والمهنية" بينهما، ما يمنع "الحكومة ورئيس الوزراء من ممارسة مهامهما بصورة فعالة".


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
إدارة ترامب تمنع هارفرد من تسجيل الطلاب الأجانب
«الخليج»: وكالات أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخميس، أنها أبطلت حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب في خضم نزاع متفاقم بين سيّد البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق. وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم إلى رابطة «آيفي ليغ» التي تضم ثماني من أشهر جامعات البلاد: «بمفعول فوري، تم إبطال الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب بجامعة هارفرد»، في إشارة إلى النظام الرئيسي الذي يُسمح بموجبه للطلاب الأجانب بالدراسة في الولايات المتحدة. والشهر الماضي، جمدت إدارة ترامب معونات لجامعة هارفرد بقيمة 2.2 مليار دولار بسبب رفض الجامعة الأمريكية التي تعد من الأعرق في العالم، الإذعان لمطالب البيت الأبيض. على غرار جامعات أمريكية أخرى شهدت هارفرد احتجاجات طلابية على الحرب في قطاع غزة وهي في مرمى نيران البيت الأبيض منذ عودة ترامب إلى الرئاسة. وكانت الحكومة الأمريكية أعلنت نهاية مارس أنها تنوي حرمان جامعة هارفرد من إعانات فيدرالية بنحو تسعة مليارات دولار في ختام عملية «مراجعة كاملة» متهمة إياها بالسماح بانتشار «معاداة السامية» في حرمها. في مطلع أبريل/ نيسان الماضي، نقلت إدارة ترامب عدة مطالب إلى إدارة الجامعة ولا سيما وقف السياسات الهادفة إلى دعم التنوع وتغيير برامج «تغذي المضايقات المعادية السامية». وتمثل الإعانات الفيدرالية 11% من عائدات هارفرد من أصل ميزانية سنوية قدرها 6.4 مليار دولار وفق بيانات نشرتها الجامعة الخاصة ومقرها في كامبريدج قرب بوسطن في شمال شرق الولايات المتحدة.


صحيفة الخليج
منذ 3 ساعات
- صحيفة الخليج
من هو إلياس رودريغيز منفذ هجوم واشنطن؟
متابعات – «الخليج» شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن هجوماً دامياً، قُتل فيه اثنان من موظفي السفارة الإسرائيلية أمام متحف اليهود الوطني، على يد الباحث الأمريكي إلياس رودريغيز، البالغ من العمر 30 عاماً، بحسب موقع usatoday. وفتح الهجوم الذي تخللته هتافات مؤيدة لفلسطين، الباب أمام تساؤلات حادة حول دوافع المهاجم، بين ما إذا كانت سياسية الطابع أم نتاج تصرف فردي متطرف. ومع استمرار التحقيقات من قبل السلطات الفيدرالية، تتفاعل الأوساط الأمريكية مع الحادثة بقلق بالغ، وسط إدانات واهتمام متزايد بخلفية منفّذ الهجوم الذي كان حتى وقت قريب يشغل منصباً إدارياً في مؤسسة طبية محترمة. باحث أمريكي يتحول إلى منفذ هجوم دموي أمام المتحف اليهودي في واشنطن بحسب رئيسة شرطة العاصمة باميلا سميث، فإن المشتبه به، إلياس رودريغيز، البالغ من العمر 30 عاماً ومن سكان شيكاغو، فتح النار على رجل وامرأة كانا يغادران فعالية بالمتحف. الضحيتان هما يارون ليشينسكي وسارة لين ميلغريم، وقد وصفهما السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة بأنهما «زوجان شابان كانا على وشك الخطوبة». المفاجئ أن رودريغيز كان يعمل في منصب إداري متخصص في جمعية أمريكية طبية، وله خلفية أكاديمية وثقافية، حيث درس الأدب الإنجليزي، وعمل سابقاً كباحث في التاريخ الشفهي لدى مؤسسة توثق تاريخ الأمريكيين من أصول إفريقية. ولم يكن له سجل جنائي سابق. بعد ارتكاب الجريمة، دخل رودريغيز المتحف، حيث تم احتجازه من قبل الأمن، وظهر في تسجيلات مصورة وهو يردد: «حرروا فلسطين» عدة مرات أثناء اقتياده من الموقع. وقالت السلطات إنه أقرّ ضمنياً بارتكاب الجريمة، كما أرشد المحققين إلى موقع السلاح الذي استخدمه. الحادث وقع في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة توتراً متزايداً بشأن الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، وقد اعتبر كثيرون أن هتافات رودريغيز تعكس دوافع سياسية محتملة وراء الهجوم. السلطات تحقق في دوافع الهجوم.. هل كانت خلفيته سياسية أم عملاً فردياً؟ نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، دون بونجينو، صرّح بأن المؤشرات الأولية تشير إلى أن الهجوم كان «عمل عنف مستهدف». كما يخضع رودريغيز حالياً للاستجواب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي وشرطة العاصمة ضمن إطار تحقيق مشترك. التحقيق يركّز على ما إذا كان رودريغيز مرتبطاً بجماعات متطرفة أو تأثر بخطابات تحريضية على خلفية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أُفيد عن العثور على بيان نُسب إليه بعنوان «تصعيد من أجل غزة، جلب الحرب إلى الوطن»، ما زاد من شكوك السلطات حول وجود خلفية أيديولوجية وراء الهجوم. الحادثة أثارت ردود فعل دولية واسعة، وإدانات من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فيما اعتُبرت من قبل البعض «هجوماً معادياً للسامية»، وسط دعوات لإعادة تقييم الخطاب السياسي وتأثيره على الأمن الداخلي في الولايات المتحدة. التحقيقات لا تزال جارية، بينما يبقى إلياس رودريغيز قيد الاحتجاز دون توجيه اتهامات رسمية حتى اللحظة.