logo
اجتماع مرتقب لقادة عسكريين في حلف الناتو لبحث أزمة أوكرانيا

اجتماع مرتقب لقادة عسكريين في حلف الناتو لبحث أزمة أوكرانيا

قال مسؤولون من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، الثلاثاء، إن من المتوقع أن يجتمع قادة عسكريون في الحلف، الأربعاء، لبحث الوضع في أوكرانيا، في وقت تعمل فيه واشنطن ودول أوروبية على وضع تفاصيل الضمانات الأمنية المحتملة لكييف.
وفي ذات السياق قال البيت الأبيض، الثلاثاء، إن واشنطن بإمكانها المساعدة في تنسيق الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وإن الرئيس دونالد ترمب وجّه فريقه للأمن القومي للتعاون مع أوروبا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على بدء المرحلة التالية من عملية السلام في أوكرانيا.
وأضافت ليفيت خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أنه "عقب المحادثات المشجعة (الاثنين)، تحدَّث الرئيس دونالد ترمب هاتفياً مع بوتين الذي وافق على بدء المرحلة التالية من عملية السلام"، موضحة أنها تتمثل في "عقد اجتماع بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يتبعه عند الضرورة اجتماع ثلاثي بين بوتين وزيلينسكي وترمب".
وتابعت: "الرئيس ترمب أعلن بشكل نهائي أن القوات الأميركية لن تكون على الأرض في أوكرانيا، لكن يمكننا بالتأكيد المساعدة في التنسيق وربما تقديم وسائل أخرى من الضمانات الأمنية لحلفائنا الأوروبيين"، مشيرة إلى أن "الحماية الأميركية الجوية كضمانة أمنية في أوكرانيا خيار وارد".
اللجنة العسكرية في حلف شمال الأطلسي
وأبدت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون ترحيبهم بتعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتقديم ضمانات أمنية، خلال القمة التي عُقدت الاثنين، في إطار الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب، ومع ذلك، لا تزال العديد من الأسئلة الجوهرية من دون إجابات واضحة.
وسيُطلع الجنرال في القوات الجوية الأمريكية أليكسوس جرينكويتش، والذي يشرف أيضاً على جميع عمليات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أوروبا، كبار مسؤولي الدفاع على نتائج اجتماع ألاسكا الذي جرى بين ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، وفق "رويترز".
وقال رئيس اللجنة العسكرية في حلف شمال الأطلسي الأدميرال جوزيبي كافو دراجون، إن مؤتمراً عبر الفيديو سيُعقد الأربعاء.
وكتب دراجون على منصة "إكس": "مع تقدم الجهود الدبلوماسية لإحلال السلام في أوكرانيا، أتطلع إلى إطلاع جرينكويتش على مستجدات الوضع الأمني الحالي".
وأشار المسؤولون إلى أن الاجتماع يُعقد في ظل ظروف استثنائية، وتوقعوا مناقشة أمور مثل الضمانات الأمنية، وقال مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين من المتوقع أن يحضر الاجتماع، لكن الخطط قد تتغير.
الضمانات الأميركية
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن بلاده تعمل مع الولايات المتحدة، و"تحالف الراغبين" على تحديد هيكل الضمانات الأمنية، مؤكداً أن أوكرانيا على ثقة بأن السلام يمكن أن يكون موثوقاً ودائماً، وأن الضمانات الأمنية تمثل المفتاح لتحقيق ذلك.
وأضاف زيلينسكي في منشور على منصة "إكس"، بعد اتصال مع رئيس الوزراء النرويجي يوناس جار ستوره، أن العمل يجري حالياً على جميع المستويات لوضع تفاصيل الضمانات الأمنية، مؤكداً أنها ستضمن مستقبل الشعب الأوكراني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جار إيران المفاجئ الجديد
جار إيران المفاجئ الجديد

الشرق الأوسط

timeمنذ 39 دقائق

  • الشرق الأوسط

جار إيران المفاجئ الجديد

في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفي الوقت الذي تنعقد اللجنة المسؤولة عن اختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام لهذا العام، من المتوقع أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترمب في منطقة ما وراء القوقاز، لافتتاح أعمال إنشاء خط سكة حديد بطول 166 كيلومتراً في أحد أكثر التضاريس وعورةً في العالم. وأُطلق على الخط المزمع إنشاؤه بالفعل اسم «ممر ترمب نحو السلام والازدهار»، لأنه يُنهي أكثر من 200 عام من الحروب المتقطعة بين الأتراك؛ في البداية في صورة العثمانيين، والأرمن عندما كانوا خاضعين للقيصر الروسي، ولاحقاً للاتحاد السوفياتي. وقد أدّى تفكك الإمبراطورية السوفياتية في التسعينات، إلى ظهور دولة أرمينية حبيسة إلى جوار ما سُمّيت جمهورية أذربيجان، مع استمرار الصراع. ومع زوال الهيمنة السوفياتية، اندلعت حرب بين الجمهوريتين الفقيرتين استمرت لأكثر من عقد، وأدت إلى تهجير أكثر من 300 ألف شخص من قراهم التاريخية. كما ساندت تركيا أذربيجان التي تتقارب معها في اللغة، بينما وقفت إيران إلى جانب أرمينيا، لوقف التمدد التركي نحو حوض بحر قزوين. أما روسيا، فتبنّت سياسة الموازنة، إذ كانت بحاجة لعلاقات وثيقة مع أذربيجان من أجل صياغة اتفاقية قانونية جديدة بشأن بحر قزوين، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بممر نحو إيران عبر الحدود الأرمينية. جدير بالذكر أن إيران تمتلك حدوداً طولها 688 كيلومتراً مع أذربيجان، تقطعها حدود أرمينيا القصيرة الممتدة لـ44 كيلومتراً مع إيران. وكان من المفترض أن يكون ذلك الشريط الضيق نقطة الانطلاق لما سُمّي «ممر الشمال - الجنوب» لربط إيران بروسيا، ومن ثم بأوروبا عبر جورجيا. ومع ذلك، حالَ التوتر بين أرمينيا وأذربيجان دون بناء خط السكة الحديدية الرابط بين إيران وجورجيا وروسيا وأوروبا. ومع ذلك ظلّت الحدود الأرمينية حيوية للتجارة و«الترانزيت» الإيرانية، حيث كانت طوابير الشاحنات الطويلة تحمل البضائع من روسيا، ومن قبل حرب أوكرانيا، من أجزاء واسعة من أوروبا الشرقية والوسطى. وأصبح هذا الطريق أكثر أهمية لإيران للتحايل على العقوبات الأميركية والأوروبية، بدعم ضمني من روسيا وأرمينيا. إضافة إلى ذلك، يقع مجمّعان مهمّان لتوليد الطاقة الكهرومائية في منطقة الحدود القصيرة، مما جعل التعاون الوثيق بين إيران وأرمينيا ضرورياً للطرفين. وضمن عمق خمسة كيلومترات من منطقة الحدود نجد كذلك منطقة تجارة حرة ذات أهمية خاصة للمحافظتين الإيرانيتين أذربيجان الشرقية وأردبيل، فضلاً عن مشاريع إدارة المياه وحماية البيئة. السياسة التي اتبعها ستالين للتقسيم المتعمَّد على أساس «فرّق تسد»، أدّت إلى تجزئة جمهورية أذربيجان إلى قسمين، يقع أحدهما في الغرب ويُعرف باسم جمهورية ناخيتشيفان ذاتية الحكم، والتي لها حدود مع تركيا، بينما لا حدود لها مع أذربيجان نفسها. وبالتالي، فإن الاتصال بين تركيا وأذربيجان لا يكون ممكناً إلا عبر الأراضي الإيرانية. وفي سياق متصل، جرى تصميم «ممر ترمب» لربط خطين حديديين قائمين: أحدهما من مدينة قارص في تركيا إلى ناخيتشيفان، والآخر بطول 158 كيلومتراً من فيليدباغ إلى أوردوباد، ثم تمديده بخط جديد طوله 166 كيلومتراً بين أوردوباد في ناخيتشيفان ومدينة هوراديز في أذربيجان، وصولاً إلى باكو على بحر قزوين. لو لم تكن إيران معزولة دبلوماسياً، لكان الطريق الأمثل لخط السكة الحديد «تركيا - بحر قزوين» يمر عبر الأراضي الإيرانية، إذ كان بإمكانه كذلك خدمة المحافظات الشمالية الغربية داخل إيران. وكان بإمكان الخط المُخطط له عبر إيران تقليص تكلفة بناء خطوط الأنابيب لنقل موارد الطاقة من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط عبر تركيا. يُقصي اختيار الطريق الجديد، المعروف باسم «زانغيزور» في مقاطعة سيونيك الأرمينية، إيران من خط تجاري يُمكن أن يربط الأناضول بآسيا الوسطى والصين عبر بحر قزوين، في وقت تُستبعد فيه إيران كذلك من مبادرة الحزام والطريق الصينية العالمية. وبطبيعة الحال، تبدو طهران غير راضية عن كل ذلك. في هذا الصدد، أعربت وكالة أنباء «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن قلقها من أن يُشكّل المشروع، في ضوء علاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل، تهديداً مباشراً للأمن الإيراني. وكان عنوان صحيفة «إيران» الحكومية اليومية قبل أيام: «أميركا جارتنا!». ويعود ذلك إلى أنه بموجب اتفاقية «مسار ترمب»، جرى تأجير المنطقة الحدودية على الجانب الأرميني بعمق خمسة كيلومترات للولايات المتحدة لمدة 99 عاماً. وبموجب مذكرة التفاهم التي وقَّعها ترمب مع الرئيس الآذري إلهام علييف ونظيره الأرميني نيكول باشينيان، سيدير المراكز الحدودية الفعلية حراس أرمن. إلا أن الولايات المتحدة ستسيطر على الحدود بأكملها عبر إنشاء منطقة مسار، مثل منطقة قناة بنما في أميركا الوسطى. وتُحيي اتفاقية الإيجار التي تبلغ مدتها 99 عاماً، ذكرى مريرة لتنازل إيران عمَّا تُعرف الآن بأذربيجان وأرمينيا وناخيتشيفان لروسيا القيصرية بموجب «معاهدة غولستان» عام 1813. وعندما انتهى عقد الإيجار هذا، كانت إيران أضعف من أن تطالب باستعادة أراضيها المفقودة، وكانت روسيا أقوى من أن تفكر حتى في إعادتها. وتشعر طهران بالاستياء لعدم استشارتها حتى بشأن هذا التغيير الكبير في حدود حيوية. ومع ذلك، قررت قيادة طهران الترحيب بالاتفاق الذي توسط فيه الرئيس ترمب وقبول «مسار ترمب»، وإن كان ذلك بنوع من العبوس، على أمل أن يُسهم الوضع الجديد في تخفيف التوتر مع واشنطن. ومن مؤشرات قبول طهران للجار الجديد؛ قرارها وقف مشروع بناء قاعدة عسكرية جديدة في تالش، قرب الحدود مع كل من أرمينيا وأذربيجان، لاستخدامها المحتمل في عملية غزو وضم نخجوان. وبالتالي، ربما يضمن «مسار ترمب» كذلك الحفاظ على السلام بين إيران وأذربيجان. من جهته، ظل المرشد علي خامنئي ملتزماً الصمت التام بشأن هذه القضية، في تأييد ضمني للنهج البراغماتي للرئيس مسعود بزشكيان. وبصفتهما «جارتين»، سيتعين على إيران و«هيئة منطقة المسار» التعاون في عدد من المجالات: الأمن، ومكافحة المهربين والمخدرات وتجارة البشر، مع الحفاظ على مشاريع بيئية ومائية مشتركة راسخة. كما ستحتاج المنطقة الأميركية هناك، من جهتها، إلى التعاون مع إيران لتأمين جزء من احتياجاتها من الكهرباء، بالإضافة إلى جميع احتياجاتها من النفط والغاز. بمعنى آخر، سيتعين على الموظفين الإيرانيين والأميركيين تعلم كيفية التواصل والعمل معاً في إدارة الأمور العملية اليومية، بدلاً من احتجاز الرهائن، وتصدير الثورة، ومحو إسرائيل من على الخريطة، والأسلحة النووية. حسناً. هنا يطل سؤال واحد: هل سيعترف أقطاب نوبل بدونالد ترمب صانعاً للسلام؟

زعماء صنعتهم الدعاية وأسقطتهم الهزائم
زعماء صنعتهم الدعاية وأسقطتهم الهزائم

الشرق الأوسط

timeمنذ 39 دقائق

  • الشرق الأوسط

زعماء صنعتهم الدعاية وأسقطتهم الهزائم

فيلم «إرادة الانتصار» صوَّر هتلر على هيئة الزعيم المخلِّص. المشاهد الأولى من طائرة فوق السحب، ثم تهبط في مدينة نورمبرغ التي تشهد مؤتمر الحزب النازي لعام 1934. الرسالة الدعائية واضحة: هتلر مرسل من السماء. نبي دنيوي سيحارب الأشرار، ويعيد المجد والكرامة للأمة الألمانية المجروحة والمهانة. في مشاهد الموكب من المطار إلى الطريق تهلل له جموع الألمان رجالاً ونساءً وأطفالاً. الشعب مصطفٍّ خلفه ويرى فيه الأمل. ترسيخ لهذه الهالة القدسية التي اكتملت فصولها مع دخول هتلر إلى قاعة المؤتمر. حشود من الضباط والجنود والأعلام تكمل المشهد الطقسي. ثم يبدأ هتلر بالخطابة على طريقته الانفعالية المؤثرة. استطاع غوبلز وزير الدعاية النازية أن ينجح في هدفه. صورة مشغولة بعناية لهتلر جمعت فيها كل ما يريده الشعب الألماني حينها. صورة القائد التي تتلخص فيها صور القوة والأنفة والكرامة. لقد استطاع غوبلز أيضاً أن يخلق من الرايخ الثالث صورة الجيش الذي لا يُقهر. لقد كانت هذه الدعاية قوية ومؤثرة إلى المرحلة التي بدأت فيها هزائم الجيش الألماني في ساحات القتال. لم يبدُ بصورة الجيش الحديدي الذي لا يمكن هزيمته. تهشمت الصورة وظهرت الحقيقة. صورة هتلر المُخلِّص تصدعت وظهر بصورة القائد المهزوم، وسبب الكوارث التي لحقت بالأمة المصدومة. لقد أدى تدخله في عمل جنرالاته البارعين إلى مزيد من الهزائم. تحطمت صورة هتلر بشكل كامل. انتحر هتلر ومعه وزير الدعاية غوبلز، في إشارة رمزية لافتة إلى موت الدعاية إذا لم تستند إلى واقع. موسوليني كان صحافياً قبل أن يكون زعيماً. أدرك قيمة الكلمة والصورة. كان خطيباً مسرحياً وبث الروح في الآيديولوجية الفاشية مستعيداً الإرث الروماني. مسيرة روما كانت عرضاً كبيراً يهدف إلى تصوير الفاشيين قوة شعبية ساحقة. لم تكن إيطاليا ألمانيا ولا موسوليني هتلر. لم يملك الهالة نفسها وتحطمت صورته بصفته زعيماً مع تركيع جنوده في الحرب العالمية الثانية. في منطقتنا حدث تقريباً الشيء ذاته مع مستوى أقل جودة في محتوى وشكل الدعاية مقارنة بالدعاية النازية. نجح الصحافي ووزير الإعلام محمد حسنين هيكل في أن يصنع من صورة جمال عبد الناصر صورة زعيم الأمة العربية وليس فقط مصر. قائد القومية وعدو الإمبريالية الغربية ونصير الشعوب. ظهر عبد الناصر في خطب موجهة لعموم الناس، تهاجم الملكيات وتدعو لإسقاطها. أسطورة عبد الناصر بلغت ذروة مجدها بعد قرار التأميم، وصورته الدعاية أنه زعيم الأمة العربية المهزومة، الذي سيعيد لها القدس السليبة. الناصرية كانت الآيديولوجية المكتسحة، ومناصروه ليسوا فقط في شوارع القاهرة بل في دمشق وبغداد والرباط. حرب 1967 هشمت أسطورة عبد الناصر. في ستة أيام تحطمت الصورة التي بناها محمد حسنين هيكل وإذاعة صوت العرب لسنوات. وعلى الرغم من أن هيكل أسمى الهزيمة بالنكسة، فإن صورة القائد المُخلِّص تهشمت. من قمة المجد والعنفوان إلى قاع الانكسار والانحدار. وعلى طريقة هتلر، لا يمكن أن تبني صورة قائد مهزوم الخطابات البليغة والوعود الكبيرة. رأينا الشيء ذاته يحدث مع الرئيس صدام حسين. لم يملك صدام وزراء دعاية موهوبين مثل غوبلز وهيكل، ولكن حرب السنوات الثماني مع إيران صنعت منه شخصية الزعيم القوي الذي تصدى للخطر الفارسي. مشاهد صدام حسين يطلق النار من البندقية ويمشي بخيلاء ويحاط بجموع البسطاء الذين يهتفون باسمه كلها مستمدة من الدعاية السوفياتية الستالينية التي تتركز على عبادة الشخصية. كان الهدف إظهاره بصورة القائد المقدام الشجاع، ولكن هزيمته وإخراجه من الحفرة متسخاً أشعث الشعر حطمت صورته (كان هذا الهدف منها: تلطيخ أسطورته وإظهاره على الحقيقة التي يريدون إبرازها: رجل مهزوز، خائف ومرتعد). خصوم الرئيس صدام قدموا له أكبر خدمة. ما فشل فيه الصحافيون الذين اشتراهم بالمال ووزراء إعلامه، قدمه له أعداؤه بالمجان عندما صوّروا مشهد إعدامه وهم يهتفون، بينما هو يمشي بثقة إلى موته. وهذا ما أغضب الأميركيين الذين يدركون أهمية وقوة الصورة والرمز. لقد خلقوا منه صورة رجل منكسر ذليل مهزوم حتى حولته مشاهد الإعدام إلى قائد بطل وشهيد. حاول زعماء مثل القذافي أن يخلقوا من أنفسهم صورة دعائية بطولية مرصعة بالنياشين، ولكن سلوكهم الشخصي وتصرفاتهم الغرائبية حالت دون ذلك. لقوة الدعاية حدود وتحتاج إلى أن تستند إلى شيء من الحقيقة لتبني الهالة حول الزعيم. حاول بشار الأسد أن يصنع له صورة مطابقة لأبيه: زعيم حديدي متمرس بارد الأعصاب. مع هروبه في الطائرة سقطت الدعاية، وحتى أنصاره يصفونه الآن بالجبان الهارب. نرى الآن ما يفعله زعيم كوريا الشمالية. يريد أن يصنع من نفسه صورة هتلر الصغير ولكنه لا يملك المؤهلات. التصفيق الحار في المؤتمرات والدخول المهيب وبكاء الجماهير إذا لمسته، كلها لم تساعد على أن تخلق منه زعيماً مهيباً عالمياً. بل يظهر بصورة «رجل الصواريخ الصغير» كما أطلق عليه محقاً الرئيس الأميركي دونالد ترمب. الرئيس ترمب نفسه يسعى إلى أن يخلق من نفسه صورة الزعيم والقائد القوي، ولكن الإعلام الأميركي المستقل صعّب المهمة عليه. ليس لديه وزير دعاية، ولهذا قام هو بنفسه بلعب هذا الدور للترويج لنفسه في حساباته على «تروث سوشيال» و«إكس». ولكنه يخطئ في فهم كيفية خلق صورة القوة التي تُبنى بالرمز وليس بالتصريح. في كل مرة يصر ترمب على عظمته يحدث العكس ويخسر من ثقله. فقد نشر قبل أيام صورة للقادة الأوروبيين مصطفّين (مُجبرين) أمام مكتبه في البيت الأبيض. صورة مذلة لهم ولكنها لم تمنحه أي بريق من الزعامة. نشهد هذه الأيام السيناريو نفسه حين تؤدي الهزيمة إلى فشل الصورة الدعائية. حرب الـ12 يوماً الأخيرة أضرت بصورة إيران، ومهما أصدر المسؤولون هناك من تصريحات متحدية ومهددة، إلا أنها لن تخدع أحداً. لقد تهشمت الصورة ومن المستحيل إعادة تلصيق الزجاج المكسور. من الطبيعي أن تستمر الدعاية الإيرانية كما استمرت الدعاية الناصرية، ولكن لا أحد فعلاً يصدقها حتى بين أنصارهم. الشيء ذاته الآن نراه مع «حزب الله». تمتع زعيم الحزب الراحل حسن نصر الله بقدرة كبيرة على الخطابة وتحريك الجماهير، ولكن الهزيمة القاسية أكبر من أن تتحملها أي حملات دعائية وقدرات خطابية. ورغم أن خليفته نعيم قاسم لا يملك القدرة على الخطابة ولا الشخصية، فإنه عاجز عن الحفاظ على صورة الحزب المتضررة بفعل الهزيمة. حتى لو لم يُقتل نصر الله، فسوف يكون من يخلفه - مثل من سبقه من زعامات سياسية أو دينية - غير قادر على إنقاذ الصورة المحطمة لحزبه.

هل تفقد تل أبيب دعم الأميركيين؟
هل تفقد تل أبيب دعم الأميركيين؟

الشرق الأوسط

timeمنذ 39 دقائق

  • الشرق الأوسط

هل تفقد تل أبيب دعم الأميركيين؟

يبدو هذا التساؤل في العنوان غريباً جداً على مسامع القاصي والداني، داخل أميركا وخارجها، ذلك أنه لو أرادت إسرائيل سن تشريع بقانون تلغي بموجبه الوصايا العشر، لَوَافق 95 عضواً من أعضاء مجلس الشيوخ في نفس اليوم، ودعموا القانون الجديد، والعهدة على الراوي القطب اليساري الإسرائيلي الراحل يوري آفنيري، لكنه قانون التغيير؛ لا شيء ثابت، ولا علاقات وثيقة لمرة أو إلى الأبد. يمكن القطع بأن عام 2025، قد شهد ولا يزال، حالة من انقلاب الموازين ضد إسرائيل، من جراء سياساتها، وهذا واضح على الساحة العالمية بشكل عام، وينطبق على الولايات المتحدة الأميركية بنوع خاص. يوماً تلو الأخر يتبدى أن محاولات إسرائيل الارتكان إلى القوة العسكرية فحسب، أخفقت في تحديد أهدافها اللوجيستية على الأرض من جهة، وكبَّدتها أثماناً باهظة تتمثل في تآكل الدعم الذي كان لها من قبل، الأمر الذي يمثل توجهاً سلبياً في علاقاتها بحلفائها الحيويين. في الأشهر الأخيرة، لم يعد الأمر متعلقاً فقط بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، لكنه يمتد إلى اتهامات طيف واسع من الدول والسياسيين من مشارق الشمس إلى مغاربها لدولة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. فصور الأطفال الجائعين والرجال كبار السن المنكسرين، عطفاً على الأرامل الثكالى، والأبرياء المغدورين، لم يعد أحد قادراً على أن يواريها أو يداريها. في قراءة معمقة له عبر مجلة «بوليتيكو» الأميركية ذائعة الصيت، يقطع البروفسور الأميركي الجنسية، اليهودي الديانة، دانيال دبليو دريزنر، بأن الرمال السياسية المتحركة في الداخل الأميركي، تفيد يوماً تلو الآخر بتمزق المجتمع اليهودي الأميركي، من جراء الغضب الساطع على سياسات بنيامين نتنياهو وحكومته وأفعالها الوحشية. دريزنر يفتح الباب للغرب الذي رأى طويلاً أن إسرائيل واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط، للتشكيك في هذا الزعم، وعنده كذلك أن اليهود الذين استخدموا معاداة السامية سلاحاً لقمع أي نقاش موضوعي حول حرب غزة، في تراجع كمِّي وكيفي، ويشير إلى أن هناك الآلاف من يهود الولايات المتحدة يشاطرونه الرأي، ويشاركونه في مرارة الإحساس، ومخاوف المستقبل. والشاهد أنه حين يعلو صوت عضو مجلس النواب، مارغوري تايلور غرين، اليمينية التوجه، أي المفترض أن تكون «درعاً وسيفاً» لتل أبيب تحت قبة الكونغرس، بالهجوم على لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية «إيباك»، وتدعو إلى تسجيلها جماعةَ ضغطٍ أجنبية بموجب القانون الأميركي، فإن ذلك يعني أن هناك عطباً كبيراً أصاب في الوقت الراهن العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، وسهماً توجه من قلب الجماعة التي ناصرت إسرائيل طويلاً؛ ظالمةً أبداً، غير مظلومة بالمرة. لا تبدو «إيباك» اليوم على قلب رجل واحد، لا سيما بعد الانشقاق الذي ضربها، وظهور جماعة «جي ستريت»، ولاحقاً بدت طفرات عدة من يهود أميركا المنادين بوقف الحرب وبفتح مسارات للسلام ومساقات للعيش بعيداً عن حد السيف، لكن نتنياهو وجماعة اليمين الإسرائيلي لهم آذان ولا يسمعون. لم تكن مارغوري وحدها في واقع الحال مَن صبَّ جام غضبه على واقع حال إسرائيل اليوم، فمؤخراً وصف القطب الديمقراطي الكبير بيرني ساندرز، اليهودي الديانة، اليساري النزعة، سياسة بايدن بأنها كانت خاطئة بدعمه الحرب الإسرائيلية على غزة، مضيفاً أن ترمب أسوأ منه، في إشارة إلى دعم إدارة سيد البيت الأبيض حكومة الحرب الإسرائيلية الحالية. المثير والخطير، إلى درجة المقلق لتل أبيب، هو ذاك التحول الكبير الحادث في صفوف النواب الديمقراطيين، رغم أنه من المعروف تاريخياً، دعم الحزب الديمقراطي لإسرائيل بشكل مطلق. خذ إليك النائب الديمقراطي رو خانا، عضو مجلس النواب السابق، الذي وصف خطة نتنياهو التي يكثر الحديث عنها في أيامنا بأنها «خط أحمر»، داعياً واشنطن إلى الاعتراف بدولة فلسطينية مثلها مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا. يمتد الرفض الديمقراطي، ليصل إلى النائبة فيرونيكا إسكوبار، وكريس فان هولين، وكلاهما وغيرهما يرى أن موقف ترمب مشين فيما يخص أميركا، قلعة الديمقراطية التي تُزخّم الإبادة الجماعية في غزة. اليوم قاعدة ترمب المؤيدة لإسرائيل، والمتمثلة في «ماغا»، والدعوة لأميركا عظيمة من جديد، أكثر من منزعجة ممّا يجري في غزة والضفة، بل بدأت ترفض تقديم مساعدات مجانية مليارية. قبل أيام، ووفقاً لصحيفة «فاينانشال تايمز» صرح ترمب لمتبرع أميركي يهودي كبير بمكنونات صدره: «شعبي بدأ يكره إسرائيل». هل يمكن أن تشهد العلاقات الأميركية - الإسرائيلية ما هو أسوأ في الزمن المنظور؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store