
ماذا تعني المفاوضات السورية الإسرائيلية للأردن؟
المفاوضات الجارية بين الحكومة السورية وإسرائيل حول الترتيبات الأمنية في الجنوب السوري، تمس بشكل مباشر المصالح الأمنية الأردنية. حدودنا الشمالية مع سورية، شكلت في السنوات الأخيرة، أحد اخطر مصادر التهديد الأمني. أكبر كميات من المخدرات والأسلحة كانت تدخل الأردن عبر الحدود مع سورية، ناهيك عن نشاط التنظيمات الإرهابية والجماعات المرتبطة بإيران وحزب الله.في جولة أذربيجان الأولى" الجولة الثانية التي كانت مقررة الخميس الماضي تأجلت"، وفي اجتماعات باريس الأخيرة بين السوريين والإسرائيليين بوساطة واشنطن، وغيرها من الاتصالات غير المعلنة، كان مطلب إسرائيل الأساسي، هو أن تكون مناطق الجنوب السوري بمجملها، خالية من أي تواجد عسكري سوري.وفي آخر ما تسرب من معلومات عن الاجتماعات، أن المفاوضات بين الجانبين تتركز حاليا، على ترتيبات نشر وحدات من قوات الشرطة السورية فقط.لقد تمكنت إسرائيل من فرض نفسها كلاعب أساسي في سورية، قبل وبعد وسقوط النظام السوري، فمنذ أن فتحت جبهات الإسناد، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هجمات واسعة ضد بنك كبير من الأهداف في عموم سورية، وبذلك أصبحت الأجواء السورية تحت سيطرة إسرائيل قبل سقوط النظام، ثم تلاحقت الوقائع الميدانية بعد ذلك ووصلت إلى ما وصلت إليه من خرق لخط هدنة 74 مع سورية، والتدخل المباشر في أحداث السويداء الأخيرة.نفهم هذه المعادلة الصعبة التي وجد السوريون أنفسهم بمواجهتها، لكن يتعين علينا في الأردن أن نكون على معرفة تامة بكل ما يتم بحثه بين الجانبين السوري والإسرائيلي بما يخص الجنوب السوري.للأردن مطالب واضحة فيما يخص الحدود مع سورية، أهمها ضمان وجود أمني سوري على الجانب الآخر من الحدود للسيطرة على عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، والتعاون الأمني الكامل لمنع تمركز جماعات داعش الإرهابية قرب حدودنا. هذا على المستوى الأمني المباشر، أما على المستوى الأبعد، فالأردن معني بوجود أمني وعسكري سوري في مناطق الجنوب، يضمن توفير حالة من الأمن والاستقرار، لتشجيع اللاجئين السوريين على العودة الطوعية لديارهم. نسبة كبيرة لا تقل عن 40 % من اللاجئين السوريين في الأردن هم من محافظات الجنوب؛ درعا وريفها تحديدا.وثمة ملف لا يقل أهمية عن تلك الملفات، وهو المياه. إسرائيل تسيطر حاليا على مصادر المياه في جبل الشيخ، ومجرى نهر اليرموك الذي يعاني أصلا من اعتداءات إبان نظام الحكم السابق.الاجتماعات الأخيرة بين اللجان المشتركة في البلدين كانت واعدة على أكثر من مسار. لأول مرة شهدنا تفاهما بين الطرفين على ضرورة النظر في ملف المياه ومعالجة الاختلالات التي تضر بالمصلحة الأردنية وحصته من مياه اليرموك.التنسيق على المستويات الأمنية والعسكرية يمضي بشكل ممتاز كما يؤكد الجانب الأردني، واللجان الحكومية تعمل بشكل وثيق لاستعادة زخم العلاقة بين البلدين.سياسيا الأردن يوفر دعما غير مسبوق للحكومة السوري في كل المحافل الدولية.إزاء ذلك كله، من حق الأردن أن يكون بصورة ما يجري من مفاوضات حول الترتيبات الأمنية في الجنوب السوري. باختصار لا ينبغي للأردن أن يقبل استمرار الحالة الأمنية الهشة في الجنوب السوري، لمجرد أن إسرائيل تملك القدرة على فرض إرادتها على دمشق بسبب الاختلال الكبير في ميزان القوى.الحديث عن اتفاقية أمنية بين إسرائيل وسورية، حول الجنوب السوري، يجري العمل على صياغتها، يتطلب تنسيقا سوريا مع الأردن، يضمن أن لا تكون أي تفاهمات على حساب أمن حدودنا، ومصالحنا هناك.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ ساعة واحدة
- الرأي
واشنطن تربط دفع 1.9 مليار دولار للولايات والمدن بموقفها من مقاطعة إسرائيل
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات والمدن الأميركية التي تقاطع الشركات الإسرائيلية لن تتلقى المساعدات الاتحادية للاستعداد للكوارث الطبيعية راهنة التمويل الاتحادي الروتيني بموقف الولايات والمدن السياسي. وقالت الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ في بيان إنه يتعين على الولايات والمدن الأميركية إتباع "الشروط والأحكام". وتتضمن الشروط أن تقر الولايات بأنها لن تقطع "علاقاتها التجارية مع الشركات الإسرائيلية تحديدا" كي تتلقى الأموال من الوكالة. وجاء في 11 إشعارا من الوكالة بشأن المنح اطلعت عليها رويترز أن هذا الشرط ينطبق على 1.9 مليار دولار على الأقل تعتمد عليها الولايات في تغطية تكاليف معدات البحث والإنقاذ ورواتب مديري الطوارئ وأنظمة الطاقة الاحتياطية ونفقات أخرى. وهذا أحدث مثال على استخدام إدارة ترامب للتمويل الاتحادي المنتظم في تعزيز رسالتها السياسية على مستوى الولايات. وقالت وزارة الأمن الداخلي، المشرفة على الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ، في أبريل الماضي، إن مقاطعة إسرائيل محظورة على الولايات والمدن التي تتلقى أموال المنح منها. وقالت الوكالة في تموز إنها ستطلب من الولايات إنفاق جزء من أموال مكافحة الإرهاب الاتحادية في مساعدة الحكومة على القبض على المهاجرين، وهي أولوية للإدارة الأميركية. ويستهدف هذا الشرط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها، وهي حملة هدفها ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. وعلت أصوات مؤيدي الحملة في عام 2023 بعدما ردت إسرائيل على هجوم حركة حماس عليها بشن حملة عسكرية على قطاع غزة. وقال متحدث باسم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم في بيان "ستطبق الوزارة كل قوانين وسياسات مكافحة التمييز، ومن بينها ما يتعلق بحركة مقاطعة إسرائيل التي ترتكز صراحة على معاداة السامية". وهذا الشرط رمزي إلى حد كبير. وقالت الدورية القانونية لجامعة بنسلفانيا إن لدى 34 ولاية على الأقل بالفعل قوانين أو سياسات مناهضة لحركة المقاطعة. ووصف محمود نواجعة المنسق العام لحركة مقاطعة إسرائيل في بيان الإثنين، شرط الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ "بالمخزي". وقالت هولي هافنجل مديرة سياسة معاداة السامية في اللجنة اليهودية الأميركية إن اللجنة تدعم سياسة إدارة ترامب. واللجنة هي منظمة مناصرة تدعم إسرائيل. وجاء في إشعار يتعلق بالمنح نُشر الجمعة، أن الوكالة ستطلب من المدن الكبرى الموافقة على السياسة الخاصة بإسرائيل للحصول على 553.5 مليون دولار مخصصة لمكافحة الإرهاب في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وكشف الإشعار عن أن من المقرر أن تتلقى مدينة نيويورك 92.2 مليون دولار من البرنامج، وهو أكبر مبلغ من بين كل المستفيدين. وتستند المخصصات على تحليل الوكالة "للخطر النسبي للإرهاب".


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر الثلاثاء أنّه اعترض صاروخا أطلقه الحوثيون في اليمن، حيث تم تفعيل صفّارات الإنذار عملا بالإجراءات الاحترازية المتّبعة. وقال جيش الاحتلال في سلسلة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي إنّه "في أعقاب صفّارات الإنذار التي دوّت قبل قليل في مناطق إسرائيلية عدة، اعترضت دفاعات سلاح الجو الإسرائيلي صاروخا أُطلق من اليمن".


الغد
منذ 5 ساعات
- الغد
مؤتمر حل الدولتين في مواجهة نهج "القوة هي الحق" الإسرائيلي
اضافة اعلان تناولت في مقال سابق غضب فرنسا من السلوك الإسرائيلي العدواني، ومخططاتها الرامية لتغيير قواعد القوة في المنطقة، مما قد يضعف النفوذ الفرنسي، لذلك شهدنا تحركا فرنسيا عالي السوية غايته عرقلة المشروع الإسرائيلي وإيقافه ومنعه من التمدد، أخذ التحرك الفرنسي منحيين الأول سوري برفض تقسيم سورية، والثاني فلسطيني، تجسد بإعلان النية للاعتراف بدولة فلسطين، والعودة للقرارات الدولية كان عنوان التحرك الفرنسي، هذا الزخم الفرنسي لم يواجه بمعارضة بريطانية ألمانية، مما يعني أن الثقل الأوروبي بات أقل حماسة لتبني وجهة النظر الإسرائيلية، التي ترى أن حل الدولتين فاته القطار.على الجانب الآخر كان هناك فيض من الغضب العربي، يتوسع ويتعمّق بسبب ما تقوم به إسرائيل في غزة من تدمير وتجويع وقتل، دون اكتراث بأي قانون دولي أو إنساني، هذا الغضب بدا جلياً بالنسبة للمملكة العربية السعودية والتي وضعت ثقلها الخليجي والعربي والإسلامي، باعتبارها دولة قيادية في هذا الفضاء بالإضافة إلى ثقلها الدولي، في ميزان سلام مع اسرائيل مقابل دولة فلسطينية كاملة السيادة، غير أن التغاضي الأميركي عن هذا المطلب السعودي والتفاوض دونه بكثير، والرد الإسرائيلي غير المحترم على دولة لها ثقلها ووزنها السياسي والاقتصادي، فضلاً عن جرائمها في غزة، أغضب السعودية وجعلها تخطط مع حلفائها العرب والدوليين لقلب الطاولة.لقد التقى الطموح السعودي فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية مع الغضب من إسرائيل وسلوك الولايات المتحدة، مع غضب فرنسي من تهميش دورها الإقليمي، وتجاوز إسرائيل حدود المسموح تجاه دولة بحجم فرنسا، فضلاً عن الغضب من منح ترامب لإسرائيل عباءة القوة الأميركية، واعتبارها الوكيل الأميركي في المنطقة، كما التقت خشية الدولتين من أن تصبح إسرائيل هي التي تقرر مستقبل المنطقة، هذا التقاطع ولد رغبة قوية حركت السعودية وفرنسا للإسراع في تدارك الموقف قبل أن يذهب بعيداً، وتتمكن إسرائيل من فرض أجندتها على الجميع، ولما لفرنسا من ثقل دولي وما للسعودية من ثقل سياسي واقتصادي، تحرك الطرفان فرنسا، مدعومة بعدم معارضة بريطانية ألمانية، والسعودية مدعومة بموقف ملفت من الأردن ومصر واللذين سارا معها كتفاً بكتف.عُقد المؤتمر متكئاً على مبادئ أساسية تشاركت بها كل الأطراف، أول هذه المبادئ أن الولايات تخلت عن التزاماتها السابقة تجاه القضية الفلسطينية، وتحولت إلى شريك كامل لإسرائيل، وثانيها؛ رفض إقصاء الأطراف الإقليمية الكبرى مثل السعودية ومصر والأردن، والدولية كفرنسا المعتدة بقوتها والرافضة لاختصار دورها على هامش المبادرات الأميركية، لكن أبرز ما ميز المؤتمر هو الرفض غير المسبوق للمبدأ الإسرائيلي القائل بأن «القوة هي الحق»، ولذلك وضع المؤتمر بنداً أساسياً في مواجهة هذا التصور الإسرائيلي، وهو إعادة وضع القضية الفلسطينية في إطارها القانوني الأصلي، وكان رهان المؤتمر الأول والإستراتيجي هو تعبئة المجتمع الدولي ككتلة ضاغطة مضادة للهيمنة الأميركية.نحن إذاً بعد هذا المؤتمر، أمام صراع بين منطقين، منطق تسعى فيه الولايات المتحدة لإعادة تدوير إسرائيل برغم كل جرائمها، بلغة جديدة تستند إلى إعادة فرض الحقائق بالقوة، ومنطق آخر هو منطق الشرعية الدولية الذي يتمسك به العرب وأوروبا ودول أخرى، بالتالي فإن المؤتمر لم يكن استجابة لحالة الغضب وحدها، بل جاء كتتويج لمسار تراكم فيه الشعور الإقليمي، بأن أميركا لم تعد حليفاً ضامناً بل أصبحت خصماً لطموحات السلام الذي تنشده المنطقة، لذلك تمكنت السعودية ودول المنطقة من استثمار المخزون الدبلوماسي المتراكم لفرنسا، ودفعها لتستعيد دورها كقوة وكوسيط مستقل لا تديره أي قوة أخرى.ما جرى في نيويورك في مؤتمر حل الدولتين ليس النهاية، بل بداية لمسار دبلوماسي جديد، يعيد تعريف من هو صاحب الحق في تحديد مستقبل القضية الفلسطينية، ورفض الجميع في هذا المؤتمر أن تبقى هذه القضية رهينة للمزاج السياسي في واشنطن أو حسابات إسرائيل إستراتيجية كانت أو داخلية، كما أن التقاء الكلمة بين السعودية وحلفائها العرب مع فرنسا، على قاعدة القانون، لا القوة المجردة يمنح الأمل بإمكانية كسر الحلقة المفرغة من التفاوض العبثي، ويمنح الفلسطينيين والعالم فرصة لتصحيح البوصلة؛ من منطق التفاوض تحت قوة الرصاص والصواريخ، إلى منطق الحلول القائمة على الحق والعدالة والكرامة الإنسانية.لا شك أن هذا الزخم الإقليمي والدولي سيواجه بمعارضة أميركية في الجمعية العامة ومجلس الأمن، لكنه دون شك سيضع الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة تيار دولي جارف، يحُدّ من قدرتهما على المناورة والاستئثار بالقضية الفلسطينية وحلولها، ويضع حدوداً للمدى الذي يمكنهما الذهاب إليه في تغيير واقع المنطقة وفق منهج «القوة هي الحق».